تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الخميس 14-12-2023 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
الشجاعية تدمي جيش العدوّ: عن «لعنة» تأبى أن تموت
«نحن جيل الغفران 2، وكالذين سبقونا، سنهزم العدو». ما سبق كان غلاف صحيفة «إسرائيل اليوم» بتاريخ 18 تشرين الأول الماضي. أمّا صاحب الوعد فليس إلا المقدّم تومر غرينبيرغ، قائد الكتيبة 13 في لواء «غولاني»، والذي قتلته المقاومة مع تسعة آخرين، إثر كمين أوقعتهم فيه في حي القصبة في الشجاعية شمال غربي غزة، قبل أن يتسنّى لغرينبيرغ تحقيق «الانتصار» الذي تعهّد به، أو العودة إلى المنزل كما وعد طفلته (3 سنوات) في شريط مصوّر بثّه من غزة، بينما كانت طائرات جيشه تطحن المنازل على أجساد الأطفال الفلسطينيين، وتفرّق أشلاءهم بين مناحي الجحيم الذي صنعته إسرائيل هناك.لو أن القتيل غرينبيرغ هو مقدّم في جيش لدولة طبيعيّة لا تحتل أرض شعب آخر، لكانت قصته «ملهمة» لأجيال. في صبيحة هجوم «طوفان الأقصى»، ورده اتصال من نائبه في الكتيبة 13، بينما كان في منزله في مستوطنة «ألموغ» في البحر الميّت، وفيه علم أن مستوطنات «غلاف غزة» تتعرّض لهجوم صاروخي، وهجمات تسلّل بالتزامن. على الفور، انطلق في سيارته إلى موقع الهجوم؛ وفيما كان لا يزال في الطريق، علم أن نائبه قد قُتل، قبل أن يكتشف في وقت لاحق سقوط كلّ المواقع العسكرية الإسرائيلية في المنطقة، ووقوع عناصرها بين قتيل وجريح وأسير، من بينهم 41 قتيلاً من جنود غرينبيرغ نفسه.
في المقابلة التي أجرتها «إسرائيل اليوم» معه بعد عشرة أيام من الهجوم، وبينما كان يلملم قواه ويتدرّب مع كتيبته لاجتياح غزة براً، ادّعى أنه وصل إلى مستوطنة «كفار عزة»، ودخل إلى أحد المنازل ليجد أن قائداً آخر من «غولاني» خدم معه قد قُتل مع زوجته، فيما تُرك ولداه التوأمان حيّين.
«لقد ذهبت للقتال في غزة لأجل هذين التوأمين، حتى يعيشا بأمان، وحتى لا يدخل بعد اليوم إرهابيون إلى منزلهم»، قال غرينبيرغ. ورداً على سؤال وجّهه إليه معدّ المقابلة، المحلّل والمراسل العسكري، يوآف ليمور، عن مدى استعداده للقتال بينما خطّطت «حماس» لهذه الحرب منذ 15 عاماً، أجاب: «نحن أيضاً خطّطنا للحرب 15 عاماً. والآن سنرى من خطّط بشكل أفضل. من الواضح لنا جميعاً حول ماذا نقاتل، ولسنا بحاجة إلى أن نعرّف ذلك أكثر أمام الجنود. إرادة الدخول البري كبيرة جداً، وعدد المقاتلين أكبر من أي مرّة. هذا ليس انتقاماً، إنني هنا من أجل التوأمين، ومن أجل ابنتي… كل هذا من أجلهم».
أثبتت الشجاعيّة للمرة «الألف»، أن «الدائرة» التي يريد وزير الأمن، يوآف غالانت، لجنوده أن يغلقوها، ليس بالإمكان إغلاقها
غير أن قصة غرينبيرغ انتهت بـ«كارثة» في الشجاعية، لا تقلّ عن «الكارثة» التي وقعت في مستوطنات «الغلاف»؛ فقد قُتل الضابط مع جنود برتب عالية من لواء النخبة «غولاني»، إضافة إلى آخرين من قوة الهندسة ومن وحدة «الإنقاذ الخاصة التكتيكية» 669. عند الساعة الرابعة والنصف من عصر يوم الثلاثاء، وصل، وفقاً لموقع «واينت»، طاقم حربي، يتألّف من جنود كتيبة المدفعية 53 (أو كتيبة العاصفة التابعة للواء 188)، وجنود من لواء «غولاني»، إضافة إلى القوة الهندسيّة، بهدف «تطهير» مقر مؤلفٍ من ثلاثة مبانٍ وساحة يقع في حي القصبة في منطقة الشجاعية، شمال غربي غزة. للوهلة الأولى، بدا المقر المذكور مهجوراً، إذ ترك مقاومو «حماس» في داخله مجموعة من الوسائل القتالية المختلفة، لكن سرعان ما تبيّن أنه مأهول بالمقاومين. ما إن دخلت القوّة الأولى المؤلفة من أربعة مقاتلين إلى أحد المباني الثلاثة للقيام بعملية المسح، في المبنى الذي وجدت فيه فتحة بئر، حتى تعرّضت لإطلاق نار كثيف فوقع أفرادها قتلى. أمّا القوة الثانية التي كانت في الجهة الأخرى من المباني، فحاولت جاهدة الوصول إلى مكان المقاومين، لينقطع الاتصال في هذه الأثناء مع أحد الضباط من القوة الأولى، ما دفع الثانية إلى التقدير أنه وقع في الأسر واختُطف إلى فتحة البئر. وعندئذ، انضم إلى العملية عدد من قادة الكتائب، وبينهم غرينبيرغ، وقوّة أخرى بهدف التخليص والإنقاذ، ليفاجئهم المقاومون بقذيفة أصابت أحد المباني الثلاثة المليئة بالأسلحة والقنابل، ما أدّى إلى احتراق المبنى حيث كان غرينبيرغ وجنوده، ومن ثم تفجّره.
أثبتت الشجاعيّة للمرة «الألف»، أن «الدائرة» التي يريد وزير الأمن، يوآف غالانت، لجنوده أن يغلقوها، ليس بالإمكان إغلاقها؛ ففي كل مرّة يعود الجنود الإسرائيليون إلى الحي الذي كدّس لرفاق سلاحهم الذين سبقوهم إلى هناك ذكريات مؤلمة، ليكتشفوا أن «الحساب المفتوح» ما فتئ يتوسّع ويتعاظم. وهكذا، فإن الحي الموصوف بأنه «النار» و«الجحيم» و«الكابوس» و«اللعنة»، أضاف إلى سماته، أمس، المعلّق والمراسل العسكري لموقع «واللا»، أمير بوخبوط، وصفاً جديداً هو: «معقل إرهابي وحشي وخطير… سقط فيه عدد كبير من الجنود على مر الحروب الماضية التي أدارتها إسرائيل في قطاع غزة، وفي الحرب الحالية. فتح التاريخ الدامي للحي فصلاً جديداً». وفي الاتجاه نفسه، ذكّر المحلّل والمراسل العسكري لصحيفة «معاريف»، طال ليف- رام، بحساب، لواء «غولاني» تحديداً، المفتوح مع حي الشجاعية، وهو حساب «طويل ودامٍ»، خصوصاً أن سبعة جنود قُتلوا من الكتيبة 13 التابعة للواء في عدوان «الجرف الصامد» عام 2014، فيما أسرت «حماس» جثّة رفيقهم الجندي أورون شاؤول في الكتيبة. وبحسبه، فإن «المعركة على الشجاعية هي إلى حد كبير معركة أيضاً على الرمز والوعي في هذه الحرب».
وهذه الحصيلة الأكبر في ضربة واحدة في الشجاعية، الحيّ الذي يحمل تاريخاً من القتال ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي، ولقادة «غولاني» أنفسهم ذكريات سيئة للغاية فيه خلال حرب عام 2014.ما جعل اليوم الـ68 للحرب، موعدا لصدمة حقيقة تلقاها جمهور العدو ربطا بما حصل في الشجاعية، حيث أدرك في أي الوحول غرق جنود جيشه.
مواجهات في كل مكان
ومن الملاحظ أن أعداد الجنود الإسرائيليين القتلى بدأت بالارتفاع بشكل متزايد يومياً، إذ إن العمليات العسكرية البرية بلغت مراحل لا يمكن معها إكمال المهمّة عبر الدبابات، بعد القصف المكثّف، بل صار لزاماً على الجنود مغادرة آلياتهم واقتحام الشوارع الضيّقة، وتطهير المباني والبيوت، كلّ على حدة. وبذلك، ارتفعت احتمالات وقوع التحامات مباشرة بين الجنود والمقاومين، حيث لا أفضلية كبرى لجيش العدو، كما كانت الحال سابقاً، فلا الدبابات عادت تحمي الجنود، ولا القصف الجوّي والمدفعي يجدي نفعاً مع التحام القوات الغازية مع المقاومين، وهذا ما يفسّر أيضاً العدد المرتفع للقتلى الإسرائيليين بـ«نيران صديقة»، والذين أعلن الجيش الإسرائيلي قبل أيام أن عددهم بلغ 20 جندياً.
وأعلنت «كتائب القسام» و«سرايا القدس»، أمس، تنفيذ عدد من العمليات ضد قوات العدو المتوغّلة في في مختلف محاور القتال جنوباً وشمالاً. وأعلن الفصيلان المقاومان عن عملية «مشتركة» في منطقة وسط غزة، حيث تمكّن مقاتلوهما من «إيقاع قوة صهيونية قوامها 15 جندياً في كمين محكم، والاشتباك معهم من نقطة صفر، والتعامل معهم بالأسلحة المناسبة، وإيقاعهم بين قتيل وجريح»، وبعد ذلك، قصفت مدفعية القسّام وسرايا القدس المنطقة بقذائف الهاون. ونشرت «القسام» مقطع فيديو، أمس، يُظهر مقاتليها وهم يستهدفون دبابات وناقلات جند بقذائف «ياسين 105»، من مسافات قريبة، وكانت لافتةً أيضاً، زراعة وتفجير عبوات ناسفة، تحت الأرض، وتفجيرها بدبابة إسرائيلية في حي الزيتون في شمال القطاع.
إسرائيل: الوضع في الشمال أسوأ من غلاف غزّة
واصل حزب الله تنفيذ عمليات متنوّعة ضد مواقع وثكنات وتجمّعات جنود العدو الإسرائيلي، واستهدف مقاتلوه مواقع المالكية وراميا ورأس الناقورة (البحري) وثكنة شوميرا، وتجمّعين لجنود العدو في الضهيرة ومستوطنة المنارة، بـ«الأسلحة المناسبة» وحقّقوا «إصابات مباشرة».ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن قائد الجبهة الداخلية قوله إن «الوضع في الشمال (على الحدود مع لبنان) أسوأ من الوضع في غلاف غزة».
وشكّل الوضع المتفاقم في المستوطنات شمال فلسطين المحتلة مادة تجاذب في الإعلام العبري، نظراً إلى اضطرار عشرات الآلاف لإخلاء المستوطنات والفرار إلى عمق فلسطين المحتلة. وفي هذا السياق، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن التقديرات في مستوطنة المطلة عند الحدود مع لبنان تشير إلى أن أكثر من 10% من منازل المستوطنة تضرّرت منذ بداية الحرب. ونقلت عن رئيس المستوطنة قوله: «في إسرائيل يهددون حزب الله بأن لا تفعل، والنتيجة أن حزب الله ينفّذ عمليات كل يوم». كما نقلت صحيفة «معاريف» عن مستوطنين من المطلة قولهم إنه «بمجرد إخلاء المطلة، جعلنا حزب الله يفهم أن المستعمرة هي منطقة عسكرية وأن كل من يوجد هناك هو جندي». فيما اشتكى مستوطنون في بعض المستوطنات الشمالية قرب الحدود مع لبنان، والتي تقرّر عدم إخلاء المستوطنين منها، من سوء الخدمات المدنية بسبب إغلاق جميع المؤسسات في المنطقة، الأمر الذي سبّب نزوحاً إضافياً لبعض المستوطنين على نفقتهم الخاصة إلى أماكن أخرى.
كذلك أكّدت وسائل إعلام عبرية أن إسرائيل ستطرح شرطين للواقع «المتفق عليه» مع حزب الله، أولهما إبعاد الحزب إلى مسافة لا تقل عن 5-7 كيلومترات من الحدود بهدف انتفاء أي إمكانية لإطلاق النار مباشرة على المستوطنات، وثانيهما أن «لا تغيير في المنطقة بعد الإزالة»، أي عدم الموافقة على إعادة بناء المواقع التي قصفها الجيش الإسرائيلي.
إلى ذلك، نعى حزب الله أمس ثلاثة شهداء، هم: صالح مصطفى مصطفى (بيت ليف – الجنوب) وعلي موسى بركات (زبقين – الجنوب) ومحمد علي بسام شيت (كفركلا – الجنوب).
الراعي يستقبل البخاري «القلق» على اليرزة ويحذّر من عدم التمديد: تأجيل تسريح القائد في الحكومة… قبل الطعن فيه
بعد أسابيع من تقاذف مسؤولية البتّ في مصير قيادة الجيش بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بدا أن «إنجاز المهمة» رسا على الأخير، إلا إذا ما حدث ما يدفعه إلى التراجع في اللحظات الأخيرة، خصوصاً مع تصاعد الضغوط الخارجية للتمديد للعماد جوزف عون الذي يحال إلى التقاعد في العاشر من الشهر المقبل. وفي هذا السياق، كانت لافتة زيارة السفير السعودي وليد البخاري إلى بكركي أمس، لـ «نقل دعم المملكة العربية السعودية لمواقف البطريرك بشارة الراعي السيادية»، والتعبير عن «قلق المملكة واللجنة الخماسية من الفراغ على رأس قيادة الجيش»، بحسب ما أعلن مسؤول الإعلام والبروتوكول في الصرح البطريركي المحامي وليد غياض عقب اللقاء. وأضاف أن «سيد بكركي أعلن موقفه بضرورة التمديد لقائد الجيش، وهو يشعر بأن أمراً ما يحاك، ولديه شكوك، لكنه ينتظر اتّضاح النوايا. وإذا حدث أي التفاف على مواقف بكركي، سيكون لكل حادث حديث»، محذّراً من «تمرير مخططات ما، في ظل لعبة سياسية لم تعد شريفة».هذه المواقف زادت المناخ المُحتدِم الذي طبعَ مداولات التمديد لعون في الساعات الأخيرة، وزادت الغموض حيال مصيره المتوقّف بينَ الجلسة التشريعية التي دعا إليها بري اليوم وجلسة الحكومة التي يُفترض أن تُعقد غداً.
وبحسب المعلومات، فإن مجريات جلسة البرلمان لن تشهد مفاجآت، وسطَ تأكيد أكثر من مصدر نيابي أن بري لن يطرح بند التمديد، بعدما تقرّر إعادة الملف إلى الحكومة. علماً أن جدول أعمال الجلسة الذي وزّعته هيئة مكتب المجلس، والمؤلّف من 16 بنداً، لم يلحَظ مسألة التمديد بأي صيغة، فيما وزّعت جدولاً آخر لاقتراحات المعجّل المكرّر تحت عنوان «لأخذ العلم».
في غضون ذلك، توافقت الكتل النيابية على دمج الاقتراحات الأربعة لتفادي الشغور في المؤسسة العسكرية، والتي قدّمتها كل من كتلة القوات اللبنانية وكتلة الحزب التقدمي الاشتراكي وكتلة النواب السنة والنائب علي حسن خليل، في اقتراح قانون واحد برفع سن التقاعد في كل الأجهزة الأمنية والأسلاك العسكرية بما يشمل قائد قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، وكان العمل جارياً أمس على جمع تواقيع النواب على هذا الاقتراح.
وأكّدت مصادر في القوات اللبنانية لـ«الأخبار» أنها لن تقاطع جلسة اليوم رغم عدم إدراج بند التمديد على جدول أعمالها، ورغم الحديث عن إعادة الملف إلى الحكومة، «لأنه في حال عدم إقرار الحكومة للتمديد فسنصل إلى طرحه في الهيئة العامة». وعلمت «الأخبار» أن القوات تعمل بكل السبل الممكنة على أن يمر اقتراح قانون التمديد في مجلس النواب لتكريس الأمر كـ«بوانتاج رئاسي» لقائد الجيش، باعتبار عدد الأصوات المؤيّدة للتمديد أصواتاً مؤيّدة لانتخاب عون رئيساً.
جنبلاط منفتح على تعيين رئيس للأركان، والقوات ترغب في التمديد نيابياً لتكريس عون مرشحاً للرئاسة
أما في الحكومة، وفي حال لم يخضع رئيسها لضغوط تطيّر الجلسة، فسيطرح من خارج جدول الأعمال، على الأرجح، تأجيل تسريح قائد الجيش لمدة ستة أشهر، استناداً إلى اجتهاد قانوني أعدّه الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، من بين اجتهادات أخرى تتعلق بالتمديد والتعيين. ويُنتظر أن يُقر تأجيل التسريح، من دون تصويت وزراء حزب الله والاشتراكي معه. إلا أن إقرار تأجيل التسريح لا يعني سريان القرار، بعدما برزت مؤشرات إلى نية التيار الوطني الحر الطعن فيه أمام مجلس شورى الدولة، وربما الطلب من وزير الدفاع موريس سليم تكليف الضابط الأعلى رتبة تولي مهام القائد إلى حين تعيين قائد جديد للجيش. ويفتح قبول الطعن الباب أمام الانتقال إلى خيار تعيين قائد جديد للجيش أو تعيين رئيس أركان، وهو ما وافق عليه ضمناً النائب السابق وليد جنبلاط بعدما كان يتهيّب الأمر، إذ أعلن أمس أنه «في حال تعذّر لأسباب داخلية وعبثية التمديد للعماد جوزف عون، سنسعى إلى أن يُرقّى ضابط رشّحته وفق الأقدمية هو العميد حسان عودة ويُعيّن كرئيس أركان لينوب عن قائد الجيش».
وكان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع اعتبر أن «رئيس مجلس النواب نبيه بري دعا لجلسة للتمديد وكل هذا من تدبير محور الممانعة لعرقلة التمديد لقائد الجيش»، قائلاً: «ننظر إلى الدعوة لجلسة لمجلس الوزراء يوم الجمعة بشكل مريب، فالتمديد في هذه الجلسة لقائد الجيش سيؤدي بنسبة كبيرة إلى الطعن به». ورأى أن «هناك مؤامرة ضد قائد الجيش يقودها رئيس التيار الوطني النائب جبران باسيل مصيبة الجمهورية، والوحيد القادر على إيقاف هذه المؤامرة هو رئيس الحكومة نجيب ميقاتي»، مؤكداً «(أننا) مستمرون في العمل على التمديد في مجلس النواب».
شغور النيابة العامة التمييزية: دكروب تخلف عويدات؟
مع اقتراب موعد إحالة مدّعي عام التمييز القاضي غسّان عويدات إلى التقاعد في شباط المقبل، بدأ درس المخارج القانونيّة للحؤول دون الشغور في أعلى منصب قانوني في حال رفضت حكومة تصريف الأعمال تعيين قاضٍ أصيل
فيما ينشغل السياسيون بمسألة الشغور في قيادة الجيش الشهر المقبل، فإنّ همّ الأوساط القضائية في مكانٍ آخر، في محاولة لاجتراح حلول بعد إحالة مدّعي عام التمييز القاضي غسّان عويدات إلى التقاعد في 21 شباط المقبل. علماً أنّ هناك من يرى أن المسألتين مرتبطتان بمكانٍ واحد: مجلس الوزراء. فإذا وسّعت الحكومة مفهوم حدودها لتصريف الأعمال ومدّدت لقائد الجيش العماد جوزيف عون أو عيّنت بديلاً منه، فإنّها بذلك تكون قد فتحت الباب واسعاً أمام عمليّات لجم الشغور المتتالي في المراكز الأمنية والقضائيّة.ويستند الأستاذ الجامعي المتخصّص في القانون الدستوري وتاريخ الفكر السياسي وسام اللحام في ورقةٍ بحثيّة نشرتها «المفكّرة القانونية» تحت عنوان «تصريف الأعمال: من الموجب الدستوري إلى الاعتباطيّة السياسيّة» على قرارٍ لمجلس شورى الدولة (الرقم 349) صادر في شباط 2015، وينص على أنّ «نظرية تصريف الأعمال مُعَدّة للتطبيق خلال فترة انتقالية محدَّدة يجب أن لا تتعدّى الأسابيع أو حتى الأيام. وإنّ تمدُّدها لفترة أطول لا بد أن ينعكس على مفهومها برمّته ليستطيع تحقيق الهدف منها وهو تأمين استمرارية الدولة ومصالحها العامة ومصالح المواطنين. وهذه الفترة الانتقالية عندما تمتد لعدة أشهر، يصبح من الواجب التعامل مع هذا الواقع بشكل يسمح للحكومة بتأمين استمرارية المرافق العامة وتأمين مصالح المواطنين التي لا يمكن أن تنتظر لمدة أطول، خاصة إذا كانت مستوفية لكلّ الشروط المفروضة في القوانين والأنظمة، وهي تؤمّن مصالح فردية مشروعة دون أن يكون لها الطابع التنظيمي العام، أو تحدّ من حقّ الحكومة المقبلة في ممارسة صلاحياتها الاستنسابية».
واستناداً إلى هذا الاجتهاد، يشير اللحام إلى أنّ «تصريف الأعمال لفترة طويلة يؤدّي إلى إيجاد وضع قانوني يختلف بمفاعيله عن اقتصار تصريف الأعمال على مهلة زمنية بسيطة، كون القرارات التي سيكون على الحكومة المستقيلة اتخاذها ستزداد مع الوقت، وستصبح أكثر إلحاحاً مع تفاقم المشكلات التي يجب على الدولة مواجهتها، ولا سيما عندما يمرّ المجتمع بأزمات اجتماعية واقتصادية خانقة». وعليه، يتيح هذا الرأي القانوني لحكومة تصريف الأعمال تعيين قاضٍ أصيل كنائب عامٍّ تمييزي، بعد أن يُفاتح وزير العدل الحكومة بأمر الشغور ويقترح اسماً للتعيين، من دون أن يعني أن يكون هذا الاقتراح ملزماً للحكومة.
دكروب الأعلى درجة
في المقابل، لم تجد الحكومة بعد حسماً لهذا الجدل، إذ يُشدّد مقرّبون من رئيسها نجيب ميقاتي على أنّ «من المبكر الخوض في هذا الحديث»، نافين أن يكون قد تم التطرّق إلى إمكانيّة عقد جلسة لتعيين مدّعٍ عام أصيل. وهذا يعني أنّ الحكومة تُحاول إبعاد هذه الكأس طالما أنّ المعنيين القانونيين يُحاولون إيجاد مخارج تُعفيها من هذه المهمّة.
أبرز هذه المخارج، هو الاحتكام إلى المرسوم الاشتراعي لتنظيم القضاء العدلي الصادر في عام 1983، والذي يُؤكد صراحةً أنّ القاضي المنُتدب في حال شغور مركز النيابة العامّة التمييزيّة هو الأعلى درجة من بين المحامين العامين التمييزيين، وهم من العاملين في دائرة النيابة العامّة التمييزيّة. وفي هذه الحالة، تحلّ القاضية ندى دكروب حكماً مكان عويدات وليس ما يتم تسويقه بأنّ النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم هو الأعلى درجة، بغضّ النظر عمّا يتم تداوله بأنّ دكروب ترفض هذه المهمّة.
هذا ما يحسمه المدّعي العام التمييزي السابق القاضي حاتم ماضي، لافتاً إلى أنّ هذا الطرح هو الوحيد القانوني في حال امتنعت الحكومة عن تعيين قاضٍ أصيل، باعتبار أنّ القانون أقوى من رئيس الجمهورية والحكومة ووزير العدل، وبالتالي يجب الاحتكام إلى مواده، شارحاً أنّ المحامي العام الأعلى درجة لا يحتاج إلى إذنٍ أو تكليفٍ، بل عليه أن يُمارس مهامه بالإنابة فور شغور المنصب مُباشرةً. وعن إمكانية تولي إبراهيم المنصب، يعود ماضي إلى مرسوم تنظيم القضاء العدلي للإشارة إلى أنّ النيابة العامة المالية هي وحدة تابعة للنيابة العامة التمييزية أسوةً بالنيابة العامة العسكريّة والنيابة العامّة الاستئنافية، وبالتالي لا يُعد إبراهيم من المحامين العامين التمييزيين الذين تنطبق عليهم الشروط للحلول مكان عويدات.
ويؤكّد ماضي أنّ تولّي المراكز القضائية بالإنابة لا يُراعي التوازنات الطائفيّة وإن قام المسؤولون سابقاً بتعيين محامٍ عام سني أعلى درجة ليقوم بالمهام بالإنابة في حال الشغور كما حصل عندما تولّى القاضي سمير حمود مهام المدّعي العام التمييزي بالوكالة مرتين: الأولى إثر إحالة القاضي سعيد ميرزا على التقاعد، والثانية لفترةٍ وجيزة إثر إحالة ماضي على التقاعد. مع ذلك، يُشير ماضي إلى أنّ هذا الأمر ليس قاعدة، ويعود بالذاكرة إلى بداية عام 2011 حينما شغل منصب النائب الأول لمحكمة التمييز إثر تقاعد القاضي غالب غانم وممارسة كلّ المهمات الموكلة إليه رغم اختلاف الطوائف بينهما، باستثناء مهمّة رئاسة مجلس القضاء الأعلى باعتبارها تحتاج إلى مرسومٍ حكومي.
انتداب من عويدات أو عبود؟
في المقابل، يدور حديث في قصر العدل عن إمكان أن يأخذ عويدات «بصدره» هذه المسألة عبر انقطاعه عن العمل في أيام عهده الأخيرة مكلّفاً محامياً عاماً تمييزياً بالحلول مكانه (الأرجح أن يكون القاضي غسّان خوري)، فيبقى هذا التوكيل ساري المفعول حتّى بعد إحالته على التقاعد. ويتّكئ هذا السيناريو على سابقة قام بها المدّعي العام التمييزي السابق عدنان عضوم عندما انتدب القاضية ربيعة عمّاش قدورة للقيام بمهامه بعد تعيينه وزيراً للعدل في حكومة الرئيس عمر كرامي في تشرين الأول 2004. إلا أن هذه السابقة، في رأي العديد من القانونيين المتخصّصين، «غير قانونيّة لأن التكليف مبني على كوْن عويدات نائباً عاماً تمييزياً، وإحالته على التقاعد تحوّل هذا التكليف إلى مُلغى». وهو أيضاً ما يؤكّده ماضي الذي يعتبر أنّ «السابقة إن كانت خطأ لا تُعد سابقة قانونية يُمكن الاستناد إليها وتكرارها، إذ لا صلاحية للمدعي العام التمييزي بتكليف من ينوب عنه»، مشيراً إلى أنّ «القانون واضح في هذا الإطار».
ضغوط دار الفتوى قد تدفع عبود الى تدخل غير قانوني لتعيين قاض سني
كما يجري تداول سيناريو آخر يقوم على اختيار رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبّود، بصفته الرئيس الأول لمحكمة التمييز، قاضياً سنياً يحل مكان عويدات، والأرجح أن يكون رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، علماً أنّ هناك اسمين آخرين على قائمة البحث وإن بحظوظ أقل، هما: رئيس الهيئة الاتهامية في جبل لبنان القاضي ربيع الحُسامي ورئيس إحدى غرف محكمة التمييز القاضي أيمن عويدات.
وبحسب بعض المتابعين، فإنّ تدخّل عبود سيكون ناتجاً عن مطالبات عدد من المرجعيات السنيّة وما يتردّد عن دخول دار الفتوى على خط الضغط لعدم تعيين قاضٍ غير سني في هذا المنصب. علماً أن معظم القانونيين يؤكدون عدم قانونية مثل هذا السيناريو، استناداً إلى مرسوم تنظيم القضاء العدلي الذي لا يتيح لرئيس محكمة التمييز أن يتدخّل في النيابة العامّة التمييزية حتّى ينتدب من ينوب عن عويدات بالوكالة.
«الصحوة» الأميركية: «تسونامي» الغضب العالمي يحاصر الإدارة
خيّمت انتقادات الرئيس الأميركي جو بايدن على الأوساط الحاكمة في تل أبيب. وتفاعلت الجهات المعنية بالحرب على غزة مع الخطاب، بين من وجد فيه ثغرة قد تقود إلى وقف العدوان، ومن اعتبره محاولة لتجميل صورة الموقف الأميركي بسبب ضغوط الرأي العام العالمي والأميركي نتيجة الوحشية الإسرائيلية التي راح ضحيتها عدد هائل من المدنيين.وينتظر قادة العدو وصول مستشار بايدن للأمن القومي جيك سوليفان اليوم ببرنامج عمل يتعلق بسير العمليات العسكرية والوقت الذي تحتاج إليه قوات الاحتلال لـ«إنجاز المهمة»، وهو ما لا يرفضه الأميركيون، غير أنهم بدأوا يشعرون بصعوبة تحقيق إسرائيل للأهداف، فيما يسود التوتر العالم، وترتفع الأصوات المطالبة بوقف الحرب.
من جهته، قال رئيس المكتب السياسي في حركة «حماس» إسماعيل هنية، أمس، إنه نتيجة «الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني، ومقاومتنا الباسلة، نرى أن هذه المعركة البطولية تقترب من نهايتها المشرقة». وأكّد «أننا منفتحون على نقاش أي أفكار أو مبادرات يمكن أن تفضي إلى وقف العدوان»، لكن «أي رهان على ترتيبات في غزّة من دون الحركة وفصائل المقاومة هو وهم وسراب».
ويبدو فصل العلاقات الأميركية – الإسرائيلية، المثقلة برواسب سياسية وشخصية من التوتّر بين رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، والرئيس الأميركي جو بايدن، على عتبة الانتقال إلى «الخلافات العلنية»، سواء على استكمال المفاوضات حول المساعدات الإغاثية، وإقرار هدن إضافية في قطاع غزة، أو لناحية الاتفاق على سيناريو محدَّد «لليوم التالي» ما بعد الحرب. وتتمحور «عقدة الخلاف»، أقلّه في جانبها المعلن، حول تأييد أميركي لدور أمني للسلطة الفلسطينية هناك، ورفْض مقابل لذلك الدور من جانب نتنياهو، فضلاً عن ملفّ المفاوضات في شأن الأسرى، ولا سيما أن انتقادات بايدن غير المسبوقة لنتنياهو استبقت اجتماعاً مقرّراً للرئيس الأميركي مع عدد من عائلات المحتجزين الأميركيين لدى فصائل المقاومة الفلسطينية.
وتجلّى آخر فصول هذا التذبذب في «تردّدات» موجة الدعم الأميركي لإسرائيل، على لسان بايدن نفسه، في معرض ردّه على خطاب سابق لنتنياهو أعرب فيه عن رفضه التصوّرات الأميركية لما بعد الحرب، مقرّاً بوجود تباينات بين الجانبَين. وإذ أشار الرئيس الأميركي إلى أن إسرائيل بدأت «تفقد الدعم الدولي» بسبب الحصيلة المرتفعة من الضحايا المدنيين جرّاء «حملة القصف العشوائي» التي تشنّها على غزة، فهو دعا رئيس حكومة الاحتلال إلى إجراء تغيير على حكومته التي وصفها بأنها «أكثر الحكومات محافظةً في تاريخ إسرائيل»، والتي «لا تريد القيام بأيّ شيء».
تصريحات بايدن: لغة مزدوجة أم تغيّر حقيقي؟
على الفور، انقسمت آراء المعلّقين الغربيين، بين مَن وصف خطاب بايدن بـ»الأكثر حدّة، ومباشرة» في انتقاده لنتنياهو، واعتبره مؤشّراً إلى قرب انتهاء «لغة التمنّي الودية» بين الرجلَين، و»نفاد صبر متزايد في أوساط الإدارة الأميركية في شأن حصيلة الخسائر البشرية الكبيرة» في صفوف المدنيين في غزة، خصوصاً أنه جاء بعد تحذيرات أطلقها وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، من أن إسرائيل ستواجه «هزيمة إستراتيجية» إذا لم يتمّ توفير حماية أفضل للمدنيين الفلسطينيين؛ وبين من أدرجه في إطار «الخطاب المزدوج» الذي اتّبعته واشنطن إزاء الحرب، ولا سيما أن الأخيرة صوّتت خلال الأيام الماضية ضدّ مشروعَين أمميَّين لوقف إطلاق النار داخل القطاع، أحدهما في مجلس الأمن الدولي، والآخر في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فضلاً عن قيامها بتجاوز الدور الرقابي للكونغرس، وموافقتها على تمرير مساعدات عسكرية إضافية لإسرائيل، تم تبريرها كـ»إجراء طوارئ»، شملت إرسال أكثر من 13 ألفاً من قذائف الدبابات، بقيمة 106 ملايين دولار.
ثمة مَن يرى أن خطاب بايدن يندرج في إطار «الخطاب المزدوج» الذي اتّبعته واشنطن إزاء الحرب على غزة
كذلك، حذّر محلّلون من التداعيات السلبية للنهج الدبلوماسي «المزدوج» لواشنطن على الصعيد الدولي، إذ شدّدت المديرة التنفيذية لمكتب «منظمة أطباء بلا حدود»، في الولايات المتحدة، على أن إدارة بايدن «تعرب، ومن خلال استخدامها حق النقض ضدّ مشروع القرار الأممي، عن وقوفها وحيدة في وجه الإنسانية جمعاء»، موضحة أنّ «الفيتو الأميركي يجعل الولايات المتحدة متواطئة في المذبحة الجارية في غزة». ومن جهتها، تساءلت مديرة المناصرة في مركز «Civilians in Conflict»، آني شانيل، عن كيفية تحقيق موقف بايدن لهدفه المعلن المتمثّل في حماية المدنيين الفلسطينيين، بالقول: «من جهة، يدعو المسؤولون الأميركيون، إسرائيل إلى القيام بالمزيد لحماية المدنيين؛ ومن جهة أخرى، يقدّمون شيكاً على بياض لإسرائيل، بصورة تسمح لها باستخدام المساعدات (العسكرية) الأميركية من دون شروط».
ضغوط الرأي العام والكونغرس
بدورها، علّقت صحيفة «نيويورك تايمز» على مبادرة الإدارة الأميركية لتخطّي دور الكونغرس في ما يخصّ المساعدات العسكرية الأخيرة لإسرائيل، معتبرة أن الأمر «يُظهر أن مسؤولي الإدارة يدركون الغضب المتزايد في أوساط المشرّعين الأميركيين ومواطنيهم على حدّ سواء، في شأن كيفية استخدام إسرائيل للأسلحة الأميركية» في القطاع الفلسطيني المحاصَر. وبدا لافتاً في هذا السياق، انطلاق آلاف المحتجين في تظاهرات أمام مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك، بعد جلسة التصويت على مشروع قرار وقف إطلاق النار، حيث طالب بعضهم بإغلاق «وول ستريت»، فيما ندّد آخرون بـ»الفيتو» الأميركي، وسط ترديد هتافات مؤيّدة للشعب الفلسطيني، وذلك في موازاة تظاهرة أخرى بارزة جابت ساحات «الكابيتول»، وشارك فيها العشرات من الناشطين ضدّ الحرب، من جمعيات أبرزها «الصوت اليهودي للسلام»، و»الحملة الأميركية للحقوق الفلسطينية»، مندّدين بتزويد بلادهم تل أبيب بالأسلحة، ومطالبين بوقف إطلاق النار في غزة.
وفي هذا الإطار، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين أميركيين، قولهم أنّه «من غير الواضح ما إذا كانت الإدارة قادرة على تهدئة المخاوف المتزايدة في الكونغرس حول ملف الدعم العسكري غير المشروط لتل أبيب».
من جهتها، نقلت «نيوزويك» الأميركية عن ضابط في القوات الجوية الأميركية شارك في مداولات في إدارة بايدن ومع إسرائيليين، أن «المشكلة هي غطرسة إسرائيل»، مشيراً الى أن «إسرائيل خسرت حرب معلومات، وإن برّرت كل هجوم على حدة». وأكّد الضابط الأميركي أن «إسرائيل كانت دقيقة بقصفها، وتسبّبت بأضرار جسيمة بين المدنيين». وفي حين أشارت الصحيفة الى أن «إسرائيل هاجمت 25 ألف هدف في غزة من الجو والبحر والبرّ»، قال ضابط رفيع في الاستخبارات العسكرية الأميركية للصحيفة، إن «هجوم إسرائيل على غزة هو في الواقع هجوم على المدنيين». وأشارت «نيوزويك» إلى أن «إدارة بايدن بدأت مناقشات داخلية بشأن الرد الإسرائيلي مع تزايد الاحتجاجات الدولية».
اللواء:
تصاعد الإشتباك على خلفية التمديد.. وبرّي: سأوقف الجلسة إذا لم يدخل نواب «القوات»
بكركي أبلغت بخاري القلق من المناورات.. وميقاتي يدقُّ ناقوس الخطر في جنيف
بين اليوم وغداً، يكون قد مرَّ على العدوان الاسرائيلي على غزة 70 يوماً، وكأن المعارك لم تبدأ بعد على الرغم من الدمار الهائل غير المسبوق، حتى في الحرب العالمية الثانية.
فقد انشغلت الاوساط الدولية والمعادية واللبنانية وغيرها بالتوقف عند الضربة الشجاعة المسددة بقوة ايمان المقاومة الفلسطينية بحقها، ضد وحدات من نخبة لواء جولاني كان يتقدم داخل أبنية مدمرة في حي الشجاعية فأحدثت صدمة قوية لدى جيش الاحتلال بمقتل 10 ضباط وجنود واصابة اربعة آخرين بجروح خطيرة، وفقاً للناطق الاسرائيلي.
اسرائيل ردت بالاعلان عن استمرار الحرب، وعدم تقديم هدية لـ«حماس» بوقف النار، عشية وصول مستشار الامن القومي الاميركي جيل ساليفان الى تل ابيب اليوم، لاجراء محادثات مع نتنياهو ومجلس الحرب وتستمر زيارته الى يوم غد الجمعة بالتزامن، تتفقد وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولون كتيبة بلادها العاملة ضمن اليونيفيل في الجنوب.
ولئن كان الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان ركز في زيارته الاخيرة الى بيروت على التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، ربطاً بالاستقرار في المؤسسة العسكرية، امتداداً الى دور الجيش المرتقب في ما خص وضع القرار 1701 موضع التنفيذ، والذي لاقى رفضاً قاطعاً من كتلة التنمية والتحرير في تعديله او تغييره او اي امر خارج تطبيقه كاملاً، وفرض الامر على اسرائيل لاحترامه وتطبيقه..
واكدت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن مصير ملف قيادة الجيش متوقف على ما قد يتم تقريره في مجلس النواب ومن ثم مجلس الوزراء، ورأت أن حركة اتصالات ولقاءات موسعة جرت من أجل تنسيق المواقف وبلورة موقف من الجلسة التشريعية اليوم التي يتوقف بت التمدبد فيها لقائد الجيش على جملة معطيات تتصل باقتراحات قوانين التمديد.
وأعلنت المصادر نفسها أن مجلس الوزراء بدوره يعرض الصيغة التي ستسمح بقرار تأجيل التسريح من دون موافقة وزير الدفاع، مؤكدة أن معركة التمديد فتحت والمواقف التي صدرت عززت هذا الأمر، ومشيرة إلى أن التيار الوطني الحر يحضر ردا مضادا على التمديد لمن ولا بد من انتظار اليوم وما تحمله الجلسة التشريعية اليوم.
وسارع الرئيس نبيه بري الى اعلان وقوفه الى «خاطر البطريرك» محذراً من تطيير جلسة التشريع غداً، بعدما نمي اليه ان تكتل الجمهورية القوية، لن يدخل الى الجلسة ما لم يطرح اولاً اقتراح قانون التمديد لقائد الجيش،وهم سيرابطون في بهو المجلس.
ونقل عن بري قوله: ما يمزحوا معي.. انا نبيه بري، ستنعقد الجلسة، واذا ظلوا خارجها سأوقفها.. مضيفاً ما فينا ما نوقف على خاطر البطريرك، وليتحمل الرئيس نجيب ميقاتي بدوره مسؤوليته..
بخاري في بكركي
ومساء امس، زار سفير المملكة العربية السعودية في لبنان، وليد بخاري (والسعودية من ضمن اللجنة الخماسية الدولية) بكركي، والتقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بناءً لطلبه (أي الراعي)، الذي كان محور حركة اتصالات واسعة لضمان التمديد للعماد جوزاف عون..
ونقل عن السفير بخاري قلق المملكة من الفراغ في قيادة الجيش، والذي يهدد بضرب الجهود المبذولة من اللجنة الخماسية للنأي بلبنان عن تداعيات الازمة في غزة، وتبلغ الامر نفسه من سيد بكركي.
وأكد الراعي على ضرورة التمديد لقائد الجيش من باب الموقف الوطني، والحرص على موقع الرئاسة، وهو يشعر بأن امرا ما يحاك، ولديه شكوك في موضوع التمديد لقائد الجيش، لكنه ينتظر انضاج النوايا، واذا حدث اي التفاف على موقف بكركي فلكل حادث حديث، محذراً من تصوير الصراع بأنه ماروني – ماروني.
من جانبه، اعتبر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ان هناك مؤامرة ضد التجديد لقائد الجيش يقودها النائب جبران باسيل، الذي وصفه بـ«مصيبة الجمهورية» معتبراً ان الوحيد القادر على ايقاف المؤامرة هو الرئيس ميقاتي، مشدداً على الاستمرار بالعمل للتمديد لقائد الجيش في مجلس النواب.
ومع ذلك، لم يوفر جعجع حكومة تصريف الاعمال من انتقاداته واتهاماته، فإتهم الحكومة بأنها تابعة لمحور الممانعة، وتتلاعب بقيادة الجيش كما يحلو لها، وتريد تحويل القيادة الى بوليس سري، لذلك نحن مهتمون بقيادة الجيش.
الجلسة
وتختبر شكوك بكركي وريبة جعجع، بدءاً من اليوم، سواء في الجلسة النيابية التي تبدأ عند الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم، وعلى جدول اعمالها 16 بنداً، ورفع سن التقاعد لرتبة عماد ولواء.. فضلاً عن الجلسة الحكومية ظهر غد، والتي ستبت بمسألة تأجيل تسريح العماد عون لمدة ستة اشهر فقط، ويمكن ان تدرج في جلسة الجمعة.
ومن بين مشاريع القوانين، انشاء نظام التقاعد والحماية الاجتماعية، والكابيتال كونترول ومساعدة مالية لصندوق تعاضد الاساتذة في التعليم الخاص، واتفاقية مع البنك الدولي، واقتراح قانون الصندوق السيادي واقتراح قانون استقلالية القضاء وشفافيته.
وعشية الجلسة، دعا نادي قضاة لبنان الى اقرار مشروع قانون استقلالية السلطة القضائية، نظراً لإلحاحيته، مع الدعوة للأخذ بملاحظات النأي في ما خص المجلس الاعلى وهيئة التفتيش وآليات التشكيلات وحرية القضاة بالتعبير والتجمع.. محذراً من أن يلقى مصير مشاريع سابقة، اخرت اقرار القانون لسنوات.
ميقاتي يدق ناقوس الخطر
في غضون ذلك، اجرى الرئيس ميقاتي على هامش مؤتمر النازحين في جنيف، محادثات شملت وزراء خارجية فلسطين رياض المالكي وايران حسين امير عبد اللهيان والاردن ايمن الصفدي وتطرق البحث الى الوضع في غزة والمساعي الجارية لوقف العدوان الاسرائيلي عليها.
كما اطلق ميقاتي في كلمته امام المؤتمر نداء الى العالم في سويسرا «أن نتشارك واياكم تحدي معالجة النزوح السوري، وأن تضعوا هذا الامر في سلم الاولويات، لاننا بتنا على شفير الانهيار الكلي»، معلنا «لن نبقى مكتوفي الايدي ونتلقى الازمات المتتالية وأن يعتبرنا البعض مشاريع أوطان بديلة، بل سننقذ وطننا وسنحصن انفسنا لاننا أصحاب الحق اولا واخيرا في العيش بوطننا بعزة وكرامة».
الوضع الميداني
ميدانياً، سقط الحظر المفروض على قصف المنازل السكنية، واستهدف المدنيين، الذي فرض على الجيش الاسرائيلي، وفقاً لقواعد الاشتباك المعمول بها، منذ انتهاء العمليات الحربية عام 2006، فاستهل العدو يومه امس بتدمير منزل في كفركلا وسقوط شهيد، ما لبث ان نعاه حزب الله، وهو محمد علي بسام شيت، كذلك استهدف عيتا الشعب، وياطر ومحبيب ومارون الراس وعيترون وجبال البطم، الامر الذي دفع بالمقاومة لاستهداف موقع المالكية الاسرائيلي بصاروخ بركان واصابته اصابة مباشرة، وكذلك موقع راميا والموقع البحري في راس الناقورة وموقع الظهيرة، حيث يتجمع جنود العدو.
ولاحقاً، نعت المقاومة الاسلامية كلُاً من علي موسى بركات (من بلدة زبقين) وصالح مصطفى مصطفى (من بلدة بيت ليف) واللذين سقطا على طريق القدس، وفقاً لبيانات المقاومة الاسلامية.
البناء:
حرب الاستنزاف في غزة: المقاومة تمسك بالأرض والاحتلال يفقد خيرة وحداته
تسارع البحث عن مخارج وإنزال نتنياهو عن الشجرة… سوليفان في تل أبيب
هنية: منفتحون لمناقشة وقف الحرب وترتيب البيت الفلسطيني ولا حلّ دون حماس
كتب المحرّر السياسيّ
الثنائية الحاكمة في الحرب الدائرة بين جيش الاحتلال والمقاومة في غزة، صارت ثابتة غير قابلة للتغيير، ركنها الأول فشل جيش الاحتلال في تحقيق أي إنجاز، سواء في العنوان الأول للحرب وهو إنهاء حركات المقاومة، وعلى رأسها حركة حماس، أو في العنوان الثاني وهو تحرير الأسرى لدى قوى المقاومة. أما الركن الثاني الذي أظهرته معارك الجولة الثانية من الحرب بعد نهاية الهدنة التي ثبتت إلزامية التفاوض على التبادل كطريق وحيد لتحرير الأسرى، فيقوم على ما أظهرته قوى المقاومة من اقتدار نقل المعادلة من التوازن الذي حكم الجولة الأولى، إلى انتقال زمام المبادرة والإمساك بالأرض على يد قوى المقاومة، وانتقال جيش الاحتلال إلى موقع ردّ الفعل، وتلقي الضربات، ووفق قراءة الخبراء العسكريّين فإن المقاومة تبدو وقد رسمت سلفاً خطة هجوم شامل عندما تصل قوات الاحتلال على تخوم مدينة خان يونس، حيث تنفجر كل الجبهات دفعة واحدة، بما فيها ما سبق وتوهّم جيش الاحتلال أنها تحت سيطرته في شمال غزة، مثل جباليا والشجاعيّة، اللتين فقد فيهما جيش الاحتلال عدداً كبيراً من ضباط النخبة ووحداتها، وبدأ النقاش في أوساط العسكريين حول جدوى مواصلة الحرب يتسرّب الى وسائل الإعلام الاسرائيلية، وينقل قناعة جنرالات كبار في الجيش يردّدها مسؤولون عسكريون وأمنيون سابقون بأن الاندفاعة الأولى للحرب انتهت، وأن حرب استنزاف مفتوحة بلا أفق هي ما يخوضه جيش الاحتلال الآن.
هذه المعادلات التي يقدّمها ميدان الحرب وجدت تفسيراً للمواقف المتغيّرة انطلاقاً من واشنطن والدول الغربية التي تهتم لأمن الكيان، وتخشى عليه من مواقف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي يربط مصير الكيان بمصيره كرئيس حكومة. وقد صار استمرار الحرب بوليصة التأمين الوحيدة لبقائه في منصبه، بينما صار رحيله وصفة ممكنة لتبرير وقف الحرب وتحميله مسؤولية الفشل من عملية طوفان الأقصى إلى مسار الحرب على غزة.
إنزال نتنياهو عن الشجرة، هو الوصف الذي قدّمه مسؤولون أميركيون لوسائل إعلام أميركية حول زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان الى تل أبيب اليوم، وما تمّ تناقله عن أنه يحمل معه طلباً للبحث بموعد لإنهاء الحرب، وإيضاحاً لمستقبل قطاع غزة في اليوم التالي لوقف الحرب.
الحراك الأميركي والغربي وامتداداته العربية، يدور حول صيغة تشكل السلطة الفلسطينية محورها، وتتجاهل دور حركة حماس وقوى المقاومة رغم فشل محاولات إسقاطها وحذفها من المشهد، وتتولى جماعة «عرب واشنطن» مهمة تسويق صيغة تقوم على إقناع حماس بقبول تسلّم السلطة لغزة كحل ينهي الحرب، منطلقين من ذريعة أن حماس لا تؤمن بالحل السياسيّ للقضيّة الفلسطينية، وأنها لم تنجح بالتفاهم مع حركة فتح على صيغة لتقاسم السلطة، وأن هذا الحل يفتح الباب لمباحثات لاحقة عن سبل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية داخل منظمة التحرير الفلسطينية والفصل بين المنظمة والسلطة التي عليها أن تتعاطى مع كيان الاحتلال وجيشه ومع الغرب وأميركا وأوروبا، وكلها ترفض صيغة تكون حماس جزءاً منها، وتصنف حماس إرهاباً.
جاء كلام رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية جواباً عملياً على كل هذه التطورات، مؤكدا أن القرار في الميدان للمقاومة، وأنها قوية ومقتدرة وواثقة من تأييد شعبها، وطالما أن وقف الحرب يجب أن يسبق تبادل الأسرى، فلا إطار لوقف الحرب ومستقبل غزة يستطيع تجاوز حركة حماس. وهي بخلاف الاعتقاد منفتحة على أي مبادرات لوقف الحرب وترتيب البيت الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة وليس في غزة فقط، من ضمن أفق سياسي يضمن حقوق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته وعاصمتها القدس، مبقياً حدود الدولة وعن أي جزء من القدس غامضاً، لتحتفظ حماس بحق القبول والرفض لما يُعرَض عليها.
وسجّلت الجبهة الجنوبيّة تصعيداً في وتيرة العمليات العسكريّة للمقاومة بالتوازي مع تكثيف الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاته على القرى الحدودية ما أدّى الى سقوط شهيدين من المدنيين، ما يعكس وفق مصادر سياسية لـ«البناء» «الضغط الذي يتعرّض له جيش الإحتلال جراء عمليات المقاومة النوعية على مختلف المواقع على عمق 15 كلم وأكثر، وإرباكاً لدى حكومة العدو إزاء التعامل مع خطر جبهة الجنوب واحتواء تداعياتها العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياسية، في ظل الشلل الاقتصادي شمال فلسطين المحتلة، وهجرة أكثر من مئة ألف مستوطن من الشمال إلى الوسط ويحمّلون رئيس حكومة الاحتلال مسؤوليّة استعادة الأمن الى الشمال ويرفضون العودة في ظل الوضع القائم حالياً على الحدود مع لبنان، فضلاً عن الانقسام داخل حكومة الاحتلال في التعامل مع الأحداث الجديدة أكان في غزة أو في جنوب لبنان، ما قد يدفع حكومة الحرب في «إسرائيل» لأسباب عدة، للهروب إلى الأمام والقيام بعمل عسكريّ ضد لبنان لخلط الأوراق وإطالة أمد الحرب وتوريط الأميركيّين فيها أملاً بتحقيق الأهداف العسكريّة والأمنيّة للحرب تنقذ نتنياهو وحكومته من النهاية المحتومة»، إلا أن لهذه الخطوة «تداعيات كبيرة تتخطى الحدود اللبنانية – الفلسطينية، الى المنطقة برمّتها، الأمر الذي لن تسمح به الإدارة الأميركية الحالية التي تستشعر قسوة تداعيات حرب غزة على كافة المستويات لا سيما على مستقبل كيان الاحتلال وعلى المصالح الأميركية في المنطقة وعلى الاستقرار الإقليمي وعلى اتجاهات الرأي العام العربي والإسلامي والأميركي والعالمي، وهذه العوامل تؤثر سلباً على الوضع الانتخابي للرئيس جو بايدن وحزبه الديموقراطي».
وفي سياق ذلك، نقلت شبكة «CNN» الأميركية عن مسؤولين أميركيين، قولهم إنّ «واشنطن نصحت إسرائيل بعدم فتح جبهة أخرى في الحرب عبر شنّ هجوم واسع النطاق على حزب الله».
وفيما تستمرّ الضغوط الدوليّة على لبنان وإيفاد الرسل لإبلاغ رسائل التحذير إلى الحكومة اللبنانيّة حول تطبيق القرار 1701 والمتوقع أن تصل إلى بيروت وزير الخارجية الفرنسية خلال اليومين المقبلين، تضع أوساط مطلعة في فريق المقاومة رسائل التحذير والتهديد الخارجية للبنان بعمل عسكري إسرائيلي ضد لبنان، في إطار التهويل والحرب النفسية على لبنان، ومحاولة للحدّ من انخراط حزب الله العسكري في الجبهة الجنوبية لتخفيف الضغط عن جيش الاحتلال ولمنح كيان الاحتلال ضمانات لطمأنة مستوطني الشمال وامتصاص غضبهم ونقمتهم على نتنياهو و»كابينت الحرب». لكن المصادر تؤكد لـ«البناء» أن حزب الله لا يُعِر اي اهتمام لهذه الرسائل، بخاصة ان جيش الاحتلال الذي يغرق بمستنقع غزة على مدى حوالي سبعين يوماً ويعجز عن تحقيق الأهداف، لا يحق له إطلاق التهديدات ضد مقاومة صلبة راكمت من قوة ومقدرات وإرادة وعقيدة ما يمكنها من تكبيد العدو خسائر كبيرة فيما لو أخطأ في الحسابات وشن عدواناً على لبنان»، ولفتت الأوساط الى أن «حزب الله يرفض الحديث عن إبعاده عن جنوب الليطاني قبل حرب غزة، فكيف بعد الحرب التي تدفع إلى تفعيل دور الحزب العسكريّ إسناداً لغزة، وبالتالي يرفض التفاوض على أي وضع مستقبلي للحدود قبل توقف العدوان على غزة».
وفي سياق ذلك، شدّد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله، على أنّ «ما يتم تسريبه بين فترة وأخرى من طروحات حول الوضع المستقبلي في الجنوب هو وليد خيالات جهات تعيش في الأوهام، ومعروفة الانتماء والولاء، وهي طروحات غير موجودة على جدول أعمال المقاومة، ولا على جدول أعمال البلد، ولم يتحدّث بها أحد معنا، وغير مستعدين لمجرد الاستماع إليها، أو لإعطاء وقت للانشغال بها».
ولفت إلى أنّ «الأولوية اليوم هي لمنع العدو من تحقيق أهدافه في غزة وحماية البلد من عدوانه، وما يطلقه العدو من تهديدات أو حديثه عن اتفاقات مستقبلية مع لبنان، هو جزء من محاولاته الحثيثة لتخفيف الضغط عن جبهته الشمالية بعدما وضعته عمليات المقاومة في حالة إرباك شديد، وتحت ضغط مستمر نتيجة الخسائر التي لحقت بجيشه واقتصاده وتهجير مستوطنيه».
وأعلن حزب الله استهداف عدة مواقع للعدو الإسرائيلي، أبرزها موقع المالكيّة بصاروخ بركان، راميا، الموقع البحري في رأس الناقورة.
وزفّت المقاومة الإسلامية الشهيد المجاهد علي موسى بركات «جواد» من بلدة زبقين في جنوب لبنان، والشهيد المجاهد صالح مصطفى مصطفى «أبو علي فلاح» من بلدة بيت ليف في جنوب لبنان، الَّلذين ارتقيا على طريق القدس».
في المقابل أطلق جيش الاحتلال من مواقعه المحاذية لبلدة عيتا الشعب رشقات ناريّة من أسلحة ثقيلة في اتّجاه الأودية المجاورة المتاخمة للخط الأزرق في أطراف بلدة طربيخا اللبنانية. كما شنّ طيران العدو غارة على بلدة محيبيب حيث سقطت قذيفة بين المنازل من دون وقوع إصابات.
واستهدف العدوان مارون الراس وعيترون وجبل الباط. وشن طيران الاحتلال غارتين على حامول واللبونة، في منطقة الناقورة وعلى مروحين وأطراف بلدة البستان. وغارة من طائرة مسيّرة على أحد المنازل في بلدة بليدا.
في غضون ذلك، تتجه الأنظار إلى ساحة النجمة اليوم، حيث يعقد مجلس النواب جلسة تشريعيّة على جدول أعمالها بنود اقتراحات ومشاريع قوانين تفوق المئة.
ووفق معلومات «البناء» فإن مختلف الكتل النيابيّة ستحضر الجلسة، ومن ضمنها كتلتا القوات اللبنانيّة والتيار الوطني الحر، وكتلتا حركة أمل وحزب الله وكتلة الحزب الاشتراكي وتكتل الاعتدال الوطني وعدد كبير من نواب التغييريين. إلا أن مصادر نيابية توقعت تحوّل الجلسة الى حلبة للسجالات السياسية وتقاذف التهم حول ملف قيادة الجيش بين المؤيدين للتمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون وبين المعارضين له، مشيرة لـ«البناء» إلى أن «أبواب البرلمان أوصدت أمام إقرار قانون رفع سن التقاعد للتمديد لقائد الجيش، ودعوة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى جلسة لمجلس الوزراء غداً، يؤكد خروج هذا الملف من عهدة المجلس النيابي، لا سيما أن رئيس مجلس النواب نبيه بري قام بواجبه الدستوري ودعا الى جلسة تشريعية من ضمنها اقتراحات رفع سن التقاعد، لكن هناك جدول أعمال من البنود الأخرى لا تقل أهميّة عن التمديد لقائد الجيش تجب مناقشتها وإقرارها». وتستبعد المصادر أن يغرق المجلس في البنود الخلافية التي من الصعب التوافق حولها لا سيما قانوني الكابيتال كونترول والموازنة».
وبعد الهجوم القواتي العنيف على رئيس الحكومة والسجال بين معراب والسراي، واصل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع حملته على معارضي التمديد، وأعلن في مؤتمر صحافي أمس، أننا «مصرّون على التمديد للعماد جوزيف عون لأننا نعلم أنه على الرغم من الانهيار في الدولة استطاع تأمين الحد الأدنى لتسيير شؤون الجيش اللبناني».
واعتبر جعجع أن «هناك مؤامرة ضد التجديد لقائد الجيش يقودها جبران باسيل «مصيبة الجمهورية»، والوحيد القادر على إيقاف هذه المؤامرة هو نجيب ميقاتي، ونحن مستمرّون بالعمل للتمديد لقائد الجيش في مجلس النواب».
وتتوقف مصادر نيابية معارضة للتمديد عند «مشاركة قوى المعارضة في الجلسة لا سيما القوات اللبنانية ما يخالف ويناقض مواقفها السابقة برفض التشريع في ظل الفراغ في رئاسة الجمهورية، ما يؤكد أن مشاركتها فقط لتحقيق مآرب سياسية ونكايات شخصية، وتلبية لمطالب خارجية».
وفي السياق، اعتبر اللواء عباس إبراهيم في تصريح له على صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي، بأن «المدة المتداولة عن تأجيل تسريح قائد الجيش 6 أشهر هي فترة تلبية شروط وضغوط، وليست المهلة الزمنيّة التي تؤمن حقيقةً استقرار عمل المؤسسة وقيادتها».
وتوقعت مصادر نيابية لـ«البناء» أن يصدر مجلس الوزراء مرسوماً يقضي بتأجيل تسريح قائد الجيش لمدة ستة أشهر بالحد الأدنى، على أن يبادر التيار الوطني الحر الى تقديم طعن أمام مجلس شورى الدولة الذي قد يقبله خلال عشرة أيام لأن المرسوم لا يحمل توقيع وزير الدفاع ويُعدّ مخالفة للدستور ولاتفاق الطائف الذي ينصّ على صلاحية الوزير، وبالتالي يُجمّد عمل قائد الجيش، وعند نهاية ولايته في 10 كانون الثاني المقبل، يصدر وزير الدفاع مرسوماً بتكليف الضابط الأعلى رتبة في الجيش أو إجراء آخر وفق ما ينص قانون الدفاع الوطني». فيما توقع آخرون أن لا يبت «شورى الدولة» في الطعن قبل أشهر عدة، ما يبقي القائد في منصبه لأطول مدة معينة وبالتالي يتم تأجيل الأزمة بعض الوقت ريثما يتضح المشهد الداخلي والحرب في غزة.
وأوضح النائب حسن فضل الله موقف حزب الله في هذا الإطار، بأن «الحزب يريد ملأ الفراغ وأن تستمر مؤسسة الجيش بالقيام بدورها الوطني سواء في الداخل أو من ضمن معادلة الجيش والشعب والمقاومة. وهذا الموضوع يجب أن يخرج من المزايدات السياسية والحسابات الحزبية ومحاولة تحصيل مكاسب على حساب المؤسسة، وأن يُترك للمؤسسات الدستورية المعنية وفي طليعتها الحكومة لاتخاذ القرار المناسب، وسنعبِّر عن قناعاتنا عندما يتم عرض الموضوع ضمن المؤسسات وفق القاعدة نفسها عدم الفراغ وحفظ الجيش، لأنَّ مثل هذه القضايا يجب أن تُعالج بهدوء وحكمة وحرص على هذه المؤسسة، والحفاظ عليها من منطلق المسؤولية الوطنية، وإخراجها من الصراعات السياسية».
وأكّد فضل الله في موضوع التشريع، أنَّ «المجلس النيابي هو أم السلطات في لبنان وهو الذي يمنح الشرعية الدستورية لبقية المؤسسات، ومن حقه الدستوري بل من واجبه أن يشرِّع في جميع الظروف، ولدينا دعوة لجلسة تشريعية في المجلس النيابي. ومن الطبيعيّ أن نكون في طليعة المشاركين لإقرار القوانين التي تعود بالنفع على المواطنين، وأي قانون يُطرح نناقشه من موقع الحرص على مصالح الناس ومؤسسات الدولة، وهو ما نقوم به في اللجان أو في الهيئة العامة».
من جهته، بدوره، أشار البطريرك المارونيّ بشارة الراعي بعد لقائه السفير السعوديّ وليد البخاري ورداً على سؤال عن التمديد لقائد الجيش، الى أننا «نصلّي على هذه النية». ولفتت مصادر إعلاميّة إلى أن «السفير السعوديّ عبّر خلال لقائه البطريرك الراعي عن حرص السعودية على عدم حصول فراغ في قيادة الجيش».
وأفاد مسؤول الإعلام والبروتوكول في الصرح البطريركي المحامي وليد غياض بأن «البخاري أبدى قلق المملكة واللجنة الخماسية من الفراغ على رأس قيادة الجيش»، معتبراً أن على النواب القيام بواجبهم لمنع الفراغ، وعلى اللبنانيين توحيد الجهود وتغليب مصلحة الوطن وانتخاب رئيس ليعود لبنان الى موقعه وعصره الذهبي».
وقال غياض: «تحدّث البخاري للبطريرك الراعي عن جهود اللجنة الخماسية مع الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان لحثّ اللبنانيين على انتخاب رئيس من دون الدخول في لعبة الأسماء».
عن موقف الراعي، أكد غياض أنه «تحدّث عن ضرورة التمديد لقائد الجيش من باب الموقف الوطني والحرص على موقع الرئاسة، وهو يشعر بأن أمراً ما يُحاك، ولديه شكوك في موضوع التمديد لقائد الجيش، لكنه ينتظر اتضاح النوايا. وإذا حدث أي التفاف على مواقف بكركي لكل حادث حديث».
ولفت غياض إلى أن «غبطته يحذّر من تصوير الموضوع كأنه صراع ماروني – ماروني لتمرير مخططات ما، في ظل لعبة سياسية لم تعُد شريفة بنظر البطريرك الراعي».
على صعيد آخر، يتابع التيار الوطني الحر خطواته العملية لمواجهة معضلة النزوح السوري، وجديدها مؤتمر كبير السبت المقبل ١٦ كانون الأول، في مركز لقاء – الربوة بعنوان «منتدى البلديات حول النزوح السوري: الاستقرار الاجتماعي: إعادة النازحين بتطبيق القانون وتحفيز البلديات».
ويهدف التيار من خلال المؤتمر إلى الحضّ على تطبيق القوانين، والتشجيع على عودة القسم الأكبر من النازحين وتحديداً العائلات. ويسعى المؤتمر لبحث دور الهيئات الاقتصادية في مراقبة العمالة السورية في المؤسسات اللبنانية وضبطها، ويلقي كلمة افتتاحية النائب جبران باسيل.
المصدر: صحف