تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاربعاء 15-11-2023 التطورات في فلسطين وعند الحدود اللبنانية.
الاخبار:
مفاوضات الأسرى مفتوحة: المقاومة لا تجزم بدقّة لوائح إسرائيل | العدو مصرّ على التهجير: 200 ألف خيمة جنوب غزّة
ابراهيم الأمين
أظهرت الاتصالات غير العلنية بين الولايات المتحدة وإسرائيل ودول عربية وإقليمية ومنظّمات أممية أن العدو ماضٍ في عدوانه الشامل على قطاع غزة، وأن تهجير سكّان القطاع إلى خارجه لا يزال على رأس لائحة أهدافه، فيما تشير العقبات التي تواجه المفاوضات حول تبادل الأسرى والمعتقلين إلى أن العدو يريد كسب الوقت لمواصلة حربه المفتوحة.
وعلمت «الأخبار» من مصادر مشاركة في الاتصالات أن حكومة العدو أبلغت الإدارة الأميركية والأمم المتحدة ودولاً أوروبية وعربية، أخيراً، بأنها «تشجّع» على بناء «منطقة نزوح آمنة» في منطقة المواصي القريبة من البحر جنوب غرب قطاع غزة، وطلبت أن تبادر المنظمات الدولية، برعاية الأمم المتحدة، إلى نصب 200 ألف خيمة لاستيعاب أكثر من مليون لاجئ فلسطيني من سكان شمال القطاع. وعُلم أن الموفد الأميركي الخاص للشؤون الإنسانية ديفيد ساترفيلد بدأ بممارسة ضغوط على مصر وعلى جهات في مكتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للموافقة على الخطة وبدء العمل بها سريعاً. وبحسب معلومات «الأخبار» فإن النقاش في مكتب غوتيريش حُسم بإبلاغ الأميركيين والإسرائيليين بأن الأمم المتحدة «تفضّل عدم الانخراط في هذه العملية، وتطالب بالقيام بكل الإجراءات الهادفة إلى حماية المدنيين وتوفير متطلّبات معيشتهم وحياتهم غذائياً وصحياً».
وعزت المصادر تصاعد الحملة الإسرائيلية على غوتيريش إلى عدم تجاوبه مع خطة التهجير هذه، فيما يسعى ساترفيلد، الذي يتجوّل بين القدس والقاهرة وعواصم أخرى لمتابعة تنفيذ برنامج التهجير، إلى فرض أمر واقع على الجميع، وهو يمارس ضغوطاً مكثّفة على مصر للقيام بخطوات عملانية في منطقة العريش وبعض مناطق سيناء، خصوصاً لجهة تسهيل تثبيت مراكز لمنظمات دولية في المناطق المقترحة. وقالت المصادر إن ما تطلبه إسرائيل يقود إلى نتيجة واحدة، هي تهجير أبناء شمال قطاع غزة ودفعهم إلى العيش في ظروف لا إنسانية، تمهيداً لدفع دول عربية وغربية للقبول باستضافتهم. ولفتت إلى أن الخطة تتطابق مع مجريات العمليات التدميرية التي تقوم بها قوات الاحتلال في شمال القطاع، حيث دمّر العدو قسماً كبيراً من المساحات السكنية والمرافق الحكومية والصحية والخدماتية، ويقوم بعمليات تجريف تعيق أي عودة للسكان.
وكانت مذكّرة سرية صادرة عن الملحق العسكري في سفارة هولندا في تل أبيب، نشرتها صحيفة «إن آر سي» الهولندية، أشارت إلى أن «إسرائيل مدفوعة بالانتقام تستخدم القوة المميتة وتتعمّد إحداث دمار هائل للبنية التحتية والمراكز المدنية في غزة، واستهداف المنازل والجسور والطرق والتسبّب في خسائر فادحة في صفوف المدنيين». وأشارت المذكّرة إلى أن العدو «يحاول القضاء تماماً على تهديد حماس، وهو هدف عسكري يكاد تحقيقه أن يكون مستحيلاً»، و«تستعرض القوة لتظهر لإيران وحزب الله أنها لن تتوقف عند أي حدّ».
الشمال منطقة عسكرية محظورة
وفي هذا السياق، كشفت مداولات مفاوضات تبادل الأسرى والمعتقلين أن العدو يريد التعامل مع شمال قطاع غزة على أنه «منطقة عسكرية محظورة».
وعلمت «الأخبار» أن العدو عطّل صفقة كانت شبه منجزة لتنفيذ هدنة تستمر خمسة أيام يتخللها إطلاق معتقلين فلسطينيين مقابل محتجزين لدى المقاومة، عندما رفض إدخال أي مساعدات إنسانية وإغاثية إلى شمال القطاع، وأبلغ الأمم المتحدة وأكثر من عشرين منظمة دولية بأن «وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق» ستكون مسؤولة عن تنسيق أي عمليات إغاثة في مناطق الشمال، بما في ذلك متابعة أحوال المرضى الذين لا يزالون قيد الاحتجاز في مستشفيات شمال القطاع. وعُلم أن مسؤولين في هذه الوحدة باشروا اتصالات مع جهات فلسطينية في مستشفيات شمال القطاع، كما يشارك هؤلاء في الاجتماعات التي يديرها ساترفيلد مع جهات عربية ودولية ومنظمات معنيّة بالعمل الإنساني.
وأدّى هذا الرفض إلى تعقيدات في مفاوضات الهدنة المؤقتة، من دون أن يعطّلها. وتفيد المعلومات بأن اجتماعات خاصة عُقدت ليل أمس في كل من القاهرة والدوحة، بمشاركة وفود من الحكومة القطرية والمخابرات المصرية والمخابرات الأميركية وجهازَي الموساد والشاباك. وشملت البنود الرئيسية التي كان التوافق قد أُنجز حولها، إطلاق المقاومة النساء المسنّات والأطفال دون الـ 18 سنة إضافة إلى حاملي الجنسيات الأجنبية، مقابل إطلاق إسرائيل سراح الأسيرات المعتقلات في سجونها والأطفال دون الـ 18، على أن يجري ذلك بعد إعلان عن وقف شامل للعمليات العسكرية في كل مناطق قطاع غزة، فيما أكّد العدو أنه لن يوقف الطلعات الجوية الاستطلاعية فوق مناطق الشمال باعتبارها منطقة عسكرية. كذلك تم الاتفاق على تنفيذ الصفقة تدريجياً على مدى خمسة أيام، يجري خلالها السماح بإدخال 1000 شاحنة مساعدات إلى القطاع، من بينها عدد قليل من صهاريج الوقود المخصّصة للمستشفيات وبعض المراكز الخدماتية، على أن تسمح إسرائيل بدخول الوقود الذي يخص شاحنات وكالة الأمم المتحدة العاملة في القطاع.
غير أن الاتفاق اصطدم بتقديم إسرائيل لائحة بـ 100 اسم قالت إنه تنطبق عليها صفة المدنيين من فتيان ونساء، فيما أبلغت المقاومة الوسيطيْن المصري والقطري بعدم إمكانية التثبت من وجود كل هذه الأسماء لدى القوى الرئيسية، وأن الأمر يحتاج إلى وقت للبحث والجمع والإحصاء، أضف إلى ذلك رفض المقاومة «تلغيم» اللائحة بأسماء مجنّدات إسرائيليات يتجاوزن الـ 18، ممن تنطبق عليهن صفة الأسرى العسكريين غير المشمولين بهذه الصفقة.
وقالت مصادر فلسطينية لـ«الأخبار» إن العدو يتجاهل الوقائع الجديدة في قطاع غزة بعد حربه التدميرية، وهو يفترض أن الرقم الذي أعلن عنه موجود فعلياً في القطاع، فيما لا يمكن للفصائل الفلسطينية الجزم بدقة الرقم، وقد أُبلغ الوسطاء بذلك، وبأن وقف الحرب بصورة شاملة أو لفترة زمنية طويلة هو السبيل الوحيد للتثبت من المعطيات التي توردها إسرائيل. وأشارت المصادر إلى أن بين الأسرى من قُتلوا في الغارات الإسرائيلية ولا تزال جثثهم تحت الأنقاض، إضافة إلى وجود أسرى لدى مجموعات مدنية لم يعد يُعرف عنهم شيء.
وشدّدت المصادر على أن الوقت بدأ ينفد لدى قوى المقاومة، وأن أي عرقلة جديدة من جانب العدو قد تطيح بالمبادرة من أصلها. وكان لافتاً في هذا السياق موقف الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة باعتراض الحركة على بعض ما يخصّ المفاوضات وعرقلة العدو، وأنها قد تخرج من المبادرة وتترك الأسرى لديها لمبادلتهم في ظروف أفضل لاحقاً.
الأمر الآخر يتعلق بآلية التنفيذ، إذ تريد إسرائيل الإفراج عن جميع الأسرى دفعة واحدة، إلا أن الوسطاء أكدوا استحالة الأمر، وأن التنفيذ يجب أن يتم بالتزامن، بحيث تطلق المقاومة المحتجزين لديها (تقول مصادر فصائل المقاومة إن العدد الذي تنطبق عليه الشروط لا يتجاوز الـ52) على خمس دفعات، على أن تطلق إسرائيل المعتقلين لديها على خمس دفعات أيضاً، بالتزامن مع إدخال 200 شاحنة مساعدات يومياً والسماح بدخول فرق طبية إلى القطاع ونقل عدد من الجرحى إلى خارج غزة.
تخريب الـ GPS فوق فلسطين المحتلة: الأقمار الاصطناعية تفضح هزيمة «إسرائيل»
أصبحت صور الأقمار الاصطناعية أداة بالغة الأهمية لتتبّع الأحداث الجيوسياسية، وللحصول على المعلومات وتشكيل الفهم العام للأحداث، عدا أنّها متاحة مجاناً في غالبية خدماتها على الإنترنت. هكذا، نجد مستخدمين يتتبعون حركة مطار معين في حادثة ما، أو يبحثون عن موقع سفينة في المحيط. ومع كل هذه البيانات الكبرى المتوافرة يومياً في عصر تهيمن عليه التقنية، أدّى عالم المعلومات الواسع والمترابط إلى ظهور استخدامات استخبارية للبيانات المتاحة على الويب من قبل المدنيين. أمر حاولت إسرائيل تخريبه منذ بداية حربها على قطاع غزة
مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية، ظهر بوضوح ما بات يُعرف بـ OSINT، اختصاراً لـ Open Source Intelligence أي استخبارات المصادر المفتوحة. وبتنا نجد حسابات متخصّصة في هذا الشأن على منصة X (تويتر سابقاً)، تحلّل مجموعة واسعة من البيانات، بدءاً من حركة الترندات على منصات التواصل الاجتماعي والمنتديات الإلكترونية وحتى المقالات والسجلات العامة وصور الأقمار الاصطناعية وحركة مرور الإنترنت. تكمن قوة OSINT في قدرتها على توفير تقييم للتهديدات وأبحاث استقصائية في الوقت الفعلي، ما يؤمّن تحليلاً وتفسيراً لمجريات الحروب قد تناقض البروباغندا التي يبثها طرفا النزاع، وتقدّم تقديراً أقرب إلى الواقع لما يحدث على الأرض.
نشطت الحسابات المتخصّصة في استخبارات المصادر المفتوحة على نحوٍ كبير مع بدء الحرب الروسية الأوكرانية. استخدمت هذه التقنيات والأساليب مؤسسات إعلامية كبرى، فكانت السبب الرئيس لدحض مزاعم وأخبار ملفّقة انتشرت كالنار في الهشيم على السوشال ميديا. وبعد عملية «طوفان الأقصى» في السابع من تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي، وانطلاق حرب إسرائيلية همجية على شعب غزة المحاصر، حاول العدو منع حسابات الـ OSINT من الحصول على المعلومات عبر تخريب التقنية التي تقدم البيانات. على سبيل المثال، عطّلت شركة غوغل حركة مرور بيانات «خرائط غوغل» في كيان الاحتلال وقطاع غزة بعد طلب جيش الاحتلال ذلك من الشركة، وفقاً لتقرير نشرته «بلومبيرغ» في 23 تشرين الأوّل 2023، أي قبل أيام من الغزو البري للقطاع.
ولفهم حاجة جيش الاحتلال لذلك، يمكننا أن نتخيّل شارعاً مزدحماً بالسيارات التي يقودها أناس يحملون هواتفهم الذكية. ترسل الهواتف إلى غوغل باستمرار بيانات عن مكان وجودها، وبالتالي إذا وجدت عدداً كبيراً من الهواتف الذكية في شارع معيّن، ستعتبر «خرائط غوغل» أنّ الشارع يعاني من ازدحام مروري. وعلى الهامش، في مطلع عام 2020، خدع فنان ألماني «خرائط غوغل» لتظهر حركة ازدحام مرور عن طريق جر عربة مليئة بالهواتف الذكية. المهم، يحمل جنود جيش الاحتلال هواتفهم الذكية، حتى إنّ بعض مراكز الاستخبارات توفّر لهم المعلومات عبر تطبيق «واتساب». وبالتالي، فإنّ تجمّع هؤلاء الجنود في أماكن معينة حول قطاع غزة أو داخله، سيظهر حركة ازدحام مروري على «خرائط غوغل»، وهو أمر ستتنبّه إليه حسابات استخبارات المصادر المفتوحة وربّما أيضاً المقاومة الفلسطينية في حال كانت تجمع معلومات من مصادر مماثلة، إضافة إلى مصادرها التقليدية. علماً أنّ تطبيق الخرائط التابع لشركة آبل، امتثل بدوره لطلب الجيش الإسرائيلي.
لم يكن ما سبق سوى البداية. وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «بوليتيكو» في 23 تشرين الأوّل، خرّب جيش الاحتلال نظام تحديد المواقع الجغرافية بالأقمار الاصطناعية (GPS) فوق شمال فلسطين المحتلة، في محاولة لمنع وصول الصواريخ الدقيقة أو المسيرات من المقاومة اللبنانية إلى أهدافها. نظام الـ GPS هو طريقة للانتقال بكفاءة من النقطة «أ» إلى النقطة «ب» أكان ذلك شخصاً يتنقل أو طائرة مدنية أو صاروخاً أو مسيّرة انقضاضية أو استطلاعية. إلا أنّ هناك بعض العيوب في استخدام هذه التكنولوجيا، إذ يمكن لهذا النظام أن يصبح عرضة للهجمات السيبرانية عبر تقنية تخريب الإشارة تدعى «تقنية خداع نظام تحديد المواقع» (GPS spoofing). يتحقّق ذلك عندما تُرسل إشارة راديو مزيّفة إلى هوائي جهاز الاستقبال للتصدّي لإشارة القمر الصناعي لنظام تحديد المواقع العالمي وتجاوزها. هكذا، يصبح مستحيلاً تثبيت الوجهة المُراد الانتقال إليها في مكان جغرافي محدّد عبر النظام. والجدير ذكره هنا بحسب «بوليتيكو»، أنّ «إسرائيل» تسببت في اضطرابات في مجالها الجوي الشمالي، ما جعلها ترسل تحذيرات إلى شركات الطيران المدنية بعدم اعتمادها على الـ GPS للهبوط.
بدأ تقييد صور غزة في السادس من نوفمبر
في 27 تشرين الأوّل الماضي، نشرت وكالة «أسوشييتد برس» صوراً من الأقمار الاصطناعية لقطاع غزة تظهر آثار القصف داخل غزة. وفي 31 من الشهر نفسه، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» ما اعتُبر سبقاً صحافياً، وهو عبارة عن صور عدة عالية الوضوح والجودة، تظهر تموضع آليات العدو داخل غزّة من ثلاث جهات، مع آثار خطوط سير المجنزرات على الأرض، إضافة إلى آثار الدمار والقصف الهائل الذي طال كل شيء. وأبرز الشركات التي قدّمت تلك الصور وغيرها عن حرب إسرائيل على غزة، هما Planet Labs و«Maxar Technologies. بعد انتشار التقرير، بدأ المزوّدون الرئيسيّون لصور الأقمار الاصطناعية لصالح المؤسسات الإخبارية والباحثين الآخرين بتقييد صور غزة، وفق ما نشره أوّلاً موقع semafor في السادس من تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي. حتى إنّ Planet Labs أزالت بعض الصور الأخيرة لقطاع غزة من معرض الصور القابلة للتنزيل من موقعها الإلكتروني، ووُزِّعت بدلاً من ذلك على وسائل إعلام محددة عبر «غوغل درايف». وأبلغت الشركة المشتركين بخدماتها أنّه أثناء «الصراعات النشطة، قد يتم تعديل بعض الصور الأرشيفية». أمر تأكّد منه موقع semafor بعد تحدّثه إلى المشتركين الذين أوضحوا له أنّهم لم يتمكنوا من الوصول إلى صور عالية الدقة لغزة منذ 22 تشرين الأوّل. وفي الوقت نفسه، واصلت Planet Labs وغيرها من الشركات تزويد المؤسسات الإخبارية بصور للقطاع المحاصر مع تأخير زمني كبير. ويظهر التأخير في مقال نشرته صحيفة «واشنطن بوست» في 5 تشرين الثاني يعرض صوراً داخل غزة من 3 تشرين الثاني. وفي 4 تشرين الثاني، شاركت صحيفة «ذا غارديان» صوراً التُقطت في 30 تشرين الأول. وعلى الرغم من حجب تلك الصور أو تأخيرها، أفاد موقع defenseone المتخصص في شؤون العسكر، في الثامن من الشهر الحالي، بأنّ حكومة الولايات المتحدة أكدت أنّها لن تفرض قيوداً على هذه الشركات. وبالتالي، ليس واضحاً سبب إيقاف تلك الشركات خدماتها وتأخيرها، والجهة التي مارست ضغوطاً عليها في هذا الصدد. لكن الأكيد والواضح أنّ الأمر يصبّ في مصلحة كيان الاحتلال وجيشه.
التمديد لعون وصفقة القرم عطّلا جلسة الحـكومة
تعدّدت أسباب تغيّب عدد من الوزراء عن جلسة الحكومة أمس، ما بينَ أسباب شخصية ومناخية واعتراضات سياسية، لكن النتيجة كانت واحدة، وهي عدم اكتمال نصاب الجلسة. ولم تحل الذرائع المتعددة للتغيّب دون استمرار التساؤل الأساسي حول ما إذا كان تطيير الجلسة متعمّداً، وخصوصاً بعد معلومات عن استعجال حسم ملف المؤسسة العسكرية عشية الفراغ المتوقع في قيادتها، في ظل استمرار الخلاف على آلية لتفادي هذه الأزمة والانقسام حول التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون أو تأجيل تسريحه أو تعيين رئيس للأركان.
وحتى ما قبل موعد الجلسة، استمرت التسريبات حول إمكان طرح التمديد لقائد الجيش من خارج جدول الأعمال، مع معلومات عن رغبة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في السير في هذا الخيار، متسلّحاً بغطاء بكركي والقوى المسيحية المعارضة، وعن حصوله على «فتاوى» دستورية تتيح القفز فوق صلاحية وزير الدفاع بالتقدم بهذا الاقتراح والتوقيع عليه.
تغيّب عن الجلسة وزير التربية عباس الحلبي بسبب وفاة شقيقته، ووزيرا العمل مصطفى بيرم والإعلام زياد مكاري بسبب ازدحام السير، فيما كان وزراء آخرون في طريقهم الى الجلسة عندما تبلّغوا من الأمانة العامة لمجلس الوزراء عدم اكتمال النصاب، فعادوا أدراجهم. واستعاض ميقاتي عن الجلسة بلقاء تشاوري مع الوزراء الحاضرين: جورج كلاس، جوني القرم، وليد نصار، جورج بوشكيان، نجلا رياشي، يوسف الخليل، بسّام مولوي، فراس أبيض، ناصر ياسين، علي حميّة، عباس الحاج حسن، محمد وسام مرتضى، وبيرم (حضر متأخراً بعد إلغاء الجلسة).
وكان على جدول أعمال الجلسة 16 بنداً، فضلاً عن بنود أخرى كان يفترض أن تطرح من خارج الجدول، منها ما يتعلّق بمناقصة الفيول التي تتّجه هيئة الشراء العام إلى التوصية برفضها، وآخر يتعلّق بمناقصة البريد التي رفضها ديوان المحاسبة. وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن وزير الاتصالات جوني القرم هدّد سابقاً بعدم الحضور في حال كانت غالبية الوزراء ستصوّت ضد الموافقة على نتيجة مناقصة البريد التي فازت بها شركة «ميريت انفست» بالائتلاف مع «colis privé»، والتي تعتريها مخالفات عدة ذكرها ديوان المحاسبة وهيئة الشراء العام في تقاريرهما وطلبا عدم السير فيها. وهدّد القرم، بعد علمه بتوجّه وزراء حزب الله للوقوف الى جانب الهيئات الرقابية والاحتكام لقرارها، بمقاطعة الجلسات، ما دفع ميقاتي الى تأجيل الجلسة تفادياً لإحراجه، وخصوصاً أن جدول أعمال الجلسة يتضمن ٣ بنود تتعلق بالاتصالات، ولأن أيّ قرار سياسي من تيار «المردة» بمقاطعة جلسات الحكومة نتيجة عدم إمرار الصفقة يعني فقدان نصاب الجلسات الحكومية. وإزاء ابتزاز القرم، استجاب ميقاتي لضغطه وقرر الدعوة الى جلسة جديدة الاثنين المقبل ريثما يجد حلاً لهذه المعضلة. وأشارت مصادر وزارية إلى أن ميقاتي أبلغ الوزراء الحاضرين أن «التمديد لقائد الجيش لن يحصل إلا بالتوافق، وهو ليس في وارد التحدي، وأن الأمانة العامة لمجلس الوزراء أعدَّت دراسة قانونية ودستورية موسعة بشأن الحلول القانونية التي يمكن اعتمادها، لتفادي الشغور في القيادة العسكرية».
ميقاتي: التمديد لن يحصل إلا بالتوافق وأعددنا دراسة حول المخارج الدستورية
ورغمَ إعلان كتلة «الجمهورية القوية» إثر لقائها برئيس مجلس النواب نبيه بري أول من أمس أن «الأخير وضع مهلة حتى نهاية الشهر الجاري للوصول إلى تفاهم، وأن هناك إمكانية الدعوة إلى جلسة نيابية لإقرار قانون التمديد لقائد الجيش»، قالت مصادر سياسية إن «خيار تأجيل التسريح الذي كان يُعمل عليه ليكون حلاً وسطاً بين الفراغ والتمديد لقائد الجيش، أصبح أيضاً خياراً ضعيفاً بعدَ تهديد جهات سياسية بتقديم طعن استناداً الى تقرير صادر عن مجلس شورى الدولة عام 2015 قبل فيه شكلاً بمراجعة تقدّم بها العميد الركن حميد سليمان اسكندر يطلب فيها وقف تنفيذ وإبطال القرار الصادر عن وزير الدفاع سمير مقبل بتأجيل تسريح قائد الجيش آنذاك العماد جان قهوجي، إلا أن الأمور لم تستكمل بسبب وفاة العميد اسكندر يومها». وأكدت المصادر أن «الأمور لم تنضج بعد، والاتصالات السياسية لم تنتج توافقاً بشأن أيّ من الخيارات بانتظار المزيد من التشاور».
120 مليون دولار غير متوافرة لتمويل خطة الطوارئ!
خلصت اجتماعات الأسبوع الماضي مع المنظمات الدولية إلى أن 120 مليون دولار هي التقديرات الأولية لكلفة خطة الطوارئ الحكومية، في حال توسعت المعارك على الحدود اللبنانية – الفلسطينية إلى حرب شاملة في لبنان. واستندت التقديرات إلى احتياجات الوزارات المعنية بناءً على مقاربة معيارية مع عدوان 2006، بما يسمح بالتدخّل على الصُّعد الإنسانية والخدماتية والطبية والاجتماعية لإغاثة مليون نازح، و10 آلاف جريح، في حرب تستمرّ شهراً.
بعيداً عن أن أيّ حرب مفترضة قد تكون أكثر عنفاً من حرب تموز، وليس معلوماً ما إذا كانت ستستمرّ شهراً واحداً فقط، فإن الخطة المفترضة تفتقد إلى التمويل تماماً. فمن أصل الـ 120 مليون دولار، تم الاتّفاق على فتح اعتماد بقيمة مليونَي دولار، يُخصّص جزء منه لتأهيل سيارات الدفاع المدني وغيرها من الأمور الطارئة. فيما رُصد لوزارة الصحة، وفقاً لمصادر وزارية، ما يوازي «11 مليوناً قدّمتها الحكومة لتغطية جرحى الحرب»، يُضاف إليها حوالي 9 ملايين متبقّية من قرض من البنك الدولي كان مخصصاً لجائحة «كورونا» ستُستخدم لتغطية المستلزمات.
عليه، لا يزال البحث جارياً حول سبل التمويل، وهي تكاد تنحصر في ثلاثة: الاتكال على دعم مالي من المانحين، أو من «دول صديقة»، أو اللجوء إلى مصرف لبنان. علماً أن الهيئات والمنظّمات الدولية أبلغت الحكومة اللبنانية أنّها تعمل على تغيير وجهة استخدام ما لديها حالياً من موارد لتصبّ في مصلحة الخطّة، غير أنّ الأمر بالنسبة إلى المانحين الدوليين بقيَ محصوراً في هذا الإجراء. وقد سمع المسؤولون اللبنانيون من هؤلاء بوضوح «أننا حتى الآن نعمل على تغيير وجهة استخدام بعض مواردنا، وفي حال توسعت الحرب نبحث في الأمر»، علماً أنّ المانح هو من يحدّد نوع المساعدة وكميتها.
مصادر وزارية أكدت أنه «لا ينبغي الركون فقط إلى المانحين الذين لا ثقة بأنهم سيدعمون لبنان كجزء من الضغط السياسي، وهناك حذر من استخدام الهيئات الدولية، ومن خلفها مِن مانحين، لمسألة التمويل للضغط على لبنان». لذلك، «كل الخيارات يجب أن تسير معاً، ومنها الطلب من المصرف المركزي المساهمة في التمويل ضمن القوانين»، وهو ما أثار نقاشاً حكومياً بين من اعتبر أن «من غير المقبول استمرار استسهال طلب الدولارات من مصرف لبنان»، ومن يرى أنّه «لا يمكن للمركزي أنّ يقف متفرّجاً في حال اندلاع حرب تهدّد مصير لبنان».
وبعيداً عن إشكالية التمويل، أظهرت حركة النزوح الحالية من القرى الجنوبية «الساخنة» الحاجة إلى العمل وفقاً لسيناريو مختلف عن ذلك الذي قامت على أساسه خطة الطوارئ.
22 مليون دولار هو ما قدّمته الحكومة، ومجرّد وعود من المانحين الدوليّين
إذ إنّ الخطة استندت إلى تقدير الحاجات والموازنات انطلاقاً من تصوّر حرب واسعة، وليس فيها ما يُعنى بإغاثة النازحين الحاليين، ما ينعكس ارتباكاً في مواكبة حركة النزوح الحالية. ووفقاً لمصدر وزاري، «يجري العمل حالياً مع المنظمات على وضع خطة للتعامل مع سيناريو دون الحرب الشاملة، ويستند إلى تقديرات بوصول عدد النازحين إلى حوالي 100 ألف في حال توسُّع دائرة المعركة جنوباً، مع درس سبل تقديم الدعم إليهم وإلى المجتمع المضيف لمدة 6 أشهر كحدٍّ أدنى». وتواجه الخطّة الجديدة تحدّي تتبّع النازحين، ولا سيّما أنّ غالبيتهم لم تلجأ إلى مراكز إيواء، بل لجأت إلى استئجار شقق أو الإقامة لدى أقارب. ومن الأفكار التي يتم نقاشها، توزيع حصص غذائية للعائلات النازحة، تكفي لشهر، وغيرها من المساعدات. إلا أنّ اللافت أن المنظمات الدولية، وسط الحرب الحقيقية الدائرة جنوباً وتوقّف أعمال النازحين، «اقترحت التروّي للتأكد من أنّ العائلات لا تستفيد من برامج دعم أخرى!»، رغم تأكيدات الجانب اللبناني أنّ «المطلوب التدخّل سريعاً وأنّ الوقت ليس مناسباً لمثل هذا التدقيق».
اللواء:
إنكفاء إسرائيلي عن المواقع الملاصقة.. وحزب الله لتصعيد الضربات
باسيل يتلطَّى وراء الثنائي في رفض بقاء عون.. وجلسات مجلس الوزراء مهددة
توسع البحث الدائر حول تجنب الشغور في القيادة العسكرية، فبعد ان كان يركز فقط على التمديد التشريعي او التقني لقائد الجيش العماد جوزاف عون، انتقل الى تعيين رئيس جديد للاركان يتولى الحلول مكان قائد الجيش منعاً للشغور او الى تعيين اعضاء المجلس العسكري في مجلس الوزراء، لأنه لا يجوز ان يعمل القائد بمعزل عن المجلس الممثل لكل المكونات، والذي يشكل داعماً قوياً للقرارات الكبرى.
ولم يقتصر الوضع على هذا الحد، بل طالب نواب بأن تشمل معالجة الشغور، ليس فقط المركز المعجل شغوره للعماد جوزاف عون، بل ايضاً سائر قادة الاجهزة الامنية، بمن فيهم مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان.
ويأتي هذا الحراك السياسي- النيابي – الحكومي، بعدما تبين ان نقاط الخلافات لم تحسم، وبدا ان الدليل على تأثيراتها السلبية تطيير جلسة مجلس الوزراء امس، مع ان التمديد التقني لم يكن على جدول اعمال الجلسة.
وحسب مصدر وزاري، فإن المخرج من مجلس الوزراء ليس بالسهولة، التي يظنها البعض، موضحاً لـ«اللواء» ان هذا الامر يهدّد انعقاد مجلس الوزراء، لاسباب لا تتعلق بالتمديد فقط.
أوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن ملف تأجيل تسريح قائد الجيش خضع لأول اختبار بعدما كان يفترض أن يحضر في سياق البحث التمهيدي داخل الحكومة أمس إلا أن عدم اكتمال النصاب ادى الى تأجيل طرحه ولعله يحتاج إلى مناخ من التوافق. وهذا ما اظهرته المعطيات.
ورأت هذه المصادر أن تمريره لن يكون بهذه السهولة انطلاقا من القانون والسياسة لاسيما أن أي قرار من الحكومة يحتاج إلى موافقة وزير الدفاع ، مشيرة إلى أن الأشكالية تكمن في تأمين ميثاقية القرار والغطاء المسيحي لأي مخرج. اما انعقاد جلسة تشريعية لهذا الهدف أي التمديد لقائد الجيش فالدعوة اليها مناط برئيس مجلس النواب الذي لا يزال يتريث في اتخاذ القرار.
ومع تأجيل الجلسة، تزايدت التسريبات عن مآل الاقتراحات المتصادمة، في حال أقدم مجلس الوزراء على مقاربة مسألة حسم بقاء العماد عون في منصبه.
فمصادر السراي الكبير تحدثت عن ان الامين العام لمجلس الوزراء محمود مكية اعد دراسة قانونية ازاء ما يمكن اعتماده من مخارج، تحاشياً للشغور في قيادة الجيش اللبناني، في مقدمها ان الحل الانجح هو التمديد التقني للعماد عون.
الا ان المصادر، وفي ضوء اعتراض وزير الدفاع موريس سليم، واعتبار ان تأجيل التسريح اجراء يصدر عنه بوصفه وزيراً للدفاع، كشفت ان الرئيس نجيب ميقاتي يتحرك بين حدّين، تجنب التسرع، والحرص على تنجيب الجيش الشغور القيادي.
بالمقابل، وفي محاولة للتلطي وراء موقف «الثنائي» ممثلاً بحزب الله، تداولت الدوائر العونية، فضلاً عن الرفض المبدئي من قبل التيار الوطني الحر بالتمديد للعماد عون، نقلاً عن مصادر في 8 آذار (في اشارة الى حزب الله من دون تسميته) ان خيار التمديد لعون بات من الماضي، والخيارات المتبقية: استلام الضابط الاعلى رتبة (اشارة الى العميد بيار صعب) او تعيين رئيس للاركان يتولى زمام القيادة لحين ملء الشغور الرئاسي، او اجراء تعيينات شاملة (قائد جيش ورئيس اركان واعضاء مجلس عسكري).
تجدر الاشارة الى ان وزير حزب الله في الحكومة مصطفى بيرم اوضح ان موضوع التمديد لقائد الجيش لم يطرح على وزراء حزب الله، مضيفاً: «كل شيء بوقتو».
وخلال اللقاء بين وفد «الجمهورية القوية» برئاسة النائب غسان حاصباني لرئيس اللقاء الديمقراطي تيمور جنبلاط، تطرق البحث الى دعم اقتراح «القوات اللبنانية» التمديد لرتبة عام، عبر تشريع في مجلس النواب، وايد جنبلاط الاقتراح مطالباً بالضغط ايضاً لتعيين رئيس للاركان.
وفهم ان نواب الاعتدال تمنوا ان يعدّل اقتراح التمديد بحيث يشمل سائر قادة الاجهزة الامنية، بما في ذلك مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان.
وحسب مصدر «قواتي» فإن هذا الامر لا يمكن ادراجه ضمن اقتراح التمديد لرتبة عماد، لان اللواء عثمان يحال الى التقاعد في ايار المقبل، ولا ينطبق عليه شرط العجلة.
الوضع الميداني وزمام المبادرة
في هذا الوقت، تراجعت المواجهات بالقصف المدفعي والصاروخي، وعبر طيران المسيرات الانقضاضية، العائدة لحزب الله، او تلك المعادية، مع تسجيل حضور طيران الاستطلاع منذ ساعات الصباح الباكر، واصرار جيش الاحتلال باستهداف الاعلاميين والمدنيين، لجر الحزب الى مواجهة واسعة.
ورد وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت «اننا غير معنيين بالحرب على الجبهة الشمالية، ونحذر حزب الله من ارتكاب اي خطأ».
وتميز يوم امس بتراجع نسبي للعنف، وسجل ما يشبه الهدوء التام في القطاع الغربي، واستهدفت المقاومة مواقع للاحتلال في مزارع شبعا في القطاع الشرقي.
وقبل الظهر تحدثت وسائل إعلام العدو الإسرائيليّ عن إطلاق صاروخين مضادين للدبابات من لبنان على مواقع عسكرية في الجليل الأعلى قائلة ان الجيش رد. وقد سجل قصف مدفعي للعدو الاسرائيلي طال اطراف بلدات طيرحرفا وحولا وهونين ورب ثلاثين. ايضا استهدفت منطقة رأس الناقورة واللبونة بقصف مدفعي عنيف. واستهدفت غارات وقصف مدفعي منطقة «الغابة» بين عيترون ومارون الراس وأطراف ميس الجبل لجهة وادي السلوقي، وخلة وردة عند اطراف عيتا الشعب. وتعرضت المحافر – خراج العديسة لقصف مدفعي. واستهدف قصف مدفعي اطراف الجبين والاطراف بين شيحين وأم التوت.
وحول استهداف الاعلاميين في يارون قال الناطق الرسمي بإسم اليونيفيل أندريا تيننتي: ان «الصحفيين لديهم عمل مهم يقومون به، ولا سيما في أوقات النزاع، ويجب احترامهم وحمايتهم في جميع الأوقات»، موضحاً:«نحن ندرك أن الصحفيين نجوا بأعجوبة من إصابة خطيرة بالأمس أثناء قيامهم بالتغطية بالقرب من الخط الأزرق، وقام حفظة السلام بالمساعدة في عملية استعادة مركباتهم ومعداتهم وتنسيق هذه العملية».
ولفت تيننتي الى ان «اليونيفيل لم تكن على علم بوجود الصحفيين في المنطقة في ذلك الوقت، ولم تشارك في تنظيم أو تنسيق زيارتهم».
البناء:
بايدن يستجيب لطلب نتنياهو بالانتقال من التحذير من اقتحام «الشفاء» إلى تبريره
السيد عبد الملك الحوثي يأمر بملاحقة سفن الكيان في البحر الأحمر… والجيش ينفذ
مفاوضات القاهرة على صفيح ساخن بشراكة أميركية إسرائيلية قطرية: هدنة وتبادل
كتب المحرّر السياسيّ
بعد بيان صادر عن الرئيس الأميركي جو بايدن صباح أمس، يقول فيه إنه لا يرغب برؤية القتال في المستشفيات، وإنه يدعو قادة «إسرائيل» إلى عدم التفكير باقتحام مستشفى الشفاء، حيث حثّ بايدن «الجيش الإسرائيلي» على حماية مجمع الشفاء الطبي الأكبر في قطاع غزة، في وقت تستمر المعارك العنيفة والقصف حوله. وقال بايدن للصحافيين حين سئل عما إذا كان أعرب عن قلقه لـ»إسرائيل» بالنسبة إلى هذه القضية: «تنبغي حماية المستشفى، وآمل عدم اتخاذ أي إجراءات لاقتحام مجمع الشفاء الطبي». وأشار إلى أن «هناك مساعي لاستخدام فترة الهدنة الإنسانية لإطلاق سراح المحتجزين ويجري التفاوض حول ذلك مع قطر».
فجأة صدر بيان مسائي عن البيت الأبيض بلا مقدمات وبدون تبرير للتغيير، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، إن «حركتي حماس والجهاد الإسلامي لديهما مركز قيادة ومراقبة انطلاقاً من مستشفى الشفاء في قطاع غزة». وأوضح كيربي، أمام الصحافيين، أن «الولايات المتحدة تأكدت من هذا الأمر استناداً الى مصادرها الاستخبارية الخاصة»، لافتاً أيضاً الى أن «موقع المستشفى يستخدم لتخزين الأسلحة».
لم يكد يتم توزيع بيان جون كيربي حتى بدأت الدبابات الإسرائيلية تتحرك لإحكام الحصار على مجمع الشفاء الطبي حيث آلاف النازحين ومئات الأطباء والممرضين والمرضى، وبدأت القذائف تتساقط على أبنية المجمع والرشقات النارية من الأسلحة الفردية والمتوسطة تصيب جدرانه، بحيث لم يعُد من مجال للشك أن مأزق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في الفشل بتحقيق صورة نصر يبرر بها القبول بالهدنة وبدء مسار تبادل الرهائن والأسرى، بما يعتبر نصراً للمقاومة، هو الذي دفع إلى انقلاب مواقف البيت الأبيض، والمعلومات الاستخبارية ليست عن استخدام مجمع الشفاء بل عن اهتراء وضع نتنياهو، واحتمال أن يساعده الدخول الى مجمع الشفاء، وترويج رواية أميركية إسرائيلية مفبركة عن السيطرة على غرفة عمليات حماس والجهاد، أسوة بالرواية المفبركة عن قطع رؤوس الأطفال واغتصاب النساء يوم 7 تشرين الأول.
بالتوازي مع التصعيد حول مجمع الشفاء تواصلت المعارك البرية التي تخوضها المقاومة في غزة، حيث أعلن أبو عبيدة الناطق بلسان قوات القسام عن تدمير 20 دبابة ومقتل 13 جندياً من جيش الاحتلال، بينما واصلت المقاومة على جبهة لبنان عملياتها واستهدفت المزيد من المواقع والآليات، وكشفت بيانات المقاومة العراقية عن استهداف القواعد الأميركية في سورية والعراق لأكثر من مرة، فيما كان التحوّل على جبهة اليمن هو الأهم حيث أعلن زعيم حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي، وتبعه الناطق العسكريّ باسم الجيش اليمني العميد يحي سريع، عن بدء ملاحقة السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر واستهدافها.
على الصعيد السياسيّ تتواصل بصورة متسارعة مفاوضات السعي للاتفاق على هدنة وبدء تبادل الرهائن والأسرى وإدخال المساعدات الإنسانية الى غزة، وسجل وصول كبير مستشاري الرئيس الأميركي بريت ماكغورك أمس إلى القاهرة، حيث وفود قيادية لحركات المقاومة، ووفود حكومية وأمنية قطرية ولكيان الاحتلال، وقالت مصادر متابعة إن التفاوض يدور حول تفاصيل دقيقة وختامية، لكنه تفاوض على صفيح ساخن، تشارك معارك غزة والمنطقة والرسائل النارية بصناعة الأجواء الضاغطة عليه.
وواصلت المقاومة الإسلامية عملياتها النوعية ضد مواقع الإحتلال الإسرائيلي واستهدفت موقع المالكية بالأسلحة المناسبة، وذلك أثناء قيام العدو الإسرائيلي بإعادة تحصينه. فيما تحدثت وسائل إعلام إسرائيليّة عن إطلاق صاروخين مضادين للدبابات من لبنان على مواقع عسكرية في الجليل الأعلى.
وأعلن حزب الله استهداف نقطة تحشيد لجنود العدو قرب موقع المرج بالأسلحة المناسبة وأوقعنا فيها إصابات مباشرة. وأعلن استهداف موقع بركة ريشا وأماكن التجمّع العسكري المحيطة به بالأسلحة الصاروخية وتحقيق إصابات مباشرة فيه. واعترف المتحدث باسم جيش الإحتلال أن مواقع الجيش «الإسرائيلي» في يفتاح ومرجليوت وعرب العرامشة وشوميرا ومتات تعرّضت لإطلاق صواريخ مضادة للدروع وقذائف الهاون من لبنان.
في المقابل واصل العدو الإسرائيلي عدوانه على القرى الحدودية وطال أطراف بلدات طيرحرفا وحولا وهونين ورب ثلاثين، ومنطقة رأس الناقورة واللبوني. واستهدفت غارات وقصف مدفعي منطقة «الغابة» بين عيترون ومارون الراس وأطراف ميس الجبل لجهة وادي السلوقي، وخلة وردة عند اطراف عيتا الشعب. وتعرّضت المحافر – خراج العديسة لقصف مدفعي استهدف أيضاً أطراف الجبين والأطراف بين شيحين وام التوت. كما استهدفت مسيّرة اسرائيلية منزلاً خالياً في أطراف بليدا ومحيط ملعب كرة القدم الجديد في الأطراف الغربية لميس الجبل.
وأشار مصدر مطلع على الوضع الميداني لـ»البناء» الى أن «المقاومة تسدد ضربات نوعية يومية واستهدفت في اليومين الماضيين مواقع حساسة في عمق الأراضي المحتلة، وتشكل ضغطاً كبيراً على كيان الاحتلال المربك حيال تعامله مع جبهة الشمال مع تصاعد المخاوف من حزب الله ورفض المستوطنين العودة الى الشمال لعدم ثقتهم بحكومتهم وبالأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية بتوفير الأمن لهم في ظل وجود حزب الله على الحدود وحجم ضرباته ضد مواقع الجيش الاسرائيلي، وحجم الخسائر البشرية والمادية فضلاً عن خسائره الاقتصادية جراء الشلل الاقتصادي والإداري شبه التام في الشمال».
وجدد رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو تهديداته ضد لبنان وأعلن أنه «وجه الجيش الاسرائيلي بالاستعداد لجميع السيناريوهات للتعامل مع حزب الله في الشمال». وقال نتنياهو في تصريح له بعد انتهاء اجتماعه مع رؤساء مستوطنات الشّمال، الى أن «هدفنا أولاً وقبل كل شيء هو الانتصار الكامل على حركة حماس وعودة الاسرى، وبعدها سنتعامل مع الشمال».
وأعلن وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب، أننا «تقدّمنا بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي رداً على استهداف الصحافيين اللبنانيين بالأمس في بلدة يارون». ولفت بو حبيب، إلى أن «قصف «إسرائيل» المتعمد والمباشر لموكب الصحافيين انتهاك للقانون الدولي الإنساني وجريمة حرب موصوفة».
وتعرّض أحد مواقع القوات الدولية في الجنوب لإطلاق نار، وأكد الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي في بيان، انه «بعيد منتصف الليلة الماضية، أفاد جنود حفظ السلام في موقع لليونيفيل بالقرب من بلدة القوزح أنهم سمعوا إطلاق نار في مكان قريب». وأضاف: «أصيب أحد حفظة السلام برصاصة وخضع لعملية جراحية، وهو الآن في فترة التعافي ووضعه مستقر». وأشار تيننتي الى أن «مصدر إطلاق النار غير معروف حالياً، وقد فتحنا تحقيقاً».
واستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة القائد العام لقوة اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان الجنرال آرولدو لاثارو مع وفد مرافق، حيث تم عرض للأوضاع العامة والمستجدات الميدانية في الجنوب. وحذّر الرئيس بري من «تمادي العدو الإسرائيلي في تصعيد عدوانيته مستهدفاً تكراراً المدنيين والإعلاميين والمسعفين، متجاوزاً في اعتداءاته عمق الجنوب اللبناني فضلا عن تهديداته للعاصمة اللبنانية بيروت، مما يزيد من مخاطر توسع نيران الحرب الإسرائيلية في المنطقة خلافاً للمواقف الدولية والعربية الداعية الى الالتزام بالشرعية الدولية المتمثل بالقرار الأممي 1701 وقواعد الاشتباك».
وأثنى الرئيس بري على الجهود التي تبذلها القوة الدولية العاملة في الجنوب في هذا الإطار.
على صعيد آخر، أرجئت جلسة مجلس الوزراء التي كان من المقرر انعقادها أمس، في السراي الحكومي، لعدم اكتمال النصاب، وتمّ تحديد الموعد المقبل للجلسة الاثنين المقبل. ونتيجة لذلك، عقد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لقاء تشاورياً مع الوزراء الحاضرين.
وأشارت مصادر «البناء» الى أن «هدف الجلسة كان طرح ملف التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، لكن غاب عنها وزراء لإفقاد نصاب الجلسة لغياب التوافق المسبق على التمديد لقائد الجيش لعدم نضوج الملف وإيجاد المخرج القانوني المناسب».
لكن وزير السياحة وليد نصار ربط عدم اكتمال النصاب بإمكانية طرح موضوع التمديد لقائد الجيش. وكشف وزير العمل مصطفى بيرم أن موضوع التمديد لقائد الجيش لم يطرح بعد على وزراء حزب الله، وقال: «كل شي بوقتو». وأوضح أن تأخر وصوله إلى الجلسة غير مقصود، مؤكداً أن عدم تأمين النصاب سببه عدم حضور وزراء آخرين فتحولت الجلسة إلى لقاء تشاوري.
أما وزير الأشغال، فقال: «نحن كوزراء حزب الله حضرنا إلى الجلسة وأمّنا النصاب ووصول بيرم متأخراً كان بسبب زحمة السير».
وأصدر وزير الإعلام زياد مكاري من جهته بياناً جاء فيه: «تناقلت بعض وسائل الاعلام خبراً يفيد بأن جلسة مجلس الوزراء قد تعطلت بسبب عدم اكتمال النصاب، واوردت اسمي بأنني من ضمن اسماء الوزراء الذين عطلوا النصاب». أضاف «يهمني ان اوضح بأنني تلقيت خلال وجودي عند المدخل الخارجي للسرايا اتصالاً من الامين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية تبلغت فيه ان الجلسة قد تأجلت الى الاثنين المقبل، وعليه فإنني لست من ضمن الوزراء الذين عطلوا النصاب».
وخلال الاجتماع الجانبي مع الوزراء أبلغهم ميقاتي بأن التمديد لقائد الجيش لن يحصل إلا بالتوافق وهو ليس بوارد الذهاب بالموضوع على قاعدة التحدي. وقالت مصادر وزارية إن رئيس الحكومة أبلغ الوزراء ان الامانة العامة لمجلس الوزراء أعدَّت دراسة قانونية ودستورية موسعة بشأن الحلول القانونية التي يمكن اعتمادها لتفادي الشغور المرتقب في القيادة العسكرية. وتابعت: «الامين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية أنجز دراسة قانونية دستورية ليل امس (أمس الأول) تقترح حلولاً للشغور المرتقب في القيادة العسكرية، وذلك بناء على تكليف سابق من مجلس الوزراء».
ولفتت وسائل إعلامية الى «اجتماع حصل في الساعات الماضية بين المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب علي حسن خليل والمعاون السياسي للامين العام لحزب الله حسين خليل ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لبحث الاستحقاق العسكري».
وأشارت المعلومات، الى أن «وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم نقل للرئيسين بري وميقاتي التزام التيار الوطني الحر بحضور جلسة التعيينات الشاملة من قائد للجيش ورئيس للأركان والمجلس العسكري».
اوضح المكتب الإعلامي لوزير الدفاع في حكومة تصريف الاعمال موريس سليم ان «ما اوردته احدى القنوات مساء اليوم من معلومات عن مواقف التزم بها الوزير سليم في ملف التعيينات العسكرية وأبلغها الى رئيسي مجلس النواب والحكومة، يفتقد الى الدقة، لأن البحث في هذا الملف لم يصل بعد الى هذا المستوى الوارد في الخبر، علماً ان رئيسي المجلس والحكومة يعرفان موقف وزير الدفاع حق المعرفة، فاقتضى التصويب».
إلا أن أوساطاً سياسية رجحت لـ»البناء» خيار التمديد لقائد الجيش بحال لم تمر سلة التعيينات في رئاسة الأركان وفي المجلس العسكري، لوجود قرار خارجي وأميركي تحديداً وتوافق سياسي داخلي لعدم حصول شغور في المؤسسة العسكرية. وأوضحت الأوساط أن «المخرج القانوني يستحضر سريعاً عند وجود توافق سياسي، وإما تأجيل تسريح قائد الجيش بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء يوقعه وزير الدفاع وهذا متعذر حتى الآن، وإما رفع سن التقاعد للعسكريين بقانون يقرّ في مجلس النواب، وهذا المرجح». ولفتت الأوساط الى أن السعي يتركز على خيار قانوني خارج مجلس الوزراء لتجاوز عقدة توقيع وزير الدفاع». فيما أشارت مصادر أخرى لـ»البناء» الى أن «حزب الله لم يحسم أمره بعد وإن كان يتضامن مع التيار الوطني الحر برفض التمديد لعون، لكنه يتوافق والرئيس بري على الذهاب الى أي خيار يحول دون حصول شغور في المؤسسة العسكرية في ظل التصعيد العسكري على الحدود وفي غزة وخطر تعرض لبنان لعدوان اسرائيلي».
المصدر: صحف