تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الخميس 12-10-2023 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
البناء:
حكومة وحدة في الكيان ونتنياهو وبني غانتس وغالانت يقرعون الطبول… هآرتس تدعو للتفاوض
حزب الله يقصف موقعاً حدودياً ويوقع قتلى… والرعب يدفع قيادة الجليل لتوهّم طائرات شراعية مسلحة
عمان تتصدّر المشهد العربي المتضامن مع غزة بعد صنعاء… وفيينا دولياً بعد نيويورك وبوسطن
كتب المحرّر السياسيّ
بعدما أعلن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن وصول الشحنات العسكرية النوعية من الأسلحة والذخائر الأميركية التي ينتظرها جيش الاحتلال لبدء الهجوم على غزة، أعلن بحضور وزير الحرب السابق وأحد زعماء المعارضة بني غانتس، ووزير الحرب الحالي يوآف غالانت، عن تشكيل مجلس حرب وحكومة وحدة، فاتحاً الباب لانضمام زعيم المعارضة يائير لبيد لمجلس رباعيّ يرأسه نتنياهو ويضم لبيد وغانتس وغالانت، وضمّ خمسة وزراء للمعارضة كوزراء دولة في حكومة تلتزم بعدم اتخاذ أي قرارات إلا تلك المتصلة بالحرب، وتجميد قضايا النزاع، وتمديد التعيينات تلقائياً. وبناء على هذا الاتفاق أعلن الثلاثة نتنياهو وغالانت وغانتس عن بدء الهجوم على غزة، دون توضيح ما إذا كان المقصود إطلاق العملية البرية، التي يجري الحديث عنها.
بالتوازي، دعت صحيفة هآرتس في مقالتها الافتتاحية الى بدء التفاوض، وقالت: «يجب المضي قُدماً على الفور في عملية تبادل الأسرى، بما في ذلك الاستعداد لإطلاق سراح فلسطينيين مسجونين في إسرائيل». كما أشارت الصحيفة إلى أن الهجوم الذي تشنه إسرائيل على قطاع غزة دليل إلى أن إعادة هؤلاء الإسرائيليين لا تأتي على رأس أولويات حكومة نتنياهو.
على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة يواصل حزب الله ردّه على قيام جيش الإحتلال بقتل ثلاثة من مجاهدي المقاومة، فيقصف بصواريخ دقيقة موقع الجرداح المقابل لبلدة الضهيرة، واستهدف مجموعة من الجنود أظهرهم فيديو مسجّل بثته المقاومة بعد العملية، بينما واصلت قيادة الجليل في جيش الاحتلال حالة الذعر من المقاومة، فأعلنت الاستنفار ودعت السكان إلى الملاجئ مع التقاط الرادارات والكاميرات لمشهد طيور البجع في سرب تقليديّ في مثل هذه الأيام، معلنة أن حزب الله أرسل خمس عشرة طائرة شراعية مسلحة لبدء عملية إنزال في مستوطنات ومدن الجليل، قبل أن تعلن أن النبأ كان خاطئاً.
في الموقف الشعبي والسياسي المؤيد للشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان وتجاهل الحقوق، سجلت العاصمة الأردنية عمّان لليوم الثاني الحضور العربي الأول الداعم لغزة بعد صنعاء التي أخرجت تظاهرات حاشدة بمئات الآلاف من اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى، بينما شهدت العاصمة النمساوية فيينا بعد جنيف حشوداً مساندة لفلسطين وشعبها، بعدما كانت نيويورك وبوسطن قد سجلتا تظاهرات حاشدة.
وفيما تشتد المعارك العسكرية بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة ومختلف الأراضي المحتلة، بقي التوتر سيد الموقف على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة في ظل حالة من الرعب والذعر تخيم على المستوطنين الصهاينة وأجواء من الإرباك والضياع تسود جيش الاحتلال وحالة من الصدمة تعيشها الحكومة وكافة المجتمع الإسرائيلي مما يحصل على جميع الجبهات من تضعضع الجيش والجبهة الداخلية بفعل العمليات النوعية الناجحة التي تنفذها المقاومة في فلسطين ولبنان.
وبعد الرد الأول والثاني على استهداف مركز لحزب الله واستشهاد ثلاثة مقاومين، أعلنت المقاومة الإسلامية في بيان أن و»في ردٍّ حازم على الاعتداءات الصهيونية يوم الاثنين الموافق في 09/10/2023 والتي أدّت إلى استشهاد عدد من الأخوة المجاهدين وهم الشهداء: حسام إبراهيم، علي فتوني، علي حدرج. قام مجاهدو المقاومة الإسلامية صباح اليوم الأربعاء (أمس) باستهداف موقع الجرداح الصهيوني قبالة منطقة الضهيرة بالصواريخ المُوجّهة مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الإصابات المؤكدة في صفوف قوات الاحتلال بين قتيل وجريح. إنّ المقاومة الإسلامية تؤكد مُجدّدًا أنها ستكون حاسمة في ردها على الاعتداءات الإسرائيلية التي تستهدف بلدنا وأمن شعبنا خاصة عندما تؤدي هذه الاعتداءات إلى سقوط الشهداء».
ونشر الإعلام الحربي في «حزب الله»، مقطع فيديو يظهر لحظة استهداف تجمع لعدد من الجنود الإسرائيليين قرب موقع الجرداح مقابل منطقة الضهيرة بالصواريخ المُوجّهة رداً على الاعتداءات الصهيونية التي أدّت إلى سقوط عدد من عناصر «حزب الله»، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من الإصابات الإسرائيلية المؤكدة في صفوفهم بين قتيل وجريح.
على الأثر، نفذ جيش الاحتلال الاسرائيلي قصفاً على مناطق مفتوحة في بلدة الضهيرة جنوب لبنان. وخلّفت الاعتداءات الإسرائيلية الصباحية أضراراً كبيرة في الممتلكات والحقول الزراعية، حيث أصيب ثلاثة اشخاص بجروح في بلدة مروحين، بالإضافة الى اصابة نحو عشرة منازل اصابات مباشرة. كما تم استهداف الخزان الرئيسي الذي يغذي بلدة يارين بالمياه فضلاً عن الحرائق التي بقيت تتصاعد في خراج بلدتي الضهيرة ومروحين بانتظار الدفاع المدني.
وتشير مصادر مطلعة على المجريات الميدانية على الحدود لـ»البناء» إلى أن «المواجهة الدائرة بين الحزب والقوات الاسرائيلية لا تزال ضمن نطاق محدود رغم تضرّر بعض الوحدات السكنيّة على ضفتي الحدود، وباستثناء استهداف مركز لحزب الله منذ يومين، إلا أن المواجهة بقيت ضمن قواعد الاشتباك، أي من دون استهداف الأبنية السكنية والمدنيين ولا البنى التحتية ولا المرافق الحيويّة، ما يعكس حرصاً من الطرفين على عدم توسيع رقعة الحرب في الوقت الراهن على الأقل»، موضحة أن «حزب الله يتصرّف بحكمة وذكاء في توجيه الرسائل للكيان الإسرائيلي والتي يفهمها جيداً». ولفتت المصادر إلى أن «الحزب بدأ بضرب أهداف ضمن المنطقة التي تعتبرها الدولة اللبنانية أرضاً لبنانية لا سيما في مزارع شبعا، لكن الإسرائيلي هو الذي أخطأ في حساباته وردّ باستهداف مركز للحزب ما استدرج ردات الفعل والقصف المتبادل على مدى اليومين الماضيين»، وإذ رجحت المصادر «أن تبقى الجبهة هادئة نسبياً في الوقت الحالي، لكن من دون أن تستبعد انزلاق الأوضاع الى مرحلة أسوأ وتوسيع رقعة البحر لا سيما أن المؤشرات السلبية تتراكم وتزداد الحرب سخونة والوضع خطورة مع تأليف حكومة إسرائيلية جديدة من ائتلاف الموالاة والمعارضة لتغطية العملية العسكرية البرية المتوقعة على غزة، ما سيغير حسابات مختلف القوى المعنية بالحرب ويبدّل مسار الحرب، من خلال تسخين الجبهة الجنوبية ودخول جبهات جديدة في المنطقة على خط المواجهة من لبنان والجولان في سورية ومن العراق واليمن وربما من جبهات أخرى لم يكشف عنها بعد».
وكانت المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة، قد عاشت يوماً من الرعب القاتل، نتيجة الاشتباه بدخول مسيرات جوية تحمل مسلحين الى داخل الأراضي الفلسطينية، وقد أفادت القناة 12 الإسرائيلية بالاشتباه باختراق 15 طائرة شراعية على متنها مقاتلون من لبنان إلى منطقة أفيفيم. لكن إعلام العدو نفى دخول أي من المسيرات الجوية عبر الأجواء فوق فلسطين المحتلة.
وعكس ما أوردته القناة 13 الإسرائيلية حالة الرعب الشديد في شمال فلسطين، بقولها إن «حزب الله أرعب جيشنا وسكان الشمال، وفي المعلومات التي حصلت عليها القناة من قيادة المنطقة الشمالية أن الحزب أطلق عدداً من طيور البجع المهاجرة التي ربط بأقدامها أضواء أثارت الرعب لدى الجيش والشرطة الاسرائيليين».
وأفاد المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، الى أنه «استكمالًا إلى البلاغ حول اختراق المجال الجوي من داخل لبنان تجاه السيادة الإسرائيلية، لم يتمّ رصد سقوط أي صاروخي ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات».
وذكر أفيخاي، أن «قوات جيش الدفاع تقوم في هذه الأثناء بمسح المنطقة برًا وجوًا. بالإضافة إلى ذلك، وفي أعقاب التقرير الأولي عن تفعيل الإنذار في منطقة خوف هكرميل، تمّ رصد إطلاق صاروخ من قطاع غزة. لم يتم إطلاق أي صواريخ اعتراضية عملًا بالسياسة المتبعة».
ومساء أمس، أطلقت قوات الاحتلال النار على شبان رموا الحجارة باتجاه موقع العباد المعادي، الذي يقع مقابل بلدة حولا، من دون وقوع إصابات. كما تسلق أحد الشبان، السياج التقني في سهل مرجعيون، مقابل مستعمرة المطلة، حيث رفع راية حركة «أمل»، وألقى أحد عناصر جيش الاحتلال قنبلة صوتية في المحلة من دون وقوع إصابات.
وقللت أوساط سياسية وعسكرية من أهمية إرسال المدمرات الأميركية الى المتوسط، مشيرة لـ»البناء» الى أن هذه المدمّرات لا تستطيع تغيير موازين القوى العسكرية الذي فرضته المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ولا الذي كرّسته المقاومة اللبنانية في جنوب لبنان. موضحة أن الأميركيين يحاولون رفع معنويات كيان الاحتلال وتشجيعه على إكمال الحرب عبر عملية برية في غزة بهدف تحسين شروطه التفاوضية في أي مفاوضات مقبلة على كل الملفات العالقة بين الجانبين لا سيما الأسرى.
وبرز موقف أميركي من المواجهات الدائرة في فلسطين المحتلة وجنوب لبنان، حيث أعلن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي أن «الولايات المتحدة تراقب التطورات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية عن كثب ولا ترغب في تفاقم الصراع أو اتساع نطاقه».
وأشار كيربي خلال مقابلة أجرتها معه قناة «إم.إس.إن.بي.سي» التلفزيونية، إلى أننا «نرى صواريخ تنطلق من جنوب لبنان إلى شمال «إسرائيل»، نحن نتابع هذا بقلق بالغ بكل تأكيد. لا نرغب في أن نشهد تفاقم هذا الصراع أو اتساع نطاقه»، وأضاف: «لا يعتقد أن من مصلحة «إسرائيل» أن تقاتل في جبهة ثانية وتدافع عنها».
وإذ أشارت مصادر ميدانية في المقاومة لـ»البناء» الى أن «البوارج الإسرائيلية والمدمرات الأميركية ستكون أهدافاً لصواريخ المقاومة الفلسطينية واللبنانية بحال اعتدت على لبنان وفلسطين»، مذكرة بتدمير بارجة «ساعر» خلال عدوان تمووز 2006. وأكدت المصادر إخلاء قوات الاحتلال كل مستوطنات الخط الحدودي مع لبنان بعمق لا يقلّ عن خمسة كيلومترات وأكثر. مشددة على أن منطقة الشمال بحالة شلل شبه تام وبحالة إرباك كبيرة، أما الحركة العسكرية فهي حذرة جداً.
وشدّد حزب الله في بيان على أنّ «إرسال حاملات الطائرات إلى المنطقة بهدف رفع معنويات العدو وجنوده المحبطين تكشف عن ضعف الآلة العسكرية الصهيونية رغم ما ترتكبه من جرائم ومجازر، وبالتالي حاجتها إلى الدعم الخارجي المتواصل لمدّ هذا الكيان الغاصب المؤقت بأسباب الحياة، ولذلك نؤكد أن هذه الخطوة لن تخيف شعوب أمتنا ولا فصائل المقاومة المستعدّة للمواجهة حتى تحقيق النصر النهائي والتحرير الكامل».
واعتبر أنّ «الولايات المتحدة شريك كامل في العدوان الصهيوني ونحملها المسؤولية التامة عن القتل والإجرام والحصار وتدمير المنازل والبيوت والمجازر المروّعة بحق المدنيين العزل من الأطفال والنساء والشيوخ».
على الصعيد السياسي والديبلوماسي وعشية انعقاد جلسة لمجلس الوزراء بهيئة تصريف الأعمال اليوم لمناقشة الأوضاع الأمنية على الحدود وملف النزوح السوري، تواصلت الضغوط الخارجية على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من الولايات المتحدة وعدد من الدول الاوروبية والعربية، تحذر من فتح حزب الله الجبهة الجنوبية لمساندة الفلسطينيين، إذ تلقى ميقاتي ووزير الخارجية المزيد من الاتصالات المحذرة والمستفسرة عن نيات حزب الله والى أين يمكن أن تصل تهديداته وحجم انخراطه وحدوده في الحرب القائمة، وفق ما علمت «البناء»، إلا أن الحزب لم يكشف عن نياته وترك العدو في حيرة تامة، ولم ينف دخوله في أية حرب مقبلة بحال تطورت الحرب في غزة. ووفق ما يقول خبراء عسكريون لـ»البناء» فإن احتمالية دخول الحزب بالحرب بشكل موسّع وفتح جبهات أخرى تتزايد بسبب تزايد الهمجية الإسرائيلية باستهداف غزة وتأليف حكومة ائتلاف أي حكومة حرب لتغطية العدوان الميداني، فضلاً عن دخول بوارج ومدمّرات أميركية الى المتوسط.
وتتجه الأنظار الى السراي الحكومي التي تشهد جلسة لمجلس الوزراء وسط ترقب لأمرين: الأول حجم المشاركة الوزارية بالجلسة لا سيما من جانب وزراء التيار الوطني الحر والثاني موقف الأطراف المؤلفة للحكومة وموقف الحكومة الرسمي من أحداث غزة والتحرّك العسكري للمقاومة وما إذا كان موقفاً جامعاً أم لا، وتوقّعت مصادر حكومية لـ»البناء» أن يصدر رئيس الحكومة الموقف الرسمي بعد انتهاء المناقشات، مشيرة الى أن الموقف سيكون منسجماً مع البيان الوزاري للحكومة والتزام لبنان القرار 1701 والحرص على الاستقرار في الجنوب مع التأكيد على حق لبنان بردع العدوان عليه والدفاع عن أرضه وشعبه وفي تحرير أرضه المحتلة وتحميل «اسرائيل» مسؤولية الاعتداءات على الجنوب وأي تطور للأوضاع على الحدود.
ولفتت التصريحات المتتالية للنائب السابق وليد جنبلاط إزاء الأحداث الأخيرة، إذ جدّد في حديث لقناة الـ»LBC»، نصيحته لحزب الله «بألا يُستدرجوا للحرب»، وقال: «سهل جداً أن يبدأ المرء بالحرب وصعب أن يعرف كيف تنتهي، وحتى هذه اللحظة فإن حركة «حماس» تُسيطر على مجريات الأمور بالرغم من كل ما يُقال».
عما اذا كان خائفًا من انجرار لبنان إلى حرب غير متوقعة، ذكر أنه «من حقي أن أخاف على المواطن اللّبناني. وفي النهاية إذا كان قدرنا حرباً جديدة، فيجب علينا توحيد أنفسنا وترك السجالات الداخلية التي عشناها في الملف الرئاسي لنتفرّغ إلى حماية المواطن». ووجّه جنبلاط رسالة إلى الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، قائلاً: «أعلم أن حساباته ليست فقط لبنانية، بل إقليمية، اذ إنه لاعب أساسي في الإقليم، وقد يكون هو الذي يقرّر أو لا، ولكن أكرر التمني بألا يُستدرج».
واشار جنبلاط في تصريح آخر، الى «اننا نتمنى ألا تحدث حرب لكن لا أحد يعلم المخططات الاسرائيلية، وعلينا أن نكون على أتم الجهوزية للتصدّي لأي عدوان، ونحن مع كل مقاوم ضد إسرائيل».
وفيما سرت إشاعات عن إجلاء السفارة الأميركية موظفيها والطلب من رعاياها مغادرة لبنان، أكدت السفارة الأميركية في بيان، بأنه «لم يتم إخلاء السفارة في بيروت وهي مفتوحة وتعمل بشكل طبيعي، والتقارير التي تقول خلاف ذلك كاذبة».
على صعيد آخر، وكما سبق وكشفت «البناء» عن زيارة مرتقبة لوفد وزاري مؤلف من خمسة وزراء الى سورية للتباحث بأزمة النزوح السوري الى لبنان، أعلن وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بو حبيب، أنه اتفق مع نظيره السوري فيصل المقداد، على تحديد موعد زيارة بوحبيب على رأس وفد إلى دمشق في 23 تشرين الأول الحالي لبحث القضايا المشتركة، لا سيما النزوح السوري.
وكان بو حبيب التقى المقداد على هامش مشاركتهما في الاجتماع الوزاري العربي في دورته غير العادية التي تعقد اليوم في القاهرة لبحث العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني.
وكانت قيادة الجيش أشارت في بيان إلى أنه «خلال الأسبوع الحالي وبتواريخ مختلفة، تمكنت وحدات من الجيش في إطار متابعتها لمهمات مكافحة تهريب الأشخاص والتسلل غير الشرعي من إحباط محاولة تسلل نحو ١٥٠٠ سوري عبر الحدود اللبنانية – السورية. وحذرت قيادة الجيش المواطنين من مغبة المشاركة في أعمال التهريب لكونها تعرضهم للملاحقة القانونية، كما تؤكد أنها سوف تتشدد في إجراءاتها لتوقيف المتورطين وتسليمهم إلى المراجع المختصة».
اللواء:
قلق أميركي من هجمات حزب الله.. وبني غانتس: سنزلزل لبنان
مجلس الوزراء اليوم بين النصاب والغياب.. ومسيرة تضامن في بيروت غداً
لا غروّ أن الوضع في لبنان مع عمليات «طوفان الاقصى» الآخذة بالاتساع والاستمرار بين اسرائيل بكل آلتها الحربية وحركة «حماس» ومعها كل الفصائل الفلسطينية المقاومة، فضلاً عن التعاطف المتعاظم من العرب والمسلمين ودول صديقة في العالم، بات كجزء مترابط مع متغيرات الشرق الاوسط، الآخذة بدورها بالتشكل بعد احداث 7 ت1 الجاري، والتي مرّ عليها لتاريخ امس 5 أيام بنهاراتها ولياليها، وكأنها قرن كامل.
وبموازاة العمليات العسكرية، التي يشكل حزب الله عبر المقاومة الاسلامية، العامود الفقري، والتي سجلت ضربات موجعة منذ الصباح مع اعلان الحزب استهداف موقع الجرداح، وتأكيده على وقوع اصابات مؤكدة في صفوف جيش الاحتلال «بين قتيل وجريح»، شكل البيان الذي اصدره الحزب تعليقاً على ما تضمنه بيان الرئيس الاميركي جون بايدن تحولاً في التعاطي ومؤشراً على ان الشرق الأوسط يمر اليوم بوضع مشابه للمواجهة التي حصلت بين اطراف «حلف بغداد» والبلدان المناوئة بقيادة الجمهورية العربية المتحدة عام 1958، ونزول الاسطول الاميركي على شواطئ لبنان، والذي ادى الى حسم الانتخابات الرئاسية، التي اوصلت الجنرال فؤاد شهاب قائد الجيش اللبناني حينها الى قصر بعبدا.
تحدث حزب الله، بوصف كلامه يعبّر عن دول واطراف محور «الممانعة» او المقاومة، وجاء في البيان ان «إرسال حاملات الطائرات الى المنطقة لا يخيف فصائل المقاومة المستعدة للمواجهة»، معتبراً ان تصريحات بايدن «وقوف سافر وإعلان لآلة القتل والعدوان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني»، معتبراً ان «الولايات المتحدة شريك كامل في العدوان، محملاً إياها المسؤولية عن القتل والاجرام والتدمير، مطالباً بفضح هذا التدخل على المستويات كافة».
وقال النائب السابق وليد جنبلاط: أنت ترى جانباً واحداً فقط من الصورة، لأن نتنياهو اتصل بك أمس، فماذا عن الشعب الفلسطيني وغزة، وهي اكبر معسكر اعتقال في العالم، هل تتركهم ليحترقوا بالقنابل الاسرائيلية، داعياً إياه الى الدعوة لوقف النار، والحل الوحيد التسوية السياسية بدل الهبوط الى الجحيم.
وقال المتحدث باسم مجلس الامن القومي الاميركي جون كيري: نتابع بقلق بعض الهجمات الصاروخية عبر الحدود الشمالية لإسرائيل، ومصدرها بطبيعة الحال حزب الله.
وهدّد وزير الدفاع السابق بني غانتس الذي انضم لحكومة طوارئ مع نتنياهو انه «اذا لزم الامر سنزلزل لبنان».
وكشف الناطق باسم مجلس الامن القومي الاميركي جون كيري إذا اقتضى الامر فإن حاملة الطائرات يو إس – إس دوايت ايزنهاور ستبحر الى المتوسط وتلتحق بالحاملة جيرالدفورد.
وسط ذلك، تصاعدت الحرب النفسية الى جانب الحرب الميدانية، وسارعت السفارة الاميركية الى نفي انباء عن توقف العمل، ومغادرة الموظفين، وقالت: السفارة ما زالت تواصل العمل بشكل عادي والتقارير خلاف ذلك كاذبة.
وفي اطار الحرب النفسية، نقلت القناة 13 الاسرائيلية من أن حزب الله ارعب جيشنا وسكان الشمال، وفي المعلومات، حسب القناة، ان حزب الله اطلق عدداً من طيور البجع المهاجرة التي ربط بأقدامها اضواء اثارت الرعب لدى الجيش والشرطة الاسرائيلية.
وتحسباً لعمليات التسلل او اطلاق النار، اطلقت اسرائيل قنابل مضيئة بين راميا ومروحين، وصولاً الى بلدة حمامص الحدودية في قضاء مرجعيون، وسط تحليق مروحي للطيران الاسرائيلي.
مجلس الوزراء: نصاب أم لا؟
ومجمل التطورات بأبعادها الميدانية والدبلوماسية ستحضر امام جلسة مجلس الوزراء اليوم، حيث تنحصر المناقشات ببند يتعلق بالوضع الجنوبي، وبند آخر يتعلق بعرض التقرير الدوري حول تنفيذ مندرجات قرار مجلس الوزراء المتعلق بموضوع النزوح السوري.
ورأت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن الكلام عن عدم انعقاد جلسة مجلس الوزراء اليوم بفعل فقدان النصاب ليس منطقيا لاسيما أن الجلسة محددة المواضيع وتتصل بالوضع الذي استجد بفعل تطورات غزة،وقالت إن رئيس الحكومة يفضل أن تعكس هذه الجلسة توافقا على الموقف اللبناني الرسمي في ظل ما صدر من اتهامات في تقاعس الحكومة عن مناقشة الموضوع، معتبرة أن التهدئة مطلوبة،وكذلك بالنسبة إلى التعاون مع قوات اليونيفيل والالتزام بالقرارات الدولية.
إلى ذلك أوضحت هذه المصادر أن موضوع النزوح لا يحتمل أي تأجيل انطلاقا من المعطيات التي تكونت، أما إذا كان المقصود النقاش في التطورات الأخيرة من دون أي قضايا أخرى فذاك يعني تأجيل موضوع النازحين وهذا أمر ليس محسوما.
وفي التحركات، تنظم الاحزاب والقوى السياسية والنقابية والشبابية والفصائل الفلسطينية مسيرة وفاء لفلسطين الساعة الثانية بعد ظهر غد تنطلق من ساحة البربير الى وسط بيروت امام الاونيسكو.
الاخبار
حماس تتحفظ على طلب اطلاق الأسرى الاميركيين والمدنيين: واشنطن قلقة على جيش العدو
ابراهيم الأمين
وسط تقدم الحضور الاميركي في ادارة القرار الاسرائيلي السياسي والعسكري في الهجوم البربري على الفلسطينيين، استجاب قادة العدو لطلب واشنطن تشكيل حكومة طوارئ لضم من تريد الولايات المتحدة ان يكونوا شركاء في القرارات. وصار واضحاً ان بني غانتس هو رجل البيت الابيض في حكومة الحرب الجديدة، كما تبين ان جنرالات أميركيين صاروا في قلب فريق العمل للاشراف على الخطط في غزة، وفي مواجهة ساحات اخرى، مع رسم خطوط لمنع العدو من القيام بأعمال من شأنها جرّ المنطقة الى مواجهة شاملة.
وعلمت «الاخبار» من متابعين في عاصمة غربية معنية ان التحشيد الاميركي غير المسبوق، سياسياً وعسكرياً، الى جانب اسرائيل، سببه التيقن من صحة ما كان لديهم من تقديرات عملانية حول عدم جهوزية الجيش الاسرائيلي لمواجهة تحديات كبيرة، وهي تقديرات اعدّها قادة شاركوا في مناورات مشتركة مع الجيش الاسرائيلي. وأوضح هؤلاء ان لدى واشنطن «خشية جدية من امرين، الاول عدم قدرة جيش اسرائيل على تحقيق اي انجاز فعلي غير الايغال في ضرب المدنيين، والثاني، إقدام العدو على ما قد يورّط الولايات المتحدة ودول الناتو في مواجهة واسعة تستهدف ليس قوى المقاومة في فلسطين ولبنان فحسب، بل ايران ايضاً». ولفتوا الى جهود كبيرة لأجهزة الاستخبارات الاسرائيلية، بالتعاون مع حلفاء في الغرب، لتحميل ايران وحزب الله المسؤولية عن عملية «طوفان الاقصى»، فيما يعمل المجمع الاستخباراتي في واشنطن وعواصم غربية، في المقابل، على تسريبات بعدم وجود أي مؤشر على ذلك.
عملياً، ما بات واضحاً في الساحة الفلسطينية أن عجز قوات الاحتلال عن منع صواريخ المقاومة من استهداف المدن الفلسطينية المحتلة، يشكل اشارة على عجزها عن تحقيق انجازات ميدانية. أضف إلى ذلك عدم صحة مزاعم العدو عن اعادة الامساك بالامور في منطقة غلاف غزة، إذ أن مجموعات المقاومة لا تزال تنتقل الى هذه المنطقة التي تشهد مواجهات في اكثر من نقطة. كذلك، لمس الاميركيون حالة الارتباك لدى القيادتين السياسية والعسكرية، والفوضى التي تعمّ المسؤولين عن الجبهة الداخلية، مع توالي الفضائح، خصوصاً لناحية ترويع المستوطنين جراء الانذارات الخاطئة التي تعكس ارباكا وعجزاً امنياً.
محور المقاومة يعد خططا عملانية لتقليص قدرة الاحتلال على الاستفراد بغزة
كل ذلك، دفع الجانب الاميركي إلى وضع خطة عمل على عدة جبهات، أمكن للجهات المعنية في فلسطين والمنطقة الاطلاع على بعض جوانبها:
أكثرها تشويقاً ومشاهدة! أفلام هندية لن تتكرر
اولاً، لا تزال واشنطن تعتبر ان الفرصة مفتوحة امام جيش الاحتلال للانتقام من سكان غزة والوصول الى نتائج على صعيد تدمير قدرات المقاومة. ومع فشل محاولات تأليب الرأي العام الغزاوي ضد المقاومين، واستمرار قدرة المقاومة على التحكم ببرنامج قصف صاروخي فعال وبعيد المدى وبأعداد كبيرة، وفي ارسال مزيد من المقاتلين الى المستوطنات، يشعر الاميركيون بالحاجة الى خطوات اكثر فعالية.
ثانياً، الضغوط الناجمة عن الجرائم الكبيرة في غزة دفعت الاميركيين الى استغلال هذه الجرائم لفتح ثغرة في ملف الاسرى لدى المقاومة. وقد ناقشت واشنطن مع المصريين والقطريين خطة عمل، تقضي بفتح معابر تتيح نقل نحو ربع مليون فلسطيني بحاجة الى الايواء بعدما دمرت منازلهم، وتأمين انتقال نحو خمسة الاف مصاب من ابناء القطاع للاستشفاء خارجه، والسماح بوصول مساعدات غذائية وطبية عاجلة.
ثالثاً، طرحت الولايات المتحدة فكرة عملية عاجلة لاطلاق الاسرى الاميركيين او الكشف عن مصير المفقودين منهم، ضمن صفقة تأخذ طابعاً انسانياً. وفرض اصرار الولايات المتحدة على العملية بدء اتصالات قطرية ومصرية مع «حماس» وبقية الفصائل. وجاء الرد الاولي من حماس بإطلاق إمرأة اسرائيلية مع طفليها للتأكيد على ان البعد العملاني لعملية الاسر لا يستهدف حجز حرية مدنيين كما يفعل العدو. إلا أن حماس ترفض فكرة اطلاق المعتقلين كبادرة حسن نية، وقد أبلغت الوسطاء بأنه سيكون هناك مقابل فوري لمثل هذه العملية.
رابعاً، حصل جس نبض من وسطاء عرب لمعرفة السقف الذي سترفعه حماس في ملف الاسرى. وعلمت «الاخبار» ان الجانب الفلسطيني لن يقبل بأقل من وقف العدوان، والحصول على ضمانات اميركية عملانية وعلنية بوقف الحملة العسكرية الاسرائيلية على القطاع، أو ضمانات بوقف التعرض للمدنيين مقابل وقف قصف المستعمرات، مع استمرار المعركة العسكرية بينها وبين العدو.
الجبهة مع لبنان
في غضون ذلك، واصل الاميركيون استخدام كل قنواتهم الاوروبية والعربية لمنع توسع الجبهة لتشمل الحدود الشمالية لكيان الاحتلال. وبعد العمليات المحدودة على الحدود، كرر الاميركيون نقل رسائل الى الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني، ومن خلالهما الى حزب الله، بأن واشنطن ستكون الى جانب اسرائيل، لكنها ليست طرفاً في الحرب، وانها لن تمنع اسرائيل من تنفيذ اي ضربات قاسية ضد لبنان، بما في ذلك بيروت، في حال لجأ حزب الله الى اجتياح المستوطنات الاسرائيلية في الشمال، مع طلبات مباشرة من الجيش والحكومة بمنع اي تحرك لعناصر فلسطينية على الحدود.
من جهته، قرر حزب الله عدم استقبال اي رسالة او موفد يحمل تهديداً، وهو ابلغ من يعنيهم الامر بأن التهويل لا ينفع لا معه ولا مع المقاومة في فلسطين، وان الوسيط المرحّب به هو فقط من يحمل طلباً في سياق مشروع وقف العدوان الاسرائيلي، وانه لا يمكن سؤال المقاومة – فضلاً عن مطالبتها – بأي خطوة تتعلق بعمل مقاومين فلسطينيين عبر الحدود اللبنانية.
والى جانب العملية التي نُفّذت أمس لإفهام العدو بأن لا تغيير لقواعد الاشتباك، واصلت المقاومة في لبنان الاستنفار والتعبئة في صفوفها، والتنسيق مع بقية قوى المقاومة. وتتواصل الاتصالات التنسيقية بين حزب الله والحرس الثوري الايراني وحماس والجهاد الاسلامي لدرس الخيارات التي تساعد المقاومة في فلسطين على الصمود وافشال خطة العدو.
وقالت مصادر معنية لـ «الاخبار» ان على قوى المقاومة خارج فلسطين القيام بكل «العمليات الذكية» التي تربك جيش الاحتلال وتمنعه من حشد كل طاقاته في وجه القطاع، وإفهام العدو بأن غزة ليست متروكة لقدرها، اضافة الى درس الخطوات في حال تورط الجيش الاميركي في الحرب مباشرة الى جانب العدو.
واشارت المصادر الى ادلة كثيرة ظهرت في الساعات الـ 48 الماضية تشير إلى ان قيادة العدو العسكرية والامنية لا تقل تخبطاً عن قيادته السياسية، رغم حملة التهويل في الاعلام العالمي، مع تفاصيل كثيرة ترد لحظة بلحظة عن حجم الفوضى التي تعاني منها الجبهة الداخلية في اسرائيل.
إرباك وتوتّر يسيطران على الاحتلال جنوباً
شهدت جبهة الجنوب أمس أحداثاً «مثيرة» بالنسبة إلى الإسرائيليين، ثبت أن غالبيتها ناتجة عن إنذارات خاطئة وأخطاء في تشخيص الخطر، وعبّرت عن الإرباك الذي يتخبّط فيه العدو وسط توتّر شديد حيال أيّ مفاجآت من لبنان.
وتوالت الأنباء العاجلة على شاشات التلفزة العبرية عن عمليات اشتباكات مع مجموعات مسلّحة قدمت من لبنان، وتسلّل عشرات الطائرات الشراعية والمُسيّرات عبر «الحدود الشمالية»، وتحدّث الإعلام العبري عن دخول أكثر من مليون إسرائيلي في الشمال والوسط إلى الملاجئ، استجابة لتحذيرات قيادة الجبهة الداخلية، بعدما دوّت صفّارات الإنذار إثر الاشتباه بتسلّل مُسيّرات من لبنان. ترافق ذلك مع إطلاق قوات الاحتلال القنابل المضيئة فوق المناطق الحدودية في جنوب لبنان. وتحدّثت القناة 12 الإسرائيلية عن «الاشتباه باختراق 15 طائرة شراعية على متنها مقاتلون من لبنان إلى منطقة أفيفيم»، فيما تحدّثت وسائل إعلام عبرية عن «حدث أمني في منطقة ديمونا». وبقي التوتر مسيطراً على الأداء الأمني والإعلامي الإسرائيلي لأكثر من ساعتين قبل أن يعلن جيش الاحتلال أن الإنذار المتعلق بالمُسيّرات ناجم عن «خطأ تقني».
إرباك المشهد الإسرائيلي شمالاً كان له ما أسّس له عملانياً، إذ استهدف حزب الله، لليوم الثاني على التوالي، موقعاً لقوات الاحتلال على الحدود مع فلسطين. وأعلن الحزب في بيان أنه استهدف موقع الجرداح الصهيوني مقابل منطقة الضهيرة بالصواريخ المُوجّهة، ما أدّى إلى سقوط عدد كبير من الإصابات المؤكّدة في صفوف قوات الاحتلال بين قتيل وجريح، في ردٍّ على الاعتداءات الصهيونية التي أدّت إلى استشهاد ثلاثة من عناصره الاثنين الماضي. وأكّد الحزب أنه «سيكون حاسماً في ردّه على الاعتداءات الإسرائيلية التي تستهدف بلدنا وأمن شعبنا، خاصة عندما تؤدي هذه الاعتداءات إلى سقوط الشهداء» ووزّع الإعلام الحربي التابع للمقاومة شريطاً للعملية، فيما نقل الإعلام العبري عن «مسؤول أمني كبير» أن «الحدث في الشمال يغيّر قواعد اللعبة».
متى ينخرط حزب الله في الحرب؟
مساء 30 نيسان 2013، وكانت سنتان قد مرّتا على اندلاع الحرب على سوريا، أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، ليس بصفته قائداً للحزب وحسب، بل باسم حلفائه الإقليميين والدوليين، أن «ما يجري في سوريا يعنينا جميعاً»، وأن «لسوريا في المنطقة والعالم أصدقاء حقيقيين لن يسمحوا بأن تسقط بيد أميركا أو إسرائيل أو الجماعات التكفيرية». باعتماد قاعدة القياس، يمكن القول، براحة، إن ما ينطبق على سوريا ينسحب على غزة، وإن الموقف الرسمي للحزب ليس أقل من أن «ما يجري في غزة يعنينا جميعاً»، وأن «لغزة في المنطقة والعالم أصدقاء حقيقيين لن يسمحوا بأن تسقط بيد أميركا أو إسرائيل».
منذ اللحظات الأولى لتكشّف آثار الهزيمة التي ألحقتها عملية «طوفان الأقصى» بالكيان، توجّهت الأنظار في تل أبيب وواشنطن وعواصم أوروبية وعربية إلى حزب الله، مع كثير من التهويل والتهديد، علناً وسراً، من «مغبّة التدخل» في معركة «محو العار» الذي لحق بالجيش الإسرائيلي، إذ تدرك إسرائيل، كما بيّنت وقائع عملية «طوفان الأقصى» والتخبّط الذي تلاها، أن جيشها غير قادر على القتال على جبهتين ضد المقاومة في لبنان وفلسطين، وأن تفرّغها لـ«القضاء» على المقاومة في غزة يقتضي تحييد المقاومة في لبنان.
في المقابل، اكتفى حزب الله منذ بدء التطورات الأخيرة بموقف رسمي أطلقه رئيس مجلسه التنفيذي السيّد هاشم صفي الدين، أكّد فيه «أننا في هذه المعركة لسنا على الحياد»، وقرن ذلك بتفعيل جبهة الجنوب في سلسلة ردود على محاولات إسرائيلية لاستغلال التجييش الدولي والتهويل الأميركي في محاولة لتغيير المعادلات التي فرضتها المقاومة على هذه الجبهة.
موقف الحزب تحكمه حالياً قاعدتان أساسيتان: لا حياد في هذه المعركة، وجهوزية عالية للتدخل متى اقتضت الحاجة، مع إضفاء غموض كثيف على الخطوط الحمر أمام العدو، وتعمّد عدم توضيح السقف الذي سيدفع تخطّيه الحزب إلى التدخّل، لئلّا يُفهم أن كل ما دون هذا السقف مسموح للإسرائيلي فعله، وما يتيح للمقاومة مساحة أوسع للتحرّك والتدخّل بما تقتضيه ظروف المعركة، ويضفي ارتباكاً على الحسابات الإسرائيلية، مع مشاغلة ميدانية تزيد في إرباك العدو على الجبهة الشمالية.
حاملات الطائرات ليست مصدراً للتهديد فقط، بل يمكن أن تكون هدفاً إضافياً لتجربة أسلحة جديدة
من دون التقليل من أهمية الانحياز الغربي والدعم الأميركي المفتوح للوحشية الإسرائيلية، وصولاً إلى الحضور الأميركي المباشر على الأرض وفي البحر، ثمة إشارات ينبغي أخذها في الحسبان، أهمها أن اعتبار دولة الكيان أنها أمام حرب وجودية، يقابله شعور مماثل لدى محور المقاومة الذي نظّر في السنوات القليلة الماضية لمفهوم وحدة الساحات، إدراكاً منه بأن الاستفراد بإحدى هذه الساحات مقدمة للقضاء عليها واحدة تلو أخرى. بناءً عليه، لا التدخل الأميركي ولا حاملة الطائرات ولا التهويل، «تخيف شعوب فصائل المقاومة المستعدة للمواجهة حتى تحقيق النصر النهائي والتحرير الكامل»، على ما جاء في بيان حزب الله، أمس، مع إدراك أن استنجاد العدو بالولايات المتحدة في معركة استعادة هيبته يشير، رغم كل الوحشية التي يصبّها على الفلسطينيين، إلى أنه لا يملك القدرة على عكس اتجاه المسارات في المنطقة. فلا المسار التصاعدي للمقاومة في فلسطين ولبنان والمنطقة يمكن إعادته الى الوراء، ولا هناك إمكانية لعكس المسار الانحداري لكيان العدو نفسه.
نزول الأميركيين بثقلهم ليس هو ما يحدّد ما إذا كان حزب الله سيتدخل في المعركة أو لا، إن لم يكن منخرطاً فيها بالفعل. وحدها مجريات الأحداث ما يحدد ذلك. أما هذا «الحضور المباشر»، فقد يكون من أوضح تطبيقات شعار «تحويل التهديد إلى فرصة». يزخر تاريخ الأميركيين الحديث بصور طوافات تجليهم من على سطوح سفاراتهم، من دون أن تفلح مدمّراتهم في تحويل وجهة أيّ معركة، ولهم عبرة بذلك الأحد، في 23 تشرين الأول 1983، وخروجهم الذليل تحت ظلال مدمّرة «نيوجيرسي» التي كانت مفخرة البحرية الأميركية آنذاك. يومها، أبعد الأميركيون «نيوجيرسي»، التي كانت تقصف الجبل، عن الشاطئ خشية أن هناك من كان يعدّ لاستهدافها. فحاملات الطائرات ليست مصدراً للتهديد فقط، بل يمكن أن تكون، أحياناً، هدفاً إضافياً وحقلاً لتجارب أسلحة جديدة. حدث ذلك مع بارجة «حانيت» التي أخرجتها المقاومة من الخدمة عام 2006. وحدث قبل ذلك عندما أعطب تنظيم «القاعدة» المدمّرة «يو أس أس كول» في خليج عدن عام 2002. ويمكن أن يحدث ذلك في أيّ وقت. فتجاوز الخط الأحمر في غزة لا يبقي بعده أيّ خطوط حمر.
رسائل ردود المقاومة: ممنوع تغيير قواعد الاشتباك
تتجاوز ردود حزب الله المتسلسلة على اعتداءات العدو نتائجها التكتيكية القاسية، كما عبّرت وسائل الإعلام الإسرائيلية، على مستوى خسائر العدو البشرية ومفاعيلها المتصلة بمعادلات الردع، وترتقي تداعياتها إلى طبقة أعلى تتصل بمؤسسات القرار السياسي والأمني في كيان العدو، ونتيجة دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة من موقع الردع والاحتضان والدعم لكيان العدو.
وقد عمد جيش العدو، الإثنين الماضي، إلى استغلال التطورات الميدانية والرسائل الردعية التي افترض أنها ستكون مؤثرة في قرارات حزب الله وخياراته، لتغيير قواعد الاشتباك التي فرضها الحزب على الحدود مع فلسطين المحتلة، فاستهدف نقاطاً للمقاومة الإسلامية أدت إلى سقوط ثلاثة شهداء. ويبدو أن منشأ رهانات العدو يعود إلى فرضية النتائج المترتبة على استدعائه أكثر من 300 ألف جندي انضموا إلى الجيش النظامي، إذ بات لديه الآن أكثر من 500 ألف جندي في حالة جهوزية، بالتزامن مع إرسال الولايات المتحدة حاملة الطائرات «فورد» برفقة مدمرات وطرادات، مظللة برسائل وتهديدات أميركية على ألسنة الطاقم السياسي الأمني كله، وعلى رأسهم الرئيس جو بايدن.
كما راهن العدو على أن حجم الخسائر الهائلة التي تلقاها نتيجة «طوفان الأقصى»، والهجوم الانتقامي الذي بدأه من دون أي خطوط حمر أو حد أدنى من الاعتبارات الأخلاقية والإنسانية، بدعم أميركي وغربي، سيثني حزب الله عن الرد، خصوصاً أن عدد الشهداء محدود وأن الجولة حينئذٍ قد انتهت، على أمل أن يساهم ذلك في تمكينه من فرض معادلة تهدف إلى تقييد حزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية.
في مواجهة هذا السيناريو، تعمد حزب الله في ردوده إلى أن يكون متسلسلاً وبمزايا متعددة، في رسالة إضافية إلى أنه سيكون حاسماً وحازماً في الرد على اعتداءات العدو أياً كانت الظروف. فكان رده الأول على مقر قيادة فرقة الجليل في أفيفيم، ثم استهداف آلية لجيش العدو أدى إلى احتراقها، في مقابل اعتداءاته على الأراضي اللبنانية وعلى استهداف نقاط رصد واستطلاع للمقاومة. ورداً على سقوط الشهداء، كان الرد الأخير أمس، والذي أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، يُضافون إلى ثلاثة جنود إسرائيليين بينهم ضابط برتبة مقدم، قُتلوا في العملية التي نفذتها سرايا القدس الإثنين الماضي.
أكدت ردود الحزب أن لا أثر للتهويلات الأميركية في خياراته
لم تبقَ هذه الأبعاد والرسائل مجرد تقديرات (وإن كانت صريحة وواضحة)، وإنما حضرت على نحو صريح في كيان العدو، وممن عبّروا عنها بصورة صريحة، رئيس الاستخبارات العسكرية السابق اللواء تامير هايمن (2018 – 2021)، الذي قال إن «حزب الله متمسّك بمفهوم معادلات الردع. كلما قُتل عناصر له سينتقم لهم. وطالما أننا نهاجم بنى تحتية لبنانية، سيهاجم بنى تحتية في إسرائيل. هذا هو تفسير الصواريخ ضد الدروع التي أطلقها على الجيش الإسرائيلي».
في ضوء ما تقدم، تترتب على جولة ردود حزب الله ضد الاعتداءات الإسرائيلية مروحة من النتائج والرسائل:
– تتميز الردود بأنها ذات أبعاد إستراتيجية في عدة اتجاهات، منها ما يتصل بمجمل المعادلات وقواعد الاشتباك على الحدود مع لبنان، وأخرى تتصل بخيارات مؤسسات التقدير والقرار في كيان العدو. كما تحمل هذه الردود أبعاداً أوسع مدى كونها أتت في أعقاب التهديدات والحشود الأميركية، وأكدت بالممارسة أن قوى المقاومة في لبنان لن تكون على الحياد.
– أحبطت الردود محاولة جيش العدو فرض قواعد اشتباك جديدة على الحدود مع لبنان، وبدّدت رهاناته على مفاعيل الأجواء الحربية والعدوانية والتدميرية التي حاول استغلالها عبر الصورة التي يروج لها بأن «رب البيت جنّ».
– أظهرت رسالة حزب الله الدموية تصميمه على كبح الجنون الإسرائيلي، وأفهم قيادة العدو أنه في جهوزية كاملة ولديه ثقة تامة بقدرته على كبح هذا الجنون، بالاستناد إلى «ما يعلمه العدو وما لا يعلمه».
– أفهم حزب الله قيادة العدو، بالممارسة العملياتية، أنه مهما كانت مستويات اعتداءاته باتجاه لبنان، بالاستناد إلى رهانه على مفاعيل الدعم الأميركي والغربي وحالة الجنون والتطرف التي ينتهجها، فإنه سيرد عليها بما يتناسب. وأن فرضية الانحناء أمام العاصفة عندما يتعلق الأمر بأمن المقاومة والشعب اللبناني لا مكان لها. ويمكن وضع إصدار بيانات رسمية يُعلن فيها عن مسؤوليته تظهيراً لهذا التصميم. ووضع ضرباته في سياقاتها الصحيحة، إضافة إلى إعلانه مسؤوليته عما ينفذه مقاوموه.
ولا تخفى أهمية هذا المفهوم ورسوخه في وعي قادة العدو، إذ إن توهمه بوجود أي تردد أو الاكتفاء بردود شكلية في مواجهة اعتداءاته، وتحديداً في هذه الظروف (الحرب على غزة، واستدعاء الاحتياط والدعم والحشد الأميركي)، سيجرّئه على مزيد من الارتقاء العملياتي، بغض النظر عن سياقاتها الميدانية، وقد يدفعه ذلك إلى تقديرات مبنية على أوهام وحسابات مضللة، يترتب عليه خيارات عملياتية أكثر عدوانية. وقد حال حزب الله بالردود التي نفذها والبيانات التي أصدرها دون تشكل أي انطباعات وأوهام لدى قيادة العدو. وأفهمهم أن عليهم أن يكونوا أكثر حذراً في أدائهم العملياتي، وبأن أي تجاوز للحدود سيؤدي إلى جباية أثمان متناسبة.
– كشف حزب الله، بردوده المتوالية، عن أن خياراته قبل حاملة الطائرات الأميركية وبعدها، وقبل تهديدات المسؤولين الأميركيين وبعدها، هي نفسها، وأن الرسائل التهويلية كلها لم يكن لها أي تأثير في خياراته، وأن على العدو أن يُحسِن قراءة التطورات الميدانية على الحدود اللبنانية – الفلسطينية.
المصدر: صحف