تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الجمعة 2-6-2023 سلسلة من الملفات المحلية والإقليمية والدولية.
البناء:
ايران تستعيد أموالها المحجوزة في كوريا الجنوبية… والعودة للاتفاق لحل التخزين المرتفع لليورانيوم بري لن يدعو لجلسة قبل ترشيحين جديين على الأقل… وسجال رئاسي بين الراعي وقبلان فيصل كرامي في ذكرى اغتيال الرشيد: الفدرالية واللامركزية المالية الموسعة طريق لاختفاء لبنان
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء اللبنانية “تسارعت المؤشرات على وجود خريطة طريق متفق عليها للاقتراب من إعلان العودة إلى الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية بقيادة أميركية. وبعد الإعلانات المتبادلة بين إيران ودول غربية عن الإفراج عن معتقلين، أعلن محافظ المصرف المركزي الإيراني ان الأموال الإيرانية التي كانت مجمدة في مصارف كوريا الجنوبية قد أصبحت بحوزة المصرف المركزي الإيراني، ويأتي ذلك بعد الإعلان قبل يومين عن مفاوضات ثلاثية تقنية إيرانية كورية أميركية حول آلية تحويل مبلغ سبعة مليارات دولار هي أموال إيرانية تم حجزها في مصارف كورية جنوبية بفعل العقوبات الأميركية. وبالتوازي جاء إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن امتلاك إيران كمية تزيد ثلاثة وعشرين مرة عن الكمية المسموح لإيران بتخزينها بموجب الاتفاق النووي من اليورانيوم المخصب، بينما لا يمنع التخصيب المرتفع ولا التخزين على إيران بموجب قوانين الوكالة التي وقعت عليها إيران، وشكلت وحدها الإطار الناظم لبرنامجها النووي منذ إلغاء العمل بالاتفاق بعد الانسحاب الأميركي منه وعودة إيران للتخصيب المرتفع لليورانيوم وتخزين الكميات المخصبة دون سقوف، بحيث صار الطريق الوحيد لعدم مراكمة المزيد من الكميات المخصبة والمرتفعة الدرجة في التخصيب من اليورانيوم، هو عودتها الى الالتزام بالاتفاق الإضافي الموقع بينها وبين دول الغرب، من ضمن صيغة خمسة زائداً واحداً.
لبنانياً، تسبب كلام البطريرك بشارة الراعي الموجه لرئيس مجلس النواب نبيه بري حول الدعوة الى عقد جلسة انتخاب لرئيس للجمهورية، بطريقة أوحى بها بتحميل بري مسؤولية عرقلة انتخاب الرئيس، برد فوري من الرئيس بري، فقال إنه لا يقفل مجلس النواب، لكنه لن يدعو لجلسة انتخاب قبل ظهور ترشيحين جديين على الأقل، وتولّى المفتي الجعفري أحمد قبلان الردّ على الراعي، قائلاً «نحن شركاء وطن وصنّاع سيادة وحماة دولة وبلد ولسنا عبيداً، ولبنان يُصنَع في لبنان وليس بالطائرة، والسيادة الوطنية على أبواب مجلس النواب وليست بالأوراق المحمولة جواً، وتاريخ لبنان شاهد».
على الصعيد الوطني شكلت الذكرى السادسة والثلاثين لاستشهاد الرئيس رشيد كرامي منصة لإطلاق المواقف التي استذكرت مواقف الرئيس الشهيد ومواجهته لمشاريع التفتيت والتقسيم، ودفاعه عن موقع لبنان في مواجهة المشاريع الإسرائيلية، وتمسّكه بعروبة لبنان وعلاقاته المميزة بسورية. وقال النائب فيصل كرامي في ذكرى اغتيال الرشيد، «لقد فقدت «إسرائيل» الوظيفة التي أُنشِأت لتأديَتِها وهي الوظيفة العسكريّة، وها نحنُ نراها تبني جدران العزل العنصريّ وتُحاصِرُ نفسَها بنفسِها وتتخبّطُ في شتّى أنواعِ الأزماتِ». وتابع كرامي «هذه البشائرِ أيضاً تتقاطع بالنسبة إلينا مع الحتميّةَ التاريخيّةَ والجغرافية وهي زوالُ «إسرائيل» حتمًا، ولكنّ فُقدان هذه العِصابة الحاكمة في «إسرائيل» لوظيفَتِها العدوانية العسكرية سيجعلُها تنتقِلُ إلى الوظيفة العدوانية الأمنية في لبنان وفي كل الدول العربية، سواء عبرَ إشعالِ الفِتن المتنوعة أو عبرَ الاغتيالات أو عبر دفع أدواتها إلى افتعال ما يشبه الحروب الأهلية المتهورة». ودعا كرامي الى التنبه لهذه المخاطر معتبراً أن الفيدرالية أو الكونفيدراليّة أو ما يُسمّى اليومَ باللّامركزيّة المُوسّعة الإداريّةِ والماليّة، هي «أوّلُ مساراتِ اختِفاء لبنان».
وكما كان متوقعاً أجرى الوزير السابق جهاد أزعور اتصالات عبر زوم مع عدد من نواب تكتل التغييريين أمس، ناقش معهم عدة نقاط تتعلق ببرنامجه في حال وصوله إلى سدة الرئاسة.
وعلمت «البناء» أن أزعور وعندما رشّحته بعض قوى المعارضة في المرة الأولى امتعض من عدم إعلان الترشيح رسمياً وعدم إبلاغه بالأمر وتردد التيار الوطني الحر بدعمه، فقرّر التراجع بحجة أنه لن يكون مرشح تحدٍ وطلب فتح قنوات الحوار مع الثنائي حزب الله وحركة أمل، لكن وعندما استشعرت قوى المعارضة ارتفاع حظوظ رئيس تيار المردة سليمان فرنجية عقب القمة العربية ولقاء الرئيس بشار الأسد والأمير محمد بن سلمان والضغط الفرنسي، سارعت هذه القوى ومعها التيار الوطني الحر إلى التكاتف وقطع الطريق على وصول فرنجية كهدف يتقاطع حوله الجميع، فتحمّس أزعور وقرّر العودة الى الترشح وتلقى نصائح من جهات عدة لا سيما من الرئيس فؤاد السنيورة بزيارة المرجعيات السياسية فزار الرئيس نبيه بري ورئيس القوات سمير جعجع والنائب جبران باسيل وأجرى سلسلة اتصالات منفردة مع نواب التغيير بعدما اشتكى بعض النواب من عدم تواصل أزعور معهم.
كما أشارت مصادر مواكبة لحركة المشاورات لـ»البناء» الى أنه وحتى لو أعلنت قوى المعارضة والتيار دعم أزعور، لكن هناك مسار طويل من النقاشات والنقاط الخلافية التي عليهم التوافق حولها قبل انتخابه ولا يبدو وفق المصادر أن الأمور سهلة، بسبب الخلافات في الرؤية والتوجهات السياسية والاقتصادية بين هذه القوى التي لا يجمعها سوى إسقاط فرنجية فقط.
وفي موازاة ذلك، عقد ممثلون عن كتل القوات اللبنانية والكتائب وتجدد وعدد من نواب التغيير اجتماعاً لوضع الآليات المناسبة المؤدية الى بلورة اتفاق رئاسي بينها وبين كتل أخرى تقاطعوا معهم على اسم مرشح مشترك لرئاسة الجمهورية. وتم التداول في كيفية تظهير هذا التقاطع عند حدوثه بما يدفع باتجاه إنهاء الفراغ الرئاسي وإنقاذ لبنان من أزمته.
وأعلن عضو تكتل القوات النائب فادي كرم، أن «خليّة أفرقاء المعارضة تعقد اجتماعات يومية، للبحث في طريقة إعلان تبنّي ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور خلال أيام وبالتنسيق مع التيار الوطني الحرّ، من أجل أن نكون فريقاً واحداً متماسكاً لمقاربة المعركة الرئاسية والضغط على الرئيس نبيه بري بهدف الدعوة إلى جلسة انتخاب رئيس في أسرع وقت». وأشار في حديث إذاعي إلى أن «الرئيس بري يعلم أنه من مصلحة البلد الدعوة إلى جلسة، لا سيّما أن هناك مرشحَين وكل الأفرقاء باتوا جاهزين للانتخابات الرئاسية واتّخذوا مواقفهم، وبالتالي سقطت اليوم الحجة وراء عدم الدعوة إلى جلسة». وقال «من المفترض أن مرشحنا جهاد أزعور لديه القدرة على تأمين أكثر من 65 صوتاً».
واتهمت أوساط سياسية مسيحية محايدة التيار والقوات والكتائب بالتوحّد على هدف إسقاط فرنجية وتحويله الى مرشح تحدٍ للمسيحيين يفرضه حزب الله عليهم، مشيرة لـ»البناء» الى أن خطة هؤلاء تبني أزعور وإطلاق حملة سياسية وإعلامية كبيرة ضد رئيس المجلس نبيه بري للدعوة إلى جلسة تنافسية بين فرنجية وأزعور تنتهي بنتيجة توازن سلبيّ أي لا يحظى أي منهما على 65 صوتًا على مدى أكثر من جلسة ومن دورة، فيسقط الاثنان بالضربة القاضية وينتقل الجميع الى المرحلة الثانية أي الى المرشح التوافقي، فيكون فريق المعارضة حقق هدفين: الأول إسقاط فرنجية وهذا هدف مشترك مع التيار، أما الثاني فهو تسويق مرشح توافقي قد يكون قائد الجيش العماد جوزاف عون. كما اتهمت الأوساط بعض هذه الأطراف بالرهان على ضغط خارجي وعقوبات على مقربين من الرئيس بري لدفعه للدعوة الى جلسة لإسقاط فرنجية.
إلا أن الرئيس بري وفق مصادر مطلعة على أجوائه لـ»البناء» لن يرضخ للضغوط لا الداخلية ولا الخارجية وسيمارس حقه الدستوري وسيطبق الدستور بما يحفظ الشراكة الوطنية والميثاقية والسلم الأهلي والاستقرار.
وجدّد رئيس المجلس التأكيد وفق بيان لمكتبه الإعلامي على «أن أبواب المجلس النيابي لم ولن تكون موصدة أمام جلسة انتخاب رئيس للجمهورية بحال أُعلن عن ترشيحين جديين على الأقل للرئاسة، وخلاف ذلك من تشويش وتهديد لا يعود بفائدة ولا ينفع لا سيما مع رئيس المجلس».
وكانت لافتة زيارة قائد الجيش الى عين التينة بتوقيتها حيث التقى الرئيس بري. وأفيد أنه تم التوافق بين بري وقائد الجيش على توقيع مرسوم ترقية ضباط من رتبة عقيد الى عميد أي دورة العام ١٩٩٤ وترقيات دورتي ١٩٩٥ و١٩٩٦.
وتأتي الزيارة في ضوء بلوغ الملف الرئاسي مرحلة جديدة وتوافق المعارضة على ترشيح أزعور وتسويق أسماء توافقية بحال سقط خيار أزعور وأبرزهم قائد الجيش، وبالتزامن مع ضغوط أميركية على لبنان والتلويح بعقوبات مالية على سياسيين لبنانيين معرقلين للاستحقاق الرئاسي، كما أعلنت أمس الاول، الديبلوماسية الأميركية باربرا ليف.
وفي أول موقف له عقب عودته من فرنسا والفاتيكان، أعلن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أننا «لمسنا في خلال جولتنا على الفاتيكان وفرنسا ارتياحاً للتوافق المسيحي على اسم والآن سيبدأ العمل». اضاف أمام وفد نقابة الصحافة «الفاتيكان وفرنسا طلبا مني أن أعمل داخليًّا مع باقي المكوّنات وسنتكلّم مع الجميع من دون استثناء حتى مع حزب الله والحراك سيبدأ من اليوم». ولفت الراعي إلى أن «ما فهمته ان هناك اتفاقاً على شخص من قبل المكونات المسيحية وعلى هذا الأساس تحرّكت، لأن لبنان لم يعد يحتمل». واشار الى «أننا أصبحنا مسخرة للدول بسبب بعض السياسيين ولا يحق لأحد أن يلعب بمصير الشعب ولا يحق لأحد أن يهدم لبنان»، مؤكداً أن «على رئيس مجلس النواب الدعوة إلى جلسة قبل شهرين من انتهاء الولاية ولكن نحن نتميّز بمخالفة الدستور».
على صعيد آخر، يبذل رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان جهوداً على خط صرف اعتمادات رواتب القطاع العام بعد تأخّر صرفها من وزارة المالية بسبب غياب الموازنة العامة للعام 2023، وقال النائب كنعان: «تبلّغتُ من جهاتٍ معنيّة ألا اعتمادات للجيش والقوى الأمنية في اليومين المقبلين ومسألة الرواتب بالغة الأهمية ومشاركة «لبنان القوي» في أي جلسة تشريعية لهذا الغرض تدرس في ضوء ضرورات المرحلة». أضاف: بالمبدأ كان يُفترض على الحكومة أن تُحيل موازنة 2023 إلى المجلس منذ أشهر، ولكنني وبسبب الظروف الاستثنائية سأبدأ باتصالات مع مختلف الكتل لمحاولة التوصل إلى صيغة لصرف الاعتمادات اللازمة لرواتب القطاع العام».
وفي ظل العتمة التي تظلل المشهد الداخلي، برزت بقعة ضوء كهربائية مصدرها العراق، حيث تلقى وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض، رسالة من شركة تسويق النفط العراقي التابعة لوزارة النفط تبلغه بالمضي قدماً في «مضاعفة كمية الفيول اويل الشهرية المخصصة للبنان بموجب الاتفاقية السارية المفعول، من 80 ألف الى 160 ألف طن ابتداء من شهر تموز».
وفي بيان صادر عن المكتب الإعلامي لفيّاض، قال: «تأتي هذه الخطوة بعد المشاورات التي أجراها وزير الطاقة والمياه الدكتور وليد فياض والاجتماعات التي قام بها مع الجانب العراقي، وكان آخرها في الشهر الماضي مع رئيس الوزراء السيد محمد السوداني ووزير النفط حيان عبد الغني وما تبعها من قرار لمجلس الوزراء العراقي. وتحقق هذه الزيادة في الكميّة فرصة لمضاعفة الطاقة الكهربائيّة التي تنتجها محطات الإنتاج العاملة على الغاز اويل والفيول، وذلك لتلبية حاجات اللبنانيين من التغذية الكهربائية خلال الصيف. ومن شأن وصول الكمية الجديدة أن يخفف الحاجة الى استيراد مادة «الديزل أويل» من قبل الشركات اللبنانية المستوردة لصالح المولدات الخاصة».
قضائياً، وفي توقيت مشبوه، اتهم القضاء العسكري «خمسة عناصر من حزب الله، أحدهم موقوف، بجرم القتل عمداً في الاعتداء على دورية للكتيبة الإيرلندية العاملة في قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان، والذي أسفر عن مقتل جندي إيرلندي»، وفق ما أفاد مصدر قضائي.
وتضمن القرار الاتهامي، الذي أصدره قاضي التحقيق العسكري الأول فادي صوان، «عناصر تنتمي إلى حزب الله بتأليف جماعة من الأشرار، وتنفيذ مشروع جرميّ واحد». وأكّد صوان أن «أفعالَ كلّ من الموقوف محمّد عيّاد وأربعة فارين من وجه العدالة تنطبق على الفقرة الخامسة من المادة 549 من قانون العقوبات اللبناني والتي تنصّ على أنه «إذا ارتكب جرم على موظّف رسمي أثناء ممارسته الوظيفة أو في معرض ممارستها أو بسببها يعاقب بالإعدام».
وفي أول تعليق على القرار، أعلن الناطق الرسمي باسم اليونيفيل أندريا تيننتي، أن «القرار خطوة مهمة نحو العدالة، ونحن نواصل الحثّ على محاسبة جميع الجناة المتورطين. إن الهجمات على الرجال والنساء الذين يخدمون قضية السلام تعتبر جرائم خطيرة ولا يمكن التسامح معها. إننا نتطلع إلى تحقيق العدالة للجندي روني وزملائه المصابين وعائلاتهم»”.
الأخبار:
حصيلة زيارة الراعي لباريس: لا انتخابات قريباً وعودة إلى الحوار
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الأخبار “أظهرت الساعات الماضية أن المستجدّ الأساسي في الملف الرئاسي، بعد زيارة البطريرك بشارة الراعي للفاتيكان وفرنسا، هو إعادة فتح قنوات الحوار بين كل الأطراف، في ضوء توجه «القوى المسيحية البارزة» إلى الاتفاق على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور مقابل ترشيح ثنائي أمل وحزب الله للوزير السابق سليمان فرنجية. فيما لا أجواء توحي بقرب دعوة المجلس النيابي لعقد جلسة انتخاب.
وعلمت «الأخبار» أن مقربين من بكركي كانوا ناقشوا الملف الرئاسي مع مسؤولين في الفاتيكان، مع طلب واضح بالتدخل لدى باريس من أجل إفساح المجال أمام جولة جديدة من الحوار لتوفير مناخ توافقي على مرشح للرئاسة، وعدم حصر مساعيها بحث النواب على السير في تسوية انتخاب فرنجية.
وقالت المصادر إن الراعي تعمّد زيارة روما أولاً للاطلاع على نتائج الاتصالات بين الفاتيكان وباريس، وتبلّغ بأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيستمع إلى رأيه في شأن جولة جديدة من الحوار، وسيشرح له الموقف الفرنسي من تسوية فرنجية. علماً أن ماكرون أوفد إلى بيروت قبل أسبوعين، المصرفي اللبناني سمير عساف الذي التقى الراعي وأبلغه تقديم موعد الدعوة الفرنسية من الأسبوع الأول من حزيران إلى الثلاثين من الشهر الماضي.
وبحسب مطلعين، لمس الراعي من لقائه ماكرون تأثيراً واضحاً لمساعي الفاتيكان الذي «أبلغ مسؤولون فيه الجانب الفرنسي بأن على باريس عدم تجاهل مصالحها التاريخية في لبنان، والأخذ في الاعتبار عدم تجاوز المسيحيين في اختيار الرئيس المقبل». وعُلم أن باريس أبدت اهتماماً بالأخبار الواردة عن اتفاق القوى المسيحية على مرشح واحد، وهي تنتظر الإعلان النهائي عنه، لكنها تريد تهدئة المناخات الداخلية ووقف التصعيد وفتح الباب أمام جولة جديدة من الاتصالات. إلا أن الفرنسيين لم يبلغوا الراعي صراحة بتراجعهم عن موقفهم، رغم عدم ممانعتهم إفساح المجال أمام حوار وطني لبناني.
وهذا ما عبّر عنه الراعي أمس، أمام وفد من نقابة الصحافة، بقوله إن «الفاتيكان وفرنسا طلبا مني أن أعمل داخلياً مع بقية المكونات»، مشيراً إلى «تواصل دائم مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي. وسنتصل به أيضاً للتداول في الملف الرئاسي، كما سنتكلم مع الجميع من دون استثناء، بمن فيهم حزب الله. والحراك سيبدأ من اليوم».
وعلمت «الأخبار» أن الراعي سيرسل موفدين إلى القوى السياسية، وأن بكركي تنتظر أيضاً قيام الفاتيكان باتصالات موازية مع الجهات الخارجية المؤثرة في الملف اللبناني، إضافة إلى اتصالات ستتولاها فرنسا مع قوى لبنانية وخارجية، لا سيما السعودية.
وقالت مصادر سياسية إن «الراعي تلقى نصيحة من الفاتيكان بعدم الذهاب بعيداً في معاداة حزب الله أو الطائفة الشيعية»، وإن المسؤولين في الكرسي الرسولي أكدوا أن «الملف الرئاسي يجب أن يُبحث بالتوافق مع كل المكونات اللبنانية».
ووفق المعلومات التي بدأت تتوافر عن لقاء البطريرك بماكرون فإن الأخير كانَ واضحاً وصريحاً، بعدَ عرض الراعي لآخر التطورات المتعلقة بالاتفاق المسيحي على مرشح، بأن «هذا الأمر مهم، لكنه غير كاف لانتخاب رئيس» وأن «الأمور في البلد تحتاج إلى توافق مع القوى السياسية». وبناء على هذه الرسالة التي عادَ بها الراعي إلى بيروت، أطلق كلامه الذي لم يخل من نبرة حادة، وأكد فيه أنه «لا يحقّ لأحد أن يلعب بمصير اللبنانيين، والشعب ليس بدجاج ولا بقطيع. ولا أحد يحقّ له هدم لبنان، أصبحنا مسخرة الدول بسبب بعض السياسيين».
وبينما أشيعت معلومات عن إمكانية أن «يتوجّه الراعي إلى رئيس مجلس النواب في عظة الأحد لدعوته إلى فتح مجلس النواب»، اتخذ إعلانه عن بدء حراك سياسي بُعداً بالِغ الجدية. ومن المتوقع أن تشكّل نهاية الأسبوع الجاري اختباراً لهذا الحراك، في وقت بدأت قوى سياسية تطرح تساؤلات عما إذ كان سيؤثر في المشاورات بينَ قوى المعارضة قبلَ الإعلان عن ترشيح أزعور. وثمة ما يلفِت إليه المطلعون، وربما يلعب دوراً في تجميد هذه المشاورات أو تخفيف اندفاعتها لا سيما عند رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، بخاصة أنه كانَ أمل تغييراً في الموقف الفرنسي يدعم الموقف المسيحي ويعيد خلط الأوراق في الداخل ويدفع ثنائي حزب الله وحركة أمل إلى التراجع عن ترشيح فرنجية.
في موازاة ذلك، تستمر الورشة السياسية المعقدة بينَ قوى المعارضة (الثلاثي الماروني إلى جانب التغييرين والمستقلين) للتوصل إلى اتفاق نهائي حول أزعور وإيجاد المخرج الملائم للإعلان عن ترشيحه وانتخابه، بعدَما أظهرت وقائع اليومين الأخيرين أن ترشيحه في مواجهة فرنجية سينقل الملف الرئاسي إلى شكل آخر من المواجهة، وأن المعركة أضحت أمراً محسوماً.
وفي هذا الإطار، تقول أوساط سياسية أن «الثنائي ماضٍ في دعم فرنجية حتى النهاية ولن يتراجع ولا يفكر في خطة بديلة، وهو ينظر بجدية إلى ترشيح أزعور ويدرس كيفية التعامل معه»، نافية أن «يرفض بري الدعوة إلى جلسة، فإعلان ترشيح أزعور سيشكل إحراجاً له بحيث لن يكون قادراً على تجاهل الدعوات إلى عقد جلسة». وقالت الأوساط إن «البحث انتقل جدياً، من قبل الطرفين، إلى كيفية إدارة المعركة من داخل الهيئة العامة»، وبمعزل عن «الأصوات التي يؤكد طرفا الصراع أنها مضمونة لمصلحة هذا المرشح أو ذاك، هناك قنبلة موقوتة متمثلة بالنواب الذين لم يكشفوا موقفهم أو أولئك الذين لا يزال قرارهم ملتبساً وغير مضمون، وهم من يعمل كلا الطرفين على استمالتهم»”.
الضغوط الغربية تُفشل المفاوضات: يد «أنصار الله» على الزناد
وتحت هذا العنوان كتبت الاخبار “في الظاهر، يبدو أن التفاوض يدور حول تجديد الهدنة الموسَّعة بين الجانبَين اليمني والسعودي، وعلى صرف المرتّبات لجميع الموظفين، وإطلاق الأسرى من الطرفَين، وفكّ الحصار عن ميناء الحديدة ومطار صنعاء. لكن في الخفاء، تنشط كلّ من واشنطن ولندن في تعطيل المفاوضات السياسية اليمنية – السعودية، وتربط العاصمتان رفع الحصار الكامل والتقدّم في الملفّ الإنساني بالملفّات السياسية والعسكرية، بهدف إبقاء البلد في حالة اللاحرب واللاسلم لفشلهما في فرض شروطهما على صنعاء
في الأسابيع الأخيرة، تكشّف بوضوح حجم التدخّل الأميركي والبريطاني في اليمن. وكما كان تدخّل واشنطن ولندن مباشراً في الحرب، يحصل الأمر نفسه في مسار مفاوضات السلام، حيث تتولّى العاصمتان عرقلة كلّ الجهود التي يمكن أن تُفضِي إلى السلام، وتضعان من بين أول اعتباراتهما المصلحة الإسرائيلية، وهو ما انعكس على السلوك السعودي في صورة مماطلة في تنفيذ استحقاقات الملفّ الإنساني.
وفي هذا الإطار، تقول مصادر مطّلعة في صنعاء، لـ«الأخبار»، إن «القيادة السياسية في اليمن تعرف منذ البداية أن قائدة العدوان، أي الرياض، غير قادرة على الالتزام بموجبات وقف إطلاق النار والانتهاء الكلّي من تداعيات الحرب، بسبب مجموعة المصالح المتباينة الإقليمية والدولية». وتضيف المصادر إن «أطراف العدوان بقدر ما هم متقاربون ومتّفقون على ضرب استقلال اليمن والنيل من سيادته، بقدر ما هم متعارضون في مصالحهم الخاصّة». وإذ تلفت المصادر إلى أن «قيادة صنعاء غير نادمة على المرونة السياسية التي أظهرتها في المفاوضات»، فهي تنبّه «الرياض ومَن وراءها في حال كانوا يعتقدون بأن الوقت يسير لمصلحتهم»، إلى أنهم «مخطئون، إذ إن قدرات الجيش اليمني تزداد كمّاً ونوعاً، ولا مغالاة في القول إن هذه الزيادة تتمّ لحظوياً في ظروف مؤاتية ومناسبة، فيما سياسة الصبر الاستراتيجي وفّرت حصانة مجتمعية وسياسية ووحدة داخلية ووطنية في وجه قوى العدوان، ومتّكآت جغرافية وديموغرافية صلبة». ومع ذلك، تعترف المصادر بأن «النصر الكامل لليمن لم ينجَز، إذ لا يزال الكثير من العمل مطلوباً لتحصيل كامل الحقوق، وقد لا تكون جولة واحدة محتملة الحصول قريباً، كافية لتحرير البلد بالكامل»، مضيفةً إن «قوى العدوان تعرف أن يدنا دائماً على الزناد، وأن الحسابات السياسية ليست عائقاً أبداً أمام الضغط عليه، وأن ما يؤخّر الفعل الميداني الذي من المفترض أن تكون تداعياته أكبر من حجم المصالح الأميركية والبريطانية، ليس عوائق سياسية، بل الاستجابة للمُهل التي طلبها الوسطاء، وخصوصاً الوسيط العماني، والتي حذّرت قيادة أنصار الله أخيراً من قرب انتهائها».
لا شكّ في أن الحرب الروسية – الأوكرانية خلقت ديناميات سياسية جديدة في العالم، حاولت في خضمّها العديد من الدول العربية الاستفادة من المتغيّرات الدولية والإقليمية وتثميرها في أكثر من اتّجاه، وعلى رأس هذه الدول السعودية، التي أظهرت نيّتها الخروج من المستنقع اليمني بعد عام على الهدنة الإنسانية. ولعلّ الزيارة التي قام بها السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، إلى صنعاء أواخر رمضان الماضي، وما رافقها من توقّعات بقرب الوصول إلى حلّ سياسي، أظهرت كأن قطار السلام بين صنعاء والرياض قد انطلق، وخصوصاً في ظلّ الأجواء الإيجابية التي أرخاها الاتفاق السعودي – الإيراني. لكن الحقيقة هي أن دون انتهاء الحرب في اليمن تعقيدات مرتبطة بمصالح كلّ طرف من أطرافها؛ ففي حين تتطابق المصالح الأميركية والإسرائيلية حول النفوذ في البحر الأحمر وبحر العرب، وتتساوق دولة الإمارات مع تلك المصالح في السيطرة على أهمّ الموانئ والجزر، تبدو السعودية في الموقع المضادّ لتلك الأطراف، من زاوية التنافس على النفوذ.
والواقع أن هذه التناقضات ليست مستغرَبة؛ فاليمن قريب من ثلاثة مضائق عالمية تُسمّى «المثلث الذهبي»، وهي: باب المندب ومضيق هرمز ومضيق ملقا. وإذا كان هرمز يحوز أهمّية كبيرة لدوره في تدفّق النفط إلى دول العالم، فإن باب المندب، الذي لطالما كان من أبرز أسباب الصراع الذي عاشه اليمن عبر التاريخ، يمثّل اليوم أيضاً واحداً من أهمّ عوامل النزاع، ولا سيما بالنظر إلى حجم القوات الدولية التي تمّ الدفع بها إلى المنطقة بحجّة حماية خطّ الملاحة الدولي في هذا الممرّ، ومنطقة البحر الأحمر وخليج عدن. ويُصنَّف اليمن على أنه دولة بحرية؛ إذ إن لديه شريطاً ساحلياً بطول 2200 كيلومتر يحيط به من الغرب والجنوب، وعلى امتداده موانئ مهمّة وعشرات المدن الساحلية والجزر الحيوية في بحرَي العرب والأحمر. وهو موقعٌ متميّز زاده أهمّية الحضور المتجدّد للصين بعد غياب طويل عن المنطقة، حيث تسعى بكين إلى إيجاد موطئ قدم لها هناك لحماية مصالحها، وتأمين تجارتها من خلال حماية الممرّات المائية.
كما يُعدّ باب المندب شرياناً حيوياً للتجارة الإسرائيلية مع الشرق، والتي تتمّ عبر «ميناء إيلات» الذي يُعدّ الرئة الإسرائيلية الوحيدة على البحر الأحمر. وكانت مصر قد أقفلت المضيق إبّان عدوان 1967، ما تَسبّب بانقطاع ذلك الشريان. ومُذّاك، تعمل إسرائيل على تكثيف وجودها في القرن الأفريقي، ساعية إلى خلق بيئة ملائمة وآمنة للملاحة من قناة السويس حتى المحيط الهندي عبر المضيق اليمني. وثمّة تقديرات إسرائيلية صادرة عن المستويَين الأمني والسياسي بأن حركة «أنصار الله» في اليمن، امتلكت معدّات عسكرية (صاروخية وطائرات مسيرة) قادرة على إصابة أهداف في الكيان، وأن صنعاء في أيّ حرب شاملة تعرف دورها تماماً. وتدرك إسرائيل أن أطراف محور المقاومة يتعاضدون في ما بينهم انطلاقاً من أن كلّاً منهم يؤثّر على الآخر، وخير دليل على ما تَقدّم، السعي الحثيث من دول المحور وجهاته إلى التشبيك في ما سمّي «وحدة الساحات»، وانطلاقاً أيضاً من أن الأميركيين وحلفاءهم يقاتلونهم كافة، ما يوجب عليهم التصدّي الجماعي، كلّ بحسب ساحته وظروفه وإمكاناته”.
المصدر: الصحف اللبنانية