أثار حدث إقامة مدرسة دينية (يشيفا) في بؤرة حومِش الاستيطانية (غير الشرعية)، خلافاً بين المستويَين السياسي والأمني، وقَسَم الساحة السياسية في الكيان المؤقت بين مؤيّد ومُعارض لهذه الخطوة الإشكالية من النواحي القانونية والسياسية، وفي كونها تنطوي أيضاً على انتقادات أميركية ودولية.
وتنبع حساسية هذه الحادثة – برأي مُعلّقين صهاينة – من مسلكية الجيش الإشكالية فيها، الأمر الذي فتح الباب لعودة الحديث عن أزمة تسييس الجيش الصهيوني.
وتتلخّص حادثة بؤرة حومِش، التي جاءت بعد نحو شهرَين من إلغاء “قانون فك الارتباط” في نابلس، في قيام مستوطنين بنقل المدرسة الدينية (اليشيفا)، التي أُقيمت سابقاً على أرضٍ فلسطينية خاصّة، إلى ما يُسمّى “أرض دولة” قريبة، في تلّة حومِش.
وأفادت تقارير إعلامية أنّ المستوطنين فعلوا ذلك من دون ترخيص، وخلافاً للقانون، وأيضاً بخلاف موقف المؤسّسة الأمنية والعسكرية، ولكنّهم حصلوا على موافقة من المستوى السياسي للصعود إلى حومِش وإقامة مدرسة جديدة، من دون موافقات الجهات ذات الصلة، وخاصةً الجيش الذي يعدُّ “صاحب السيادة” في المناطق الفلسطينية المحتلة.
وعلى الرغم من “الانزعاج” الأميركي والانتقادات الدولية، لهذه الخطوة، فإنّ ما شغل بال المُعلّقين والمُحلّلين في الكيان المؤقت هو دلالات هذه الخطوة بالنسبة إلى الجيش، الذي “مدّ يدّ العون عن علم لخطوة غير قانونية”. وأشار مُعلّقون إلى أنّ “الاحتجاج الركيك (من جانب رئيس الأركان) على نقل المدرسة في حومِش إلى “أراضي دولة” يُثير قلقاً فيما خصّ صلابة الجيش أمام الحكومة التي لا تراعي الخطوط الحمر.
كما تعكس خطوة نقل المدرسة “فضيحة لحكومة نتنياهو، التي أثارت انتقادات شديدة لها في المجتمع الدولي. لكن على ما يبدو، ما هو أكثر أهمية هو أنّها خطوة غير قانونية يتورّط فيها أيضاً القائد الأعلى للجيش الصهيوني”.
وتشير أحداث حومِش إلى اختلال التوازنات داخل الحكومة، حيث مثّلت هذه الحادثة دليلاً على قوة الأحزاب المتطرّفة فيها، وجاءت كاستعراض قوّة للحريديم واليمين (الصهيوني) المتطرّف.
وفي الدلالات السياسية للحادثة، رأى مُعلّقون أنّ نتنياهو حوّل نفسه في هذه القضية إلى رهينة لشركائه في الحكومة. حيث انتهك بذلك التزاماً واضحاً لإدارة بايدن، ونال أمس توبيخاً من وزارة الخارجية الأميركية. وأضافوا أنّه إذا لم يحدث، قريباً، تحوُّل مفاجئ في ساحة أُخرى، يبدو أنّ دعوة رئيس الحكومة إلى واشنطن آخذة في التعرقل.
الدلالات السياسية والداخلية، والتبعات الدولية التي تنطوي عليها حادثة حومش، أتت على وقع الحديث عن أنّ خطوة نقل المدرسة، الذي جرى بموافقة وزير الحرب يوآف غالانت، يتعارض مع تحذيرات سابقة للمؤسّسة الأمنية والعسكرية، التي نبّهت من خطورة هذه الخطوة، ولاسيّما لجهة رفع مستوى التوتر والعمليات في الضفة الغربية.
كما أنّها جاءت في سياق “تطوّرات سلبية” في الضفة الغربية، نتجت عن عوامل عدة، وفقاً لمُعلّقين صهاينة أولها تزايد العمليات الفلسطينية في منطقة جنين، أما الثاني فهو تزايد العمليات من طولكرم، حيث انطلق الهجوم القاتل في مستوطنة حرميش. وقبل ساعاتٍ من مقتل مستوطن حرميش أُصيب جندي من الجيش الصهيوني بصورة متوسطة في مخيم نور الشمس شرق طولكرم، واخيرا حصول هجمات إطلاق النار على الطرقات في الضفة الغربية. وأضاف مُعلّقون أنّ الجيش ليس لديه حلاً سحرياً لهجمات إطلاق النار هذه، سوى وضع مقاتلين على الطرقات وليس فقط في نقاط.
المصدر: اعلام العدو