تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الأربعاء 15-3-2023 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
البناء:
واشنطن منشغلة بمسلسل الانهيارات المصرفية: الطائرات الروسية أسقطت لنا مسيّرة / الأسد في موسكو في زيارة دولة على رأس وفد كبير… يلتقي بوتين والقيادة الروسية / التلويح بالمقاطعة المسيحية لانتخابات بلدية بيروت يطرح عدم إجرائها على بساط البحث
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء اللبنانية “مع بلوغ دولار بيروت عتبة المئة ألف ليرة ودخوله عالم المجهول واحتمالات القفزات المتتالية طرح الخبراء الماليون السؤال حول مبرّر بقاء منصة صيرفة التي تمّ تبريرها بصفتها أداة للسيطرة على سعر الصرف، وثبت أنها دون جدوى على هذا الصعيد، وأن وظيفتها الفعلية تبرير الزيادات في فواتير الهاتف والكهرباء والضرائب والرسوم التي تمّ ربطها بسعر صيرفة يوم كان السعر منخفضاً، لكن بعدما ثبت أن الرفع الأخير لسعر صيرفة الذي تمّ تسويقه تحت شعار السيطرة على سعر السوق مجرد مناورة وخداع بصريّ صارت صيرفة مجرد منصة لحصر شراء الدولار بسعر منخفض بالمحاسيب وأصحاب النفوذ وغطاء لتحويل المزيد من الدولارات الى الخارج دون توازن وتكافؤ وباستنسابية فاضحة، بينما يواصل مصرف لبنان تبرير طباعة المزيد من الأوراق النقدية لتبرير شراء الدولارات من السوق لتمويل صيرفة بصفتها أداة صالحة وفعالة. وبإلغاء صيرفة يصبح إلزامياً منع حاكم المصرف من طباعة المزيد من الأوراق النقدية، وسط تأكيدات بأن خروج مصرف لبنان من سوق الصرف سوف يؤدي إلى انخفاض سعر الدولار بدلاً من ارتفاعه، لأن الوارد من الدولارات لا يزال أكبر من الصادر منها، لكن استيلاء مصرف لبنان عليها يحول دون تظهير هذا الانخفاض.
دولياً، بدت واشنطن تطلق خطاباً ناعماً حول الاتفاق الثلاثي الصيني السعودي الإيراني بخلاف المواقف الانفعالية التي صدرت فور الإعلان عن الاتفاق. فقد صرح جاك سوليفان مستشار الأمن القومي الأميركي بأن الاتفاق السعودي الإيراني على عودة العلاقات الدبلوماسية، «إيجابي في وقف تصعيد التوتر في المنطقة، وهو أمر طيب». وأضاف سوليفان، أن واشنطن «ليست في وضع يسمح لها بالوساطة» بين السعودية وإيران، ورأت مصادر سياسية أن هذه النعومة الأميركية ناتجة عن العجز عن القيام بأي خطوات تعطيلية للاتفاق قد تؤثر على الاستقرار في منطقة حساسة أصبحت مورداً وحيداً للنفط والغاز في العالم، بينما واشنطن المرتبكة في تداعيات حرب أوكرانيا، وقد أعلنت عن خسارة إحدى طائراتها المسيرة فوق البحر الأسود بواسطة اعتراض طائرة روسية مقاتلة لها، منشغلة أكثر بتداعيات انهيارات مصرفية متلاحقة، كانت قبل أول أمس لمصرف واحد، وصارت أول أمس لمصرفين، وصارت أمس لثلاثة، حيث أعلنت السلطات المالية الأميركية إفلاس بنك «سيغنتشر»، أكبر مقرض في مدينة نيويورك بموجب الائتمان للإسكان لذوي الدخل المنخفض، ليلحق بكل من «سيلفر جيت كابيتال بنك» الصديق للعملات المشفرة و»سيليكون فالي بنك» التابع لمجموعة «إس في بي فايننشال غروب».
في موسكو يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد الذي وصل الى موسكو على رأس وفد وزاري كبير، وبدا واضحاً من نوعية الاستقبال الرسميّ الذي لقيه الأسد في المطار والترتيبات المعدّة للزيارة بمستوى زيارة دولة رسمية، أن اجتماعات متعدّدة بين القيادتين الروسية والسورية سوف تتناول مستقبل العلاقات الثنائية وآليات تعزيزها وتطويرها، بالإضافة الى المساعي الروسية لمصالحة سورية تركية والدعوة للقاء رباعي روسي إيراني تركي سوري لا تزال سورية تتحفظ على المشاركة فيه، طلباً لخطوات تركية عملية ضد الجماعات الإرهابية شمال غرب سورية، ولموقف تركي واضح حول السيادة السورية يتصل بالالتزام بانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية وإعادتها الى السيادة السورية، بينما تحدثت المصادر الروسية عن أن البحث سوف يطال مسار العملية السياسية في سورية أيضاً.
لبنانياً، مع استمرار حال الترقب في الملف الرئاسي، واقتراب موعد إجراء الانتخابات البلدية والحاجة لحسم أمر إجرائها خلال الأيام القليلة المقبلة لتوجيه الدعوة للهيئات الناخبة، وتوقعت مصادر سياسية متابعة أن تشهد مرحلة ما بعد عودة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من زيارة الفاتيكان سلسلة مشاورات تتصل بالانتخابات البلدية، حيث تقول وزارة الداخلية أنها جاهزة لإجرائها وأبدت جهات دولية مانحة منها الاتحاد الأوروبي استعداداً لتمويل كلفتها، والجيش اللبناني والقوى الأمنية يدرسان خططاً أمنية لضمان إجرائها، ولو على مراحل، بانتظار القرار السياسي الذي تعترضه مواقف كتل نيابية وأحزاب سياسية مسيحية كبرى بمقاطعة انتخابات بلدية بيروت ما لم يتم تعديل القانون، ويخشى أن تأتي النتائج بصورة مؤذية للعيش المشترك في حال المقاطعة، وأن تتحول الانتخابات البلدية إلى إشارات انقسام طائفي خطير. وتقول مصادر قانونية واكبت انتخابات بلدية سابقة إنه في مرات كثيرة لم يتم تعديل القانون للتمديد للبلديات وتأجيل الانتخابات، ولم يتم إجراء الانتخابات، وتم لاحقا إصدار قانون يمدد الولاية من تاريخ انتهائها، واستمرت البلديات في هذه الفترة الممددة دون تمديد بنص تشريعي، بقوة إدارة المرفق العام. وتقول المصادر إنه من غير الوارد إجراء الانتخابات في كل لبنان باستثناء بيروت، وإن الأفضل هو استمرار الوضع على حاله لحين انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة ليتم النظر في الملف تشريعياً وإجرائياً.
لا تزال البلاد تحت تأثير الصدمة الإيجابية الناجمة عن اتفاق بكين بين السعودية وإيران، وسط ترقب حذر لانعكاس هذا الاتفاق على المنطقة، ومن ضمنها الساحة اللبنانية بتسوية سياسية تفتح باب الحلول للاستحقاق الرئاسي، وسط تصاعد وتيرة الانهيار المالي والاقتصادي مع الارتفاع الجنوني والقياسي بسعر صرف الدولار الذي تجاوز المئة ألف ليرة لبنانية.
ووفق مصادر «البناء» فإن «الاستحقاق الرئاسي دخل الى المرحلة الثانية أي التفاوض الجدي والجهود تنصب حالياً لفتح حوار شامل وحقيقي مع الكتل النيابية للتوفيق بينها على مواصفات معينة تمهيداً لإسقاطها على المرشحين لاختيار أحدهم».
وعلمت «البناء» أن كتلة الاعتدال الوطني زارت رئيس مجلس النواب نبيه بري الأسبوع الماضي وكانت جلسة لاستطلاع الرأي، حيث «سأل بري الكتلة عن رأيها وموقفها وتوجّهها من الاستحقاق الرئاسي ومن المرشحين»، ولفتت المعلومات إلى أن «كتلة الاعتدال مع كتلة اللقاء الديمقراطي تشكلان بيضة القبان لحسم الملف الرئاسيّ ولا تمانعان انتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية أو غيره من المرشحين، حينما تنضج ظروف التوافق الوطني والظروف الخارجية».
وأشارت أوساط كتلة الاعتدال الوطني لـ»البناء» إلى «أن التواصل قائم ومتواصل ولم ينقطع بين الكتلة مع كافة المرجعيات لا سيما مع الرئيس بري، لكن لم يدخل أحد معنا مؤخراً بتفاصيل أسماء المرشحين للرئاسة والأمور تراوح مكانها، لكن هناك إيجابية مستجدة تتمثل بالاتفاق السعودي – الايراني الذي نأمل أن ينعكس ايجاباً على الساحة اللبنانية بتسهيل التسوية الرئاسية».
ولفتت المصادر إلى «أننا ككتلة سنعلن موقفنا في الوقت المناسب»، نافية أي تواصل مع السعودية والسفير السعودي في لبنان بالشأن الرئاسي، جازمة بأن موقف الكتلة موحّد وعددها 6 نواب وستصوّت للمرشح التي تتفق عليه، وقد ينضم نواب آخرون إلى الكتلة كالنائبين نبيل بدر وعماد الحوت».
وعن إمكانية دعم الكتلة لترشيح فرنجية اعتبرت المصادر أن «فرنجية له مكانته واحترامه وتمثيله، لكن سنحسم موقفنا في الوقت المناسب».
في غضون ذلك، يواصل راعي أبرشيّة أنطلياس المارونيّة المطران أنطوان بو نجم، مساعيه وجولته على المرجعيات السياسية لا سيما بين الأقطاب المسيحيين في محاولة لإحداث خرق في الجدار المغلق، إلا أن معلومات «البناء» تشير الى أن «التباعد بين الآراء سيد الموقف في ظل رفض القوات اللبنانية الحوار المسيحي – المسيحي أكان ثنائياً أم جماعياً إلا إذا كان منتجاً وليس لتضييع الوقت ورفض ثلاثي من التيار الوطني الحر، للنائب المرشح ميشال معوض وقائد الجيش العماد جوزيف عون وكذلك سليمان فرنجية»، وبالتالي لم يسجل أي خرق بهذا الاتجاه وفق المصادر.
وعلمت «البناء» أن بكركي وبعد استمزاج جميع آراء الكتل طرحت 11 مرشحاً لرئاسة الجمهورية يمثلون أغلب القوى السياسية المسيحية ومنهم، ابراهيم كنعان وفريد هيكل الخازن وجهاد أزعور وصلاح حنين وقائد الجيش العماد جوزاف عون وزياد بارود. إلا أن المطران بو نجم لفت الى أن «المعلومات عن الأسماء التي يجري تداولها أخيراً في الإعلام، على أنّها الأسماء المقترحة من قبل غبطة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي للرئاسة غير دقيقة». وأكد أنّ «البطريرك لا يدخل في لعبة الأسماء، ولا يمكن اعتبار هذه اللائحة رسميّة من قبل بكركي، إذ إنّ هناك أسماء خارج الأسماء المتداولة».
من جهته، غمز النائب طوني فرنجية، في حديث تلفزيوني من قناة القوات اللبنانية الى أنه «من يعاير رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بأنه سيكون امتداداً لعهد الرئيس السابق ميشال عون هو نفسه من انتخبه وأوصله إلى رئاسة الجمهورية». ولفت فرنجية، الى أنه «في مكان ما لم يكن هناك تواصل يومي مع السعودية، وإذا عاد هذا التواصل فسنذلل الهواجس الموجودة».
في المقابل عضو كتلة تجدّد الداعمة للنائب معوض، أديب عبد المسيح نعى ترشيح معوض، وأشار لـ»البناء» إلى أن معوض قال في البداية إنه يمثل مشروعاً وليس شخصياً، ولا بد لمعوض أن يضحّي في المعركة وهذا سيتم بالتنسيق مع معوض، لكننا نريد مرشحاً يحمل مواصفات معوّض. وجدد عبد المسيح رفض كتل المعارضة لترشيح فرنجية.
واعتبر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بأنه «علينا أن ننطلق من ضرورة انتخاب رئيس جمهورية، فنحن لا نستطيع انتخاب رئيس للتحدّي لا من هذا الفريق ولا من ذاك الفريق، نريد رئيساً توافقياً نعم، ولكن لا نريد رئيساً توافقياً من أجل التوافق بل رئيس توافقي من أجل الإصلاح، وهذا هو رأيي، كفانا تحديات وكفانا إملاءات».
وشدد جنبلاط على «ضرورة معرفة الجميع أننا جميعاً في لبنان ولا يجب على أحد إلغاء الآخر، وعلى الجميع التحاور». وأشار إلى أن «ما قام به الامير محمد بن سلمان كان خطوة مهمة قد يتساءل البعض متى ستأتي نتائجها إلى لبنان؟ فلدينا العديد من الملفات أولها الإصلاحات وانقطاع الكهرباء وقطاع المصارف، لدينا جدول أعمال كبير مطلوب منّا حالياً وبعده قد تأتي نتائج الانفراج الإقليمي إلى لبنان». ووصف جنبلاط، الاتفاق السعودي – الايراني بـ»الحدث الكبير»، آملاً أن «يترجم هذا التقارب بتسوية في لبنان، تفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية قبل حزيران».
وأوضح مصدر نيابي في التيار الوطني الحر لـ»البناء» أن «التيار لن يتبنى مرشحاً للتيار، لأنه لن يخوض معركة خاسرة ولا يستطيع إيصاله وحده وحتى مع الحلفاء لن نستطيع تأمين أكثرية الـ 65 نائباً، ومجرد طرحنا لمرشح سيسقط»، وأضاف: «أجرينا دراسة داخل التكتل وأخذنا سلة أسماء تملك الكفاءة وإذا طرح علينا اسم منها فيمكن لرئيس التكتل إبداء الرأي بها، لكن حتى الساعة، ونلتقي مع تكتل ما على اسم وعلى تكتل آخر على اسم ثانٍ، ولو وجدنا تقاطعاً مع عدة كتل على اسم لكنا سرنا به».
واعتبر تكتل لبنان القوي بعد اجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل أن «الاتفاق السعودي – الإيراني برعاية الصين حدث هام قد تكون له تأثيرات ايجابية على لبنان، وهو يدعو اللبنانيين الى أداءٍ يجعل أي اتفاق في المنطقة لصالح لبنان لا أن يكون من ضحاياه».
وأكد على موقفه من اعتبار رئاسة الجمهورية استحقاقاً سيادياً، لا يجوز مطلقاً ربطه بأي تطور خارجي. وجدّد الدعوة الى حوار بين القوى السياسية حول هذا الاستحقاق على قاعدة الاتفاق على برنامجٍ إنقاذي ينتهجه الرئيس المنتخب وتنفذّه الحكومة بالتعاون مع مجلس النواب، على ان يتم انتخاب الرئيس الأنسب لهذا البرنامج الإصلاحي والإنقاذي. وفي هذا الإطار يتحمّل المسيحيون المسؤولية الأولى في الاتفاق بين الراغبين من بينهم على ذلك، لاختيار الشخص الأنسب.
من جهته، أشار نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، الى أن «الاتفاق الإيراني السعودي بارقة أمل لتعاون دول المنطقة، وأمنها وتطوير اقتصادها وتعزيز استقلالها وخياراتها الحرة»، معتبراً أن «هذا الاتفاق هو ضربة قاضية لمشروع العداء لإيران الذي كان يعمل عليه الكيان الإسرائيلي بالتعاون مع أميركا، حيث أرادوا أن يجمعوا دول المنطقة وعلى رأسها دول الخليج لتكون إيران هي العدو بدل الكيان الإسرائيلي».
وقال: «إذا كان هناك التباس عند البعض في وضعية المقاومة بين المقاومة والسلاح، فنحن جاهزون لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية، وأعطينا نموذجاً تطبيقياً في الترسيم البحري في مواجهة الكيان الإسرائيلي واستنقذنا الثروة النفطية والغازية بتكامل بين المقاومة والدولة من دون إحراج الدولة بتبعات ما فعلته المقاومة من تهديد حقيقي كان يمكن أن يوصل إلى حرب لاستنقاذ الحقوق».
وبرزت زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط لبيروت، حيث قال في دردشة مع الصحافيين لدى مغادرته عين التينة بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري: «سيكون هناك رئيس للجمهورية والمسألة مسألة وقت ويجب أن نسرع بهذه الخطوة لأن الأمور خطيرة».
كما شدد أبو الغيط من السرايا الحكومية بعد لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، على»أن القمة السعودية – الصينية – الايرانية ايجابية جدا، وأن مفاعيلها الاولية هي إرساء نوع من الاستقرار السياسي والأمني بين السعودية وإيران، ولكن مفاعيلها على سائر الملفات المطروحة في المنطقة غير واضحة بعد».
واستقبل الرئيس ميقاتي وفداً من البنك الدولي برئاسة نائب رئيس البنك لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا فريد بلحاج، الذي أوضح أن «بالنسبة إلى موضوع تمويل الكهرباء الذي نبحث فيه منذ نحو سنة، فقلت مرة أخرى لدولة رئيس الحكومة ووزير الطاقة والمياه بأن هذا المشروع لا يزال في إطار التعاون بين البنك الدولي ولبنان، ولكن هناك بعض الشروط التي يجب أن تسير بها الحكومة بشكل واضح».
وعلى وقع تسجيل سعر صرف الدولار في السوق السوداء رقماً قياسياً وتاريخياً فاق المئة ألف ليرة لبنانية، أضربت جمعية المصارف أمس، ووفق المعلومات لا قرار حالياً لدى المصارف بالتصعيد، وهي منفتحة على أي حوار يؤتي بالنتائج المأمولة تمهيداً لتعليق الإضراب، وإلا فهي متمسّكة به حتى إشعارٍ آخر، وتضع نفسها في حالة ترقّب وانتظار لما ستُفضي إليه المشاورات المفتوحة».
ووفق معلومات «البناء» فإن الرئيس ميقاتي عاود الدخول على خط النزاع المصرفي – القضائي ويعمل على إحياء الهدنة التي سبق وتمّ التوصل اليها الشهر الماضي، إلا أن العقدة تكمن باستمرار القرارات القضائية الصادرة عن بعض القضاة بحق عدد من المصارف وإجبارها على دفع الودائع لأصحابها بناء على دعاوى رفعوها خارج لبنان. متوقعاً أن تعلن المصارف فك الإضراب الأسبوع المقبل.
في غضون ذلك، تتجه الأنظار الى جلسة الاستماع الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اليوم، من قبل محققين أوروبيين في قصر عدل بيروت. وقد أفيد أن جلسة الاستماع سيحضرها سلامة شخصياً، ووكيله القانوني الفرنسي ومعه المحامي اللبناني وأن عدد الأسئلة التي ستطرح خلال الجلسة يقارب الـ 100 سؤال.
ولفتت المعلومات الى أن الجلسة لن تُعقد في غرفة قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا الأساسية، ولكن في غرفة أخرى داخل قصر عدل بيروت، وتحديدًا في أحد مكاتب مجلس الشورى»، مؤكدة أنّ «سلامة ينوي حضور جلسة استجوابه، ومعه محام لبناني والوكيل القانوني له في فرنسا سيحضر أيضًا».
على صغيد قضائي آخر، كشف المدعي العام في إمارة موناكو، أنّ «الإمارة تواصل التحقيق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بشأن مزاعم غسل الأموال، رغم إسقاط القضاء اللبناني تحقيقاً خاصاً به في مزاعم احتيال مرتبطة بخطة قروض الإسكان المدعومة التي يُزعم أنها تضم أفرادًا من عائلة ميقاتي، وفق ما اشارت صحيفة «ذا ناشيونال».
وأوضحت الصحيفة أن «الملف بقي لمدة عامين لدى قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا، لكن المدعي العام اللبناني غسان عويدات أبلغ موناكو في آذار من العام الماضي أن التحقيق المحلي أسقط في الشهر السابق». ورأت أن «بعض المحامين كانوا يخشون في ذلك الوقت من أن تؤدي هذه الخطوة إلى تقويض القضية في موناكو، حيث يتمتع ميقاتي بمصالح كبيرة»”.
الأخبار:
مسار سعر الصرف: هل فقد «المركزي» السيطرة؟
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الاخبار “في آخر يوم من السنة الماضية كان سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية يبلغ 42 ألف ليرة، أما اليوم فأصبح 100 ألف ليرة، أي بزيادة نسبتها 138% خلال 72 يوماً. وقد تكون هذه الزيادة هي الأكبر منذ انهيار سعر الصرف في منتصف عام 2019، إلا أنها تأتي ضمن مسار متوقع، إن لم يكن حتمياً قياساً على السياسات التي اتّبعت لغاية الآن. فالقدرات الكبيرة التي كانت متاحة لدى قوى السلطة من أجل التدخّل وكبح الانحدار في بداية الأزمة، تقلّصت تدريجاً وصولاً إلى اللحظة التي نشهدها الآن والتي لا يمكن القول إنها تمثّل قعر الأزمة. فهذه السياسات، جعلت من القعر أمراً يصعب توقعه والتنبؤ به.
أهمية هذا التطوّر لا يتعلق بالرقم والأصفار الإضافية التي أضيفت على ما يوازي قيمة الدولار الواحد في الاقتصاد اللبناني، إنما يتعلق بالمرحلة المقبلة انطلاقاً من المسار كلّه الذي أوصل إلى الحالة الراهنة. ففي مطلع عام 2019 كان مصرف لبنان يملك موجودات بالعملة الأجنبية بقيمة 32.5 مليار دولار، وفي نهاية شباط الماضي بات يملك 9.7 مليار دولار، أي أنه أنفق نحو 22.8 مليار دولار. وهذا الإنفاق حصل على الشكل الآتي: في عام 2019 تراجعت قيمة الموجودات بالعملة الأجنبية بقيمة 2.9 مليار دولار، وفي عام 2020 تراجعت بقيمة 10.9 مليار دولار، وفي عام 2021 تراجعت بقيمة 4.9 مليار دولار، وفي عام 2021 تراجعت بقيمة 3.2 مليار دولار، وفي أول شهرين من السنة الجارية تراجعت بقيمة 695 مليون دولار. هذه الدولارات أنفقت على الدعم بشكل أساسي الذي نُهب، وعلى تمويل عمليات تهريب أموال مشبوهة، وعلى المصارف أيضاً لتغطية حاجاتها الخارجية التي يقال إنها ذهبت إلى جيوب مودعين «ذي أولوية». طبعاً كانت هناك حاجة لدعم السلع الأساسية والغذائية لتخفيف وطأة الأزمة على الأسر المقيمة في لبنان، إنما كانت كلفتها كبيرة إذ يُقدّر أن النهب يتجاوز نصف الأموال التي خُصّصت لهذا الدعم، بينما غالبية الأموال الأخرى التي أنفقت كانت عبارة عن نهب منظّم. وهذه كانت أهمية إقرار قانون لـ«الكابيتال كونترول» منذ اليوم الأول، لأنه يقوّي القدرة على التحكّم في إنفاق هذه الأموال بدلاً من أن تكون هذه القدرة محصورة بيد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومجلسه المركزي الطيّع.
الحفاظ على هذه الأموال كان ضرورياً لأن هذه الموجودات بالعملة الأجنبية تمثّل الذخيرة الوحيدة التي يملكها لبنان في مواجهة الأزمة، وهي بُدّدت في سياق استراتيجية تستهدف تذويب خسائر القطاع المالي من دون أي رغبة أو سعي لكبح الأزمة. بمعنى أوضح، لم يكن ضمن هذه الاستراتيجية ما يتعلق بالحفاظ على القوّة الشرائية لليرة اللبنانية، بل على العكس كان الهدف تحطيم الليرة ليصبح الحفاظ على المصارف المفلسة أمراً متاحاً، وهذا يجب أن يبقى ضمن معادلة يكون فيها مصرف لبنان مسيطراً طوال الوقت على المسار الانحداري لسعر الصرف وتحكّمه بانهيار الليرة بشكل منظّم. لأن الهدف المقنّع من هذه العملية، كان إجبار الناس على قبول فكرة انهيار سعر الليرة بمجرّد وجود البديل. وهذا ما تعكسه أرقام الإنفاق من الموجودات بالعملة الأجنبية في عام 2020، إذ كانت في ذروتها ثم بدأت تنخفض مع التخلّي عن الدعم ليبقى الإنفاق من الموجودات محصوراً بالأمور التي يمكن تصنيفها ضرورية؛ سواء لبعض عمليات الدعم، أو لتمويل نفقات للدولة لا بدّ منها، أو حتى لتمويل عمليات تنطوي على طابع سياسي، أو لتمويل عمليات مضاربة على العملة.
فمع انتهاء دعم السلع الأساسية والغذائية، انتقل مصرف لبنان إلى مرحلة «صيرفة» والتعميم 161. يقضي هذا التعميم بأن يضخّ الدولارات في السوق مقابل سحب الليرات التي سبق أن ضخّها. سعر الضخّ على «صيرفة» ما يتيح استفادة شبه جماعية من الفرق بين سعر الدولار على منصّة «صيرفة» وسعر الدولار في السوق الحرّة. ومنذ نهاية 2021، لغاية اليوم، كرّر مصرف لبنان هذه العملية أكثر من مرّة، إلى أن استنفدت مفاعيلها في مطلع السنة الجارية مع تراجع حجم الموجودات بالعملة الأجنبية إلى مستوى 10 مليارات دولار. فبات تدخّله في السوق لضخّ الدولارات، يقتصر على ما يتبقى من دولارات جمعها بعد حسم النفقات «الضرورية». عملياً، لم يعد بإمكانه إنفاق الكثير من الدولارات للتدخّل في سعر الصرف، ولا سيما أن الاستمرار في ضخّ الدولارات عبر التعميم 158 لتذويب قسم من الودائع يتطلب وجود نحو 5 مليارات دولار في المدى المتوسط، كما أن مصرف لبنان لا يمكنه أن يتخطّى التقديرات بأنه يحتاج إلى إعادة رسملة بقيمة 5 مليارات دولار.
باختصار، هوامش التدخّل في السوق صارت في أضيق مستوى، وهذا الأمر ترافق مع أوضاع سياسية شديدة الهشاشة، وسياسات حكومية تغطي الممانعة التي قادها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لإنجاز الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، ومع قرارات اتّخذت من أجل ضمان مصالح فئات في المجتمع على حساب أخرى. فقد قرّرت وزارة الطاقة أن تسعّر المازوت بالدولار، ثم قرّر وزير السياحة أن يسمح لكل المؤسّسات السياحية التسعير بالدولار، وسمح وزير التربية للمدارس الخاصة تقاضي الأقساط بالدولار، ثم أتى فوقها قرار وزير الاقتصاد ليسمح لأصحاب السوبرماركت التسعير بالدولار. عملياً، استعمال الليرة بات محصوراً جداً. فإلى جانب موظفي القطاع العام، هناك أصحاب محطات البنزين، وبعض الدكاكين… الليرة لم تعد مرغوبة، وبالتالي تقلّصت قدرة مصرف لبنان على التدخّل في السوق لجمع الدولارات وإعادة ضخّها بواسطة الآليات التي ابتدعها مثل «صيرفة» والتعميم 161. لكن مفاعيل الخطوة الأخيرة التي قام بها وزير الاقتصاد لم تظهر بعد، أي أن ارتفاع سعر الدولار إلى 100 ألف ليرة لا يتضمن مفاعيل استغناء قسم كبير من المقيمين عن الليرة في تعاملاتهم لدى السوبرماركت. وإذا أضيفت طبقة أخرى من التخلّي عن الليرة، فإن مصرف لبنان سيكون عاجزاً عن جمع الدولارات.
إذا كانت الليرة غير مرغوبة، فمن سيريد الحصول عليها وبأي سعر؟ وهنا يمكن تفسير جانباً أساسياً مما يحصل في القطاع العام. فالقطاع العسكري والأمني حصل على تمويل خارجي بالعملة الأجنبية، بينما موظفو الإدارة العامة والأساتذة يحاولون جهدهم من أجل ربط قسم من رواتبهم أو المخصّصات التي يتقاضونها، بالدولار بشكل غير مباشر. مطلبهم بالحصول على ليترات من البنزين تأتي في هذا السياق، وربما ستليها أفكار أخرى في السياق نفسه. المهم، أن الليرة هي السلاح الوحيد الذي يملكه مصرف لبنان اليوم في مواجهة الأزمة، وهي باتت أقلّ قيمة من قبل بكثير، والناشطون في الاقتصاد من شركات وأفراد يدركون هذا الأمر تماماً ويعلمون أن مصرف لبنان بات شبه متوقف عن ضخّ الدولارات، وبالتالي يتنافسون مع بعضهم البعض للحصول على الدولارات المتدفقة من الخارج. هي تأتي على شكل تحويلات المغتربين، أو على شكل تحويلات أممية للسوريين النازحين في لبنان، أو على شكل مساعدات ذات طابع سياسي وأمني لمنظمات سياسية ومدنية. الكلّ يريد أن يحتفظ بدولارات للأيام السوداء، أو للمضاربة والربح عندما يقرّر مصرف لبنان أن ينفق من موجوداته. مسار الليرة والدولار واضح للعيان. الانحدار بات يتسارع ويقترب من الانفلات وفقدان السيطرة أكثر مما كان عليه في السنوات الثلاث والنصف الماضية. الأصفار الإضافية على سعر الصرف ستصبح مجرّد انعكاس للتفكّك البنيوي في المجتمع والاقتصاد. مزيد من الهجرة والبطالة والفقر وتدهور أكثر حدّة في الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه واتصالات…”.
المصدر: الصحف اللبنانية