إختراق حركة الاحتجاجات الداخلية في الكيان الصهيوني، أسوار المؤسّسات العسكرية والأمنية، وعلى رأسها الجيش ، مع تزايد الدعوات من قبل وحدات في الاحتياط لرفض الخدمة إعتراضاً على خطة الحكومة، دفع ضباطاً وقادة عسكريين وأمنيين للتطرّق إلى هذا الأمر، من دون الكشف عن هويّتهم، باستثناء الكلمة العلنية التي حذّر فيها رئيس هيئة الأركان العامة في جيش الاحتلال ، هرتسي هليفي، الخميس الماضي، من أنّ الخلاف الذي يهزّ المجتمع الصهيوني حالياً “وصل أيضاً إلى الجيش الإسرائيلي”، داعياً إلى الحفاظ على الجيش “متكتلاً”، وإبقاء الخلافات خارجه.
وأيّد ضابط رفيع المستوى في الجيش لم يُعلن إسمه لقناة 12 العبرية ، كلام هليفي، ونُقل عنه قوله “بحزم وغضب” إنّ الخدمة العسكرية يجب أن تبقى فوق كلّ خلاف، والخلافات الداخلية يجب أن تبقى خارج الجيش ، مضيفاً بأنّه “ممنوع حتى التفكير برفض الخدمة طالما لم يصدر أمر يرفرف فوقه علمٌ أسود (غير قانوني)”.
وبحسب تقارير عبرية فأنّ مسؤولين في الجيش الصهيوني يخشون من أنّ “الإنقلاب” القضائي وردّة الفعل ضدّه سيتسبّبان في أن تعاني أجزاء في الجيش من العدوى الوخيمة نفسها المتمثّلة بغياب الحافزية. ولفتت القناة 12 العبرية إلى أنّ “الخشية الأساسية والعميقة في الجيش الإسرائيلي، على الرغم من أنّهم لا يتحدّثون عن ذلك كثيراً، هي في سلاح الجو، الأكثر أهمية من أيّ وحدة أخرى في الجيش الإسرائيلي، لأنّ سلاح الجو يرتكز على طيّاري الاحتياط، الذين من دونهم لا يوجد سلاح جو”.
وحول عدم مجاهرة ضبّاط كبار في الجيش بموقفهم من خطة الحكومة القضائية وتداعياتها، لفتت تقارير إلى أنّ هؤلاء يَحذرون بألا يتورطون في “المواجهة السياسية– الأخلاقية” التي تُشرذم الكيان ، لأنّهم لا يريدون أن تمنح تصريحاتٌ علنيةٌ صادرة عن مسؤولين في الجيش الصهيوني شرعيّة غير مباشرة لرفض الخدمة، بحيث يمكن أن يُلحق ضرراً خطيراً في الأساس في جهاز الاحتياط”. وفي هذا السياق، شبّه ضابط كبير الوضع الحالي بما جرى في العام 2005 عندما رفض أفراد في الجيش الصهيوني المشاركة في إخلاء غزّة في إطار خطة فك الارتباط، وأضاف أنّ “مرتدي البزّة من اليمين أو الوسط- يسار يجب عليهم أن يفهموا أنّ رفض أمرٍ أو التملّص منه يمكن أن يكلّفنا باهظاً”.
وفي دلالة على عمق الأزمة التي تطال الجيش ، أفادت تقارير عبرية أنّ مسؤولة “قسم علم السلوك” التابع لشعبة القوّة البشرية في الجيش الصهيوني، العميد هداسمينكا برندي، شاركت، يوم الجمعة، في جلسة نقاش في هيئة الأركان العامة في الكريا، من أجل مناقشة كيفية مواجهة مسألة أنّ ظاهرة التمرّد على الخدمة في الجيش الصهيوني تحظى بشرعية شعبية.
إحتجاجات في تشكيلات الاحتياط
القلق داخل المؤسّسة العسكرية والأمنية من تأثير حركة الاحتجاجات ضدّ خطة الحكومة القضائية على خدمة الاحتياط في الجيش الصهيوني تعزّز مع حديث تقارير عبرية بأنّه “في كلّ يوم يمرّ”، يتلقّى رئيس هيئة الأركان العامة، ألوية هيئة الأركان وقيادات ميدانية، المزيد من الرسائل من عناصر إحتياط يعلنون فيها أنّهم لن يلتحقوا بالخدمة، أو أنّهم يدرسون عدم الالتحاق بها.
الجهة الأكثر تأثراً من بين معدّي هذه الرسائل، هي “جهاز العمليات الخاصّة التابع لشعبة الإستخبارات العسكرية في الجيش (أمان)”، وهي “أحد أكثر التشكيلات الموجودة حساسية وسرّية”، بحسب توصيفات عبرية ، حيث أعدّ مقاتلون في هذا الجهاز (تراوح عددهم بين 120 و250 بحسب تقارير مختلفة) رسالة أوضحوا فيها أنّه في حال مُرِّرت قوانين “الانقلاب” القضائي، سيرفضون التوجّه إلى أنشطة عملانية، إلا أنّهم سيلتحقون بالخدمة.
وبحسب تقارير عبرية ، فان “جهاز العمليات الخاصّة (في أمان) هو إحدى الهيئات الأساسية للغاية في الجيش الصهيوني، ويعمل بتعاون وثيق مع الوحدات الخاصّة مثل سييرت متكال، الشييطت، الموساد والشاباك. وأغلبية عملياته سرّية وفقط بحالات نادرة، بالأخص بسبب أخطاء، يُكشف عنها”.
ووقّع أيضاً ضبّاط وجنود في لواء الأبحاث في “أمان” عريضة، بحسب قناة 12 العبرية، رأوا فيها أن التشريعات القضائية ستقود إلى المسّ بشكل قاس بالديمقراطية في الكيان، لذلك في حال “صودق على هذه التشريعات الخطيرة، لن نستمرّ في التطوّع لخدمة الاحتياط في لواء الأبحاث”.
ووجّه خريجو وحدة 8200 في شعبة الإستخبارات رسالة إلى الحكومة حذّروا فيها من وقوع كارثة كبيرة، أطلقوا عليها إسم “يوم غفران المجتمع الإسرائيلي”، ورأوا أنّه يوجد “إشارات تثير خشية حقيقية حيال سلامة دولة إسرائيل وأمنها”، وهدّدوا بأنّهم سيتوقّفون عن الخدمة في الإحتياط في حال مُرّرت التعديلات القضائية بالكامل. وسبق ذلك، تجميد مبادرة واسعة لخطوة مماثلة، من قبل كلّ قادة الوحدة 8200 السابقين، بعد أن اشتعل سجال بينهم حول عدم جدوى ممارسة مزيد من الضغط، أكثر من اللازم، على هليفي.
وإضافة إلى ذلك، أعدّ مقاتلون من خريجي وحدة “ميتار – موران” (وحدة خاصة مع صواريخ سرّية ضدّ الدبابات) في سلاح المدفعية، عريضة، تدعو أيضاً إلى وقف الخطوات التي تُضعِف المؤسّسة القضائية والنظام الديمقراطي في إسرائيل.
وفي خطوة إضافية ، وقّع نحو 500 عنصر من جهاز الأمن العام في الكيان الصهيوني- الشاباك على “إلتماس ضدّ الإنقلاب في نظام الحكم” الذي تقوم به الحكومة، ووُجّه الإلتماس تحديداً إلى وزير الزراعة، آفي ديختر، الذي كان رئيساً للشاباك.
وأشارت تقارير إلى أنّ العشرات من قوات (إحتياطية) “الكوماندوس البحري”، تظاهروا أمام منزل وزير الأمن، يوآف غالانت، الذي كان قائدهم سابقاً، وهدّدوا بأنّهم لن يلتحقوا بالخدمة.
حركة الاحتجاج داخل تشكيلة الاحتياط، (ومعهم المتطوّعون)، وصلت أيضاً إلى سلاح الجو، حيث أفادت تقارير أنّ ضابطاً رفيع المستوى في سلاح الجو، طلب إعفاءه من منصبه في الاحتياط احتجاجاً على خطوات الحكومة. وهو الضابط الأرفع رتبة الذي يتّخذ خطوة كهذه حتى الآن. التقارير التي لم تكشف عن إسم الضابط، أشارت إلى أنّه برتبة عميد في سلاح الجو، وسبق له أن شغل سلسلة مناصب رفيعة في سلاح الجو، وهو يخدم الآن في الاحتياط (تطوّعاً) كقائد “حجرة سيطرة”.
في الخلاصة فان إنخراط تشكيلات الاحتياط في الجيش الصهيوني في حركة الاحتجاج ضدّ خطة “الإصلاحات القضائية” التي طرحتها الحكومة، شغل حيّزاً واسعاً من الإهتمام والمتابعة في الكيان المؤقت ، واستدعى “إختراق” حركة الاحتجاجات الداخلية في الكيان الصهيوني أسوار المؤسّسات العسكرية والأمنية، قيام ضباط وقادة عسكريين وأمنيين برفع الأصوات الداعية للحفاظ على الجيش “متكتلاً”، وإبقاء الخدمة العسكرية فوق كلّ خلاف، لأنّه في الوضع الحالي يكمن “خطرٌ وجوديٌ محتمل”، بحسب مسؤولين في الجيش الصهيوني.
المصدر: اعلام العدو