من عادات بعض المجتمعات العربية ، أنهم إذا أنهوا فتنة أو خصومة بينهم، يبدأون المصالحة بالنحر وسط احتفالية شعبية صاخبة، وهي عادة تُعبّر عن تسييح دم نوع ما من المواشي، كقربان لإعلان إيقاف سفك الدم، وليكون شاهداً على التمسك بالأخوّة بعد فتنة ضُربت بينهم، وهذا ما حدث اليوم في مدينة معضمية الشام عند دخول المحافظ إلى وسط البلدة بين المتجمهرين.
في الساحة الكبيرة أمام مبنى البلدية، دخل المحافظ، وكان في استقباله وسط البلدة المئات من سكانها، يتصدر المشهد ما هو معروف لدى سكان دمشق وريفها القريب بـ “فرقة العراضة الشامية”، والمسلحون الذين سوّيت أوضاعهم كانواحاضرين.الشعار موحد، وهو الهتاف للوطن على طول خط السير من مدخل المدينة حتى ساحة التّجمهر، المزينة بأعلام سورية وصور الرئيس بشار الأسد.
مع دخول المدينة من أولها، حيث أزيلت كافة خطوط التماس السابقة، يُسلك الطريق الرئيسي للبلدة، محاطاً بالأهالي والطلاب من كافة الفئات. المحال التجارية تبدأ بالظهور بعد اجتياز ما يعرف فيها بالجسر، وهو نقطة التقاطع الرئيسية، الجميع يعمل وكأنّ شيئا لم يكن، عاد المشهد الطبيعي تدريجياً. جميع المستلزمات باتت موجودة، وهذا ما يؤكده المشهد والسكان، المواصلات عادت تعمل كالسابق، والجميع مرتاح.
أجرينا حواراً مع مجموعة من الشبان. أقرّوا بمشاركتهم في المعارك ضد الدولة، وعلى ضوء المصالحة سوّيت أوضاعهم، هم يقرّون بالندم، السبب أنهم خُدعوا من قبل حكومات زرعت الفتنة على حدّ تأكيدهم، يوضحون بأنها السعودية وقطر ومن لفّ لفّهم، ، ليقولها شخص بالعامية “أدخلوا السلاح ومولوا الأحداث، كذبوا علينا بأن ما يجري “ثورة”، الآن صحونا ، فهي ثورة ضد مَن وماذا، يقاطعه رجل بأنها ضد أنفسنا ووطننا”.
ما من مستغرب على الأوضاع الأخيرة في سورية خاصة الريف الدمشقي، فالمصالحة أُتمت وبدأ العمل على أرض الواقع في مدينة معضمية الشام، الحضور في خيمة كبيرة جمعت المئات من رجال دين ومسؤولين ومواطنين، أعضاء من البرلمان، إضافة إلى مظاهر احتفالية عارمة، ما وعد به المحافظ كان قد بدأ، إدخال معونات وصلت قبل وصوله، منها ما يلزم المدارس وغيرها للأمور المعيشية والطبية.
من المعضمية بشارة كبيرة لباقي المناطق الطامحة بالخلاص من ويلات الحرب، فبعد ما أنهته المدينة اليوم من معاناة، يبدو الأمل في عيون الاهالي بعودة بلادهم كما كانت قبل الحرب عليها.
المصدر: موقع المنار