ماذا يجري في معتقلات البحرين؟ سؤال يطرح اليوم في ظل التصعيد الذي قامت به مؤخرا السلطات البحرينية في سجن جو المركزي، ما دفع بالمعتقلين السياسيين في البحرين الى إطلاق نداء استغاثة تحت عنوان “صرخة المظلوم” بتوقيع 678 معتقلا على عريضة إنسانية في مباني سجن جو، مطالبين بتوفير ظروف انسانية لهم.
وقبلها بأيام وقع 162 معتقلا سياسيا بمبنى رقم 10 خطابا الى السلطات في البحرين عبر مدير مركز التأهيل والاصلاح بسجن جو، طالبوا خلاله بتوفير الظروف الإنسانية لما يتعرضون له جراء الاوضاع السيئة والواقع الصعب وغير الإنساني داخل السجون.
فماذا يجري حقيقة في معتقل “جو” وغيره من معتقلات النظام البحريني؟ هل من تصعيد جديد من قبل السجان داخل السجون وبالتحديد في سجن جو أم ان الامر هو استمرار لانتهاكات باتت الصفة الغالبة على ممارسة أجهزة النظام في داخل البحرين حيث بات البلد أشبه بسجن كبير لكل من يدلي برأيه؟ وهل ما يجري في السجون فقط يطال المعارضين والمعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي؟ وهل ما يجري يؤسس لانتفاضة داخل السجون بمواجهة الظلم الواقع؟ وأين الدول والمنظمات الدولية والراي العام العالمي والاقليمي وكل من يدعي الدفاع عن حقوق الانسان والحريات، مما يحصل في البحرين والمعتقلات هناك؟
حول ذلك، قال الناشط البحريني علوي الموسوي “لا يمكن الحديث عن الأزمة السياسية في البحرين دون التطرق إلى أحد أبرز أشكالها ألا وهي معتقلو الرأي”، وتابع “تاريخيا لم تخلُ سجون النظام من معتقل سياسي خاصة خلال العقود الثلاثة الماضيّة، واللافت أن معتقلي اليوم هم نفسهم معتقلي التسعينات وفي مقدمتهم الشيخ علي سلمان”، واضاف “يمكن الجزم بأن الغالبية العظمى من العائلات البحرينيّة لديها معتقل أو اثنان أو أكثر ومن هؤلاء أخوة شهداء كإخوان الشهيد علي المؤمن وإخوان الشهيد سامي مشيمع”.
ولفت الموسوي في حديث خاص لموقع قناة المنار الى ان “هؤلاء المعارضون اعتقلوا فقط لأنهم عبروا عن رأيهم بسلمية التزاما بتوجيهات العلماء لا سيما الوالد الشيخ عيسى أحمد قاسم (حفظه الله)، فيما تعرضوا لأبشع صنوف التعذيب الجسدي والنفسي ناهيك عن المعاملة الحاطة بالكرامة الإنسانية والتعدي على حرية ممارسة المعتقد والأخطر الإهمال الطبي الممنهج الذي يرقى إلى مستوى سياسة الموت البطيء وصولا إلى التحرش الجنسي”، وأكد انه “مؤخرا زادت المعاناة بعد الحد من حقوقهم في انتهاكات صارخ للقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء السياسيين (قواعد نيلسون مانديلا) حيث يمنعون من التشمس والغذاء الصحي والتواصل الحر مع ذويهم ولقاء أرحامهم من دون حاجز زجاجي، كما يتم دمجهم مع معتقلين جنائيين، وينتقم منهم بمحاكمات غير قانونية ويعزلوا انفراديا، الخ..”.
وأشار الموسوي الى انه “منذ العام 2011، رصدت المؤسسات الحقوقية -المحلية والدولية- أكثر من 20150 ألف حالة اعتقال تعسفيّ، أكثر من 7 آلاف منهم هم ضحايا تعذيب وسوء معاملة”، وتابع “تجاوز عدد الأطفال المعتقلين الأطفال 1700، فيما تم إعتقال أكثر من 350 امرأة”، واضاف “سبق أن وصف الشيخ علي سلمان التعرض للحرائر بالقول: لو حضر شيء من شيم العروبة لما كانت هناك امرأة في المعتقل”، وأكد ان “نظام البحرين لا يفقه قانونا ولا عرفا ولا دينا ولا مبدأ”، ولفت الى ان “السلطة أعدمت 5 معتقلي رأي، هم: علي السنكيس، سامي مشيمع، عباس السميع، أحمد الملالي، علي العرب، فيما ينتظر 12 آخرين -الآن- الإعدام الوشيك، بعد استنفاذهم كل سبل الطع بعد محاكمات جائرة وغير قانونية في ظل قضاء مسيس وغير عادل”.
وشدد الموسوي على ان “واقع السجن كما يسميه البحرينون عبارة عن (غرف موت) تفتقد أبسط مقومات العيش بكرامة، فهو عبارة عن زنازين ضيقة تتسع لبضع أشخاص، لكن النظام يكدس فيها فوق طاقتها الاستعابيّة”، ورأى انه “نتيجة لهذا الوضع والإهمال الطبي الممنهج خرج العديد من السجناء جثث هامدة كحسين بركات وآخرين بعاهات دائمة وأمراض خطيرة فاستشهدوا كالشهيد محمد سهوان والشهيد السيد كاظم السهلاوي وغيرهم من الضحايا”، واشار الى ان “المنظمات الدولية تكتفي بالبيانات الشكلية فهي بالنهاية تحركها حكومات كبرى تهمها مصالحها الاستراتيجيّة، ولو كان هذه المنظمات صادقة ويهمّها واقع سجناء الرأي في البحرين لما توانت للحظة واحدة عن التدخل والضغط لاطلاق سراحهم”.
واكد الموسوي ان “في السجن نخب سياسية وعلمائية وثقافية، هؤلاء ليسوا مجرمين إنّما من خيرة أبناء الوطن الحريصون على مصالحه وسيادته، وغيابهم ساعد على تمرير ما يسمى تطبيع مع الكيان المؤقت“، واوضح “يتعرض هؤلاء لابتزاز تارة عبر الإهمال وطورا عبر ما أسمته الحكومة (عقوبات بديلة) وصوب تسميته الأب القائد(الشيخ عيسى قاسم) بأنه ظلم البديل لأن صاحب القضية العادلة لا يرضى بأن يساومه أحد على حرّيته وحقوقه”.
وقال الناشط البحريني “الحكومة تتعمد الكذب وتبييض صورتها فبركة صورة ورديّة عن سجونها المظلمة بالتعاون مع هيئات رقابة تتبع لها ولا تتحلى بأدنى معايير المصداقيّة وكذلك نواب لا يمثلون الشعب بل الكذب وخدمة أجندة السلطة”، وأكد ان “الشعب لن يساوم وهكذا هم السّجناء لأنهم متمسكون بمشروعهم الوطني وحقوقهم المشروعة وبسيادة وطنهم واستقلاله مهما بلغت التضحيات”، واعتبر ان “ملف السجناء هو في مقدمات الحل وتذليل الأزمة، لكن، كما هو واضح للعيان، الحكومة تتعمد تغييب هؤلاء الأوفياء وإذلالهم”.
المصدر: موقع المنار