ركزت الصحف اللبنانية على جلسة مجلس الوزراء وما اقرته ونتائجها ومفاعليها السياسية، كما ركزت على تطورات الشمال السوري.
البناء
ميقاتي يسجل هدفاً في مرمى التيار… لكن الدور النهائي يحسمه توقيع المراسيم
باسيل يتناول اليوم تصدّع التحالفات… ووزيرا حزب الله: استجبنا لوجع الناس
القرارات الحكومية: فواتير المستشفيات وتأمين أدوية السرطان ورواتب المتقاعدين
كتبت صحيفة “البناء”: كان الاختبار الأهم في رسم معادلات وتوازنات ما بعد الشغور الرئاسي في الاجتماع الحكومي الذي دعا اليه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس، وقرر التيار الوطني الحر مقاطعته، فظهر أن ميقاتي تعامل بمرونة مع تعديلات طلبتها الأطراف السياسية كشرط للمشاركة في الجلسة، بإضافة بنود وحذف بنود أخرى، وقالت مصادره إنه راعى أيضاً هواجس عبر عنها البطريرك بشارة الراعي وحصر جدول الأعمال بالقضايا التي تنطبق عليها صفة الحاجة الملحّة، رافضة وصف النتيجة بتسجيل نقاط في مرمى التيار ورئيسه النائب جبران باسيل، لأن الرئيس ميقاتي منفتح على الحوار مع الوزراء الذين قاطعوا جلسة الأمس وسيلتقي بكل الوزراء في لقاء تشاوري قريباً لمناقشة كيفية تسيير الأعمال الحكومية، والبدء بتحضير جدول أعمال الجلسة المقبلة للحكومة التي يأمل أن يحضرها جميع الوزراء، فيما كان كلام وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار مركزاً على الدعوة للتشاور ما يفتح الباب للتفاهمات اللاحقة، وهو ما أكده بصورة أشد كلام وزير السياحة وليد نصار عن انتظار نتائج اللقاء التشاوري الحكومي لتقرير مصير المشاركة المقبلة في اي اجتماعات للحكومة مضيفاً سنتخذ الموقف المناسب جلسة بجلسة.
على ضفة التيار الوطني الحر الذي عبر ناشطوه عن غضب من الحلفاء، خصوصا حزب الطاشناق وحزب الله، تم وصف الجلسة بالانتكاسة الدستورية والميثاقية، وسيعقد رئيس التيار النائب جبران باسيل مؤتمراً صحافياً بعد ظهر اليوم مع نهاية اجتماع تكتل لبنان القوي ليعلق على الجلسة وتداعياتها، وينتظر أن يتوقف أمام ما وصفه ناشطو التيار بتصدّع التحالفات.
وزيرا حزب الله وزير العمل مصطفى بيرم ووزير الأشغال علي حمية تحدّثا بعد الجلسة لنفي أي بعد سياسي لمشاركتهما، فقال حمية لم نتشاور ولم نتصل بأحد بل استجبنا لأوجاع الناس.
القرارات التي صدرت عن الاجتماع الحكومي توزّعت بين بنود تمويلية تشغيلية للوزارات، وسداد فواتير المستشفيات الخاصة وتأمين شراء أدوية السرطان والأمراض المستعصية، وتغطية رواتب المتقاعدين والمتعاقدين.
مصادر وزارية قالت إن العبرة تبقى في كيفية إصدار المراسيم التي ستترجم قرارات الحكومة، وهل سيكتفي الرئيس ميقاتي بتوقيع الوزراء الذين حضروا متبنياً تفسيراً دستورياً يقول بأن توقيع الثلثين يكفي لتغطية توقيع رئيس الجمهورية، بالرغم من العرف الذي سارت عليه حكومتان سابقتان في إدارة الشغور الرئاسي بعد ولاية كل من الرئيس اميل لحود وولاية الرئيس ميشال سليمان، يشترط توقيع جميع الوزراء بدلاً من توقيع رئيس الجمهورية، وفي هذه الحالة ماذا سيكون الوضع لو طعن وزراء التيار بالمراسيم واعتبروها غير دستورية من هذه الزاوية؟ وماذا لو أخذ المجلس الدستوري بالعرف أساساً لغياب النص الواضح، ما يعيد الحكومة رهينة لوزير واحد يستطيع تعطيلها، فكيف لثمانية وزراء، سيكون شرط عقد أي جلسة أو إصدار اي مرسوم موافقتهم المسبقة، ليس على إدراج الموضوع على جدول الأعمال، الذي يعده رئيس الحكومة ويعرضه على رئيس الجمهورية، ويرثه هنا كل الوزراء، بل الموافقة المسبقة على مضمون التوجّه الحكومي في مقاربة بنود جدول الأعمال، مضيفة أن الحسم مبكر في تحديد الربح والخسارة، وما حدث تأهيل للدور النهائي الذي لم يحِن بعد.
الجمهورية
مجلس الوزراء ينعقد على نار الخلافات…
كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: لم تكن هذه الجلبة السياسية حول انعقاد مجلس الوزراء مفاجئة، بل انّ ما يجري هو واحد من الفصول الاشتباكية التي حُضّر لها منذ ما قبل دخول لبنان في الفراغ الرئاسي، وتوعّد بها المشتبكون على حلبة الصلاحيات.
هي لعبة تسجيل نقاط لا أكثر، تديرها صبيانيات ومراهقات ومنطق الضغائن والأحقاد، وإرادات ورغبات هدّامة، في ظرف بلغت فيه الدولة أعلى درجات التحلل، والخطر الاكبر لا يتجلّى فقط في نصب الكمائن واللغة الفوقية التي ترافقه، بل في انحدار الخطاب السياسي الى إنزال سلاح الدمار الشامل إلى ساحة المعركة، بصبّ الزّيت على نار الإنقسامات السياسية، وإنعاش الإصطفافات الطائفيّة والمذهبيّة البغيضة، وضبط مرحلة الشغور في رئاسة الجمهورية على إيقاعها.
مشهد البلد باصطفافاته وانقساماته بات أفقه مفتوحاً على كلّ شيء، ويثير المخاوف الاكثر من جدية، من أن تنحدر به ارادة المواجهة والصدام الأقوى من كل مسعى توافقي، الى واقع جديد يُنشىء “بنك تداعيات” يعجز البلد بوضعه المتفكّك والمهترىء عن مجاراة أعبائها ودفع فاتورتها الغالية او الخروج من متاهتها وهنا ذروة الكارثة.
وبمعزل عن اهداف ومبررات وغايات اطراف الاشتباك، وعَمّن هو المحق؛ اصحاب المنطق القائل بالصّلاحيات أولاً وعدم جواز ان تقوم حكومة غير موجودة مقام رئيس الجمهورية، وتمارس صلاحيات خلافاً للدستور، او اصحاب المنطق القائل إنّ ضرورات الناس توجب انعقاد مجلس الوزراء، فإنّ المنطقين كليهما، المستند كل منهما على فصيل سياسي وطائفي يدعمه ويبرره ويغطّيه، لا يغيّران في حقيقة أنّ حبلاً يُشَدّ أكثر فأكثر على خناق البلد واهله. ولعل الحقيقة الاكثر سطوعاً تتبدّى في أنّ جميع اطراف هذا الاشتباك محشورون في ضعفهم وتساقط أوراق قوّتهم، وبإفلاسهم وفشلهم في صياغة تفاهمات وابتداع حلول موضوعية تفتح ابواب الخلاص من الازمة وكل متفرعاتها السياسية والرئاسية والاقتصادية والمالية.
ما حصل في الساعات الاخيرة ان التيار الوطني الحر خسر جولة، فالرياح السياسية عاكَسته ومن يجاريه، في اعتراضه على انعقاد حكومة تصريف الاعمال في غياب رئيس الجمهورية، ونجح فريق تصريف الاعمال في تسجيل هدف معنوي قاس في مرمى التيار، بإكمال نصاب انعقادها واتخاذ قرارات فيها، مُحبطاً بذلك المحاولات التي بذلها التيار عشية انعقاد الجلسة لتطيير نصابها، والتي اندرج في سياقها اصدار بيان باسم 9 وزراء يعلن مقاطعتهم للجلسة، الامر الذي لم يحصل، حيث بَدا انّ هذا البيان لا يحمل صفة الإلزام لكل الوزراء الصدار باسمهم، وغرّد بعض الوزراء خارج منطق المقاطعة والتعطيل، وشاركوا في مجلس الوزراء.
الاخبار
«قسد» لا تيأس من النجدة الأميركية: محاولة روسية أخيرة لدرء الحرب
سوريا – علاء حلبي
بعد أيام من الهدوء النسبي، الذي قطعه قصف تركي متواتر على مواقع «قوات سوريا الديموقراطية»، أعادت أنقرة تكثيف ضرباتها الجوّية والمدفعية، في وقت تَواصل فيه تهديد مسؤوليها بالعمل البرّي، الذي لا يزال يدور حوله جدل كبير في تركيا. وبينما تخطو واشنطن خطوات ظاهرية متثاقلة لمنع أيّ عمل من هذا النوع، تخوض موسكو، من جهتها، جولات، يبدو أنها الأخيرة، من النقاشات مع القياديين الأكراد، بهدف إقناعهم بتسليم المناطق المستهدَفة للجيش السوري، كحلّ وسط يمكن أن ترضى به أنقرة ودمشق على السواء. لكن هذه المساعي لا يَظهر أنها تؤتي نتائج إلى الآن، في ظلّ استمرار تعويل «قسد» على وعود أميركية لن تجد سبيلها إلى التنفيذ على أيّ حال
مرّة أخرى، طار قائد القوات الروسية في سوريا، ألكسندر تشايكو، لإجراء لقاء مع قائد قوات «قسد»، مظلوم عبدي، والتباحث معه في إمكانية اتّخاذ «الإدارة الذاتية» خطوات على طريق درء الهجوم التركي البرّي الوشيك على مناطق تسيطر عليها، أبرزها تل رفعت ومنبج وعين العرب (كوباني). وتبدو هذه هي الجولة الأخيرة للوساطة الروسية، بعد فشل جولات عديدة سابقة، آخرها الأسبوع الماضي، بفعل رفض عبدي الوفاء بتعهّدات سابقة تعود إلى عام 2019 بالانسحاب من الشريط الحدودي مع تركيا، وتسليم مناطقه للجيش السوري. وكان تشايكو قد زار القامشلي أخيراً بطلب من عبدي، حاملاً معه ملفّ الحل المقبول بالنسبة إلى دمشق وأنقرة، غير أنه سمع جواباً كردياً سلبياً، على الرغم من مخاطر المغامرة التي جرّبتها «قسد» في أوقات سابقة، وخسرت بسببها مناطق عديدة؛ أبرزها عفرين وتل أبيض، بعدما راهنت على وعود أميركية غير قاطعة بمحاولة منع الهجمات، لم تترافق مع اتخاذ أيّ إجراءات على الأرض. ويكاد ذلك يتطابق تماماً مع ما يجري في الوقت الحالي، فيما الهجمات التركية طاولت هذه المرّة مواقع تحت النفوذ الأميركي، تمثّل للقوى الكردية أحد أهمّ مصادر دخلها (حقول النفط)، ما أدّى إلى توقف بعضها عن العمل.
وتأتي زيارة المسؤول الروسي الجديدة، إثر نشر عبدي مقالاً في صحيفة «واشنطن بوست»، حاول من خلاله الضغط على واشنطن من الداخل، عبر التذكير بولاء «قسد» لأميركا، وبأنها تُعدّ الحليف الوحيد لها في سوريا، بالإضافة إلى تأثير العملية التركية على ملفّ «محاربة الإرهاب».
لكنّ مصادر كردية تؤكد، في حديث إلى «الأخبار»، أن هذه الضغوط لم تُجدِ نفعاً حتى الآن، مذكّرةً بمحاولات «قسد» ابتزاز الولايات المتحدة أيضاً عبر إعلان تجميد العمليات المشتركة مع «التحالف الدولي»، وهو ما باء بالفشل أيضاً بعد الإعلان عن عودة هذه العمليات. وتشير المصادر إلى أن واشنطن جدّدت محاولتها إحياء خطّتها لربط المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة («الإدارة الذاتية» في الشمال الشرقي ومناطق سيطرة الفصائل المدعومة تركياً في الشمال) من البوابة الاقتصادية، مع تقديم وعود بإنعاش تلك المناطق، مضيفةً إن «قسد» أبدت ترحيباً بالخطّة المُشار إليها، غير أن أنقرة قابلتْها بالرفض، وخصوصاً بعد فشل محاولات عديدة سابقة في هذا الاتجاه، الذي يتعارض أصلاً مع المساعي التركية للانفتاح على دمشق، بوساطة روسية.
على ضوء ذلك، تبدو الصورة الحالية شديدة التعقيد؛ إذ تُعاكس الرغبة التركية في قضم مناطق جديدة مسار التقارب مع الحكومة السورية، في ظلّ موقف الأخيرة الحازم تجاه قضيتَي «الأراضي التي تحتلّها تركيا»، و«دعم أنقرة للفصائل»، واللتين يمثّل حلّهما، بالنسبة إلى دمشق، شرطاً للانتقال إلى خطوات تطبيعية أخرى، وهو ما عبّر عنه صراحة ألكسندر لافرينتيف، المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سوريا، باعتباره أن ما يعيق العلاقات السورية – التركية «أمران رئيسيّان: أولاً، موضوع الحدود والوجود التركي في أراضي دولة ذات سيادة، وثانياً الدعم الشامل الذي تقدّمه تركيا للمعارضة السورية». وتفسّر هذه الرؤية إصرار موسكو على تطبيق «اتفاقية سوتشي» الموقَّعة عام 2019، والتي تقضي بتسليم الحدود للجيش السوري، الأمر الذي يحقّق مصالح أنقرة ودمشق في آن، ويعطي دفعة لمزيد من التقارب بينهما. في المقابل، تكشف تحركات واشنطن الخجولة رغبتها في استثمار الاندفاع التركي، من أجل ضرب مسار الحل الذي تقوده روسيا، ومنعها من تحقيق أي نجاحات سياسية في سوريا بمعزل عنها، وخصوصاً أن المناطق التي تريد أنقرة قضمها تقع تحت النفوذ الروسي، وبعيدة نسبياً عن المواقع النفطية التي تتمسّك بها الولايات المتحدة.
ميدانياً، تابعت قوات الجيش السوري إرسال تعزيزات إلى خطوط التماس على الشريط الحدودي مع تركيا، بالإضافة إلى تعزيز النقاط العسكرية في محيط منبج وعين العرب، في انتظار تخلّي «قسد» عن المراوغات السياسية. وفي حال عدم تغيير الأخيرة موقفها، فإن ما سيحدث لن يخرج عن إطار ما جرى في عفرين وتل أبيض سابقاً، عندما أعلنت نيّتها المضيّ نحو مواجهة عسكرية مع أنقرة، وانتهى المطاف بها منسحبةً من تلك المناطق التي سيطرت عليها تركيا وضمّتها إلى نفوذها.