يتميز ذكور حيتان كركدن البحر التي تعيش في القطب الشمالي بعلامة مميزة هي عبارة عن ناب طويل يمتد من أيسر فكه العلوي ويبلغ طوله أكثر من 2.7 م ما يجعله شبيها بـ”قرن” وحيد القرن.
وقد قاد سر وجود هذا “القرن” العلماء إلى البحث في فرضيات عدة من بينها أن هذه الثدييات تستخدم “القرن” في المعارك أو أنها تستخدمه في الملاحة أو أن ذكور كركدن البحر تستخدم القرن لجذب الاناث إلا أنهم توصلوا أخيرا إلى اكتشاف أن هذا القرن أفضل سونار اتجاهي من أي نوع آخر على الأرض.
وقام فريق البحث تحت إشراف كريستين لايدر، خبيرة شؤون البيئة في جامعة واشنطن بدراسة مهارات تحديد الموقع لدى حيوانات كركدن البحر عن طريق وضع السماعات المائية أو “الهيدروفون” في 11 موقعا متجمدا في خليج بافن غرب غرينلاند.
ويعتمد العديد من أنواع الثدييات البحرية بما في ذلك الدلافين والحيتان على ميزة تحديد الموقع بالصدى أو “السونار الحيوي” لمساعدتها على التنقل في أعماق المحيط دون إجهاد أعينها.
وهذا الأمر مهم خاصة بالنسبة لحيوانات كركدن البحر لأنها تقضي حياتها في مياه القطب الشمالي تحت كتل ضخمة من الجليد تكاد لا تدع ضوء الشمس يصل إلى المياه.
وقالت لايدر “لقد كنت دائما أتساءل عن قدرة هذه الحيوانات على التنقل وكيف تجد الفتحات الصغيرة للتنفس”، فبدلا من إدراك العقبات كما هو الحال عندما نعتمد على أعيننا تصدر حيوانات كركدن البحر نقرات “clicks” فيسمح الاستماع إلى أصدائها بإعادة تشكيل تجمع هذه الحيوانات اعتمادا على الموجات الصوتية الصادرة من أماكن محاذية لفريسة أو قريبة من الصخور.
ويمكن لكركدن البحر إصدار هذه النقرات بمعدل ألف نقرة بالثانية الواحدة، ولا يمكن إدراكها بالأذن البشرية.
وسبق للباحثين أن وجدوا في عام 2014 أن هناك صلة بين هذا “القرن” والدماغ، فالناب لديه قنوات تسمح بدخول مياه البحر للمناطق الداخلية من الأسنان، ولذلك يسمح السطح المسامي من ناب كركدن البحر للماء بغسل الأعصاب التي تربط بشكل مباشر المعلومات بدماغ الثدييات.
وتقول الدراسة إن الناب أو “القرن” يتكون من الميزات الوراثية والعصبية التي ترتبط بالوظائف الحسية ويساعد هذه الحيوانات على الكشف عن مستويات الملح في مياه البحر كما يساعدها في عملية التنقل والعثور على الطعام وحتى العثور على زملائه في بيئة القطب الشمالي المتغيرة.