تريد الولايات المتحدة تنفيذ الاصلاحات الاقتصادية والمالية في لبنان، او هكذا تزعم انها تريد.. فالاصلاحات كما يصرح العديد من المسؤولين الاميركيين هي ضرورة لتلقي لبنان الدعم والمساعدات وقروض البنك الدولي.. ولكن هل يمكن التصديق والاقرار بحرص الولايات المتحدة على الاصلاحات التي هي في صالح الشعب اللبناني، بينما هي في واقع الحال تنفذ عمليا كل ما هو ضد مصلحة هذا الشعب؟
في اوائل تموز الماضي وخلال حفل في السفارة الأميركية في بيروت، قالت سفيرة التدخلات في لبنان دوروثي شيا أنّ “لبنان يحتاج إلى الشفافية والإصلاحات، وكل هذه هي خطوات لإعادة هذا البلد إلى المسار الصحيح واستعادة ثقة المستثمرين والمانحين الدوليين”. وتضيف “لبنان لا يمكن أن يتحمل المشاحنات السياسية أو الارتباكات الشعبوية أو التأخير في تنفيذ الإصلاحات”.
اذاً فالتاخير في الاصلاحات لم يعد ممكنا بحسب هذه السفيرة، التي ارسلت ادارتها اكثر من مسؤول رفيع الى لبنان في الاشهر الماضية متحدثا عن ضرورة اجراء اصلاحات في الاقتصاد والمالية، فاليوم لم يعد ممكنا استمرار مسار الفساد في لبنان ، فهل كان سابقا مسموح بالفساد واصبح ممنوعا؟ وهل يخفى ان العديد من السياسيين والنافذين مارسوا الفساد المالي برضا وغض نظر بل دعم اميركي؟ فالفساد كان قائما في لبنان لعشرات السنين وهو أوصل مع التدخلات الاميركية الى الكارثة.
بطبيعة الحال وبالتحليل المنطقي لم تكن الزيارات بدافع الحرص على اصلاح في لبنان يستفيد منه الشعب اللبناني، اذا وقفنا على بعض النقاط التي توضع على سبيل الامثلة لا الحصر :
- السياسات الاميركية تجاه لبنان كانت على مدى عشرات السنين ضد صالح الشعب اللبناني بل ضد امنه ودعمت اكثر من عدوان صهيوني عليه بالاسلحة والامكانيات، وحرضت على الفتن وضرب الامن والخلافات السياسية والشعبية، بل كانت فاعلا اساسيا في الحرب التي سميت اهلية والتي لا يزال لبنان يعاني تداعياتها.
- باقرار من العديد من الشخصيات السياسية فإن الموافقة الاميركية هي ضرورية لقبول عروض او هبات من روسيا او الصين او ايران او غيرها وهي التي رفضت كل ذلك.
- لم تسهم الولايات المتحدة في دفع حلفائها في الخليج لدعم لبنان في ازمته المالية الخانقة.
- تضغط الادارة الاميركية على الحكومات اللبنانية في العديد من القرارات التي تعتبر اصلاحا حقيقيا بل تغطي عدم محاسبة العديد ممن تسببوا بالازمة.
- تحت حجة قانون قيصر لا تزال ترفض اعطاء الموافقة على استجرار الكهرباء الى لبنان والعديد من المنافع الاخرى للبنان.
- تحاصر لبنان ماليا واقتصاديا عبر البنوك والاجراءات المالية مما يفاقم الازمة وغطت خروج كميات كبيرة من الاموال الى الخارج عام 2019 و2020 مما كان سببا اساسيا في الشح النقدي والانهيار.
- كان للسياسات المالية والهدر والفساد الذي كانت شاهدا عليه، دور كبير في الوصول للكارثة وانهيار الليرة ورفع الدعم مما تسبب في الغلاء الكارثي وشح المواد الاساسية والادوية.
- ضغطت لعدم استخراج لبنان نفطه وغازه لسنين طويلة ، واذا حصل تطور ايجابي في هذا الملف فيكون بسبب ثبات الجيش والمقاومة والتوحد السياسي.
بمواجهة هذه السياسات تبرز ضرورة الجرأة السياسية وقرارات حكومية في اكثر من مجال باتت الحاجة ماسة فيها ، تغلّب الصالح العام ومصلحة الشعب وتقول للاميركي ان الضغط لا ينفع وان الشعب لم يعد يحتمل ، وترفض وقاحة التدخلات السيادية والضغوط والعقوبات اذا كان هناك فعلا حرص من المسؤولين على الشعب.
في مقابل الخضوع السياسي من البعض او الوقوف والتفرج او اطلاق المواقف المستهزئة هناك حزب مقاوم دافع عن لبنان ويواصل العمل في كل مجال لتخفيف الازمة عن الشعب وفي اكثر من مبادرة اجتماعية ومعيشية وخدماتية لمسها المواطنون ويشهدونها سابقا وحاليا ويومياً. وفي خطابه الاخير اشار الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الى انه مستعد لتامين الفيول الايراني للكهرباء مجانا من ايران، وينتظر قرار الحكومة في هذا الشأن.. قرار يتطلب جرأة بوجه التدخلات الاميركية، فهل تتجاوب الحكومة؟
المصدر: موقع المنار