تتواصل العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، مع الاعلان عن قرب تحقيق انجاز ميداني يتمثل بالسيطرة على كامل أراضي جمهورية لوغانسك، التي يحاصر الجيش الروسي فيها نحو 100 مقاتل بينهم مرتزقة من دولتين أجنبيتين، بحسب الدفاع الروسية. أما على مستوى الحراك السياسي، فقد أعلن وزير الخارجية الوكرانية أن المفاوضات مع روسيا “قد تشمل تنازل أوكرانيا عن حدود عام 1991، والانتقال إلى حدود ما قبل 24 شباط/فبراير”، رسالة ايجابية ربما من كييف في وقت استنفذ فيه الغرب كل وسائل الضغط على موسكو وكررت واشنطن عدم نيتها ارسال مقاتلين إلى اوكرانيا.
في التفاصيل، أعلن الممثل الرسمي لقوات جمهورية لوغانسك الشعبية إيفان فيليبونينكو، عن “قرب تحرير كامل أراضي الجمهورية، في ظل استسلام المسلحين الأوكرانيين بالعشرات بالقرب من مدينتي سيفيرودونتسك وليسيتشانسك”. وأوضح فيليبونينكو عبر قناة “روسيا 1” أنه “تم صد الوحدات المتقدمة من القوات المسلحة الأوكرانية إلى أبعد من ذلك، وتم أسر عشرات الجنود الأوكرانيين”. وفي وقت سابق، أفاد مصدر أنه من المتوقع استسلام جماعي لمسلحي كتيبة “أيدار” النازية، الذين تحصنوا في مصنع “آزوت” للكيماويات في سيفيرودونتسك. وأعلنت لوغانسك أن “منطقة زولوتويه 2 باتت تحت سيطرة القوات الروسية وقوات الجمهورية، ودخلت القوات المتحالفة أيضا زولوتويه1”.
من جهته، أفاد قائد فصيلة مشاركة في العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، “بتواجد حوالي 100 مقاتل بمن فيهم المرتزقة الأجانب في قرية “غورسكويه” بجمهورية لوغانسك”، مضيفاً أنه “عثرنا هناك على جورجيين وإيطاليين وأن المرتزقة متواجدون في الأحياء السكنية وسط المدينة”. وأضاف أن الوحدات العسكرية “تحمي ضواحي غورسكويه وتتحرك تدريجيا إلى المدينة”. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، سابقا، عن حصار مجموعة من القوات الأوكرانية بالكامل، حيث تحكم القوات المسلحة الروسية حصارها على قرية “غورسكويه”، بينما سيطرت على نصف قرية “زولوتويه”.
وكشفت وزارة الدفاع الروسية عن استعداد القوميين الأوكرانيين لتفجير مبنى مستشفى في خاركوف، من أجل تحميل القوات المسلحة الروسية المسؤولية عن الجريمة. وقال رئيس المركز الوطني لمراقبة الدفاع الروسي ميخائيل ميزينتسيف إن مراسلي وكالات الأنباء الغربية وصلوا إلى المدينة لإعداد مواد صور وفيديو مزيفة. وأشار ميزينتسيف إلى نشر الجيش الأوكراني أسلحة ثقيلة على أراضي مدرسة في دروجكوفكا بجمهورية دونيتسك الشعبية، مشيراً إلى حالات مماثلة في مناطق أخرى.
وقال المسؤول إن الجيش الروسي ورجال الإنقاذ فحصوا أكثر من 3500 هكتار أثناء إزالة الألغام في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين. هذا وتحدث ميزينتسيف عن إجلاء أكثر من 2 مليون شخص إلى روسيا من أوكرانيا ومن جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين منذ بداية العملية الخاصة، أكثر من 22 ألفا منهم في يوم واحد فقط.
على المستوى السياسي، صرّح وزير الخارجية الأوكراني دميتري كوليبا، أن المفاوضات مع روسيا “قد تشمل تنازل أوكرانيا عن حدود عام 1991، والانتقال إلى حدود ما قبل 24 شباط/فبراير”. جاء ذلك في حوار له لصحيفة “كورييري ديلا سيرا ” Corriere Della Sera الإيطالية، إذ قال كوليبا إن “اقتراح عقد اجتماع بين الرئيسين الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، والروسي فلاديمير بوتين، لا يزال ساري المفعول”، مشيرا إلى أنه “ينبغي على قادة البلدين مناقشة جميع السبل المحددة لتحقيق السلام”.
وفي سياق الضغوط الغربية، ذكرت “شبيغل” نقلاً عن مصادر بوزارة المالية الألمانية أن الوزارة تدرس إمكانية مصادرة الجزء الذي يمر في ألمانيا من “السيل الشمالي-2” (أنبوب غاز من روسيا إلى ألمانيا عبر البلطيق). ووفقا للمصدر فإن ذلك سيسمح بربط هذا الجزء من الأنبوب من محطة غاز مسال متنقلة (عائمة). من جهته، علق المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، على التقارير حول التأميم المحتمل للجزء الألماني من “السيل الشمالي-2″، مؤكداً على أن هذه “حجج افتراضية ولا توجد بيانات رسمية”.
وفي حزيران/يونيو الماضي، أفاد رئيس شركة “غازبروم” الروسية أليكسي ميللر، أنه من الناحية الفنية فإن خط أنابيب الغاز “السيل الشمالي-2” جاهز تماماً للتشغيل ونقل الغاز إلى أوروبا. يُذكر أن “السيل الشمالي-2” هو مشروع روسي لمد أنبوبي غاز طبيعي يبلغ طول كل منهما 1200 كيلومتر، وبطاقة إجمالية تبلغ 55 مليار متر مكعب سنويا من الساحل الروسي عبر قاع بحر البلطيق إلى ألمانيا. وتعد روسيا أحد موردي الغاز الرئيسيين إلى أوروبا، وقد أكدت باستمرار أن خط أنابيب “السيل الشمالي-2” هو مشروع مشترك يخدم مصالح كل من الدول الأوروبية وفي مقدمتها ألمانيا وكذلك روسيا، داعية إلى النأي بهذا المشروع عن “التجاذبات السياسية”.
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعلن أن “الاتحاد الأوروبي إلى جانب الناتو يعملان على تشكيل تحالف حديث ضد روسيا”. وقال لافروف في ندوة صحفية مع نظيره الأذربيجاني في العاصمة باكو الجمعة، إنه “عندما بدأت الحرب العالمية الثانية، جمع هتلر تحت رايته جزءاً مهماً، إن لم يكن معظم الدول الأوروبية، للحرب ضد الاتحاد السوفيتي”، مضيفاً “في الوقت الحالي الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، يجمعان نفس التحالف الحديث لخوض الحرب بشكل عام مع الاتحاد الروسي”.
من جهة ثانية، أعلن منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي عندما سُئل، هل ستتصاعد احتمالات نشوب صراع بين الولايات المتحدة وروسيا في حال طال أمد الحرب؟ أنه “لن تشارك في القتال، ما سنفعله هو مساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها”. وقال كيربي رداً على سؤال حول المدة التي يمكن أن يستمر فيها القتال في أوكرانيا، “الصراع يمكن أن يكون طويلاً”.
المصدر: روسيا اليوم