تناولت الصحف الصادرة صباح اليوم الخميس في بيروت أبرز التطورات على الصعيد المحلي، لا سيّما ملفات الفساد المتراكمة وعلى رأسها الانترنت غير الشرعي وشبكة الاتجار بالبشر وليس انتهاءا بملف الاختلاس في قوى الامن الداخلي. وكان هناك رصد للتطورات الاقليمية.
السفير
حمود وصقر: لا لفلفة للملفات
هل «ينتفض» القضاء فيُحاسب المرتكبين.. جميعاً؟
تتدافع في «أروقة» الدولة اللبنانية، بل في «أنفاقها»، فضائح الفساد التي لطالما تفنن أصحابها في ارتكاب المحظور، وتجميع الضحايا، كالطوابع التذكارية.
ما إن يُفتح ملف موبوء حتى يظهر آخر لا يقل شأناً، وكأن المصيبة في لبنان لا تهون إلا عندما تتكشف أخرى أشد فظاعة وفتكاً، وليس حين يُعاقب المتورطون الذين غالباً ما يفلتون من العقاب.
يكاد عدّاد الفضائح يضرب في هذه المرحلة أرقاماً قياسية، من شأنها أن تؤهل لوائح الفاسدين المحليين لمنافسة «وثائق بنما» و «ويكيليكس».
كيفما مددت يدك تقع على فضيحة هنا أو هناك، في زمن انعدام الوزن وسقوط الحد الأدنى من الضوابط. والأرجح أن معظم اللبنانيين كانوا يلهثون خلال الأيام الماضية وهم يحاولون اللحاق بالملفات المتدحرجة في كل الاتجاهات.
انترنت غير شرعي، اختلاس في قوى الأمن الداخلي، مشروع ملتبس لتركيب الكاميرات في بيروت، شبكة إتجار بالبشر من مشتقات القرون الوسطى، أطباء «أجهضوا» رسالتهم الإنسانية المفترضة، قمح غير مطابق للمواصفات، تلوّث بيئي وصحي بفعل آثار النفايات المتراكمة، رئاسة شاغرة، حكومة متعثرة، مجلس نيابي معطل، جهاز لأمن الدولة بات يحتاج الى من يحميه..
وأغلب الظن، أن ما ظهر حتى الآن، على فداحته، ليس سوى رأس جبل الجليد، الذي إذا ما ذاب، فإن سيولاً من الفضائح ستتدفق وستأخذ في طريقها بقايا هذه الدولة المهترئة.. خصوصاً إن لم تكتمل دورة المساءلة والمحاسبة.
.. وحده القضاء بإمكانه تحويل هذا التهديد الى فرصة.
وحده القضاء يستطيع أن يعيد ترميم سمعة لبنان ودولته، إذا حزم أمره وقرر أن يضرب البنية التحتية للفساد، من دون أن يحسب حساباً للحمايات التي طالما شكلت بيئة حاضنة للمرتكبين.
صحيح أن الواقعية تستوجب الاعتراف بأن هناك «وصاية» أو «مونة» سياسية على العديد من القضاة المعرّضين عند كل منعطف واستحقاق، لضغوط شتى.. لكن الصحيح ايضا أن الوضع المزري الذي آلت اليه أحوال الدولة والناس، بات يتطلب تغيير قواعد اللعبة التقليدية، ولو استدعى ذلك من هؤلاء القضاة «الانتفاضة» على أنفسهم، وإصدار «حكم مبرم» غير قابل للاسئتناف بالخروج من سجن التعايش مع الأمر الواقع.
ويواجه القضاء حالياً اختبارات مفصلية، قد تشكل نقطة ارتكاز للإصلاح ومكافحة الفساد، وربما تكرّس غياب المساءلة والمحاسبة، تبعاً للطريقة التي سيتعامل بها مع الملفات المفتوحة، والمدى الذي سيصل اليه في ملاحقة المرتكبين والمتورطين.
حمود: لا تغطية لأحد
ويقول مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود لـ «السفير» إن القضاء ليس بصدد تغطية أحد في الملفات التي يتولى التحقيق فيها، «ونحن لن نتغاضى عن أي شخص متورط، لكننا في الوقت ذاته سنحرص على أن تكون أحكامنا مستندة الى الأدلة والبراهين، لأننا لا نريد أن نظلم أحدا».
ويؤكد أنه لم يتعرض شخصياً الى أي ضغوط، «ولم يحصل بعد أن راجعني أحد، وإذا جرى أي شيء من هذا القبيل، فلن أتأثر به، ونحن مصممون على المضي في التحقيقات حتى النهاية، وسنلاحق أي شخص مرتكب أو مشتبه فيه».
ولكن هناك شعوراً بأن عمل القضاء بطيء، قياسا على خطورة الملفات المفتوحة وأهميتها؟
يلفت حمود الانتباه، هنا، الى أن بعض المسائل التي يتصدى لها القضاء، كقضية الانترنت غير الشرعي، تحتاج الى تحقيقات فنية دقيقة، يتطلب إنجازها بعض الوقت، إضافة الى أن هناك متهمين ينكرون الاتهامات الموجهة اليهم، الأمر الذي يستوجب المزيد من التدقيق والمتابعة لكشف الحقائق.
وماذا عن خشية البعض من لفلفة قضايا الفساد في نهاية المطاف، بفعل التداخل بين السياسة والقضاء في لبنان؟
يجزم حمود بأنه لن تكون هناك لفلفة لأي ملف، مهما بلغت حساسيته، وأياً كانت هوية الأسماء المتورطة التي ستتكشف بفعل التحقيقات، «وأنا أطمئن اللبنانيين الى أن القضاء سيؤدي دوره كاملا، ولن يخضع الى أي نوع من أنواع الضغوط المحتملة، ولن يتوقف عند أي حصانة سياسية او طائفية مفترضة لأحد من المشتبه فيهم».
صقر: سنقاوم الضغوط
وفي سياق متصل، يؤكد مصدر مقرب من مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر لـ «السفير» أن صقر لن يتأثر بكل الضجيج السياسي والإعلامي الذي يواكب عمل القضاء في هذه المرحلة، وهو لن يسمح للضغوط، أياً يكن مصدرها، بأن تتحكم بوجهة التحقيق في الملفين اللذين يتولاهما وهما التثبت من وجود أو عدم وجود رابط بين شبكة الانترنت غير الشرعي والتخابر مع اسرائيل، وملابسات ما جرى في الزعرور خلال تفقد فريق «أوجيرو» الأجهزة والمعدات الموجودة في تلك النقطة، بمواكبة من عناصر قوى الأمن الداخلي.
ويلفت المصدر الانتباه الى ان هناك محاولة لجعل الاعتبارات السياسية تطغى على المعايير القضائية، إلا ان القاضي صقر لن يقبل بذلك، وهو يواصل عمله وفق ما تمليه عليه قناعاته.
ويكشف المصدر عن ان التحقيق الذي يجريه صقر في احتمال حدوث اتصال مع العدو الاسرائيلي عبر شبكة الانترنت غير الشرعي، أظهر حتى الآن انه لم يحصل أي تخابر من هذا القبيل، أو دخول اسرائيلي على خط الانترنت المخالف، وفق ما تبلغه من مخابرات الجيش وفرع المعلومات في قوى الامن الداخلي، علما أن التحقيق مستمر في هذا الاحتمال.
وفي ما يتعلق بحادثة الزعرور، يشير المصدر الى ان صقر كان قد أنجز التحقيق فيها، والذي تبين بموجبه انه لم يُسجل اعتداء على عناصر مخفر بتغرين التي كانت ترافق فريق «أوجيرو» في مهمته، موضحا ان العناصر الامنية أكدت في إفاداتها عدم حصول اعتداء عليها أو اعتراض لها، في حين ان موظفي «أوجيرو» بدّلوا إفاداتهم، من نفي وقوع الحادثة الى تأكيدها.
وأوضح المصدر أن صقر سيعيد فتح هذا الملف وسيتوسع في التحقيق، بناء على تمني لجنة الاتصالات والإعلام النيابية، حتى لا يبقى هناك أي مجال للالتباس أو الغموض حول حقيقة واقعة الزعرور.
وتعليقا على الحملة التي تعرضت لها المحكمة العسكرية خلال اللقاء الذي نظمته «القوات اللبنانية» في معراب أمس، نقل المصدر عن صقر استغرابه الشديد لهذه الحملة وتنبيهه الى أن اعتراض البعض على سلوكيات معينة لا يبرر الهجوم على مجمل المحكمة العسكرية، محذرا من مخاطر التعميم في هذا المجال.
ويشدد صقر، وفق المصدر المقرب منه، على انه فعل كل ما يتوجب فعله لتصويب الأمور في قضية ميشال سماحة، لافتا الانتباه الى انه لا يجوز، بسبب المآخذ على بعض التفاصيل، ضرب مبدأ بقاء المحكمة العسكرية التي لا يمكن الاستغناء عنها، ومتسائلا: من يستطيع أن يأخذ على عاتقه الملفات الدقيقة التي تتولاها هذه المحكمة إذا ألغيت؟
الأخبار
تعديل المناهج التربوية: إسرائيل ليست العدو!
تطوير المناهج التربوية في لبنان مطلب رئيسي، ليس فقط على صعيد تطوير عملية التعليم وجعلها مواكبة للتطورات العلمية والتكنولوجية فقط، بل أيضاً على صعيد تعزيز الهوية الوطنية المشتركة، وفي أساسها صدّ العدوان ومقاومة الاحتلال… ولكن في لبنان، هناك من يصر على الحفر أكثر في الحضيض. كانت عبارة «العداء للكيان الصهيوني الغاشم» كافية لإثارة سجال في ورشات العمل التي ينظمها المركز التربوي للبحوث والإنماء (مؤسسة حكومية). رفض بعض «التربويين» إدراجها في الأهداف العامّة للمناهج المنتظرة، وعمدوا الى إغراق هذه الورشات في مستوعب النفايات «اللبناني»، تارة بحجّة التأسيس لجيل «مسالم» وعدم إقحام التربية في السياسة، وطوراً بحجّة أن للبنانيين أعداء كثراً، فلمَ تسمية «إسرائيل» بالذات؟
أيّ متعلم نريد؟ لأيّ مجتمع نربّي؟ وما هي هوية لبنان؟ تحت هذه العناوين/ الأسئلة، أعلنت وزارة التربية أنها عقدت العزم على إعادة النظر في المناهج التربوية المعتمدة منذ 19 عاماً في المدارس الرسمية والخاصة.
تحرّك المركز التربوي للبحوث والإنماء، بوصفه المؤسسة المعنية، وبدأ بتنظيم ورشات عمل تحضيرية، تعكف حالياً على مناقشة سمات المتعلم بأبعادها التربوية والوطنية والاجتماعية والأخلاقية والإنسانية.
حتى الآن، يبدو العمل مطلوباً بإلحاح، فالمناهج القائمة بالية وتمعن في مراعاة الانتماءات الطائفية على حساب الانتماء الوطني ومفهوم المصلحة العامة، إلا أن ما جرى في الأسبوع الماضي في جلسة لمناقشة «الأهداف العامة» للمناهج لا يبشّر أبداً بالتقدّم المنشود، إذ عارض أعضاء في «لجنة مادة اللغة العربية»، يمثلون اتحاداً طائفياً لمدارس خاصة، تضمين هذه الأهداف عبارة «العداء للكيان الصهيوني الغاصب». تبارى هؤلاء في تبرير موقفهم، تارة بالقول «ما بدنا نقحم السياسة بالتربية»، وكأن التربية ممارسة حيادية غير خاضعة في كل الأحوال لتصور سياسي اجتماعي، وطوراً «أننا لا نريد أن نربي أولادنا على العداء»، حتى لو كان العدو مغتصباً محتلاً أرضنا ومنتهكاً سيادتنا ومتربصاً على حدودنا. وثمة من رأى أنّ الإصرار على تأكيد هذا العداء خطياً ضمن الأهداف العامة «مبالغ فيه ويقع في خانة التشكيك في أنّ أحداً من اللبنانيين لا يعتبر إسرائيل عدواً»، لو كانت القصة مبتوتة ولا تحتاج إلى تأكيد لما حصل السجال أصلاً، ولمرّت العبارة من دون أي اعتراض. ولكن ثمة من قال موقفه بصراحة: «لماذا تخصيص إسرائيل ما دام للبنان أكثر من عدو؟»، عاد الى تركيا في العهد العثماني وعرج على النظام السوري، وصولاً الى داعش… كبّر لائحة الأعداء، وساوى بينهم، كي يخلص الى أن إسرائيل مثلها مثل سوريا والفلسطينيين!
المفارقة أن بعض أعضاء اللجنة المقتنعين بمحتوى العبارة، سايروا الأعضاء المعترضين لمجرد تجنب التصادم، قال أحد الذين اتصلت بهم «الأخبار» للاستفسار: «مش وقتها هلق، ومش ضروري نذكرها بالأهداف العامة، يمكن التطرق إليها عند تأليف الكتب». قلل آخر من شأن النقاش حول هذه القضية: «لم يتجاوز عدد المعترضين ثلاثة أعضاء». وثالث اعتبر أنه وجد «التسوية»: يمكننا اعتماد لغة دبلوماسية لجعل الأمور تمر، ولكن بشرط أن لا نقبل بإمرار أي قيمة أو مفهوم مضاد للعداء، على أن نشكل في مرحلة ثانية مجموعة ضغط في كل المواد لمواجهة كل ما يمسّ بخصوصيتنا الثقافية». لا ينكر أصحاب هذا الرأي أن هناك دائماً منهجاً خفياً لن نحجر على أحد ممارسته! المنسقون في المركز التربوي قالوا إنهم نقلوا وقائع الجلسة بأمانة علمية، فسجلوا في المحضر جميع وجهات النظر، تاركين لأصحاب القرار التربوي والسياسي اتخاذ الموقف المناسب.
في الواقع، الإشكالية الأساسية التي أظهرتها النقاشات هي التمسك بالبقاء في العموميات بدل إصابة الهدف مباشرة، ما سيبعد الطلاب أكثر فأكثرعن كتبهم وما تحمله من تصورات تختلف جذرياً عما يعيشونه في حياتهم اليومية.
يقول أستاذ علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية طلال عتريسي: «الكلام عن مواصفات المتعلم لا يمكن أن يمر من دون الإشارة بالحد الأدنى إلى بناء مواطن يقاوم أي احتلال لبلده ويحافظ على سيادته». يرى عتريسي أن تربية الأطفال على التسامح والسلام تنطبق فقط على المجتمع الداخلي ولا تنسحب على العدو الذي يجب مواجهته في المناهج التربوية بالتحدي والقتال والعنف، وهذا مطبق في كل دول العالم، فالنموذج الأميركي في التعامل مع العدو واضح في مناهج الولايات المتحدة. يتحدث عتريسي عن توازن نفسي داخلي يجب مراعاته في بناء شخصية التلميذ على خلفية أن من «يعتدي يعاقب»، إذ «كيف نربيه على أهمية أن يلتزم الحق ولا يعتدي على أحد، ويرى أن من يعتدي عليه لا يعاقب؟».
«الكلام الملتبس عن العدو يقود إلى المحاكمة لو لم نكن في دولة مستوردة أضاعت هويتها الحقيقية»، هكذا يعلّق نسيم خوري، أستاذ الإعلام السياسي في الجامعة اللبنانية، على السجال. برأيه، يجب أن نقاتل مثل هذه الوقاحة السياسية التي لا يمكن أن تكون مقبولة على مستوى تربية النشء، وهي ليست مزحة عابرة، في وقت لا يزال فيه الانقسام التاريخي معضلة وطنية وقومية ودينية. ويلفت إلى أن هناك جروحاً لا تندمل بهذه البساطة، ففي فرنسا مثلاً، هناك حذر تربوي حتى اليوم لدى صياغة موضوع الحرب العالمية في المناهج، وكيف ضربت ألمانيا فرنسا، رغم مرور وقت طويل على نشوء منظومة الوحدة الأوروبية. ويذهب خوري أكثر ليقول إن واضعي المناهج التربوية لا يجب أن يتوافقوا على العداء لإسرائيل فحسب، بل أن يلتفتوا أيضاً إلى معطى جديد في لبنان مختلف عن كل التاريخ العربي الملتبس وهو مقاومة العدو الصهيوني، ولا يجب أن يكون هناك حرج في ذكر الأمر بشكل واضح لا يحتمل التأويل.
يصف عضو رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي عبد الله نجم الرفض العلني لذكر العدو في الأهداف العامة للمناهج بالسابقة الخطيرة، فهي تشير إلى «أننا سنستمر في تربية جيل بلا هوية كما حصل في الماضي، إذ كانت المناهج تصاغ بصورة عشوائية لا تلبي المتطلبات الاجتماعية والتربوية». يقول: «ليس معقولاً أن تكون هناك تربية بلا سياسة، فيما السياسة تعيش مع التلميذ في البيت والشارع». يدعو نجم إلى مواجهة هذه الخيارات في المناهج، ليس فقط من جانب الروابط والنقابات بل أيضاً أن يشارك كل المجتمع السياسي والأهلي في الضغط لوضع مناهج تبني مواطناً متكاملا ومتوازناً يميز العدو من الصديق ويعرف مع من يجب أن يكون مسالماً.
في المقابل، لا يوافق أستاذ الفلسفة في الجامعة الأميركية في بيروت وضاح نصر على أن يندرج العداء في تعريف شخصية التلميذ، فذلك ليس قياساً لوطنيته بل هو نوع من التبجح والتسابق، إذ إنّ بحثاً عميقاً في موضوع الانتماء يؤكد أن أي مواطن لبناني عربي يجب أن يكون بطبيعة الحال معادياً للكيان الصهيوني وهذه الدولة العنصرية، إلا أننا كتربويين يجب أن تكون لدينا الجرأة الكافية للتركيز على النواحي الإيجابية في شخصية الإنسان المواطن، وماذا يجب أن نتعلمه من التاريخ العربي المنفتح وحضارتنا خارج الشعارات السياسية التي استجدت عواطف الجماهير العربية، وأن لا نكتفي بالحديث عن الصهيونية، فيما لدينا لائحة أولويات كثيرة؛ منها مواجهة التطرف الديني والسياسي الذي يهدد المنطقة العربية والطائفية المتجذرة فينا.
المركز التربوي: هل ستبقى إسرائيل عدواً؟
تقول رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء ندى عويجان لـ»الأخبار» إن ما يدور حالياً من تبادل لوجهات النظر داخل لجان المواد التعليمية لا يعدو كونه نقاشاً عاماً أولياً في الملامح التي ينبغي مقاربتها في شخصية المتعلم، فالمركز التربوي لم يتبنّ حتى الآن أياً من المواقف التي تصدر عن هذه السجالات.
مع ذلك، فإن التركيز على البعد الوطني في المناهج سيكون، بحسب عويجان، أساسياً ولا سيما بالنسبة إلى قضية مواجهة التحديات والأخطار الخارجية التي هي قضية حساسة وستندرج حتماً في الأهداف العامة المطروحة وستتجلى في كل المواد، إذ ستكون المقاربة متقدمة من حيث المعارف والمواقف لبناء المواطن الواعي والقادر على التمييز بين العدو والصديق. تقول: «نريد أن نعلمه ما هي مواصفات العدو، وكيف يضحي ويتفانى لردع الاعتداءات عن أرض الوطن قبل أن نسمي له هذا العدو أو ذاك». ماذا عن إسرائيل؟ تجيب: «في العصر الحالي، إسرائيل تعتبر عدواً ولا نعرف ماذا سيحصل بعد 5 سنوات أو 10 سنوات، وإذا كان هناك لزوم لتسميتها بالاسم في الأهداف العامة والأمر يتناسب مع المصلحة العامة فسنسميها طبعاً».
النهار
يوم الادعاءات القياسية في الملفات الفضائحية العشرات في جرائم الاختلاس والاتجار بالبشر
ليس تطوراً عادياً ومألوفاً في لبنان ان يحال عشرات المدعى عليهم في ثلاثة ملفات فساد من الدرجة الاولى على القضاء في يوم واحد. انطلق المسار القضائي مبدئيا في مراحله الاولى في ملفات فضائحية تتناول شبكة الانترنت غير الشرعي والاتجار بالبشر عبر احدى كبرى شبكات الدعارة وملف الاختلاس غير المسبوق في قوى الامن الداخلي دفعة واحدة، ليدفع بملف الفساد المتنوع الاتجاهات والقطاعات الى صدارة المشهد الداخلي بما طغى على كل القضايا السياسية المطروحة وهمشها واضعا الحكومة أيضا أمام وقائع قد يتعذر عليها تجاهلها في جلسة مجلس الوزراء اليوم وان يكن جدول اعماله يتركز على ملفين خلافيين من خارج هذا السياق هما ملف أمن الدولة وملف تجهيزات المطار والعقود الرضائية العائدة اليها.
والواقع ان تطورات المسار القضائي في ملفات الفساد الثلاثة اتخذت بعدا بالغ الاهمية من خلال اكتمال اجراءات التحقيقات الاولية في كل منها وصدور الادعاءات تباعاً امس لترتسم صورة دراماتيكية عن مجمل وقائع هذه الملفات ووقعها على الرأي العام، ولكن أيضاً لتضع القضاء أمام محك المضي بلا هوادة في تسريع الاجراءات اللاحقة واستمكالها واثبات قدرته على مكافحة الفساد وقت تجتاز البلاد ظروفا شديدة التعقيد وترسم حول الطبقة السياسية أسوأ الشكوك في ايصال البلاد الى هذا الدرك المتدهور من تفشي الفساد.
وفي خلاصة الوقائع القضائية أمس جاء ادعاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية صقر صقر في ملف قوى الامن الداخلي ليشمل 47 شخصاً من رتب ضابط ومؤهل ورتيب عسكري ومدني بينهم 17 موقوفاً ومنالموقوفين ثلاثة ضباط في جرائم استغلال الوظيفة واساءة استعمال السلطة واختلاس أموال عائدة الى قوى الامن الداخلي واختلاق فواتير وهمية والغش في المواد المستعملة والتلزيمات. واحالهم على قاضي التحقيق العسكري الاول رياض أبو غيدا.
اما في ملف شبكة الدعارة والاتجار بالبشر، فادعت النيابة العامة الاستنئافية في جبل لبنان على 26 شخصاً بينهم 9 لبنانيين و17 سورياً بجرم استدراج فتيات وحجز حريتهن وانزال التعذيب الجسدي والمعنوي بحقهن واستغلالهن في أعمال الدعارة مؤلفين بذلك شبكة للاتجار بالبشر وجمعية بقصد ارتكاب الجنايات على الاشخاص. كما ادعت على الطبيب رياض.ع. وطبيب البنج جورج أ. اللذين حقق معهما وتركا بسندي اقامة بجرم اجهاض فتيات قصدا وعلى عشرة سوريين من افراد الشبكة بالاقامة غير المشروعة وتزوير بطاقات الهوية ومستندات ثبوتية. واحيل الملف مع الموقوفين على قاضي التحقيق في جبل لبنان بيتر جرمانوس.
وفي ملف شبكات الانترنت غير الشرعية، أوقف المدعي المالي علي ابرهيم احد اصحاب محطات الانترنت غير الشرعي في جرود الضنية وهو الشخص الثاني الذي يوقف في هذه المنطقة بهذا الملف.
واسترعى الانتباه في هذا السياق ان وزير الصحة وائل ابو فاعور الذي أثار ملف شبكة الاتجار بالبشر في مؤتمر صحافي أمس، تحدث عن “محاولات حصلت من بعض النافذين لتغيير افادة طبيب الاجهاض والتراجع عنها ” موضحا انه بسبب ذلك اتخذ الاجراءات المناسبة في حق الطبيب. وقال: “ان الدولة لا يمكنها ان تستمر في هذا المسار الانحداري وآن الاوان لكي تسقط الحمايات السياسية عن بعض المتورطين في القضايا التي اثيرت اخيرا “. ومن المقرر ان تستجوب نقابة الاطباء اليوم الطبيب المعني بالملف واعلان قرارها في شأنه.
مجلس الوزراء
في غضون ذلك، عقد عشية جلسة مجلس الوزراء اجتماع وزاري برئاسة رئيس الوزراء تمام سلام حضره وزراء الداخلية نهاد المشنوق والمال علي حسن خليل والاشغال العامة غازي زعيتر خصص للبحث في موضوع عقود تجهيزات المطار وتقرر في ضوئه ترك القرار النهائي لمجلس الوزراء اليوم. وأوضح وزير المال ان ليس امامه الا وسيلة واحدة من ثلاث لتمويل التجهيزات “أو ليعيدوا جدولة الاحتياط المالي “. وقال الوزير المشنوق ان الملف سيطرح بكامله على مجلس الوزراء لجهة واقع المطار والحاجات ” والقرار يعود الى مجلس الوزراء”. وعلمت “النهار” ان وزراء حزب الكتائب سيطرحون اليوم ما اذا كان لبنان ملزماً عقوداً وضعت رضائياً على أساس انها ممولة بموجب هبة وسيطلبون توجيه سؤال الى هيئة الاستشارات والقضايا في وزارة العدل لمعرفة رأيها في هذا الملف. كما سيسألون عن تجهيزات تلزم بعقد مع شركة الخدمات في المطار”ميز” التي انتهى العقد معها في العام 2010 وهي باقية تحت عنوان تسيير عمل مرفق عام.
مجلس النواب
الى ذلك، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس انه سيدعو الى جلسة تشريعية بعد جولة الحوار الوطني المقررة في 20 نيسان. وعلمت “النهار” من مصادر نيابية أن موضوع الفراغ في مراكز المخاتير مع بدء شهر ايار المقبل يشكل مبرراً قوياً لإنعقاد مجلس النواب في الثلث الاخير من الشهر الجاري وذلك في ضوء إعلان الرئيس بري انه في صدد الدعوة الى عقد جلسة تشريعية بعد إجتماع الحوار النيابي في 20 نيسان الجاري. ورأت ان تفادي هذا الفراغ الذي سيشلّ عمل المختارين في كل لبنان بعد 1 أيار المقبل سيكون حجة في وجه الاعتراضات على إنعقاد الجلسة، خصوصاً ان مواعيد إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية ستبدأ كما هو مقرر لها في مستهل الاسبوع الثاني من أيار مما يعني أن هناك أياماً من تعطّل العمل الاختياري إذا لم يتم التشريع لمنعه وتالياً تيسير عدد لا يحصى من معاملات المواطنين الحيوية اليومية.وأشارت الى ان هذا الامر سيحتم نشر القانون في الجريدة الرسمية في إطار الافادة من المهل المقصّرة قبل نهاية نيسان.ولم تستبعد أن تكون هناك مشاريع قوانين ملحّة ستجد طريقها الى الاقرار في الجلسة المرتقبة.
اللواء
إجتماع وزاري في السراي يفشل في الإتفاق على آلية تجهيزات المطار
خلاف المشنوق وزعيتر يحيل الملف إلى مجلس الوزراء اليوم
كباش سياسي جديد تنتظره الحكومة اليوم والتي تؤكد الأجواء بأنها ستكون جلسة حامية، لن تخلو من النقاشات والسجالات، خصوصا ان جدول اعمالها دسم بالمواضيع الحساسة. وعلى رغم سعي رئيس مجلس الوزراء تمام سلام عشية انعقادها لتفكيك الالغام المزروعة امامها لغما لغما، يبدو ان الألغام خطيرة ومتفجرة وتحتاج الى مساعدة جميع القوى السياسية لتفكيكها. ومن بين هذه الألغام التي بذل سلام كل ما في وسعه لتفكيكها لغم تجهيزات امن المطار، وهو بند مدرج على جدول الاعمال، ولهذه الغاية ترأس رئيس الحكومة مساء امس اجتماعا مطولا دام لأكثر من ساعتين بقي بعيداً عن الإعلام ولم يخرج بأي نتيجة، تاركا القرار النهائي لحل هذا الملف لمجلس الوزراء مجتمعا.
وحضر الاجتماع وزراء المال علي حسن خليل، والاشغال غازي زعيتر والداخلية نهاد المشنوق وممثل عن مجلس الانماء والاعمار، وقد عرض الملف بتفاصيله كافة ولكن بقي وزير الاشغال متمسكاً برأيه كذلك وزير الداخلية.
وعلمت «اللواء» ان الاتصالات والمشاورات استمرت الى ما بعد انتهاء الاجتماع لايجاد مخرج لهذا الملف، وفي هذا الإطار قال مصدر مطلع على تفاصيل هذا الملف لـ«اللواء» ان المملكة العربية السعودية كلفت الرئيس سعد الحريري شراء التجهيزات اللازمة لتعزيز امن المطار من خلال الهبة التي كانت مقررة منها الى لبنان، ووضعت آلية لشراء هذه التجهيزات من خلال لجنة كلفها الرئيس سلام لبحث حاجات المطار من خلال وضع دفتر شروط والتفاوض مع الشركات التي تستورد مثل هذه الاجهزة لتقديم عروضها، ليتمكن الواهب من شراء هذه الاجهزة ويتم تركيبها في مطار رفيق الحريري الدولي، وهكذا حصل، ولكن مع الأسف عندما اصبحت العروض جاهزة للتنفيذ سُحبت الهبة، ولم تعد هذه الالية صالحة للدولة اللبنانية، من هنا يعتبر وزير الاشغال انه غير ملزم باعتماد هذه الالية الموضوعة خصيصا للهبة السعودية.
فالمشكلة اليوم هي بالآلية التي ستعتمد لشراء هذه الاجهزة، هل ستعتمد الاليات الموضوعة ام يعاد وضع اليات عقود جديدة؟ فهذان الطرحان سيتم عرضهما على مجلس الوزراء الذي هو من سيقرر اي سيناريو سيعتمد، بعد ان يدلي كل وزير برأيه حول هذا الموضوع.
واشار المصدر الى ان الرئيس سلام كان يأمل من خلال الاجتماع المسائي التوصل الى توافق حول هذا البند وتجنيب المجلس السجالات حوله، خصوصا انه من المعروف ان اي بند موضوع على جدول الاعمال ولم يجر توافق عليه قبل الجلسة يكون بندا خلافيا ومحور لنقاشات وسجالات ساخنة.
وكشف المصدر عن ان رئيس مجلس النواب نبيه بري اعطى توجيهاته لوزير المال من أجل تأمين الاموال المطلوبة لهذا الملف ضمن القوانين، ولكن هذا الامر لا يعني ان هناك اتفاقاً حول آلية هذه العقود، خصوصا ان بري لم يجر اي اتصال بالوزير زعيتر لتسهيل هذا الملف رغم ان وزير الأشغال هو من فريق رئيس المجلس، مما يعني ان الأمور معقدة.
ويشير المصدر الى ان الوزير المشنوق يصر على ان الآلية التي اعتمدت لوضع العقود هي سليمة ولا شوائب تعتريها، اما الوزير زعيتر فيعتبر انها تصلح فقط للهبة، وهو يريد الذهاب الى ديوان المحاسبة. من هنا فان القرار سيعود لمجلس الوزراء كي لا يتحمل اي وزير مسؤولية الأمر بمفرده، لذلك يتوقع المصدر ان تشهد الجلسة شد حبال حول هذا البند.
وزير المال علي حسن خليل اعتبر لـ«اللواء» ان واجباته كوزير للمال تأمين الاموال اللازمة للمشروع، مشيرا الى ان لديه ثلاثة خيارات لكيفية تأمين الاموال او الأمر يحتاج الى جدولة الاحتياط في الموازنة.
اما وزير الداخلية نهاد المشنوق فأشار بعد الاجتماع في دردشة الى انه تم الاتفاق على عرض الملف على مجلس الوزراء لاتخاذ القرار الذي يراه مناسبا، راميا الكرة في ملعب جميع الوزراء، وقال: لماذا انا ووزير الاشغال من يتحمل المسؤولية، فعلى المجلس مجتمعا تحمل هذه المسؤولية ايضا مهما يكن القرار الذي سيتم اتخاذه. واشار الى انه سيتم عرض الدراسة التي كانت وزارة الداخلية وضعتها والمتعلقة بالملف، ولفت الى انه لا يمكن إلزام مجلس الوزراء بهذه الدراسة، مشددا على انه سيعرض الواقع الأمني للمطار والمشاكل التي تعترضه والآراء الدولية حول امن المطار وقرار اللجنة الوزارية التي كلفت بوضع الدراسات.
واعتبر المشنوق ان الامر يتعلق بأمن البلد، ومن الطبيعي تأمين الاموال للازمة لهذا الموضوع.
يذكر ان قيمة العقود الموضوعة قرابة 26 مليون دولار اميركي.
من ناحية ثانية، توقعت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان يستحوذ موضوع امن المطار على جلسة مجلس الوزراء التي قد لا تصل لبحث البند المتعلق بجهاز أمن الدولة وهو تحت رقم 65 على جدول الاعمال، وسيعترض عدد من الوزراء على هذا الأمر.
فهل سينجح سلام اليوم بالسيطرة مرة جديدة على الوضع داخل مجلس الوزراء كما يفعل في كل جلسة.
لقاءات
وكان سلام استهل نشاطه امس في السراي الكبير بلقاء مع المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، وتناول البحث نتائج زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الى لبنان والمنطقة.
والتقى الرئيس سلام سفير تركيا لدى لبنان تشغتاي آرجيس الذي اوضح بعد اللقاء: «ان محور الاجتماع كان قمة الأمم المتحدة الإنسانية العالمية الأولى من نوعها التي ستستضيفها تركيا في 23- 24 أيار 2016 في اسطنبول وفقا للدعوة العالمية للعمل الإنساني الموجهة من قبل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون». وتابع: «لقد سلمت الرئيس سلام دعوة من رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو للمشاركة في هذه القمة، وبالفعل تركيا والأمين العام للأمم المتحدة يدعوان جميع زعماء العالم لحضور هذه القمة المهمة. والتي من المتوقع ان يحضرها اكثر من خمسة آلاف مشارك منهم رؤساء دول وحكومات وقادة من المجتمعات المتضررة من الأزمة وكبار مديرين تنفيذيين من القطاع الخاص ورؤساء منظمات متعددة الأطراف ومنظمات وطنية ودولية غير حكومية وممثلين عن الشباب والمجتمع المدني والشتات، ومدنيين وعسكريين وأوساط أكاديمية، ونولي أهمية خاصة بمشاركة لبنان في هذه القمة».
واستقبل الرئيس سلام سفير بريطانيا لدى لبنان هوغو شورتر وبحث معه في نتائج زيارة وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند الى لبنان.
والتقى الرئيس سلام وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية نبيل دو فريج وعرض معه شؤونا وزارية عشية جلسة مجلس الوزراء.
المصدر: صحف