دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اللبنانيين، عشية الانتخابات النيابية، الى “الثورة وراء العازل، على المال الانتخابي”، وقال: كونوا احرارا، خلف العازل لدقائق، فتربحوا وطنكم وتعيشوا فيه أحرارا، وبكرامتكم طوال حياتكم”. أضاف: “ثورة صندوق الاقتراع هي أنظف ثورة وأصدقها، ثوروا على كل من يعتبركم مجرد سلعة! ثوروا على الابتزاز السياسي! ثوروا على الانحطاط الاخلاقي وفقدان القيم! ثوروا على الارتهان للخارج! ثوروا على من سرق اموالكم وودائعكم! ثوروا على من عرقل، ولما يزل، كل خطوة بمقدورها أن تحمي ما تبقى من حقوقكم أو تفضح السارقين! ثوروا على من يحرض ويبتغي الفتنة وربما حربا أهلية”.
كلام رئيس الجمهورية جاء في خلال رسالة له، وجهها الى اللبنانيين في الثامنة مساء اليوم عشية موعد الانتخابات النيابية، عبر وسائل الاعلام المرئية والمسموعة وعبر وسائل التواصل، ناشدهم فيها “المشاركة في الانتخابات بكثافة، والتعبير عن رأيكم، واختيار من تثقون بهم، وتجدونهم أهلا للدفاع عن حقوقكم”.
واعتبر انه “حانت لحظة المحاسبة، ولحظة تحديد الخيارات. والمحاسبة تكون دائما في صندوق الاقتراع”، مشيرا الى “إن مسؤوليتكم كبيرة اليوم، كي لا يتوقف مسار تفكيك منظومة الفساد المركبة، التي تحكمت بمفاصل البلد على مدى عقود، وتحاسبوا الفاسدين والسارقين”.
وإذ جدد القول ان “لبنان منهوب وليس مكسورا، ولا هو بمفلس”، فإنه دعا القضاء لكي يقوم بعمله، “ويسمي الفاسدين ويلاحقهم، وبعض هؤلاء بات معروفا، وذلك لكي يستقيم الوضع في لبنان، فلا يبقى هناك تراشق اتهامات ورمي مسؤوليات”. كما شدد على انه “دل على الطريق التي توصلنا الى معرفة من سرق، ولقد فعلت وقلت إن التدقيق الجنائي هو الطريق فابدأوا من هنا”.
وتوجه الى اللبنانيين: “لدينا موارد، وطاقات، بمقدورها أن تنتشل الاقتصاد والبلد، فلا تيأسوا. فإذا ما تمكنتم من إختيار نواب يشرعون ويتقدمون بالقوانين اللازمة للإنقاذ، ويسعون لإقرارها ولحماية حقوقكم، نكون امام فرصة حقيقية”.
وحذر الشباب على وجه الخصوص من “كذبة جديدة وبدعة خطيرة، وخلاصتها انه من الممكن إلغاء مكون من مكونات مجتمعنا من دون أن يؤثر ذلك على استقرار الوطن وهدوئه”، معتبرا ان كل هذا التفكير فتنة وحرب اهلية. فلبنان ليس بإمكانه أن يحيا إلا بجميع مكوناته وبجميع ابنائه، ولقد سبق واختبرت محاولات العزل، وأغرقت لبنان في بحر من الدم والدموع”، ومتسائلا: “هل من أحد على استعداد أن يعيش أولاده وأحفاده ذلك الخوف إياه، وذلك الوجع، وتلك المآسي؟”.
ودعا الى “وقف خطاب الكراهية، وشعارات التحريض، وأحلام العزل ووقف فبركة الاشاعات، وتخويف المواطنين من بعضهم البعض”.
وإذ اكد انه “ليس ميشال عون الذي أمضى حياته يقاتل من أجل وحدة لبنان، وسيادته على كل شبر من أرضه وبحره، وأول من تقدم باستراتيجية دفاعية وطنية، سيسمح اليوم أو في أي يوم، ان تمس هذه السيادة، أو تباع في السوق السوداء، أو تغدو موضع مساومة أو مقايضة”، فإنه كرر أن “حق الشعب اللبناني هو أولوية، ووطننا لم يعد قادرا على تحمل أعباء اللجوء والنزوح، ونرفض كل شكل من أشكال الدمج والتوطين”، مؤكدا انه “لا يمكن لأحد ان يأخذ توقيعي إلا على عودة آمنة للاجئين والنازحين الى بلادهم”.
وتمنى على اللبنانيين “ان تعلو صرختكم بوجه تجار البشر والوطن. وأن توصدوا ابوابكم أمامهم، وتعلنوها: ضميرنا ليس للبيع! ونحن لسنا للبيع! من يشتريك اليوم، بالثمن الزهيد، سيبيعك في الغد بأغلى الأثمان”.
وختم بالقول: “لقد كشفنا منظومة الفساد، لكي نتمكن من اعادة بناء النظام والمؤسسات، وكلفنا الأمر غاليا، فلا تسمحوا لها أن تنتعش من جديد”.
نص الرسالة
وفي ما يلي، النص الكامل لكلمة رئيس الجمهورية الى اللبنانيين:
“أعزائي اللبنانيين، اخاطبكم اليوم عشية الإنتخابات النيابية، كي أدعوكم للمشاركة فيها بكثافة، والتعبير عن رأيكم، واختيار من تثقون بهم، وتجدونهم أهلا للدفاع عن حقوقكم، وإقرار القوانين التي تصونها وتحميها، خصوصا وأن مجلس النواب المقبل سيكون أمام مسؤوليات تشريعية كبرى واستحقاقات دستورية. أعزائي، الانتخاب ليس مجرد حق فحسب، بل هو ايضا واجب لكل مواطن. كما أنه الطريق الصحيح والفعلي للتغيير. لقد حانت لحظة المحاسبة، ولحظة تحديد الخيارات. والمحاسبة تكون دائما في صندوق الاقتراع. هذه هي فرصتكم، فلا تضيعوها، خصوصا بعد الحقائق التي تكشفت خلال هاتين السنتين، والأكاذيب التي تم فضحها، وبعدما بات للفساد وللسرقة وجوه وأسماء؛ إن مسؤوليتكم كبيرة اليوم، كي لا يتوقف مسار تفكيك منظومة الفساد المركبة، التي تحكمت بمفاصل البلد على مدى عقود، وتحاسبوا الفاسدين والسارقين”.
أضاف: “منذ ثلاثين سنة، جعلونا نعيش كذبة كبيرة؛ أوهمونا أن الليرة بخير، وأن أموالنا موجودة، ولا شيء يدعو للقلق. كذبة كهذه هي لا شك ممتعة ومريحة، ولكن كان لا بد أن يأتي وقت وندفع ثمنها، وكلما طالت الفترة، كلما بات الثمن أغلى وأقسى. منذ فترة، انتهت الكذبة، وكان يجب ان تنتهي وتتكشف الحقيقة القاسية، لنتمكن من مواجهة الواقع وإيجاد طريق الخروج منه. اليوم، هنالك حملة تيئيس كبرى، عنوانها أن لبنان مكسور ومفلس: غادروه، واهربوا. لا! لقد قلتها منذ سنين، وها إنني إكررها: إن لبنان منهوب وليس مكسورا، ولا هو بمفلس. بعد ان أنجزنا الموازنة، لأول مرة بعد 12 سنة من الانقطاع، وانتظمت المالية العامة، بدأت الفجوات بالظهور، وبتنا متأكدين، وبالأرقام، من أن لبنان منهوب. نعم، إنه منهوب ومسروق، بالتكافل والتضامن، وألاموال مهربة الى الخارج. وها هم يحاولون تحميل تبعات النتائج لكم، والمسؤولية لي. أنا الذي لطالما حذرت، منذ أكثر من 25 سنة، من سياسات مالية سترهن البلد، وسياسات اقتصادية ستوقعه بأزمات مستقبلية”.
وقال: “اليوم، ولكي يستقيم الوضع في لبنان، فلا يبقى هناك تراشق اتهامات ورمي مسؤوليات، على القضاء أن يقوم بعمله، عليه ان يسمي الفاسدين ويلاحقهم، وبعض هؤلاء بات معروفا. لا يعود لرئيس الجمهورية أن يلاحق الفاسدين والسارقين ويقاضيهم ويزج بهم في السجون. أنا بإمكاني ان أدل على الطريق التي توصلنا الى معرفة من سرق، ولقد فعلت وقلت إن التدقيق الجنائي هو الطريق فابدأوا من هنا. كما قلت للقضاء: انا حمايتك، انا سقفك الفولاذي، لكنني لست مكانك، ولا يعود الي القيام بدورك. قم بعملك لكي تنقذ البلد. وعلى الضابطة العدلية ايضا ان تقوم بمهامها، لأنه من دونها تبقى قرارات القضاة حبرا على ورق. كذلك فإنني، ولأكثر من مرة، قلت للنواب: هنالك قوانين تحمي حقوق المواطنين وتمنع تهريب أموالهم، لو بادرتم الى إقرارها في الوقت المناسب لما كنا وصلنا الى هنا. ولكم أقول: لدينا موارد، وطاقات، بمقدورها أن تنتشل الاقتصاد والبلد، فلا تيأسوا. فإذا ما تمكنتم من إختيار نواب يشرعون ويتقدمون بالقوانين اللازمة للإنقاذ، ويسعون لإقرارها ولحماية حقوقكم، نكون امام فرصة حقيقية”.
وتابع رئيس الجمهورية: “بعدما انكشفت أول كذبة، ها هم يحاولون اختلاق كذبة جديدة وبدعة خطيرة، ساعين الى زرعها في عقول اللبنانيين، لا سيما الشباب منهم، وخلاصتها انه من الممكن إلغاء مكون من مكونات مجتمعنا من دون أن يؤثر ذلك على استقرار الوطن وهدوئه. إن هذا التفكير خطر للغاية وكلفته جد مرتفعة. كلفته فتنة. كلفته حرب اهلية.
فلبنان ليس بإمكانه أن يحيا إلا بجميع مكوناته وبجميع ابنائه، لقد سبق واختبرت محاولات العزل، وأغرقت لبنان في بحر من الدم والدموع. فهل من أحد على استعداد أن يعيش أولاده وأحفاده ذلك الخوف إياه، وذلك الوجع، وتلك المآسي؟؟؟
وقال: “أوقفوا خطاب الكراهية، وشعارات التحريض، وأحلام العزل! أوقفوها…أوقفو فبركة الاشاعات، وتخويف المواطنين من بعضهم البعض. هذه الطريق لا تبني ولا توصل إلا الى الدمار. دمار مجتمع ودمار وطن. غدا ستنتهي الانتخابات، وستعودون للعيش معا، ولا أحد بإمكانه ان يتخلص من أحد. وليس ميشال عون الذي أمضى حياته يقاتل من أجل وحدة لبنان، وسيادته على كل شبر من أرضه وبحره، وأول من تقدم باستراتيجية دفاعية وطنية، سيسمح اليوم أو في أي يوم، ان تمس هذه السيادة، أو تباع في السوق السوداء، أو تغدو موضع مساومة أو مقايضة”.
وأشار الى أن “منذ يومين أوصى تقرير الأمم المتحدة بإعطاء النازح السوري واللاجئ الفلسطيني حق العمل والاستفادة من الضمان الاجتماعي… أكرر وبصوت عال أن حق الشعب اللبناني هو أولوية، ووطننا لم يعد قادرا على تحمل أعباء اللجوء والنزوح، ونرفض كل شكل من أشكال الدمج والتوطين، وأكرر أيضا أن لا يمكن لأحد ان يأخذ توقيعي إلا على عودة آمنة للاجئين والنازحين الى بلادهم”.
وأردف رئيس الجمهورية: “إن استغلال وجعكم، وحاجة البعض منكم هو أكبر خصم لكم جميعا في الانتخابات، ومحاولة مستميتة لتثبيت نفوذ من أوصلكم الى هذا الحد، كي يعود لإبتزازكم عند كل استحقاق. أتمنى ان تعلو صرختكم بوجه تجار البشر والوطن.
وأن توصدوا ابوابكم أمامهم، وتعلنوها: ضميرنا ليس للبيع! ونحن لسنا للبيع! وتذكروا وصية السيد المسيح: “لا تعبدوا ربين، الله والمال!”
وتذكروا كذلك أن من يشتريك اليوم، بالثمن الزهيد، سيبيعك في الغد بأغلى الأثمان. هنالك أموال كثيرة تصرف، مشبوهة المصدر ومشبوهة الأهداف، فلا تسمحوا أن تحقق أهدافها. لقد كشفنا منظومة الفساد، لكي نتمكن من اعادة بناء النظام والمؤسسات، وكلفنا الأمر غاليا، فلا تسمحوا لها أن تنتعش من جديد”.
وختم عون: “أمامكم فرصة كبيرة، فرصة الثورة وراء العازل: ثوروا وراء العازل على المال الانتخابي! ثوروا على كل من يعتبركم مجرد سلعة! ثوروا على الابتزاز السياسي! ثوروا على الانحطاط الاخلاقي وفقدان القيم! ثوروا على الارتهان للخارج! ثوروا على من سرق اموالكم وودائعكم! ثوروا على من عرقل، ولما يزل، كل خطوة بمقدورها أن تحمي ما تبقى من حقوقكم أو تفضح السارقين! ثوروا على من يحرض ويبتغي الفتنة وربما حربا أهلية! إن ثورة صندوق الاقتراع هي أنظف ثورة وأصدقها، فلا تبيعوها لأحد.
كونوا أحرارا، خلف العازل لدقائق، تربحون وطنكم وتعيشون فيه أحرارا، وبكرامتكم طوال حياتكم. عشتم وعاش لبنان!”.