لفت السيد علي فضل الله، في خطبتي صلاة الجمعة الى الوضع المعيشي المتردي الذي يعيشه اللبنانيون على كل الصعد، من دون أن يبدو في الأفق أي بصيص أمل لخروجهم من هذا الواقع المأسوي الذي دخلوا فيه بعد أن أصبح واضحا الدرك الذي وصلت إليه الخزينة العامة بفعل الفساد والهدر وسوء الإدارة، وأن المساعدات التي وعد بها اللبنانيون لن تأتي وإن أتت فبشروط الخارج وإملاءاته، وبالطبع هو يريدها لصالحه ولحسابه، ليبقى اللبنانيون يعيشون على مساعدات تأتي إليهم من أفراد ومن جهات تؤمن لهم القدرة على الاستمرار لكنها مهما عظمت لن تكون حلا لمعاناتهم، بل تخفيفا لها”.
ونحن في هذه المناسبة نقدر كل المبادرات التي تعطي من دون حساب حبا بالعطاء وشعورا بالمسؤولية تجاه أبناء مجتمعهم ووطنهم، ولعل الصورة الأكثر تعبيرا عما آل إليه واقع اللبنانيين هو غرق المركب الذي كان يحمل على متنه العشرات من الشباب والرجال والنساء والأطفال الهاربين من الجحيم الذي يعيشونه والواقع المأسوي الذي يعانون منه، بعدما لم يعودوا قادرين على تأمين أبسط مقومات حياتهم”.
وتابع السيد فضل الله “رغم أنهم كانوا على علم بمخاطر هذا السفر وما قد يؤدي إليه، ولكنهم فضلوا تحمل المخاطر علهم ينجون من أنياب العوز والفقر والحاجة. ونحن على هذا الصعيد، فإننا نشارك أهلنا في طرابلس وأهالي الضحايا الحزن على هذه الفاجعة التي أودت بحياة العديد منهم ونهنئ الناجين منهم، وندعو الله بالإسراع في الكشف عن حال المفقودين.
وقال ” وكما دعونا سابقا، فإننا نجدد دعوتنا لكل من هم في مواقع المسؤولية إلى يقظة ضمير والتبصر جيدا في الأسباب التي دفعت هؤلاء إلى أن يركبوا الزورق المكتظ وغير المجهز بسبل النجاة والإنقاذ والحماية والإسراع بالعمل لمعالجة هذه الأسباب أو على الأقل بالبدء بالمعالجة، وعدم الاكتفاء بإصدار بيانات التعزية أو تحميل المسؤوليات لعصابات التهريب أو بتقديم مساعدات اجتماعية للناجين أو لأهالي الضحايا أو بالتشدد في الإجراءات على صعيد النقل البحري.. فكل هذه الإجراءات رغم أهميتها ليست حلا ولن تكون، سيبقى الحل هو بالإنماء العاجل لطرابلس وعكار وكل المناطق الفقيرة والمهملة في هذا الوطن والتي تتسع دائرتها يوما بعد يوم”.
واردف السيد فضل الله :”إننا أمام هذا الواقع، ندعو إلى إجراء تحقيق شفاف وسريع لمعرفة الأسباب التي أدت إلى وقوع هذه الكارثة وعدم إبقائها في دائرة التكهنات لمنع تداعياتها والشرخ الذي يراد له أن يحصل بين أبناء المدينة وبين الجيش اللبناني”.
وقال “ونبقى على صعيد الانتخابات التي أصبحت على الأبواب رغم كل أجواء التشكيك التي لا تزال تحيط بإجرائها لندعو مجددا إلى أن تكون بعيدة كل البعد عن أجواء التشنج والتوتر وإثارة العصبيات والأحقاد وما يتهدد الاستقرار الداخلي وبعيدا من أساليب الترغيب والترهيب بأن تكون مناسبة للتنافس لتقديم البرنامج الأفضل والأكثر واقعية والقادر على إخراج البلد من حال الانهيار التي وصل إليها ومواجهة التحديات التي تنتظره”.
ونبه إلى “خطورة أن يتمحور السجال الانتخابي حول من يقف مع سلاح المقاومة أو من يعارضه. إننا نريد أن يبقى هذا السلاح بعيدا من الصراعات والتجاذبات الداخلية، نظرا إلى استمرر حاجة لبنان إليه لحماية البلد من العدو الصهيوني الذي لا يزال يتهدده في البر والبحر والجو ويتهدد ثروته الوطنية ومن أية تهديدات ثانية من الخارج، وإذا كان من هواجس تطرح، فإننا ندعو إلى معالجتها بالحوار الموضوعي لا بالسجالات وعلى المنابر أو لشد العصب الانتخابي”.
وأضاف” ونبقى على صعيد الاعتداء على سوريا لندين هذا الاعتداء المستمر على هذا البلد العربي والإسلامي، بحجج واهية والذي يهدف إلى إضعافه وتهديد استقراره ومنعه من التعافي، والذي مع الأسف بات يمر من دون أن نسمع أي إدانة من الدول العربية والإسلامية أو مجلس الأمن ما يجعل العدو الصهيوني يتمادى في اعتداءاته واستفراده لهذا البلد”.
وقال”أما على صعيد إحياء يوم القدس العالمي، الذي يأتي في كل سنة في آخر جمعة من شهر رمضان والذي أعلنه الإمام الخميني، لإنعاش الذاكرة بمعاناة هذه المدينة والاستهداف الذي تتعرض له مع كل فلسطين، بهدف تهويدها ونزع هويتها الإسلامية والمسيحية، والذي شهدناه ونشهده اليوم في المسجد الأقصى في اقتحامات العدو الصهيوني ومنعه المصلين من الوصول إلى المسجد”.
إننا نريد لهذا اليوم أن يكون يوما للتضامن مع أهالي القدس والمرابطين في المسجد الأقصى ومع الشعب الفلسطيني الذي واجه ويواجه بكل عنفوان وجرأة وإقدام وبطولة غطرسة الكيان الصهيوني واعتداءاته، ومنع تمرير مشاريعه التي تستهدف تاريخ هذه المدينة ومقدساتها وحاضرها ومستقبلها رغم المعاناة والجراح والحصار”.
وأضاف “إننا نرى الوقوف مع قضية هذا الشعب ليست خيارا، بل هو واجب أخلاقي ووطني وقومي وإنساني وديني، وخذلانه تشجيع لهذا العدو ومس بأمن هذه المنطقة واستقرارها وحرية قرارها.
وفي جانب آخر نلتقي بعد يومين وفي الأول من أيار بعيد العمال، ونحن في هذه المناسبة نهنئ كل عمالنا وعاملاتنا في كل مواقع عملهم في يوم عيدهم، وندعو الله لكي يبدل هذه الحال ليحظى كل العمال بما يستحقونه من التكريم ونيل حقوقهم وفرص العيش الكريم.
وبناء على المبنى الفقهي للسيد، وكل من يأخذ بالحسابات الفلكية سيكون يوم الاثنين القادم، الثاني من أيار، هو أول أيام عيد الفطر المبارك، أعاده الله عليكم بالخير والبركة، عسى أن يحمل إلينا تباشير الخروج من هذا النفق الذي نعيش فيه على صعيد هذا الوطن وكل أوطاننا، إنه مجيب الدعاء”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام