تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء 01-11-2016 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية..
السفير
خطاب القسم يرضي الجميع: حماية الطائف.. والمقاومة
«الشعوب» اللبنانية ترحب برئيسها الجديد: فرح وخوف!
وتحت هذا العنوان كتبت السفير تقول “لم تكد تنتهي الساعتان الأطول في تاريخ الجمهورية الثانية، حتى تنفّس الجميع الصعداء: ميشال عون رئيساً للجمهورية بأكثرية 83 صوتاً.
كل التقديرات التي كانت تشي بأن «الجنرال» سينال أكثر من 86 صوتاً، أي أكثرية الثلثين من الدورة الأولى، فيُتوّج رئيساً خلال أقل من نصف ساعة، أطاحتها مجريات جلسة انتخابية لا مثيل لها منذ الاستقلال حتى الآن. احتاج الأمر إلى أربع دورات انتخابية: أولى نال فيها ميشال عون 84 صوتاً وثانية وثالثة ألغيت نتائجهما قبل أن تفرز، بسبب تجاوز عدد المغلفات عدد الحضور(128 مغلفاً بدلاً من 127)، فكان لا بد من دورة رابعة، مع إجراءات تكفل الأمان الانتخابي تولتها هيئة مكتب المجلس، على مرأى من رأي عام كان يتابع وقائع الجلسة على الهواء مباشرة في لبنان وشتى أنحاء العالم، وأيضاً في حضور سفراء الدول الكبرى والصغرى على حد ســواء.
كان السؤال الذي لم يفارق «الجنرال» وبعض المحيط القريب جداً منه: هل ثمة «قطبة مخفية» قد تطيح التفاهم السياسي المبرم لمصلحة مرشح آخر أو استمرار الفراغ وماذا إذا تم تهريب النصاب أو تم افتعال إشكال في مجلس النواب أو خارجه؟
كانت الأنفاس محبوسة والشكوك كثيرة، إلى أن ورد الرقم 65 في الدورة الرابعة. عندها تبدلت ملامح ميشال عون المتجهمة، لتقفز الضحكة من عينيه بينما كان التصفيق والفرح يمتدان من المجلس إلى كل مكان. فاز لا برئاسة، بل بحلم لم يبارحه منذ ثلاثة عقود من الزمن وربما أكثر، وتحديداً منذ جلسات دير سيدة البير، يوم جلس الضابط «المدفعجي» في الجيش يقارع أركان «الجبهة اللبنانية» في نهاية سبعينيات القرن الماضي، بعناوين الشراكة مع كل المكونات اللبنانية وبالنظرة إلى القضية الفلسطينية والعلاقة مع سوريا.
هو الرئيس الثالث عشر للجمهورية، لكنه الرئيس الأول الذي يكسر التقاليد (تجربة بشير الجميل لم تكتمل)، فيسبق الترحيب الشعبي، كل ترحيب رسمي وسياسي، من الداخل والخارج. هتف باسم ميشال عون عشرات آلاف اللبنانيين. بدا «التيار الوطني الحر» على صورته الأولى، وليس على طريقة بعض الخطاب الشوفيني العنصري بل الطائفي الذي صار يغرقه به بعض قيادييه في السنوات الأخيرة بعكس نشأته المدنية العلمانية. تيار فيه من كل الملل اللبنانية، برغم أرجحية الكتلة المسيحية. هذه الفرحة، لم يكن بمقدور أحد أن يتجاوزها، وبالتالي لا بد أن يحترمها وهي تضع رئيس الجمهورية أمام مسؤولية مضاعفة، لجهة تزخيم انطلاقة العهد الجديد وأن يلامس قضايا الناس الاجتماعية والمعيشية ومطالبهم المتواضعة جداً.
هذا الترحيب الشعبي لا يحجب حقيقة ثانية، هي أنّ شريحة كبيرة من اللبنانيين، وأيضاً من كل الطوائف والمناطق، بدت متهيبة أو خائفة أو لا مبالية، إزاء سيد العهد الجديد. شريحة تعتريها مشاعر متناقضة. لا تريد أن ترى الحاضر والمستقبل إلا بعين الماضي. هذه الاستعادة تجعلها تخشى من تكرار «حروب» خيضت سابقاً بالمدافع، وربما تخاض غداً بالسياسة والمفردات وبممارسات كيدية يمقتها اللبنانيون. هنا تقع المسؤولية أيضاً على الرئيس الجديد أن يطمئن هذه الشريحة، وأن يقدم نفسه رئيساً لكل اللبنانيين لا لفئة دون أخرى.
ولعل ميشال عون قد نجح في عدم تكبير حجر خطاب القسم الدستوري. أصلاً كان واضحاً أنه كان يرغب بأن يكتفي بالقسم فقط، لكنه أضاف إليه لزوم تثبيت تفاهمه مع سعد الحريري، وخصوصاً في قضايا سياسية، سيتكرر مضمونها إلى حد كبير في البيان الوزاري لحكومة العهد الأولى. لذلك، تعمّد طمأنة «الخائفين» على اتفاق «الطائف»، في لبنان والخارج، بتأكيد حرصه على «ضرورة تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني»، بكاملها من دون انتقائية أو استنسابية»، واستخدم تعبيراً قاله سعد الحريري في خطاب تبني ترشيحه بفتحه الباب أمام تطوير الطائف من خلال توافق وإجماع وطني.
هكذا، بدا أول المتمردين على الطائف.. وأول ضحاياه، في طليعة حماته اليوم، فور وصوله إلى الموقع الرسمي الأول في الجمهورية الثانية، لكأن «فخامة الرئيس» يريد أن يعترف بأن النظام في لبنان، مهما تم تجميله أو تعديله، يبقَ بمضمونه الطائفي التحاصصي، أقوى من كل قوى التغيير والإصلاح، وهذه هي حصيلة الكثير من التجارب منذ الاستقلال حتى يومنا هذا.
وعلى أهمية تشديده على «اعتماد قانون انتخابي يؤمن صحّة التمثيل»، كانت لافتة للانتباه دعوة عون «للابتعاد عن الصراعات الخارجية، مع اعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا واحترام القانون الدولي»، مقابل تأكيده أنه «أما في الصراع مع إسرائيل، فإننا لن نألو جهداً ولن نوفر مقاومةً، في سبيل تحرير ما تبقّى من أراضٍ لبنانية محتلّة، وحماية وطننا من عدوٍّ لما يزل يطمع بأرضنا ومياهنا وثرواتنا الطبيعية».
وإذا كان الرئيس نبيه بري، قد نجح، أمس، في إدارة جلسة الانتخاب، برغم ما اعتراها من «فاولات ديموقراطية»، فإن نجاحه الأكبر، تمثل في قدرته وحليفه سليمان فرنجية على توسيع هامش الأوراق البيضاء، حيث أظهرت نتائج الجلسة الرئاسية، وبالملموس، قدرة المعترضين على صبّ أصواتهم في اتجاه واحد، بل تمكنهم من تحقيق اختراق في «كتلة المستقبل» والنواب المستقلين، فارتفعت أرقام الأوراق البيضاء الى 36، وأظهرت عدم قدرة سعد الحريري على «المونة» على أكثر من عشرة نواب من كتلته الثلاثينية.
وبرغم ما شهدته مواقع التواصل الاجتماعي من انتقادات للنواب ولكل مجريات الجلسة الانتخابية، يمكن القول إن انتخاب الرئيس الثالث عشر للجمهورية، كرس صورة حضارية للديموقراطية اللبنانية، برغم ما يعتريها من «تشوهات عضوية»، إذ إن بعض البلدان العربية التي شهدت «فصولاً ربيعية»، ها هي تجنح نحو الديكتاتورية، فيما تمكن نواب لبنان من انتخاب رئيس بأكثرية متحركة، في مواجهة معترضين، قرروا أن ينسجموا مع أنفسهم لا مع «تعليمة» درجت العادة أن تأتي اليهم كما تأتي لمن تصبّ أصواتهم لمصلحة الرئيس.. وهذه حال كل الانتخابات الرئاسية منذ الاستقلال حتى الآن.
ويسجل للرئيس بري أنه تمكن من «الثأر» لكرامته ولكرامة المجلس النيابي عندما رحّب بـ «فخامة الرئيس تحت قبة البرلمان الذي أنت أحد أركان شرعيته الدستورية»، في إشارة مبطنة إلى أن «الجنرال» انتخب رئيساً بأصوات مجلس نيابي كان يردد دائماً أنه «غير دستوري».
وعلى صورة الترحيب السياسي الجامع بانتخاب الرئيس، وسط مزاحمة «قواتية» واضحة لمصادرة «الفرحة» في الشارع المسيحي بعنوان «الشراكة» و «أم الصبي»، كان لافتاً للانتباه أن أول اتصال تلقاه عون بعد وصوله إلى القصر الجمهوري، كان من الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله الذي هنأه بانتخابه رئيساً للجمهورية، متمنياً له التوفيق. ورد عون شاكراً للسيد نصرالله تهنئته، معتبراً أن الفرحة مشتركة.
ومن الخارج، تلقى الرئيس ميشال عون اتصالات تهنئة، أبرزها من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني والرئيس بشار الأسد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر، كما صدرت مواقف غربية وعربية مرحّبة ..
النهار
عون رئيساً يطمئن الجميع واستشارات ساخنة
وتناولت النهار الشأن الداخلي وكتبت تقول “على صعوبة تجاوز المجريات المفاجئة التي شهدتها جلسة 31 تشرين الاول والتي شكلت سابقة لم تعرفها أي دورة انتخابية رئاسية في تاريخ لبنان، فان استواء العماد ميشال عون الرئيس الثالث عشر للجمهورية على كرسي الرئاسة الشاغر منذ سنتين وخمسة اشهر وخمسة ايام منذ ما بعد ظهر أمس شكل الحدث اللبناني الاستثنائي داخليا وخارجيا. لم تتأخر مفاعيل ملء لبنان فراغ رئاسته وانتخاب العماد عون رئيساً، اذ توالت بسرعة لافتة الاتصالات الدولية بالرئيس المنتخب مرحبة بهذا التطور، الامر الذي بدا بمثابة استعادة لبنان للثقة والاهتمام الدوليين به. أما في الداخل وعلى رغم ما واكب العملية الانتخابية من اطلاق رسائل مبطنة تحت عنوان “عبث مجهول” في أصول الاقتراع عقب مفاجأة أولى تمثلت في عدم نيل الرئيس المنتخب أكثرية الثلثين في الدورة الاولى، فان الاهتمام الواسع بمضمون خطاب القسم للرئيس عون اعادت الاعتبار بسرعة الى آفاق الحدث الرئاسي داخليا وخارجيا.
وفي جلسة انتخابية عدت الأطول في تاريخ الانتخابات الرئاسية نال الرئيس المنتخب 83 صوتاً، فيما صوت 36 نائباً بأوراق بيضاء واعتبرت سبع اوراق لاغية بينها خمس اوراق لنواب الكتائب الذين كتبوا عبارة “ثورة الارز في خدمة لبنان”، كما حملت ورقة اسم النائبة ستريدا طوق. اما التطور اللافت الغريب الذي تسبب باجراء اربع جولات اقتراعية، فتمثل في زيادة مغلف على عدد النواب الـ127 الحاضرين الامر الذي تكرر مرتين بعد الدورة الاولى الى ان انتظم الوضع واعلنت النتيجة الرسمية النهائية.
والحال ان الرئيس المنتخب بدا مدركاً تماماً الأثر الذي سيتركه خطابه على المستويين الداخلي والخارجي نظراً الى الالتباسات والشكوك الكثيفة التي طبعت ترشحه أساساً وخصوصاً بعد الاتجاه الى انتخابه في الفصل الختامي من أزمة الفراغ. وبدا واضحاً من ردود الفعل على الخطاب ومسارعة عواصم غربية وعربية واقليمية الى الترحيب بانتخابه انه اطلق دينامية طمأنة للمتخوفين من انتخابه اقله على مستوى التوجهات العريضة التي تعهدها في الخطاب. أول هذه التوجهات ابرزها الرئيس عون في حديثه عن “احترام الميثاق والدستور والقوانين من خلال الشراكة الوطنية التي هي جوهر نظامنا”، كما تشديده على “ضرورة تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني بكاملها من دون انتقائية أو استنسابية وتطويرها وفق الحاجة من خلال توافق وطني”، كما دعا الى اقرار قانون انتخاب ” يؤمن عدالة التمثيل”. أما على المستوى الخارجي، فان أبرز ما طبع الخطاب تشديد الرئيس المنتخب على “منع انتقال شرارة النيران المشتعلة في المنطقة الى لبنان وضرورة ابتعاده عن الصراعات الخارجية والتزام ميثاق جامعة الدول العربية واحترام القانون الدولي”. وفي موضوع الصراع مع اسرائيل قال: “لن نألو جهدا ولن نوفر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من اراض لبنانية محتلة”. كما شدد في موضوع اللاجئين السوريين على “تأمين عودتهم السريعة” من منطلق انه “لا يمكن ان يقوم حل في سوريا لا يضمن ولا يبدأ بعودة النازحين”. وبالاضافة الى العناوين الداخلية الاخرى للخطاب فان الخلفيات السياسية التي واكبت العملية الانتخابية برزت خصوصا في الكلمة التي القاها رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل خطاب القسم الرئاسي اذ حرص على الترحيب بالرئيس المنتخب باشارة اكتسبت دلالة لاذعة بقوله ” يسرني يا فخامة الرئيس ان ارحب بكم تحت قبة البرلمان الذي انت احد اركان شرعيته” رداً على مواقف سابقة للرئيس المنتخب باعتبار المجلس غير شرعي. كما شدد على ان “انتخابكم يجب ان يكون بداية وليس نهاية وهذا المجلس على استعداد لمد اليد لاعلاء لبنان”.
في أي حال، استعاد قصر بعبدا حيويته اثرالمراسم التي أجريت للرئيس عون عقب وصوله الى القصر، اذ سارع الى تحديد يومي الاربعاء والخميس المقبلين لاجراء الاستشارات النيابية الملزمة وتسمية رئيس الوزراء المكلف. واسترعى الانتباه في جدول مواعيد الاستشارات تحديد الموعد الاخير منها لرئيس مجلس النواب وكتلة التنمية والتحرير، علماً ان الاستشارات تبدأ بروتوكوليا برئيس المجلس الامر الذي عكس مناخ “الصفيح الساخن ” الذي يستبقها.
ويشار في هذا السياق ان انتخاب عون واكبه يوم طويل من الاحتفالات الشعبية لانصاره في مختلف المناطق وأقيم احتفال مركزي حاشد في ساحة الشهداء ليلا.
الاصداء الخارجية
أما الاصداء الخارجية لانتخاب العماد عون، فبدأت بسلسلة اتصالات تلقاها من عدد من الرؤساء العرب والاجانب من ابرزهم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والرئيس الايراني حسن روحاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، كما تلقى اتصالا من الرئيس السوري بشار الاسد.
واذ سارعت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان الى الترحيب بانتخاب الرئيس عون، أصدرت وزارة الخارجية الاميركية بيانا هنأت فيه “الشعب اللبناني على انتخاب عون ” واعتبرت ان هذه الانتخابات “تشكل فرصة لخروج لبنان من سنوات الجمود السياسي وبناء مستقبل اكثر ازدهاراً واستقراراً للبنانيين” ودعت جميع الاطراف الى “التمسك بالتزامات لبنان الدولية”. ورأى مستشار مرشد الجمهورية الاسلامية الايرانية علي أكبر ولايتي ان انتخاب عون “يظهر دعما جديدا للمقاومة الاسلامية وهذا بالتأكيد انتصار للسيد حسن نصرالله والمقاومة الاسلامية”.
الامم المتحدة
وأفاد مراسل “النهار” في نيويورك علي بردى ان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون هنأ العماد عون بانتخابه آملاً في أن يواصل الأطراف اللبنانيون “العمل الآن بروح من الوحدة والمصلحة الوطنية”، مستعجلاً تأليف حكومة “تتعامل مع التحديات الخطيرة” التي تواجه البلاد.
وعلمت “النهار” أن موضوع انتهاء الشغور الرئاسي بانتخاب عون سيكون موضوعاً أساسياً في المشاورات المغلقة التي يجريها مجلس الأمن غداً الأربعاء، حين يستمع الى إحاطة من وكيل الأمين العام للشؤون السياسية جيفري فيلتمان عن التقدم في تطبيق القرار 1559.
وفي بيان تلاه الناطق بإسمه ستيفان دوجاريك، رحب الأمين العام بإجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان، متمنياً “التوفيق والنجاح” للرئيس عون. وأمل أن “يواصل الأطراف اللبنانيون العمل الآن بروح من الوحدة والمصلحة الوطنية”، قائلاً إن “الشعب اللبناني يستحق أن يكون لديه مؤسسات دولة فاعلة، طبقاً لحقوقه الدستورية والديموقراطية”، مضيفاً أنه “يشجع على تأليف حكومة بلا إبطاء يمكن أن تلبي بفاعلية حاجات جميع المواطنين اللبنانيين وتتعامل مع التحديات الخطيرة التي تواجه البلاد”. وأكد أيضاً “الحاجة الى ضمان إجراء الانتخابات النيابية في موعدها”. وأشار الى أن الأمم المتحدة “تتطلع الى العمل مع الرئيس عون والسلطات اللبنانية، بدعم من الشركاء الدوليين”. وشكر لرئيس الوزراء تمام سلام “قيادته خلال هذه الفترة العصيبة”.
ورداً على سؤال لـ”النهار”، قال دوجاريك: “نحن نعترف بالكرم المدهش من لبنان حيال اللاجئين، على رغم أن نسبتهم بالنسبة الى السكان أعلى بكثير من أي نسبة أخرى للاجئين في العالم”.
الأخبار
خاسرون ومكابرون
كما تناولت الأخبار الشأن المحلي وكتبت تقول “سينشغل اللبنانيون قريباً بعملية سياسية كبيرة، هي تشكيل الحكومة الأولى في عهد الرئيس ميشال عون. لكن القوى السياسية الكبيرة ستنشغل بالمقاصّة الإلزامية لمرحلة انتخاب الرئيس، لمعرفة حجم الأرباح أو الخسائر.
وهي مقاصّة ستظهر خسارة قاسية جداً للبعض، وخسارة ممكن تحملها للبعض الآخر، وخسارة غير قابلة للتعويض لقسم ثالث. وهي الخسائر التي توجب على أصحابها إجراء مراجعة، وإلّا فسنكون كمن يصر على ضرب رأسه في جدار بعد جدار.
اللاعبون الكبار في لبنان، الذين يمثلون قواعد تمثيل سياسي ــــ طائفي، هم: كتلة شيعية تقودها حركة أمل، فيما لا يزال حزب الله نائياً بنفسه عن «المسألة اللبنانية»، بينما تضاءلت إلى حد الغياب كل قوى شيعية أخرى. والأصوات المنفردة، لا تشكل فعلياً الوزن المناسب لضمها إلى المشهد. وهناك، أيضاً، كتلة سنية كبيرة أيضاً، يقودها تيار المستقبل، وتنافسه في ساحتها قوى لا تزال تمثل منفردة عنصر ضغط أكثر مما تمثل عنصر تغيير. تماماً كما هي الحال عند المسيحيين، حيث تظهر «القوات اللبنانية» وريثاً غير شرعي لحزب الكتائب الغارق في عملية استنساخ لخلايا لا روح فيها. بينما ارتمت الشخصيات والقوى الصغيرة في أحضان الأحلاف الكبرى، بحثاً عن مكسب، غالباً ما يكون من الفتات.
وتبقى الكتلة الدرزية التي لا تزال الزعامة الجنبلاطية هي الأقوى نفوذاً وتأثيراً فيها، بينما تشظت الأصوات المعارضة له، ما يجعلها قوة مشاغبة لا قوة منافسة.
اليوم، تعرض الرئيس نبيه بري لعملية غش كبيرة، فمنعته المعطيات بين يديه من الرؤية الواضحة. وجاء تصويته بالورقة البيضاء أقرب إلى احتجاج، لا يعطل قراراً كبيراً بانتخاب عون. ورغم إدراكه، بقوة، أن العناصر المحلية ظلت هي المتقدمة على أي عنصر خارجي في هذه العملية. إلا أنه أصر على وجود تسوية خارجية، في خطوة أظهرته رافضاً لفكرة أن قوى محلية يمكن أن تتشكل وتكون قادرة على إنتاج واقع جديد. وهذا المنطق يجعله أكثر شراسة في مرحلة تأليف الحكومة. وهو، هنا، لن يتكل على قدرات غير معلومة لتحصيل مكاسبه، بل سيتكل، حصراً، على حليفه القوي حزب الله لانتزاع التزام بحقوقه، تماماً كالتزام الحزب انتخاب عون.
وإذا كانت المعطيات المحلية قد تتيح لرئيس المجلس تحصيل غالبية مطالبه، إلا أن المشكلة ستبقى في رفضه إجراء التقييم الذي يجب أن يقوده إلى تحديد نقاط الخلل التي لا يقتصر ضررها على شعبيته فقط، بل على مكانته في قلب معادلة الحكم. وهذا هو التحدي ــــ لا الجهاد ــــ الأكبر أمامه. علماً أن في يده السلاح الأمضى، إذا قرّر، فعلاً، ترك الحكومة والتفرغ لأكبر عملية مراقبة ومحاسبة للحكومة من خلال المجلس النيابي.
في جانب آخر، ليس واضحاً متى ستطلق السعودية سراح الرئيس الحريري وتحرّره من قيود لم تعد تؤثر فعلاً في خطواته المحلية. وهو عندما قرّر اللحاق بركب عون الرئاسي، لم يبق من دفتر الوصايا السعودية سوى عبارات وجمل يوردها في بياناته ومواقفه، تركز على نقد حزب الله. علماً أن الحريري يحظى اليوم بفرصة تلقّي الدعم من غالبية لبنانية حقيقية، يتقدمها حزب الله نفسه، إلى جانب عون وبقية الأطراف، بمن فيهم خصومه داخل طائفته. لكن شرط ذلك هو الوقوف على منصة تجعله خالياً من أعباء المرحلة الماضية. وهذه عملية تقتضي منه، ليس إدخال تعديلات جوهرية على خطابه، بل على فريق عمله، وعلى طموحاته الشخصية أو العامة، ما يمكّنه من حصر الخسائر في ما مضى.
لكن المشكلة الكبرى هي التي ستواجه النائب وليد جنبلاط وفريق «القوات اللبنانية». الأول تمتع بمزايا كثيرة في خلال العقود الثلاثة. لكنه صرف معظم رصيده العام، حتى بقي في يده ما يسمى «بيضة القبان». وجاء تردده، وسعيه إلى منطق المسافة الواحدة من الجميع، ليكشف المستور، وهو أن هذه «البيضة»، انتهت فعاليتها، وأنها إما هي «فقست» ولم تلد صوصاً، أو هي «مَوْدرت» فرميت في سلة مهملات التاريخ.
لم ينتبه جنبلاط ــــ أو هو عاجز عن الانتباه ــــ إلى كون الموقع الذي يمثله في الدولة، كزعيم أغلبية درزية، لم يستند يوماً إلى قاعدة عددية. اذ لم يكن الدروز يوماً كثرة تهدد الآخرين، بل كانت القوة تنتج من موقع متقدم في الإقليم والعالم، وعن صلات عابرة للطوائف في لبنان. لكنه أهدر كل تركة والده (وإن كانت هناك حاجة لمراجعة نقدية لتجربة كمال جنبلاط)، وقبل بلعبة تقاسم الجبنة الداخلية، حتى انتهى به الأمر زعيماً لقوة لا أثر حاسماً لها في الاقتصاد والمال والعسكر. وبات كل ما يقدر عليه، اللجوء السياسي تارة عند هذه الجهة، وتارة عند تلك.
أما المناضل المسيحي، ابن الفقراء المنتفض على الإقطاع المسيحي، الفرد الساعي إلى جعل الأطراف شريكة في قرار المركز، لا تابعاً منفذاً، فهو وإن دفع ثمن تمسكه بمواقفه بالسجن أو التهميش، يحاول اليوم إقناع نفسه بأنه العنصر الحاسم الذي أوصل عون إلى قصر بعبدا.
سمير جعجع تنقصه الجرأة للقول إنه خسر. وقد بدأت خسارته، عندما أقر حلفاؤه من المسلمين، في لبنان والإقليم والعالم، بأن الرئيس سينتمي حكماً إلى الفريق الخصم له، وأن دوره لن يتجاوز المشاغبة على عون. وعندما أُلزم بأن يختار بين خصمين ومنافسين هما العماد عون والنائب سليمان فرنجية. هذه خسارة ليست قليلة. ومحاولة التصدي لها لا تتيح مناورات كبيرة. حتى تأييده لترشيح العماد عون، لم يكن له المقابل الذي يحاول إقناع نفسه وقواعده بالحصول عليه. فلا عون غيّر هويته السياسية وتحالفاته الأصلية. ولا موقفه سبّب التغيير الجوهري في قواعد اللعبة، لأن ما حصل هو أن الرئيس الحريري عاد إلى ما كان يفكر فيه منذ عامين ونصف عام، عندما ناقش سبل التفاهم مع عون. وما فعله الحريري عندما أيد عون، لم يكن تراجعاً بسبب موقف جعجع، بل إقراراً منه، ومن داعميه، بأن لا فرصة لرئاسة من دون عون.
أما الوهم الآخر، فهو اعتقاد جعجع بأنه سيكون الوريث الطبيعي لتيار العماد عون الشعبي. ينسى جعجع، هنا، أن لهذا الجمهور، أساساً، مشكلة كبيرة مع جعجع نفسه، قبل قواعده. كما أنه جمهور له طموحاته ومبادئه التي لا تتناسب أبداً مع طموحات جعجع والقوات. وأي وريث أو شريك لعون لن يقوم إلا إذا اقترب من جوهر خطاب الجنرال، ومن جوهر أفكار جمهوره وطموحاته.
تاريخ بلادنا، ومواصفات قادتنا العظام، لا توحي بإمكانية تغيير حقيقي. لذلك، على الأرجح، سنكون أمام جولات من الانفعال والصراخ، بحثاً عن آليات تعيد إنتاج منظومة المصالح نفسها القائمة منذ سلخ الاستعمار لبنان عن بلاد الشام…
اللواء
عون رئيساً بـ83 صوتاً: تطمينات للعرب والمستقبل وحزب الله
مطالبة عربية ودولية بالإسراع بتأليف الحكومة.. والإستشارات الملزمة غداً لتسمية الحريري
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “في الدورة الثانية، وفي الجلسة رقم 46، وبـ83 صوتاً انتخب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية.
وجاء هذا الانتخاب، تكريساً لتسوية انخرطت فيها مختلف التيارات والكتل الحزبية والسياسية والطائفية، تحت سقف ان الاستقرار الأمني والسياسي ومواجهة تحديات النزوح السوري والعمليات الإرهابية، والمخاطر التي تتهدد الثروة النفطية من قبل إسرائيل، وانتشال الوضع الاقتصادي من أزمة محدقة به، حاجات لبنانية وإقليمية ودولية يتعين عدم التفريط بها، والاستجابة لها.
وشكل هذا الحدث موضع ترحيب عربي ودولي على لسان كل من الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الذي اعتبر ان فوز عون «خطوة نحو استعادة التوازن للحياة السياسية والمؤسسات الدستورية»، مجدداً التأكيد على دعم لبنان دولة وشعباً ومعرباً عن الاستعداد للتعاون معه، وتوفير ما يلزم للبنان إزاء ما يتهدده من مخاطر بفعل النزاعات الإقليمية الدائرة في المنطقة، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي رحب بانتخاب عون ودعا إلى تشكيل حكومة جديدة من دون أي تأخير تُلبّي حاجات اللبنانيين، وتعالج التحديات الخطيرة التي تواجه البلاد.
وفيما اكتفت الخارجية الأميركية ببيان وصف بأنه شديد الحذر تضمن تهنئة الشعب اللبناني بانتخاب عون، «كفرصة لإعادة العمل بالمؤسسات الحكومية»، كشف الاليزيه ان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اتصل بعون مهنئاً، مؤكداً ان «فرنسا ستواصل الوقوف إلى جانب لبنان وتقديم ما يلزم له من دعم للحفاظ على استقراره وسلامة أراضيه وامنه، وسط الأجواء المأساوية التي تمر بها المنطقة».
كما ان الرئيس هولاند اتصل بالرئيس نبيه برّي مهنئاً ومشيداً بعمل حكومة الرئيس تمام سلام في ظروف صعبة.
وعربياً تلقى الرئيس عون اتصالاً من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس السوري بشار الأسد، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وبرقية تهنئة من ملك البحرين.
واقليمياً، كان الأبرز اتصال الرئيس الإيراني حسن روحاني بالرئيس المنتخب الذي أكّد لمهنئه الرغبة المشتركة في تطوير العلاقات بين البلدين، فيما «غرد» وزير الخارجية محمّد جواد ظريف مهنئاً اللبنانيين بانتخاب عون، وقال: «ان الاستقرار والتطوير سيكون من نصيب اللبنانيين متى اتخذوا قرارات بلادهم بأنفسهم»، فيما اعتبر مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي أكبر ولايتي ان انتخاب عون هو انتصار لخط المقاومة والسيّد حسن نصر الله، الذي اتصل بعون مهنئاً، ومباركاً ومتمنياً طول العمر والتوفيق في مسؤولياته الوطنية الجديدة.
جلسة الانتخاب
وعلى أهمية هذا الحدث الانتخابي الذي وضع حداً لما يقرب من 30 شهراً من الفراغ الرئاسي، لم تخل جلسة الانتخاب من محطات ورسائل وتندر بلغ حدّ المزاح الثقيل، سواء بوضع اسم المغنية ميريام كلينك في ورقة أحد النواب الذي ظل اسمه طي الكتمان، أو اسم كل من النائبين السيدتين جيلبرت زوين في كتلة الإصلاح والتغيير وستريدا جعجع طوق في كتلة «القوات اللبنانية».
وإذا كان حزب الكتائب اختار تمرير رسالة «ثورة الأرز في خدمة لبنان» في أوراق اقتراع نوابه الخمسة، واضيف إليهم اثنان من كتل أخرى، في جولة الاقتراع الرابعة، فإن كتلة الأوراق البيضاء التي بلغت 36 صوتاً، جاءت وازنة لجهة افقاد عون فرصة النجاح من الدورة الأولى، وشكلت ضغطاً على اعصاب نوابه، لا سيما بعد إعادة الاقتراع في الدورة الثانية ثلاث مرات، بسبب رغبة أحد النواب من المعارضة بوضع مغلفين مما أحدث عدم تطابق بين عدد النواب داخل القاعة 127 ومظاريف الاقتراع التي بلغ عددها 128، مما استدعى ترتيباً من رئاسة المجلس قضى بأن ينتقل النواب من أماكن جلوسهم إلى صندوقة الاقتراع التي وضعت لاستقبال الأوراق بحراسة عضوي هيئة مكتب المجلس مروان حمادة وانطوان زهرا اللذين تمكنا من ضبط الأوراق وصفق لهما الحضور بعد إنجاز المهمة.
وانشغلت الأوساط النيابية والسياسية والدبلوماسية بالسيناريو الذي جرت في ظله عملية الاقتراع لدرجة ان الرئيس برّي خرج عن طوره مخاطباً النواب بالجدية، لأن العالم ولبنان كلّه يتابع هذه العملية عبر وسائل الإعلام والاقمار الاصطناعية والضيوف الدبلوماسيين الموجودين في المجلس.
والاهم في رسائل المجلس ان ورقة النصاب كانت بيد المعارضة، لكنها مضت في توفير النصاب لانتخاب النائب عون، لأن ثمة تفاهمات دولية وإقليمية وعربية حسمت الوضع لمصلحة ملء الفراغ الرئاسي بشخص النائب عون.
وبين التكتيك الحاصل لرسائل العقلية اللبنانية الشخصانية، واستراتيجية ملء الفراغ وعدم تعريض البلد لأزمات تلحقه بأزمات المنطقة يمكن القول ان التعددية اللبنانية والديمقراطية اللبنانية على ما ينتباها من هنات وثغرات بقيت قدر المخارج، وخشبة الخلاص في الملمات الصعبة.
خطاب القَسَمْ
هكذا أصبح ميشال عون رئيساً للجمهورية، وإن بدت خطواته متثاقلة تحت ضغط العمر والوضع الصحي المرتبط به، فماذا جاء في خطاب القَسَمْ:
1-ربط الاستقرار السياسي باحترام الميثاق والدستور والقوانين.
2- الانطلاق من وثيقة الوفاق الوطني التي أقرّت في الطائف، وعارضها عندما كان رئيساً للحكومة العسكرية عام 1989، باعتبار أنها برنامج العمل للعهد الجديد، إذ تعهّد عون أن ينفذها كاملة دون انتقائية أو استنسابية، مؤكداً أنه لا يمكن أن يُصار إلى تطبيقها بصورة مجتزأة فينال منها الشحوب والوهن، ولا يستوي في ظلها نظام أو حكم، ولا تنهض عنها شرعية لأي سلطة.
3- الدعوة إلى إقرار قانون انتخاب يؤمّن عدالة التمثيل قبل موعد الانتخابات القادمة، من دون الإشارة إلى النسبية أو القانون الأرثوذكسي أو أي قانون آخر.
4- في المجال الإقليمي، تمسّك عون في برنامج عهده بالابتعاد عن الصراعات الخارجية، والتزام احترام ميثاق جامعة الدول العربية، وبشكل خاص المادة الثامنة منه، مع اعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا، واحترام القانون الدولي حفاظاً على الوطن واحة استقرار وسلام وتلاقٍ.
تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن المادة الثامنة في ميثاق الجامعة العربية تنص على ما يلي: «تحترم كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة نظام الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى، وتعتبره حقاً من حقوق تلك الدول، وتتعهد بأن لا تقوم بعمل يرمي إلى تغيير ذلك النظام فيها».
5- وفي ما خصّ «حزب الله»، بعث إليه بتطمينات للمقاومة من دون الإشارة إلى السلاح عندما قال «أما في الصراع مع إسرائيل، فإننا لن نألو جهداً ولن نوفّر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من أراضٍ لبنانية محتلة وحماية وطننا من عدو لما يزل يطمع بأرضنا ومياهنا وثرواتنا الطبيعية».
6- وفي ما خصّ الإرهاب دعا للتعامل الاستباقي والردعي معه حتى القضاء عليه، محذراً من تحوّل مخيمات السوريين وتجمعاتهم إلى «محميات أمنية»، معتبراً أنه «علينا معالجة مسألة النزوح السوري عبر تأمين العودة السريعة»، مشيراً إلى أن «لا حل في سوريا لا يضمن ولا يبدأ بعودة النازحين».
7- وفي السياسات الداخلية، تعهّد «بتعزيز الجيش وتطوير قدراته ليصبح قادراً على ردع كل أنواع الاعتداءات وحارساً أرضه وحامياً استقلاله، وحافظاً سيادته».
واقتصادياً، رأى أنه لا يمكن أن نستمر من دون خطة اقتصادية شاملة واستثمار الموارد الطبيعية وتكبير الاقتصاد والاستثمار في الموارد البشرية والتربية والتعليم والمعرفة، متوقفاً عند إقرار اللامركزية الإدارية، مطالباً بالسهر على سلامة القضاء والعدالة وقيام دولة المواطنة، داعياً للوقاية من الفساد، وتعيين هيئة لمكافحته وتفعيل أجهزة الرقابة.
إستشارات الحكومة
ومع هذا الخطاب – البرنامج، أقسم الرئيس عون من دون أن يتركه الرئيس برّي على سجيته، فذكّره بأن هذا المجلس هو الذي انتخبه رئيساً شرعياً بعد أن كان شكك به وبشرعيته.
وفي رأي مصادر نيابية شاركت في الجلسة أن مجريات اليوم الانتخابي لم تخل من رسائل للرئيس المنتخب، وإن كانت الآمال معقودة على نقل البلاد من حافة الهاوية صوب بر الأمان، في إشارة إلى المحطة المقبلة المتعلقة بتشكيل الحكومة، والتي تبدأ أولى خطواتها العملية غداً الأربعاء وتنتهي الخميس لتسمية الرئيس سعد الحريري رئيساً للحكومة أو تسمية سواه أو الامتناع عن التسمية.
إلا أن التفاهمات، ووفقاً لهذه المصادر ماضية في طريقها على أمل أن لا تستمر طويلاً عملية تأليف الحكومة برئاسة الحريري وبمشاركة كل القوى التي التقت عند انتخاب عون، من َالقوات اللبنانية» إلى «حزب الله» إلى تيّار «المستقبل» وتكتل «الاصلاح والتغيير» والكتلة الجنبلاطية، وصولاً إلى الكتلتين المعارضتين، التنمية والتحرير وكتلة فرنجية والتي عادت بعض أحزاب قوى 8 آذار واصطفت ورائها.
وفي أول قرار اتخذه الرئيس عون، طلب من حكومة المصلحة الوطنية الاستمرار في تصريف الأعمال ريثما تشكّل حكومة جديدة، شاكراً للرئيس سلام والوزراء عملهم.
في قصر بعبدا
وعلى وقع الاحتفالات التي عمّت المناطق اللبنانية ومراكز التجمع لمناصري «التيار الوطني الحر» والتي أطلقت الزغاريد والمفرقعات النارية والأغاني الوطنية وتوزيع الحلوى ونحر الخراف وقرع أجراس الكنائس ابتهاجاً، انتقل عون في موكب رئاسي من ساحة النجمة وبمواكبة الحرس الجمهوري ووسط إجراءات أمنية مشددة براً وجواً على طول الطريق، دخل إلى قصر بعبدا الذي خرج منه قبل 26 سنة تحت نيران القصف السوري، ولكن هذه المرة من باب الشرعية الدستورية.
واللافت ان مراسم الاستقبال الرسمية راعت التقاليد الرسمية، فأطلقت مدفعية الجيش إحدى وعشرين طلقة خلبية تزامنت مع صفارات البواخر، ثم توجه عون إلى السجاد الأحمر نحو العلم اللبناني الذي رفع على سارية القصر، وعزفت موسيقى الجيش لحني التعظيم والنشيد الوطني، وبعد استعراض كتيبة من لواء الحرس الجمهوري صافح كبار المسؤولين الموظفين في القصر الذي سبقته إليه عائلته.
ودخل بعد ذلك إلى البهو الداخلي على السجاد الأحمر وسط صفين من الرماحة وجلس على كرسي الرئاسة في قاعة السفراء واخذت له الصورة التذكارية وخلفه العلم اللبناني، ثم دخل إلى مكتبه حيث تسلم وسامي الأرز الوطني من درجة القلادة الكبرى ووسام الاستحقاق اللبناني والوشاح الأكبر من الدرجة الاستثنائية، وخلد بعد ذلك إلى الراحة على ان يبدأ نشاطه الرسمي اليوم.
البناء
الحرب الانتحارية لأنقرة تخرق المحرمات في حلب… وموسكو ودمشق للحسم
رئيس للشعب رغم الشغب… عرس شعبي ووطني… والأسد يبارك
عون وبري: جيش ومقاومة وقتال استباقي للإرهاب… وقانون انتخاب
صحيفة البناء كتبت تقول “الحرب الهسيترية التي تخوضها أنقرة في حلب بلغت حدّ المحرّمات باستخدام السلاح الكيميائي الذي حصد عشرات الشهداء، وفرض تشاوراً روسياً سورياً إيرانياً، وفقاً لمصادر واسعة الاطلاع، لقرار حسم نوعي تشارك فيه بقوة وعلى نطاق واسع، قوى محور المقاومة لإنهاء وضع شرق حلب وجنوبها وغربها، ووضع الجميع أمام أمر واقع عنوانه أنّ الحرب على النصرة قد بدأت من طرف واحد، ولا تنتظر فصلها عن جماعات ربطت مصيرها بها، وحكومات تدّعي شراكة في الحرب على الإرهاب، تقوم سراً وعلناً بالوقوف وراء الإرهاب، وتوفر له الغطاء حتى على منبر مجلس الأمن الدولي، عدا ما تفعله في الميدان وتقدّمه من سلاح ودعم لوجستي وناري.
وفقاً لمصادر دبلوماسية، الهسيتيريا ذاتها تفسّر الشغب والعبث اللذين طبعا سلوك الكتل النيابية التي ذهبت نحو الخيار الرئاسي اللبناني، عنوة، بقوة التوازنات الجديدة في المنطقة، ولم تستطع التأقلم، فمصدر القرار واحد، ولا يخفى أنّ أحد أهداف معركة حلب كان خلق توازنات تضخّ بعض الأمل بمواجهة الخيار الرئاسي للمقاومة، الذي يمثله رئيس الجمهورية المنتخب، وسط ألاعيب مراهقة صارت بعد الإفلاس السلاح الوحيد للمشاغبة على الإنجاز الكبير.
ما كتب قد كتب، وسحب تصويت سبعة نواب وعد رؤساؤهم بضمان تصويتهم للعماد عون، بعدما ظهر أنّ الكتل الوطنية والقومية ستمنح الرئيس المنتخب، فرصة الفوز من الدورة الأولى، فنجح المعرقلون بعرقلة الفوز في الدورة الأولى، كما نجحوا بإثارة الهرج والمرج في جلسة الانتخاب، لكنهم فشلوا في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، روائح الشغب والكيد كما روائح السلاح الكيميائي في حلب، تسبّب الاختناق، لكنها لن تجلب الإنعاش لمشروع يحتضر، ولن تمنع ولادة مشروع يشق طريقه نحو الضوء.
العماد ميشال عون رئيساً، بثلاثة وثمانين صوتاً، وكلّ ما جرى في جلسة الانتخاب يصلح للتندّر والتسلية، لكنه صار خارج السياسة، فالحقيقة السياسية الوحيدة بعد فضّ الجلسة صارت أنّ للبلد رئيساً اسمه فخامة الرئيس العماد ميشال عون.
التلاقي في عناوين كلمة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وخطاب القسم للرئيس المنتخب، بدّد الكثير من التساؤلات، فالمقاومة والحرب الاستباقية على الإرهاب، وهما عنوانان واضحان لمفهوم التحالف مع حزب الله، بالإضافة لقانون انتخاب قبل موعد الانتخابات، تلاقت مع ما قاله الرئيس بري عن المقاومة والإرهاب وقانون الانتخاب، كعناوين للخط السياسي للعهد الجديد، من ضمن السعي الشاق لصناعة التوافق كشرط للإقلاع السلس والهادئ لآلة الدولة المتوقفة.
العرس الشعبي والوطني بعد الانتخاب، وتدفق التهنئة من مواقع إقليمية ودولية تقدّمتها تهنئة الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الإيراني حسن روحاني، تكفلت برسم صورة احتلت سريعاً مكان صورة «يا عيب الشوم» التي أطلقها الرئيس بري على بعض السلوك النيابي.
لبنان طوى مرحلة الفراغ
طوى لبنان أمس، مرحلة الفراغ الرئاسي وبات للبلاد رئيس وللقصر سيد بعد سنين عجاف عانى اللبنانييون خلالها الكثير من الشلل الحكومي والتعطيل النيابي والتشريعي والفوضى في أداء المؤسسات والإرباك في السياسة الخارجية وأزمات اقتصادية واجتماعية وأخطار أمنية داهمة.
فُتح طريق الإنقاذ أمام البلاد وعادت الحياة إلى قصرها الجمهوري الذي دخله الرئيس العتيد على سجادٍ أحمر آتياً من المجلس النيابي في موكبٍ رسمي على وقع موسيقى الجيش ولحن التعظيم والنشيد الوطني ورفع علم البلاد على السارية الرئيسية لمدخل القصر وطلقات المدفعية ترحيباً. مشهد نيابي سياسي وطني لم يعهدْه اللبنانيون منذ العام 2008، لكنه شرّع الأبواب أمام عهدٍ جديد عنوانه إعادة بناء الدولة وإصلاح المؤسسات ومعالجة القضايا المحلية، لكنه سيكون أيضًا في خضم وقلب المواجهة مع تداعيات الأزمات الإقليمية والدولية.
في الجلسة السادسة والأربعين وبـ 83 صوتاً وبثلاث جولات انتخابية متتالية انتخب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وذلك بعد وجود 128 ظرفاً في الصندوق لمرتين متتاليتين في حين أن عدد النواب الحاضرين 127، إلى أن وضع صندوق الاقتراع تحت إشراف مباشر من رئيس المجلس النيابي نبيه بري وحراسة عضوَيْ هيئة مكتب مجلس النواب مروان حمادة وأنطوان زهرا تلافياً لتكرار وضع ظرف إضافي، وانتقل النواب إلى وسط القاعة، حيث اقترعوا فيه، ليعلن رئيس المجلس بعد فرز الأصوات فوز العماد عون رئيساً للجمهورية.
وألقى الرئيس بري كلمة توجّه فيها إلى الرئيس الجديد بالقول: «انتخابكم بداية لا نهاية»، مؤكداً أن المجلس على استعداد لمدّ اليد لإعلاء لبنان، وقال: يسرّني يا فخامة الرئيس أن أرحّب بكم تحت قبة البرلمان الذي أنت أحد أركان شرعيته اليوم، وقد أنجز مجلس النواب اللبناني الاستحقاق الرئاسي بانتخابكم، فإنه يعهد إليكم باسم الشعب قيادة سفينة الوطن إلى برّ الأمان، فيما الريح تعصف والأمواج تتلاطم من حولنا وتهدد بتقسيم المقسّم من أقطارنا ومن أقطار جوارنا العربي، ودخول المنطقة بحروب استتباع لا تنتهي وتفضي بالتأكيد إلى إسرائيليات على شكل فدراليات وكونفيدراليات طائفية ومذهبية وعرقية وجهوية وفئوية.
وبعد أدائه اليمين الدستورية أمام مجلس النواب ألقى الرئيس المنتخب خطاب القسم وتمثّل أبرز عناوينه في تمسكه بالتطبيق الكامل لا المجتزأ لوثيقة الوفاق الوطني، وتأكيده أن «لبنان السائر بين الألغام لا يزال بمنأى عن النيران المشتعلة حوله في المنطقة، ويبقى في طليعة أولوياتنا منع انتقال أي شرارة اليه. من هنا ضرورة ابتعاده عن الصراعات الخارجية ملتزمين احترام ميثاق جامعة الدول العربية مع اعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا واحترام القانون الدولي»، ومعلناً أننا «لن نألو جهداً ولن نوفر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من أراضٍ لبنانية محتلة وحماية وطننا من عدوّ لما يزل يطمع بأرضنا ومياهنا وثرواتنا الطبيعية». مؤكداً على أنه «تجب معالجة النزوح السوري سريعاً كي لا تتحول المخيمات إلى بؤر أمنية». واعتبر أن «لا يمكن أن يقوم حل في سورية لا يبدأ بعودة سريعة للنازحين السوريين إلى بلادهم».
وإذ لفت إلى أن «تعزيز الجيش هاجسي وأولويتي كي يصبح جيشنا قادراً على درء التعديات والحفاظ على السيادة»، قال الرئيس المنتخب: «لا يمكن أن نستمر من دون خطة اقتصادية شاملة»، مشدداً على إقرار قانون انتخابي يؤمن عدالة التمثيل قبل الانتخابات النيابية المقبلة».
.. ومواقف نيابية
وإثر خروج النواب من المجلس النيابي بعد انتهاء الجلسة كانت مواقف لعدد من رؤساء الكتلة النيابية، حيال وقائع جلسة الانتخاب وخطاب الرئيس المنتخب، أجمعت على مد اليد للرئيس الجديد والاستعداد للتعاون معه والترحيب بخطاب القسم. وكانت أبرز تلك المواقف ما أدلى به رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية الذي هنأ الرئيس عون، واعتبر «أن فوز عون برئاسة الجمهورية هو فوز للخط السياسي ولخيار ومحور المقاومة وأن التصويت بالورقة البيضاء لم يطلبه أحد منّي، كما أن مسألة مشاركتنا في الحكومة أو الانتقال إلى المعارضة ستنسق مع الرئيس بري».
وأكد النائب وليد جنبلاط، أهمية تعاون الجميع من أجل التحديات التي تواجه لبنان، كما ورد في خطاب الرئيس وكما ورد في خطاب الرئيس بري. مضيفًاً: «كلنا سوا بدنا نتعاون ونترك كل شيء في خلافات جانبية ورا منا».
وأعلن الرئيس فؤاد السنيورة أنه «أصبح لدينا رئيس للجمهورية ونحن سنتعاون معه». وأشار الرئيس نجيب ميقاتي إلى أننا سنكون في المعارضة البناءة التي تبني مواقفها بحسب أداء العهد والحكومة التي ستتشكل».
الحكومة لتصريف الأعمال واستشارات نيابية
وفور تسلمه أولى مهامه الدستورية أصدرت رئاسة الجمهورية بياناً شكرت فيه حكومة المصلحة الوطنية برئاسة الرئيس تمام سلام، اعتبرها في حالة تصريف الأعمال بحكم الدستور، ولاحقاً قرر رئيس الجمهورية إجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة العتيدة يومي الأربعاء والخميس المقبلين.
وعلمت «البناء» من مصادر من داخل القصر الجمهوري أن الرئيس عون «سيعمل قدر استطاعته لكسب الوقت وتكليف رئيس جديد لتأليف الحكومة، كما وسيسعى بالتعاون مع الرئيس المكلف إلى تذليل العقبات والعقد أمام ولادة الحكومة للاستفادة من الوقت المتبقي للانتخابات النيابية المقبلة للنهوض بالوطن»، كما علمت أيضاً أن الرئيس عون قد بدأ منذ الأمس بجوجلة أسماء عدد من الشخصيات المقربة منه لتولي الوزارات التي ستكون من حصة الرئيس، وأن وزارة الدفاع ستكون من حصة قائد فوج المغاوير السابق في الجيش العميد شامل روكز الذي كان أول الواصلين إلى القصر، حيث قال للإعلاميين إنه في تصرف فخامة الرئيس وسيتولى أي موقع يراه الرئيس مناسباً له، كما علمت «البناء» أن «تكتل التغيير والإصلاح سيسمّي الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة في الاستشارات النيابية المقبلة».
وقالت مصادر مطلعة مقربة من الرئيس عون لـ «البناء» إن «ما حصل أمس مرحلة مفصلية في تاريخ لبنان وتصحيح لخطأ تاريخي في ممارسة السلطة والأداء في الحكم والذي قام على فلسفة التعاطي مع المكوّن المسيحي كحالة مستتبعة هامشية تجلى في تحويل موقع الرئاسة الأولى إلى حالة شكلية يغلب عليها الطابع البروتوكولي إلا بمقدار حاجة الأطراف المتنازعة عليها أو إلى حالة الالتصاق، حيث يغيب دور الرئيس حتى بتنفيذ اتفاق الطائف لا سيما في إقرار قانون جديد للانتخاب الذي يجب أن يكون من وحي الطائف أي على قاعدة النسبية. وهذا من واجب الرئيس الجديد وسيوليه الاهتمام الأكبر ويتوافق مع رئيس المجلس بشأنه».
ولفتت المصادر إلى أن «عدد الأصوات التي نالها عون لا يؤثر على معنوياته ولا على اندفاعة أو زخم العهد، بل غاية الأهمية هو أن عون انتخب من قبل الزعماء السياسيين الأساسيين والممثلين لجميع الطوائف في لبنان. وفي هذه الحالة لا تعد هناك أهمية كبرى لعدد الأصوات ولا رقم الدورة التي فاز بها». وأكدت أن ما حصل لن يعتبر إهانة للرئيس ولن يسبب أي امتعاض أو توتر له خلال الجلسة بل المجلس النيابي أساء إلى نفسه، كما عبر دولة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وكشفت المصادر أن هناك «اتجاهاً لدى رئيس الجمهورية لتشكيل حكومة وطنية تجمع الموالين والمعارضين مهمتها صياغة قانون انتخابي جديد وتطبيق الطائف والبدء بتعويض القصور في الحياة السياسية». وأوضحت المصادر أن «خطاب عون جامع وشامل ووطني ويصلح لأن تستنبط منه عبارات ومضامين لصياغة البيان الوزاري للحكومة المقبلة، كما أنه يحمل عناوين عامة وخريطة طريق للعهد الجديد ولسياسات الحكومة وعمل المجلس النيابي لإعادة بناء الدولة وعملية إصلاح المؤسسات».
هل انتهى التفاهم بين «أمل» وحزب الله؟
وجزمت مصادر في 8 آذار لـ «البناء» أن «حزب الله لن يشارك في الحكومة من دون حركة أمل التي وإن انتقلت إلى ضفة المعارضة فسينضمّ اليها الحزب حكماً، أما التفهم والتفاهم بين الحركة والحزب على الاختلاف في مسألة انتخاب الرئيس فقد انتهى عند حدود انتخاب الرئيس. وبالتالي لن تنسحب على مسألة تأليف الحكومة»، وشددت المصادر على أن حزب الله لم يبت بعد بمسألة تسمية الرئيس سعد الحريري لتأليف الحكومة، كما لم تحسم حركة أمل أمرها، كما أن عدم تسمية أحدهما للحريري لا يُلزم الآخر، فالحزب لم يسمِّ الحريري في الحكومة التي ترأسها بينما الرئيس بري كان يسمّيه». وأوضحت أن «مشاركة الحزب والحركة في مسألة التسمية والمشاركة في الحكومة خاضعة للتفاوض على أداء رئيس الحكومة وشكل الحكومة وتوازناتها وسياساتها وبيانها الوزاري».
ولفتت المصادر نفسها إلى أن «علاقة رئيس المجلس مع العهد الجديد ومع عون تحديداً لن تكون متعارضة إلى حدٍ بعيد كما يتصور البعض. ففي حال دخل بري إلى الحكومة فستكون علاقته مع رئيسي الجمهورية والحكومة كما كانت مع الرؤساء السابقين على قاعدة فصل السلطات والتوازن والحفاظ على حقوق الطوائف». واستبعدت المصادر «حصول إصلاحات شاملة وسريعة في بنية الدولة ونظامها التي يجب أن تبدأ بقانون انتخاب على قاعدة النسبية والذي سيكون مخاض ولادته طويلاً وشاقاً وقد لا يولد قبل إجراء الانتخابات النيابية».
ورأت المصادر في خطاب القسم رسائل متوازنة لجميع الأطراف في الداخل والخارج، فورود كلمة التزام لبنان بميثاق الجامعة العربية لا ينظر إليها حزب الله بعين القلق والريبة بل يتفهّم الرئيس وموقعه وظروف البلد». ولفتت إلى عدم إشارة الرئيس في خطابه إلى موضوع مشاركة حزب الله في القتال بسورية، مضيفة: إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية تلوذ بالصمت إزاء هذا الوجود، فمن سيتكلم في الداخل عنه؟
.. وتهانٍ ومواقف داخلية وخارجية
وفور تسلمه مهامه الدستورية تلقى الرئيس عون اتصالاً من الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله هنأه بانتخابه رئيساً للجمهورية، ومتمنياً له التوفيق. وردّ عون شاكراً للسيد نصر الله تهنئته.
واتصالاً من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي هنأه فيه ودعاه إلى «الإسراع في تأليف الحكومة الموحّدة والفاعلة ومباشرة العمل لإنقاذ لبنان من معاناته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية».
كما تلقى عون سلسلة اتصالات تهنئة من عدد من الرؤساء العرب والأجانب، تمنوا له التوفيق في مهمته الجديدة، كان أبرزهم السفارة الأميركية والممثلة العليا للاتحاد الاوروبي فديريكا موغريني، والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي أكد له «عزم فرنسا على الاستمرار بالوقوف إلى جانب لبنان وتقديم المساندة للحفاظ على استقراره ووحدة أراضيه وأمنه في الظرف المأسوي الذي تشهده المنطقة». والرئيس السوري الدكتور بشار الاسد أجرى اتصالاً بعون هنأه فيه بانتخابه رئيساً للجمهورية الذي شكر الأسد على تهنئته. وكذلك الرئيس الايراني حسن روحاني الذي أعرب خلال اتصال برئيس الجمهورية عن أمله في تعزيز العلاقات الثنائية بين لبنان والجمهورية الاإلامية الايرانية. ورد الرئيس عون شاكراً للرئيس روحاني اتصاله، مؤكداً «أهمية الرغبة المشتركة في تطوير العلاقات بين البلدين».
ومن المهنئين أيضًا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون وسفير المانيا فالتر شتاينمير والسفير المصري نزيه النجاري.
أما الموقف الأبرز، فكان للمستشار السياسي للمرشد الإيراني علي أكبر ولايتي، حيث قال: «إن انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية اللبنانية يمثل انتصاراً للمقاومة الإسلامية وللامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله».
وقالت مصادر مطلعة لـ «البناء» إن «انتخاب عون جاء في لحظة اللاقرار الإقليمي والدولي في لبنان وعدم ممانعتهما لانتخاب رئيس يتوافق عليه اللبنانيون نتيجة انشغال جميع الدول بأزمات العالم والاقليم وخرائط التقسيم التي تُعدّ للمنطقة، من إعادة تشكيل الواقع العراقي وحرب الموصل والانتخابات الاميركية والجبهات المشتعلة في سورية والمشاريع التركية في المنطقة. ولفتت المصادر إلى ما قاله ولايتي يعبر بوضوح بأن صمود حزب الله في سورية وتحقيقه انتصارات وتمسكه بعون عوامل أدت إلى انتخاب رئيس ولو هزم حزب الله في سورية لما ذهب فريق 14 آذار وخلفيته الإقليمية التي تدعمه باتجاه ترشيح مرشحين من فريق المقاومة. فشل السعودية في سورية واليمن انعكس خللاً في دورها على مستوى المنطقة ومن بينها الساحة اللبنانية، لذلك جاء التأييد السعودي لانتخاب عون في اللحظة الأخيرة».
وأوضحت المصادر أن «تهنئة السيد نصرالله لانتخاب عون أراد من خلالها إيصال رسالة إلى الجميع يدركها عون بأن جهود حزب الله أثمرت، ووصلنا إلى رئيس صنع في لبنان فرضه حزب الله». وشددت المصادر على أن «انتخاب عون انتصار لسورية التي إلى جانب إيران وضعت القرار وأمر التفاوض بالملف الرئاسي بيد السيد نصرلله».
.. واحتفالات شعبية
في غضون ذلك، عمّت الاحتفالات المناطق اللبنانية ومراكز التجّمع لمناصري التيار الوطني الحر، وأطلقت المفرقعات النارية وصدحت الاناشيد الوطنية وأغاني التيار الوطني الحرّ ووّزعت الحلوى على المواطنين وقرعت أجراس الكنائس ابتهاجاً، وسيُرت المواكب حاملةً أعلام التيار ولبنان اضافةً إلى صور الرئيس الجديد للجمهورية.
المصدر: صحف