ركزت افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة في بيروت 29-10-2016 على الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية في جلسة 31 تشرين الاول ، بحيث لم يعد اسم الفائز بالانتخابات الرئاسية يوم الاثنين المقبل خاضعاً للنقاش، وخصوصاً بعد اعلان موقف رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط بان اغلبية نواب تكتل اللقاء ستنتخب الجنرال عون، وتأكيد كتلة المستقبل على تأييدها لجنرال الرابية، بحيث صار البحث متركزاً على عدد الأصوات الذي سيناله في الدورة الأولى، فيما تجزم مصادر التيار الوطني الحر بأن العدد سيتجاوز الثلثين، وان الامر بات خارج النقاش… العماد ميشال عون سيُنتَخَب رئيساً للجمهورية بعد غد الاثنين.
اما اقليمياً فركزت الصحف المحلية على لقاء موسكو الذي جمع وزراء خارجية كل من روسيا وايران وسوريا حيث تم الاتفاق على الاستمرارية في مكافحة الارهاب من خلال وضع خارطة تعاون للحسم في الميدان.
* السفير
الحريري لن يسمح لوزراء حكومته بزيارة سوريا!
التشاور بين دمشق وعون.. مفتوح
اختيار نزيل لبناني لقصر بعبدا، شأن لا تزال تسأل عنه دمشق، برغم سنوات أزمتها الست الدامية وانكفائها عن لبنان والإقليم. مع ذلك، يدرك السوريون بواقعية أن الإسهام السوري في الاستحقاق الرئاسي الحالي، لا يمكن مقارنته بالعهود الماضية، خصوصاً المرحلة التي تلت انتخاب الرئيس الياس سركيس في العام 1976، قبل أن تكرّ بعدها سبحة الاستحقاقات الرئاسية، التي لم يكن لها أن ترى النور من دون موافقة دمشق إلى حد كبير.
لم يحجب الحريق السوري الداخلي النظر إلى الإقليم وتوازناته، كما يقول مسؤول سوري، ومن خلاله إلى استحقاقات تبرز معالم قوة دمشق في إدارة النزاعات حولها أو الإسهام في حلها، أو انتهازها لتحقيق التوازن المطلوب، ومنها بطبيعة الحال حماية خاصرتها اللبنانية.
وقد يكون نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، آخر مسؤول سوري، يتناول الاستحقاق الرئاسي اللبناني بمزاج واضح بمجرد فراغ قصر بعبدا قبل سنتين ونيّف. وقتذاك، علّق المقداد على أحاديث أميركية ولبنانية، في ذروة الأزمة السورية وتراجع قدرة دمشق على التأثير في مثل هذا الاستحقاق بالقول، بالتزامن مع وجود جون كيري في بيروت، «إن من يفترض أن سوريا مستبعَدة من موضوع الرئاسة اللبنانية لا يفهم، ومخطئ أيضاً من يعتقد انه يمكنه إجراء مشاورات مع كل العالم ولا يتشاور مع سوريا».
المقداد لم يبالغ بتقدير الحضور السوري في الانتخابات الرئاسية اللبنانية. صحيح أن دمشق كما طهران، تعطي تفويضاً مطلقاً للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، في كل أمر يتصل بملف لبنان، إلا أن ذلك لا يمنع دمشق من قول رأيها بعكس ما يفترض كثيرون.
السوريون أقاموا علاقاتهم المباشرة وقنوات الاتصال التي لم تتوقف عن العمل مع أصدقائهم من المرشحين الرئاسيين. كما لم يتوقفوا عن نسج شبكة علاقاتهم مع الجنرال ميشال عون، في ذروة الأزمة والانكفاء للتعويض عن قدرتهم على التدخل المباشر، بدءاً من لحظات المصافحة الأولى في قصر الشعب الدمشقي، بين زعيم الأكثرية المسيحية اللبنانية والرئيس السوري بشار الأسد في الثالث من كانون الأول 2008، وبعد أشهر قليلة من اتفاق الدوحة الذي أتى بالرئيس السابق ميشال سليمان إلى سدة الرئاسة بمباركة عون.
خصومة شريفة مع عون خُتمت بمصالحة شريفة آنذاك، كما قال الرئيس الأسد، والأهم أن تلك العلاقات نشأت أيضاً على قاعدة من الندّية الواضحة وتحت الضوء، وتطورت قبيل أن تدلهمّ ليالي سوريا، وتُدمى ميادينها.
أسبغت تلك المصالحة «زعامة مسيحية مشرقية» على عون، عبر السير على خطى القديس مار مارون إلى مرقده في براد السورية. «التكريس» سبق بشهر واحد اندلاع المحنة السورية، قبل أن يعود احتفال براد على «الجنرال» وعلى دمشق، خلال الأزمة بفوائد مشتركة: لدمشق إسهامها في الدفاع عن آخر بقاع الحضور المسيحي في المشرق العربي، ولكن من دون الانحدار إلى أحلاف الأقليات، ولـ «الجنرال» ظهيره الذي لن ينسى مواقفه المدافعة عن دمشق، حتى في عز أزمتها.
لا كلام سورياً علنياً عن ترشيح عون، لكن الخطوط بين المرشح الرئاسي والمسؤولين في دمشق لا تزال مفتوحة للتشاور حتى الأيام الأخيرة.
ويرى مسؤول سوري أن وصول العماد عون «يشكل انتصاراً كبيراً لسوريا بعد محاولة إجبارها على الانكفاء. وهو انتصار أيضاً لأن من سيُعقد له النصاب رئيساً هو حليف موثوق سيعيد التوازن المطلوب في أداء المؤسسات اللبنانية الرسمية تجاه دمشق، بعد أن جعل فريق الرابع عشر من آذار مؤسسات لبنانية معاديةً خلال الأعوام الأخيرة».
ويتساوى تقييم دمشق مع تقييم حليفها «حزب الله» في النظر إلى صعود رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري مجدداً إلى رئاسة الحكومة، باعتبار هذه الخطوة «تضحية مطلوبة لتسهيل وصول عون وخروج لبنان من الفراغ الدستوري».
وليس سراً أن دمشق تنظر هي أيضاً بقلق إلى فرضية عودة الحريري إلى لعب دور أساسي، خصوصاً أنه يعود مشترطاً في الملف السوري، تأجيل أي تطبيع للعلاقات مع دمشق، إلى حين قيام تفاهم سوري ـ سوري، وتحييد لبنان عن الصراع السوري، وهو ما يعني الإبقاء على ملف وجود «حزب الله» في سوريا على الطاولة.
ويقول مصدر مطّلع إن دمشق لا تعتقد بوجود أية صفقة، قد يكون عقدها الرئيس المقبل مع الحريري، وقد تبلّغ مسؤول سوري كبير تطمينات أنه لم تُعقد أية صفقة تخرج عن نطاق المشاورات والتفاهمات مع دمشق.
وقال مسؤول سوري إن الانتصار الذي يتحقق بوصول الجنرال ميشال عون إلى الرئاسة في لبنان، تغشاه مخاوف من بعض الحلقة الأولى المحيطة به، وإن الموقف من عون، ليس الموقف نفسه من بعض المحيطين به.
ويقول مصدر مطلع إن عون يمثل مع ذلك ضمانة للتوازنات المطلوبة، وهناك الكثير من الأوراق التي لا يزال بالإمكان استخدامها للحفاظ على الانتصار الذي تحقّق، واستعادة التوازنات، لا سيما في المرحلة التي تلي انتخاب الرئيس، وبدء البحث بتشكيل الحكومة المقبلة.
ويشير المصدر نفسه إلى أن عون «كان صريحاً» مع الحريري، كما فهمنا منه، بأنه دعا رئيس «تيار المستقبل» إلى عدم الخوض في ملف سوريا ومشاركة «حزب الله» في قتال التكفيريين «فهناك حرب عالمية تشارك فيها أكثر من 80 دولة، ومسؤوليتنا أنا وأنت أن نمنع وصول النيران إلى بلدنا وأن نحمي استقراره».
الحريري: «حزب الله» مشكور؟
من جهته، قال الحريري الذي ترأس، أمس، اجتماعاً لكتلته النيابية، إنه يترك للعماد عون أن يتخذ القرار المناسب في حال قرر الرئيس الأسد زيارته في القصر الجمهوري لتقديم التهاني، وأكد أنه سيعارض استقبال أي موفد سوري للتهنئة في بعبدا.
وجدّد اتهامه للأسد بأنه مجرم حرب، واعتبر أن النظام السوري قد سقط و «الأسد سيترك عاجلاً أم آجلاً». وقال في مقابلة مع برنامج «كلام الناس» ليل أمس، إنه اتفق مع عون على تحييد لبنان عن صراعات المنطقة، وأكد أنه لن يزور سوريا ولن يسمح لأيٍّ من وزراء حكومته بزيارتها أيضاً للتعاون مع النظام الحالي فيها.
وشدد على أنه لا يمانع عودة الأمور إلى مجاريها في الشأن السوري بعد أن يكون الشعب قد حسم أمره ، وتمنّى على إيران وقف تدخلاتها في شؤون الدول العربية وأن تكون علاقتها طيبة مع كل الدول العربية وكل اللبنانيين وليس فئة منهم، وسأل: «هل رأيت الجنرال عون يوماً يحييّ الوجود في سوريا أو اليمن؟ ولا مرة، فلماذا نقوّل الرجل كلاماً لم يقله»؟
وأكد أنه أنجز، أمس، مسودة البيان الوزاري لحكومة الوحدة الوطنية الجديدة، وقال إنه اتفق مع عون على الحفاظ على الدستور وإن أي تعديل دستوري يجب أن يحوز على إجماع اللبنانيين، كما نفى التوافق مع عون على قانون الانتخابات أو ملف النفط أو تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان أو قائد جديد للجيش أو تعيين العميد عماد عثمان مديراً عاماً لقوى الأمن، وأشار الى أنه لم يتطرق معه الى هذه المواضيع.
وقال إن «حزب الله» مشكور، لأنه لا يمانع عودتي إلى رئاسة الحكومة، وأكد انفتاحه على الرئيس نبيه بري، وقال: «سأبقى معه ظالماً أو مظلوماً، ومشكلته ليست معي إنما هي في مكان آخر».
وحول إصرار «8 آذار» على امتلاك «الثلث المعطل» وفق اتفاق الدوحة، سأل الحريري: «ألا يثقون هم بميشال عون وأريد أن أسأل سؤالاً هل نخترع ثلثاً معطلاً على شو، كل ما قمنا به هو خلط للأوراق».
لقاء موسكو الثلاثي يركّز على خطر معركة الموصل
خرق في حلب.. وبوتين لا يستعجل الغارات
بعد أكثر من ثلاثة أسابيع على إعلان الفصائل المسلحة المقاتلة في حلب بمختلف مسمّياتها عن استعدادها لـ «معركة فك الحصار عن حلب»، شنّت هجوماً هو الأعنف على المحور الغربي للمدينة في اتجاه بعيد عن محور «كسر حصار أحياء حلب الشرقية»، وذلك بهدف «اختراق مواقع الجيش السوري والسيطرة على كامل المدينة»، وفق ما ذكرت مصادر «جهادية». وفي وقت تمكنت الفصائل المسلحة من إشعال كامل الجبهة الغربية، رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طلباً من هيئة الأركان الروسية بكسر تعليق غارات الطائرات الروسية في سماء حلب على اعتباره «أمراً غير مفيد في الوقت الراهن».
تحت الأمطار الغزيرة، استهدفت خمس مفخّخات بشكل متتالٍ مواقع الجيش السوري على محور حي الراشدين ومشروع 1070، سبقها قصف عنيف بصواريخ الـ«غراد» استهدف مواقع الجيش السوري وأحياء المدينة السكنية، ليتبع ذلك هجوم من «الانغماسيين» التركستان، أشعل أربعة محاور في وقت واحد، ما دفع قوات الجيش السوري والحلفاء إلى التراجع عن خطوط الدفاع الأولى في مناطق معمل الكرتون وضاحية الأسد المحاذية للأكاديمية العسكرية، لتشكيل خط دفاع آخر عن المدينة.
وفي وقت كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، يؤكد بعد اجتماع ثلاثي جمعه في موسكو مع نظيريه السوري وليد المعلم والإيراني محمد جواد ظريف، أن الأطراف الثلاثة ستتابع عملها لـ«القضاء على الإرهاب في سوريا حتى النهاية»، ذكر لافروف أن ذلك يجري «بموازاة حل المسائل المتعلقة بتحسين الوضع الإنساني، واستعادة نظام وقف إطلاق النار، وإطلاق مفاوضات السلام بلا تباطؤ من دون أي شروط مسبقة».
ورحّب لافروف بتأكيدات المعلم «استعداد وفد الحكومة السورية للتوجّه إلى جنيف ولو غداً للمشاركة في مفاوضات تجري برعاية الأمم المتحدة وبمشاركة جميع أطياف المعارضة، وفق مقتضيات قرارات مجلس الأمن الدولي»، مضيفاً «أننا متفقون حول عدم وجود أي بديل لتسوية الصراع في سوريا بالوسائل السياسية الديبلوماسية. إننا ندعم عزم القيادة السورية على مواصلة العملية السياسية».
وأشار لافروف إلى أن العملية التي تقودها الولايات المتحدة لتحرير مدينة الموصل العراقية من تنظيم «داعش» قد تؤثر كثيراً في ميزان القوى في سوريا، قائلاً: «لدينا مصلحة في التعاون واتخاذ إجراءات مع زملائنا العراقيين لمنع انسحاب إرهابيي الموصل إلى سوريا مع أسلحتهم».
قيادة الجيش السوري أصدرت بياناً أكدت فيه إحباط المرحلة الأولى من هجوم مسلحي ما يُسمّى «جيش الفتح» الذي تقوده «جبهة النصرة»، بالتزامن «مع هجوم قام به تنظيم داعش على اتجاه الكلية الجوية»، شرق حلب. بيان الجيش السوري جاء أيضاً بالتزامن مع انقطاعات متكررة في الاتصالات في مدينة حلب ساعدت على انتشار شائعات عديدة ضمن الحرب الإعلامية المعتادة التي تترافق مع كل هجوم على المدينة.
تفاقم الأوضاع غرب حلب والهجوم العنيف لـ «النصرة» وحلفائها على مواقع الجيش السوري، لم يغيّرا من وجهة النظر الروسية المراهنة على الحل السياسي، حيث تعوّل موسكو على إنهاء ملف المدينة بتفاهمات دولية بالتوازي مع ضغط الميداني، وهو ما أشارت إليه وزارة الدفاع الروسية عندما ذكرت أن «موسكو مستعدة لإعلان تهدئة إنسانية جديدة في حلب شريطة ألا يستغلها الإرهابيون»، موضحة أن «خبراء عسكريين من روسيا وأميركا ودول أخرى يدرسون مقترحات حول وقف الأعمال القتالية في حلب».
الرئيس الروسي رفض طلب هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة لاستئناف الضربات الجوية ضد المسلحين في أحياء حلب الشرقية، معتبراً أن هذا الأمر «غير مفيد في الوقت الراهن».
وقال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف إن بوتين شدد على ضرورة استمرار الهدنة الإنسانية «لإجلاء المصابين ولخروج المسلحين الراغبين في الانسحاب من المدينة»، مضيفاً أن قرار بوتين «يمنح واشنطن أيضاً إمكانية الاستفادة من تمديد الهدنة، للوفاء بالتزاماتها الخاصة بالفصل بين المعارضة المعتدلة والإرهابيين».
وكانت هيئة الأركان العامة للجيش الروسي طلبت من بوتين السماح باستئناف الضربات الجوية على الإرهابيين في حلب السورية. وقال رئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان الفريق سيرغي رودسكوي إن هذا القرار اتخذ بسبب استمرار سفك دماء المدنيين، ومسارعة الإرهابيين إلى استئناف الأعمال القتالية ضد القوات الحكومية.
مصدر عسكري سوري أكد خلال حديثه إلى «السفير» أن قوات الجيش السوري والحلفاء لن تسمح بتحقيق أي خرق في حلب، مشيراً إلى أن «الفصائل المسلحة استجمعت كل قواها وهاجمت بشكل موحّد، الأمر الذي جعل هذا الهجوم هو الأعنف على الجبهة الغربية».
ولفت المصدر إلى أن «الجيش استوعب الهجوم وتمكّن من التصدي له برغم الانسحاب الجزئي الذي حصل في ضاحية الأسد»، ورأى أن الهدف الرئيسي للهجوم على هذا المحور يتمثل بـ «إنهاك الجيش السوري وإدخاله في حرب شوارع تخفف الضغط عن الجبهة الجنوبية لحلب، بالإضافة إلى حلم المسلحين بكسر الحصار عن الأحياء الشرقية للمدينة وهو حلم بعيد المنال». وأوضح أن المسلحين استعملوا بغزارة صواريخ الـ «غراد» في هجومهم.
من جهته، ذكر «القاضي الشرعي» لـ «جيش الفتح» السعودي عبد الله المحيسني أن شخصيات سعودية وخليجية موّلت عمليات شراء أكثر من 100 صاروخ ثقيل جديد ليتم استعماله في هذا الهجوم.
وتضاف كمية الصواريخ الجديدة، التي أعلن عنها المحيسني، إلى كميات كبيرة من صواريخ «غراد» وصلت إلى «جبهة النصرة» خلال الأشهر الأربعة الماضية، بالإضافة إلى مضادات طيران أميركية جديدة أعلنت روسيا أنها قد وصلت فعلاً إلى المسلحين.
رغم انكسار زخم الهجوم، وتمكُّن الجيش السوري من إيقاف زحف المسلحين، شدّد مصدر ميداني على أن هذه المعارك ستستمر فترة طويلة نسبة لكمية السلاح الكبيرة التي تلقتها الفصائل المسلحة، والتي زجّت فيها أكثر من 20 دبابة و15 مدرعة في الهجوم، رابطاً في الوقت ذاته بين هذه المعارك والمعركة المرتقبة التي يحضّر الجيش السوري لها على جبهة حلب الشرقية باتجاه مدينة الباب، بالتزامن مع هجوم الفصائل المدعومة تركياً نحو المدينة، مضيفاً «من شأن هذه المعارك أن تعيق عملية الجيش المرتقبة نحو الباب، وهو ما تريده تركيا فعلاً، ومحور هجوم المسلحين يؤكد أن الهدف ليس كسر الحصار عن المدينة وإنما إنهاك الجيش السوري وإشغال روسيا بمعارك جانبية».
* النهار
الحريري يمدّ اليد لمرحلة “الجهاد الحكومي”
شكلت السرايا الحكومية ودارة رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط مساء أمس المحطتين الأخيرتين مبدئياً لجولة العماد ميشال عون على القيادات السياسية بصفته رئيسا لـ”تكتل التغيير والاصلاح” ومرشحاً رئاسياً قبل جلسة الاثنين المقبل التي بدا واضحاً ان العماد عون يتعمد تقليل الكلام والتصريحات قبل انعقادها استعداداً لالقائه خطاب القسم عقب انتخابه الرئيس الثالث عشر للجمهورية.
ولم تحمل تطورات الساعات الاخيرة جديدا مفاجئا لجهة اتساع قاعدة تأييد كتل سياسية ونيابية كبيرة لانتخاب عون باعتبار ان موقف النائب جنبلاط سبقته مؤشرات تدل على ميله الى السير في خيار انتخاب عون وان تكن أصوات “اللقاء الديموقراطي” لن تذهب كلها الى هذا الخيار.
ومع ذلك فان اعلان جنبلاط ان نواب اللقاء “توافقوا على تأييد ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية” رفع تلقائياً نسبة التصويت المحسوب لمصلحة عون وسط ازدياد تفاؤل الفريق العوني بامكان انتخابه في دورة الاقتراع الاولى بأكثرية الثلثين.
وتفاوتت “البوانتاجات” التي أجريت للتصويت بين توافر أكثرية 79 و86 صوتاً لمصلحة عون الامر الذي عكس تحفظاً لدى معظم الجهات المعنية عن الجزم باتجاهات الجلسة، خصوصاً ان حجم التصويت لمصلحة النائب سليمان فرنجية والتصويت بالاوراق البيضاء لا يزال عرضة لتقديرات غير ثابتة، الامر الذي يصعب معه تبين الاتجاهات النهائية الا في الجلسة نفسها.
وتقول مصادر معنية بهذه الحسابات إن ما لا يقل عن 47 نائباً يتوزعون حتى الآن بين تأييد فرنجية والتصويت بأوراق بيضاء الامر الذي يبقي احتمال عدم نيل عون اكثرية الثلثين من الدورة الاولى قائما الى حين انعقاد الجلسة، الا اذا تبين ان بعض النواب المترددين قرروا التصويت لعون في نهاية المطاف.
ومع عودة رئيس مجلس النواب نبيه بري امس الى بيروت، لوحظ ان جنبلاط حرص على لقائه قبل زيارة عون لكليمنصو حيث أبلغه “حيثيات موقفه من الانتخاب الرئاسي”.
ولفت جنبلاط الى انه “وان بدا هناك بعض التفاوت فهذا التفاوت شكلي (بينه وبين بري) وفي النهاية هناك تاريخ عريق وقديم بيننا… ويبقى الرئيس بري رجل الدولة الاول الحريص على الدولة اللبنانية وعلى الاستقرار”.
وأوضح جنبلاط عقب استقباله عون ان اجتماعاً اخيراً سيعقد اليوم لـ”اللقاء الديموقراطي” وان “هناك من قد يعترض أو لا يوافق لكن غالبية اللقاء والحزب التقدمي الاشتراكي مع ترشيح العماد عون وآن الاوان كي نخرج من هذا المأزق ويبدو ان ظروفاً محلية، صنع في لبنان، لكن هناك أيضاً ظروفاً دولية واقليمية تساعد في هذا الامر”. واكتفى عون بشكر جنبلاط قائلاً “اننا تحدثنا عن المستقبل اثناء ولايتي هذا الموقع وسنتعاون سويا لبناء لبنان وتحسين الواقع الاجتماعي”.
الحريري
وعلمت “النهار” ان إجتماع كتلة “المستقبل” امس برئاسة الرئيس سعد الحريري الذي عرض مجدداً معطياته في شأن خيار دعم ترشيح العماد عون لم يشهد أي موقف متمايز من الاعضاء الذين سبق لهم أن اعترضوا على هذا الخيار وفي مقدمهم الرئيس فؤاد السنيورة الذي إلتزم الصمت طوال الاجتماع.
وبينما رجحت مصادر في الكتلة أن يبقى السنيورة ومعه عدد من الاعضاء على موقفهم المعارض، عبّر البيان الصادر عن المجتمعين عن إلتزام الكتلة خيار الحريري مما يعيد الى الكتلة مظهر تماسكها والتفافها حول رئيسها.
ولفتت المصادر الى ان الحريري لم يتطرق خلال الاجتماع الى زيارة وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان للبنان.
وأكدت ان “المستقبل” بات في وضع شعبي أفضل بعدما أظهرت الايام الاخيرة التي تلت موقف الحريري الاسبوع الماضي ان لا إعتراض على مستوى القاعدة على ترشيح عون على رغم بعض المحاولات التي جرت لتكوين جبهة معارضة لهذا الترشيح.
واكتسب الحديث الذي أدلى به الحريري ليلاً الى الزميل مارسيل غانم في برنامج “كلام الناس ” دلالات بارزة عشية الجلسة الانتخابية اذ ركز في معظمه على الابعاد الاقتصادية والاجتماعية التي تواكب عملية انهاء الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية ومن ثم “الجهاد الاكبر الحكومي”.
وبدا الحريري واثقاً من علاقته بالعماد عون في التجربة التي ستبدأ مع انتخابه رئيساً للجمهورية، فرد على القول إنه استسلم لمحور “حزب الله” وايران بقوله “انا خضعت لقناعتي بان لبنان اهم من أي شخص وكان هاجسي الفراغ وما يؤدي اليه”.
ورأى ان مبادرته اسقطت الفراغ الذي كان المرشح الحقيقي لـ”حزب الله”.
وشدد على ان الرئيس بري “سيظل أخاً كبيراً وسأبقى معه ظالماً أم مظلوماً”. ومع رفضه القول بانه ذاهب الى الانتحار، لفت الى انه كان يعرف ان لا مشكلة اقليمية امام مبادرته قائلاً: “هذا الذي حصل هو انتصار للبنان وانتصار للسعودية لانه انتصار للنظام وللطائف وانتصار على الفراغ وهذا انتصار للعرب كلهم”.
واسترعى الانتباه في حديث الحريري اشادته الحارة بكل من قائد الجيش العماد جان قهوجي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، كما انتقد بشدة تدخل “حزب الله” في الدول العربية ونفى ان يكون عقد تفاهمات ثنائية مع العماد عون على حساب أحد واعلن انه منفتح على الجميع ويمد يده للجميع.
وتحدث مرحلة سياسية جديدة “وما نفعله هو انقاذ للبلد والمؤسسات واعطاء فرصة للناس وامل للبلد”. وأكد ان كتلة “المستقبل “هي “كتلة سعد الحريري”.
الموفد السعودي
في غضون ذلك، اتخذت جولة وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج طابعاً واسعاً اذ شملت معظم القيادات والشخصيات السياسية ومن المقرر ان يلتقي اليوم الرئيس بري.
وأكد الوزير السعودي لدى لقائه النائب ميشال المر مساء ان “المسؤولين السعوديين يدعمون كل ما يتفق عليه اللبنانيون في شأن الانتخابات الرئاسية وغيرها من القضايا التي تحقق للبنان مزيداً من الاستقرار والنماء والازدهار”.
وقال ان المملكة “حريصة دوما على لبنان وما يشكله من نموذج عيش مشترك ومن تنوع فهو بوابة العرب على الغرب”.
* البناء
النصرة وحلفاؤها يهاجمون غرب حلب… والسعودية تتهم الحوثيين بقصف مكة
جنبلاط حسم خياره لعون… والحريري كشف خطة حربه على حزب الله
السيد نصرالله يطلّ اليوم بقاعاً… التنسيق والتكامل مع بري استراتيجية لا تتغيّر
كتب المحرر السياسي
تخيّم مناخات التصعيد اليائس لدى أطراف المحور الذي تقوده السعودية في المنطقة، وترعاه واشنطن، بينما ترتبك تركيا في خططها للتوغل في سورية والعراق، مع الإنذار السوري بالمواجهة لكلّ انتهاك تركي براً وجواً للسيادة السورية، والتقدّم الذي بدأه الحشد الشعبي في العراق نحو تلعفر، فقد بدأ أمس هجوم جبهة النصرة على غرب حلب، ومعها كلّ الذين تسمّيهم واشنطن بالمعارضة المعتدلة، وكانت تبكي وتنوح على الشأن الإنساني في حلب ومعها كلّ الغرب، لتأمين فكّ الحصار عنهم، وتسهيل مشاركتهم في الهجوم، بينما كانت موسكو تحذر من هذه الاستعدادات وتتهم الغرب عموماً وواشنطن خصوصاً بالوقوف وراء التحضير لهجوم على حلب تشنّه الجماعات الإرهابية، توظف في خدمته الحملة الإعلامية والدبلوماسية بذريعة الشأن الإنساني، وفيما كان الهجوم في ذورته على ضاحية الأسد غرب حلب، ويلقى المهاجمون نيران الجيش السوري والحلفاء ويتكبّدون عشرات القتلى وخسارة معظم الآليات المهاجمة، كانت الرياض تنظم حملة إعلامية للتباكي على المقدسات الدينية بذريعة اتهامها للحوثيين بقصف مكة المكرمة، وهو ما يكذّبه الصاروخ الذي تحدّث عنه السعوديون وسقط في جدة، في قاعدة الملك عبد العزيز، وما ردّ عليه أنصار الله والجيش اليمني ببيان مفصل يفنّد ما يتضمّنه الاتهام السعودي من فبركة.
مناخ التصعيد ذاته نقله الرئيس سعد الحريري في حوار تلفزيوني مخصّص للحديث عن خياره السير بالتسوية التي تضمّنت سيره بترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، مقابل ضمان عودته لرئاسة الحكومة، بعدم ممانعة من حزب الله، فحوّل المناسبة لشنّ حملة عدائية على حزب الله وسورية ورئيسها، بصورة مفتعلة لا تنسجم مع ادّعاءات السعي للتوافق وما يستدعيه من تخفيض لسقوف التوتر السياسي المعلوم المصادر والعناوين، والتي يشكل الموقف من سورية والحرب فيها أبرز محاوره، وعبرها دور حزب الله في القتال ضدّ الجماعات الإرهابية المدعومة من السعودية هناك.
كشف تصعيد الحريري هشاشة التسوية التي ينتظر اللبنانيون أن تمنحهم فرصة إعادة الحياة للدولة ومؤسساتها، ويظهر التعقيدات التي ستحول دون ولادة سريعة للحكومة المقبلة، بمحاولة فرض مواقف عدائية لسورية، لا يملك أيّ رئيس حكومة في لبنان أن يفرضها أو يسلكها، فيما لبنان يحتاج التنسيق مع سورية، في ملفات الحرب على الإرهاب على الحدود المشتركة للبلدين، وملف النازحين السوريين، كما يحتاج لبنان لدور حزب الله في حماية أمنه من خطر الإرهاب عبر التضحيات التي يقدّمها في سورية نيابة عن كلّ اللبنانيين، وفيما لم يكن منتظراً من الحريري ان يبارك هذا الدور ولا أن يبادر للحديث الإيجابي عن العلاقة اللبنانية السورية، ولا أن يصل لحدود المسؤولية الوطنية التي تتصرف على أساسها قوى المقاومة بعدم فرض مواقفها من السياسات السعودية على الدولة والحكومة، وكان أقلّ المتوقع لمن يقول إنه قدّم التنازلات والتضحيات لأجل الدولة والوطن، أن يكتفي القول إنّ العلاقة مع سورية موضوع خلافي وكذلك قتال حزب الله هناك، ونأمل مع الحكومة الجديدة التوصل لتفاهمات لا تعبّر عن مواقفنا كأطراف بل عن مصلحة لبنان التي تجمعنا، لكن كان واضحاً حجم النبض العدائي في كلام الحريري، ما يكشف خطة حرب على حزب الله، تفسّر الفقرة التي وضعها في مطلع بيان الحكومة السعودية، وزير الدولة السعودية ثامر السبهان قبل مجيئه إلى بيروت، والمخصصة لاعتبار المواجهة مع حزب الله تتقدّم سواها من الاهتمامات في السياسة السعودية.
لم يخف الحريري سعيه لوضع العماد عون كرئيس للجمهورية بوجه تحالف حزب الله ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، والإيحاء بأنّ هذا هو رهانه المشترك مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، بينما كان الحدث أمس إعلان النائب وليد جنبلاط عن سيره مع نواب الحزب التقدمي الإشتراكي وأغلبية نواب اللقاء الديمقراطي في خيار التصويت للعماد ميشال عون، وسيكون الحدث اليوم ما سيقوله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في إطلالة مخصصة للوضع في البقاع، عن الثنائية القائمة على التكامل بينه وبين الرئيس بري، كعلاقة استراتيجية لا تتغيّر بتغيّر الأحوال ولا فكاك فيها ولا تردّد، بما يشكل رسالة للمرحلة المقبلة واستحقاقاتها ما بعد جلسة الانتخاب، والدور الذي سيتولاه الرئيس بري بالنيابة عن حركة أمل وحزب الله معاً.
جنبلاط حسم موقفه
حسم رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط موقفه بشأن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وأعلن بأن غالبية نواب «اللقاء» توافقوا على تأييد ترشيح العماد ميشال عون رئيساً وأن الأمر سيترجم في جلسة الانتخاب الاثنين.
وبعد زيارة قام بها عون الى كليمنصو مساء أمس يرافقه وزير الخارجية جبران باسيل، وبحضور كتلة اللقاء الديمقراطي، أشار جنبلاط إلى أن «نواب اللقاء الديمقراطي توافقوا على تأييد ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية».
أضاف: «سيترجم هذا الأمر عملياً نهار الاثنين في المجلس النيابي، وغداً سيكون اجتماع أخير للتشاور مع اللقاء الديمقراطي، وهناك من قد يعترض أو لا يوافق، ولكن أغلبية اللقاء الديمقراطي والحزب التقدمي الاشتراكي مع ترشيح العماد عون».
وتابع: «بعد انتظار عامين ونصف العام، آن الأوان كي نخرح من هذا المأزق، ويبدو أن ظروفا محلية، صُنع في لبنان، لكن أيضاً هناك ظروفاً دولية وإقليمية تساعد في هذا الأمر».
وتمنى جنبلاط للعماد عون «كلّ التوفيق»، وقال: «نحن نقف بجانبه من أجل مصلحة لبنان».
بدوره قال عون: «جئت لأشكر وليد بك على تأييده لي لموقع رئاسة الجمهورية، وفي الوقت نفسه تحدّثنا عن المستقبل أثناء ولايتي في هذا الموقع، وسنتعاون سوياً لبناء لبنان ولتحسين الواقع الاجتماعي والوحدة الوطنية، فشكراً لك وليد بك على هذا التأييد».
وشدّدت مصادر مطلعة لـ«البناء» على أنّ «اللقاء بين عون وجنبلاط كان جيداً ويؤسّس لمرحلة جديدة من الثقة والتعاون بين الطرفين للنهوض بالوطن»، مشيرة الى أنّ عون منفتح على كافة القوى السياسية ويعمل على تذليل العقبات وتبديد جميع الهواجس وسيفصل بين أدائه في موقع الرئاسة الاولى وبين الخصومة السياسية».
… وفي عين التينة
وسبق لقاء عون – جنبلاط زيارة قام بها الأخير الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري العائد من جنيف مساء أمس، ورافقه الوزيران أكرم شهيب ووائل أبو فاعور والنائبان غازي العريضي وعلاء الدين ترّو بحضور الوزير علي حسن خليل.
وبعد اللقاء عقدت خلوة قصيرة بين بري وجنبلاط الذي قال بعد اللقاء: «شرحت للرئيس بري حيثيّات موقفي بما يتعلق بإنتخاب الرئيس نهار الإثنين، وإن بدا هناك بعض التفاوت فهذا التفاوت شكلي. في النهاية هناك تاريخ عريق وقديم بيننا من النضال تعمّد بالدم في سبيل قضيّة عروبة لبنان وفلسطين. ويبقى الرئيس برّي رجل الدولة الأول الحريص على سير المؤسسات والحريص على الدولة اللبنانية والحريص على الاستقرار. هذا كان ملخص ما جرى بيني وبين الرئيس برّي».
الطريق معبّدة الى بعبدا
وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» الى أنه «بعد إعلان جنبلاط تأييده ترشيح عون باتت الطريق واسعة ومعبّدة أمام عون الى قصر بعبدا والمعيار الأساس الذي يتمّ البحث به الآن هو أن يحصل عون على 86 نائباً ويحسم فوزه من الدورة الاولى أم 85 صوتاً وبالتالي سيحتاج الى دورة ثانية»، لافتة الى أنّ «ثلاث أنواع من النصاب توافرت في انتخاب عون، النيابي والسياسي والوطني وإعلانه رئيساً ينتظر الموعد الإجرائي يوم الاثنين، وبالتالي لم يعد هناك من عقبات سياسية تحول دون انتخابه رئيساً»، أما القوى المعارضة بحسب المصادر فإمكان معالجة أسباب معارضتها رحّل الى ما بعد جلسة الإنتخاب»، وأكدت المصادر أنّ موقف جنبلاط الذي أعلنه بالأمس اتخذه في وقتٍ سابق لكنه فضّل التريث للقاء الرئيس بري للتنسيق معه كتعبير عن موقف لياقة تجاه رئيس المجلس وليؤكد على دوره السياسي والوطني وعلى متانة تحالفهما رغم التباين في موضوع الرئاسة الأولى، ولفتت الى أنّ «الرئيس بري كان يدرك مسبقاً موقف جنبلاط»، ولفتت الى أنّ «المساعي مع بري والوزير سليمان فرنجية لم تتوقف حتى الساعة لكن موقف جنبلاط لن يؤثر على قرار بري الرافض لانتخاب عون ما يعني أنه سيقترع للنائب فرنجية الذي سيبقى مرشحاً».
واعتبرت المصادر أنّ «انطلاق مسألة الحكومة يعني انتهاء مرحلة انتخاب الرئيس والانتقال الى الخطة رقم 2 ولا يمكن استباق نتائج مسارها منذ الآن، فهناك العديد من الاعتبارات والمسائل التي يجب أخذها بعين الاعتبار في مسألة التكليف والتأليف، فتشكيل الحكومة هي الحقبة الثانية في رحلة العهد والرئيس بري سيكون الطرف الأساسي في عميلة تشكيلها»، موضحة أنّ موقف حزب الله وحركة أمل سيكون موحداً تجاه عملية تسمية رئيس الحكومة وتوزيع الحصص والبيان الوزاري».
عون رئيساً من الدورة الأولى؟
وفي غضون ذلك انشغل الوسطان السياسي والإعلامي باحتساب عدد الأصوات التي سينالها المرشحان عون وفرنجية في جلسة الاثنين.
فقد نشر النائب ألان عون عبر حسابه على «تويتر» صورة تجمعه بالعماد عون معلقاً: «عم نعدّ النواب… طلعنا مرتاحين وأكثر!»، مرفقاً التعليق بوجه ضاحك.
ورجحت مصادر تكتل التغيير والإصلاح لـ«البناء» أن يفوز عون من الدورة الأولى ما يعطي قوة دفع وانطلاقة قوية للعهد الجديد ويمنحه حاضنة شعبية ونيابية وسياسية ووطنية واسعة».
ونفت المصادر ما يتمّ تداوله عن أنّ عضو التكتل النائب فادي الأعور سيصوت ضدّ العماد عون»، مؤكدة أنه سيصوت لعون»، ولفتت الى أنّ النائبين مروان حمادة وفؤاد السعد سيصوتان ضدّ عون إما لفرنجية وإما بورقة بيضاء».
الحريري: سأبقى مع بري ظالماً أم مظلوماً
وأكد الرئيس سعد الحريري «انني أحترم رئيس مجلس النواب نبيه بري وهو صديق وأخ كبير وسأبقى معه ظالماً أو مظلوماً، مشكلته ليست معي بل لدى أحد آخر، ورفضه لعون موقف سياسي اختاره ولكن يمكن هو ليس قادراً على مواجهة من أوصلنا الى هنا فـ«عم بفش خلقو فيّي، بس هوّي بمون».
وفي حديث تلفزيوني، أوضح الحريري أنني نسّقت مع بري قبل مبادرتي وأبلغته سابقاً أنّ هذه الحال لا يمكن أن تستمرّ. وقلت له بعد 9 أشهر من مبادرتي بترشيح النائب سليمان فرنجيّة، وسألته هل من مخرج من أجل انتخابه رئيساً؟ لكنني لم ألق جواباً لذا أبلغته انني ذاهب للتفاوض مع العماد عون».
ولفت الى أنّ «عون يعرف ماذا يريد أن يفعل من أجل البلد، ويعرف أنّ هناك صعوبات وتحديات كبيرة»، مشيراً الى أنّ «المجتمع الدولي يريد رئيساً للبنان أكثر من اللبنانيين. وعندما فاتحت السعوديين بخياري لم يُفاجأوا، فاستقرار لبنان وازدهاره وثبات اتفاق الطائف هو انتصار للسعوديّة».
وأوضح الحريري «أنني لم أقم بتفاهمات ثنائية للطعن بأحد، بل قمت بها من أجل مصلحة البلد، وهذه التفاهمات لها علاقة بحماية البلد والطائف، تطرقنا الى حكومة الوحدة الوطنية ولم نتطرق الى قانون الانتخاب ولم نتكلم عن قانون الـ60 أو تأجيل الانتخابات».
وشدّد على أنّ الحكومة اللبنانية سيكون قرارها واضحاً ونحن نرفض أي تدخل في أيّ شؤون عربية».
وأكدت كتلة «المستقبل» النيابية خلال اجتماعها في «بيت الوسط» برئاسة الحريري، دعمها خيار الرئيس الحريري تأييد ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهوري».
زيارة السبهان تغطية على هزيمة السعودية
والى ذلك، واصل الموفد السعودي الى لبنان ثائر السبهان في اليوم الثاني لزيارته مروحة لقاءات على القيادات اللبنانية، فجال برفقة القائم بأعمال السفارة السعودية في بيروت وليد البخاري، على الرؤساء سعد الحريري، فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي، النائب جنبلاط، مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، العماد عون ثم البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، ثم التقى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
وقال مصد نيابي لـ«البناء» أنّ «اللقاء بين عون والموفد السعودي كان جيداً وتقديم الموفد درعاً لعون له رمزية ومعنى سياسي، وبالتالي هدف الزيارة مدّ جسر التواصل مع رئيس الجمهورية العتيد وتغطية سعودية للعهد الجديد»، وتوقعت المصادر أن ينطلق العهد بمسار إيجابي»، لكنها لفتت الى بعض العقبات مع الرئيس بري والنائب فرنجية يجري العمل على تذليلها».
وقالت مصادر أخرى لـ«البناء» إنّ «الموفد السعودي يظهر أنّ السعودية حاضرة في قلب المشهد اللبناني وأظهرت أنّ ما روّج بعد زيارتي الوزير أبو فاعور من أنّ المملكة لا تؤيد التسوية الرئاسية أثبت عدم صحته، فالمملكة منذ الأساس داعمة للتسوية الرئاسية ولحركة الحريري لكنها في المقابل تريد إظهار أنّ الرئاسة شأن لبناني لتغطية تورّطها في تعطيل انتخاب عون طوال عامين ونصف العام»، وبيّنت المصادر أنّ «توقيت الزيارة واللقاءات البروتوكولية وحفلة التقاط الصور وتبادل الهدايا بين الموفد السعودي والقيادات اللبنانية ومن دون إدلائه بأيّ تصريح محاولة لإظهار أنّ السعودية لا تشعر بأيّ هزيمة سياسية لها في لبنان من خلال قبول الحريري بمرشح حزب تقول عنه بأنه إرهابي».
* اللواء
الحريري: إنتخاب عون لمصلحة لبنان والسعودية وتحييد الدولة عن الملف السوري
نواب جنبلاط ينتخبون «الجنرال».. والسفارة الكندية تنصح بالتموين لأسبوع
بدءاً من منتصف الليلة، تؤخّر الساعة ساعة واحدة، مع دخول البلاد التوقيت الشتوي، وبدءاً من منتصف بعد غد الاثنين من المفترض ان ينتهي الشغور الرئاسي الذي تجاوز الثلاثين شهراً، بمباركة عربية عكستها زيارات الموفد السعودي وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان، والتي شملت في يومها الثاني الرؤساء: سعد الحريري، وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي والمرشح الرئاسي النائب ميشال عون ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، إضافة إلى الرؤساء الروحيين: مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والبطريرك الماروني بشارة الراعي ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، على ان يزور الرئيس نبيه برّي اليوم والمرشح الرئاسي الثاني النائب سليمان فرنجية ووزير الداخلية نهاد المشنوق وقائد الجيش العماد جان قهوجي، ويولم له مساءً الرئيس الحريري في «بيت الوسط»، من دون ان يجزم مصدر واكب الزيارة ما إذا كان الوزير السبهان سيحضر جلسة انتخاب رئيس الجمهورية قبل ان يغادر لبنان.
واعرب مصدر نيابي في كتلة «المستقبل» عن اعتقاده بأن مغزى الزيارة هو التأكيد على عودة الاهتمام بلبنان من دون ان يعني ذلك دعم مرشّح بعينه.
ولفت المصدر إلى ان الوزير السعودي الذي يعرف لبنان جيداً، شدّد خلال لقاءاته على ضرورة إنهاء الفراغ الرئاسي، وأن المملكة على مسافة واحدة من الجميع، مع تجديد التأكيد على أهمية تثبيت دعائم الاستقرار من النواحي السياسية والأمنية والاقتصادية، والتشديد على حرص المملكة على دعم الاعتدال في لبنان.
وكاد المشهد السياسي الداخلي يكتمل مع إعلان النائب جنبلاط انه «تفاوت» شكلاً مع الرئيس برّي في الموقف من انتخاب النائب عون، مذكراً بتاريخ حافل بين الرجلين، في لقاء وصفه وزير الصحة وائل أبو فاعور بأنه «لقاء تفهم وتفاهم»، فيما كان النائب عون يكمل لقاءات الشكر والبروتوكول من السراي إلى كليمنصو في أجواء بدت تطلعية وقلقة في الوقت نفسه، بمعزل عن قرار وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب بتعطيل المدارس الرسمية والخاصة والجامعات، لاعتبارات تتعلق «بالعرس» و«اليوم التاريخي» الذي لم تر فيه حركة «أمل» الا يوماً عادياً، فقررت مؤسسات «أمل» التربوية التدريس الاثنين في مدارسها في بيروت والجنوب والبقاع.
على ان السؤال الذي تضمن قلقاً وريبة يتعلق بالرسالة النصية التي بعثت بها سفارة كندا في لبنان إلى رعاياها تطلب منهم تجنّب التنقل والاجتماعات في الأسبوع الذي يلي انتخاب عون وحجز أنفسهم في المنازل بعد تجهيزها بمياه تكفي لخمسة أيام وبطاريات ومصابيح في حال انقطعت الكهرباء وطعام صالح للتخزين وكمية احتياطية من الماء.
وازاء أجواء الحذر والترقب، وبعد إجازة المدارس، قررت مجموعات كبيرة من النّاس تمضية «الويك اند» خارج بيروت وتجنب التحركات إلى ما بعد الثلاثاء، فيما رفعت القوى الأمنية من منسوب اجراءاتها سواء لتوفير الحماية لجلسة الانتخاب، أو حماية الأماكن العامة، لا سيما المحيطة بساحة النجمة، وتعزيز الإجراءات حول دور العبادة والسفارات وعند تقاطعات الشوارع العامة.
كتلة المستقبل
والأبرز من الناحية السياسية إعلان كتلة «المستقبل» بعد اجتماعها برئاسة الرئيس الحريري انها تدعم ترشيح النائب عون، وانها ستحضر جلسة الانتخاب الاثنين وتمارس حقها في الاقتراع الديمقراطي.
هذا البيان الذي وصفه الرئيس الحريري انه يعكس كيف ستصوت الكتلة في الجلسة، مؤكداً ان الكتلة هي كتلة سعد الحريري وقرارها يتخذ في «بيت الوسط» ونقطة على السطر، و«الكتلة معي ومش مع حدا تاني»، رأى فيه مصدر نيابي شارك في الاجتماع انه يعكس مخاض النقاشات داخل الكتلة في ظل اتجاه النواب المعترضين على التصويت لعون في البقاء حيث هم، سواء كانوا من ضمن أصوات الورقة البيضاء، أو سيصوتون لصالح النائب فرنجية، حيث تحدثت آخر تقارير «البوانتاجات» عن احتمال وصول الأصوات التي سينالها فرنجية مع الأوراق البيضاء إلى 47 صوتاً مقابل 79 صوتاً للنائب عون، بعد موقف نائب طرابلس محمّد كبارة بدعم توجهات الرئيس الحريري وإعلان زعيم المختارة ان اغلب أعضاء اللقاء الديمقراطي سيصوتون لصالح عون، في إشارة ان النواب مروان حمادة وفؤاد السعد وهنري حلو سيصوتون بورقة بيضاء.
وأوضح مصدر نيابي في الكتلة ان الاجتماع لم يكن طويلاً، وهو ناقش إلى جانب موضوع الاستحقاق الرئاسي، موضوع الهجوم الحوثي على مكة المكرمة وقرار الأونيسكو بخصوص القدس، لكن اتفق على حصر البيان في موضوع انتخاب رئيس الجمهورية.
ولفت المصدر إلى ان الجو كان ودياً، ولم يتم التطرق إلى مسألة اعتراض بعض النواب على التصويت لعون في جلسة الانتخاب، مشيراً إلى ان بيان الكتلة لا يعكس حقيقة توجه النواب بالنسبة للتصويت لعون، إذ ان الوضع ما يزال كما هو، من دون أي تغيير، لا بالنسبة لعدد النواب المعترضين، أو بالنسبة لتعديل في المواقف، الا ان المصدر نفى ان يكون يعرف عدد النواب الذين لن يصوتوا لعون، إذ انه لم يحصل أي تنسيق بينهم أو اتصال، على أساس ان كل نائب سيصوت يوم الاثنين حسب قناعاته، مرجحاً ان تكون الورقة البيضاء.
تصور الحريري كرئيس للحكومة
في هذه الأجواء التي تقاطعت فيها الإيجابية والحذر، أطل الرئيس الحريري من على شاشة L.B.C.I في مقابلة استمرت ساعتين، تطرق فيها إلى الظروف التي أملت عقد «تسوية كبيرة مع التيار الوطني الحر لإنهاء الشغور الرئاسي»، مشدداً على أن همّه ليس رئاسة الحكومة بل مصلحة البلد، «فهاجسي الأساسي كان إنهاء الفراغ الرئاسي»، كاشفاً أنه يتفق مع النائب عون على أمور كثيرة ومنها النظرة الاقتصادية.
وأكد الحريري أن قيام الدولة يكون بعودة الاقتصاد إلى البلد، مشدداً أنه إذا انتصر الانتخاب الاثنين سيكون انتصاراً على الفراغ، واصفاً الناس أنهم البوصلة بالنسبة له، متهماً «حزب الله» بأن مرشحه كان الفراغ.
وتطرق الرئيس الحريري إلى علاقته برئيس المجلس، معلناً أنه مع الرئيس برّي ظالماً أو مظلوماً، وقال: «ذهبت إلى الرئيس برّي في آب وسألته إذا كان لديه نيّة لانتخاب فرنجية ولو بعد شهرين أو أكثر فلم ألق جواباً»، مضيفاً: «مش ماشي الحال هيك بالبلد، وكنت صادقاً في ما أقصد، لكن الرئيس برّي لم يكن يتصوّر أنني جدّي».
وقال إن مشكلة الرئيس برّي ليست معي بل هي في مكان آخر، ملمحاً إلى «حزب الله».
وأضاف: «إذا انتخب عون الاثنين فهذا انتصار على الفراغ، وهو ليس مكسباً للسعودية وإنما للعرب جميعاً، وبه نحافظ على الطائف».
وفيما بدا أنه مهادن لحزب الله وإيران، شنّ حملة على الرئيس السوري ونظامه، فردّاً على سؤال لو كان هو رئيس للحكومة وميشال عون رئيساً للجمهورية وأراد الأسد أن يقوم بزيارة لقصر بعبدا فماذا يحصل؟ أجاب: «أنا موقفي واضح في الموضوع السوري، علينا تحييد لبنان عن كل الصراعات وأترك لعون أن يتخذ القرار».
ولم يجد الرئيس الحريري حرجاً في الرد على كل الأسئلة ونقاط الاختلاف والاتفاق مع عون رئيساً للجمهورية، معتبراً أن ما تريده النّاس هو عودة المؤسسات إلى الانتظام، وسنعمل جاهدين لكي يتحسن الوضع الاقتصادي وخلق فرص عمل للشباب.
وإذ وجّه التفاتة خاصة لكل من قائد الجيش العماد قهوجي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، نفى أن يكون جرى التطرق في التفاهمات مع عون إلى التعيينات بما في ذلك مديرية قوى الأمن الداخلي.
وأكد رفضه لكل ما يقوم به «حزب الله» في الخارج، متسائلاً من الذي يقدر على منع الحزب من القتال في سوريا؟ واصفاً دور الحزب بأنه يرتكب خطيئة بحق لبنان، وحزب الله يدفع الثمن ولا نوافق على دوره هناك.
ورداً على سؤال يتعلق بالثلث المعطِّل، تساءل لماذا لم يطرح هذا الأمر عندما رشحت فرنجية، وهل أن الفريق الآخر لا يثق بالعماد عون؟ واصفاً أنه إذا لم يتمكن من تأليف الحكومة فهذا تعطيل للعهد وليس لصالح عون، مطالباً إيران بعدم التدخل بشؤون لبنان أو الشؤون العربية.
وقال إن موقفي وموقف عون واضح من الملف السوري وتم الاتفاق عليه.
وأكد الحريري أننا نمر في مرحلة سياسية دقيقة والوضع الإقليمي خطر، وهناك فكر إرهابي يمعن في ضرب الاستقرار، متحدثاً عن عملية خلط أوراق كبيرة، ومكرراً أنه قام بمخاطرة وتضحيات من أجل لبنان.
وقال: «يجب أن ننظر لنرى إذا كانت عرقلة تشكيل الحكومة ستكون في وجه رئيس الحكومة أم رئيس الجمهورية»، مكرراً أنه يتعاطى مع الصعوبات بحسن نيّة، ويأمل بشراكة حقيقية مع عون، ومجدداً القول بأن الرئيس برّي «بيمون» وليس هناك تفاهمات ثنائية، وكل ما قمت به لمصلحة البلد، واصفاً ما قام به النائب جنبلاط في شباط 2005 بأنه «عمل لن ينساه».
وفي لحظة وجدانية استذكر الرئيس الحريري كيف أن والده في 31/10/1992، وقبل يوم واحد من عيد ميلاده كلف برئاسة أول حكومة في عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي وكيف أنه في 31/10/2016، أي بعد 24 سنة يكلف هو بتشكيل الحكومة.
حزب الله
وبالنسبة لموقف حزب الله، أعاد النائب حسن فضل الله التأكيد أن صدق الوعد تجسّد في شخص الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله في كل موقعة سياسية وعسكرية، ومن أراد أن يتعلم الصدق والوفاء يتعلم منه.
وجاء هذا الموقف عشية بقاء الرئيس برّي على موقفه والتباين الحاصل مع رئيس المجلس بالنسبة لانتخاب عون، مع تداول معلومات أن لدى الحزب عتب على التيار العوني ورئيسه جبران باسيل بلغ حدّ الانزعاج، واتهام العونيين بالوقوع في «الفخ القواتي» وذلك «عبر الزعم بأن حزب الله لا يريد رئيساً للجمهورية وبالتالي لا يريد انتخاب عون»، وفقاً لمصادر مطلعة على موقف الحزب، والتي أضافت أن النائب عون وباسيل عندما زارا نصر الله قدّما اعتذاراً له عن سوء الظن بموقف الحزب.
وشددت المصادر على أن الحزب على موقفه الناصح وتياره بعدم القفز فوق موقف الرئيس برّي والدعوة لأخذ ملاحظاته بعين الاعتبار، وهو ما عكسته قناة «المنار» في نشرتها المسائية، عندما قالت أنه «لا بدّ من عين التينة ولو طال السفر».
* الاخبار
وساطة مع التيار الوطني الحر لايجاد مخرج لسحب ترشيح فرنجية: عون رئيساً بأكثر من الثلثين؟
لم يعد اسم الفائز بالانتخابات الرئاسية يوم الاثنين المقبل خاضعاً للنقاش.
إنه الجنرال ميشال عون. لكن البحث صار متركزاً على عدد الأصوات الذي سيناله في الدورة الأولى، فيما تجزم مصادر التيار الوطني الحر بأن العدد سيتجاوز الثلثين، بات الأمر خارج النقاش. العماد ميشال عون سيُنتَخَب رئيساً للجمهورية بعد غد الاثنين. في السياسة، القضية محسومة إلى درجة أن السعودية «استلحقت» نفسها وقررت الدخول في موكب المهنئين وغير المعطلين، عبر وزيرها ثامر السبهان الذي جال على الشخصيات السياسية أمس، مرحّباً «بما يتفق عليه اللبنانيون».
القوى السياسية انشغلت أمس باحتساب الأصوات التي سيحصل عليها عون، مرجّحة إمكان فوزه من الدورة الأولى. فحتى الآن، يحظى عون، بصورة شبه مؤكدة، بتأييد 84 نائباً على الأقل، وفق الآتي:
كتلة تيار المستقبل: 27 صوتاً من أصل 33 نائباً.
تكتل التغيير والإصلاح: 23 صوتاً (20 نائباً من كتلة التيار الوطني الحر ونائبان من كتلة الطاشناق، والنائب إميل رحمة).
كتلة الوفاء للمقاومة: 13 نائباً.
اللقاء الديموقراطي: 9 نواب (من بينهم النائب هنري حلو).
كتلة القوات اللبنانية (8 نواب).
النواب محمد الصفدي وقاسم عبد العزيز ونقولا فتوش وميشال فرعون.
ويبقى في خانة المترددين أحد نواب كتلة المستقبل المعترضين، والرئيس تمام سلام، ونائبا الحزب السوري القومي الاجتماعي والنائب طلال أرسلان والنائب ميشال المر، رغم أنه أبلغ التيار الوطني الحر بأنه سيمنح صوته لعون.
ويحتاج الأخير إلى صوتين إضافيين لضمان حصوله على أكثرية الثلثين (86 نائباً).
بري لجنبلاط: أنت أخ وصديق وحليف، وأنا حريص على مصالحة الجبل
لكن مصادر التيار الوطني الحرّ أكدت لـ»الأخبار» أن «البوانتاج» الأخير يشير إلى أن العماد عون «سيكون في جلسة الاثنين رئيساً بأكثر من الثلثين»، ما يعني فوزه حكماً من الدورة الأولى، من دون الحاجة إلى السجال بشأن ما إذا كانت الجلسة المقبلة ستُفتتح بدورة أولى أو ثانية.
ولفتت المصادر إلى أن عدد النواب المستقبليين الرافضين لانتخاب عون قد ينخفض إلى ما دون الستة.
إلى ذلك، علمت «الأخبار» أن هناك محاولات جسّ نبض تقوم بها أطراف جدية مع التيار الوطني الحرّ لإيجاد مخرج لسحب الوزير سليمان فرنجية ترشيحه قبل جلسة الاثنين المقبل.
وفي المعلومات أن أصحاب الوساطة فاتحوا فرنجية بالأمر قبل دق أبواب التيار. كذلك علمت «الأخبار» أن «حريصين على فرنجية» يتحدّثون عن إمكان انسحابه، إذا تيقن من أن عدد الأصوات الذي سيحصل عليه سيكون أقل من العدد الذي حصل عليه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عام 2014 وحصل جعجع حينذاك على 48 صوتاً.
وبحسابات مختلف القوى، فإن فرنجية لن يحصل على هذا الرقم، حتى لو صوّت له غالبية من أعلنوا اقتراعهم بورقة بيضاء.
في هذا الوقت، استكمل الموفد السعودي ثامر السبهان جولته على القوى السياسية، فتحدّث مع مستقبليه بشكل عام، من دون تسمية عون.
لكنه شدد عندما التقى شخصيات سياسية من الطائفة السنية على ضرورة «توحيد كلمة الطائفة، والابتعاد عن التوتر».
وعلمت «الأخبار» أنه سمع كلاماً عن مخاطر انتخاب عون من كل من الرؤساء تمام سلام ونجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة.
من جهة أخرى، يزور الرئيس سعد الحريري البطريرك الماروني بشارة الراعي اليوم، لوضعه في صورة تطورات الملف الرئاسي، وشكره على مواقفه.
لكن يبقى الحدث الأبرز أمس إعلان النائب وليد جنبلاط تصويت غالبية أعضاء اللقاء الديموقراطي لعون. وأتى إعلان جنبلاط بعد استقباله عون في كليمنصوه، فقال: «إن نواب اللقاء الديموقراطي توافقوا على تأييد ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية».
وأضاف: «سيترجم هذا الأمر عملياً نهار الاثنين في المجلس النيابي، وغداً سيكون اجتماع أخير للتشاور مع اللقاء الديموقراطي، وكما سبق وذكرت هناك من قد يعترض أو لا يوافق، ولكن أغلبية اللقاء الديموقراطي والحزب التقدمي الاشتراكي مع ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية».
ولفت إلى وجود ظروف دولية وإقليمية تساعد على الخروج من حالة الفراغ.
نصائح لفرنجية بعدم الاستمرار إذا لم يكن عدد الأصوات التي سينالها يتجاوز ما حصل عليه جعجع.
بدوره شكر عون «وليد بك على تأييده لي لموقع رئاسة الجمهورية، وفي نفس الوقت تحدثنا عن المستقبل أثناء ولايتي هذا الموقع، وسنتعاون سوياً لبناء لبنان ولتحسين الواقع الاجتماعي والوحدة الوطنية».
وكان جنبلاط قد استبق هذه الخطوة بزيارة عين التينة، حيث التقى الرئيس نبيه بري الذي عاد أمس من جنيف. وأعلن جنبلاط بعد اللقاء أنه شرح لرئيس المجلس حيثيات موقفه، وقال: «هناك بعض من التفاوت، وفي النهاية هناك تاريخ قديم من النضال تعمد بالدم في سبيل قضية عروبة لبنان وفلسطين». وشدد على أن «بري رجل الدولة الأول الحريص على سير المؤسسات والاستقرار». وعلمت «الأخبار» أن جنبلاط لفت إلى تأثير التفاهم بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على وضع منطقة الشوف، وتأثيرها على «المصالحة بين الدروز والمسيحيين في الجبل». وبعد شرح للواقع السياسي وضرورة الخروج من المأزق، رد برّي بأنه يتفهّم موقف جنبلاط «الأخ والصديق والحليف»، وأنه حريص أشد الحرص على «تمتين مصالحة الجبل». وعلمت «الأخبار» أن لقاءً جمع أمس النائب هنري حلو وعدداً من النواب المنتمين إلى اللقاء الديموقراطي. وأشارت أجواء المجتمعين إلى أن حلو سيعلن سحب ترشيحه، وسيصوت لعون.
على صعيد آخر، كان لافتاً أمس إصدار وزير التربية الياس بوصعب قراراً بإقفال المدارس يوم الاثنين المقبل، وردّ مؤسسات أمل التربوية (التابعة لحركة أمل) ببيان مقتضب أكّدت فيه أن يوم الاثنين هو يوم تدريس عادي.
لقاء موسكو الثلاثي: خارطة تعاون «حاسم» في الميدان
دخلت مدينة حلب أمس مرحلة جديدة، مع إطلاق الجماعات المسلحة لهجوم بهدف «فك الحصار» عن الأحياء الشرقية، بالتوازي مع اجتماع ثلاثي روسي ــ إيراني ــ سوري في موسكو، خرج بتفاهمات حاسمة حول مصير المدينة وباقي الجبهات
بالتوازي مع هجوم فصائل «جيش الفتح» لفتح معبر صوب أحياء حلب الشرقية، خرج الاجتماع الثلاثي في موسكو، الذي جمع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى نظيريه الإيراني محمد جواد ظريف، والسوري وليد المعلم، بسلّة توافقات من شأنها تحديد مسار المرحلة الميدانية المقبلة في سوريا، وحلب على نحو خاص، إذ لفتت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» من موسكو، إلى أن الوزراء اتفقوا على قرار «حسم المعارك في مدينة حلب»، مع وضع الخطوط الحمر التي يجب أن تحدّ التدخل التركي عبر قوات «درع الفرات» ضمن الأراضي السورية.
كذلك، أقرّ الاجتماع تعزيز التعاون الاستخباري والعسكري عبر «غرفة بغداد» الرباعية (روسيا ــ إيران ــ سوريا ــ العراق)، بما يسمح لسلاح الجو الروسي دعم عمليات قوات حلفاء الجيش السوري في المناطق الشرقية، بالتعاون مع قوات «الحشد الشعبي» العراقية، لمنع تدفق مقاتلي «داعش» بين البلدين. ولفتت المصادر إلى أن المجتمعين اتفقوا على إعادة تفعيل خطوط التعاون الروسي ــ الإيراني بما يخدم عمليات مكافحة الإرهاب، على غرار استخدام القاذفات الاستراتيجية الروسية لقاعدة همدان الجوية الإيرانية. وركز الاجتماع على ضرورة الاعتماد على مسار «المصالحات الوطنية الداخلية» التي جرت في عدد من المناطق السورية، كخيار أساسي للحل.
واشنطن: الأيام المقبلة ستشهد زيادة في الضغط على مدينة الرقة
ومع اشتداد المعارك في حلب، بدا لافتاً رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طلب رئاسة أركانه السماح باستئناف الغارات الجوية ضد مواقع المسلحين في المدينة، على الرغم من تأكيده على احتفاظ بلاده بحق استخدام جميع الوسائل لدعم جهود الجيش السوري.
إذ أعلن المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، أن بوتين رأى أن استئناف الضربات الجوية على مدينة حلب، «غير ضروري الآن»، مضيفاً أن القرار جاء لإعطاء الولايات المتحدة وقتاً «لفصل الجماعات الإرهابية عن المعارضة المعتدلة وللسماح للمقاتلين والمدنيين بمغادرة المدينة».
وضمن هذا السياق، جدد لافروف مطالبته بـ«فصل المعتدلين عن الإرهابيين» خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي جون كيري، جاء عقب الاجتماع الثلاثي الروسي ــ الإيراني ــ السوري.
وبرغم تأثيرات وقف الغارات فوق مدينة حلب على سير العمليات البرية للجيش وحلفائه في المدينة، فإن موسكو قد تناور على استنفاد جميع أوراقها الداعية للتهدئة، قبل المضي قدماً في توسيع عملياتها العسكرية لتشمل عدداً من الفصائل المدعومة أميركياً، التي رفضت الانفصال عن «النصرة» ومبادرات التهدئة الروسية.
وضمن هذا السياق، أشار وزير الخارجية الروسي خلال مؤتمر صحافي مع نظيريه الإيراني والسوري، إلى أنه في ضوء «غياب أي إشارات تدل على أن فصائل المعارضة المعتدلة تريد أن تتنصل من (جبهة النصرة) و(داعش)»، فإن الوقت قد حان لاعتبارها (الفصائل) أهدافاً شرعية»، مضيفاً أنه «يجب تصفية الإرهابيين حتى النهاية».
ورحب بما أبداه الوزير المعلم من استعداد الوفد الحكومي السوري لاستئناف مباشر للمباحثات مع ممثلي الأمم المتحدة والمعارضة، وفق قرارات مجلس الأمن، ودون شروط مسبقة.
وأعرب عن أمله بأن يستخدم الأميركيون فرصة وقف الطلعات الجوية لإقناع «المعارضة المعتدلة» بفصل نفسها عن «جبهة النصرة» الذي يتزعم كل المجموعات الإرهابية في أحياء حلب الشرقية.
بدوره، أشار ظريف إلى أن بلاده دعت دائماً إلى وقف كامل للأعمال القتالية من قبل جميع الأطراف، مضيفاً أن إيران وروسيا وسوريا تبذل جهودها لتعزيز مكافحة الإرهاب «بالتوازي مع البحث عن مخرج سياسي لتسوية الأزمة». ولفت وزير الخارجية السوري، إلى استعداد دمشق للعمل بهدنة في مدينة حلب «بعد الحصول على ضمانات من الدول الداعمة للتنظيمات الإرهابية بأنهم مستعدون للاستفادة من الهدنة».
ومن جهة أخرى، رأى نائب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أنه اذا لم تبد موسكو «استعداداً للعودة إلى برنامج وقف الأعمال العدائية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، إلى جانب الحديث عن مستقبل سوريا، فإن الحرب الأهلية ستصبح أسوأ وستحمل تبعات سيئة على الجميع بمن فيهم روسيا».
وقال خلال مقابلة مع قناة «CNN» الأميركية، إن «الأيام المقبلة ستشهد زيادة في الضغط على مدينة الرقة، وهذا أمر عاجل»، لافتاً إلى أن «هناك منطقة عازلة في شمال سوريا تدعمها تركيا والقوات المحلية، وهذا الأمر يخلق فرصاً بحد ذاته».
إلى ذلك، أشار مستشار وزير الدفاع السعودي أحمد عسيري، إلى استعداد بلاده لأداء دور في العملية العسكرية المرتقبة في مدينة الرقة، «اذا طلب منها ذلك».
المصدر: صحف