الحرفيون السوريون أو من يعرفون بأصحاب المهن الدمشقية، رغم ما رأوه من أحداث الحرب الدائرة على البلاد طوال السنوات الماضية، إلا أنهم لم يفقدوا التمسك بمهاراتهم، ولا حرفيتهم، خاصة أنهم ورثوا العمل في مهنهم عن آباءهم وأجدادهم، واستطاعوا أن يحملوها معهم عبر الأجيال.
الشغف والإرادة دفع هؤلاء الحرفيين إلى إظهار عامل التحدي، بعد تراجع ملموس في انتشار المهن اليدوية السورية، خاصة ما جاء من أثر الحرب والحصار أن تضررت كثير من أماكن العمل، والمشاغل والورش التي كانوا ينتجون بها أعمالهم لعرضها أو لبيعها في الأسواق المحلية والعالمية، ما أدى إلى نقص كبير في الإنتاج، وهذا التحدي ظهر واضحاً من خلال إعادة تجميع أنفسهم في أماكن جديدة، فتم تأسيس حاضنة خاصة للتراث السوري، في منطقة دمر غربي دمشق، وذلك بتنظيم وتعاون من قبل القيادة السورية التي أبدت حرصا ًعلى عودة هذه المهن إى الواجهة من جديد.
العمل قائم لاعادته الى ذات الوتيرة، لأن التأثر لم يكن فقط في كمية الإنتاج إنما أيضا في نقص الأيدي العاملة المنتجة لهذا النوع من الصناعات، بسبب سفر الكثير منها خارج البلاد بعد أن تضررت أرزاقه نتيجة انتشار الإرهاب والأوضاع المعيشية الصعبة التي سادت البلاد نتيجة الحصار، وهذا النقص في الأيدي العاملة كان من أهم أسباب التراجع الملموس.
شيوخ الكار كما يُعرفون، أو أرباب المهن، تجمعوا في حاضنة دمر التراثية، بكل ما لديهم من خبرات متراكمة -كلٌّ في اختصاصه-، وآثروا تعليم من يملك مقومات الموهبة والشغف، ومن لديه قدرة على الإبداع في المجالات التي يعمل بها، إن كان ضمن مجال الموزاييك او البروكار، أو الزجاج الدمشقي المعشّق بالألوان، حتى الدباغة وصناعة الفخار وفْقَ طرق فنيّة، إضافة لعمل النحاسيات الدمشقية التي تشمل الكثير من الأمور، منها الثريّات أو القناديل القديمة علاوة على ما يعرف بجماليته من أغماد السيوف الدمشقية العريقة. وتتسع كمية التعدد في الاختصاصات، لتبسط هذه المهن مجتمعة أمواجها في بحر عميق من الابداع وجمال الانتاج، وها قد وصل العدد نحو أكثر من 1500 شخص تمكنّوا حتى الآن من اتقان مهنهم في المجالات المتعددة على مدار أكثر من عامين من التدريب وممارسة العمل.
المصدر: موقع المنار