تصدر شاب يبلغ من العمر 16 عاما عناوين الصحف هذا الأسبوع في أتلانتا بعد أن استيقظ من غيبوبة ليتحدث الإسبانية بطلاقة.
ويتكلم الشاب روبين نسيمو اللغة الانجليزية بطلاقة (لغته الأصلية)، ويعرف بعض أساسيات اللغة الإسبانية. وقد تعرض لارتجاج في المخ خلال مشاركته في لعبة كرة القدم، ولكن عند استيقاظه من الغيبوبة كان قادرا على التحدث باللغة الإسبانية وكأنه مواطن إسباني.
وقال روبين: “لم أكن أتحدث الانكليزية بشكل جيد بعد استيقاظي من الغيبوبة، وشعرت بوجود عائق لدي في القدرة على التحدث باللغة الانكليزية”. وأضاف موضحا: “لقد كان الأمر غريبا، ولكن لم يكن مخيفا على الإطلاق ولقد أحببت هذا الأمر فيَّ الفريدَ من نوعه”.
وبعد أسابيع من الحادثة، استعاد روبين قدرته على التحدث باللغة الانكليزية وإن ببطء، وبدأت طلاقته في التحدث بالإسبانية تتلاشى، ويبذل الأطباء حاليا جهدا كبيرا لشرح ما حدث للشاب بالضبط.
تبدو هذه الحادثة غريبة جدا وغير قابلة للتصديق، ولكن لم يكن روبين الشخص الوحيد الذي واجه مثل هذه التجربة المذهلة. فهنالك قصص عديدة عن أشخاص تعرضوا لإصابة بالرأس وعند استيقاظهم صاروا يتحدثون بلغة أخرى غير لغتهم الأم، مثل الشاب الكرواتي الذي استيقظ من غيبوبة ليتحدث الألمانية بطلاقة، على الرغم من معرفته لأساسيات اللغة الألمانية فقط.
ويتشارك الأشخاص الذين تعرضوا لمثل هذه الحالات معرفة اللغة التي بدأوا يتحدثون بها بعد الغيبوبة، كما أن جميعهم تعرضوا لإصابة خطيرة في الرأس وجهدوا كثيرا للتكلم بلغتهم الأم من جديد، ثم استعادوا مع مرور الوقت قدراتهم كاملة في هذا المجال.
يعتقد الباحثون أن ظهور قدرة فجأة على التكلم بلغة أخرى يمكن أن يكون ناجما عن تغير في الإشارات الكهربائية في الدماغ بعد الإصابة. وبالتالي سيكون المصابون أكثر عرضة للإصابة بما يشبه متلازمة اللكنة الأجنبية، وهي حالة صحية نادرة تحدث كأثر جانبي لإصابة خطيرة في الدماغ. وتوجد 200 حالة على الأقل موثقة للإصابة بمتلازمة اللكنة الأجنبية، وفي واحدة من الحالات الموثقة لأول مرة، إصابة امرأة نرويجية بشظايا قنبلة خلال غارة جوية في الحرب العالمية الثانية، وعندما استيقظت من غيبوبتها بدأت تتحدث الألمانية بطلاقة، ونتيجة ذلك نُبذت من قبل صديقاتها وجارتها ظنا منهن أنها جاسوسة.
ويُصاب الأشخاص بهذه المتلازمة نتيجة تعرض جزء من المخ المُتحكم بالعضلات المُستخدمة لإنتاج الكلام لضرر كبير. وبطبيعة الحال فإن الأشخاص لا يتحدثون في الحقيقة لغة جديدة، بل إن كل ما حصل لهم هو أنهم فقدوا السيطرة على طريقة نطق الحروف التي يعرفونها أصلا بشكل سليم.
وهذا ما حدث للشاب روبين في الواقع. وبطبيعة الحال قد لا يكون المرضى يتحدثون بطلاقة لغة جديدة كما لو كانت لغتهم الأم، ولكن طريقة تكلمهم ولكنتهم توحي بما يشبه كونهم يتحدثون لغة جديدة بطلاقة.
وهنالك أيضا احتمال أن تظهر لدى المرضى القدرة على التكلم فجأة بلغة لا يعرفونها إطلاقا، كما قد يبدو لهم أنهم فقدوا القدرة على التكلم بلغتهم الأم فور وقوع الحادث. ويمكن أن يكون ذلك نتيجة ما يُعرف بـ “فقدان القدرة على الكلام أو الحبسة”، وهو اضطراب لغوي ناتج عن تلف في الدماغ، ويشعر المصاب عادة بأن الكلام على رأس لسانه ولكنه لا يستطيع التكلم.
ويأمل الباحثون في التوصل إلى إجابات أكثر وضوحا عن مثل هذه الحالات، من أجل فهم ما يحصل لأدمغتنا بعد أصابات الرأس وكيف تتغير الإشارات الكهربائية فنحصل على قدرات رائعة.