بعض الرافضين لطاولة الحوار التي دعا إليها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، يعتبرون ربما أن الإنتخابات النيابية المُزمع إجراؤها في أيار 2022، هي الفيصل في حسم القوى السياسية على الأرض، بينما البعض الاخر اكد حرصه على الحوار بشكل عام وابدى بعض التحفظات.
النتيجة الأولى لرفض الحوار او التفاهم على الازمات القائمة هي المزيد من الإنهيار الإقتصادي والإجتماعي، ولذلك، فإن الرصيد الشعبي الذي يعتبر بعض مهاجمي دعوة الحوار أنهم يمتلكونه في الشارع الإنتخابي لن يبقى على حاله الى يوم حصول الإنتخابات.
المشكلة هي في الرهان على أحجام الكتل النيابية التي سوف تتمخَّض عنها إنتخابات أيار، والواقع أن الوضع السياسي في دولة الديمقراطية التوافقية لن يتأثر جوهرياً بأحجام الكتل النيابية، خاصة إذا كانت هذه الكتل ذات لون طائفي، لأن منطق التوازنات يُلزِم هذه الكتلة بمراعاة تلك بصرف النظر عن الأحجام العددية للنواب ضمن كل كتلة، وهناك الكثير من التجارب التي أثبتت، أن الحصول على الأغلبية في المجلس النيابي لا تسمح بتجاهل الأقلية، وهنا يكمُن أصل التباين في الرؤى السياسية، خاصة في اعتقاد البعض، أن الطريق الى بعبدا مُمهَّدة فقط لمَن يمتلك أكبر كتلة نيابية، في حين أن مركز رئاسة الجمهورية في هذه الظروف لا يُمكن أن يكون إلَّا توافقياً.
أحلامٌ كثيرة تُبنى في أذهان البعض، أن العمل على إفشال عهد الرئيس عون هو نجاح للخصوم، وعلى هذه الأحلام تُبنى السياسات المُنتهجة خاصة في الشارع المسيحي، لكن الأرض الإنتخابية ليست كذلك، سيما وأن دُعاة التغيير في النهج لا يُقدِّمون البدائل العملية المُغايرة، وأسلحتهم لا تتعدى الهجوم على سلاح المقاومة وتحميل رئيس الجمهورية منفرداً تبعات العقود الماضية التي كانوا هم شركاء الحكم خلالها.
ليس من صالح أحد انهيار الهيكل على الجميع، وإذا كانت الدعوة الى الحوار هي السبيل الممكن لوقف تداعيات القطيعة السياسية بين الأطراف، فإن هذه الدعوة تأتي لتفادي الأعظم، من الاوضاع السياسية والاقتصادية بينما البعض ما زالوا يتجاهلون تركيبة البلد وأهمية التوافق على انقاذه.
واستقواء البعض بالدعم الإقليمي، ولو على حساب الشرائح الشريكة، ضلالٌ لهذا البعض عن حتمية الشراكة، وقد تلتقي مصالح بعض الدول الإقليمية المُنغمسة بأوهام التطبيع مع العدو الإسرائيلي مع بعض الأدوات في الداخل اللبناني ولكن، المواطن اللبناني مُطَّلِع على “أصل الحكاية” في واقع الحصار ودوافعه، وعلى كل الأساليب غير النظيفة في التآمر على العملة الوطنية ولقمة الفقير، وإذا كان هذا البعض يرهن تحسُّن وضع الليرة اللبنانية بحجم كتلة نيابية يحلم بها، فإن الرسالة قد وصلت الى الناخبين والرهان على وعي الرأي العام في وقف مسرحيات المراهقة السياسية…
المصدر: خاص