لعشرات السنين في الميادين المتقدمة، جنديا ثم قائدا بحجم امة، لم يملّ المسير فملؤه الايمان واليقين والعمل.. يرسم ملامح المعارك ويتابع التنفيذ ويستشرف الحدث، وعلى طاولة السياسة له الحضور.
62 عاما، امضى 40 منها في العمل العسكري.. لم يدخل ميداناً الا وانتصر فيه ، محاطا بقادة يفهمونه ويفهمهم ورجال ذوي ايمان وبأس، فرسم عزا في الساحات بل اسّس للانتصار الكبير.
هو “قاتِل اميركا” كما وصفته مجلة “نيوزويك” بمعنى قاتل مشاريعها وهازم ادواتها، فقاسم سليماني هو واضع بصماته على اهم تحولات المنطقة في العقد الاخير.
من ميدان الى آخر في معارك الامة تنقل صانعا بحنكة وخبرة وتوفيق من الله انتصارات صعبة على مشاريع تقف وراءها اقوى الدول..وختم الله له بالشهادة كما تمنى .. منذ العام 1998 حين عُين قائدا لقوة القدس وهو يؤسس لطريق القدس.. يسهم في تحرير شعوب المنطقة من اميركا واسرائيل وخططهما.
والحاج قاسم ما كان رجل ميدان فقط بل رجل سياسة.. وقائد قوة القدسِ اللواء إسماعيل قاآني يقول عنه: الشهيد سليماني كانَ يقيم علاقاتٍ ناجحة ومتقدمة بين ميادينِ القتال والسياسة، واستطاع أن يوحدَ الخطى في محورِ المقاومة.
انه مفخرة كل ايراني حيث كان حاضرا في مواجهة العديد من الازمات، ومفخرة الشرفاء والمقاومين لأنه ضحى بكل جهد لسنوات طويلة من اجل حريتهم وانعتاقهم وكرامتهم وامنهم حتى بذل دماءه في نهاية المسيرة.
ولكن اغتياله في مثل هذه الايام قبل عامين، مع القائد ابي مهدي المهندس، الذي اعتقد الاميركي انه بتنفيذه يُضعف مسيرة المقاومة ومحورها لم يحقق ما اراد بل الذي حصل ان دماء هذا القائد اشعلت جذوة اضافية في هذه المسيرة حتى تحقيق الاهداف الكبرى، والاميركي الذي عرف دور او جزءا من دور هذا القائد الكبير في احباط مشاريعه، سعى اكثر من مرة لقتله حتى كان له ما اراد، لكن اثار هذه الدماء انقلبت على القاتل.
فالقاسم والمهندس اللذان ارتقيا شهيدين معاً بعد ان ترافقا معاً في ميدان الجهاد الذي عبّد طرق التحرير من الارهاب، بشهادتهما لم تسقط الراية بل تصاعدت قوة المحور وخططهما حاضرة ومستكملة بفضل قادة المقاومة على نهجهما ونهج من سبقهما من قادة ومؤسسي المقاومة وبتوجيه القيادة الحكيمة في ايران. ومن اثار هذه الدماء ايضا ان الشعوب ازدادت وعيا لدور سليماني ونهجه ودراية للتمييز بين العدو والصديق ووفاءً لجامع الميادين والقاسم المشترك بين الساحات والانتصارات، كما لمهندس دحر الارهاب في العراق.
لقد ازداد سليماني قناعةً حتى امتلأ بأن النصر على العدو في فلسطين المحتلة قادم وممكن، فلم يبخل بالتأسيس له، وها هي قوة ومعادلات المقاومة في فلسطين تتصاعد واصبح العدو يحسب لها الف حساب، فالعين تبقى على يوم الانتصار الكبير بازالة الكيان وتحرير القدس وهو ما سعى اليه شهيد القدس.
المصدر: موقع المنار