يعاني القطاع المصرفي في المملكة السعودية من أزمة قد تهدد بإفلاسه، والنتيجة ستكون طبيعية أمام ارتدادات أزمة انخفاض أسعار النفط على المملكة السعودية التي يشكل النفط ما نسبته 70% من عائداتها.
مؤخراً أصدر مجلس الوزراء السعودي قراراً بمنع العلاوات والامتيازات والبدلات وبعض المخصصات، وذلك في إطار سياسات التقشف التي تكبل السعودية اليوم. كان للقرار الحكومي ارتدادات على القطاع المصرفي الذي يعاني أساساً من أزمة سيولة جراء الأزمة الاقتصادية.
في تغريداته الأخيرة، كشف المغرد السعودي “مجتهد” عن خلفيات قرار منع صرف العلاوات والمكافآت وبعض التقديمات. قال إنّ القرارات الأخيرة أتت بعد تكليف محمد بن سلمان إحدى اللجان بقصقصة العلاوات والبدلات، قبل أن يصدر ولي ولي العهد السعودي القرارات دون انتظار توصيات اللجنة.
“فوجئت اللجنة نفسها بالقرار كما فوجئت وزارة المالية ومؤسسة النقد والمؤسسة العامة للتقاعد والتأمينات الأجتماعية ومع ذلك طلب منهم ترويجه للشعب”، غرّد “مجتهد”.
وبحسب قوله فإن القطاع المصرفي كان الأشد “تفاجئا لأن كل قروض البنوك مبنية على الرواتب القديمة، فحرمت فجأة وبجرة قلم من قدرة مئات الألوف من عملائها على السداد”.
المصارف السعودية التي تعاني أساساً من أزمة في السيولة، وجدت نفسها في أزمة فعلية تهدد بجفاف حقيقي لسيولتها، فكان أن لجأت مجدداً إلى مؤسسة النقد السعودية. وجرى الاتفاق “سراً” مع إدارة المصارف “على تجاوز الحد الرسمي لنسبة الإقراض 90% دون أي إعلان فشرعت البنوك فورا بتطبيق الفكرة حتى تجاوزت 94%”، وفق “مجتهد”.
يقول المغرد السعودي إن مؤسسة النقد السعودية ” قلقة على ثلاث بنوك “نحتفظ باسمها” لأنها رغم ضخ الأموال فيها ورفع نسبة الإقراض مقبلة على انكشاف لا يمكن التستر عليه”.
في اتصال مع موقع قناة المنار، يوضح الخبير الاقتصادي اللبناني لويس حبيقة أن الانكشاف المصرفي يتحقق عندما تعجز المصارف عن تسديد ودائع زبائنها. وبالتالي، فإن الانكشاف يؤول إلى الإفلاس.
ويشير حبيقة أن مشكلة المصارف الأساسية في المملكة السعودية تتعلق بالسيولة، التي سببتها أزمة النفط العالمية، التي ارتدت على نيجيريا وفنزويلا والدول التي اعتمد اقتصادها بشكل رئيسي على النفط، ولم تعمد إلى تنويع موارد اقتصادها.
ويرى الخبير الاقتصادي اللبناني أن المملكة السعودية من خلال اجراءاتها الأخيرة تسعى للتأقلم مع أسعار النفط المنخفضة، وأن خروجها من أزمتها الحالية يستدعي إما رفعاً لأسعار النفط أو من خلال تنويع مواردها الاقتصادية وهو ما يتطلب وقتاً.
وبالعودة إلى “مجتهد”، يقول المغرد السعودي: “قد يكون الحل الوحيد لإنقاذ هذه البنوك هو ضخ المزيد من المليارات التي جمعت من إصدار السندات الخارجية فيكون الوطن استدان من أجل أن ينقذ بنوك”.
وهنا يوضح “حبيقة” أن دول الخليج اليوم عمدت إلى استصدار سندات للاستدانة من أجل تمويل عجز موازانتها، إلا أن تجاوز حد الاقتراض هناك سيضع هذه الدول أمام أزمة دين عام.
بموازاة الأزمة الاقتصادية، تبرز أزمة اجتماعية في الداخل السعودي. الدولة الراعية التي كانت تمثلها دول الخليج غابت اليوم، فالتقديمات والخدمات في هذه الدول لم تعد مجانية. بات على المواطن السعودي أن يكون شريكاً في دفع كلفة كل ما يُقدم له، كما أنه على موعد مع “الضريبة على القيمة المضافة” التي ستدخل حيز التنفيذ في السعودية مع حلول العام 2018.
اليوم، حتى لو نجحت المملكة السعودية في خلص علاجات موضعية لأزمتها الاقتصادية سواء في الاتفاق او حتى في انعاش المصارف، فكيف ستواجه أزمتها مع المواطن السعودي، الذي بات مطالباً مع التأقلم مع الظروف الجديدة: راتب أقل، إنفاق أكثر!