“سأنزل للتظاهر من أجل غزة ولو وحيداً”.
لم يكن معلوماً ربما أن التضامن مع عدوان خطف أرواح ما لا يقل عن 1200 شهيد فلسطيني عام 2009، بينهم ما يزيد عن 400 طفل، مُجَرَّم في مملكة “الحرمين”. في 5 تشرين الأول/أكتوبر أنهى المعتقل خالد العمير محكوميته، دون أن يُفرج عنه، ليدخل يومه التاسع عشر من إضرابه المفتوح عن الطعام، في سياسة مشابهة لتلك التي يتبعها الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني للضغط على السلطات.
“لأجل دماء الفلسطينيين في عدوان غزة عام 2008 غضبت وخرجت مستنكراً. اعتقلت…
عُذبت…
حُكم عليّ بالسجن.
انتهت محكوميتي ولم يُفرج عني لذلك قررت الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام”.
تلخص السطور التالية معاناة امتدت لأكثر من 8 سنوات للمعتقل خالد العمير الذي أمضى مدة محكوميته ولم يؤذن له بمغادرة السجن.
بتاريخ 1 كانون الثاني/يناير 2009 اعتقل جهاز الأمن السعودي خالد العمير، الذي كان يبلغ آنذاك 44 عاماً. لم يكن العمير قد أقدم على أي نشاط آنذاك ما عدا الدعوة إلى المشاركة في مظاهرة سلمية للتضامن مع أهالي قطاع غزة، الذين كانوا محاصرين تحت ظل العدوان.
وبحسب تقرير نشره ديوان المظالم الأهلي (ديواني)*، فإن العمير وهو سعودي الجنسية، اعتقل سراً لمدة طويلة، منع خلالها من إجراء أي اتصال مع العالم الخارجي، كما منع من تقديم أي معلومات لذويه عن الاتهامات الموجهة إليه.
أحد الناشطين السعوديين كتب في إحدى تغريداته: “عدد من الصحفيين في العالم العربي يلوكون مجتمعنا لوكا، يلومونه على ذنب لم يقترفه، يلومونه على الصمت! غير عارفين بالحال!” … ” يلومون المجتمعات ويجبنون عن لوم السلطات”.
تُقدم قضية المعتقل خالد العمير صورة عن حال المجتمع السعودي. إبان العدوان على غزة، وبعد أن بدأت تخرج لتظاهرات لهول المجازر، قرر عدد من النشطاء السعوديين تسجيل موقف. قدم هؤلاء طلب ترخيص بالمظاهرة إلى وزارة الداخلية، رفضت الوزارة الطلب. وفي اليوم المحدد، أقدمت قوات الداخلية على اعتقال خالد العمير ونشطاء آخرين.
عام 2010 عُرض العمير على المحكمة بتهمة الدعوة للتظاهر، وعام 2011 تمت محاكمته في المحكمة المختصة بالارهاب، ليصدر بحقه حكم بالسجن لمدة 8 سنوات تليها مدة مماثلة منع من السفر دون أن يُمكن من توكيل محامٍ كما لم يُسمح له بالمحاكمة العلنية.
وفي الخامس من تشرين الأول/أكتوبر الجاري انتهت مدة محكومية خالد العمير، دون أن يتم الإفراج عنه فقرر الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام. انقضى 19 يوماً على إضراب العمير المفتوح عن الطعام، ولم يُسجل أي تطور في قضيته العالقة على قرار رسمي.
في تقرير لـها وصفت “ديواني” أن ما وقع على المعتقل العمير “يمثل انتهاكاً صارخاً لحقوقه التي كفلتها الشريعة الإسلامية والنظام في المملكة العربية السعودية.” وقالت إن العمير “يعتبر معتقل سياسي بالدرجة الأولى”. مضيفة أن “إخفاءه قسراً ثم استمرار اعتقاله تعسفياً يؤكد استهداف السلطات السعودية ووزارة الداخلية لأصحاب الرأي المخالف لتوجهات الدولة”.
*منظمة أهلية غيرحكومية تٌعنى بحقوق الإنسان في المملكة ومقرها جنيف.