نقرأ في معجم المعاني الجامع /عربي-عربي، أن العبثية هي فلسفة العبث بوجود البشر في الكون، ولا نعتقد أن حرباً على اليمن دامت لغاية الآن ست سنواتٍ ونصف تحت مُسمَّى “عاصفة الحزم”، بعيدة عن الإستهداف الوجودي لليمن، ما دامت قد شملت كافة الأراضي اليمنية بشراً وحجراً، في أشرس حربٍ قتلت ودمَّرت وهجَّرت وأفقرت بلداً يُدافع عن حقِّه بالسيادة، له تاريخ في سحق أمبراطوريات وحاولت تطويعه والهيمنة عليه واندحرت.
ونقرأ في “العبثية” أيضاً، مُسمَّى لكل أمرٍ غير مسؤول، لا طائل منه ولا فائدة، وتكفي جولة تقييم بسيطة لمجرى التطورات على الأرض، لتبيان مَن هو المُنتصر الآن على الأرض، والنصر ليس فقط بالسيطرة العسكرية، بل بالناس الذين يُدافعون باللحم الحيّ عن سيادة بلادهم رغم الفقر والمرض والحصار، وأن تنتقل الحرب من الداخل اليمني الى الجنوب السعودي في مناطق جيزان وعسير وسواها، فإن الطائل والفائدة معدومتان في حرب “عاصفة الحزم”، وأصدق وأصرح ما يُقال فيها أنها عبثية، والكثير من الدول والمنظمات العالمية وصَّفتها كذلك قبل أن يوصِّفها إعلامي أو وزير لبناني.
ونقرأ في تفسير “العبث” أنه الإستخفاف بالآخر، والجهل بإمكاناته وقدراته، وهنا يأتي دور المُحلِّلين العسكريين في تفسير الواقع الميداني اليمني، عبر هذا الصمود البطولي بمواجهة أعتى الوسائل الحربية والمعدات العسكرية، لتحالفٍ غنيّ مادياً وفقير استراتيجياً في قراءة الوقائع، لدرجة التلويح أكثر من مرة باستعداد دول العدوان لوقف إطلاق النار شرط التزام اليمنيين بوقفه على الجنوب السعودي، وهنا مكمن العبث الجاهل، أن المواجهة العسكرية هي قبل المعدات، في مُقارنة نوعية العديد، بين مرتزقة استوردتهم المملكة حتى من كولومبيا، لتواجه بهم العقيدة القومية للشعب اليمني وعناده في الحق.
ونقرأ في معنى “العابث”: المُستهتر الطائش، غير الجدير بمسؤولية أفعاله ومدى الأذى الذي يُلحقه بالآخرين، ولا جدوى من مراضاته، وحالته تستدعي الردع الصارم، ولا يرعوي سوى عند إيذائه بما يستحق في محاولة لإعادته الى رُشده، ويبدو أن العابثين بالأمن السيادي اليمني قد تلقوا على أيدي اليمنيين الكثير من الأذى المشروع، لردعهم عن طيش الإمعان في خرق كل مواثيق حقوق الإنسان.
ونضع جامع قواميس اللغة العربية جانباً، لندخل في التفسير السياسي للعبثية العربية، والقاسم المشترك المُتعارف عليه بين العرب، أن “كلمة عبث” هي مرادف تعبير “فالج لا تُعالج”، بمعنى، أن أحوال العرب هي هي منذ نشأة الجامعة العربية، وهي هي في كل الحروب التي أهانت خلالها “إسرائيل” الشعب العربي، لحين إلحاق الهزيمة الساحقة بها عام 2000 في لبنان وبعدها عام 2006، وانكسرت الهالة التي عالجت فالج العرب، المفلوجين عن مواجهة العدو، ووجد بعضهم النصر على نفسه وعلى شعبه بالتطبيع !
نعم، عرَّب العرب قواميسهم وباتت عبثية ال”فالج لا تعالج” هي السائدة في جامعتهم العربية، وفي دساتيرهم، وفي أداء سلطاتهم الحاكمة بأمرها، حتى كادت نداءات الأمم المتحدة وقراراتها الكلامية متقدّمة على كلامهم، وتمضي القِمم العربية شاهدة زور على ما يحصل في اليمن كما سبق لها وكانت شاهدة الزور في فلسطين والعراق وسوريا..
المصدر: خاص