اكد نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ان اتمام الانتخابات الرئاسية يتطلب نقاشات هادئة واتصالات فاعلة لتقريب وجهات النظر، أكثر مما تتطلب اطلاق المواقف العلنية التي قد تؤثر بشكل أو بآخر على الموضوع الرئاسي .
وفي لقاء مع موقع المنار، توقف الشيخ قاسم عند ملف الانتخابات الرئاسية قبل أن يجول على الملفات الأكثر سخونة في المنطقة، بدءاً من سورية والمعركة التي تشهدها الموصل، وصولاً إلى اليمن.
وفي الشق الرئاسي اعلن الشيخ قاسم ان الاتصالات بين حزب الله وكل من التيار الوطني الحر وحركة أمل، متواصلة ولا تنقطع، مؤكدا ان الحزب لا يلعب دور الوسيط بقدر ما يسعى إلى جمع الأطراف لتلتقي وتتناقش بشكل مباشر. واضاف الشيخ قاسم : “نتمنى أن تفلح الاتصالات لمزيد من التوافق، ولاتمام الانتخابات في موعدها. فلننتظر لنرى كيف ستكون الأمور، أما موقف حزب الله فهو أكثر من واضح ولا يحتاج إلى مزيد من التأكيد”.
سقوط خلافة داعش في العراق
عن معركة الموصل، يعتبر نائب الأمين العام لحزب الله أن كل المؤشرات تقول إن المعركة جدية، “القرار الدولي والإقليمي والمحلي مُجمع على ضرورة إنهاء وجود داعش في الموصل”. والنتيجة ستكون هزيمة داعش ولو تطلب ذلك بعض الوقت.
وذكّر الشيخ قاسم أن داعش دخلت الموصل بقرار دولي اقليمي مكنّها من إقامة دولتها، “وهو قرار تبدّل الآن بحسابات لها علاقة بنظرة الولايات المتحدة ومن معها لخارطة المنطقة”.
الولايات المتحدة التي تؤيد قرار الحرب على داعش في العراق، لاتزال “تراهن على دور لداعش في سورية لإقلاق النظام وتخريب سورية”، اضاف الشيخ قاسم.
كيف سيكون المشهد العراقي-السوري بعد أشهر؟
يصف الشيخ قاسم المشهد باختصار: “سقوط خلافة داعش في العراق مع بقاء مجموعات وأفراد يقومون بأعمال تخريبية متفرقة في أنحاء العراق، وتحشيد لداعش في منطقة دير الزور ومحيطها، ما يجعل بقعة جغرافية مهمة في منطقة الجزيرة وجنوب دير الزور مخصصة في المرحلة القادمة لداعش لاستخدامها من قبل أميركا في تعديل ميزان القوى وفرض بعض الشروط في سورية، ولكن أعتقد أن هذه الخطة المتوقعة ليس لها قابلية النجاح في سورية لكنها ستطيل من عمر الأزمة”.
تركيا وهاجس السلطنة
ويرى نائب أمين عام حزب الله أن الدور التركي في سورية تفسر الطوحات التي تعكسها تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والتي تُظهر أن هاجس السلطنة العثمانية واستعادة أراضي شمال سورية لتركيا هي من الأمور التي يرغب باستعادتها وتحقيقها.
ويعتبر الشيخ نعيم قاسم أن تحقيق طموحات أردوغان يتطلب إعادة رسم الحدود الجغرافية وخارطة المنطقة بأسرها من جديد، وهو ما ليس مطروحاً حالياً ولا حتى في المدى المنظور، وفق قوله.
“تركيا تحاول الاستفادة من الوقت الضائع، ومن حالة المراوحة السياسية لتثبت موقعها في منطقة شمال سورية ولتقطع الطريق على إقامة الدولة الكردية في شمال سورية من خلال فصل الأكراد عن بعضهم. كما أنها تسعى لتحجز مكاناً لها في الحل السياسي القادم، لا أتصور أن تركيا تستطيع تحقيق أكثر من هذا الأفق أي الوجود الميادني الذي ضمن لها مشاركة في صياغة الحل السياسي القادم.”
التواصل بين المؤسستين العسكريتين المصرية والسورية لم يتوقف يوماً
يعتبر نائب الأمين العام لحزب الله أن تفاصيل الموقف المصري مرتبطة بثابتة تصوغ مصر على أساسها تحالفاتها ومواقفها السياسية. هذه ثابتة مبنية على أساس أن العلاقة مع سورية يجب أن تكون متينة، وأن التواصل بين المؤسستين العسكريتين في مصر وسورية لم يتوقف يوماً.
يتمايز الموقف المصري تجاه سورية عن الأميركي والسعودي والتركي، وهو ما يعكسه تصويت مصر برفض المشروع الفرنسي في مجلس الأمن.
لماذا صوّتت مصر على هذا المشروع علناً علماً أن الفيتو الروسي كان من شانه أن يحسم الموقف؟ يجيب الشيخ قاسم: “تعمدت مصر الإعلان عن موقفها لتقول إن مواقفها هي جزء من هذا الإعلان، ولتساهم في عدم تداعي المواقف في الاتجاه السلبي الذي يعارض الخطة المصرية”.
الأزمات مجمدة بانتظار الإدارة الأميركية الجديدة
وفي محاول لتفسير التصعيد الأميركي تجاه سورية مؤخراً، يرى نائب الأمين العام لحزب الله أن التصعيد يأتي بعد صمود سورية لخمس سنوات ونصف، وبعدما أخذت تميل الكفة لصالح محور المقاومة. ويقول فإن الإدارة الأميركية واقعة بين أمرين: هي لا تريد تدخلاً عسكرياً مباشراً في سورية بل ترغب في الاعتماد على المسلحين، كما أنها لا تريد بقاء سورية المقاومة وعلى رأسها الرئيس الأسد وإنما تريد تغيير النظام في سورية.
وتحدث الشيخ قاسم عن المحاولات الأميركية العديدة التي هدفت إلى إعادة تشكيل المجموعات المسلحة وتسليحها وتعديل أسمائها وربطها ببعضها، “كل هذه المحاولات فشلت في تظهير معارضة معتدلة متماسكة تستطيع أن تكون الواجهة المؤثرة والممكسة ميدانياً، لازالت الأغلبية في الميدان منقسمة بين داعش والنصرة، وكلاهما لا يمكن أن يكونا ادوات استثمار مباشر من قبل أميركا.”
في السنتين الأخيرتين وبشكل أكبر بعد التدخل الروسي، استطاع الرئيس السوري بشار الأسد تحسين موقعه العسكري، وعلى مدار الأزمة ثبت أن لسورية جيش متماسك وحلفاء متعاونين ولاتزال القوات السورية متواجدة في مناطق حساسة ورئيسية، هذه الأمور جعلت من إمكانية النقاش بمستقبل سوري لا دور فيه للرئيس الأسد إمكانية معدومة، اكد الشيخ قاسم.
ويردف “أن إدارة أوباما قررت عدم المضي بأي خطوة جديدة بانتظار الانتخابات الأميركية، لتبقى الأوضاع في سورية بحالة مراوحة حتى شهر آذار/مارس المقبل تاريخ تسلم الإدارة الأميركية، بمعنى أن الأزمة ستبقى “مجمدة” وأن الحلول ستكون مؤقتة”.
ويفسّر الشيخ قاسم التصعيد الأميركي مؤخراً بأنه يأتي في محاولة لجم التقدم الذي حققته الدولة السورية وحلفاؤها، “فحلب التي كانت مرتكز للمسلحين سقطت سقطة مريعة، واليوم شرق حلب في وضع ضعيف جداً، وإذا ما قرر النظام وحلفاؤه أن ينهوا قضية حلب الشرقية فالأمر لن يحتاج إلا لبعض الوقت، لكن لا امكانية لعودة حلب إلى يد المسلحين ولا كقوة بيد المحور الأميركي”.
حزب الله يريد الحفاظ على الدولة السورية كدولة داعمة للمقاومة
ورداً على سؤال عن العلاقة مع الدور الروسي في سوريا والعلاقة مع الحلفاء، قال الشيخ قاسم إن هناك غرفة عمليات تنسق بين القوى المختلفة.
“بالنسبة لحزب الله ليس لديه طموحات جغرافية في سورية، طموحات الحزب هي طموحات سياسية”، ما يعني أنه يريد الحفاظ على الدولة السورية كدولة داعمة للمقاومة تدعم وتحمي ظهر هذه المقاومة، وأضاف انه فيما لو اتفق السوريون يوم غد وتمت المصالحات، ولم تعد الدولة السورية بحاجة إلى وجود المقاومة، فإن حزب الله سيخرج فوراً من سورية.
أما فيما يتعلق بالتواجد الروسي، فهناك تنسيق مع الدولة السورية.”كلاهما يحتاج إلى الآخر”، يقول الشيخ قاسم، ويتابع موضحاً: “بالنسبة لروسيا هي تحتاج إلى موطئ قدم لتؤثر في سياسات المنطقة، وسورية تحتاج إلى داعم لتحافظ على وجودها، لذا لا بد من وجود ميداني غير مؤقت. وأنا أتصور أنه حتى ولو حُلت الأزمة في سورية، سيكون هناك تواجد قواعد روسية مستقرة لأمد طويل ضمن اتفاق مع الدولة السورية، وهذا الاتفاق لن يزعجنا ولا يأخذ من طريقنا شيء”.
ما بعد مجزرة الصالة الكبرى ليس كما قبلها
يقول الشيخ قاسم أن نقاشاً دار بين السعودية والإدارة الأميركية منذ عدة أشهر، حول العدوان على اليمن. فالأميركيون اعتبروا أن المعركة في اليمن بلا أفق وغير قابلة لتحقيق نتائج، بالمقابل كان هناك إصرار من السعودية على استكمال المعركة. وكانت النتيجة أن قبل الأميركيون بأن تستمر السعودية في معاركها طالما أن الخسائر لا تطال الولايات المتحدة.
نقطة التحول مثلتها المجزرة الروعة التي ارتكبها العدوان بالصالة الكبرى في صنعاء. يقول نائب أمين عام حزب الله إن حصول مجزرة صالة الكبرى ألقى بعبء انساني عالمي لا يُطاق، ما فرض نوعاً من الهدنة.
ويلفت الشيخ قاسم إلى أنّه “ليس معلوماً ما اذا كانت الهدنة مقدمة لحل سياسي، اذ انه من المبكر الحديث عن بدء خطوات الحل السياسي إلا أن ما يمكن حسمه بالتأكيد أن ما بعد المجزرة مختلف عما قبلها”.
ويضيف: “لا أعلم إن كانت السعودية ستفهم أنّها تخوض حرباً عبثية أم لا. اليمنيون مستعدون للصمود مهما طال الزمن، والسعودية يستحيل أن تحقق ما تريد في اليمن، اذا وصلت السعودية لهذه القناعة أو تم افهامها هذا الأمر، عندها تبدأ خطوات الحل السياسي”.
وختم الشيخ قاسم حديثه في الملف اليمني بالقول “ان هناك مستجد يدفع باتجاه هدنة انسانية قد تفتح الفرصة أمام حوار سياسي، ولكن لننتظر لنعلم ما إذا كان هناك جدية أم لا وبعدها نستطيع ان نحسم اذا كان الحل مرتبط بالانتخابات الأميركية أم لا”، مبديا اعتقاده “ان الموضوع اليمني مرتبط أساساً بالموقف السعودي”.
المصدر: موقع المنار