يستوجب التوصّل إلى تطوير مضاد حيويّ جديد موارد مالية كبيرة، فضلاً عن وقت طويل مقارنة مع تطوير العقاقير والأدوية عادةً.
وعلى مدى العقود القليلة الماضية، تم تطوير عدد قليل جداً من المضادات الحيوية الجديدة، ومعظم تلك المضادات الحيوية المعتمدة حديثاً هي أنواع مختلفة قليلاً من الأدوية الموجودة. ولعلّ فكرة استخدام نماذج الكمبيوتر التنبؤية لاختبار فعالية الأدوية ليست مسألة جديدة، ولكن هذه النماذج لم تكن يوماً بالدقة التي توفرها أنظمة الذكاء الصناعي اليوم.
وفي هذا السياق، طوّرت خوارزمية برمجها باحثون في معهد “ماساتشوستس” التكنولوجي مضاداً حيوياً ثورياً أُطلق عليه اسم “هاليسين”.
وقد كشفت الاختبارات المعملية أنَّ “هاليسين” قتل العديد من البكتيريا المسببة للأمراض الأكثر إشكالية في العالم، بما في ذلك بعض السلالات المقاومة لجميع المضادات الحيوية المعروفة. كما أزال العدوى في نموذجين مختلفين من الفئران.
وفي التفاصيل، تم تصميم نموذج الكمبيوتر بواسطة الذكاء الصناعي، ما أتاح فحص أكثر من 100 مليون مركب كيميائي في غضون أيام، لاختيار المضادات الحيوية المحتملة التي تقتل البكتيريا باستخدام آليات مختلفة عن تلك الموجودة في الأدوية الحالية.
وفي دراستهم الجديدة، حدَّد الباحثون أيضاً العديد من المضادات الحيوية المرشحة الواعدة، والتي يخططون لاختبارها بشكل أكبر، وهم يعتقدون أن هذا النموذج يمكن استخدامه أيضاً لتصميم عقاقير جديدة، بناءً على ما تعلّموه عن الهياكل الكيميائية التي تمكّن الأدوية من قتل البكتيريا.
واختارت خوارزمية الذكاء الصناعي جزيئاً واحداً كان من المتوقع أن يكون له نشاط قوي مضاد للجراثيم وبنية كيميائية مختلفة عن أي مضاد حيوي موجود. وباستخدام نموذج مختلف للتعلم الآلي، أظهر الباحثون أيضاً أن هذا الجزيء من المحتمل أن تكون له سمية منخفضة للخلايا البشرية.
هذا الجزيء الذي قرّر الباحثون تسميته “halicin”، سبق أن تم التحقّق منه كعقار محتمل لمرض السكري. وقد تبيّن أنه قادر على قتل العديد من السلالات البكتيرية المقاومة للعلاج.
وتشير الدراسات الأولية إلى أنَّ الهليسين يقتل البكتيريا عن طريق تعطيل قدرتها على الحفاظ على التدرج الكهروكيميائي عبر أغشية الخلايا. ومن المتوقّع أن ينطلق الباحثون في المعهد الأميركي الشهير نحو المرحلة الثانية من التعاون مع شركات الأدوية، بهدف إجراء اختبارات إضافية للمضاد الحيوي الجديد، قبل أن يتم اعتماده رسمياً في المستقبل في علاجات البشر.
المصدر: الميادين