عادت حركة طالبان الى الحكم في افغانستان، بعد ان هرولت أمريكا بزعامة جون بايدن بالانسحاب تحت شعار لا يمكن فعل اكثر مما فعلنا، متباهيا بأن جسرا جويا هو الاعظم في التاريخ اقيم من اجل اجلاء جنود الولايات المتحدة ورعاياها.
لكن هل يمكن ان تقنع حركة طالبان جمهورها بأن انتصارا قد حقق اذا كانت المفاوضات بين الحركة والادارة الامريكية في دولة قطر سنوات وبعدها تم الاتفاق، أليست هذه مفارقات سياسية واضحة أم انجازات وهمية وسيناريو ادوار متعددة ؟! .
ان الصورة التي خرجت بها أمريكا من كابول تؤكد للقاصي والداني بأن عشرين سنة من الوجود العسكري الامريكي ساوى صفر نتائج ايجابية للشعبين الامريكي والافغاني على السواء، فقد منيت امريكا بهزيمة في صميم استراتيجياتها العسكرية، وهذا ما عبر عنه الرئيس الامريكي في خطابه. وما مشاهد الافغان الذين تعلقوا بالطائرات الا خير دليل على حاجة أمريكا الى علم الاخلاق السياسي والعسكر، التي انعكست على عامل الثقة بين أمريكا وحلفائها واصدقائها في المنطقة والعالم ، فتحرك الرئيس الفرنسي ماكرون الى العراق لانقاذ مصالحه المتبقية وطار نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان الى موسكو لعقد الصفقات العسكرية ولتمتين العلاقات الثنائية بين البلدين.
فالظاهرة الافغانية التي احدثها الانسحاب الامريكي وتولي حركة طالبان والظاهرة الاخرى التي ظهرت بها قيادات الحركة بأنها متسامحة مع مكونات المجتمع الافغاني لعله يسهل الطريق الى الحكم على الاراضي الافغانية بحيث يشي بفتح صفحة جديدة مع الاختلافات المذهبية والعرقية.
الموقف السعودي يعتريه الكثير من الغموض او الحذر حيث أشار بيان الخارجية السعودية الى توجيهات واشارات عامة حاملة في طياتها حذرا واضحا وجليا، ولكن ما هو الخطر من الظاهرة الافغانية الطالبانية؟!
لعل أهم خطر لهذه الظاهرة هو تكرارها في دول أخرى ومناطق أخرى فمن هي هذه الدول المتوقع فيها ان يصيبها الزلزال الافغاني .
لعل المرشحين الاوائل هم دول الجوار الافغاني وبلاد القوقاز لهكذا سيناريو لما له من تأثير على روسيا ومحاصرتها .
المراقب للتصريحات السعودية وخاصة ما قاله تركي الفيصل حول طالبان يضع الاسئلة العديدة على مشرحة التحليل يستشف منه تخوف سعودي واختلاف جوهري، فهل بدأت المملكة تشعر بخطر وجودي يهددها بعد النسخة الافغانية، فدولة مثل المملكة السعودية قد تكون على اللائحة نتيجة اعتبارات عديدة تهم المصالح الامريكية المتهالكة في المنطقة والبحث عن بدائل لمواجهة تراكمات القوة لمحور المقاومة .
فقد انسحبت الولايات المتحدة من افغانستان فمن يملأ الفراغ الدولي في المنطقة لعله التحدي الاكبر لشعوب المنطقة. إما تبدأ ثورة استقلالية كبرى وإما تذهب الى استعمار اقتصادي مالي جديد، فمما لا شك فيه أن شرقا اوسط مختلفا يتشكل فهل تستطيع شعوب المنطقة تكريسه بدل الذهاب الى سباق تسلح ولماذا لا تذهب السعودية الى اتفاقات سلام وامان مع جيرانها اليمنيين ودول الخليج .
بقلم د. حسان الزين
المصدر: بريد الموقع