اي فضاء يمكن ان يلجأ اليه الشعب اللبناني في ظل الاستعصاء المفروض عليه، في حل الازمات المتوالدة، المصنعة، من غالبية الطبقة السياسية والمجموعة المصرفية وعلى رأسها المصرف المركزي، اولئك الذين عملوا في لبنان الوطن، وليس فقط السلطة فيه، تمزيقا، مضافا الى ذلك العوامل الخارجية المتعددة.
ليس صحيحا ان كل من يخسر سلطة او يفوز بسلطة او يتسلم منصبا او يكون نافذا ويدور الزمن، ان يتحول حُكما الى شرير.
هذه المقدمة جزء من كل، مع الاستعصاء المعاش في تشكيل الحكومة، على الرغم من سلسلة مبادرات للوصول الى تسوية لا يموت فيها الذئب ولا يفنى الغنم.
وهذه حال لبنان، وسيستمر، ما دام التركيب المذهبي للسلطات، هو “السيبة” التي يقوم عليها النظام، وليس المواطنة والانتماء الوطني، بغض النظر عن التضحيات من هذا الفريق او ذاك.
يجب أن نفهم أن نموذج العلاقات بين المكونات اللبنانية الذي كان مصدر مباهاة، بشكل عام، رغم الصدامات الجوهرية، والقشرية، سيظل تصادميا، ما دام البعض يربط مستقبل البلاد بالغرب، وتقديم اوراق اعتماد دون النظر الى الموجبات الوطنية ولا سيما للولايات المتحدة الاميركية تحديدا، وهذه الاخيرة ستواصل السعي لإضعاف اوراق القوة في لبنان لانها تعتبرها خصما وعدوا طبيعيا ما دام اللبنانيون خارج التدجين المطلوب ،بهدف اضعاف عملية التكامل الوطني لمواجهة الاخطار المحدقة بالوطن الصغير من العدو المركزي على حدوده الجنوبية.
ان الاقتصاد اللبناني كان يعتمد إلى حد كبير على النظام المصرفي الذي يشهد حالة انهيار مريعة لغياب الرؤية، وربما المتعمدة لانشاء اقتصاد منتج، وهذه مسألة مركزية لقوة اي اقتصاد، مقابل اقتصاد ريعي متعمد يقوم في غالبيته على المساعدات المشروطة بحيث تتحول سلطات البلاد الى دمى تضرب بسيف السلطان الذي تأكل من ماله.
لا شك ان شراسة التطورات في لبنان زاد بلتها طين فقدان اللبنانيين مدخراتهم، وتلاشي قيمة عملتهم الوطنية، وهذا الامر زاد في قتامة المشهد السياسي الداخلي، الذي افلس المتصارعون في تصدره ايجابا، بموازاة تشظي الطاقات والتشرذم الاجتماعي في بيئات مختلفة، وهذا الامر الاخير والخطير ساهم في افراد مساحة لاغارات دنيئة متكررة، على الاتقياء الذين يريدون اخراج الازمة من عنق الزجاجة، وذلك ضمن سياق تشويه مدروس، كذاك الذي يحاول النيل من طبيبة تسعى لاسعاف مريض سقط في الشارع يلفظ انفاسه، بشرفها، لانها ادركته بمنحه نفسا من صميمها.
لقد بات هناك اجماع ولو من مقاربات مختلفة، بان طريق الخروج من الازمة اللبنانية، يبدأ بتشكيل حكومة، وهناك مساع لم تعد محجوبة لاصلاح ذات البين، بغض النظر عن جولة الموفد الاوروبي، الذي لوح باتخاذ المجموعة عقوبات على المعرقلين، او من تصنفهم الدول الاوروبية بالمعرقلين، ربما يكون الصمت في فترة الاستنزاف المساعي تلك، ابلغ بيان، كما ان الصمت في زمن الضياع، قد يكون للبعض ضرورة لغسل دواخلهم، كي يجروؤا على اقتحام ما يعتبرونه مستحيل نفسيا.
إن الخروج من الأزمة لن يتحقق، دون استعادة الانتظام، واحترام الحقائق، وكذلك الاستمرار بالثقة بالحق، ولو تأخر احقاقه، لان استمرار ما هو سائد حاليا سيكون وصمة عار على المرحلة وساساتها، لان دورة سوداء تلوح في الافق، يتوهم الدافعون اليها انهم سيحققون ما لا يستطيعون تحقيقه بالحق والعدل.
الموقع غير مسؤول عن النص وهو يعبر عن وجهة نظر كاتبه
المصدر: خاص