تحاول أوساط البحث العلمي الإكلينيكي التنبيه إلى ضرورة الاهتمام بتقييم ومعالجة حالات الشخير. وإضافةً إلى تأكيد الهيئات الطبية العالمية في عدد من أفرع الطب وجود علاقة بين الشخير وارتفاع الإصابات بعدد من الأمراض المزمنة، مثل مرض انقطاع النفس الانسدادي النومي، والسمنة، ومرض السكري، وأمراض شرايين القلب وارتفاع ضغط الدم والسكتة الدماغية، وغيرها، يتوالى في نفس الوقت صدور الدراسات الطبية التي تؤكد علاقة الشخير بتلك الأنواع المختلفة من الأمراض. ورغم عدم وضوح آليات تلك العلاقة على وجه التحديد، فإنها تبدو من نوع «علاقة السبب والنتيجة» أكثر من أن تكون «علاقة مُصادفة».
الشخير والأمراض
وباستعراض عدد من الدراسات الصادرة فقط خلال الأسابيع الماضية، يبدو لنا جانب من مظهر ذلك الاهتمام الطبي بهذه المشكلة الصحية.
> السكري: عرض باحثون من جامعة أوكسفورد وكلية الصحة العامة في بكين، نتائج دراسة المتابعة حول العلاقة المحتملة بين الشخير وارتفاع الإصابات بمرض السكري. ووفق ما تم نشره في عدد مايو (أيار) الحالي من «المجلة الطبية البريطانية المفتوحة BMJ Open»، شمل الباحثون نحو 50 ألف شخص بالمتابعة لمدة سبع سنوات. وقال الباحثون في نتائجهم: «لوحظ ارتفاع معدل الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري (T2DM) لدى الذين يعانون من الشخير مقارنةً مع غيرهم. وكان الشخير مرتبطاً بشكل مستقل بزيادة خطر الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري في كل من الرجال والنساء».
> انقطاع النفس الانسدادي: تشير مصادر طب القلب إلى أن المُصابين بالشخير المستمر هم أكثر عُرضة للإصابة بأمراض القلب مقارنةً مع أولئك الذين لا يُشخرون. ولاحظ باحثون من جامعة بيتسبرغ بالولايات المتحدة وجود علاقة بين شدة الشخير وحصول تغيرات في سماكة جدار الشريان السباتي بالرقبة (Carotid Intima – Media Thickness) لدى البالغين المُصابين بالشخير فقط، أي قبل تطور ذلك لديهم للتسبب بمرض انقطاع النفس الانسدادي. وهو ما قد يُعد طبياً علامة على ارتباط مبكّر جداً بين الشخير وخطورة الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية (CVD).
ووفق ما تم نشره ضمن عدد أبريل (نيسان) من مجلة «تنفس النوم Sleep Breath»، قال الباحثون ما مُلخّصه: «بالمقارنة مع المُصابين بالشخير المنخفض (ودون وجود مرض انقطاع النفس الانسدادي النومي لديهم)، كانت سماكة جدران الشريان السباتي أكبر لدى المُصابين بالشخير الشديد، ومرتبطة بتغيرات في شكل الأوعية الدموية. وقد يسهم الشخير في خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية».
الشخير وأمراض القلب
> أمراض القلب التاجيّة: وفي سياق متوافق، قدّم باحثون من كلية العلوم الصحية في لوهي بالصين مراجعتهم المنهجية للدراسات التي تناولت العلاقة بين الشخير وارتفاع الإصابات بأمراض شرايين القلب التاجية. ووفق ما تم نشره ضمن عدد 22 مارس (آذار) الماضي من مجلة «تنفس النوم» أيضاً، قال الباحثون: «الشخير هو أحد المظاهر الرئيسية لحالة انقطاع النفس الانسدادي النومي (OSA)، ولكن هو أكثر شيوعاً من انقطاع النفس الانسدادي النومي (أي قد يُوجد لدى الشخص شخير دون إصابته بمرض انقطاع النفس الانسدادي النومي). وثمة أدلة علمية وفيرة على وجود ارتباط قوي بين انقطاع النفس الانسدادي النومي ومرض الشريان التاجي (CAD). ومع ذلك، من غير المعروف ما إذا كان الشخير وحده (دون وجود مرض انقطاع النفس الانسدادي النومي لدى الشخص) مرتبطاً بارتفاع مخاطر الإصابة بأمراض القلب التاجية»، وهو ما استعرضته هذه الدراسة. وراجع فيها الباحثون 13 دراسة تم إجراؤها سابقاً حول هذا الأمر، وشملت أكثر من 150 ألف شخص.
وقال الباحثون في النتائج: «أشار التحليل الكمي إلى أن الشخير كان مرتبطاً بنسبة غير قليلة بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية». وأضافوا: «يتعرض الشِّخّيرون لخطر متزايد بنسبة 28% للإصابة بأمراض القلب التاجية. وعلى الرغم من أن الارتباط يمكن أن يكون جزئياً من خلال وجود الإصابة بمرض انقطاع النفس الانسدادي النومي، فإن معظم الشِّخّيرين لا يكون لديهم مرض انقطاع النفس الانسدادي النومي. ونظراً لارتفاع كل من معدل انتشار الشخير وارتفاع عبء أمراض القلب التاجية في عموم الناس، قد يكون فحص الشخير مفيداً للوقاية المبكرة من أمراض القلب التاجية».
> السكتة الدماغية: كما عرض باحثون آخرون من نفس الجامعة الصينية نتائج مراجعتهم التحليلية لارتباط الشخير بارتفاع الإصابات بالسكتة الدماغية. ووفق ما تم نشره ضمن عدد الأول من أبريل الماضي من مجلة «حدود في علم الأمراض العصبية Frontiers in Neurology»، قال الباحثون: «أشار كثير من الدراسات إلى أن الشخير يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية. ومع ذلك، كانت نتائجها غير متناسقة.
وهدفنا (في هذه الدراسة) إلى إجراء مراجعة منهجية وتحليلية للدراسات القائمة على الملاحظة لتقييم العلاقة بين الشخير وخطر الإصابة بالسكتة الدماغية عند البالغين». وبمراجعة نتائج 16 دراسة طبية سابقة حول هذا الأمر، قال الباحثون في نتائجهم: «الشخير مرتبط بنسبة 46% بزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية. وتكمن أهمية الدراسة الحالية في أننا نقدم مقاربة لاتخاذ نهج أكثر فاعلية ضد زيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية عند الشِّخيرين».
– إحصائيات وحقائق صحية عن الشخير
وفقاً للمراجعات الطبية:
– يحدث الشخير خلال النوم عندما يهتز الحنك الرخو واللهاة في أثناء التنفس، مما ينتج عنه أصوات شخير قاسية.
– الشخير هو التنفس الصاخب أو المضطرب. ويصنَّف إلى أربع مراحل متدرجة: تنفس ثقيل، وشخير بسيط، ومتلازمة مقاومة مجرى الهواء العلوي (UARS)، ومرض انقطاع النفس الانسدادي النومي (OSA).
– متوسط شدة صوت الشخير ما بين 50 و65 ديسيبل (أي مُعادل لصوت المخاطبة العادية لشخص يتكلم).
– يوم 24 مارس هو اليوم السنوي لـ«وقف الشخير»، وفق رابطة النوم الأميركية (American Sleep Association)، لزيادة الوعي بمشكلة النوم هذه، التي قد تكون لها عواقب صحية وخيمة.
– وفق الإحصائيات الأميركية، فإن 45% من البالغين يُشخرون من آن لآخر، و25 % بشكل مستمر.
– يعاني 10% من الأطفال من الشخير من آن لآخر، و5% منهم بشكل مستمر، ما قد يتسبب بتدني الانتباه أو مشكلات سلوكية أو ضعف الأداء الدراسي.
– الرجال أعلى بمعدّل الضعف للإصابة بالشخير مقارنةً بالنساء.
– الشخير هو السبب الرئيسي الثالث للطلاق في الولايات المتحدة.
– زيادة وزن المرأة والحمل يرفعان من احتمال إصابتها بالشخير.
– يعترف 60% فقط من المُصابين بالشخير بوجود هذ المشكلة لديهم.
– ذوو الوزن الزائد أكثر عُرضة للشخير.
– النوم على الظهر يزيد من احتمال الشخير، مقارنةً بالنوم على الجانب. وتزداد معه وتيرة الشخير عادةً، حيث تؤثر الجاذبية في الحلق فيضيق المجرى الهوائي.
– الشخير… أسباب وعوامل خطورة متعددة
> الشخير هو صوت أجش أو خشن يحدث عند تدفق الهواء عبر مجرى الأنسجة المتراخية بالحلق، مما يؤدي إلى اهتزاز الأنسجة مع التنفس. وكلما أمسى مجرى الهواء ضيقاً، يُصبح تدفق الهواء أكثر قوة، ما يزيد من اهتزاز الأنسجة، ويتسبب بالتالي في علو صوت الشخير.
وقد يكون الشخير المعتاد أكثر من مجرد إزعاج. وإذا كان الشخير مرتبطاً بانقطاع النفس الانسدادي النومي، فقد يكون هناك خطر وجود مضاعفات أخرى، تشمل:
– النعاس أو النوم نهاراً.
– الإحباط أو الغضب المتكرر.
– صعوبة التركيز الذهني.
– خطورة في الإصابة بارتفاع ضغط الدم والأمراض القلبية والسكتة الدماغية.
– زيادة خطر حوادث السيارات بسبب قلة النوم.
ويفيد أطباء «مايوكلينك» بأن الحالات التالية يُمكن أن تُؤثر في المجرى الهوائي، وتتسبب في الشخير:
– وجود حنك رخو منخفض وسميك يمكن أن يُسبب ضيقاً في المجرى الهوائي. قد يكون لدى الأشخاص ذوي الوزن الزائد أنسجة إضافية في الجهة الخلفية من حلوقهم، مما قد يتسبب في تضييق المسالك الهوائية.
– يمكن أن يحدث الشخير أيضاً عن طريق تناول كثير من المشروبات الكحولية قبل وقت النوم. ترخي الكحوليات عضلات الحلق وتقلل من دفاعاتك الطبيعية ضد انسداد المجرى الهوائي.
– قد يسهم احتقان الأنف المزمن أو التواء الجزء بين فتحتي الأنف (انحراف الحاجز الأنفي) في حدوث الشخير.
– يمكن أن يؤدي الحرمان من النوم وعدم الحصول على نوم كافٍ إلى ارتخاء أكثر للحلق.
ويُضيفون: «تتضمن عوامل الخطر التي قد تساعد في الإصابة بالشخير ما يلي:
– الرجال أكثر عُرضة للإصابة بالشخير وانقطاع النفس في أثناء النوم من النساء.
– الأفراد الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة أكثر عُرضة للإصابة بالشخير أو توقف التنفس الانسدادي في أثناء النوم.
– قد يعاني بعض الأفراد من تضخم اللوزتين أو الزوائد الأنفية التي يمكن أن تضيّق الممر الهوائي وتتسبب في حدوث الشخير.
– إذا كنت تعاني من عيب هيكلي في الممر الهوائي، مثل انحراف الحاجز الأنفي، أو الاحتقان المزمن في الأنف، فقد يزيد خطر إصابتك بالشخير».
المصدر: وكالات