ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم السبت 29-05-2021 في بيروت على مساعي رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري التي تعتبر الفرصة الأخيرة لولادة الحكومة في ظل توافر المؤشرات الإيجابية الداخلية واستعداد الجميع للحل وإلا فالأزمة مفتوحة على كافة الاحتمالات.
الأخبار
أكثر من 8 مليارات دولار في 27 شهراً | مصارف لبنان: خسائر تطيح الرساميل وزيادة الـ20 بالمئة
سجّلت المصارف التجارية في 3 أشهر من عام 2021 خسائر تفوق ما سجّلته مُجتمعةً عام 2020، حتى وصلت الأزمة لدى بعضها إلى تآكل أموالها الخاصة، التي عادة ما يُعوَّل عليها لترميم الخسائر. النسبة الكبيرة للخسائر تضع ملاءة المصارف وسيولتها في دائرة الخطر، ما يفترض إعادة تكوينها من جديد، قبل البحث في زيادة رأس مالها ودورها في تنمية الاقتصاد!
8 مليارات و719 مليون دولار هي صافي خسائر القطاع المصرفي في لبنان لعامَي 2019 و2020 والأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021. الأرقام ضخمة، أهميتها أنّها تُثبّت الواقع المرير الذي أوصلت المصارف نفسها إليه، وبأنّ الـ20% زيادة على رأسمالها التي فرضها البنك المركزي لن تكون كافية لتغطية الخسائر، هذا قبل التفكير في وضع خطط نهوض وتفعيل العمل المصرفي.
حجم الخسائر ليس نهائياً، والتقديرات تُشير إلى أنّه يتخطّى الـ8 مليارات دولار، فأرقام الفصل الأول من عام 2021 (3.4 مليارات دولار) تُعدّ مؤشّراً على النسب التي ستُسجّلها الفصول اللاحقة. إضافةً إلى أنّ المصارف قد لا تكون صرّحت عن كامل الخسائر التي تعرّضت لها، مُختارةً تقسيطها على سنوات عدّة، وعدم احتسابها دُفعةً واحدة. في كلّ الأحوال، تتقاطع أرقام الخسائر مع الورقة التي نشرتها قبل أيام وكالة «ستاندرد أند بورز» الائتمانية بأنّه حتى ولو أمّنت المصارف زيادة الـ20% والـ3% سيولة في حساباتها لدى المصارف المراسلة في الخارج، «من غير المُرجّح أن يؤدّي ذلك إلى استقرار القطاع المصرفي»، فالحجم الحقيقي لخسائر البنوك لن يظهر فعلياً «إلا بعد إعادة هيكلة الدين العام»… وقد بدأ رأس جبل الجليد بالظهور في صيف عام 2019، أي قبل أشهر من انطلاق انتفاضة «17 تشرين»، ما ينفي مزاعم حزب المصرف في الربط بينها وبين الانهيار المالي والنقدي. السياسات الاقتصادية والمالية التي اعتُمدت لم تكن ستوصل إلّا إلى هذه النهاية، وكانت مسألة وقت فقط قبل انفجار الأزمة.
أتت موازنات المصارف التجارية لـ«تُصوّب» النقاش، وتحسم بأنّ «سنة 2019 كانت سنة الانهيار النقدي بعد 22 عاماً من استقرار العملة. هي نقطة تحوّل جوهرية»، وفق التقرير المالي الصادر عن «بنك داتا». وقد تبيّن أنّ المصارف تكبّدت ملياراً و891 مليون دولار خسائر عام 2019، مقارنةً مع أرباحٍ بلغت 2 مليار و456 مليون دولار سنة 2018. أما حقوق المساهمين فقد تراجعت من 24.752 مليار دولار سنة 2018 إلى 20.829 مليار دولار في العام التالي.
«من يُخفِ علّته تقتلْه»… وهذا ما حلّ بالقطاع المصرفي. عدم اتخاذ مصرف لبنان إجراءات حاسمة وجدّية لمعالجة الخسائر، لا بل العمل على دسّها تحت السجادة تارةً عبر ما يُسمى «هندسات مالية» وطوراً عبر تعاميم إنقاذية، أدّى إلى تضخّمها بشكلٍ مسح رساميل بعض المصارف من الفئة الأولى. فوفق أرقام مصرف لبنان غير الرسمية، والتي حصلت «الأخبار» على نسخةٍ منها، بلغت خسائر القطاع المصرفي لسنة 2020 نحو 5.03 تريليون ليرة، أو 3.3 مليارات دولار. وهو تقريباً الرقم نفسه المطلوب أن تأتي به المصارف لزيادة 20% على رأسمال. إلا أنّ الـ3.3 مليارات دولار لا تعكس الخسائر الفعلية، لأنّ أكثرية المصارف أجّلت احتساب المؤونات على شهادات الإيداع لدى «المركزي» (حدّ أدنى 1.89%) وسندات الدين بالعملات الأجنبية (حدّ أدنى 45%)، مُستفيدة من السماح لها بتقسيطها على 5 سنوات. أخذت التطورات منحى أكثر سوداوية لدى المصارف هذه السنة، مع بدء تكوين المؤونات، فبلغت الخسائر لغاية 31 آذار 2021 عتبة الـ5.2 تريليون ليرة، أي 3.4 مليارات دولار. ثمّة مصارف كوّنت مؤونات على سندات الدين بالعملات الأجنبية، («يوروبوندز»)، وصلت إلى 70%، و12% على شهادات الإيداع لدى مصرف لبنان، ما يُعدّ أول اعتراف واضح بعمق الأزمة.
يندر أن «ينجو» مصرف من هذا المصير المحتوم، ولكن 7 من أصل 35 مصرفاً تجارياً، سجّلت خسائر في عام 2020 وبداية عام2021 تخطّت أموالها الخاصة – المُفترض أن تُستخدم في الحالات الطبيعية لتعويض النقص – وهي: فيدرل، مصر ولبنان، سرادار، الموارد، سيدروس، سوسييتيه جنرال، والبحر المتوسط. الأسماء المذكورة ليست «أيّاً كان» في القطاع، بل مصارف من الفئة الأولى تحتل مساحة واسعة من السوق، و«مُدلّلة» لدى حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة. لأجل مصرف البحر المتوسط – المملوك من رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري، افتتح سلامة سنة 2014 عمليات نقل الثروة من المال العام إلى جيبة حُفنةٍ من المُساهمين المُفلسين، عبر منحهم أموالاً عامة مجاناً. أُطلق على العملية اسم «هندسة مالية» لإضفاء طابع «علمي» عليها وإخفاء أنّها عملية نقل المال العام إلى حسابات أفراد محددين، استفادت منها غالبية المصارف الكبرى، ولا سيّما مصرف الحريري و«سوسييتيه» و«سيدروس» و«الموارد».
كلّ محاولات انتشال المصارف من إفلاسها لم تمنع تبديدها أموال المودعين، وتسجيلها خسائر حوّلت أموالها الخاصة إلى «السلبي». ويُعدّ الـ«سوسييتيه جنرال» والبحر المتوسط، أكثر مصرفين مُتضررين مالياً. فالأول سجّل سنة 2020 خسائر بـ862 مليون دولار فيما أمواله الخاصة هي 827 مليون دولار. ليس الوضع أفضل في بداية 2021، مع بلوغ خسائر الـ«سوسييتيه» 847 مليون دولار، وتراجع أمواله الخاصة إلى 815 مليون دولار. أما بالنسبة إلى بنك البحر المتوسط، فسجّل حساب الأموال الخاصة لديه سنة 2020 نقصاً بـ79 مليون دولار أميركي، مقابل خسائر بـ925 مليون دولار. الخسائر ارتفعت إلى 964 مليون دولار حتّى 31 آذار 2021، مع بلوغ العجز في الأموال الخاصة قرابة الـ118 مليون دولار! ويُنقل عن مسؤولين في هيئة رقابية أنّ المساهمين في «البحر المتوسط» لا يملكون «دولاراً واحداً لضخّه في رأس المال وتعويض العجز». هذا المصرف المُنهار يملكه سعد الحريري، الذي يُنتظر منه تشكيل حكومة إنقاذ البلد من الانهيار!
تراكم الخسائر إلى هذا الحدّ، قد يؤدّي إلى ضرب نسبة الملاءة (ما يضمن قدرة أيّ مؤسسة على الإيفاء بالتزاماتها) ويوجب إعادة تكوينها. فإذا كانت الأموال الخاصة سلبية، وزيادة 20% على الرأسمال غير كافية، والخسائر تتعاظم، هل بوجود هكذا قطاع سينمو اقتصاد؟ ثمة احتمال أن يكون لدى المصارف «مصلحة» في تسجيل الخسائر وتظهير أنّها فقدت رساميلها، حتى لا تدفع المزيد من «الأتعاب». فالمعركة المقبلة، هي معركة من يُريد تحمّل كلفة إعادة هيكلة الدين العام وتخفيضه إلى ما دون الناتج المحلي حتّى يقبل صندوق النقد توقيع اتفاق مع لبنان. هذه المرّة أيضاً، تُريد المصارف – بغطاء سياسي ومن مصرف لبنان – تدفيع الناس.
أموال خاصّة سلبية
أربعة مصارف من أصل 35 مصرفاً تجارياً لم تتكبّد فقط خسائر كبيرة، بل سجّل حساب الأموال الخاصة لديها عجزاً. فحتى 31 آذار 2021، كانت الأموال الخاصة لدى فيدرل بنك سلبية بمليار و200 مليون ليرة، و – 177 ملياراً و670 مليون ليرة لدى بنك البحر المتوسط، و – 22 ملياراً و97 مليون ليرة لدى بنك الموارد، و – 26 ملياراً و974 مليون ليرة لدى سيدروس. أما السنة الماضية، فكانت نسبة العجز في أموال بنك البحر المتوسط الخاصة 119 ملياراً و812 مليون ليرة، و – 22 ملياراً و828 مليون ليرة لدى بنك الموارد، و- 27 ملياراً و253 مليون ليرة لدى سيدروس.
البناء
سورية تحتفل بنصرها السياسي بعد العسكري… والأسد: ستخترق رسائلكم كل الحواجز والدروع
تفاؤل بنتائج إيجابيّة على المسار الحكوميّ… والحريريّ أمام امتحان جدّية السير بتشكيلة جديدة
لا زال المشهد السوري الذي أفرزته المشاركة الاستثنائية اللافتة، موضع اهتمام وقراءة في عواصم العالم، حيث شكل إصرار الدولة السورية على السير بالاستحقاق الدستوري ورفض كل دعوات التأجيل لربطه بتفاهمات سياسيّة مع عواصم الحصار والعقوبات، ترجمة لقرار سيادي لاقاه الشعب السوري بحضور فاجأ الصديق والعدو، بصفته ثورة عارمة على التدخلات الخارجيّة، وثورة على السياسات الظالمة التي تستهدف سورية بالعقوبات والحصار، وإعلان تمسّك بقيادة الرئيس بشار الأسد الذي فاز للسوريين بالنصر العسكري، ليفوزوا معه بالنصر السياسي، وقد عبّر الرئيس بشار الأسد عن مضمون ما قاله السوريون بكلمة مقتضبة وجّهها للشعب السوري بعد إعلان نتائج الانتخابات، شاكراً لهم تضحياتهم وحضورهم، قائلاً أنهم الثورة الحقيقية أمام مشهد المرتزقة الذين لوّثوا اسم الثورة والثوار، مضيفاً أن رسالة السوريين ستخترق كل الحواجز والدروع.
وتلقى الرئيس الأسد رسائل التهنئة من عدد من دول العالم، ومن لبنان كانت رسالة تهنئة من رئيس مجلس النواب نبيه بري ومن حزب الله، فيما وجّه رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان رسالة تهنئة أكد خلالها أن تضحيات السوريين أرست لسورية بصمودها دوراً وحضوراً في ظل قيادة الرئيس بشار الأسد، لتكون سورية قوة حاسمة في معادلات المنطقة والعالم.
في الشأن الحكومي، ينتظر المعنيّون وفي طليعتهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري كيفية تفاعل الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري مع الفرصة التي يعتقد بري أنها باتت متوافرة للإقلاع بالمسار الحكومي، بعدما وضعت بين يديه مجموعة من الاستعدادات من فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، قام بري بتحويلها الى أفكار عملية لتذليل العقد التي تعترض تأليف الحكومة، سواء لجهة توزيع الحقائب، أو لجهة كيفية تسمية الوزيرين المسيحيين الأخيرين في حكومة من 24 وزيراً لا يملك فيها أحد ثلثاً معطلاً، وتوقعت مصادر على صلة بالمسار الحكومي أن تكون عودة الحريري المتوقعة خلال ساعات نقطة البداية في مفاوضات يفترض أن تتوّج بلقاء الحريري برئيس الجمهورية لوضع اللمسات الأخيرة على التشكيلة الحكوميّة، إذا سارت الأمور كما يفترض، وقالت المصادر إن الاستعدادات التي عبّر عنها باسيل خلال اجتماعه والمعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، تجيب على أسئلة بري بشكل كافٍ للبدء بالحوار مع الحريري، الذي يواجه امتحان إثبات جديته بتشكيل الحكومة في ظل تشكيك خصومه بقدرته على السير جدياً بالتأليف، انطلاقاً مما بات معلوماً عن أسباب سعودية يُنكر الحريري وجودها، أو على الأقل تأثيرها على قراره. وتقول المصادر إن فريق رئيس الجمهورية ينتظر من ثنائي حركة أمل وحزب الله موقفاً من الحريري إذا تهرّب من مسؤولية تأليف الحكومة بذرائع جديدة، بعدما تمّ توفير ما يكفي من عناصر لحل العقد القائمة.
وبقي فوز الرئيس بشار الأسد في الانتخابات الرئاسية السورية بنسبة أصوات غير مسبوقة وما رافقها من احتفالات عمّت مختلف المحافظات السورية في واجهة المشهد الإقليمي لما لها من تداعيات سياسية على المستوى السوريّ والمنطقة برمّتها، ومنها لبنان، الذي ينتظر نتائج مساعي رئيس المجلس النيابي نبيه بري على خط تأليف الحكومة بدعم من القوى السياسية كافة.
وتلقى الرئيس الأسد سيلاً من برقيات التهاني أبرزها من الرئيس نبيه بري ومن رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان.
وأبرق الرئيس بري مهنئاً الرئيس الأسد بمناسبة إعادة انتخابة رئيساً للجمهورية السورية ولولاية رئاسية جديدة.
وجاء في برقية الرئيس بري:
“السيد فخامة رئيس الجمهورية العربية السورية الدكتور بشار الأسد المحترم. يُسعدني بمناسبة إعادة الشعب العربي السوري الشقيق، تجديد ثقته الواسعة بكم رئيساً للجمهورية العربية السورية بأن أتوجّه من سيادتكم بأحرّ التهاني وأصدق الأمنيات لكم بالتوفيق والسداد لقيادة سورياً جيشاً وشعباً ومؤسسات نحو مزيد من المنعة والقوة والوحدة والاستقرار وتفضّلوا بقبول خالص الاحترام والتقدير”.
من جهته، أكد رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان في برقيته للرئيس بشار الأسد، مهنئاً بانتخابه لدورة رئاسية جديدة. وجاء فيها: “مع إنجاز الاستحقاق الدستوري، قدّمت سورية مشهداً يعتزّ به السوريون وكل الأحرار والمقاومين، مشهداً عبّر عن كل معاني ومضامين السيادة والكرامة، وعن نبض الوفاء، لقائد حكيم، صلب شجاع، صان الثوابت، وحمل لواء الدفاع عن سورية دوراً وموقعاً وعن كرامة السوريين وعزّتهم”.
أضاف: “لقد أرسى الاستحقاق الدستوري حقائق ثابتة راسخة، وهي أنّ سورية عصيّة على المؤامرات، لا تنكسر بمواجهة الحروب الإرهابية الكونية، ولا تتراجع أمام حصار ظالم، وأن الشعب ملتفّ حول قائده وجيشه، يمضي في خياراته وقناعاته، بالإرادة والصلابة والمواقف الأصيلة، لتبقى سورية، القلعة القومية المقاومة، واحة استقرار وازدهار وموئل عز وكرامة”.
في غضون ذلك بقيت مساعي الرئيس بري على الخط الحكوميّ في دائرة الاهتمام الرسميّ وتترقب الأوساط الشعبية وكافة القطاعات الاقتصادية والتجارية والصحيّة والعماليّة هذه الجهود لتأليف حكومة تنقذ هذه القطاعات والبلد من الانهيار، لا سيما على الصعيد الاستشفائي والدوائي في ظل الأزمة الحادة التي تضرب هذا القطاع والخلاف الحاصل بين وزارة الصحة ومصرف لبنان الذي أعلن بوضوح بأنه لم يعُد يستطيع دعم كل حاجات القطاع الدوائي من الدولار ما سيهدّد الأمن الصحي والاستشفائي بحسب مصادر “البناء”.
وفيما ينتظر الرئيس بري عودة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى بيروت وسط تساؤلات عن سبب تأخره في العودة طالما هناك مساعٍ جديدة وإعلان كافة الأطراف نياتها الإيجابية لتأليف الحكومة، تكثفت الاتصالات خلال اليومين الماضيين على الخطوط كافة، كانت عين التينة محورها مع بعبدا واللقلوق وبيت الوسط عبر الرئيس فؤاد السنيورة نيابة عن الحريري ولعبت حارة حريك دوراً بارزاً فيها، وأكدت مصادر مطلعة لـ”البناء” حصول لقاء ليل الأربعاء الخميس بين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ومعاون الرئيس بري النائب علي حسن خليل بحث مقترحات رئيس المجلس لتذليل العقد أمام تأليف الحكومة كما حصلت اتصالات عدّة بين باسيل ومسؤول وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله الحاج وفيق صفا”. وأكدت مصادر باسيل لـ”البناء” أن الاجتماع مع خليل كان إيجابياً حيث أكد باسيل استعداده للانتفاح والتجاوب مع أي مقترح لتسهيل التأليف يُراعي المعايير الموحّدة والأصول الدستورية والتوازنات السياسية”.
وأوضح مصدر مقرّب من رئيس الجمهورية والنائب باسيل لـ”البناء” أن “الرئيس عون بانتظار الحريري لتقديم تشكيلة كاملة للبناء على الشيء مقتضاه، لأنه لم يعد بإمكان الرئيس المكلف الاستمرار بالجمود الحاصل، فالمدة الزمنية أمامه ليست مفتوحة”. ولفت المصدر إلى أن “عون لن يقف مكتوف اليدين أمام مسار التعطيل الحاصل من قبل الرئيس المكلف وهو بصدد اللجوء إلى خطوات دستوريّة وسياسيّة وشعبيّة مفاجئة للدفع لتأليف حكومة جديدة، والخطوة الأولى هي الرسالة الرئاسية إلى المجلس النيابي كحق دستوري له”. مشيراً إلى أن “الرئيس عون لم يتجنَ على الحريري عندما اتهمه بالمماطلة وعدم قدرته على التأليف، لأنه لم يُقدّم تشكيلة كاملة حتى الساعة”، ولذلك سأل المصدر: “هل قدّم الحريري تشكيلة كاملة لعون؟ وهل أطلع عليها الرئيس بري أو البطريرك الراعي او أي أحد عليها؟ وهل يريد الحريري أن يوقع عون على نصف تشكيلة؟”.
ويضيف المصدر: “إذا كان الجميع متفقين على توزيع الحكومة وفق قاعدة 8-8-8 اي 8 لرئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر والطاشناق والحزب الديموقراطي، و8 للحريري وحلفائه و8 لثنائي أمل وحزب الله وحلفائهما من المردة والقومي، فكيف يكون عون نال الثلث المعطل؟ إلا إذا أراد الحريري وضع اليد على الوزيرين المسيحيين الأخيرين ويعتبر نفسه رئيس حكومة كل لبنان وليس للسنّة فقط، لكن أليس رئيس الجمهورية أيضاً رئيس كل لبنان وله الحق بتسمية وزير سنيّ؟ هل يقبل الحريري بهذا التبادل أم يمنح لنفسه هذا الحق وينكره على غيره؟ علماً أن الحريري نفسه يملك الثلث المعطل لكونه رئيس حكومة من جهة وبتحالفه مع الرئيس بري ورئيس المردة سليمان فرنجية ورئيس الاشتراكي وليد جنبلاط من جهة ثانية، ما يمكنه من نسف الحكومة كحد أقصى وتعطيل أي قرار بورقة الثلث كحد أدنى”.
وردّ المصدر المذكور على كلام تيار المستقبل بأن “الرئيس عون ليس جاهزاً لتأليف الحكومة ويهدف مع باسيل إلى تهشيل الحريري، بالقول: “فليدق الحريري باب رئيس الجمهورية وفق الأصول وسيسمع الجوابط. وذكر المصدر بكلام باسيل في المجلس النيابي الذي شجّع الحريري على التعاون مع رئيس الجمهورية لتأليف الحكومة، لكن لا يمكن أن نسير بالشروط التي يطرحها الحريري”.
وحذر المصدر من أنه “في حال وصلنا إلى نتيجة بأن هدف الحريري المماطلة والمناورة لاستنزاف العهد وتعطيله وإفشاله لضرب التيار وإضعافه في الانتخابات النيابية المقبلة، فلن نقبل بإلغاء دورنا وموقعنا السياسي، وبالتالي سنلجأ إلى الاستقالة من المجلس النيابي وإجراء انتخابات نيابية جديدة تفرز واقعاً سياسياً جديداً”.
في المقابل تشدّد أوساط المستقبل لـ”البناء” أن “الحريري سيعود الى بيروت ويقوم بالخطوات المناسبة وهو مستعدّ للنقاش والتشاور ومنفتح على أي مقترح يتوافق مع المواصفات التي حددها الرئيس المكلف وفق المبادرة الفرنسية وهي حكومة اختصاصيين وبلا ثلث معطّل لأحد لأن تعطيل قرارات الحكومة يعني العودة الى المراحل السابقة وهو الأمر الذي لن يقبل به الحريري”. وفي سياق ذلك، أوضح نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش أننا “لم نسمع بوضوح قبول الرئيس عون الذهاب بحكومة مستقلين ومن دون ثلث معطل والأمور لا تزال في مكانها ولا شيء تغير في مواقف الرئيس عون، وإلا لكان تبلغ بها الحريري الذي لا يزال على منطقه وكلامه”.
وأكدت مصادر ثنائي أمل وحزب الله لـ “البناء” ان مساعي الرئيس بري هي الفرصة الأخيرة لولادة الحكومة في ظل توافر المؤشرات الإيجابية الداخلية واستعداد الجميع للحل وإلا فالأزمة مفتوحة على كافة الاحتمالات كاعتذار الحريري وحصول استقالات من مجلس النواب من عدة أطراف لذلك على عون والحريري تلقف الأجواء الإيجابية والوقوف خلف مساعي بري لإنجاحها وإنقاذ البلد”.
وفيما أفيد أن جنبلاط سيزور روسيا في الأيام المقبلة، أشارت أوساط مطلعة على الموقف الروسي وشاركت في أغلب اجتماعات المسؤولين اللبنانيين والروس خلال الزيارات اللبنانية الأخيرة إلى روسيا، أن “كل ما تمّ تداوله في الإعلام اللبناني حول تحميل المسؤولين الروس الرئيس عون والنائب باسيل مسؤولية عرقلة تأليف الحكومة من نسج الخيال ولا صحة لها”. أكدت الأوساط لـ”البناء” أن “روسيا لا تزال داعمة لعملية تأليف الحكومة برئاسة الحريري طالما أنه مكلف رسمياً من المجلس النيابي اللبناني لا سيما أن ما حصل في المجلس ثبت هذا الأمر، لذلك تدعم روسيا تأليف الحكومة وفق المعايير الموحّدة والأصول الدستورية اللبنانية”.
وكشفت الأوساط أن “باسيل وخلال زيارته الأخيرة إلى موسكو شرح بشكل تفصيلي هذه المعايير وأهميتها في تأليف حكومة قوية قادرة على الإنقاذ على الحياة، وهي نفسها التي شرحها في كلمته في جلسة المجلس النيابي الأخيرة”. لذلك فالروس بحسب الأوساط “لا يفرضون شيئاً بل يدعمون ما يتفق عليه اللبنانيون وحتى لو كلفوا شخصية أخرى لتأليف الحكومة، وهذه الحسابات الروسية منفصلة عن العلاقات الشخصية التي تربطهم بالحريري أو بباسيل وبأي شخصية لبنانية أخرى”.
فروسيا بحسب الأوساط تنطلق بعلاقاتها ورؤيتها من منطلق واضح واقعي وعقلاني ولا تتدخل بالتفاصيل الداخلية اللبنانية، لكنها في الوقت نفسه تسعى لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة وتسعى لمنع أي توتر على المستوى الأمني لئلا ينعكس على استقرار وأمن لبنان وبالتالي على أمن واستقرار سورية”.
وحتى تبيان الخيط الأبيض في مساعي الرئيس بري من الأسود، تستمر معاناة اللبنانيين اليومية جراء الأزمات الحياتية والاقتصادية لا سيما أزمة القطاع الصحي والكهرباء والمحروقات، وفيما أفيد أن مخزون وزارة الطاقة من المحروقات يكفي لأسبوع واحد فقط، وقع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال 4 اعتمادات بقيمة 62 مليون دولار لشراء الفيول و”الغاز أويل” لمؤسسة كهرباء لبنان. وهذه الاعتمادات سترسل تباعاً إلى مصرف لبنان للبتّ النهائي بدفعها.
في غضون ذلك استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي، السفير السعودي في لبنان وليد بخاري. وتمنّى بخاري “تغليب المصلحة الوطنية العليا في لبنان على اي مصلحة فردية تحول دون إيجاد الحلول الناجعة التي تعيد للبنان الاستقرار والأمن والازدهار”. وشدد البطريرك الراعي على “ضرورة الحفاظ على حسن العلاقات مع السعودية”، متمنياً “إعادة النظر في القرار الذي اتخذته في ما يتعلق بتصدير المنتوجات الزراعية اللبنانية الى السعودية”. واكد بخاري انه “يتمّ العمل على تذليل الأسباب التي ادت الى اتخاذ هذا القرار”.
على صعيد آخر، أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان “البنك المركزي سيقوم بعمليات بيع للدولار الأميركي للمصارف المشاركة على منصة “صيرفة” بسعر 12 ألف ليرة للدولار الواحد. وطلب من المشاركين الراغبين بتسجيل كل الطلبات على المنصة اعتباراً من الاثنين 31 أيار 2021 لغاية الأربعاء 2 حزيران 2021، شرط تسديد المبلغ المطلوب عند تسجيل الطلب بالليرة اللبنانية نقداً. وستتم تسوية هذه العمليات يوم الخميس 3 حزيران 2021. وتدفع الدولارات الأميركية لدى المصارف المراسلة حصراً. مع الاشارة الى انه تم تكليف لجنة الرقابة على المصارف للتأكد من التزام الصرافين بتطبيق التعاميم ذات الصلة”.
المصدر: صحف