اعتبر السيد علي فضل الله، في خطبتي صلاة الجمعة، ان “فلسطين التي أظهرت في الأيام العشر الماضية مدى شموخ شعبها وعنفوانه في التصدي للعدوان الغاشم عليها أثبتت للعالم ان هذا الشعب هو عصي على الكسر والهزيمة، لقد استطاع هذا الشعب بصموده وصبره أن يمنع العدو الصهيوني من أن يحقق الأهداف التي أرادها من عدوانه، فلم يتمكن من أن يوقف إطلاق صواريخ المقاومة على مستوطناته ومدنه ولا الحد من مسيرات الاعتراض على احتلاله واذلاله، واستطاع بذلك أن يرسم معادلة جديدة لا تراجع عنها وهي ان لا أمن ولا استقرار ولا مستقبل لهذا الكيان ان لم يحصل الشعب الفلسطيني على الأمن والاستقرار والحرية والأمل بالمستقبل لأبنائه، إننا لن نهون مما جرى على الشعب الفلسطيني من تداعيات هذا العدوان من مجازر ودمار وسقوط عشرات الشهداء ومئات الجرحى بما قد لا يتحمله شعب آخر. ولكن بات واضحا ومن تجارب هذا الشعب مع هذا العدو، انه لا يمكن مواجهته إلا بصناعة القوة وبالأسلوب الذي يفهمه ويردعه، فهو لن يتنازل بالتسويات ولا بالتطبيع معه وهذا ما أثبتته التجارب السابقة”.
وأضاف “لقد راهن العدو الصهيوني أن تخضعوا تحت وطأة إرهابه ومجازره في الحجر والبشر حتى يخرج من المأزق الذي دخل فيه سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، لكنكم بصبركم وجهادكم صنعتم مستقبلكم ومستقبل الأمة وكل من يعاني من غطرسة هذا العدو. إننا نشد على أياديكم في البقاء على ما أنتم عليه من الثبات والصبر والتحدي والاعداد لأن هذا العدو لن يستكين لهزيمته وسيبقى يسعى جاهدا لإعادة الاعتبار لجيشه وثقة مجتمعه به عندما تحين الفرص له، وفي الوقت نفسه ندعو الشعوب العربية والإسلامية وكل الاحرار في العالم أن يقفوا الآن مع هذا الشعب بكل ما لديهم من وسائل كما وقفوا معه خلال العدوان لمساعدته على لملمة جراحاته وبناء ما تهدم”.
ودعا “الدول العربية والإسلامية إلى أن تعتبر أن مطالب الفلسطينيين مطالبها، فلا ينبغي لها أن تكون وسيطة بينهم وبين عدوهم أو أن تفرط فيها سواء التي تتعلق بالقدس أو بالمسجد الأقصى أو ما يتصل بالضفة الغربية أو في الحفاظ على كرامة الشعب الفلسطيني داخل أراضي 48. أما العالم الذي يتحدث عن حقوق الإنسان وحرية الشعوب ويرى نفسه معنيا بذلك فإننا ندعوه أن لا يستمر في سياسة الموازنة بين الجلاد والضحية”.
وابع “في الوقت نفسه نريد لهذه الوحدة الفلسطينية التي عمدت بالدم وتأصلت في فترة العدوان أن تتعزز وتتجذر، ولا سيما أن هناك تحديات كثيرة تنتظر هذا الشعب ابتداء من عملية اعمار ما تهدم او مواجهة الضغوطات التي سيتعرض لها في أي مفاوضات من قبل العدو، فهو لن يستطيع أن يحقق ما يصبو إليه إلا من خلالها، فهي الطريق الصحيح نحو تحرير أرضه واستعادة حقوقه المسلوبة”.
وحيا “كل المقاومين والصابرين في غزة والضفة الغربية وفي الداخل، لنقول لكم إنكم بجهادكم وصبركم وبثباتكم أعدتم العزة والكرامة إلى هذه الأمة، وأثبتم أنكم أوفياء للقدس والمسجد الأقصى وللقضية التي قدمتم ولا تزالون تقدمون التضحيات الجسام من أجلها”.
وقال “نعود إلى لبنان الذي يستمر التأزم فيه على الصعيد المعيشي والاقتصادي على مستوى الغذاء والدواء والمحروقات والكهرباء من دون أن يبدو أن هناك أي بارقة أمل تخرج هذا الوطن من الانهيار الذي من الواضح اننا سنصل إليه. ولا تزال الحكومة التي تشكل وسيلة الخلاص لما يعانيه البلد والشرط الوحيد لمساعدة لبنان ممن يريد مساعدته من الخارج أسيرة المناكفات والصراعات وتبادل الاتهامات بين المعنيين بتأليفها، أو بانتظار ما يأتي من الخارج، فيما يستمر المشهد على حاله حيث من المؤكد أن ليس هناك من أحد من المسؤولين في وارد التنازل للآخر. وإذا كان هناك من يسعى لتحريك المياه الراكدة من خلال مجلس النواب، فإننا نرى أن هذه الخطوة لن تؤدي إلى شيء في ظل الانقسام الداخلي، وليس هذا هو الطريق المناسب لتأليف الحكومة، فالطريق لها واضح وهو التواصل المباشر والاستعداد لتقديم التنازلات لحساب وطن على الجميع العمل لكي لا يتداعى”.
وتابع “نعيد التأكيد على كل من هم في مواقع المسؤولية، أن يتقوا الله في هذا البلد وإنسانه فلا يضيعونه بفسادهم أو بمصالحهم الخاصة، ولا بمواقفهم التي تهدد سلامة البلد الداخلي وعلاقته مع محيطه”.
وحذر السيد فضل الله من “العنف الذي تم التعامل به من قبل البعض مع الإخوة السوريين والذي أثيرت معه الأحقاد والعصبيات واستنفار الغرائز بما يسيء إلى العلاقة بين الشعبين اللبناني والسوري ويترك آثاره السلبية على الداخل اللبناني”.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام