أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: بسم الله الرحمن الرحيم ” يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ” صدق الله العلي العظيم
قبل أن أدخل إلى المناسبة، مقدمة صغيرة حول الوضع الصحي، لأنه أنا في يوم الأربعاء كنا في محاضرة دينية وكانت لدي حالة سعال، ما زال السعال موجود، مما أَقلق بعض المُحبين، أنا أَود أن أؤكد للجميع إن شاء الله أنه ليس هناك أي شيء خطر، أنا لست مصاباً بالكورونا ولا لدي عوارض كورونا، كل مشكلتي أنه حصل لديّ إلتهاب في القصبة الهوائية، وهذا أمر يحصل منذ سنوات نتيجة تغير الطقس أو بعض الإشكالات المعينة، فلذلك أنا أسعل، اليوم بالرغم من أننا أخذنا كل الإجراءات والأدوية والإحتياطات كي نقدر أن نتكلم، لكن قد أضطر إلى بعض السعال لذلك أرجو منكم أن تتحملوني، أُطمأنكم أن لا تقلقوا، لكن إذا رأيت نفسي منزعجاً وأزعجتكم فسوف أختصر الكلمة، وإذا الله سبحانه وتعالى يسر إن شاء الله بدعائكم نُكمل هاتين الكلمتين، اللتان من المفترض أن نتكلمهما اليوم.
نحن في هذا اليوم المبارك والعظيم، والذي أعلنه سماحة الإمام الخميني ( قدس سره الشريف) بعد إنتصار الثورة الإسلامية في إيران يوماً عالمياً للقدس، ومضى الإمام في حياته الشريفة على تأكيد أهمية هذا اليوم والدعوة إلى إحيائه، وبعد رحيله عن هذه الدنيا الفانية إلى مقره الأبدي، أكد على نفس هذا المنهج وهذا الخط وهذا الطريق خليفته سماحة الإمام السيد الخامنئي( دام ظله الشريف)، وهذا هو إلتزام الثورة الإسلامية قي إيران وكل أصدقائها في العالم منذ ذلك الوقت، وهذا على كل حال من القول االثابت ومن الموقف الثابت والراسخ لأن الموقف تجاه القدس وتجاه فلسطين والقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني هي ليست مسألة سياسية بحتة وليست مسألة تكتيكية وليست مسألة آنية أو مرحلية، وإنما هي مسألة عقائدية وإيمانية ودينية وإنسانية وأخلاقية وقانونية، هي مسألة حقٍ مطلق لا يُمكن أن يتغير أو يتبدل بتبدل الأزمنة والأمكنة وما شاكل..
على كل حال، الذين أمنوا وأصحاب القول الثابت الله سبحانه وتعالى يُثبتهم، ولذلك نجد أن الموقف الذي أعلن عنه اليوم سماحة الإمام الخامنئي ( دام ظله) وكل المسؤولين في الجمهورية الإسلامية والقادة في محور المقاومة هو دليل على هذا الثبات، وعندما نقول مسألة عقائدية يعني الإنسان لا يتخلَ عن إلهه ولا عن عقيدته ولا عن دينه، ليس كأؤلئك بعض العرب من أبناء قريش الذين يصنعون آلهةً من تمر، فإذا جاعوا أكلوا بعض هذه الآلهة وباعوا بعضها الآخر.
اليوم هو يوم التعبير عن الموقف الثابت، طبعاً جرت العادة في يوم القدس العالمي أن نُطل على البيئة الإستراتيجية في المنطقة، فيما يُحيط بفلسطين المحتلة وكيان العدو، الوضع الفلسطيني ووضع كيان العدو ووضع محور المقاومة وأُفق الصراع، ونتحدث فيما يرتبط في هذا الجانب، عادةً هذا في يوم القدس، ولكن أنا سوف أُضيف في آخر الكلمة ومن نفس المناسبة حديث عن نقطتين لهما صلة بلبنان من البوابة الإسرائيلية، النقطة الأولى هي مسألة ترسيم الحدود البحرية وما يجري حولها من نقاش ومن مفاوضات، والمسألة الثانية هي المناورة الإسرائيلية التي سوف تبدأ في يوم الأحد وتستمر لأسابيع، وهي مناورة كبرى ومتعددة الجوانب وعلى مستوى الكيان، أيضاً هذا يحتاج لما له من إنعكاسات محتملة على لبنان، أنا أيضاً سوف أتطرق لهذا الموضوع في الجزء الأخير من الكلمة إن شاء الله.
إذا أتينا إلى الحال بعد عام من يوم االقدس السابق، أنا سوف أنطلق من هيكلية حديثي المختصر الذي أَدليت به إلى المنبر الموحد قبل أيام.
أبدأ أولاً من ثبات الشعب الفلسطيني، هذه مسألة مهمة جداً، والتطورات التي تحصل في فلسطين، ثبات الشعب الفلسطيني هو الأساس، أيضاً كُنا نقول دائماً صمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بحقه وعدم تخليه عن القدس وعدم تخليه عن حقوقه المشروعة، وعدم خضوعه للتهويل والتهديد والحصار والإغراء في نفس الوقت، وبقائه في الساحات، وحضوره في الميادين ولو بشكل متفاوت من زمن إلى زمن، لكن المشهد العام هو مشهد حضور ورفض وإباء وتمسك بالحق، هذا مهم جداً، ولذلك أهمية تمسك الفلسطينيين بهذا الحق وبقضية نضالهم ومقاومتهم، هو الذي يُعطي في الحقيقة المشروعية لكل محور المقاومة ولكل مساندة تُقدم للشعب الفلسطيني، سواءً كانت سياسية أو عسكرية أو مالية أو إقتصادية أو معنوية أو إعلامية أو أمنية .. أي نوع من المساندة، لأنه سمعنا الكثير خلال كل السنوات الماضية الذين بعض الدول العربية التي ذهبت أو حتى بعض القوى السياسية في العالم العربي والإسلامي، التي ذهبت إلى التخلي عن المقاومة وصولاً بعضها إلى التطبيع، الحجة أنهم الفلسطينيين هم أنفسهم تركوا، وهذه طبعاً أُكذوبة تاريخية في وضح النهار، يعني كذب من النوع الفاقع والواضح والمُعيب، الفلسطينيون لم يتخلوا لا عن القدس ولا عن أرضهم ولا عن حقوقهم ولا عن لاجئيهم ولا عن دولتهم.. لم يتخلوا، وها هم، هذه الآن أتت أيضاً مناسبة تيار جديدة، ها هم بالرغم من كل هذه السنين يُعلنون تمسكم وهذا هو حضورهم اليوم، ما شَهدناه في القدس الشرقية في باب العمود وما نشهده الآن في حي الشيخ جراح، الفلسطينيون يُواجهون بالأيدي العزلاء جيش وشرطة ومستوطنين مددجين بالسلاح ، والضفة تتفاعل معهم وغزة تتفاعل معهم، إذاً هذه هي النقطة الأولى، هذا تطور مهم، اليوم الإسرائيلي الذي كان يتصور أن جو الإحباط وجو الكورونا والحصار أو الضغوط المالية والإقتصادية، أنه انتهى الفلسطيني لم يَعد لديه نفس كي يقف ويحكي ويشد ويُواجه، خصوصاً في القدس أو في الضفة، هم فوجئوا بهذا الذي يَجري، تُضاف إليها العمليات التي حصلت أيضاً، العمليات العسكرية.
النقطة أو التطور الأهم والأخطر والذي يجب تثبيتها، هذا التطور يجب تثبيته في المعادلات، هو مسألة دخول غزة، قطاع غزة، بمقاومتها العسكرية وصواريخها على خط المواجهة في القدس، دخول الضفة على خط المواجهة أمر عادي وطبيعي نتيجة وجود القدس في الضفة، دخول قطاع غزة بهذا الشكل الذي حصل في الآونة الأخيرة لا يحتاج إلى إستدلال، وهذا طبعاً كان قرار الفصائل الفلسطينية وأصدروا بيانات وتكلموا بشكل واضح وهددوا، يكفي أن نُتابع التعليقات الإسرائيلية، من مسؤولين وغير مسؤولين، ومعلقين ومحللين، ووسائل الإعلام الإسرائيلية، كلها تُجمع على أن هذا تطور خطير جداً جداً جداً، طبعاً تطور خطير لمصلحة الشعب الفلسطيني، تطور خطير وهام وإيجابي لمصلحة المقدسيين وأهل القدس وأهل الضفة الغربية، عندما تدخل غزة في معادلة الصراع، دائماً كان هم العدو فصل غزة عن هذه المعركة، من خلال محاصرتها ومن خلال تهديدها الدائم بالقصف وتهديدها الدائم بالحرب، هذا التطور مهم جداً ويَفتح أفاقاً عظيمة في المقاومة، وأنا أَدعو في يوم القدس العالمي قادة الفصائل الفلسطينية والمقاومين والمجاهدين والشرفاء والثابتين والصامدين إلى مواصلة هذا الموقف وهذا المنهج، لأنه بالتأكيد سيفرض وسيغير معادلات، جزء من معادلات الصراع وجزء من قواعد الإشتباك لمصلحة الشعب الفلسطيني ولمصلحة القدس وحماية المسجد الأقصى وحماية المقدسيين.
إذاً، العنوان الأول: هو الثبات الفلسطيني، وأنا ذكرت قبل أيام وقُلت أن البعض دائماً عندما نَتحدث عن فلسطين من البحر إلى النهر والقدس وعدم التخلي عن القدس يقولون: هل تُريدون أنتم أن تكونوا مَلكيين أكثر من الملك، وأنا قُلت لهم: كلا، لن نكون مَلكيين أكثر من الملك، ونحن واثقون أن الملك هو ملك، وأن الشعب الفلسطيني هو ملك حقيقي وجدير ولائق بأن يَحفظ القدس ويحفظ المسجد الأقصى ويَحفظ أرضه وحقوقه، وعلينا جميعاً أن نُساعده وأن نكون إلى جانبه، وأن لا نَبحث عن تبريرات واعذار وحجج واهية للتخلي عن هذه المسؤولية وعن هذه المعركة، لأنها مسؤولية كل الأمة إلى جانب الشعب الفلسطيني.
الأمر الثاني من الأمور التي سوف نتناولها وبإختصار إن شاء الله، الأمر الثاني هو: ثبات محور المقاومة، أيضاً هذا في بيئة المنطقة مهم جداً وإنعكاسه كبير جداً على القضية الفلسطينية وعلى الصراع مع العدو الإسرائيلي.
لو أخذنا مثلاً بعض عناوين محور المقاومة: العنوان الأبرز: الجمهورية الإسلامية في إيران، اليوم لا يوجد نقاش بين كل دول وقوى المقاومة أن إيران هي الدولة الأقوى في محور المقاومة، بسبب حجمها وإمكانياتها وعدد سكانها وموقعها وقدراتها وتماسكها ونظامها، منذ أكثر من أربعين سنة هناك جهد أميركي وغربي وإسرائيلي وفي المنطقة في الإقليم أيضاً لإسقاط نظام الجمهورية الإسلامية، وإعادتها إلى أحضان أميركا وإلى المعسكر الأميركي الغربي الإسرائيلي، وهذا كُله فشل، الآن الأهم ما نحن فيه الآن كل الرهانات الأميركية والإسرائيلية وخصوصاً الإسرائيلية، وخصوصاً رهانات نتنياهو، فيما يتعلق بإيران، هي سقطت في هذه الأيام، طبعاً مع ذهاب إدارة ترامب، أصلاً عندما كان ترامب يُهدد بالحرب كان سماحة الإمام الخامنئي يقول: لا توجد حرب، الآن لا توجد حرب، لا يوجد شبح حرب، أولويات إدارة بايدن هي أولويات مختلفة، معركته أو صراعه السياسي له علاقة بموضوع الصين، وله علاقة بموضوع روسيا، لذلك الخيار الذي يُعلن عنه وتُعلن إدارته عنه هو دائماً موضوع الإحتواء وموضوع الديبلوماسية والعودة إلى الإتفاق النووي ضمن تسوية أو تصور معين.
اليوم مثلاً، الجمهورية الاسلامية عبرت المرحلة السابقة، لا يوجد تهديد فعلي في الحرب – الآن يجب أن تبقى إيران محطاطة بشكل دائم ولكن نتحدث بحسب ظاهر الأمور – في كل الأحوال العقوبات ستواجه إما أن ترفع من خلال العودة إلى الاتفاق النووي أو إذا لم يعودوا إلى الاتفاق كما تريد الجمهورية الإسلامية فالجمهورية الإسلامية ماضية في مواجهة العقوبات وتحصين قدراتها الاقتصادية الذاتية من خلال كل توجيهات المسؤولين وسماحة القائد وما يفعله الإيرانيون. إذاً إيران عبرت بشكل كبير جداً مرحلة الخطر، ما كان يراهن عليه نتنياهو وحكومة العدو – وهي اليوم موضع انتقاد داخل الكيان – أنه أخذ إيران إلى الحرب، أن تشن أميركا حرباً مع إيران، أو الدول العربية في الجوار تشن حرباً على إيران، هذا انتهى، حتى رهان بعض دول الإقليم، بعض الدول العربية في الإقليم على حرب أميركية على إيران هذا انتهى، وهذا يفسر بعض التبدلات في المواقف الإقليمية. إذاً الجمهورية الإسلامية على قوتها، على ثباتها، على متانتها.
خيارات إسرائيل وأميركا ضد إيران في الموضوع النووي أيضاً خيارات فشلت، يعني أن إيران تتخلى عن حقها في النووي نتيجة العقوبات هذا انتهى، عندما خرج نتيناهو من الاتفاق اليوم حتى الأميركي وحتى خبراء إسرائيليين يقولون أن هذا كان خطأً كبيراً لأن هذا فتح أمام الإيرانيين أن يعودوا ويشغلوا مفاعلاتهم ويخرجوا من العديد من القيود ووصلوا إلى أن خصبوا 60%، بينما لو بقي ملتزماً بالاتفاق النووي لما وصلت الأمور إلى هنا، حتى بعض الاعتداءات التي حصلت على نطنز ردّ عليها الإيرانيون رداً حاسماً وهو في الحقيقة أهم ردّ هو تصعيد تخصيب اليورانيوم لأن هذا هو الذي يرعب إسرائيل، لا يرعبها مثلاً تفجير هنا أو عبوة هناك أو صاروخ هنا بقدر ما يرعبها هذا التطور النووي الهائل السلمي لكن بالنسبة لإسرائيل هو يبقى دائماً موضع قلق.
إذاً إيران في الموضوع النووي، في موضوع النظام، في موضوع تجاوز المرحلة الصعبة، أيضاً هي مقبلة على انتخابات رئاسية جديدة، موقعها في الإقليم، حرص العالم على أن يتفاوض معها ويتحاور معها ويصل معها إلى حلول هذا يعزز مكانتها الإقليمية والدولية.
أيضاً عندما نأتي إلى الإقليم مع إيران والمواقف السعودية الأخيرة وبات معروفاً لم يعد سراً، هذا أعلن بشكل رسمي، الحوار السعودي – الإيراني في بغداد وأيضاً قيل أن اللقاء الثاني حصل واللقاء الثاني كان ايجابي وسمعنا تصريحات ولي العهد السعودي حيث صارت ايران فيها دولة وجارة وحريص على ازدهارها وعلى مصالحها ومصالحها في إيران ومصالح في المملكة العربية السعودية ونريد أن نجري حوارا ًونريد ونريد.. هذا كله تطور في المشهد الإقليمي، وهذا طبعاً يصب في مصلحة محور المقاومة. هنا أريد أن أفتح هلالين لأنه بدأنا نسمع في بعض الصحف الخليجية، بعض الصحف اللبنانية، بعض الفضائيات العربية، أن على أصدقاء إيران أن يقلقوا وأكثر شيء يركزوا علينا نحن، وأنه بالنهاية المفاوضات في فيينا أو الحوار السعودي – الإيراني سيكون على حساب حلفاء وأصدقاء إيران في المنطقة، أنا أولاً أريد أن أطمئن هؤلاء إيران ليست بحاجة إلى أن تؤكد لأصدقائها وحلفائها أنه لن يكون شيئاً على حسابهم وعلى حساب أوطانهم وعلى حساب شعوبهم، لماذا؟ لأن التجربة مع الجمهورية الإسلامية منذ 40 عاماً في أصعب الظروف، في أصعب الأيام، في أحلك المواجهات لم تبع الجمهورية الإسلامية في إيران حلفاءها وأصدقاءها في أي يوم من الأيام ولم تتخلَ عنهم ولم تساوم على مصالح أوطانهم ومصالح شعوبهم بل لم تفاوض عنهم إلا إذا طلبوا هم مساعدتها كصديق وبالتالي نحن من هذه الزاوية نؤيد كل حوار إيراني دولي أو إقليمي أو عربي ونرى أنه يسهم بتهدئة المنطقة ونرى أنه يقوي محور المقاومة وجبهة الأصدقاء ويضعف جبهة العدو ومطمئنون جداً إلى هذا الصديق وإلى هذا الأخ الكبير انطلاقاً من علاقتنا ومعرفتنا الايمانية والأخلاقية وانطلاقاً من تجربة عمرها أكثر من 40 عاماً. الذي يجب أن يقلق هم أصدقاء أميركا في المنطقة وقد قلقوا، يعني إسرائيل الآن في قلقٍ كبير، بعض دول الخليج قلقين ولذلك بدأوا يبدلون لغتهم واتصالاتهم تحت الطاولة وفوق الطاولة وإلى آخره.. الذين يرتزقون على المواقف السياسية وعلاقتهم هي علاقة مال وتجارة هؤلاء يجب أن يقلقوا لأنه يمكن يصبحوا عاطلين عن العمل في المرحلة المقبلة، من هذه الزاوية كونوا مطمئنين وأصدقاء إيران وحلفاء إيران في المنطقة هم على ثقة عالية جداً من هذه زاوية ولا أحد عنده أي قلق، أنتم حلوا مشكلتكم ولا تقلقوا علينا نحن واثقون من أن ما يجري في المنطقة هو لمصلحتنا ولمصلحة هذا المحور بكل دوله وقواه وشعوبه وحركاته المقاومة.
هذا بموضوع إيران، في موضوع سوريا، ذات الشيء، سوريا تجاوزت الحرب، اليوم الأراضي الواسعة التي هي تحت سلطة الدولة، طبعاً موضوع شرق الفرات لم يعد موضوع داخلي بقدر ما هو موضوع احتلال أميركي وتواجد أميركي، حتى موضوع الشمال لو كان موضوع فقط جماعات مسلحة أعتقد كان أمكن الانتهاء منه خلال السنوات الماضية ولكن أصبح موضوعاً إقليمياً يرتبط بالتواجد التركي والمشكل مع تركيا، لكن بشكل عام ما يسمى بالحرب الآن وضعت أوزارها بنسبة كبيرة في سوريا، سوريا مقبلة أيضاً على انتخابات رئاسية، هناك العديد من الدول العربية بدأت اتصالاتها مع الدولة السورية، هناك عديد من دول العالم وحتى ما قيل عن زيارات سعودية إلى سوريا أنا لست الجهة المعنية بأن أؤكد أو أنفي ولكن أنا أعتبر أن هذا أمر طبيعي ومنطقي، في السابق عندما كانت الحرب قائمة في سوريا في زمن الملك الراحل الملك عبد الله وبعده أيضاً، بعد رحيله في ظل الملك سلمان، في كلا المرحلتين السعوديون أرسلوا للقيادة السورية بأنهم يريدون ترتيب العلاقة وهم حاضرون لإنهاء كل الوضع في سوريا وهذا دليل أن الوضع في سوريا لم يكن وضعاً داخلياً بحتاً وإنما تم استغلاله من قبل القوى الإقليمية وقدموا وعوداً طويلة وعريضة مقابل أن تقطع سوريا علاقتها مع إيران، يعني مع حليفها الأساسي القوي الذي وقف إلى جانبها عندما تآمر عليها العالم وهذا كان طبعاً طلباً غير منطقي وغير عقلائي، في كل الأحوال القيادة السورية رفضت، اليوم لا تستطيع السعودية من أجل إعادة ترتيب العلاقة مع القيادة السورية أن تضع شرطاً من هذا النوع في الوقت الذي تذهب فيه السعودية للحوار مع إيران في بغداد ويقول ولي العهد السعودي أن إيران بلد جار ويجب أن تزدهر ونريد علاقات وو… إذاً منطقي، اليوم العديد من دول الخليج فوق الطاولة، تحت الطاولة، العديد من الدول العربية، سوريا في مسار التعافي إن شاء الله.
طبعاً الاستحقاق الكبير والأخطر هو الاستحقاق الاقتصادي ولكن هذا لا تواجهه سوريا وحدها، سوريا، لبنان، العراق، حتى إيران هي تعيش معاناة كبيرة على المستوى الاقتصادي، اليمن، الكثير من شعوب المنطقة، الشعب الفلسطيني في الداخل، أهل غزة في الداخل، ولكن كل هذه الشعوب مصممة على أن تصمد في هذه المرحلة الاقتصادية.
العراق، محاولة إحياء داعش من جديد، هذا الأمر لن ينجح العراقيون يواجهونه بقوة، استهداف الحشد حتى الآن فشل، استهداف قوى المقاومة في العراق حتى الآن فشل.
في اليمن، دخلنا في هذا العام الجديد في الحرب، اليمنيون صامدون، أقوياء، منتصرون، متقدمون، متطورون، زاحفون، والعالم يتحدث عن إنهاء الحرب ولكنهم لا يقدمون على خطوات حقيقية وجدية ولكن في نهاية المطاف ليس أمامهم خيار هم الآن يلعبون لعبة المزيد من الوقت، المزيد من الضغط لتحقيق مكاسب معينة، ولكن الشعب اليمني والذي شهدناه اليوم في ساحات التظاهر والاعتصام تضامناً مع القدس ومع الشعب الفلسطيني هو يعبر أيضاً عن موقفه وعن موقعه. هنا يجب أن أقول بأن وجود اليمن من خلال السنوات الأخيرة والتطورات النوعية في الموقف السياسي، في الموقف الايماني، في الحضور الشعبي، في القوة العسكرية، في القدرات النوعية، هو إضافة نوعية وكمية وكيفية وتاريخية إلى محور المقاومة خصوصاً في ظل هذه القيادة الحكيمة والشجاعة والعزيزة والشابة والواثقة والصادقة في كل ما تقول وفي كل ما تعد.
إذاً في المحور الأمور نحن تجاوزنا مرحلة استهداف وجود المحور، خلال السنوات الماضية كان يقدر لهذا المحور أن يطاح به أصلاً، اليوم عندما نقول نحن خرجنا من هذه المعركة ثابتين، راسخين، أقوياء، بل أكثر قوة من أي زمن مضى، هذا طبعاً تطور مهم في بيئة المنطقة والاسرائيلي يعمل له ألف حساب، الاسرائيلي الذي كان يتحدث عن بيئة استراتيجية قبل عدة سنوات وفرحاً ومرتاحاً ومعتبراً أن المحور كله يتدمر، اليوم الاسرائيلي مليء بالقلق نتيجة ثبات محور المقاومة وتطورات القدرة والحضور في محور المقاومة.
العنوان الثالث، هو التغيرات الدولية، ذهاب إدارة ترامب، مجيء إدارة جديدة، تغيير ولو بحسب بعض الاستراتيجيات أولويات الإدارة الأميركية الجديدة، لا يوجد شك أن هذا سيترك انعكاس على منطقتنا، الاهتمام الأميركي بمنطقتنا، الحضور الأميركي في منطقتنا، هو على كل حال أقلق أصدقاء وحلفاء وعملاء أميركا في المنطقة وأول القلقين هو الاسرائيلي لأنه كلنا نعرف أن قوة الإسرائيلي في الحقيقة، قوته الأساسية والحقيقية هو من هذا التبني والدعم الأميركي المطلق له والحضور الأميركي المباشر في المنطقة.
طبعاً هذه أيضاً تطورات تصب في ملصحة محور المقاومة وفي بيئة المنطقة ومقلقة للعدو بشكل أو بآخر، خصوصاً إذا كرجت مسبحة الانسحابات، الانسحاب من أفغانستان يسير، بعد ذلك ماذا يمكن أن يحصل بموضوع العراق وموضوع شرق الفرات، التخفيف من منطقة الخليج عموماً هذه كلها على كل حال أفكار مطروحة وهي استحقاقات أمام الإدارة الأميركية الجديدة.
العنوان الرابع، هو انهيار بعض المحاور والتحالفات التي كانت قائمة خلال السنوات الماضية،هناك محور ركب سواءً في وجه محور المقاومة أو في وجه محاور أخرى، اليوم نجد بأن العلاقات ما بين بعض دول الخليج وقطر، العلاقات مع تركيا، العلاقات المصرية – التركية، حتى داخل المحور الذي انهار بدأت العلاقات تتوتر، هذا كله يتبين مع الوقت. إذاً المحاور الأخرى التي بدت خلال السنوات الماضية أنها متماسكة وحادة وهجومية الآن واضح أن هذه المحاور إما تفككت أو بردت وأصبحت في موقع الدفاع ولملمت الأوراق ومعالجة المشهد أكثر مما هي في حالة هجوم، انتقلت إلى وضعية الدفاع، إلى وضعية الحفاظ على المكتسبات أو ما أمكن من مكتسبات المرحلة الماضية.
الأهم في هذه النقاط هو ما يرتبط بالاسرائيلي نفسه، نفس الكيان، في الحقيقة هناك عنوان
الأهم في هذه النقاط هو ما يرتبط بالإسرائيلي أي نفس الكيان، بالحقيقة هناك عنوان يستطيع الشخص ونحن اليوم في احتفال “القدس أقرب” يستطيع أن يتحدّث عن تصدّعات في جدار الحصن الإسرائيلي. إسرائيل هذه التي تقدّم نفسها قلعة وتقدم نفسها حصنًا، وقدّمت بيئة استراتيجية مختلفة قبل سنوات، وكانت تتصرّف بعلو وزهو.
اليوم لا “شو بدنا بالعنتريات” وكلام كوخافي طبيعي رئيس الأركان يجب أن يتحدّث بهذه اللغة ووزير حربهم، لكن لندخل بهدوء خلال دقائق إلى قلب هذا الكيان، هذا الكيان مأزوم حقيقة طبعًا. نحن لا نستخفّ بالعدو ولا نستصغر العدو، ولكن يجب أن يكون دائمًا لدينا قراءات صحيحة وواقعية وحقيقية عن واقع العدو أيضًا حتى لا نؤخذ بالهيبة الكاذبة وبالتهويل وبالتهديد ويصاب موقفنا بالوهن. مثلًا من عناوين التصدّع في هذا الجدار هو الأزمة السياسية الداخلية انتخابات أولى، وبعد اشهر عدة انتخابات ثانية، وثم انتخابات ثالثة. ولماذا تتكرر الانتخابات؟ لأنّ هناك شخص مصرّ أن يبقى رئيس حكومة اسمه نتنياهو. هو مصرّ لأسباب شخصية ولأنّه يعتقد بأنّ هذا قد ينجيه من محاكمات الفساد ومن السجن.
إذا في كيان بدأ بقولهم هم، عقيدة، ورؤية، واستراتيجية وأيديولوجيا انتهى إلى كيان وإلى دولة في خدمة شخص اسمه نتنياهو يأخذه إلى انتخابات أولى وثانية وثالثة ورابعة وربّما انتخابات خامسة. بكل الأحوال الآن لم يستطع تشكيل حكومة، وهناك شخصية جديدة ستشكل، يشكل أو لا يشكل أو يذهبون لانتخابات خامسة، هناك مشكل قيادة حقيقية في هذا الكيان.
كلّنا نعرف عندما أي دولة يصبح لديها أزمة قيادة وأزمة قادة وزعماء مع ذهاب الزعماء التاريخيين، هذه من علامات الوهن والضعف وإشارات الأفول. وخصوصًا أنّه اليوم إذا دقّق الشخص بالانتخابات الشخصانية، الأهداف الشخصية، المصالح الشخصية، المصالح الحزبية الخطاب، خطاب الكراهية حتى فيما بينهم.
شو بدنا بكلامهم عن العرب، وماذا يقولون عن العرب؟ خطاب الكراهية فيما بينهم عندما يذهبون إلى الخلفيات العرقية أو المذهبية لديهم، أو حتى ضمن الانقسامات السياسية تقول ولست أنا من أقول. هناك معلقين ومحلّلين استراتيجيين اسرائيليين بدأوا يتحدثون عن أنّ الكيان على حافة حرب أهلية، هذا لا يعني أنه ستحصل حرب أهلية قريبًا. ولكن المسار هو مسار الذهاب إلى حرب أهلية، وهو قلق جدي داخل مجتمع العدو من هذه الحقيقة هذا عنوان.
من جملة العناوين في تصدّع هذا الحصن هو ما جرى في الآونة الأخيرة في موضوع صاروخ الدفاع الجوي السوري الذي وصل إلى مقربة من ديمونا، وأدّى لقلق كبير. أين أين شبكات الدفاع الصاروخي المتطورة والمتنوعة، وعجزت وفشلت. طبعًا أحدث ضجّة كبيرة وتوقف كبير في داخل الكيان.
لا يوجد يقين حتى الآن أنّه إذا اندلعت حرب الآن، إذا أطلق عشر صواريخ أو عشرين صاروخ يمكنكم تنزيل بعضهم، لكن إذا اندلعت حرب حقيقية في المنطقة، وانطلقت فيها آلاف الصواريخ ومن أكثر من جبهة، ومن أكثر من محور. هل الدفاعات الصاروخية الإسرائيلية كفيلة بأن تواجه هذه القدرات الصارخية المتنوعة؟ الإسرائيليون ليسوا على يقين كونوا على ثقة أيّها الناس الإسرائيلي ليس على يقين تحاول القيادة العسكرية طمأنتهم، ولكن هم ليسوا على يقين حتى العسكريين أنفسهم هم ليسوا على يقين.
مأزق الجبهة الداخلية هي الحادثة الأخيرة التي حصلت في نيرون، حادثة التدافع، وكيف تعاطى الناس مع بعضهم البعض، الشرطة والاسعاف والحضور وأجهزة الدولة والإرباك الشديد، بعض المسؤولين الاسرائيليين الكبار أخذوا هذه الحادثة كشاهد على عدم جهوزية الجبهة الداخلية الاسرائيلية لأي حرب. إذا حادثة تدافع فيها عشرات القتلى أو مئات الجرحى وحصل هذا الإرباك وهذه الفوضى العارمة. كيف لو كان هناك حديث عن حرب، وكيف لو كانت حرب كبرى على أكثر من جبهة.
أيضًا فيما يتعلّق بهاجس الموضوع الفلسطيني، والذي أشرت إليه بداية الكلمة أيضًا اليوم هم قلقون جدًا من إمكانية عودة العمليات في الضفة الغربية، هم قلقون جدًا من الدخول دخول قطاع غزة على الجبهة وعلى المعادلة، وهم يصرّحون عن ذلك بقوة وهذه نقطة حيرة شديدة بالنسبة لهم، كيف سيتصرّفون مع هذا التطور، وهذا القلق والحيرة واضحة أيضًا في كلمات الإسرائيليين.
ومن جملة التصدّعات ايضا هو فشل الاستراتيجية الاسرائيلية تجاه إيران أشرت إليها أيضًا في بداية الكلمة، والآن هناك دعوات من كبار المسؤولين بعضهم رؤساء حكومات سابقين يقولون بأنّ استراتيجية نتنياهو خلال كل السنوات الماضية فشلت، واليوم هناك مسؤولون إسرائيليون ومعلّقون كبار يحملون نتنياهو مسؤولية تحريض ترامب على الانسحاب من الاتفاق النووي لأنّ هذا الانسحاب من الزاوية النووية باعتقادهم خدم إيران، ولم يخدم كيان العدو.
في كل الأحوال أيضًا هذه مشكلة، أيضًا في موضوع الجيش وقوة الجيش والتباهي بقوة الجيش. اليوم نحن نقرأ الكثير عن واقع الجيش الإسرائيلي واقع القوات البرية في الجيش الإسرائيلي خصوصًا، حالة ضعف الحوافز والدافعية عند الكثير من الجنود. لا أريد أن أفصل الآن في هذا الموضوع هناك محاولة تضخيم، أنا لا أقول أن الجيش الإسرائيلي ضعيف، ولكن هو ليس قويًا كما يحاول أن يقدّم لنا السيد كوخافي.
إنّ حاجة الجيش الإسرائيلي منذ سنوات إلى الضخ الدائم للمعنويات وللاجراءات وللتدابير هو الذي يدفعه دائمًا إلى هذا التدريب المتواصل والمناورات المتواصلة أكثر جيش يجري مناورات في المنطقة بجيوش المنطقة بحسب معلوماتي، وربّما على مستوى العالم العربي والإسلامي هو الجيش الإسرائيلي لو كان على هذا المستوى من القوة والاقتدار كما يقول هو ليس بحاجة إلى كل هذه المناورات تقريبًا صارت شبه شهرية.
في كل الأحوال هنا نجد أيضًا في كيان العدو تصدّعات واضحة موضوع الفساد وموضوع الصراعات الدينية، وموضوع كيف تعاطوا مع الكورونا، ومشكلة الحارديم ومشكلة المتدينيين. هناك لوائح طويلة، في النهاية عمر أي مجتمع لا ينتهي بسنة أو سنتين، أمراض المجتمع لا تظهر بسرعة، ولكن هذه الأمراض الآن بدأت بعد كلّ هذه السنين وعشرات السنين من قيام هذا الكيان الغاصب والمولود غير الشرعي، كلّ علامات الوهن والضعف والمرض ومؤشّرات الأفول بدأت تظهر بشكل واضح. في الوقت الذي شباب الشعب الفلسطيني يتجدّد، وشباب محور المقاومة يتجدد. إيماننا بالله سبحانه وتعالى، وإيماننا بقضيتنا، وإيماننا بحقنا، وإصرارنا وثباتنا جميعًا في هذا الطريق، هذا الأمر يزداد قوة وحضور وعنفوان وحماسة وثقة ويقين وتوكل. هنا لا يوجد توازن معنوي أصلًا التوازن المعنوي مختل لمصلحتنا، ولمصلحة محور المقاومة.
دعكم من “التعبانين والمالين والمتخلين”، هم أساسًا لم يكونوا يومًا من الأيام جزءًا من هذه المعركة بعض الدول التي تطبّع الآن، هي أصلًا لم تكن جزءًا من المعركة، السودان هي تقاتل في اليمن، ولا تقاتل في فلسطين. بعض الدول العربية أصلًا لم تشهر سيفًا في وجه إسرائيل في يوم من الأيام حتى نقول أنّها تعبت وأغمدت هذا السيف. لم يتغير شيء، المقاومون هم المقاومون، بل هم ازدادوا، ازدادوا قوة وازدادوا عددًا، وازدادوا كيانات، وازدادوا إيمانًا، وازدادوا توكلًا، وازدادوا قدرة، وازدادوا تجربة، وازدادوا يقينًا بالنصر، وفي المقابل العدو واضح. وحتى خطوات التطبيع هذه لن تستطيع أن تقدم له شيئًا. بعض الدول العربية التي تقول أنّها طبّعت هي لا تستطيع أن تقدّم أي حماية لإسرائيل هي تطمع بحماية اسرائيل لها، هو كلّ واحد يذهب ليحمي نفسه، الى الآن الإسرائيلي يستطيع أن يحمي نفسه.
إذًا هذه التطورات مهمّة جدًا، اليوم في بيئة منطقتنا تفتح الأفق، اليوم مسؤوليتنا في يوم القدس أن نقف إلى جانب الشعب الفلسطيني. طبعًا المسؤولية الأولى الشعب الفلسطيني عليه أن يقف ويكمل، ونحن الأمة الاسلامية والعربية، وكل أحرار العالم وليس فقط المسلمين، المسلمون، المسيحيون، كل أحرار العالم يجب أن يقفوا إلى جانب هذه القضية المحقّة، وأن يقدّموا كلّ أشكال الدعم والمؤازرة والمناصرة، وهذه معركة أفقها مفتوح، أفقها مفتوح على النصر ليست معركة بلا أفق، ليست معركة بلا إنجازات ليست معركة بلا انتصارات.
طبعًا الانتصار قد لا يكون قريبًا بالضربة القاضية، الانتصار هو سيكون تراكمي، لكن قد يأتي زمن ويحصل هذا الانتصار بالضربة القاضية، المهمّ أن يستمر هذا المسار.
اسمحوا لي أن أعلّق على نقطتين أخيرتين في موضوع ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، طبعًا للأسف مع كيان العدو، هناك نقاش في لبنان مفاوضات تجري في الناقورة، وآراء لبنانية حول خط الترسيم أو المراسيم التي يمكن أن تصدر، رغم أنّنا نحن عبّرنا عن موقفنا في هذا الموضوع في أكثر من مناسبة، لكن هناك من هو يصر أن يسأل لماذا يصمت حزب الله؟ ودائما يثار بعض الشكوك حول صمت حزب الله، وأحيانا يحاول البعض أن يفسّر صمت حزب الله بأنّه نتيجة إحراجه مع حلفائه.
لا، هذا غير صحيح. بالقضايا الاستراتيجية نحن لا نتصرّف بحرج مع الحلفاء، وعندما يكون لدينا موقف موقفنا يكون واضح، نحن في موضوع الحدود أودّ أن أذكّر سنة 2000 لأنّه هذا قيل، لكن أريد أن أعيده، لأنّ هناك اناس في لبنان تنسى، وهناك اناس أصلًا لا تسمع ولا تقرأ، وما تفكر به ستبقى تتحدث به وتبقى تكتبه.
في عام 2000 بعد التحرير في شهر أيار أنا كان لدي خطاب، وقلت بعد أن درسنا هذا الأمر في قيادة حزب الله لأنّه كان النقاش وقتها موضوع ترسيم الحدود البرية، ولم يتحدث بالبحرية وقتها. أنا قلت إنّ موقفنا الرسمي هو التالي، نحن كمقاومة لن نتدخل لا نتدخل ولن نتدخل في موضوع ترسيم الحدود. وقتها تعرفون جرى نقاش حول موضوع مزارع شبعا، ما مزارع شبعا، امشوا “لينا” نودّ ترسيم الحدود مع السوريين وجرى نقاش بالقرى السبع اللبنانية المحتلة التي ضمت سابقًا، فأيضًا أهالي القرى قالوا هذه قرى لبنانية ونريد من المقاومة وأذكر حيثيات البحث ماذا كانت؟ نريد من المقاومة أن تواصل عملياتها لاستعادة القرى السبع، قدس طربيخا هونين، يومها نحن قلنا هذا سيؤدي لمشكل كبير بالبلد، نحن على كل حال لدينا رؤية عقائدية وفكرية وسياسية الخ.
ولا أريد أن أدخل الآن في الأسباب ولأسباب متنوعة ومتعددة قلنا نحن كمقاومة لا نقول أنّ رأينا هذه هي الحدود أبدًا، لذلك إذا سألنا أحد الآن أين الحدود؟ نحن ليس لدينا علاقة “شوفو” الدولة اللبنانية. الحدود البرية أين؟ شوفوا الدولة اللبنانية، الحدود البحرية أين؟ شوفوا الدولة اللبنانية. نحن تمسَّكنا بمزارع شبعا لأنّ الحكومة اللبنانية بعد التحرير أعلنت أن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من الغجر هي أراضي لبنانية ونحن لم نكن جزءا من الحكومة، حزب الله لم يكن في الحكومة، الحكومة اللبنانية الرسمية، حكومة دولة الرئيس الحص الله يعافيه ويشفيه ويطول في عمره، وفي زمن فخامة الرئيس العماد إيميل لحود حماه الله وكان هذا موقف رئيس مجلس النواب والكثير من الكتل النيابية حفظهم الله جميعا، إن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ويوجد جزء لبناني من بلدة الغجر أراضي لبنانية، ونحن في المقاومة قلنا أن هذه أراضي لبنانية، لست أنا من رسم الحدود، كذلك عندما نأتي اليوم للحدود البحرية، نحن لن نتدخل، لم نتدخل ولن نتدخل، وحتى اذا جاء في الغد سؤال أنتم كمقاومة لا تريدون ان تقولوا للبنانيين هذه هي حدودنا البحرية، لكن أنتم جزء من الدولة، وجزء من الحكومة ومن مجلس النواب، إذا وصلت النوبة للنقاش عن الحدود البحرية والحدود البرية، ما هو موقفكم انتم؟ نحن يمكن حتى في ذاك الوقت لا نعطي رأينا، ونقول نحن ورقة بيضاء، دع بقية اللبنانيين يتحملون مسؤولية الحدود، وتحديد الحدود وترسيمها، الان ما هي أسبابنا، أنا لا أريد ان أخوض فيها، هذا بحث يطول، لكن نحن هذا الموضوع ناقشناه ووجدنا أن مصلحة لبنان والمصلحة الأكيدة للمقاومة أن نبقى نحن بمنأى، وهذا كان في العام 2000، لكن الحلفاء أغلبهم وقتها لم نكن حلفاء ليس له علاقة بأن حلفائنا في هذه النقطة يوجد تباين في وجهات النظر، فنحن محايدون وأخذنا موقف حيادي وجانبي، هذا الموضوع أساسي بالنسبة لنا، وطبعا الدولة والرؤساء والوزراء والجهات المعنية بالترسيم يجب أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية للحفاظ على حقوق الشعب اللبناني، في الارض وفي المياه وفي كل شيء، أن لا تتنازل لا في النفط ولا في الغاز وأن تعرف أنها تستند الى قوة حقيقية، لبنان ليس ضعيفا على الاطلاق، ولا تستطيع لا إسرائيل ولا أميركا أن تفرض على لبنان خيارات لا يريدها اللبنانيون أو خصومهم، بالتأكيد عندما نكون عند قضية تتعلق بترسيم حدود بحرية ومياه ونفط وغاز يجب أن تكون المصلحة الوطنية هي الحاكم المطلق بعيدا عن المصالح الشخصية والحزبية والطائفية والفئوية ومصالح الافراد.
النقطة الثانية الأخيرة فيما يتعلق بالمناورة الإسرائيلية القادمة، هي مناورة ستستمر لأسابيع، مناورة كبيرة جدا، تم التحضير لها خلال كل الفترة الماضية وستشارك فيها على مراحل على ما يبدو جميع القوات العدو المتنوعة، نحن في ظل الوضع القائم والقلق الإسرائيلي نتيجة التطورات في المفاوضات النووية، في ظل التطورات في الداخل الفلسطيني، في ظل الأزمة الداخلية الإسرائيلية، في ظل أزمة نتنياهو السياسية الموجودة في الحكومة الحالية، من حقنا أن ندعو إلى الحذر، الان عادة انتم تعرفون أنني لا أحب أن أخوف الناس، لكن ليس مطلوبا من احد أن يخاف، لكن المطلوب أن يكون في المنطقة عموما وليس فقط في لبنان حذر وان نكون حذرين ونحن في لبنان سنكون حذرين إبتداء من الاحد صباحا، لأن الأحد ستبدأ المناورة، نحن سنقوم بكل الخطوات الهادئة والمناسبة والتي لا تثير قلق أحد في الداخل اللبناني، وبعيدا عن العيون والانظار ولكن يهمنا أن يعرف العدو أنه نحن سنكون حذرين ومستيقظين وحاضرين وجاهزين طبعا بنسبة معينة، تتصاعد هذه النسبة أو تتراجع حسب مواكبتنا التي ستكون دائما في الليل وفي النهار لحركة هذه المناورة، بطبيعة الحال عندما أقول للعدو نحن سنكون حذرين ومستيقظين وجاهزين يعني أنا أحذرهم من أي خطوة خاطئة تجاه لبنان خلال مرحلة المناورة، أي تفكير خاطئ تجاه لبنان أي خطوة ستكون مغامرة من قبل العدو، أي محاولة للمس بقواعد الاشتباك، أي استهداف أمني أو عسكري، قد يفكر العدو أن يلجأ إليه في ظل هذه المناورات الكبرى وبظنه اننا سنكون خائفين أو قلقين أو متربصين أو سنقوم بكثير من الحسابات في الرد على عدوانه، هو مشتبه في هذا الظن، نحن لن نتسامح ولن نتساهل على الإطلاق مع أي خطأ وأي تجاوز وأي حركة عدوانية من قبل العدو الإسرائيلي على كامل الأراضي اللبنانية، سواء كانت امنية أو كانت عسكرية، هذا يجب أن يفهمه العدو وأنا أحب ان أوجه له هذه الرسالة الواضحة اليوم في يوم القدس العالمي، في كل الأحوال أيها الإخوة والأخوات، هذا اليوم سوف يبقى يوما خالدا وسوف يبقى حيا بكم بحناجركم بقبضاتكم وبأقلامكم وبنادقكم وبدماء شهدائكم وبصبرعوائل شهدائكم وبجرحاكم وبجراح جرحاكم وبأنين أسراكم، بكل العذابات التي تتحملونها على المستوى الاقتصادي والمعيشي والحصار والحروب في كل المنطقة، لكن أنا أقول لكل شعوب منطقتنا ولكل قوى المقاومة ولكل دول المقاومة هذا المسار هو المسار الصحيح، هو المسار الذي يرضاه الله سبحانه وتعالى، هو مسار في عين الله سبحانه وتعالى ونحن نمشي في هذا المسار كلنا بإخلاص وبصدق وباستعداد عالي للتضحية وبدون كذب وبدون ملل وبدون تعب وبدون ضجر ولا يأس، نواصل العمل في الليل وفي النهار، قدراتنا تكبر، العدو لن يستطيع ان يمس بقدراتنا، العدو لن يستطيع أن يوقف التطور النوعي والكمي في قدرات حركات المقاومة ومحور المقاومة في المنطقة، بالرغم من كل ما يفعله، حتى ما يلجأ إليه تحت تسمية المعركة بين الحروب، اليوم هناك الكثير من النقاش في داخل الكيان حول جدوى هذه الحرب وأنها لن تؤدي إلى أي نتيجة حقيقية وواقعية، إذا مسارنا هو مسار إيجابي، ومسار جدي، ما نحتاجه هو مزيد من الصبر ومزيد من التحمل ومزيد من العمل والمزيد من التضامن والتكافل والتعاون وترابط الساحات والعمل بجد بكل الإمكانات والطاقات وعدم الخضوع وعدم الإستسلام والله سبحانه وتعالى هو الذي وعد الصابرين والمجاهدين والمقاتلين والمضحين والمخلصين، وعدهم الصبر والنصر وبالقوة ووعدهم بالغلبة وبالمنعة ونحن نرى هذه بشائر الوعد الإلهي تتحقق منذ سنوات طويلة من خلال زمن الانتصارات الذي دخلنا فيه، أسال الله سبحانه وتعالى لكم جميعا التوفيق والتسديد والتأييد في مواصلة هذا الطريق الالهي الجهادي الإيماني الإنساني الأخلاقي ونأمل إن شاءالله ببركة هذ الأيام العظيمة وهذه الليالي الشريفة وبدعاء كل الأولياء الصالحين والمؤمنين والمؤمنات والأطهار والصادقين والصادقات أن يمن على الشعب الفلسطيني بالحرية وان يمن على القدس وفلسطين بالحرية والكرامة، وأن يمن كل شعوب منطقتنا بالحرية وبانتهاء الحروب، وبالسلام والامن والازدهار وبالتطور وبالقوة وبالوحدة وبالتكامل والتظافر وبهناءة العيش، بالعيش بكرامة بالحياة الطيبة، إن شاء الله إذا كنا أصحاب إرادة وعزم الله سبحانه وتعالى يمن علينا وعليكم بذلك، كل عام وأنتم بخير وموفقين وتقبل الله صيامكم وقيامكم، بالمناسبة من أجل ان يوم الأربعاء إلتزمنا فيه أسبوعيا الان بإعتبار أنه ممكن ان يكون ليلة عيد فإن شاء الله أنا أكون معفى من تلك الليلة، كل عام وأنتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: العلاقات الاعلامية في حزب الله