ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الخميس 11-03-2021 في بيروت على فتح الطرقات المقفلة من دون أن يحتاج الجيش اللبناني الى خوض أية مواجهة مع متظاهرين فرغت منهم الشوارع بعدما أظهر يوم أول أمس خذلان الشعب لأصحاب دعوات النزول الى الشوارع وقطع الطرقات، فانتهت أيام الغضب لغياب الوقود اللازم لإشعالها وهو الناس.
الأخبار
«فرار» جماعي للأطباء
الخليج وجهةً أولى فالعراق وأميركا وأوروبا ثم أفريقيا
100 طبيبٍ على الأقلّ غادروا لبنان أخيراً إلى غير رجعة بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة. المخيف هنا ليس الرقم في حدّ ذاته، بقدر ما هو المكان الذي غادروا منه. فهؤلاء جميعاً غادروا من مركزٍ طبي واحد! والمقلق أكثر في ظاهرة «الفرار من الخدمة الطبية» أن معظم المهاجرين من جيل يشكّل صلة وصل بين المتخرجين الجدد والأطباء المخضرمين، ما يهدّد بخسارة البلاد ريادة لطالما عرفت بها.
شيئاً فشيئاً، ينسحب الأطباء من المشهد الاستشفائي في لبنان. البلد الذي لطالما عُرف بـ«مستشفى العالم العربي» يكاد يصبح من دون «دكاترة». عدد كبير من الأطباء، في ظل الأوضاع الراهنة، اتخذ قراراً حاسماً بالهجرة للتأسيس والعمل خارجاً، فيما آخرون لا يزالون يدرسون القرار. هجرة الأطباء بدأت بالتدحرج مع انفجار الأزمة الاقتصادية، لكن، اليوم، بات مشهد الرحيل أكثر وضوحاً، إذ لم يعد «الفرار» فردياً، مع تخطّي أرقام من رحلوا أو من هم يتجهّزون للرحيل العتبة الطبيعية.
في نقابة أطباء لبنان في بيروت، وصل عدد طالبي إفادات من النقابة بشأن أدائهم وسلوكهم إلى نحو 600، «وهم في غالبيتهم من الأطباء الذين يقصدون فرنسا وبلجيكا حيث تطلب المراكز الطبية هناك تلك الإفادة، فيما لم يطلب الإفادة من ذهبوا إلى بلاد أخرى»، بحسب نقيب الأطباء شرف أبو شرف، مرجّحاً أن يكون رقم المهاجرين «أضعاف ما هو مسجل».
الحال نفسها تنطبق على نقابة أطباء الشمال التي تقدّر نسبة من هاجروا أو من ينتظرون عروضاً بما بين 20 إلى 30% من عدد الأطباء، وهو رقم غير نهائي، في ظل مغادرة أطباء من دون المرور بالنقابة.
من المؤكد أن ما من مبالغة في تلك الأرقام. يكفي فقط رقم الـ100 طبيب الذين تركوا مستشفى الجامعة الأميركية أخيراً الى الخارج كي تكتمل الصورة. الأمر نفسه يحدث في مستشفيات أخرى كبرى، كـ«الروم» و«كليمنصو الطبي»، من دون أن تتضح الأرقام النهائية، لأن البعض «لا يزال يطّلع على العروض أو ينتظر ردوداً»، على ما يقول أحد الأطباء الذين اتخذوا خيار الرحيل، مؤكداً أنه كلما سنحت فرصة هجرة لأحدهم «ما عم يقصّر».
المقلق في تلك الظاهرة ليست الأرقام في حدّ ذاتها، بقدر ما هي الفئة العمرية «التي يعوّل عليها في القطاع الاستشفائي»، على ما يقول أبو شرف؛ إذ إن أعمار غالبية المهاجرين تراوح ما بين 35 و55 عاماً، وهذه الفئة العمرية، بحسب أحد الأطباء، «تشكّل عصب القطاع والجيل الأهم الذي تعوّل عليه المؤسسات الاستشفائية». صعوبة «اختفاء» هؤلاء تكمن في فقدان صلة الوصل مع جيل جديد «يتعلّم منهم»، لكونه غير متمرس بما يكفي، ومع جيل كبير لا يملك التقنيات التي تملكها الفئة المهاجرة، وهو ما يحدث فراغاً كبيراً. ومن شأن هذا الفراغ والازدياد في أعداد المهاجرين أن ينعكس على شكل بدء خفوت الدور الريادي للقطاع الاستشفائي اللبناني.
ولئن كانت هذه الهجرة قد بدأت خجولة بعد انطلاق تحركات 17 تشرين الأول 2019، إلا أنها بدأت تأخذ شكل الظاهرة عقب انفجار الرابع من آب الماضي، عندما حدثت القفزة في الأرقام. وبالتوازي، بدأت تتظهّر أيضاً وجهة السفر، إذ إنها، بحسب أحد الأطباء المطلعين، تنحصر في أربعة خيارات أساسية، أولها دول الخليج التي تشهد «فورة في افتتاح المؤسسات الاستشفائية، وهي بالتالي تحتاج إلى كادر طبي وعاملين». أما الوجهة التالية فهي العراق، «خصوصاً السليمانية وكربلاء»، ثم أميركا وأوروبا «لمن يملك القدرة على الوصول». وتحل القارة الأفريقية كخيار أخير «لمن تنعدم أمامهم الخيارات الثلاثة الأولى». وإلى ذلك، يضاف الشق التقني المتعلق بـ«شهادات الطبيب، إذ إن من يفكرون بالرحيل هم غالباً ممن يملكون شهادات معترفاً بها في الخارج».
«أي وجهة أفضل من البقاء هنا»، يقول طبيب آخر بات في عداد المهاجرين، مشيراً الى أنه «رغم أننا مضروبون بحجر كبير بسبب الاعتقاد السائد بأن الطبيب يمصّ دم المريض»، إلا أن الأطباء، شأنهم شأن بقية الفئات، يعانون من تدهور الأوضاع الاقتصادية التي تدفعهم الى هذا «الخيار الصعب»، حيث «لم يعد مدخول الطبيب يوازي ما عليه من التزامات، كالتعليم والمعيشة والسكن»، بعدما فقدت رواتبهم قيمتها الشرائية الفعلية. أضف إلى ذلك «التنافر» بين اهتماماتهم «كأطباء ومواطنين واهتمامات إدارات المستشفيات وشركات التأمين ووزارة الصحة العامة». وقد جاءت أزمة كورونا لتحسم الأمر، خصوصاً في ظل خفة تعاطي المستشفيات مع الأطباء في أبسط حقوقهم بالحماية، عبر التقتير في التجهيزات الوقائية وأدوات الحماية.
هل تتوقف الظاهرة هنا؟ واقع الأطباء يوحي بأن «الانفجار في الأرقام آتٍ»، يقول أحدهم، منطلقاً من فكرة أساسية مفادها أن الغالبية تحسم خياراتها في حزيران وما بعده، «خصوصاً لمن يفكرون بالرحيل نهائياً مع عائلاتهم بعد انتهاء موسم المدارس».
… والقطاع التمريضي يخسر المعركة أيضاً
لا يشكّل «الفرار من الخدمة» علامة فارقة في القطاع الطبي وحده، إذ إن الهجرة تسحب اليوم أيضاً عدداً كبيراً من الممرضين والممرضات. هنا، تبدو الصورة أكثر سوداوية، وخصوصاً في ظل الترك الجماعي الذي يمارسه هؤلاء. وفي هذا الإطار، تشير نقيبة الممرضات والممرضين في لبنان، ميرنا ضومط، إلى أن أعداداً كبيرة تترك لبنان، مؤكدة أن «هناك العشرات ممن يتركون من المؤسسة الواحدة». وتكمن الخطورة هنا في أن من يهاجرون هم من حملة الشهادات الجامعية وأصحاب الخبرة، أي «الذين نتّكل عليهم بالتدريب وبحضورهم في الطوابق وبكل ما له علاقة بالأمان». بقدر ما تدرك خطورة هذا الأمر، لا تجد ضومط ما يدفع بهؤلاء للبقاء حيث هم، «لا المعاشات التي تخجل ولا التعاطي معهم من قبل المستشفيات. فإلى الآن، إذا أصيب أحد العاملين بفيروس كورونا، تحسم فترة الحجر الصحي من راتبه، أضف إلى ذلك أنهم لم يعطوا أي حوافز برغم أنهم في الواجهة بالتعامل مع فيروس كورونا». وتنبّه الى أنه «بعد كم شهر «ستفرغ طوابق مستشفيات من الممرضين، في ظل «نمط الهجرة» السائد، إذ إن من يسافرون «يأخذون معهم عائلاتهم، وهذا يعني أن لا عودة أبداً». وهذه «خسارة لأنهم لن يعودوا، ولن نكون قادرين على تعويض هذا الغياب». وتلفت إلى أن معظم الذين تركوا كانت وجهتهم أوروبا وأميركا والسعودية والإمارات.
نقابة الأطباء: لربط التعرفة بمؤشر الغلاء
أسوأ ما يعيشه الأطباء في مهنتهم هو الحصول على بدل أتعابهم من الجهات الضامنة، والتي تأتي «محسومة»، ومتأخرة عن موعدها عاماً وفي بعض الأحيان عامين، علماً بأنها لم تعد تفي بالغرض في ظل الانهيار المالي. وقد كان هذا الجانب سبباً آخر من أسباب اتخاذ القرار بالرحيل.
ولتحفيز الأطباء على البقاء والحدّ من هجرتهم، أعادت نقابة الأطباء في بيروت تحريك قانون فصل الأتعاب، مطالبة الجهات الضامنة بتطبيقه، بحيث تودع هذه الجهات أتعاب الأطباء في حساباتهم مباشرة، بدلاً من تحويلها مع حسابات المستشفى، إلا «أن أحداً لم يتجاوب باستثناء وزارة الصحة العامة التي تطبق القانون وحدها»، على ما يقول النقيب شرف أبو شرف. وأخيراً، رفعت النقابة جملة كتب إلى الجهات والصناديق الضامنة لمطالبتها برفع تعرفة الاستشفاء بما يتلاءم مع مؤشر غلاء المعيشة، إلا أن «وزارة الصحة والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي رفضا هذا الطلب، فيما لم تجب الجهات الأخرى». وهذا يعني أنه «ما مشي»، على ما يضيف أبو شرف. لذلك، في ظل انعدام الحلول، يلجأ الأطباء إلى خيارين: أولهما ترك البلاد، وثانيهما تحميل تكاليف الأتعاب للمرضى، وإن كان الشكل الأخير من الحل «غير مقبول»، برأي أبو شرف.
البناء
السعودية وموسكو للتعاون في وقف حرب اليمن وعودة سورية إلى الجامعة العربيّة
خذل الشعب أيام الغضب… تريّث سياسيّ بعد كلام قائد الجيش… ورعد إلى موسكو
هل يؤمّن منح التيار للثقة إقلاع الحكومة… وماذا عن الكهرباء وعدم توافر الفيول؟
يتحرك المشهد الإقليمي بالتوازي على مسارات متعددة، وفي ما يتصدر الملف النووي الإيراني الملفات ويسجل اتصالاً من رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون بالرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني، يبدو تحرّك وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف في الخليج، الذي يشمل بالإضافة للإمارات والسعودية زيارة قطر، لتسويق خطة روسية لتفعيل مساعي الحل السياسي في سورية عبر إدخال الجانب العربيّ طرفاً لإقامة توازن مع الحضور التركي، بالتوازي مع الدعوة لعودة سورية الى الجامعة العربية، وجديد التحرك الروسي هو التوصل مع وزير الخارجية السعودية الى اعلان مشترك عن التعاون في مساري وقف الحرب في اليمن وعودة سورية الى الجامعة العربية.
لبنانياً، تم التوقف أمام لقاء لافروف بالرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، والذي قالت مصادر متابعة إنه لم يتجاوز الإطار البروتوكولي والتقليدي بالنسبة للجانب الروسي تلبية لطلب الحريري لقاء لافروف، الذي فاتح الحريري بمسعى روسي لتفعيل خطة إعادة النازحين السوريين من لبنان الى سورية، بالتعاون مع دول الخليج، وضرورة اهتمام الحكومة اللبنانية المقبلة بهذا الملف ضمن أولوياتها، بينما تستعد موسكو لاستقبال وفد من حزب الله برئاسة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، في محادثات قالت المصادر المتابعة إنها ستتضمن بحثاً بملفات أبعد من الملف اللبناني، تطال أوضاع المنطقة والتعاون الروسي مع حزب الله في سورية، بالإضافة الى تدعيم المساعي لتشكيل حكومة جديدة.
في الشأن الداخلي فتحت الطرقات المقفلة من دون أن يحتاج الجيش الى خوض أية مواجهة مع متظاهرين فرغت منهم الشوارع بعدما أظهر يوم أول أمس خذلان الشعب لأصحاب دعوات النزول الى الشوارع وقطع الطرقات، فانتهت أيام الغضب لغياب الوقود اللازم لإشعالها وهو الناس. وجاء كلام قائد الجيش ليجلب القلق للقوى السياسية التي راهنت على التفرّد بالإمساك بنتائج الأزمات المعيشيّة، فوجدت قائد الجيش يتقدم عليها شعبياً وربما يتفوّق عليها بالنقاط سياسياً في الداخل والخارج كمشروع إنقاذ، فسحبت شوارعها من الحراك تحسباً لتجييره لسواها، وكان اللافت أن القوى السياسيّة التي كانت تتسابق على مزاعم أبوة الحراك في الشارع، وادعاء قيادته، تنافست هذه القوى في إعلان التبرؤ من مشهد الشارع، وفي مقدّمتها حزب القوات اللبنانية.
على الصعيد الحكومي، بعد عودة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، يدور النقاش حول منح التيار الوطني الحر الثقة النيابية بالحكومة كضمان لميثاقيتها مسيحياً وترجمة لنيل رئيس الجمهورية ستة وزراء، وهو حجم تمثيل يرتبط عادة بحصة الرئيس والتيار معاً، وفي حال تم حل هذه العقدة يصير الرئيس الحريري عاجزاً عن التملص من قبول المبادرة والصعود الى بعبدا لحسم مصير حقيبة الداخلية، وفقاً لمعادلة التسمية والاختيار بين الرئيسين، بينما يعقد مجلس النواب جلسة تشريعية يوم غد الجمعة، وتدرس اللجان النيابية الثلاثاء تشريع منح سلفة خزينة لشراء الفيول لكهرباء لبنان، تقول مصادر وزارة الطاقة إن لبنان سيغرق في العتمة آخر الشهر ما لم يتم تأمين الفيول خلال الأيام المقبلة.
لا يزال لبنان تحت تأثير موجة الأحداث الأمنية التي شهدتها مختلف المناطق اللبنانية خلال الأيام القليلة الماضية، إلا أن الحركة الاحتجاجية في الشارع تراجعت وفتحت أغلب الطرقات المقطوعة وبدت الحياة شبه طبيعية أمس.
أما الأسباب بحسب مصادر مطلعة، فهي القرار الرسمي الحازم الذي صدر بعد الاجتماع الأمني القضائي النقدي في بعبدا بتكليف الاجهزة الامنية بفتح الطرقات أمام المواطنين وضبط الأمن في المناطق، والسبب الثاني فشل أحزاب القوات اللبنانية والكتائب والمستقبل والاشتراكي في الحشد الشعبي في الساحات والطرقات فبقي الاستثمار السياسي محدوداً وبقيت القوات وحيدة في الميدان بعدما انسحب رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط موجهاً انتقادات لاذعة لرئيس القوات سمير جعجع، والسبب الثالث إعادة تحريك المشاورات غير المباشرة بين بعبدا وبيت الوسط بعد عودة الرئيس المكلف سعد الحريري الى بيروت عائداً من ابو ظبي بعدما التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
إلا أن محاولات اللعب الأمني في الشارع لا يبدو أنها ستتوقف لا سيما مع تلقي عدد من المجموعات الدعم المالي الخارجي ورهانهم على حياد الجيش اللبناني والنأي بنفسه عن الأحداث في الشارع كما حاول الإيحاء بعض المشاركين في التحركات. ودعت مجموعات تنسب نفسها لحراك 17 تشرين أنها ستنزل إلى ساحة الشهداء وساحات أخرى السبت المقبل ونصب الخيم حتى إسقاط الطبقة السياسية.
وتوقعت أوساط سياسية لـ«البناء» أن تبقى حالة التوتر في الشارع الى أمد طويل حتى التوصل الى تسوية سياسية تنتج حلاً حكومياً وتبدأ عملية حل الأزمات المتعددة. مشيرة الى أن «هذا الحل لن يأتي بحوار داخلي أو تسوية محلية، بل بتوافر عوامل وظروف خارجيّة وتقاطع مصالح إقليمية دولية تفرض نفسها على الساحة اللبنانية، كالتوصل الى تفاهم بين إيران والمجتمع الدولي على الملف النووي، وعلى الحل السياسي في اليمن، وغير ذلك سيبقى لبنان في دائرة الخطر والفوضى الاجتماعية والأمنية لكن تحت سقف أمني مضبوط، فالانهيار الكامل والشامل ليس من مصلحة أحد، لأنه بالتأكيد سيمسّ بالتوازنات القائمة في لبنان وفي المنطقة». ودعت المصادر الى «ترقب نتائج الحركة والمبادرات العربية تجاه سورية في ضوء موقف دولة الإمارات الأخير بضرورة عودة سورية الى الجامعة العربية وإعادة العلاقات معها»، وأيضاً موقف السعودية الذي أعلن وزير خارجيّتها فيصل بن فرحان أمس أن «سورية بحاجة إلى العودة لحضنها العربي والتمتع بالاستقرار والأمن«.
ورغم الإجراءات الأمنية والقضائية والنقدية التي اتخذت في اجتماع بعبدا وتنفيذ بعضها على الأرض، إلا أن المواطنين لم يشعروا بنتائجها في أسواق الصرف والمواد الغذائية والمحروقات وكأن مجموعة من الأشباح تتحكم بالأسواق وتهدد الأمن الاجتماعي للمواطنين.
وحمّل خبراء في المال والنقد حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف وكبار الصرافين والمستوردين مسؤولية ارتفاع سعر الصرف، وكشفت مصادر نيابية ومصرفية أن «مصرف لبنان يسحب أموال المغتربين بالدولار التي تصل الى لبنان وتقدر بـ 150 مليون دولار شهرياً، عدا عمّا يحمله القادمون عبر المطار، أي ما يفوق 3 – 4 مليارات دولار في السنة».
وأعلنت المديرية العامة لأمن الدولة عن مداهمة «محال ومنازل أشخاص يزاولون مهنة الصرافة من دون ترخيص في كل من جبل لبنان والبقاع وأوقفت عدداً منهم وضبطت بحوزتهم مبالغ كبيرة من العملات الأجنبية المختلفة والليرة اللبنانية، وعدداً من الحواسيب والهواتف الخلوية العائدة لهم، فتمّت مصادرتها وإحالتها للتحليل للتوسّع بالتحقيق، وتم اتخاذ الإجراء القانوني المناسب بحق الموقوفين بناء لإشارة القضاء«.
وفي موازاة محاولات اللعب في الاستقرار الأمني والسلم الأهلي يعيش المواطن في دوامة الأزمات التي لا تنتهي ولا تتمكّن الحكومة والأجهزة المتنوّعة من مواجهتها وإيجاد الحلول لها، فينام المواطن على أزمة ويصحو على أزمة أخرى، من الكهرباء الى الدولار وارتفاع أسعار المواد والسلع الغذائية والمحروقات التي سجلت ارتفاعاً ملحوظاً أمس، والمرشح للمزيد بحسب ممثل موزّعي المحروقات فادي أبو شقرا الذي بشّر اللبنانيين بارتفاع في أسعار المحروقات في الاسابيع المقبلة، وقال إن «الدولة غير قادرة على الاستمرار في الدّعم».
وبعد المواقف التصعيدية التي أطلقها قائد الجيش العماد جوزاف عون وتحذيره الطبقة السياسية من تداعيات الأزمات على معنويات وصمود الجيش في القيام بكافة الأدوار المولج بها لا سيّما تدنّي قيمة رواتب العسكريين بسبب ارتفاع سعر الصرف، أعلن النائب علي حسن خليل أنه «تقدّم باقتراح قانون معجل مكرر بإعطاء دفعة مالية بقيمة مليون ليرة لبنانية شهرياً لكل ضباط وعناصر القوى العسكرية والأمنية لمدة 6 أشهر نظراً للظروف الاجتماعية والمالية ولأهمية الدور الاستثنائي الذي تقوم به».
وفيما حذّر أكثر من مصدر أمني رسمي من دخول جهات استخبارية أو خلايا إرهابية على خط التوتر في الشارع وتنفيذ عمليات إرهابية واغتيالات لتفجير الوضع الأمني وأخذ البلد الى انقسام طائفي وسياسي كبير. برزت المواقف التي اطلقها وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، محمد فهمي، حيث اعتبر أن «الوضع المعيشي والاجتماعي السيئ أوصل الناس الى النزول الى الشارع والى قطع الطرقات»، معتبرا أن « القوى الأمنية تُستنزف»، معلناً أن «البلد مكشوف على الاحتمالات كافة وليس فقط اغتيالات». وكشف فهمي أن «القوى الامنية تُستنزف كلّ يوم ووصلنا الى الحضيض وبغير مقدورنا تنفيذ 90% من مهامنا لحماية الوطن والمواطنين بالإضافة الى أنّ آلياتنا نصفها معطّل والى انّ قيمة رواتب القوى الأمنية تراجعت بنسبة كبيرة». وحذّر من أن «الوضع الأمني تلاشى اليوم كلياً والبلد مكشوف على كافة الاحتمالات ليس فقط اغتيالات»، بل «الله اعلم شو»، مطمئناً في الوقت نفسه إلى أن «القوى الأمنية من أمن عام وجيش وكافة الأسلاك الأمنية الأخرى تعمل بكلّ جهدها لحماية لبنان».
وانعكس الوضع الأمني في الشارع على الوضع السياسي بين القوى المسيحية لا سيما على العلاقة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية المتوترة أصلاً منذ انهيار اتفاق معراب.
وبعدما اتهمت القوات إعلام التيار الوطني الحر بالتسويق بأن القوات تقف خلف قطع الطرقات، ردّ التيار في بيان معرباً عن أسفه «لتمرّس القوات أكثر فأكثر في الكذب والنفاق السياسي، من خلال إصرارها على رمينا بما ارتكبه أزلامها، وهو ما دأبت عليه طوال الأعوام الماضية من افتراءات وإشاعات وأضاليل».
وعلى الرغم من عودة الحريري إلى بيروت، فإن الملف الحكوميّ لم يتقدم خطوة واحدة وسط ترقب لاجتماع يعقد خلال الساعات المقبلة بين الحريري والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم للبحث في الطرح الأخير الذي وافق عليه الرئيس عون. وأشارت أوساط التيار الوطني لـ«البناء» إلى أن مماطلة الرئيس المكلف وتجواله وترحاله المتكرر ورفضه المقترحات الوسيطة وغياب أي مبادرة منه باتجاه بعبدا لتأليف الحكومة يثبت بالوجه الشرعي أن المسؤول عن تأخير التأليف لغايات في نفس الحريري وحساباته الشخصية والمالية والسياسية». وتساءلت ماذا حققت كل تلك الزيارات الخارجية؟ هل جاءت بالحلول الحكومية والاقتصادية والمالية؟
ونقلت قناة «أو تي في» عن أوساط مقربة من بعبدا أن «رئيس الجمهورية وبعد كل المبادرات وكل التسهيلات التي قدمها تحت سقف الدستور لا يزال ينتظر جواباً من الحريري، فيما الأخير غائب عن السمع كلياً، فهو لا يعلم من أي عاصمة سيستمد قراره وهنالك علامات استفهام كبيرة توضع على غيابه خلال حصول احتجاجات شعبية»، متسائلة «ألم يدرك الحريري بعد أن سياسة استدراج الخارج الى الداخل اللبناني لا تأتي بثمار لأنه مكلف تشكيل حكومة الجمهورية اللبنانية التي يرأسها ميشال عون»؟.
وفيما أفيد أن رئيس كتلة الوفاء للمقاومة سيتوجه الى روسيا على رأس وفد لإجراء مباحثات حول الوضع السياسي والحكومي في لبنان، أعلن مستشار رئيس الجمهورية أمل أبو زيد، في حديث لـ «سبوتنيك» ان «هناك تطورات كثيرة في ما يتعلق بالأوضاع السياسية اللبنانية وروسيا تعتبر نفسها معنية بطريقة غير مباشرة، بحكم قربها وعلاقاتها الجيدة مع كل القوى السياسية في لبنان».
وشدّد أبو زيد على أنه من «الضروري أن يكون هناك تفاهم بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف للاتفاق على صيغة نهائية للحكومة، والحل يجب أن يكون لبنانياً – لبنانياً، وليس لبنانياً مفروضاً من الخارج، وإلا إذا لم يتم التوصل إلى هذا الاتفاق فسنبقى ندور في حلقة مفرغة».
وفيما خطفت الأزمات المعيشية والأحداث الأمنية في الشارع الأضواء، بقي الخطر الصحي المتمثل بوباء كورونا في واجهة الاهتمام في ظل ارتفاع عدد الإصابات، إذ أعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 3581 إصابة جديدة بفيروس كورونا في لبنان، رفعت إجمالي الحالات المثبتة إلى 405391. وسُجلت 46 حالة وفاة جديدة، رفعت الإجمالي إلى 5180. فيما بلغت حالات الشفاء 316800.
وأبدت مصادر صحية رسمية أسفها لبقاء عداد الاصابات مرتفعاً في المرحلة الثالثة من خطة إعادة الفتح، وأبدت خشيتها من أن يواجه لبنان موجة إصابات جديدة خلال الشهرين المقبلين بسبب حلول عيد الفصح ويليه عيد الفطر وما يتخلله من حركة كثيفة في الأسواق وتجمعات ومناسبات اجتماعية. وأوضحت المصادر لـ«البناء» أن تقييم المراحل الثلاث ليس ايجابياً رغم نجاح الإجراءات الأخيرة بخفض عدد الإصابات الى النصف من 6 آلاف الى 3 آلاف، لكن المصادر لفتت الى أنه ومع اعادة فتح أغلب القطاعات التجارية والاقتصادية واعادة تجول المواطنين في الشوارع والحركة الكثيفة في الأسواق والتظاهر من دون التقيد بإجراءات الوقاية الصحية أدى ذلك الى رفع عدد الإصابات. كما كشفت أن خطة التلقيح تواجه عقبات واشكاليات عدة أبرزها عدم وجود العدد الكافي من اللقاحات لتلبية المستهدفين في المرحلة الأولى من عملية التلقيح اضافة الى الانتقائية في التلقيح ومخالفة المعايير الموضوعة من قبل اللجان العلمية ومنظمة الصحة العالمية.
المصدر: صحف