يستمر ملف تأليف الحكومة في لبنان التي كُلف سعد الحريري بتشكيلها، بالدوران في حلقة مفرغة بدون الوصول الى النتائج المرضية التي تقبل بها الأطراف المعنية بهذا الموضوع، كما ان الاتهامات بالتعطيل تتقاذفها العديد من الجهات بدون ان يقدم ذلك او يؤخر بل انه يؤدي بالمحصلة النهائية الى مزيد من توتير الاجواء وتعقيد الحل بدل تسهيله، ما يساهم بإطالة أمد الازمة التي يعاني منها بالدرجة الأولى الشعب اللبناني مجتمعا لا فرق في ذلك بين فئة او منطقة واخرى.
وانطلاقا من ذلك تطرح العديد من التساؤلات عن الاسباب التي تمنع ولادة الحكومة، ففي حين يوجه البعض أصابع الاتهام الى الخارج ، هناك من يرى ان العرقلة محض داخلية ولا داعي لتحميل الامور اكثر مما تحمل وانتظار المساعدة الخارجية، والحقيقة انه لو بادرت الاطراف الداخلية لحل الملف الحكومي فلن يمنع أحد ذلك ولو اتفق الداخل فإن الخارج سيذعن للارادة اللبنانية أيا كانت.
ولكن لماذا كل هذه المماطلة والتمسك ببعض التفاصيل بدون تقديم التنازلات والتنازلات المقابلة بما يؤدي الى الوصول بشكل أسرع الى ولادة الحكومة، وماذا يحتاج الامر كي نصل فعلا الى الاتفاق على التفاصيل المتعلقة بالتشكيلة الحكومية واتمام عملية التأليف؟ وهل الامر معقد الى هذا الحد ويحتاج الى طول انتظار واضاعة للوقت في حين ان البلد لا يملك ترف هدر الفرص ويحتاج الى جهود مضاعفة لتعويض ما فات؟
هنا لا بد من الاشارة الى كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن الله في كلمته خلال ذكرى القادة الشهداء يوم الثلاثاء في 16-2-2021 حيث قال “… الخارج قد يناقش ويقدم بعض الافكار ولكن انتظار الضغوط من الخارج هذا لن يوصل الى نتيجة، وأيضا التصعيد الاعلامي لا يفيد ووضع الزيت على النار لا يفيد ووضع السقوف العالية لا تفيد بل تعقد الامور”، وشدد على ان “الكل يتحمل مسؤولية وعلى الكل ان يعالج هذا الامر..”، وأشار السيد نصر الله الى انه “يمكن نتفهم مواقع البعض مثل الرئيس المكلف بأنه لا يريد ان يكون لفريق واحد الثلث الضامن، لكن ما لا نفهمه هو الإصرار على 18 وزير، لان البعض يعتبر ان هدف هذا الامر فيه إقصاء وإلغاء”، وتابع “اذا سرنا بهذا الامر نطمئن الجميع ولذلك اذا هذه النقطة يعاد النظر فيها، فهذا قد يشكل مدخلا لمعالجات معقولة تخرجنا من الطريق المسدود بالملف الحكومي”.
من كلام السيد نصر الله يفهم ان على الجميع تحمل المسؤولية الوطنية بما يؤدي الى إخراج لبنان من الحالة التي وصل اليها، وهذا الامر ينطبق على الملف الحكومي حيث يمكن للمعنيين بتشكيلها وعلى رأسهم الرئيس المكلف إعادة تدوير الزوايا، بما يصب بتحقيق المصلحة العامة وبما ينفع ببث الطمأنينة لدى مختلف الاطراف ويزيد من عامل الثقة المتبادل والمطلوب حتما في كل المسائل المتعلقة بالعمل العام ولا سيما في ملف تشكيل الحكومة، وقد أعطى السيد نصر الله أحد الامثلة منها ما يتعلق بالتشبث بعدد الـ18 لوزراء الحكومة على الرغم من وجود مطالبات بجعل الحكومة من 20 وزيرا، وبالحقيقة ان الاستجابة لمثل هذا الطلب يساعد على الحلحلة واعادة تحريك المياه الراكدة، مقابل ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أكد اكثر من مرة انه لا يطالب بالحصول على “الثلث الضامن”، ومن ثم بعد ذلك يمكن العمل على تجاوز بعض العُقد التي قيل عنها سواء حول توزيع الحقائب بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف او حول بعض الاسماء المطروحة للتوزير.
لذلك تبقى مطالب الناس الإسراع بإنجاز الملف الحكومي بدون تأخير بما قد يساعد على إخراج لبنان من الحالة الصعبة التي وصل اليها لا سيما في المجال الاقتصادي والمعيشي، والجميع يدرك ان في لبنان هناك الكثير من الملفات العالقة والتي تحتاج الى الحلول السريعة والجذرية، وهي ملفات تصنف بأنها عاجلة وطارئة ولا تحتمل أي تأخير، فالملف الحكومي لا يحتاج الى كل هذا التعطيل والمماحكة والمماطلة التي تضر ولا تنفع.
المصدر: موقع المنار