إنها اللحظة التي انتظرتها شركات إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة منذ ما يزيد عن عامين.. فقد وافقت دول منظمة «أوبك» أخيرا على خفض إنتاجها النفطي في تحرك أنعش الأسعار المنخفضة التي عصفت بميزانياتها.
وقال مصدران في «أوبك إن المنظمة» ستخفض إنتاجها بما يوازي نحو نصف الفائض في المعروض العالمي.
ويضع الاتفاق أرضية لأسعار تقترب من 50 دولارا للبرميل، وهو الحد الذي يمكن كثيرا من شركات النفط الصخري في الولايات المتحدة من تحقيق أرباح وحفر آبار جديدة. وهذا المستوى يوازي نحو مثلي سعر النفط حين بلغ أقصى درجات الهبوط.
وقال جيمس ويست، الشريك في «إيفركورآي.إس.آي»، وهي شركة استثمار في نيوجيرسي «يمنح ذلك منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة مزيدا من الثقة. ربما يصبحون أكثر جرأة عما كانوا يخططون له.»
وارتفع الخام الأمريكي بأكثر من خمسة في المئة إلى 47 دولارا للبرميل بفعل الأنباء في انتظار التفاصيل النهائية للخفض، والتي لن تعرف قبل اجتماع أوبك المقبل في نوفمبر/تشرين الثاني.
ويصف محلل في قطاع النفط الصخري الأمريكي حرب الأسعار المستمرة منذ فترة طويلة بمباراة في الملاكمة من 12 جولة انتهت بالتعادل الفني.
فبعدما تركت «أوبك» في منتصف 2014 أسعار النفط تهبط للحفاظ على حصتها في السوق مثلما كانت تعتقد، أفلس منتجون صغار كثيرون وشركات منتجة للنفط مرتفع التكلفة في الولايات المتحدة.
وفي تلك الأثناء تقلصت ميزانيات الدول الأعضاء في «أوبك»، من فنزويلا إلى أنغولا، مع هبوط أسعار الخام 60 في المئة. وقبل إعلان الاتفاق بيومين خفضت السعودية رواتب الوزراء 20 في المئة وقلصت الحوافز المالية لموظفي القطاع العام.
لكن شركات النفط الصخري الكبرى في الولايات المتحدة -المسؤولة عن الجزء الأكبر من الإنتاج المحلي البري للخام- ظلت على الساحة. وأربكت تلك الشركات «أوبك» من خلال قيامها بخفض النفقات وإيجاد وسائل جديدة لاستخلاص مزيد من النفط من الصخور.
وأظهرت شركات مثل «أناداركو بتروليوم» و»إي.أو.جي ريسورسيز» و»أباتشي كورب»، وأكثر من 25 شركة أخرى، قدرتها على التكيف مع أسعار للنفط عند 40 دولارا للبرميل وحفر آبار جديدة مربحة مع صعود النفط صوب 60 دولارا.
وأضافت شركات أمريكية للنفط الصخري تتطلع إلى التعافي أراض جديدة هذا العام بنحو 12 مليار دولار في حوض برميان الغني بالنفط في وست تكساس.
وجمعت 32 شركة على الأقل 20.40 مليار دولار من أسواق الأسهم في الثمانية أشهر الأولى من العام، واستخدمت نصف هذه الأموال في شراء أراض نفطية.
وفي يوليو/تموز قال سكوت شيفيلد، الرئيس التنفيذي لشركة «بايونير ناتشورال ريسورسز» ان شركات النفط الصخري التي أصلحت أوضاعها أصبحت الآن قادرة على منافسة السعودية من حيث التكلفة.
ورفعت ثورة النفط الصخري إنتاج الخام في الولايات المتحدة من 4.9 مليون برميل يوميا في 2009 إلى ذروته عند 9.6 مليون برميل يوميا في يونيو/حزيران 2015.
وأظهرت بيانات من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن هبوط الأسعار منذ ذلك الحين قلص الإنتاج بأكثر من مليون برميل يوميا إلى 8.5 مليون برميل يوميا في سبتمبر/أيلول.
وقالت آن لويس هيتيل، نائبة رئيس بحوث النفط لدى «وود ماكينزي» الاستشارية «استقرار الأسعار عاملا أساسيا. سيؤدي إلى زيادة عدد منصات الحفر…وزيادة الإنتاج.»
وجاء استسلام «أوبك» في وقت أطول مما توقعه كثير من الرؤساء التنفيذيين للشركات الأمريكية.ففي أكتوبر/تشرين الأول 2014 وصف هارولد هام، الرئيس التنفيذي لشركة «كونتننتال ريسورسز» المنتجة للنفط فيولاية نورث داكوتا، «أوبك» بأنها «نمر بلا أسنان». وبعد ذلك بشهر ألغى هام تحوطات شركته في رهان جريء على أن الأسعار ستتعافى قريبا بعدما هبطت بنحو 25 في المئة. وبدلا من ذلك هوت الأسعار إلى نحو النصف.
المصدر: رويترز