ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 21-12-2020 على السجال الحاصل بين تيار المستقبل والوطني الحر على خلفية تشكيل الحكومة وزيارة الرئيس سعد الحريري غدا الى بكركي للمرة الثانية .
الاخبار
درب الحكومة طويل وحزمة عقوبات أميركية الشهر المقبل
بعد حرب البيانات بين رئاسة الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، بدا التواصل بين الطرفين غير ممكن. ولذلك، نشطت مساع لإعادة الطرفين إلى خط التواصل الحكومي. وهي نجحت في تحديد موعد لزيارة جديدة لسعد الحريري إلى بعبدا، من دون أن تسهم في تراجع كل طرف عن مطالبه
ينتظر اللبنانيون اجتماعاً جديداً بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري. لكن لا مؤشرات الى أن النقاط العالقة قابلة لحل سريع، رغم حديث اليومين الماضيين عن نجاح وساطة حزب الله في إقناع الطرفين بإطلاق عملية تنازلات منطقية تقود الى حل.
بالنسبة الى عون، المسألة متعلقة بأصل قرار الحريري احتكار التمثيل السياسي للمسيحيين والمسلمين، لكن مع استعداد لتسوية «منصفة» مع الثنائي الشيعي ووليد جنبلاط، و«كسر» للتيار الوطني الحر مع امتلاكه نقطة تقدم بغياب «القوات اللبنانية» عن الحكومة من جهة، واتفاقه مع تيار المردة من جهة ثانية. ببساطة، تبدو مخاوف الرئيس عون، وهي بالتأكيد مخاوف النائب جبران باسيل، من أن الحريري يمثل في هذه اللحظة رأس حربة التحالف الجديد – القديم الذي يضم اليه الرئيس نبيه بري والنائب السابق وليد جنبلاط ومعهما سليمان فرنجية مباشرة، وسمير جعجع بصورة غير مباشرة.
عون وباسيل يعلمان أن حزب الله يرفض المصادقة على حكومة لا يقبلان بها. والحزب بادر الى محاولة «جسر الهوة» من خلال تقديمه اقتراحاً الى باسيل يمكنه من الحصول على كتلة وازنة من الحصة المسيحية (ستة من تسعة وزراء)، بما يسمح له بالتحالف مع حزب الله (وزيران من أربعة شيعة) من امتلاك ثلث معطل حقيقي. لكن باسيل يرفض الفكرة انطلاقاً من حسابات مختلفة، إذ يؤكد أنه لا يريد الدخول في مواجهة مع الآخرين. وهو بعث بطرق مختلفة، علناً ومع وسطاء، برسائل الى بري والحريري تحديداً بأن لا مصلحة له في حصول معركة كسر عظم، وأن تحرّره من بعض الضغوط بفعل العقوبات الاميركية، لا يدفعه الى التعنت ورفض الحلول الوسط. لكن باسيل يدرك أن الأمر لا يتم بالتمنيات، وهو لذلك نجح، بالتعاون مع الرئيس عون، في استثارة حفيظة بكركي التي لا تظهر تعاطفاً فعلياً مع العونيين، لكنها لمست «محاولة لإعادة فرض قواعد العمل التي كانت قائمة قبل العام 2005»، عندما كان الثلاثي المسلم (الحريري وبري وجنبلاط) وبالتحالف مع «حلفاء سوريا من المسيحيين» يمسك بالتمثيل المسيحي في الحكومة والمجلس النيابي والادارة العامة.
هذا في جهة الحسابات الداخلية، أما في جهة الحسابات الخارجية، فإن الحريري الذي يتلقى الحجم الاكبر من الضغوط، صارح زواره قبل ايام، أان الضغوط الأميركية – السعودية حول تأليف حكومة «خالية من حزب الله» لا تزال قائمة. وأن الرياض وواشنطن لا ترحّبان أصلاً بدعم «حصة حلفاء حزب الله من المسيحيين»، أي التيار الوطني الحر والرئيس عون، عدا عن أن الحريري وبقية القوى لم يلتقطوا بعد أي إشارة الى نوع التعديل المتوقع في السياسة الاميركية تجاه لبنان مع الادارة الجديدة. حتى إن مسؤولاً أوروبياً قال قبل أيام لزائر لبناني: «لا أعتقد أن أحداً في فريق الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن تلفّظ بكلمة لبنان حتى الآن».
والمقلق في حسابات الجميع، هنا، الرسائل الاميركية المتكررة من جانب الادارة الحالية؛ إذ يعِد مساعد وزير الخارجية ديفيد شينكر بـ«هدية وداعية» من إدارة دونالد ترامب، قد تصل الى بيروت في السادس من الشهر المقبل، على شكل حزمة عقوبات جديدة مبنية على قانون مكافحة الفساد، وتشمل عينة أوسع من الشخصيات التي تعتبر قريبة من أكثر من جهة من الطبقة السياسية الحاكمة. وفسّرت الخطوة بأنها تهديد إضافي للمرجعيات الكبيرة، وعلى رأسها الحريري، أو أنها تصفية حساب متأخرة مع شخصيات لم تلتزم بالسياسات الاميركية بصورة تامة.
يعِد شينكر بـ«هدية وداعية» الشهر المقبل على شكل حزمة عقوبات جديدة
ملف العقوبات لا يقتصر فقط على الاميركيين، إذ باتت جهات أوروبية تشير الى الأمر صراحة، لكنها تتحدث عن أمرين: الاول، ان آلية اصدار العقوبات في أوروبا أكثر تعقيداً من آلية الحكومة الاميركية، وأن الدول الاوروبية تفضل أن تصدر عقوبات عن الاتحاد الاوروبي مجتمعاً وليس عن دولة أو اثنتين فقط. وهذا ما يفرض حسابات من نوع مختلف. لكن الاوروبيين، يتوافقون مع الاميركيين في هذه المرحلة على «توسيع هامش الادانة لكل الطبقة السياسية الحاكمة من دون استثناء».
وفي خضم هذه المرحلة الانتقالية، يبدو ان احد الاسباب المانعة لتأليف الحكومة الآن رغبة الحريري في عدم تحمل مسؤولية أي قرارات قاسية، مثل رفع الدعم والشروع في خطوات يريدها صندوق النقد. وهو لذلك يشجع بري على أن ينجز المجلس النيابي سريعاً حزمة القرارات التي تحتاج إليها الحكومة المستقيلة لرفع الدعم على وجه الخصوص، مع العلم بأن حكومة الرئيس حسان دياب تبدو مرتبكة إزاء هذا الامر، ولا يبدو – وفق كل المؤشرات – أن هناك تفاهماً جدياً داخلها على كيفية مواجهة الملف، حتى إن وزيراً بارزاً قال إن الرئيس دياب نفسه سمع مقترحات اللجنة الوزارية بشأن رفع الدعم، لكنه لم يعط موافقة، وهو يفضّل التعامل مع مقترحات موجودة لديه، ولا أحد يعرف كيف ومن أعدّها.
التيار: الحريري غير مستعجل على التأليف
مبدئياً، يزور الرئيس المكلّف سعد الحريري بعبدا غداً في استئناف لمشاورات التأليف. عملياً، لا يُتوقّع الكثير من الزيارة لوجود «اقتناع» و«معطيات» لدى مصادر مطّلعة في التيار الوطني الحر بأن الرجل ليس في وارد التأليف بعد لأسباب خارجية وداخلية، وخصوصاً أنه يملك «ترف» الانتظار الذي يأكل من رصيد العهد لا من رصيده.
خارجياً، الضغط الأميركي ــــ السعودي لا يزال مستمراً لعدم تأليف حكومة يتمثّل فيها حزب الله ولمواصلة فرض الحصار على ميشال عون. ليس تفصيلاً، هنا، دعوة سمير جعجع رئيس الجمهورية إلى الاستقالة، في تعبير عن عودة «الماكينة الإقليمية» التي يرتبط بها الأخير ارتباطاً وثيقاً الى نغمة استقالة الرئيس والانتخابات النيابية المبكرة. وعليه، يفضّل الرئيس المكلّف انتظار تسلّم إدارة جو بايدن مقاليد واشنطن، ولحظة وضع لبنان على طاولة التفاوض الأميركي ــــ الإيراني، بما يعطّل قدرة الرياض على التعطيل.
أما داخلياً، فيدرك الحريري أن عليه، إذا ما ألّف الحكومة سريعاً، مواجهة قرارات مصيرية من نوع رفع الدعم عن السلع الأساسية. لذلك، الأفضل أن تتنكّب حكومة تصريف الأعمال، قبل رحيلها، هذه المهمة «غير الشعبية»، إلى جانب التأكد من الانتهاء تماماً من دفن التدقيق الجنائي، مع إدراك الحريري التام أن الأمرين، أي رفع الدعم والتدقيق، مطلوبان فرنسياً، وبقوة.
في غضون ذلك، مصادر بكركي أكدت لـ«الأخبار» أن البطريرك بشارة الراعي مستمر في مساعيه التي يأمل أن تثمر «شيئاً ما» هذا الأسبوع، علماً بأن البطريرك «حسم» موقفه الى جانب حكومة «يتمّ تشكيلها وفقاً لمنطوق الدستور، بروح التشاور وصفاء النيّات بين الرئيس المكلّف ورئيس الجمهوريّة في إطار الاتفاق والشراكة» على ما جاء في عظته أمس. وهو وإن شدّد على تأليف «حكومة لا محاصصات فيها ولا حسابات شخصية، ولا ثلث معطّلًا»، ما رأت فيه مصادر الرئيس المكلف «رفعاً للغطاء عن مطالب رئاسة الجمهورية»، إلا أنه كان واضحاً بعد زيارته قصر بعبدا، الأسبوع الماضي، أنه لم يلمس من عون أنه يريد هذا الثلث، كما كان واضحاً عندما أبلغ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الذي زار بكركي في اليوم نفسه، أنه ضد التنازل عن «حقوق المسيحيين».
دعوة جعجع عون الى الاستقالة استعادة لنغمة الانتخابات المبكرة
«جوهر المشكلة»، كما ورد في مطالعة باسيل أمام الراعي، أن ما يجري اليوم هو محاولة لإطاحة «المكتسبات» التي أعادت التوازن الى اتفاق الطائف ولو من خارج النص، مع إقرار حصة وزارية لرئيس الجمهورية ميشال سليمان في حكومة الرئيس تمام سلام عام 2014. كما أنه، في الوقت نفسه، محاولة لضرب روح الشراكة كما أقرّها الطائف نفسه. إذ إن شراكة رئيس الجمهورية في التأليف لم ترد في المادة 64 من الدستور ضمن صلاحيات رئيس الوزراء، وإنما في المادة 53 التي تنصّ على أن رئيس الجمهورية «يصدر بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة»، بعد استشارات نيابية ملزمة، بعدما كانت تنصّ سابقاً على أن «رئيس الجمهورية يعيّن الوزراء ويسمي منهم رئيساً». بعد الطائف، أعطي رئيس الحكومة حق التأليف على أن يوافق رئيس الجمهورية على الحكومة. وهذه الصلاحية أوردها المشترع ضمن صلاحيات رئيس الجمهورية، ولا ينبغي أن توضع في إطار «التفسير السلبي» للدستور، بمعنى أن رئيس الوزراء يسمّي الحكومة وحيداً، وإذا رفضها رئيس الجمهورية ــــ وهذا حقه ــــ يكون عندها معطلاً للتشكيل. بمعنى أوضح، تقول مصادر في التيار الوطني الحر، «للحكومة طابخان يتفقان على مكوّنات الطبخة، لا طابخ يعدّها والآخر له حق أن يرفض تناولها. لا أحد يناقش حق الرئيس المكلف في التأليف. ولا ينبغي في المقابل أن يناقش أحد حق رئيس الجمهورية في مناقشة التشكيلة».
عماد عثمان يتمرّد مجدداً
تعميمٌ جديد بتوقيع المدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء عماد عثمان، صدّقه القضاء، يفتح باباً لحصانات جديدة. لم يعد بمقدور القضاء استدعاء أي ضابط متقاعد إلا عبر قيادة المديرية!
ينشط المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، في الأسابيع الأخيرة، في إصدار المذكرات والتعاميم التي تُظهر سعياً منه للاستقلال عن القضاء أو التمرّد عليه. وكأن المديرية الأمنية جزيرة مستقلة بحكمٍ ذاتي يقودها هو كقائدٍ أعلى للقوات المسلحة. وكأنّ البلاد بألف خيرٍ كي «يُفلفِش» الرجل في قانون تنظيم قوى الأمن الرقم 17 أو يُكلّف ضباطاً لإعداد دراسات قانونية في خضم الاشتباك المحموم بين القضاء والأمن. ورغم أنّ اللواء عثمان «مسرور» بما يراه حصاداً جماهيرياً لكونه بات مدعى عليه من القاضية العونية غادة عون في المعركة الدائرة سياسياً، إلا أنّ خطوات عثمان لا تعني سوى مزيد من انحلال مؤسسات الدولة. جديد إبداعات المدير العام لقوى الأمن مراسلة موجهة الى النيابة العامة التمييزية، طلب فيها التعميم على النيابات العامة باستدعاء الضباط المتقاعدين عبر قيادات الأجهزة التابعين لها حصراً! لا يستسيغ عثمان أن يتم تجاوزه كقائد لقوى الأمن، حتى من قبل القضاء. يُريد إحكام سيطرته على أفراد مديريته الموجودين في الخدمة الفعلية، والمتقاعدين أيضاً. وبعد تعميمه على الضباط والرتباء بـ«أننا لسنا كتبة لدى القضاة»، محظراً عليهم الاستجابة لطلبات النيابات العامة معاونتها في التحقيقات، ضارباً عرض الحائط بالقانون الذي يعتبر قوى الأمن كضابطة عدلية معاونةً للمدعين العامين، يبرر عثمان طلبه الجديد بأنّ الضباط المتقاعدين يبقون في الاحتياط لمدة من الزمن بعد التقاعد، ويبقون مرتبطين بصورة مباشرة بالجهاز الأمني الذي كانوا ينتمون إليه.
ورأى عثمان أنه بناءً على الأسباب الآنفة الذكر، وتمكيناً للقيادات الأمنية والعسكرية المختصة من الاطلاع وأخذ العلم، اقترح التعميم على النيابات العامة أن يتم الاستدعاء عبر شعبة العديد في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي أو قيادة الجهاز الذي يتبع له الضابط صاحب العلاقة.
النيابة العامة التمييزية لبّت طلب عثمان، وعمّمت كتابه على النيابات العامة، علماً بأن مصادر قضائية أكدت أنّ هناك التباساً يتعلق بتفسير الطلب، كاشفة أن تعميماً تفسيرياً سيصدر قريباً لتوضيح الالتباس، على اعتبار أن ذلك لا يعني حكماً أن تبليغ المتقاعدين يتم حصراً عن طريق الإدارة الأمنية التي ينتمون إليها. وكشفت المصادر أنّ المسألة طُرحت مع تبليغ قائد الجيش السابق جان قهوجي، علماً بأنّ الحال في الجيش ليس مشابهاً؛ إذ تقول مصادر عسكرية لـ«الأخبار» إنّ التبليغ القضائي يتم عبر قيادة الجيش في الملفات التي تطال الضابط أو العسكريين أثناء خدمته الفعلية. أمّا إذا لم تكن للاستدعاء علاقة بمهامه العسكرية، فإن التبليغ يتم مباشرة.
النائب العام التمييزي وافق على طلب عثمان وعمّمه على النيابات العامة!
حتى هذا الفصل بين نوعين من الملاحقات غير مستساغ من القضاء، إذ ترى مصادر قضائية هذه الخطوة بمثابة شد عصبٍ عشائري، مستغربة ألا يكون القضاء قادراً على استدعاء أي متقاعد إلا عبر مديريته.
هكذا باتت مآثر عثمان تتكدس. بدعٌ بلبوسٍ قانوني تُعمّم من دون حسيب ولا رقيب. ووزارة الداخلية لا تُحرك ساكناً تجاه اللواء. فبعد إعلان تمرده الصريح بأنه لن يخضع لواجباته المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية لجهة معاونة النيابات العامة في تحقيقاتها، وقبلها إصداره «المذكرة الميليشيوية» إلى رجال الأمن مبيحاً لهم توقيف أي شخص يشتبهون فيه من دون أمر قضائي، ها هو بطلبه الجديد يمنح حصانة للضباط المتقاعدين. بالتبليغ عبر المديرية حصراً يمنح هذه المديرية حق عدم تبليغ من تشاء، بما يعرقل سير العملية القضائية، بقرار أمني. وبدلاً من السعي إلى التخفيف من الحصانات التي تشمل الموظفين وعدداً من أعضاء النقابات والنواب والوزراء، يلجأ مدير عام لجهاز أمني إلى اختراع «شبه حصانة» جديدة، تعزز اللاعدالة في نظام العدالة اللبناني.
«السعودية – ليكس»: فوائد التطبيع مع اسرائيل
السعودية راعية التطبيع مع العدوّ
ابراهيم الأمين
في معرض شرحه أو تبريره قبول السلطات المغربية الاتفاق العام مع العدوّ الإسرائيلي، يقول دبلوماسي مغربي إن السعودية كانت على الدوام لاعباً مهماً في هذا المجال. لا ينفي الدبلوماسي العلاقات التاريخية التي ربطت العائلة الحاكمة المغربية بالمنظّمات اليهودية العالمية، وانعكاس ذلك علاقات مع المنظمات الصهيونية الداعمة لإسرائيل. ويقرّ بأن العلاقات مع إسرائيل أكثر عمقاً من العلاقات التي ربطت حكام آل سعود مع العدو. لكنه يدعو الى الانتباه إلى أن السعودية كما الإمارات العربية المتحدة تقومان بدور «مموّل هذه الاتفاقات الجديدة»، لافتاً الى أن حزمة المساعدات التي أغرت الولايات المتحدة الدول العربية بها للتعجيل بهذه الخطوة، تستند في جانب منها الى دعم ستوفّره الرياض وأبو ظبي مباشرة، أو من خلال المشاركة في مشاريع استثمارية تقوم فيها إسرائيل بدور مباشر، ولا سيما على صعيد الخبرات اللوجستية والتقنية.
المسألة، هنا، لا تتعلق فقط بهذا الدور المساعد، بل بالخريطة الإجمالية لفكرة التحالف الاستراتيجي مع إسرائيل. لأن من فكر بأن دونالد ترامب استعجل اتفاقات التطبيع لاستثمارها في الانتخابات الأميركية، أدرك بأن الأمر لم يكن بنداً ساخناً على جدول أعمال الناخب الأميركي. حتى الكتلة اليهودية الناخبة لم تتأثّر فعلياً بهذه الأمور. ثمّة ما هو مختلف في مقاربة اليهود الأميركيين للانتخابات الداخلية الأميركية، وهو أمر له أثره على أمور كثيرة، من بينها التباين بين هذه الكتلة وبين رئيس حكومة العدوّ بنيامين نتنياهو. وهو تباين لا يجب البناء عليه بسذاجة من يفكر بأن هناك احتمالاً لانقلاب يهود أميركا على إسرائيل. لكن حدوده متعلقة بالمصالح الاستراتيجية للكتلة اليهودية داخل أميركا نفسها.
صحيح أن النفوذ الكبير ليهود الغرب يفيد من يتحالف معهم أو يخدم مصالحهم، ومن ضمنها إسرائيل، لكن حكام الخليج يحتاجون إلى هذه المؤسسة لاحتواء أي إشكال يقوم مع الغرب، ولمنع قيام علاقات بين الولايات المتحدة ودول مركزية في المنطقة، من دون الأخذ في الحسبان مصالحهم. صار السعوديون والإماراتيون على وجه التحديد، يتصرفون على أساس أن وجودهم مرتبط بتوفير عناصر الأمان على يد الغرب، وفي مقدمته أميركا. وهم، هنا، يشعرون بأن المعركة الوجودية التي قرروا أنهم في داخلها، تتطلب حرباً من نوع مختلف مع المحور المقابل. وعند هذا الحد، لا تعود العلاقات مع إسرائيل محل نقاش، بل ما يبقى للنقاش هو الشكل والإخراج المطلوب لمنع حصول ما ليس في الحسبان.
في إسرائيل ليس هناك من يتوهم بأن العلاقات مع حكومات الإمارات والسعودية والبحرين والسودان والمغرب كما مع حكومات مصر والأردن وقطر، يمكن أن تنعكس تحوّلاً في المزاج الشعبي في هذه الدول. لا بل إن الاستراتيجيين في كيان العدو، يعرفون أن الحكومات المطبّعة غير قادرة على ضرب فكرة المقاومة حيث تنمو.
عند هذا الحدّ، يصبح المهم والأهم هو المتعلق بالواقع الاستراتيجي الذي يخص المصالح الرئيسية لدول التحالف الجديد. السعودية والإمارات والبحرين مثلاً، هي من الدول التي تخشى على استقرار نظامها السياسي والأمني والاقتصادي أيضاً. وهي تعتقد بأن الحماية الأميركية لم تعد كافية، وأدركت تدريجاً، منذ عام 2011، أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على الوجود هنا، ولو بالأجرة. أما إسرائيل التي تدرك أيضاً منذ عام 2006 أنها لم تعد قادرة على خوض الحرب وحدها من دون دعم أميركي، فتظهر الخشية ليس من تمدّد محتمل لمحور المقاومة، وخصوصاً بعد الذي يجري في اليمن، بل من أن انهيار المنظومة الحالية في الخليج العربي سيضيق هامش الحركة الأميركية والأوروبية في هذه المنطقة. وهو ما يتطلّب الحضور الإسرائيلي المباشر. والعارفون بشؤون المنطقة يلمسون أن إسرائيل لم تعد تكتفي بما يردها من معلومات بالواسطة من هذه الساحات. ولم تعد تكتفي بشبكات المتعاونين معها مهما علت رتبهم. صار الوجود المباشر للأجهزة الإسرائيلية المعنية أمراً ضرورياً. وهو يتطلب مشروعية تسهّل الكثير من الأمور التي تبقى معقّدة مهما أتاحت لها الحكومات هوامش للحركة. الى جانب أمر آخر، يتعلق بفئة من المستثمرين الإسرائيليين الذين يريدون هذه السوق مباشرة، أو استخدامها للوصول الى أسواق يصعب الدخول إليها بشكل عادي والتي تمتد شرقاً حتى أفغانستان، وغرباً حتى إفريقيا.
ولذلك، يمكن العودة الى كلام الدبلوماسي المغربي، وفهم الدور السعودي المحوري والأساسي. بمعزل عما يظهر منه إلى العلن الآن أو في أي وقت آخر. السعودية، هنا، باتت حجر الزاوية لهذا التحالف الجديد. وعلى عاتقها مهمات كثيرة. وفي هذا السياق، يمكن فهم التدرّج في الخطوات السياسية وغير السياسية التي يقوم بها حكام آل سعود داخل الجزيرة العربية وخارجها من أجل تثبيت دعائم هذا التحالف.
تنشر «الأخبار» في ما يلي نصّ وثيقة مصدرها البريد السري داخل مراكز الحكم في السعودية، كتبها رئيس المخابرات السعودية خالد الحميدان إلى رئيسه وليّ العهد محمد بن سلمان، تتعلّق بملف التطبيع مع الإسرائيليين. وهو تقرير يشرح الخطوط العامة للتوجّه السعودي في كيفية التعامل مع هذا الملف.
اللواء
الحريري غداً في بعبدا.. فهل تراجع باسيل عن «الثلث المعطل»؟
تجاذب تشريعي- مالي في الجلسة اليوم.. وإجراءات لاحتواء موجات كورونا الجديدة
غداً، موعد لقاء بترتيب الاتصالات التي حركتها بكركي، بين الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، لوضع التأليف على سكة لانجاز، منعاً لتفاقم المخاوف، ضمن معلومات شبه رسمية تتحدث عن «صيغة وسطية» تنهي المشكلة.
اذاً، غدا لن يكون الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في لبنان، كما كان مقرراً، قبل اعلان الأليزيه اصابته بفايروس كورونا، واخضاعه «لحجر رئاسي» لمدة اسبوع، اقتربت من نهايتها (مدة الحجر). واليوم، وغداً، لن تقرع اجراس الولادة الحكومية، لا في بعبدا، ولا في بكركي او حارة حريك او اي مكان في البلد، مع ان اياماً قليلة تفصل البلاد والعباد عن ميلاد السيد المسيح يوم الجمعة المقبل.
واشارت مصادر مواكبة لتحرك البطريرك الماروني بشارة الراعي المتواصل للمساعدة قي حل ازمة تشكيل الحكومة الجديدة، وبعد استماعه الى وجهتي نظر رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره جبران باسيل من جهة والرئيس المكلف سعدالحريري من جهة ثانية، لم يجد مبررا يستوجب استفحال ازمة تشكيل الحكومة على هذا النحو وتضييع مزيد من الوقت في السجالات العقيمة التي تزيد من الهوة القائمة ،بدلا من تسريع الخطى لإنجاز التشكيلة الحكومية. وقالت إن البطريرك لم يقتنع بتبريرات تفرد الرئيس المكلف بعملية التشكيل والانتقاص من حقوق المسيحيين لان وقائع الامور والمشاورات تتعارض مع هذه الادعاءات ولانه شخصيا حريص كل الحرص على حقوق المسيحيين بالتركيبة، كما حرصه على حقوق بقية الطوائف والاطراف السياسيين الاخرين. واعتبرت ان تقديم الرئيس المكلف تشكيلته الحكومية لرئيس الجمهورية حسب الدستور، يتطلب التشاور والبت بهذه التشكيلة، بالتشاور او الاخذ والرد لتسريع عملية التشكيل بدلا من التشبث بالشعارات وتأجيج الخلافات السياسية بطرح مطالب وشروط تتلبس الشعارات الدينية تارة وصلاحيات رئيس الجمهورية أو الرئيس المكلف تارة اخرى،بينما الهدف هو تأمين المحاصصة داخل الحكومة الجديدة.
واوضحت المصادر ان البطريرك الراعي ازاء ما سمعه من تبريرات النائب جبران باسيل والاسباب التي ادت إلى تعقيد عملية التشكيل، دعا النائب ابراهيم كنعان للوقوف على وجهة نظره، إزاء ما يجري من تجاذبات تؤخر عملية التشكيل وكيفية المساعدة لوقفها واعادة عملية التشكيل على السكة الصحيحة. واشارت المصادر إلى ان خلاصة ما تم تحقيقه من تحرك البطريرك الراعي، هو وقف السجالات بين الجهتين التي تفاعلت خلال اليومين الماضيين وتحضير الارضية لعقد لقاء بين الرئيسين عون والحريري في غضون اليومين المقبلين، لافتة الى أن مشكلة مطالبة الفريق العوني بالثلث المعطل قد حلت وتم صرف النظر عنها لانه من المستحيل تحقيقها في حكومةالاختصاصيين الانقاذية، بينما تبقى مسألة تسمية الوزراء المسيحيين والوزارات السيادية ليست محسومة بعد، لان الفريق العوني يطالب بأن يتولى عون التسمية اسوة بباقي الاطراف الاخرين الممثلين بالحكومة باعتبار انه لم يؤخذ برأي الاحزاب المسيحية بهذا الخصوص، بينما تؤكد المصادر المتابعة ان رئيس الجمهورية سلم الحريري اسماء شخصيات معينين للتوزير، وجرى التشاور بخصوصهم الا انه من حق الاخير دستوريا تسمية اخرين أيضا، بينما المطالبة بالرجوع لأخذ موافقة مسبقة من الاحزاب المسيحية على الاسماء المرشحة للتوزير، ليست مطروحة لان الحكومة العتيدة ليست حكومة محاصصة اولا، ولان هذه الاحزاب لم تسم الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة، بينما لم يتم استثناء أي منها في المشاورات النيابية غير الملزمة والاستماع الى مواقفها ومطالبها.
واوضحت المصادر ذاتها انه يجري العمل لتذليل العقبات وتقريب وجهات النظر بحركة اتصالات مكوكية لتسريع الخطى والتمهيد لعقد لقاء ناجح بين عون والحريري.
الى ذلك، في الواجهة جلسة تشريعية اليوم، واجراءات متلازمة في ما خص ملف كورونا، في شقه المألوف (تباعد، كمامات، منع الاكتظاظ، استخدام المطهرات إلخ..) وتعاميم غب الطلب لدى وزارة الداخلية للمواكبة، مع زحمة في المطاعم والمقاهي و«المولات»، واصرار اغترابي ومحلي على احياء سهرة رأس السنة، وكأن لا فايروس كورونا او من يحزنون.
وفي الشق غير المألوف، المعلومات البريطانية عن تحدر سلالة اشد انتشاراً واسرع من الفايروس القاتل، فرضت ما يشبه العزلة على بريطانيا، لجهة منع استقبال الطيران الوافد منها، او المتوجه اليها، وهذا ما يتعين ان تدرسه السلطات اللبنانية ليشمل المملكة المتحدة (بريطانيا) وجنوب افريقيا.
ومن المتوقع ان تجتمع اللجنة الوزارية الخاصة بكورونا اليوم لدراسة الموقف، في ما خص المخاوف التي نشرها الفايروس المتشعب عن الكورونا، والذي يتميز بسرعة الانتشار، وسط معلومات مجرّبة، من ان اللقاح لن يوقف هجمات الفايروس.
ومن بين الاجراءات اعادة فحص PCR في المطار للوافدين.
لقاء مرتقب
على ان بين اجندات الاسبوع، اعادة استئناف اللقاءات بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، بعد اتصال تجريه بعبدا ببيت الوسط، وهذا التوجه، هو الذي شجع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على المضي في اتصالاته، بعدما هوَّن المشكلة: فالكل يريدها وفقا للمبادرة الفرنسية، وبالتالي هو لا يرى سبباً واحدا يستحق التأخير في تشكيل الحكومة يوماً واحداً.
ومن المواصفات التي ارادها للحكومة الا يكون فيها ثلث معطل، وان تشكل بنيات صافية بين رئيسي الجمهورية والرئيس المكلف، وعلى قاعدة المداورة في الحقائب.
وتشترط المصادر العونية شرطين لنجاح اللقاء الذي يحمل الرقم 12 او 13»: 1 – احترام صلاحيات رئيس الجمهورية ونص الدستور وروحه في عملية تشكيل الحكومة.
2 – التزام مرجعيات الكتل والطوائف، من زاوية ان «للتوازنات الداخلية مرجعيات سياسية ووطنية، لا يمكن تخطيها». اذا كانت النية تأليف الحكومة لا البقاء في المراوحة تكليف بلا تأليف».
سجال البرتقالي والأزرق
وتأتي المساعي في ظل «سجال تأزيمي»، استهله التيار الوطني الحر (البرتقالي) ضد الرئيس المكلف، مما اضطر تيار المستقبل (الازرق).
فقد قالت الهيئة السياسية للتيار الوطني الحر ان «التأخير الحاصل في عملية تشكيل الحكومة مرده، في شقه الداخلي الظاهر، الى وجود محاولة واضحة لتجاوز الصلاحية الدستورية لرئيس الجمهوري كشريك كامل في عملية التأليف.. والاصرار من جانب رئيس الحكومة المكلف على القفز فوق الميثاقية، فضلا عن وجود نية للقفز فوق التوازنات الوطنية وللعودة الى زمن التهميش، وقضم الحقوق، وهذا ما لا يمكن السكوت عنه.
ولم يتأخر تيار «المستقبل» في الرد، متهما «البرتقالي» بالهروب الى الامام والانقلاب على المعيار الوحيد لتشكيل الحكومات، وفقا للمادة 64، من الدستور، التي تنص: «يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقع مع رئيس الجمهورية مراسيم تشكيلها».
ورأى ان الخروج على هذا النص يعني الوقوع «في خانة المعاييرالمركبة والمحاصصة الحزبية، التي استقطت على الدستور، وعطلت عمل اللجنة التنفيذية لسنوات.. ووصف التيار الاخبار عن اصرار الرئيس المكلف تسمية الوزراء المسيحيين، بالملفقة انطلاقا من ادراك الرئيس المكلف استحالة توقيع على مراسيم تشكيل الحكومة من دون موافقة رئيس الجمهورية.
ولم يقف الامر عند هذا الحد، فجاء في بيان للجنة المركزية للاعلام في التيار الوطني الحر.
امّا ما يتعلّق بالثلث الضامن في الحكومة ومع تأكيد التيار مجدّداً انّه لم يضع لتاريخه شرطاً او مطلباً سوى المعايير الموحدّة لكي يقبل بالمشاركة في الحكومة او بدعمها، فإنّه لا يحق لأحد منع ايّ مكوّن لبناني من المشاركة الفعليّة والمتوازنة في الحكم والقرار الوطني ولن تكون له قائمة من يعتقد غير ذلك.
وكان البطريرك الراعي قد استقبل مساء السبت الوزير السابق غطاس خوري موفدا من الرئيس المكلف سعد الحريري، وشارك في اللقاء الوزير السابق سجعان القزي ، وقد تم عرض لنتائج الاتصالات التي اجراها الراعي واللقاءات التي عقدها في الساعات الماضية في هذا الخصوص .
بدوره، وضع خوري البطريرك الراعي في آخر التطورات في ملف تأليف الحكومة والاتصالات التي اجراها الرئيس المكلف بعد زيارته الاخيرة الى الصرح البطريركي في موضوع الحكومة.
وقد غادر قزي والخوري بكركي في سيارة واحدة متوجهين الى بيت الوسط.
واوضح قزي ان معطيات توفرت للبطريرك الراعي من رئيس الجمهورية حول عدم تأليف الحكومة، فاتصل بالرئيس المكلف، الذي زاره واطلعه على دوره في تسهيل تأليف الحكومة.
وقال: البطريرك قرر بذل الجهود، لان كل ساعة تأخير تكلف البلد اضعافاً، مؤكدا على تأليف حكومة اخصائيين، يملكون حرية اتجاه القرار داخل مجلس الوزراء، ولا ان يكون فيها الثلث المعطيل، لانه غير دستوري، لا في الطائف او الدوحة او الدستور يمكن الكلام فيها في حكومة سياسية.
وبالنسبة للمعايير قال: 1-المعايير دستورية مناصفة، والتمثيل الطائفي والمذهبي، وخارج هذه المعايير لا معايير معروفة.. علىان يؤلف الرئيس المكلف الحكومة ويرفعها الى رئيس الجمهورية..
وان تصدر المراسيم اذا لم يكن هناك عقبات اقليمية او دولية.
ولم يستبعد الاتفاق اذا لم تكن هناك عقبات داخلية.
واعلن قزي انه غير صحيح، ان الرئيس المكلف يمنع على رئيس الجمهورية تسمية الوزراءالمسيحيين، رافضا ان تكون الحكومة الثلاثاء، ملمحاً إلى التأثير الاميركي والايراني على تأليف الحكومة.
تحرك ابراهيم
بالتوازي مع مساعي بكركي، يتحرّك المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم. فقد التقى صباح الجمعة الرئيس عون واطلعه على نتائج الجولة التي قام بها الخميس والتي شملت كلا من رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس سعد الحريري وشخصيات اخرى، للبحث في امكانية التحاور في افكار عدّة قد تؤدي الى صيغة يمكن أن تحيي الحوار المجمد بين بعبدا وبيت الوسط.
البناء
المجلس النيابيّ لتشريعات مصرفيّة… وينتظر أجوبة صوان… والتحقيق ينتظر محكمة التمييز
مساعي الراعي تثمر لقاء بين عون والحريري الثلاثاء… فهل هناك وزير ملك؟
الحسنيّة من دمشق: لفلسطين الأولويّة ومعركة الجولان لا تنفصل عن مواجهة الإرهاب
كتب المحرّر السياسيّ
في جلسته التشريعية اليوم، لن يكون لملف التحقيق العدلي في تفجير المرفأ أكثر مما سيقوله بعض النواب في مداخلاتهم، بانتظار أن يتلقى المجلس النيابي ملفات الإتهام التي طلبها من المحقق العدلي جواباً على مراسلته التي طلب فيها تبليغ النائبين غازي زعيتر وعلي حسن خليل ادعاءه عليهما، برفض المجلس التبليغ والردّ بطلب ملف الاتهام، فيما يستمر توقف المحقق العدلي عن العمل بقرار ذاتي بانتظار حسم محكمة التمييز لدعوى الارتياب المشروع التي تقدّم بها زعيتر وخليل بحقه، في ظل معلومات غير مؤكدة تتحدّث عن فرضية إقدام المحقق العدلي فادي صوان على التنحّي لأسباب منفصلة عن الدعوى.
في الشأن السياسي الداخلي، نجحت مساعي البطريرك بشارة الراعي في ترتيب زيارة جديدة غداً يقوم بها الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري الى قصر بعبدا للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في محاولة ستكون فاصلة في الملف الحكومي، بعدما انتهى اللقاء الأخير بتبادل الأوراق بين عون والحريري، بحرب إعلاميّة خاضها فريق بعبدا تحت عنوان حق رئيس الجمهورية بتسمية الوزراء المسيحيين، وامتلاك الثلث المعطل، وقابله فريق بيت الوسط برفض دخول رئيس الجمهورية على خط التسمية فيما عدا عدداً من الوزراء في حقائب سيادية كالدفاع والخارجية، بينما كشفت مصادر قريبة من بكركي أن العقدة واضحة وهي في العلاقة بين الحريري ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، ولذلك قام الراعي بلقاء باسيل وقدم مبادرة وساطة بينه وبين الحريري والتقى لهذا الغرض الوزير السابق غطاس خوري، وتمّ تبادل المواقف والعروض، بزيارة النائب إبراهيم كنعان لبكركي.
المصادر المتابعة للملف الحكومي، قالت إن الراعي أقنع فريق رئيس الجمهورية وباسيل بالتخلي عن طلب الثلث المعطل، وإن العودة عن المداروة ربما تكون مخرجاً من مأزق توزيع الحقائب، طائفياً وسياسياً، واعتماد مبدأ التشاور في الأسماء المخصصة من الاختصاصيين غير الحزبيين للكتل النيابية مع رؤساء هذه الكتل. وقالت المصادر إن تداولاً تمّ بالواسطة عبر بكركي ببعض الأسماء بين الحريري وباسيل، وإن الحلحلة ربما تكون قد وجدت طريقها من خلال تراضي فريقي الحريري وباسيل على وزير مسيحي ملك يُسمّى بموافقة البطريرك.
في الشأن الإقليمي، بينما المنطقة في ترقب وتحسب لمخاطر المرحلة الانتقالية بين ولايتين رئاسيتين أميركياً وما يمكن أن يقدم عليه الأميركي والإسرائيلي خلالها لخلط الأوراق، تحدّث رئيس الحزب السوري القومي الإجتماعي من دمشق مؤكداً تمسك القوميين بفلسطين كأولوية، واعتبار معركة الجولان والمواجهة مع الإرهاب عناوين في حرب واحدة، لا بدّ أن تنتهي بانتصار سورية واستعادة سيادتها ووحدتها.
وأكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وائل الحسنية، أن الأمة السوريّة حقيقة ثابتة راسخة تقاوم المشروع الصهيونيّ ـ الاستعماريّ وتدافع عن حقها وحقيقتها وعن القضايا العربيّة، ودعا إلى أن تنصبّ كل الجهود والطاقات في معركة الدفاع عن فلسطين وفي إسقاط صفقة القرن ومقاومة مخطط تصفية المسألة الفلسطينيّة. وتابع نحن نتطلع إلى أن يجتمع العالم العربي على موقف موحّد دفاعاً عن فلسطين والجولان وكل القضايا العربية. وشدّد خلال محاضرة ألقاها في مركز أبو رمانة الثقافي في دمشق على ان أولوية الأولويات هي التكاتف والتعاضد بمواجهة الاحتلال والاستعمار وأدواتهما المتمثلة بقوى الإرهاب والتطرف. ورأى أن معركة اجتثاث الإرهاب وإسقاط مشاريع التفتيت لم تنته بعد وعلينا أن نبقى في الصفوف الأماميّة حتى دحر آخر إرهابيّ.
توحي كل المؤشرات بالمزيد من التعقيدات التي تتحكم بمسار التأليف الحكومة، رغم أجواء التفاؤل التي أشيعت عن دعوة قد يوجّهها رئيس الجمهورية إلى الرئيس المكلف سعد الحريري للقائه يوم غد الثلاثاء، لا سيما أن حرب البيانات بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل مستمرة وبوتيرة تصعيدية وتصاعدية.
ولفتت مصادر بكركي إلى أن حراك البطريرك الماروني بشارة الراعي انصبّ على ضرورة عقد لقاء بين عون والحريري في الساعات المقبلة من أجل الدفع نحو تشكيل الحكومة قبل نهاية العام، مع تشديد المصادر لـ»البناء» على أن الراعي لا يحبّذ طرح بعض الفرقاء ربط التأليف بالحصول على الثلث الضامن لا سيما في الوقت الراهن الذي يفترض بالجميع الابتعاد عن التحاصص الوزاري والذهاب الى الاهتمام بأوضاع اللبنانيين، الأمر الذي يتطلب قبول الجميع بتأليف حكومة اختصاصيين تواظب على معالجة الأزمة الاقتصادية والمالية. ولفتت المصادر إلى أن جهود البطريرك الراعي مردّها الاتصالات التي تلقاها من الرئيس عون الذي أطلع الراعي على العقبات التي تحول دون تشكيل الحكومة، وعلى ضوء اتصال بعبدا أجرى البطريرك اتصالاً بالحريري الذي زار بكركي وشرح وجهة نظره للبطريرك. ولفتت المصادر إلى أن البطريرك الراعي يرى أن تأليف الحكومة يجب أن يحصل اليوم قبل الغد من وزراء يملكون حرية اختيار القرارات الصحيحة داخل مجلس الوزراء من أجل إجراء الإصلاحات المطلوبة، معتبرة أن هناك معايير ثابتة في تأليف الحكومات تتصل بالمناصفة والوزارات السيادية لا أحد يمس بها، آملة أن يثمر لقاء الثلاثاء بين عون والحريري في تشكيل الحكومة لا سيما أن اللقاء سيكون مطوّلاً وستبحث فيه كل المسائل التي تتصل بهيكلية الحكومة والأسماء والحقائب، معتبرة أن التباين في وجهات النظر لا يجوز أن يعطل التأليف لا سيما أن الظروف الراهنة تحتّم على الجميع أخذ مصلحة البلد بعين الاعتبار.
وكان الراعي استقبل أول أمس، مستشار الرئيس المكلف الوزير السابق غطاس خوري، في إطار محاولة تقريب وجهات النظر واحتواء أجواء التصعيد السياسي المتعلقة بتشكيل الحكومة، بعدما كان الراعي أطلع الحريري في اتصال هاتفي مطوّل على نتائج اللقاءين مع عون والنائب جبران باسيل، انتهى بلقاء جمع الوزير السابق سجعان قزي بمستشار الحريري الوزير خوري.
وكان الراعي التقى أمس، أمين سر تكتل لبنان القوي النائب إبراهيم كنعان الذي قال إن «الكلام كان واضحاً من قبل البطريرك الراعي ومن قبلنا لجهة ضرورة التأليف واحترام صلاحيات رئيس الجمهورية والدستور في التشكيل، وتابع كنعان: «رئيس الجمهورية لديه الاستعداد لحسم ملف الحكومة وفق منطوق الدستور والمبادرة الفرنسية بمضمونها الكامل وغير المجتزأ. وقد أبلغني البطريرك حرصه الكامل على هذا المسار. النيّات لدينا أكثر من إيجابية، ويجب الخروج من عملية السجال وتغليف بعض المواقف التي تصدر من ناحيتنا بغير محلها.
وفيما انتقدت الهيئة السياسيّة في التيار الوطني الحر سلوك الرئيس المكلف، رأت أن «التأخير الحاصل في عملية تشكيل الحكومة مردُّه، في شقه الداخلي الظاهر، الى وجود محاولة واضحة لتجاوز الصلاحية الدستورية لرئيس الجمهورية كشريك كامل في عملية تأليف الحكومة وكرئيس للبلاد والإصرار من جانب رئيس الحكومة المُكّلف على القفز فوق الميثاقيّة وعلى عدم اعتماد معايير واضحة وواحدة للتعامل مع كافة اللبنانيين»، كما لمست «وجود نيةٍ للقفز فوق التوازنات الوطنية وللعودة الى زمن التهميش وقضم الحقوق. وهذا ما لا يمكن السكوت عنه».
ورأى تيار المستقبل في بيان أن قيادة التيار الوطني الحر تصرّ على الانقلاب على الدستور في مادته الـ 64 التي تنص بأن رئيس مجلس الوزراء «يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقع مع رئيس الجمهورية مراسيم تشكيلها»، وشدد على ان خلاف هذا النص من دعوات يقع في خانة المعايير المركبة والمحاصصة الحزبية التي أسقطت على الدستور وعطلت عمل السلطة التنفيذية طوال السنوات الماضية.
ورأى المستقبل أن الرئيس المكلف يدرك إدراكاً عميقاً استحالة توقيع مراسيم تشكيل الحكومة من دون موافقة رئيس الجمهورية، لأن الدستور ينصّ على ذلك ولأن الأصول تقتضي التشاور مع الرئيس في هذا الشأن، وهو المسار الذي اعتمده بعد التكليف، خلافاً لحملات التطييف التي يتولاها التيار الوطني الحر والإخبار الملفقة عن إصرار الرئيس المكلف على تسمية الوزراء المسيحيين. لقد ألزم الدستور كلاً من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بالتوقيع على مراسيم تشكيل حكومة لبنانية كاملة، وهو لم يُشِر من قريب او بعيد الى صلاحية الرئيس المكلف باختيار الوزراء المسلمين وصلاحية رئيس الجمهورية باختيار الوزراء المسيحيين.
تشريعياً، يطرح مجلس النواب في جلسته المقررة اليوم في قصر الأونيسكو، مشاريع واقتراحات القوانين المدرجة على جدول الأعمال أبرزها يتصل بـ تسديد القروض وفوائدها بالليرة اللبنانية، تمديد المهل الناشئة عن التعثر في سداد الديون، حماية المقترضين من الديون التعسفيّة في عقود القروض الشخصيّة، احترام حماية أموال الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتقديمات المضمونين، فضلاً عن تعليق العمل بأحكام سرية المصارف لمدة سنة، واحترام تنفيذ عقد التدقيق الجنائي الذي نصّ عليه مجلس الوزراء.
قضائياً، باشرت محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضي جمال الحجار، إجراءات تبليغ أطراف الخصومة في قضية انفجار مرفأ بيروت، مضمون المذكرة التي تقدّم بها الوزيران السابقان النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر، وطلبا فيها نقل الدعوى من عهدة صوان بسبب «الارتياب المشروع» الى قاضٍ آخر. واستهلت إجراءات التبليغ بالقاضي صوان، الذي بدأ إعداد جوابه على المذكرة، ولذلك سارع الى تعليق التحقيق في الملف مؤقتاً بانتظار قرار محكمة التمييز، كما جرى إبلاغ النيابة العامة التمييزية بالأمر، على أن يبدأ مطلع هذا الأسبوع إبلاغ الأطراف الأخرى ومنها نقابة المحامين بوكالتها عن المدعين المتضررين وأهالي الضحايا، وجميع المدعى عليهم من موقوفين وغير الموقوفين، وطلب القاضي الحجار من صوان تزويده بأرقام وبعناوين هؤلاء وأسماء وكلائهم القانونيين. ويرجح أن يتولى المحامي العام التمييزي الإجابة على مذكرة خليل وزعيتر، وأن يترك لمحكمة التمييز اتخاذ القرار الذي تراه مناسباً، والذي يلبي مصلحة التحقيق ويراعي مصالح الضحايا المتضررين من انفجار المرفأ.
وأفادت المعلومات أمس، أن شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي نجحت بتوقيف مُشتبه به بمقتل العقيد المتقاعد في الجمارك منير أبو رجيلي قبل ثلاثة أسابيع في بلدة قرطبا. وأوضحت أن الموقوف من بلدة قرطبا ويبدو أنّ دوافع العملية شخصيّة، كما أظهرت التحقيقات الأولية.
الى ذلك، قال رئيس مجلس إدارة «الميدل إيست» محمد الحوت إن شركة الطيران ستتوقف عن قبول الدفع بالدولار الأميركي من الودائع في البنوك المحلية.
وأضاف: «سنبدأ في بيع تذاكرنا بالـfresh dollar» فقط، أي الدولارات المحوّلة من الخارج والخالية من القيود المصرفية. ويعود السبب الى أن «الدولار في البنوك المحلية يعادل 40% من الدولار خارجها»، بحسب ما قال الحوت، شارحاً «أن الاستمرار بقبول الدولارات المحلية غير مجد تجارياً لأن 85 في المئة من نفقات شركة الطيران بالعملة الصعبة».
صحياً، وفيما بدأ التحذير من سلالة جديدة لفيروس كورونا بدأت الانتشار في بريطانيا وعدد من الدول الأوروبية، اعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن ان آخر المعطيات تقول إن لقاح فايزر فعّال، وفي الوقت نفسه السلالة الجديدة لكورونا سريعة الانتشار، لكن حتى الآن لم تظهر أنها أشدّ فتكاً بل تنتشر بشكل أسرع وعلينا الانتظار، مشيراً الى اجتماع سيعقد اليوم للجنة كورونا لبحث الإجراءات المتخذة للوافدين من لندن في وقت يواصل عداد كوفيد 19 الارتفاع، حيث أعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 1534 إصابة جديدة توازياً مع تسجيل 11 حالة وفاة جديدة خلال الساعات الـ 24 الماضية.
المصدر: صحف