ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 30 تشرين الثاني 2020 على تشكيل الحكومة اللبنانية وحراك الرئيس الحريري باتجاه بعبدا والكلام عن تمكن الاخير من انهاء تشكيلته من 18 وزيرا ليعرضها على رئيس الجمهورية، وعلى انهاء الاقفال العام في لبنان والعودة التدريجية الى الحياة الطبيعية ومزاولة الاعمال وفتح المدارس…
الاخبار
إلى الحرب… كما في الحرب المقاومة بعد مناورة «السهم الفتّاك»: قاموسنا ليس فيه أيام قتاليّة
بين 18 و25 تشرين الأول الماضي، استنفرت المقاومة الإسلامية جميع وحداتها في مختلف مناطق انتشارها، داخل لبنان وخارجه. عدد هائل من المقاومين، من القوات النظامية أو قوات التعبئة، التحقوا بنقاط عملهم المقرّرة. وحدات الرصد كثّفت من عملها، وتمّ نشر الوحدات القتالية حيث يفترض أن تؤدي دوراً مركزياً، بينما كانت الوحدات الاستراتيجية تقوم بالتموضع العملياتيّ الذي يجعلها في حالة الخدمة المباشرة متى صدرت الأوامر. ودخل الباقون، من العاملين في مختلف صنوف خدمات الدعم القتالي (دعم، اتصالات، إسعاف حربي، إلخ)، مروراً بالمشرفين على آليات العمل في غرف العمليات، في حالة جهوزية وصلت إلى حدّ إخلاء عدد كبير من المراكز. كلّ ذلك حصل بصمت، بضجيج لم يلتفت إليه إلا المعنيون، وبعض من صار يفهم بلفتة أو حركة عابرة، أن هناك حالة طوارئ قائمة.
قرار الاستنفار، الذي جعل الجسم العسكري للمقاومة الإسلامية في وضعيّة مناورة واقعية، اتُّخذ عشية بدء قوات كبيرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي مناورة دفاعية رفيعة المستوى في مساحة واسعة من شمال فلسطين المحتلة، وهي مناورة «السهم الفتّاك» التي اتخذت من الجبهة الشمالية عنواناً مركزياً لها. والجبهة الشمالية في عرف العدو العسكري، هي المنطقة التي تشمل كلّ حدود فلسطين الشمالية في لبنان وبحره وسوريا وجبالها. منذ ما بعد تحرير عام 2000، يتعامل العدو بطريقة مختلفة مع الجبهة الشمالية، وبعد فشله في حرب عام 2006، صار الربط عضوياً بين الجبهتين السورية واللبنانية. في كيان العدو، ثمة مَن صار يتحدث عن الحرب المقبلة باعتبارها «حرب الشمال الأولى» وليس حرب لبنان الثالثة.
لكن الذي ربما لا يعرفه الجمهور عندنا، يعرفه العدو، بأجهزة استخباراته العسكرية والتجسّسية، كما قياداته العسكرية، الذين شاهدوا استنفار المقاومة وتلقّوا الرسالة. فهذه المرة، سعت المقاومة من خلال بعض الخطوات الى إفهام العدو قصداً، أنها في حالة جهوزية قتالية جدية، إن هو فكّر بالقيام بعمل خارج المألوف، أو حاول اتخاذ المناورة ساتراً لعدوان ما.
ربّما ليس معلوماً أيضاً، أن مناورة «السهم الفتّاك» جاءت كتتويج لسلسلة تدريبات صامتة استمرت أسابيع عدة، واشتملت على مناورات متنوّعة تخصّ ساحات عدة. لكن ما أُنجز قبالتنا، شكّل الجزء البري والأخير. ومع ذلك، فإن كل هذه المناورات كانت تحت نظر المقاومة الإسلامية، وهي لم تكن أصلاً بعيدة عن المعرفة المسبقة بنوايا العدو. وميزة المقاومة الإسلامية في لبنان عن بقية أعداء إسرائيل تكمن في نضج جاء ثمرة تراكم خبرات وعمل أربعة عقود جعلت حزب الله يفهم العدو عميقاً جداً.
ثالوث كوخافي
نظريات عسكرية كثيرة أطلقها الذين تعاقبوا على قيادة جيش الاحتلال في السنوات الـ15 الأخيرة. الثابت الوحيد فيها كان ولا يزال التهديد بضربات فتّاكة لقواعد المقاومة وبيئتها المدنية والبنية التحتية للدولة اللبنانية كعقاب على عدم نزع سلاح حزب الله. لكنّ النقاش لا يخص الحافزية والأسباب الموجبة للحرب الشاملة. المسألة هنا أن في إسرائيل مَن يرفع الصوت كلّما تحمّس البعض للحرب الشاملة سائلاً: هل لديكم اليقين بنصر حاسم وسريع وواضح؟
اللاجواب على هذا السؤال، لا يمنع العدو من استمرار العمل على فكرة الجهوزية الكاملة. لكنّ التعديلات الجوهرية تتصل بالمدى الزمني لهذا النوع من الجهوزية. نحن أمام جيش كبير، وأمام تركيبة عسكرية معقّدة، ووحدات قتالية ولوجستية ضخمة، وأمام عديد كبير جداً. ما يعني أن الجهوزية تحتاج إلى تبدّل جوهري في آليات العمل اليومي عند العدو. ولذلك، كان رئيس أركان جيش العدو افيف كوخافي واضحاً خلال كلامه المتعدّد والمتنوّع الذي قاله أمام ضباطه وجنوده: يجب أن نكون في حالة جهوزية كأنّ الحرب واقعة الآن!
لكن كوخافي يتصرف على أساس أن الجهوزية تستهدف إمّا مواجهة تطور طارئ ناجم عن عمل ابتدائي تقوم به المقاومة ضد أهداف إسرائيلية، أو مبادرة إسرائيل إلى عمل عسكري يستوجب مواجهة كبيرة، لكنّها أقل من حرب شاملة. وهنا برز إلى الواجهة تعبير جديد هو «الأيام القتالية»، وهو غير تكتيك «المعركة بين الحروب» الذي تستخدمه قوات العدو لتنفيذ عمليات قصف واغتيالات وتخريب ضد جبهة المقاومة. أما فكرة «الأيام القتالية» فلها معنى آخر في العقل العسكري للعدو.
في أيام المناورة، وُزِّع في كيان العدو فيديو لرئيس أركان جيش الاحتلال يتحدث فيه أمام ضباط من القوات العاملة في البرّ. الخطاب لم يُقَل في هذه المناورة بالتحديد، إلا أن مضمونه يلخّص تصور كوخافي عن إطار المواجهة التي تحتاج حكماً إلى تدخل القوات البرية المشاركة في المناورة. هو قال: «نحتاج إلى إنجاز عالٍ جداً في وقت قصير قدر المستطاع، لكن مع ثمن منخفض من الكلفة، وهو لا يتمّ من دون دخول بري، والأهم أن عليكم أن تستعدّوا كأن هذا سيحدث غداً».
وقد سبق لكوخافي أن تحدث في أكثر من مناسبة في العامين الماضيين عن نظريته، والتي يمكن وصفها بـ«ثالوث كوخافي». وهي تتضمّن الأضلع الثلاثة الآتية:
– حدّ أقصى من الفتك، أي تدمير الطرف الآخر مادياً وبشرياً.
– حدّ أدنى من الخسائر، في قوات الاحتلال وجبهته الداخلية.
-حدّ أقصر من الوقت لإنجاز المهمة.
المقاومة: لا نعترف بأيام قتاليّة
قائد فرقة الجليل في جيش الاحتلال شلومو بيندر يذهب ليكون أكثر وضوحاً. قال لمراسل «إسرائيل هايوم»: إن المعركة الحقيقية «هي من يتعلّم أكثر وأسرع». فرقة الجليل لم تشارك أصلاً في المناورة. كانت تقوم بمهامّها كالمعتاد. انتشارها ودورها على طول الحدود مع لبنان بقيا في حالة استنفار كما هي الحال منذ أربعة شهور. لكنّ شلومي بيندر يحاكي أهداف المناورة الأخيرة، منطلقاً من أن حزب الله سيردّ بشكل مؤكد على قتل مقاتل له في سوريا. لكنّه يذهب إلى التهديد بردّ قاسٍ قائلاً: «لا أنصحهم باختبارنا من جديد، لأن الرد سيكون غير متناظر مع ما يُتوقع حدوثه. نحن مستعدون جيداً، أيضاً لوضع نضطرّ فيه إلى خوض عدة أيام قتالية. حزب الله سيدفع ثمناً باهظاً». هنا، يصل بيندر إلى الكلمة المفتاح، أي إلى «الأيام القتالية»، وهو يقف عند هدفها المركزي: حزب الله يريد إرساء معادلات وهو ما لا نقبل به.
وبحسب مناورات جيش العدو، فإن فلسفة «الأيام القتالية»، تستهدف عمليات لتغيير قواعد الاشتباك. وهذا يعني في قاموس العدو عدم تقييد حركة قواته في لبنان وسوريا لضرب أهداف تخصّ «التموضع الاستراتيجي» للحزب هناك، كما تستهدف منع المقاومة من مراكمة قدرات في البناء الصاروخي، ولا سيما عملية تحويل الصواريخ إلى صواريخ ذكية تحقق إصابات نقطوية مع فعّالية تدميرية كبيرة. والعقل الاستراتيجي الإسرائيلي يفترض أنه في «الأيام القتالية»، سيوجّه ضربات قاسية جداً تجعل حزب الله يدفع الثمن الكبير وتردعه، من دون أن يقود ذلك إلى حرب مفتوحة.
في المقابل، ثمّة أمور يجب التوقف عندها. فتطور العقل العسكري للمقاومة في العقدين الأخيرين، انعكس نتائج عملانية واضحة على الأرض، تمثل في إزالة قسم كبير من آثار الاحتلال، ومنع تكراره، ثم إفشال حرب قاسية كما حصل في عام 2006. كذلك وفّر منظومة ردعت العدو عن القيام بأعمال عدائية، ليس ضد المدنيين فحسب، بل ضد المقاومة أيضاً. وجرى تثبيت قاعدة مركزية في عقل العدو بشأن حق المقاومة في تطوير قدراتها بما يتناسب مع خططها. ثم جاءت تجربة الحرب السورية لتظهر نتائج التطور المباشر ليس على صعيد القدرات والأدوات القتالية، بل على صعيد العقل الاستراتيجي أيضاً.
بهذا المعنى، فإن العدو عندما يفكر في الأيام القتالية، ينسى أو يتجاهل حقيقة أن حزب الله لم ولن يقبل المسّ بقواعد الاشتباك الحالية. بل أكثر من ذلك، فإن الحزب يعمل على تثبيت قواعد الاشتباك في سوريا وليس في لبنان فقط. وبالتالي فإن السؤال موجّه إلى عقل قادة العدو: هل تعتقدون أن الأيام القتالية ستدفع المقاومة إلى القبول بما لم تقبل به جرّاء الحرب الكبيرة أو المعارك بين الحروب؟
العقل العسكري للمقاومة يتصرّف بحسم مع هذا الموضوع، وأول القرارات، هو إبطال مسبق لفكرة وفلسفة وبنية وهدف «الأيام القتالية». وهذا ما يوجزه المعنيون في قيادة المقاومة بعبارات واضحة: «طبيعتنا لا تسمح بأيام قتالية، وبالنسبة إلينا، الأيام القتالية هي حرب. وبالتالي فإن المقاومة ستخوض هذه الأيام القتالية على أساس أنها حرب، وفي الحرب، تكون الحرب بكل مواصفاتها».
هناك منطق عسكري يردّده قادة العدو (يُكتب بالعبرية: במלחמה כמו במלחמה)، وهو مفهوم ثبّته قادة جيوش أوروبا في القرن السابع عشر، «à la guerre comme à la guerre»، ومعناه بالعربية: «في الحرب كما في الحرب»، وعندما يستخدمه قائد مع قواته فهو يقول لهم: «في حالة الحرب، عليكم إنجاز كل ما هو مطلوب، وتصبح كل الوسائل متاحة، ولا تبخلوا في الخيارات أو الوسائل لتحقيق الهدف… وهذا ما تنوي المقاومة القيام به».
لكن ماذا عن ثالوث كوخافي؟
لا تنكر المقاومة حقيقة القدرات الهائلة لجيش العدو على صعيد القوة النارية التدميرية. وبحسب العقل العسكري للمقاومة، ثمّة إقرار بأن العدو قادر على تحقيق الضلع الأول من ثالوث كوخافي، أي بلوغ الحد الأقصى من الفتك. لكنّ المقاومة تدعو العدو هنا إلى تذكّر، أنه لم يكن أقل فتكاً في كل حروبه السابقة. وفي مراجعة لتاريخ كل حروبه، يظهر بوضوح أن إسرائيل لم تكن زاهدة على الإطلاق في عمليات القصف المجنونة. (أرقام جيش العدو نفسه، تتحدث عن استخدام 173 ألف مقذوف بري فقط خلال حرب عام 2006، والاضطرار إلى إقامة جسر جوي سريع مع الولايات المتحدة لإعادة ملء المخازن). وبالتالي فإن السؤال يصبح: ما هي الإضافة، وماذا يعني المزيد من الفتك، إلا إذا وضع العدو في بنك أهدافه المنشآت المدنية اللبنانية، تلك التي تجنّب قصفها عام 2006 لأسباب سياسية فرضتها الخطة الأميركية للحرب.
لكن إذا كان العدو يقدر على تحقيق الضلع الأول المتمثل في الفتك، فماذا عن الضلعين الآخرين، أي حجم الخسائر في جبهته وفترة الحرب الزمنية؟
تجزم المقاومة، من دون تردد، بأن العدو لن يكون قادراً على الإطلاق، وتحت أي ظرف، على التحكّم بعنصر الوقت. كما سيكون من شبه المستحيل على العدو التحكّم بحجم ردود المقاومة، وبالتالي، التحكّم بحجم الخسائر التي ستقع في جبهته.
وبعيداً عن أي حماسة أو تهويل، فإن المقاومة هي من يتحكّم بضلعَي الوقت والخسائر. وفي هذه النقطة، فإن برنامج عمل المقاومة يشتمل على تصوّر واضح وخاص لكلمة «فتاك»، أي أن على العدو توقّع ردود غير مسبوقة من قبل المقاومة لتحقيق «فتك» لم تعرفه «إسرائيل» أصلاً منذ عام 1948. ومن المفترض أن يكون قادة العدو قد أدركوا المعنى المباشر للمعادلة التي أعلن عنها سابقاً الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، عندما رفع شعار «الضاحية مقابل تل أبيب». وهذا له تداعياته على كل الأمور الأخرى في الحرب، بهدف تثبيت المعادلة الأكيدة في قرارات المقاومة لناحية «العمق بالعمق».
ويمكن هنا الاكتفاء بما ينقله إعلام العدو عن قياداته العسكرية والأمنية حول القدرات الصاروخية للمقاومة. لقد توقّف العدّاد منذ مدة طويلة عند رقم 150 ألف صاروخ من أنواع مختلفة. وذهب العدو بعدها إلى الحديث فقط عن الصواريخ الكبيرة ومن ثم الدقيقة. وهو يشير دائماً إلى أنواع من الصواريخ التي تستعرضها القوات الإيرانية ويتصرف على أساس أنها باتت في حوزة حزب الله، وهي من أنواع تغطي، على صعيد المدى، كل مساحة فلسطين المحتلة، وتحمل رؤوساً متفجّرة بزنة تصل إلى 600 كلغ من المتفجّرات، عدا قدرتها على تحقيق إصابات دقيقة مع هامش خطأ لا يتجاوز الأمتار العشرة. وفي حالة الحرب، فإن المقاومة لم تمتلك هذه الصواريخ لتزيّن بها أرض لبنان، والمقاومة لا تخزّن السلاح كما فعلت وتفعل جيوش عربية كثيرة، بل هي تستخدمها متى تطلّب الأمر. وربّما بات معلوماً، أن قيادة المقاومة، وخلال حرب عام 2006، لم تجد نفسها مضطرّة إلى استخدام أنواع من الصواريخ التي كانت تغطي منطقة «غوش دان» وسط الكيان. لكنّ الأكيد أنه في أي جولة مقبلة، سنعود إلى فكرة الشتاء الصاروخي على كلّ فلسطين، وتحديداً على المستطيل الذي كان أشار إليه السيد نصرالله في مقابلة سابقة له، وهو بمساحة تقلّ عن مئة كيلومتر مربع، وفيه قلب وعصب الكيان.
أما لناحية الضلع الثالث المتعلّق بفترة الحرب، فإن العدو يعرف بالتجربة، من كل المواجهات السابقة مع المقاومة في لبنان أن هناك حقيقة ثابتة تقول بأن إسرائيل كانت من يصرخ أولاً. حتى إن قادة العدو يُقرّون بصورة دائمة بأن حزب الله يتميّز بإجادة «لعبة الصبر والاستنزاف»، وأنه كان دائماً صاحب الصلية الأخيرة.
المقاومة والمناورة؟
ليست هي المرة الأولى التي تُجري فيها إسرائيل مناورات ضخمة قبالة لبنان. لكنّ هذه المرة، جاء استنفار المقاومة بدرجة كبيرة ليس خشية من أمور تجهلها حيال نوايا العدو، إنما بقصد البعث برسالة واضحة إلى العدو بأن ما يقوم به من تدريبات ووضع خطط إنما هو تحت نظر المقاومة.
وفي بعض الخلاصات، يتضح أن هناك ثغرة مركزية يواجهها جيش الاحتلال، وأن مصدر الإحباط أو التعب عند العقل العسكري لقيادة العدو يتركّز حول القلق من فعّالية القوات البرية في أي معركة في مواجهة حزب الله. والسبب ببساطة، أن نظرية كوخافي في المواجهة تفترض دوراً مركزياً للقوات البرية. ولذلك حاكت المناورة هدف «تقصير المدى العملانيّ» للقوات البرية في أي خطة عملياتية إسرائيلية. وأن المهمة تُترجَم بوضع حد ضيق للتوغّل داخل الأراضي اللبنانية.
في حروب سابقة، من بينها اجتياح عام 1982، نفّذت القوات البرية للعدو مناورة قتالية أوصلتها إلى تخوم بيروت. لكن ما هو مطروح اليوم أمام القوات البرية، يقتصر على توغّل بعدة كيلومترات فقط داخل الأراضي اللبنانية. وهذا المبدأ يعرف العدو أنه من النتائج المباشرة لحرب تموز، تلك الحرب التي أنتجت حقيقتين عسكريتين عند العدو، أُولاهما، عدم القدرة على حسم الحرب من الجو، والثانية، تتعلّق بانعدام فعّالية القوات البرية لتحقيق الاحتلال والسيطرة.
أمر آخر يتابعه العدو، ولكن ربّما لا يعي حقيقته، وهو متصل بكلام السيد نصرالله مراراً عن أن المقاومة ستدمّر كل فرق العدو البرية التي تتوغّل في الأراضي اللبنانية. وواضح أن العدو صارت لديه صورة، وإن لم تكن مكتملة، حول قدرات المقاومة وخططها لتنفيذ هذا الوعد. ومن يعرف قليلاً عن هذه الخطط يدرك بأن الجهوزية لمواجهة القوات البرية أكبر من أن يتخيّلها أحد.
وفي هذا السياق، تظهر تجارب حرب تموز 2006، وتجارب المعارك المتنوّعة في سوريا، حجم التطور على مستوى العمل المباشر للوحدات القتالية للمقاومة في أرض الميدان. وهذا يُحيلنا إلى الوجه الآخر لمبدأ «الفتك» الذي سيواجهه العدو في حال تورّطه في أي حرب، لأن ما ينتظر فرقه وقواته البرية التي يقول رئيس أركان جيش الاحتلال إنها ستعمل بالضرورة، سيكون أكبر من المُتخيَّل. إذ أن تدريبات ومناورات المقاومة النظرية والعملانية على مدى عقد ونصف عقد، أنتجت أفكاراً ووسائل تشرح المعنى المقصود بعبارات السيد نصرالله عندما يقول جازماً: «إن كل فرقكم البرية ستُدمَّر في حال دخولها إلى لبنان».
ماذا عن تحدّي الجليل؟
في هذه النقطة، يظهر البعد الإضافي للمناورة الإسرائيلية. حيث وضعت على طاولة هيئتها الأركانية وقواتها، مَهمة دفاعية مركزية تقوم على فرضية أن قوات خاصة من حزب الله ستكون مجهّزة للدخول إلى الجليل الفلسطيني المحتل، وهدفها السيطرة على مواقع ومستوطنات. وهنا يضع العدو في حساباته أن المقاومة ستقوم بعمليات أسر وتحويل المستوطنين إلى رهائن. ولذلك، كان قائد فرقة الجليل شلومي بيندر صريحاً بقوله، إن هناك ما لا يقل عن 22 مستوطنة قريبة من الحافة مع لبنان سيتم إخلاؤها في أي مواجهة، ولن يبقى فيها إلا قوات الحماية المحلية (مجموعات شكّلتها مجالس المستوطنات) بالإضافة إلى القوات العسكرية. وبيندر نفسه، لا يحسم مسبقاً القدرة على منع تجاوز المقاومين للحدود. بل هو قلّل من أهمية تعطيل الأنفاق قائلاً: «يقدر حزب الله على الدخول من فوق الأرض إذا تعذّر عليه الدخول من تحتها»!
يبدو العدو لمرة أولى في تاريخه حاسماً لناحية أن المقاومة لا تملك الرغبة أو الإرادة فحسب، بل هي تملك أيضاً القدرة على تحقيق هدف من هذا النوع. والعدو يراجع هنا تجارب العمليات الهجومية للمقاومة في سوريا، وخصوصاً قيام قوات كبيرة أو متوسطة بالسيطرة على مدن كبيرة ومتوسطة أو أحياء في مدن مكتظّة عمرانياً وسكانياً أو حتى الوصول إلى مواقع في تضاريس جغرافية شديدة التعقيد.
خطأ التقدير عند العدوّ
في عقل المقاومة العسكري متابعة لا تقتصر على الجانب الإجرائي من عمل قوات العدو، بل أكثر من ذلك. ويلفت أحد القادة الجهاديين إلى «أمر مستجدّ ومُهم»، قائلاً: «نلاحظ اليوم تبدّل أجيال القادة عند العدو، ويوجد اليوم ضباط كبار يُظهرون جرعة زائدة من المعنويات. هؤلاء ربما يفكرون بأنهم سينجحون حيث فشل أسلافهم. لكننا نعرف أن بعض العقلاء عندهم يُحذرونهم من مغبة التباهي والذهاب إلى حرب. لكن، قد يحصل خطأ في التقدير، وعندها سيواجهون ما لا يتوقّعون».
ويضيف القائد الجهادي: «تمتلك إسرائيل قدرات كبيرة جداً، وهي تعرف الكثير عن المقاومة. ومعرفة الإسرائيليين ببعض الأمور، هي التي تنعكس قلقاً عندهم من بعض الأمور، مثل اقتحام الجليل. لكن هم لا يعرفون كل ما نفكر به نحن، وهناك أشياء كثيرة جداً لا يعرفون عنها أي شيء. يوميات الصراع الدائر، تشرح لنا ما يعرفه العدو عنا، لكنّ الأهم، أننا نعرف العدو بصورة وافية. نعرف كل شيء عن جيشه وقواته، ونعرف أكثر كيف يفكر ونجيد توقّع تصرفاته. لدينا تقديرات دقيقة حول أيّ قرارات سيتخذها العدو، حتى إن لدينا تقديرات بشأن القرارات التي لم يتخذها بعد. وإذا كانت بعض الأوضاع المستجدّة، ستضطره إلى اتخاذ بعض الخطوات، فإن لدينا قدرة على استشراف ما سيقوم به العدوّ. في مكان ما، وبمعزل عن طبيعة الوسائل التي نستخدمها، إلا أننا نعرف عنهم أكثر مما يعرفون عنّا».
القوات المشاركة في «السهم الفتاك»
بحسب المعطيات، فإن مناورة “السهم الفتاك»، تمّت بمشاركة وحدات مختلفة من جيش الاحتلال، التي تشتمل على قوات نظامية وعلى القوات التي تعمل ضمن خانة الخدمة الإجبارية في الجيش. ومن أبرز المشاركين في المناورة:
هيئة الأركان العامة./ قيادة المنطقة الشمالية./ شعبة الاستخبارات./ ذراع الجوّ.
تشكيل الدفاع الجوي:
– الكتيبة 137 (القبة الحديدية).
– الكتيبة 138 (التي تُعنى بتشغيل منظومة الدفاع الجوي «باتريوت»).
– مقلاع داود ــــ أو العصا السحرية (منظومة دفاع صاروخي).
– منظومة «حيتس» لاعتراض الصواريخ.
– تشكيل الطائرات المأهولة عن بعد «كتمام».
– سرب “هناحش هشاحور” (الثعبان الأسود) الذي يشغل طائرات «هرمس 450».
– السرب 200 الذي يشغل طائرات «شوفال».
– قاعدة تل نوف: السرب «مغاع هكساميم» (مروحيّات أباتشي).
– قاعدة رمات دافيد في الشمال بكلّ أسرابها.
– قاعدة نيفاتيم: السرب 140 (طائرات F35i ــــ المسمّاة إسرائيلياً «أدير»).
ذراع البر:
– المركز القومي للتدريبات البرية.
– الفرقة 162 (الفرقة النظامية المدرعة الرقم 2 في الجيش بعد الفرقة 36، وهي من ناور في حرب تموز 2006 داخل وادي الحجير، سواء بلواء المدرعات فيها 401 أو لواء المشاة الناحل 933 وتلقّوا شرَّ هزيمة).
– فوج المدفعية 215، التابع للفرقة 162.
– لواء المشاة الناحل 933، التابع للفرقة 162.
– لواء المدرعات 401 (كتائبه الثلاث 9، 46، 52)، التابع للفرقة 162. (ميركافا 4 ومزوَّدة بمنظومة معطف الريح «تروفي»).
– كتيبة روتم من لواء المشاة غفعاتي 84، التابع للفرقة 162.
– وحدة محاكاة العدو (الوحدة الحمراء).
– كتيبة الهندسة 601 التابعة للواء 401.
ذراع البحر:
– سفن الصواريخ، زوارق سوبر ديفورا، غواصات.
– الشييطت 3 (الفصيلة 33 ).
سلاح الاتصالات والحوسبة
– شعبة الحوسبة والدفاع في السايبر
– قسم حماية السايبر
– منظومة الاتصالات «تْسَيّاد» 750. (الكلمة تسياد هي اختصار بالعبرية للأحرف الأولى من جملة «جيش ــــ بري ــــ رقمي»).
شعبة التكنولوجيا واللوجيستيكا:
– مركز الذخيرة في شعبة التكنولوجيا واللوجيستيكا
وحدات خاصة:
– الوحدة المتعددة الأبعاد (عُتْسْباتْ بِيْزِكْ).
قيادة العمق:
– لواء الكومندوس (مَغْلانْ، دوفدوفان، إيغوز)
«فتاك» لا «قاتل»… وأدرعي!
في سياق الحديث عن المناورة العسكرية للعدو، تداولت كل وسائل الإعلام العربية اسم «السهم القاتل» على المناورة. لكن بعض التدقيق، يكشف أنها ترجمة غير دقيقة وغير محترفة لاسمها العبري «חץ קטלני» الذي يعني بالعربية «السهم الفتاك»، أما صفة «القاتل» التي استخدمها الإعلام العربي، فمردّها الى ما نشره الناطق باسم جيش العدو أفيخاي أدرعي في سياق تغريداته عن المناورة. وأدرعي هذا، يظهر دائماً بصورة «بهلوان» الحرب النفسية لجيش العدو، علماً بأنه يملك إمكانات وفريقاً وهامش حركة. لكن، هل يقيّم قادته ما يقوم به على صعيد وظيفته المصرّح عنها مهنياً، لأنه بالتأكيد ليس هناك في إدارة أجهزة العدو المعنية أغبياء يعتقدون أنه يحقق أي نتيجة مهنية مباشرة، إلا إذا كانت الاستخبارات الإسرائيلية تستخدمه لغايات أمنية، وتتخذه ساتراً للنفاذ الى متابعين له على وسائل التواصل الاجتماعي، وهم بالمناسبة كثر.
لماذا يؤخّر الحريري تأليف الحكومة؟
لا يأبَه الرئيس المكلف سعد الحريري بحال لبنان المكشوف سياسياً وأمنياً ومالياً على كل السيناريوات. يتباطأ في مهمته، ويعزف عن تأليف الحكومة، واضعاً العراقيل أمام نفسه والآخرين. هل يريد الحريري تأخير ولادة الحكومة إلى العام المقبل، مراهناً على سياسة جديدة في إدارة الرئيس الأميركي المُنتخب جو بايدن؟
تتزايَد في بيروت الشكوك حيال إمكان ولادة الحكومة التي كُلّف الرئيس سعد الحريري بتأليفها، في المدى القريب، أو حتّى بعيد. وتتزايَد معها علامات الاستفهام عمّا إذا كانَت العِقد التي تواجِهها ناجمة عن عوامل محض داخلية تتّصل بالخصام بين الحريري من جهة، ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون والنائب جبران باسيل من جهة أخرى، أم أنها ترتبِط بالتحولات الإقليمية والدولية التي لم تتضّح نتائجها بعدن بعد الانتخابات الأميركية. وإذ لم يعُد مُهماً الجواب الذي أفضى الى دخول المداولات الحكومية في غيبوبة، وسواء كانَ إدخالها مُتعمداً من قِبل الأطراف المعنيين أو لا، فإن ثابتة واحدة لم يعُد بالإمكان إنكارها، وهي أن البلاد محاصرة بينَ حكومة تصريف أعمال أعجَز من حمل الأثقال وحكومة مؤجلة محكومة بانتظار ما وراء المحيطات، من دون الالتفات إلى تحلّل هيكل الدولة بكل مفاصله: الأمن والسياسة والاقتصاد والمال والنقد. ورغم الانطباع بأن عدم تأليف الحكومة بعد أكثر من شهر على التكليف، مردّه إلى إصرار كل طرف على مطالبه وشروطه، فإن المسؤولية الأكبر، لا شكّ، يتحمّلها الحريري الذي يتمسّك بورقة التكليف في جيبه بانتظار دخول الرئيس الأميركي جو بايدن الى البيت الأبيض، مراهناً على تفاهمات جديدة في المنطقة والعالم تُعيد ترسيم النفوذ.
لم تحمِل الأيام الماضية أي جديد في ما يتعلّق بالحكومة. فقد كانَت روزنامة الأسبوع الفائِت مليئة بمناقشة ملفات حساسّة، من قانون الانتخاب إلى رسالة عون في مجلس النواب بشأن التدقيق الجنائي. غيرَ أن لا علاقة لذلك بعدم استئناف رئيس الحكومة المُكلف اتصالاته ولا تسجيل أي زيارة له إلى قصر بعبدا. فكلّ ما يفعله الحريري، على حدّ قول معنيين، هو «الشكوى» من باسيل. تقول مصادر مطلعة على الملف الحكومي إن عدداً من الأطراف كانَ ينصَح الحريري في الفترة الماضية بالتواصل مجدداً مع عون وباسيل من أجل تأليف الحكومة، لكنه كانَ يُجيب بجملة واحدة «ما حدا يلزمني بالحديث مع باسيل»! المصادِر ذاتها تعتقِد بأن ثمة أمراً آخر يقِف خلف تصرفات الحريري الذي باتَ يتسلّح بهذه الحجة، وخاصة أن الكلام مع رئيس تكتل «لبنان القوي» لم يعُد هو العائِق، بعدَ أن تكفّل الموفد الفرنسي باتريك دوريل بذلك، خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان. ثمّ إن آخر العقد التي كانَ يُحكى عنها هي أسماء الوزراء المسيحيين وتوزيع الحقائب في الحصة المسيحية. ويصعب في رأي هذه المصادر عزل تصرفات الحريري عن المناخ الإقليمي – الدولي الذي يُحيط بلبنان في لحظة اشتداد المواجهة، لكنها تميل أكثر إلى ربطها باعتبارات لديه تتعلّق برهانه على سياسة الإدارة الأميركية الجديدة.
من البداية، لم يكُن الحريري ثابتاً على موقف. ظنّ أن بإمكانه تجاهل باسيل، ما دامَ قد «حبكها» مع حزب الله وحركة أمل، واهماً بأنهما الى جانبه لمجرّد أنه يقبَل بأن يسمّيا هما الوزراء الشيعة. ثم لعِب الحريري على خطّ بعبدا، متذرعاً بالدستور، لحياكة تشكيلة يشاركه فيها عون وحده، علماً أنه لم «يحلِب صافياً معه». بداية أوحى إليه بأنه منفتِح وسيقبل بما يريده رئيس الجمهورية من وزارات وأسماء ثم عادَ وانقلب عليه، بحجة أنه محشور بحصص أطراف مسيحيين آخرين، حتى وصلت الأمور بينهما إلى حدّها، خلال اللقاء الأخير الشهير الذي كانَ فيه عون منزعجاً جداً. باعَ الحريري وليد جنبلاط وعوداً بحقيبتين (الصحة والشؤون الاجتماعية) وتراجع، ما دفع بجنبلاط الى رمي بعض التغريدات العالية السقف. وهكذا دواليك، أخذ الحريري يرمي أوراقاً ويسحبها على طاولة التوازنات والحصص، فيما بدأت تتكشف محاولاته تأخير التأليف الى السنة الجديدة. وهنا، توسّع المصادر في دائرة التحليلات وصولاً الى باريس، إذ اعتبرت أن «الحريري والفرنسيين معاً يُفضّلان تجميد التأليف الى حين تسلّم بايدن، الذي من المتوقّع أن يذهب الى تفاهمات جديدة مع الأوروبين ودول الخليج، ما قد يتيح تأليف الحكومة بطريقة أسهل وأكثر نفعاً». في المقابل، تردّ مصادر قريبة من الحريري بالقول إن «السبب الوحيد لتأخير التأليف هو أن عون وباسيل لا يزالان يتصرفان كما لو أن البلاد بخير، إذ لم يتبدّل شيء في أدائهما».
وتجزم المصادر بأن الحكومة «ستولد في لحظة تنازل عون وباسيل عن شروطهما».
وفيما لا يزال مؤكداً أن الحريري لن يعتذر، وهو ما أشار إليه عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش، لفتت مصادر قصر بعبدا إلى أن «الرئيس المكلف لم يكُن حتى مساء أمس قد طلبَ موعداً من عون»، وذلك رداً على المعلومات التي جرى تداولها بشأن زيارة ستحصل اليوم، لافتة إلى أنه «في العادة يطلب الموعد في اليوم ذاته».
من جهة أخرى، أطل في مقابلة تلفزيونية رئيس حكومة تصريف الأعمال، حسان دياب، معتبراً أن ما حدث في مرفأ بيروت هو «جريمة العصر، ونتيجة شكل من أشكال الفساد المستشري». وعن أن البعض يصف حكومته بأنها تابعة لحزب الله، شدّد على أنه «مستقل وحكومتي ليست حكومة حزب الله. وفي هذا الظرف مطلوب حكومة تكنوقراط ووزراء غير حزبيين وغير سياسيين واختصاصيين وأصحاب خبرات». وقال إن «المنظومة الفاسدة متجذرة في البلد وتعطل كل مشروع إصلاحي»، مشيراً إلى أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة «مدعوم من الطبقة السياسية والمالية، ولا شك في أن هناك دعماً كبيراً له، فهو لم ينفّذ قرار مجلس الوزراء» بشأن التدقيق الجنائي.
العودة إلى الحياة الطبيعية اليوم: عدد ضحايا الوباء يتجاوز الألف!
تعود البلاد، اليوم، إلى حالتها الطبيعية بعد قرار فك العزلة الذي استمر أسبوعين. عملياً، لا تعني هذه العودة أن أمور فيروس كورونا تسير على ما يرام، فما يجري اليوم هو تسليم بواقعٍ لا بديل منه، وخصوصاً في ظل الفشل الذي رافق أسبوعَي الإقفال وتخبّط السلطات المعنية في إيجاد بدائل توقف الاتجاه التصاعدي للإصابات بالفيروس. وقد بدا ذلك جلياً في جلسة اللجنة الوزارية المكلفة لفيروس كورونا التي عقدت، أمس، لتقييم ما جرى في الأسبوعين الفائتين، إضافة إلى مناقشة خطة الخروج التدريجي التي وضعتها وزارة الصحة العامة. فقد كان في الجلسة تياران، أحدهما يرفض إعادة فتح البلاد دفعة واحدة مقترحاً انتقاء القطاعات التي عليها أن تفتح، والتيار الآخر يتخذ من النموذج الأوروبي نهجاً لناحية فتح البلاد والتعايش مع الفيروس، كما في فرنسا وبريطانيا. وفي النهاية، خرجت القرارات بمجملها متوائمة مع توجهات التيار الثاني، فتقرر دفع «الإقفال العام إلى ما بعد العاشرة ليلاً»، على أن يترافق ذلك مع حظرٍ للتجول بدءاً من الحادية عشرة ليلاً حتى الخامسة فجراً. أما بالنسبة إلى العودة، فقد أعطت اللجنة الوزارية الضوء الأخضر للمدارس للعودة إلى التعليم المدمج (حضورياً وعن بُعد)، ولمعظم القطاعات الاقتصادية من محال ومطاعم التي حددت نسبة الإشغال فيها بـ 50%، فيما استثنيت من العودة الملاهي الليلية والحانات. ومن بين القرارات أيضاً، إلغاء نظام «المفرد والمزدوج» في حركة السيارات والذي جاءت نتيجته عكسية لناحية زيادة الاكتظاظ في النقل، على أن يلتزم الناس بارتداء الكمامات «حتى بين أفراد الأسرة الواحدة أثناء تنقلهم في السيارة».
عودة المدارس: التعليم الرسمي الخاسر الأكبر فاتن الحاج
إذاً، فُتحت البلاد، وفتحت معها الاحتمالات التي تفضي في معظمها إلى ازدياد أعداد الإصابات في فيروس كورونا، الني من المفترض أن تبلغ ذروتها في الشهرين المقبلين. أضف إلى ذلك، ثمة خوف كامن لدى البعض من عودة المدارس إلى فتح أبوابها «والتي من المتوقع أن تتسبب بأزمة، وخصوصاً أن لا أحد قادر على ضبط أعداد الإصابات التي يمكن أن تحدث»، على ما يقول رئيس لجنة الصحة النيابية، عاصم عراجي. وهو خوف لا يأتي من فراغ، وإنما من «بروفة» أزمة حدثت قبل مرحلة الإقفال، حيث أقفلت مدارس عدة أبوابها مع انتشار الإصابات فيها، فيما أخفت مدارس أخرى أعداد الإصابات فيها لضمان استمرار فتح أبوابها. فهنا، لا ضمانة لعدم تفشي الفيروس، وخصوصاً في ظل ضآلة الإمكانات التي من شأنها أن تعزز من إجراءات الوقاية، وخصوصاً في المدارس الرسمية. ويضاف إلى هذه أماكن التجمعات التي سمح لها بالعودة، ومنها المطاعم، فمن يضمن التزامها بنسب الإشغال المحددة؟ ومن سيراقب هذه العودة؟
إلى ذلك، شهدت جلسة أمس نقاشاً حول ما أفضت إليه أسابيع الإقفال السابقة، وقد خرج المجتمعون بخلاصة أن ما حدث كان دون الطموحات، إذ لم يفض قرار الإقفال إلى خفض نسبة الفحوص الموجبة التي استقرت عند الـ 15%، وهو رقم مرتقع جداً، أضف إلى أن نسبة الالتزام بالإقفال لم تتخطّ الـ 50%، وهي أدنى مما حصل في الإقفالات السابقة، لأن «الجميع يعرف كم كان هناك من تذاكٍ على القرارات!»، على ما أشار وزير الصحة العامة، حمد حسن. مع ذلك، لا يزال حسن يملك شيئاً من التفاؤل لناحية تحصيل نتيجة الإقفال، لجهة انخفاض أعداد الإصابات بعض الشيء، مشيراً إلى أن «نتائج مرحلة الإقفال ستظهر بدءاً من الغد».
وفي انتظار ظهور «نتيجة» الإقفال، لا يزال عداد كورونا فوق عتبة الألف إصابة يومياً، وقد سجل أمس 1266 إصابة. وصحيح أن الرقم ينخفض عما كان عليه أول من أمس، إلا أن ذلك يعود إلى انخفاض أعداد الفحوصات المخبرية التي جرت أمس والتي بلغت 8814 فحصاً، والتي تنخفض بمعدل 3 آلاف فحص تقريباً عما كانت عليه أول من أمس. وغالباً، ما تسجل نهاية الأسبوع أعداداً منخفضة من الإصابات بسبب إقفال العديد من المختبرات. أما بالنسبة إلى عداد الوفيات، فلا يزال هو الآخر يسجل أعداداً مرتفعة، وقد سجل أمس 13 حالة وفاة إضافية رفعت العدد الإجمالي إلى ألف و4 ضحايا. ومن المرجح أن يرتفع العدد أكثر مع ازدياد أعداد الحالات الحرجة التي سجلت أمس 352 حالة، من بينها 135 حالة موصولة إلى أجهزة التنفس.
مجلس النوّاب يدفن التدقيق الجنائي
أقام المجلس النيابي رسمياً يوم أمس مراسم دفن التدقيق الجنائي وأيّ أمل بتنفيذ أيّ إصلاح مالي ونقدي تمهيداً لإعادة النهوض باقتصاد الدولة ومؤسساتها. هكذا، شرّع المجلس البلد، تحت عنوان حرصه على مصيره، أمام الإفلاس والفوضى. زايدت الكتل النيابية بعضها على بعض بتوسيع دائرة التحقيقات لتشمل كل مؤسسات الدولة، لا مصرف لبنان فقط، لكنها لم تصدق «كذبتها» فانتهت بإقرار توصية غير ملزمة لإخضاع الكل للتدقيق
تكررت العبارة على مدى ساعتين من انعقاد الجلسة النيابية لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون يوم أمس: «هذه الجلسة مصيرية». قالها رئيس مجلس النواب نبيه بري وغالبية النواب. كان يفترض إذاً أن يعكس قرار المجلس النيابي الأهمية التي يبديها لمسألة رفع السرية المصرفية عن حسابات مصرف لبنان، بعد رفض حاكمه رياض سلامة التجاوب مع مطالب شركة التدقيق الجنائي «ألفاريز إند مارسال». لكن ما قُدّم على أنه يحدد مصير البلد انتهى بإقرار «توصية» بإخضاع مصرف لبنان والوزارات والمجالس والمؤسسات المالية والصناديق والبلديات كافة بالتوازي للتدقيق الجنائي من دون أي عائق أو تذرع بالسرية المصرفية. وفي اللغة القانونية، ليست التوصية سوى فولكلور لا يمكن صرفه سوى في الإطار الشعبوي، للتغطية على رغبة حماة سلامة بإعفائه من المحاسبة. إذ كيف لمن أعطى الذريعة لحاكم مصرف لبنان وكل المبررات لتمرّده على الدولة، وأمّن له ولجمعية المصارف خروجاً آمناً من تحمّل المسؤولية، أن يكون هو نفسه من سيلزمه بالخضوع للتدقيق الجنائي. ذلك يؤكد مرة أخرى أن من أوقعوا البلد في الانهيار نتيجة مشاركتهم بكل الموبقات المالية والنقدية المرتكبة على مدى سنوات، بالتواطؤ مع حليفهيما الرئيسيين رياض سلامة والمصارف، لن يسمحوا بالدخول الى مغارتهم لإصلاح ما ارتكبوه. فكان «أرنب» خلاصهم يوم أمس، توسيع التدقيق ليشمل كل مؤسسات الدولة ووزاراتها وصناديقها، بالتوازي مع التدقيق في حسابات المصرف المركزي، ضاربين عصفورين بحجر: إمرار مسرحية تبرئة ذمم أصدقاء الحاكم، والمزايدة على المطلب الأساسي تمهيداً لتطييره لمعرفة أركان النظام المسبقة استحالة تنفيذ هذه القرارات، لا لشيء سوى أنهم أنفسهم سيحولون دون الدخول الى هياكل الإدارات.
لذلك يبدو هذا المطلب سوريالياً وغير ذي جدوى. فالوزارات والمؤسسات العامة تخضع للمحاسبة عبر أجهزة الرقابة الممثلة بديوان المحاسبة والتفتيش المركزي وللنيابات العامة المالية والتمييزية ولمجلس الخدمة المدنية. كما أن كل حسابات الدولة، التي أنجزتها وزارة المالية في عهد الوزير علي حسن خليل، موجودة في ديوان المحاسبة، ولا يحتاج التدقيق فيها إلى شركة عالمية، ولا إلى قانون خاص. ولا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنة الوزارات والإدارات بإمبراطورية رياض سلامة غير القابلة للمسّ. إذ يتعذر على أي جهاز أو أي سلطة، إن كانت تنفيذية أو تقريرية أو قضائية الاطلاع على الحسابات المتبادلة بين مصرف لبنان والمصارف بخلاف حسابات الدولة المالية وحساباتها مع المصرف المركزي. وهذا دليل إضافي على النية الكامنة وراء «تكبير الحجر» لتحوير الأنظار عن القضية الرئيسية، أي تمرّد سلامة على قرارات الحكومة والقانون، للحؤول دون الكشف عن وجهة هدر الأموال وكيف تبخرت ودائع الناس، ومن المستفيد الأول من هذا المخطط الاحتيالي. هكذا، اكتفى رئيس مجلس النواب بإقرار توصية في ظرف دقيقة واحدة، ومن دون نقاش حول جدواها أو تعيين موعد لجلسة تشريعية حتى يصار الى إرفاق هذه التوصية بآليات قانونية ملزمة. لكن لا همّ، رفع النواب أياديهم عالياً وسط تصفيق حادّ، فالكلّ يبصم على التدقيق الجنائي ويريد معرفة الحقيقة، فيما خرج بعضهم مباشرة لزفّ الإنجاز الوهمي الى وسائل الإعلام والناس. وجرى تجاهل ثلاثة مشاريع قوانين مقدمة الى المجلس في هذا الخصوص، أحدها من كتلة الرئيس بري، والمشروعان الآخران من حزب القوات واللقاء التشاوري. فأعاد مجلس النواب كرة رئيس الجمهورية الى الحكومة التي يفترض بها التفاوض مجدداً مع شركة التدقيق لحثّها على الرجوع عن «استقالتها»، أو تعيين شركة تدقيق جديدة لتدخل مجدداً في نفق سلفها. بمعنى آخر، أطاح حزب المصارف مجدداً التدقيق الجنائي وأي أمل بإجراء إصلاحات في النظام النقدي والمالي، مشرّعاً البلاد التي ادّعى حرصه على مصيرها أمام الانهيار التام والفوضى الشاملة.
في متن الجلسة التي لم تنقل مباشرة على الهواء، حصلت مداخلات من كل الكتل النيابية وبعض النواب المستقلين. الجدير بالذكر هنا أن غالبية الكتل تحدثت عن قوانين أو تشريعات تسمح برفع السرية المصرفية لمدة مؤقتة، باستثناء التيار الوطني الحر الذي طالب بتوصية قبيل إقرارها من قبل بري. فالنائب محمد رعد الذي تحدث بالنيابة عن كتلة الوفاء للمقاومة، أعلن «تأييد الكتلة إجراء التدقيق المحاسبي الجنائي في مصرف لبنان، وموافقتها على أن ينسحب الى سائر مرافق الدولة العامة». وأكد أنه في حال «كانت السرية المصرفية هي الذريعة التي تحول دون تسليم المستندات والمعلومات المطلوبة للتدقيق الجنائي وفق القوانين النافذة، فإننا نقترح إقرار استثناء موضعي ومؤقت في قانون يعالج هذا المانع الراهن، فهذا أسهل وأسرع تدبير لمعالجة هذه الثغرة». أما النائب في تكتل «لبنان القوي» إبراهيم كنعان، فدعا الى «موقف استثنائي يتجاوز الجدل القانوني المشروع ويؤمن للبنانيين حقهم في معرفة مصير ودائعهم، من خلال توصية تدعو الى الاستجابة لمضمون رسالة فخامة الرئيس بالدعوة الى استكمال التدقيق الجنائي في مصرف لبنان، تمهيداً لتعميمه على كل مؤسسات وإدارات الدولة». وكان لافتاً الاستنتاج الذي خلص إليه النائب في كتلة المستقبل سمير الجسر، الذي أشار الى أن «المصرف سلّم بعض المستندات التي لا تشملها السرية المصرفية بدون تحفظ. أما المستندات التي يعتبرها محكومة بهذه السرية، فقد سلمها إلى الدولة من خلال وزارة المالية، تاركاً للوزارة أن تتحمل مسؤولية تسليمها للتدقيق. فتوقف الوزير عن تسليمها حتى لا يتحمل وحده هذه المسؤولية. وهذا يعني أن مصرف لبنان لم يتمنّع عن تسليم المستندات، بل سلّمها إلى الدولة من خلال وزارة المالية لتتحمل هي مخالفة قانون السرية المصرفية. ويتبيّن من رسالة الرئيس أن الشركة أنهت العقد لأن لديها نقصاً في اليقين من أن هذه المستندات ستكون متوافرة». كلام الجسر استدعى محاولة رد من وزير المالية غازي وزني، من دون أن ينجح نتيجة عدم موافقة رئيس المجلس على طلبه. لاحقاً، ردّ النائب علي حسن خليل بالنيابة عن وزني، مؤكداً أن كل ما أحيل الى وزير المالية وضعه بتصرف الشركة ولم يخفِ شيئاً عنها. وكان الجسر قد تابع كلمته قائلاً إن «الموقف الطبيعي والدستوري الذي يستطيعه المجلس هو إصدار تشريع يقرر التدقيق المحاسبي والجنائي في أعمال مصرف لبنان مع تعليق العمل بقانون السرية المصرفية في ما يتعلق فقط بمصرف لبنان ولمدة محدودة».
بدوره، النائب في كتلة اللقاء الديموقراطي هادي أبو الحسن وصف ما يتم بحثه بعملية تضليل للناس عبر طرح عناوين جذابة براقة مثل أموال المودعين واستعادة الأموال المنهوبة، فيما القصد هو تصفية حسابات. وطالب بمصارحة الناس: «أخبروهم بأن التحقيق سيستغرق أشهراً وربما سنوات والبلد لا يحتمل أكثر من شهرين أو ثلاثة».
«وقاحة» سلامة
حزب القوات اللبنانية كرّر، عبر النائب جورج عدوان، موقفه بأن قرار الحكومة التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، «لا تشوبه شائبة، وما فعلته كان عملاً عظيماً (…) لكنه اصطدم بادّعاء سلامة استقلاليته التي من المفترض أن نهنّئه عليها لأن الليرة والودائع بألف خير!». وقال عدوان إن أي دولة لن تساعد لبنان من دون التدقيق الجنائي، لذلك يجب «تأييد رسالة رئيس الجمهورية والسير في التدقيق الجنائي في المصرف كبداية ومنطلق لكل المؤسسات»، ما دفع بري إلى مقاطعته: «ليش بعدين»، فأردف عدوان أنه مع توسيع التدقيق، مطالباً الحكومة بالعجلة لتكليف شركة جديدة والتحقق من صحة الادعاءات حول الشركات التي أبعدت تحت عنوان التعامل مع إسرائيل. أما النائب في كتلة التنمية والتحرير علي حسن خليل فرفع الصوت عالياً، معلناً أن شعار الكتلة «لا غطاء على أحد ولا سرية ولا تغطية على من سرق أو أهدر المال العام، ولا يجب أن يكون هناك محظورات». استتبعها بطلب عدم إصدار بيان تأييدي لرسالة عون، بل إصدار قانون واضح يُخضع كل الإدارات للتدقيق الجنائي سواسية. إلا أن رئيس كتلته ورئيس مجلس النواب لم يلتزم برأي «التنمية والتحرير»، فاقترح إقرار مجرد توصية.
طالب الاشتراكي بالكفّ عن خداع الناس ومصارحتهم بأن التحقيق سيأخذ شهوراً وربّما سنوات
من جهته، تحدث النائب فؤاد مخزومي عن وقاحة سلامة في الذهاب الى باريس للطلب من البنك المركزي الفرنسي التحقيق في حساباته: «بأيّ صفة يعطي لنفسه الحق بتكليف دولة ثانية في التحقيق لدينا؟ لمين تابع هيدا الشاب؟». من جانبه، سأل النائب جهاد الصمد إذا كان الهدف تطبيق مقولة «عفا الله عما مضى بهدف بيع أصول وأملاك الدولة ورهنها لمصلحة من أساء ائتمان مال الناس كجمعية المصارف، أو من أساء ائتمان المال العام في حاكمية مصرف لبنان ومعظم الوزارات المتعاقبة منذ 1993 حتى الآن؟». النائب أسامة سعد استنكر طلب حلول مجلس النواب مكان الحكومة، وقال إنه «ليس ضد توسيع التدقيق، لكن الحمايات السياسية ستمنع ذلك». فيما تحدث النائب فيصل كرامي عن أن اللقاء التشاوري تقدم باقتراح قانون «من باب سدّ الذرائع، فاقترحنا عقوبات بحق من يمتنع عن إعطاء المعلومات. لماذا يعطي المصرف المركزي الفرنسي كل المعلومات ولا يعطيها للحكومة اللبنانية؟». ودعا الى عقد جلسة تشريعية.
في الختام، صدّق الجميع على اقتراح كنعان المؤيَّد من بري بإقرار توصية لإخضاع المصرف المركزي وكل المؤسسات العامة للتدقيق الجنائي. كما جرى إقرار اقتراح قانون مقدّم من كتلة «التنمية والتحرير» يقضي باعتبار شهداء انفجار مرفأ بيروت بمثابة شهداء في الجيش اللبناني، واعتبار جرحى الانفجار مستفيدين من تقديمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مدى الحياة.
السيد: لا شأن لنا بخلاف بين الحكومة وموظّف
تناول النائب جميل السيد ملف التدقيق الجنائي بمقاربة مختلفة عن مقاربة زملائه، معتبراً أن «السلطة التنفيذية تشكو إلينا رفض موظف تنفيذ قرارها، ونحن كمجلس نيابي لا شأن لنا بهذا النوع من الخلافات». وأشار الى أنه يمكن للحكومة إصدار قرار ملحق يلزم حاكم مصرف لبنان بالتقيد به، وهو قرار تكميلي ينسجم مع تصريف الأعمال». وسأل: «هل حاكم مصرف لبنان هو إله؟ من يكشف له السرية المصرفية غير السلطة التي عينته»؟ وعدّد أسباب إقالة الحاكم: «وضع صحي أو إخلال وظيفي أو خطأ فادح. كان يقول لنا إن الليرة بألف خير، وفجأة خربت الدني». ووصف رسالة رئيس الجمهورية إلى المجلس النيابي بأنها دستورية في الشكل، لكنها في المضمون «كب مشكلة. وهذه فكرة خاطئة من أحد مستشاريه مثل أرسطو. واجباتنا الرد على هذه الرسالة، فكل القوانين تسمح للحكومة بأن تتصرف. أنا ضد مشاريع اقتراحات القوانين. منذ عشرة أشهر، نضيّع الوقت وعلينا أن نحمّل المسؤولية للحكومة. ونرى أن هذا الموضوع هو مسؤولية الحكومة كونه يرتبط بموظف كبير. هناك آلية للمحاسبة والتدقيق. والمطلوب تنفيذ القانون وليس اختراع قوانين جديدة».
سعادة ينعت سلامة بـ«الصرماية»
كالعادة، شرح النائب سليم سعادة المشهد العام بطريقة طريفة، مستحضراً كل أبطال المافيا لوصف رياض سلامة. وقال إن التزوير والاختلاس يمكن كشفهما بالتدقيق المحاسبي العادي، أما الاحتيال فلا ينفضح إلا عبر التدقيق الجنائي. والاحتيال هو من أدخل «بونزي» و«ال كابون» الى السجن. في حالتنا، بدلاً من أن «يطفّش» المحقق، أي التدقيق الجنائي، المجرم، قام المجرم بـ«تطفيش» المحقق. ومصرف لبنان هو «دون كورليوني» المصارف وهو الذي مدّهم بالهندسات المالية والقروض المدعومة. كل ذلك احتيال. ودعم السلع احتيال لا يؤدي سوى الى دعم التاجر. وعقّب سعادة واصفاً رسالة عون بالقول: «لمّا فخامة رئيس البلاد بيشتكي عموظف بيسوى صرماية»، فاعترض الرئيس نبيه بري على قوله.
اللواء
تشكيلة الحريري في الواجهة: خرق الجمود أم مسار ملتبس؟
إعادة فتح حذرة للبلد.. وتجاذب حول المدارس.. وإجراءات المركزي تبدأ بتقنين الكهرباء
الأسبوع الاول من الشهر الاخير من السنة الـ2020، هل يشهد احداث هزة في الجمود الحكومي، بدءاً من مسودة وزارة من 18 وزيراً، يضعها امام الرئيس ميشال عون، يحملها الرئيس المكلف سعد الحريري، آملاً ان تحظى بموافقته، وتقفل صفحة من القلق والترقب بشأن المسار السياسي الداخلي.
وخلال الساعات الـ48 ساعة المقبلة، يتوجه الرئيس الحريري الى بعبدا، ومعه تشكيلة من وزارة الحقائب والاسماء، يضعها بيد الرئيس عون.
وقال النائب سيمون ابي رميا (عضو كتلة لبنان القوي) ان الرئيس عون سيبدي رأيه بالتشكيلة، وليس فقط في ما خص الاسماء المسيحيين.
واكد النائب سمير الجسر (كتلة المستقبل) ان الرئيس الحريري يستعجل التأليف، والخروج بتوافق على حكومة وفقا للمبادرة الفرنسية.
ووصفت مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة الجديدة حال التعثر والتجاذب التي تمر بها، منذ تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيلها، مرده الى محاولات فرض الشروط والمطالب التعجيزية على الرئيس المكلف من قبل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل مستقويا بدور وصلاحيات رئيس الجمهورية، للاستئثار بحصة وزارية وازنة، ليستطيع من خلالها التسلط على قرارات الحكومة وتوجيه سياساتها بالداخل والخارج معا كما كان يفعل بالسابق، وهو ما يتعارض ضمنا مع مهمة حكومة الإنقاذ ودورها في اجراء الاصلاحات المطلوبة والمباشرة بحل الأزمة المالية والاقتصادية التي يواجهها لبنان ويتعارض مع المبادرة الفرنسية لحل الازمة القائمة برمتها. واشارت المصادر إلى ان محاولات باسيل لابتزاز الرئيس المكلف لم تنفع حتى الان في تحقيق مطالبه او في تراجع الرئيس الحريري عن اصراره على تشكيل حكومة المهمة استنادا الى المبادرة الفرنسية بالرغم من كل اساليب التهويل التي ينتهجها رئيس التيار الوطني الحر، مباشرة أو مواربة حتى لو شملت بالنهاية التهديد بامتناع رئيس الجمهورية عن القبول والتوقيع على اي تشكيلة لا يوافق عليها باسيل مسبقا. وتعتبر المصادر ان امعان الاخير بهذا المنحى السلبي ادخل عملية تشكيل الحكومة في تجاذب سياسي حاد، ستكون نتيجته،ليس اضاعة المزيد من الوقت الثمين سدى وبلا طائل وخسارة على البلد كله، وانما باتت الخسارة الكبرى هي على رئيس الجمهورية تحديدا وما تبقى من ولاية عهده بكل ممارساته وشعاراته التي تصبح فارغة من اي مضمون، لانه بتأخير تشكيل الحكومة على هذا النحو يهدر الفرصة الفريدة والمتبقية لانقاذ مايمكن انقاذه، والتعويض ولو جزئيا على ما خسره طوال السنوات الاربع الماضية.
وتستبعد المصادر المذكورة تحقيق اي اختراق بعملية التشكيل اذا بقيت الأجواء السياسية الملبدة على حالها بالرغم من امكانية حصول لقاء مرتقب بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف قريبا كما تردد في الساعات القليلة الماضية، لان الهوة ما تزال كبيرة بين الجهتين حتى الآن.
وبإنتظار حصول لقاء الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري الذي لم تؤكده مصادر قصر بعبدا برغم التداول الاعلامي به، يبقى الوضع يراوح، ولا زال عون ينتظر من الحريري تشكيلة كاملة بعدما رفض في اللقاء الاخير «ربع التشكيلة» التي قدمها الحريري من ستة وزراء فقط اغلبهم مسيحيون.
وأوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن لا جديد على صعيد ملف تأليف الحكومة باستثناء الكلام عن زيارة مرتقبة لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إلى قصر بعبدا لتقديم لائحة أو مسودة حكومية بالأسماء والتوزيع في حين أن أي تواصل بين الحريري ورئيس الجمهورية لم يحصل أمس وربما يقوم قبيل انعقاد اللقاء بينهما غير أن المصادر لم ترغب الحديث عن موقف مسبق لرئيس الجمهورية، مشيرة إلى أنه عندما يطلع عليها يبدي رأيه على أن الثوابت لديه هو التشكيلة المتوازنة والتي تضم وزراء نظيفي الكف.
إلى ذلك يفترض أن تعقد اجتماعات لمتابعة موضوع التدقيق الجنائي بعد قرار مجلس النواب ومن سيجري التدقيق سواء من خلال عودة شركة الفاريز ومارسال بعد قرار المجلس النيابي بتعزيز وجهة النظر الحكومية أو من خلال التفاوض مع شركة جديدة وسيحسم الامر في الأيام المقبلة ليعرف كل طرف ما هو مطلوب منه.
المبادرة والمؤتمر
وفي ما خص المبادرة الفرنسية، ما يزال الترقب سيد الموقف في ما خص وصولها الى خواتيمها، اذا ما تألقت حكومة جديدة.
وحسب مصادر فرنسية فإن المؤتمر الذي يعقد الاربعاء روتيني، الرسالة منه هي نفسها في المؤتمرات السابقة ومن زاوية: نعم للمساعدات الانسانية، لا للمساعدات الاقتصادية والمالية ما لم تشكل الحكومة او تحدث الاصلاحات.
والمساعدات لن تمر من خلال الحكومة اللبنانية بل من خلال المنظمات الانسانية.
ويشارك فيه الاتحاد الاوروبي، والبنك الدولي وغيرها من المؤسسات المانحة.
ولم تشأ المصادر تأكيد زيارة الرئيس ايمانونل ماكرون الى لبنان في 11ك1.
وفي السياق السياسي، اعرب رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب عن دعمه لطرح الرئيس نبيه بري قانون انتخاب على اساس لبنان دائرة انتخابية واحدة خارج القيد الطائفي، مضيفا «ليس هناك مواجهة بيني وبين الرئيس بري، وان حصل تباين بيننا فهذا لا يعني انها مواجهة».
واذ اكد ان الفساد صار اليوم ثقافة، ومنظومة الفساد متجذرة في كل مفاصل الدولة، ونحن بانتظار التحقيق المالي الجنائي لمعرفة من هي هذه المنظومة.
مالياً، يعقد المجلس المركزي لمصرف لبنان اجتماعا هذا الاسبوع، يتناول فيه مسألة ترشيد الدعم الذي اعتمده مصرف لبنان.
ومن الخيارات، الحدّ من دعم المحروقات، عبر زيادة ساعات تقنين الكهرباء.
البناء
شهر الأعياد دون إقفال… وأول العام بدء ترشيد الدعم برفع سعر المحروقات وتقنين الكهرباء
الحكومة والتدقيق الجنائيّ على نار خافتة منعاً للموت السريريّ بانتظار الظروف
«القوميّ» في ذكرى اغتصاب فلسطين والإسكندرون: لا حلّ إلا بخيار المقاومة
كتب المحرّر السياسيّ
كما في العالم في لبنان حبس أنفاس بانتظار جلاء صورة الموقف بعد اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة والاتهام الإيراني لـ»إسرائيل» بالمسؤولية وإعلانها العزم على الردّ الانتقاميّ، في ظل دعوات لضبط النفس وعدم التصعيد، تزامنت مع تحليلات تنبّه إيران الى أن العملية تستهدف جر المنطقة الى حرب تورط بها إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، كما تضمنت كلمات مدير المخابرات الأميركية السابق جون برينان، وهو ما لم تستبعده المصادر المتابعة للموقف في طهران والتي قالت إن القيادة الإيرانيّة لا تملك هوامش الخيار بين الرد وعدم الرد، بل بين ردّ يشعل حرباً وردّ لا يشعلها، وهي ستضع ما تستطيع من احتياطات ليقع الردّ في الخيار الثاني، محمّلة مسؤولية أي انزلاق للتصعيد لقيادة كيان الاحتلال التي يجب أن تدفع ثمن فعلتها، وتمتنع عن الرد. وقالت المصادر إن أجوبة إيرانية على طلبات عدم الرد كانت تنتهي بتمني أن ينقل الوسطاء ضغوطهم باتجاه قيادة الكيان للامتناع عن الرد على الردّ لأن قرار طهران بالردّ قد اتخذ وأصبح بين أيدي الجهات المعنية بالتنفيذ.
في الشأن الداخلي، مع ترقب ما سيحمله مؤتمر باريس للمساعدات الإنسانيّة من فرص تدفق بعض الأموال من الخارج الى لبنان، والقلق على ضياعها في فساد الجمعيّات الذي ظهر كنسخة مكرّرة عن فساد مؤسسات الدولة، ترقب أيضاً للجولة المقبلة من مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، في ظل الإنجاز الذي حققه الوفد اللبناني بنقل التفاوض من دائرة البحث بـ 860 كلم مربع كحقوق لبنانية الى البحث بـ 2200 كلم مربع كإطار لتحديد هذه الحقوق مدعمة بالخرائط والوثائق والمرجعيات القانونية، في ظل ارتباك «إسرائيلي» عبر عنه وزير الطاقة في تصريحاته الغاضبة حول مسار المفاوضات.
المسار الحكومي المجمّد والمتوقع أن يشهد تحريكاً وصفته المصادر المواكبة للملف الحكومي بالشكلي، يبقى على نار خافتة بانتظار ظروف مناسبة لإقلاعه مجدداً، مع عودة الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون نهاية العام الى بيروت، خصوصاً بعدما تمّ تخفيض سقف المبادرة الفرنسية التي تضمنت التدقيق الجنائي وسعت لوضع اليد على المصرف المركزي بمصالحة فرنسية مع حاكم المصرف بوساطة أميركية انتهت بتولي المصرف المركزي الفرنسي التدقيق المحاسبي بحسابات مصرف لبنان، بحيث بدا الملف الحكومي وملف التدقيق الجنائي، على النار الهادئة ذاتها، وبانتظار الظروف ذاتها، رغم ما قرّره المجلس النيابي لجهة تحرير التدقيق من محظور السرية المصرفية والتكتم الوظيفي، ورغم الزيارة المرتقبة للرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري الى قصر بعبدا للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والخطوتان وضعتهما المصادر في خانة منع الموت السريريّ لملفي الحكومة والتدقيق الجنائي.
في الشأن الاجتماعي انتهت فترة الإقفال التي امتدّت لأسبوعين في محاولة للتخفيف من انتشار وباء كورونا ومنح الجهاز الطبي فرصة الاستعداد للأسوأ، بعدما حقق الإقفال نتائج جيدة في تجهيز المستشفيات ونتائج ضعيفة في تفشي الوباء، ليلاقي لبنان شهر الأعياد من دون إقفال أملاً بإنعاش الوضع الاقتصاديّ وتطلعاً لأن يحلّ الالتزام بالتدابير الوقائيّة مكان الإقفال في مواجهة تفشي كورونا، بينما تنعقد اليوم في مصرف لبنان سلسلة اجتماعات مخصصة لبحث مصير دعم السلع المستوردة، وتوقعت مصادر مصرفيّة أن يتقرر البدء برفع الدعم عن المحروقات، تدريجياً وتخفيض كمية استيراد الفيول اللازم لإنتاج الكهرباء مع رفع ساعات التقنين.
في المواقف، أصدر الحزب السوري القومي الاجتماعي بياناً رئاسياً في ذكرى اغتصاب فلسطين ولواء إسكندرون، أكد خلاله ان لا خيار الا المقاومة في مواجهة الاحتلال سواء أكان صهيونياً أم أميركياً أم تركياً.
أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وائل الحسنية أنّ سلخ لواء الإسكندرون عن سورية وتقسيم جنوبها – فلسطين، هو احتلال موصوف لأجزاء غالية من أرضنا القومية، وقد أتى في سياق مخطط صهيوني ـ تركي ـ استعماري لمحاصرة أمتنا بالاحتلال التركي لكيليكيا والاسكندرون من جهة الشمال، وبالاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين جنوباً، لتسهيل الانقضاض عليها وتقسيمها وتفتيتها وإخضاعها ونهب ثرواتها، وهذا ما بدأ عملياً منذ بدء الحرب الكونيّة الإرهابيّة على سورية، حيث إنّ تركيا والكيان الصهيوني مع عشرات الدول الغربية والعربية رعت الإرهاب ودعمته بالمال والسلاح لإسقاط الدولة السورية، بما تمثله من حاضنة للمقاومة في كلّ أمتنا السورية.
وقال الحسنية في بيان: في مثل هذا اليوم، 29/11/1939، نفذت تركيا اعتداء على سورية، فسلخت لواء الإسكندرون بموافقة ودعم من الدولتين الاستعماريتين، فرنسا وبريطانيا، وذلك في سياق المخطط العدوانيّ الاستعماريّ الرامي الى احتلال أرضنا وتمزيق وحدة أمتنا وطمس هويتها القومية. وفي هذا اليوم ذاته التاسع والعشرين من تشرين الثاني ولكن من العام 1947، كان اعتداء استيطاني جديد على أرضنا القومية. إنما هذه المرة كان على جنوبنا السوري – فلسطين عندما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة – أو بعبارة أصحّ الأمم المنتصرة في الحرب العالمية الثانية – قرارها رقم 181 الذي بموجبه قسمت فلسطين إلى كيانين أحدهما خصّص للمغتصبين اليهود على ما يقرب من 80% من أرض فلسطين، فيما تركت النسبة الباقية لأهل الأرض الأصليين.
وشدد على أنّ الخطر الحدودي التركي في الشمال، لا يقلّ صلافة وعدواناً عن الخطر الوجودي الصهيوني في الجنوب، فكلاهما يشكل تحدياً مصيرياً ووجودياً على أمتنا، ومواجهة هذه الأخطار هي واجب الوجوب على السوريين القوميين الاجتماعيين وكلّ أبناء شعبنا، وإننا نؤكد الاستمرار في هذه المواجهة، متسلحين بإرادة الحق والحرية والصراع، متخذين المقاومة نهجاً وخياراً، حتى زوال كلّ احتلال عن أرضنا القومية.
وأكد أنه في ظلّ تنازع الأمم البقاء، ترفض أمتنا الانصياع للإرادات الاستعمارية والعنصرية، وهي لن تتخلّى عن حبة تراب واحدة من أرضها، طال الزمن أم قصر. فالأجزاء الغالية من أرضنا والتي اغتصبت وسلخت بدعم وتواطؤ من الدول الاستعماريّة المنتدبة وبواسطة الإرهاب، ستستردّ بقوة المقاومة والمقاومة هي خيار شعبنا الوحيد، وقد أثبتت جدواها.
ورأى أنّ ما يتهدّد أمتنا والعالم العربي، ليس الاحتلال والعدوان فحسب، بل في انسلاخ أنظمة التطبيع العربية من هويتها وانتمائها وتموضعها في ضفة العدو الذي يغتصب أرضنا وحقنا ويهدّد وجودنا، وانخراطها في مخطط تصفية المسألة الفلسطينية، ووقوف بعضها إلى جانب تركيا وأطماعها في سورية، وتطبيع البعض الآخر مع كيان الاحتلال على حساب حقوقنا القومية التاريخية الثابتة. لذا فإنّ معركتنا اليوم، لا تقتصر على مواجهة الأعداء والمحتلين، بل هي معركة أيضاً ضدّ نهج التخاذل التطبيع، وإننا ندعو الشعوب العربية الشقيقة قاطبة إلى خوض هذه المعركة ضدّ أنظمة التطبيع ونصرة لفلسطين والجولان واللواء السليب، وكلّ أرض قومية أو عربية محتلة.
حكوميّاً، يغرق لبنان في فشل التأليف في ظل تضارب المواقف على خط بعبدا وبيت الوسط، فحتى الساعة لا تزال الأمور على حالها، رغم اشارة بعض المصادر الى ان الحكومة يفترض أن تشكل قبل مؤتمر دعم لبنان الذي تعقده فرنسا التي تستضيف عاصمتها باريس مؤتمراً عبر تقنية الفيديو مع شركاء دوليين يوم الثاني من كانون الأول المقبل لبحث تقديم مساعدات إنسانية للبنان، ولفتت المصادر الى ان هذا المؤتمر يعني أن المبادرة الفرنسية لم تسقط بعد، علماً أن المصادر نفسها تشير الى ان المساعدات التي سيقدّمها المجتمع الدولي ستكون للشعب اللبناني.
وليس بعيداً، تقول مصادر تيار المستقبل لـ«البناء» إن الرئيس المكلف سعد الحريري لن يعتذر رغم تعثر التشكيل، فهو يواصل لقاءاته واتصالاته لتأليف حكومة اختصاصيين من شأنها التواصل مع المجتمع الدولي وتحظى بثقته لا سيما أن المجتمع الدولي يشترط مساعدة دعم لبنان بتطبيق الإصلاحات وبتأليف حكومة اختصاصيين.
الى ذلك رجحت مصادر سياسية لـ«البناء» أن يزور الحريري الرئيس ميشال عون في الساعات المقبلة لتقديم تشكيلته الحكوميّة المؤلّفة من 18 وزيراً والتي سوف تنتظر موافقة الرئيس عون ليُبنى على الشيء مقتضاه، خاصة أن بعض التسريبات اشارت الى عدداً من الأسماء المطروحة لبعض الحقائب وهي مدير العمليات المالية في مصرف لبنان يوسف خليل وزيراً للمال، جو صدي وزيراً للطاقة، كارول خوزاني وزيرة للعدل، لينن طحيلة وزيرة الثقافة، مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي فراس الأبيض وزيراً للصحة، العميد المتقاعد جميل الجميل وزيراً للدفاع، على أن تذهب وزارة الصناعة لحزب الطاشناق، اما في ما خصّ وزارة الداخلية المطروح من قبل بعبدا حتى الساعة العميد جان سلوم.
وسلّم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الفاتيكان البابا فرنسيس تقريراً مفصلاً عن الأوضاع في لبنان والمنطقة.
وخلال اللقاء عرض البطريرك الراعي لـ«المخاطر والتحديات التي يواجهها لبنان، في ظل التطورات الإقليمية والأزمة السياسية الداخلية وبخاصة المتمثلة بتشكيل الحكومة، بحيث تمّ خلال هذه السنة تسمية ثلاثة رؤساء حكومة ولم ينجح سوى واحد منهم في تشكيل حكومته التي اصطدمت بالرفض الداخلي والخارجي، الأمر الذي خلق واقعاً اقتصادياً مراً تسبب بازدياد عدد الفقراء وبنزيف هجرة، إضافة الى نتائج وتداعيات انفجار مرفأ بيروت الذي دمّر جزءاً كبيراً من العاصمة الذي يسكنه المسيحيّون، والذين لم يشعروا بتضامن ومسؤوليّة عملية من قبل السلطات الرسمية المعنية والحكومة». تطرّق الراعي الى موضوع «حياد لبنان الناشط» الذي يشكل «عودة الى هوية لبنان الحقيقيّة والأساسيّة، وبالتالي يشكل المدخل الى الاستقرار السياسي والنهوض الاقتصادي بكل قطاعاته، ويُعيد انفتاح لبنان على دول الشرق والغرب».
وجدّد الدعوة إلى قداسة البابا لزيارة لبنان «لما لها من أهمية خاصة للبنانيين بعامة وللمسيحيين بخاصة».
وجدّد البابا فرنسيس من جهته وقوفه الى جانب لبنان وتضامنه مع شعبه وقربه منه، مؤكداً «صلاته باستمرار من أجلهما».
الى ذلك تواصل كل من رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ووزير المال غازي وزني في شأن التدقيق المالي الجنائي ومسألة الدعم، وأثار الرئيس عون السبت مسألة التدقيق الجنائي مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي قال إن ليس لديه مشكلة بتسليم أي أوراق مطلوبة منه حين يأتيه كتاب رسميّ من وزارة المالية. وبحث معه في موضوع دعم المواد الأساسية والضروريّة والإجراءات الآيلة الى استمرار هذا الدعم في الظروف الراهنة. هذا ويجتمع المجلس المركزي لمصرف لبنان اليوم، لدراسة موضوع استمرار الدعم وتأثيراته على الاحتياطي الإلزامي لمصرف لبنان وما يتصل بقضية ترشيد دعم المشتقات النفطية.
وبينما قرّرت اللجنة الوزارية المختصة بكورونا بدء حظر التجول ابتداء من اليوم من 11 ليلاً حتى الخامسة صباحاً على ان يكون الإقفال العام بدءاً من العاشرة ليلاً. أعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 1266 إصابة جديدة بكورونا، رفعت إجمالي الحالات المثبتة إلى 126903. كذلك، تمّ تسجيل 13 حالة وفاة جديدة، رفعت إجمالي الوفيات إلى 1004.
وتستعيد المدارس نشاطها، وفق التدريس المدمج اعتباراً من اليوم، بناء على قرار وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب، وأكد وزير الصحة حمد حسن في هذا السياق أنّ «منظمة الصحة العالمية والمعنيين في الشأن التربوي وجدوا أنّ الأمور في المدارس تبقى في الخطر البسيط». وأشار حسن إلى أنّ «الدلائل العلمية تقول إنهم وإن أصيبوا، فإن جهاز المناعة يقتل الفيروس، وخطر نقل العدوى إلى المنزل خفيفة إذا ما التزم ذوو التلاميذ بالإجراءات».
وأعلن وزير الصحة حمد حسن أن وزارة الصحة أنجزت الأمور الطبية وأراحت فريق الترصد في فترة الإقفال. وأشار الى ان الإقفال كان بنسبة 70 في المئة، معتبراً ان المفرد والمجوز سبب اختلاطاً أكثر.
وعن موضوع اللقاح، قال: «ذاهبون الى لقاح في شباط، والمطلوب أخذ الحيطة لحينه، وستكون هناك إجراءات جديدة متخذة لجهة منع التجوال من الساعة السابعة مساء ولغاية الخامسة صباحاً».
المصدر: صحف