أوجد علماء روس في معهد موسكو للأبحاث النووية “ميفي” طريقة بسيطة وغير مكلفة وآمنة بيئيًا لكشف وجود مادة “أفلاتوكسين-В1″، والتي تعتبر إحدى المواد السامة الخطيرة المنتشرة في المواد الغذائية.
ويعتبر الابتكار الذي توصل إليه علماء معهد موسكو للأبحاث النووية من الاختراعات التي تساعد على ضمان وسلامة المواد الغذائية، بحسب البحث المنشور في مجلة “Journal of Food Composition and Analysis” العلمية المتخصصة بالغذاء والصحة.
وتعتبر مادة “الأفلاتوكسين-В1″، مادة كيميائية سامة تنتجها بعض أنواع فطور العفن، ويمكنها أن تتسبب في نشوء الأورام الخبيثة (السرطان) والتليف الكبدي وانخفاض المناعة.
ويؤدي التسمم الشديد بالأفلاتوكسين-В1 إلى الأوديما المخية والقصور الكبدي الحاد وهو ما يؤدي عادة إلى الموت.
وتتواجد الفطور التي تنتج الأفلاتوكسين-В1 في مواد غذائية كثيرة، مثل: منتجات الألبان والفاكهة الجافة وبذور عباد الشمس والبندق والذرة والفول السوداني والبن والكاكاو والتوابل.
ويتسبب تكاثر هذه الفطور في بعض الأحيان، إلى درجة يرتفع معها تركيز الأفلاتوكسين-В1 إلى حد خطير قبل وأثناء جني المحصول وأثناء عمليات التخزين ومعالجة المواد الغذائية.
وتحظر القوانين المعمول بها في مختلف دول العالم، أن تتجاوز كمية الأفلاتوكسين-В1 في المواد الغذائية نسبة الحد المسموح به والذي يبلغ 4 ميكروغرام في اللتر في أوروبا و20 ميكروغرام في اللتر في الولايات المتحدة الأمريكية. وتفرض القوانين المعمول بها في روسيا والدول الأخرى أن يتم التحقق من وجود الأفلاتوكسين-В1 في المواد الغذائية بشكل دوري.
وأصبحت مادة الأفلاتوكسين-В1 موضع الدراسة المتأنية في عام 1961 عندما تسببت في نفوق جماعي للدجاج الهندي في إنجلترا.
خلال عشرات السنين أوجد الباحثون الكثير من الطرق للكشف عن المادة، من أشهرها الكروماتوغرافيا السائلية والتحليل المناعي الإنزيمي واستخدام البيوسنسورات. لكن علماء معهد “ميفي” الروسي ابتكروا طريقة جديدة لا تقل دقةً ولكنها بسيطة ورخيصة بالمقارنة بالطرائق الأخرى. ومن المزايا الأخرى للطريقة الجديدة استخدام أقل كمية المسيل (المذيب) العضوي وضآلة تأثيره على صفات المركّب.
وقال كونستانتين كاتين، أستاذ معهد تكنولوجيا النانو في مجال الإلكترونيات والسبينترونيكا والفوتونيكا التابع لـ”ميفي”، لوكالة أنباء “سبوتنيك”: تعتمد الطريقة على “ربط الأفلاتوكسين-В1 بالفلورسين بواسطة أيون الزنك في المرحلة الأولى، ثم نفتعل اضطرابا في المحلول السائل لاستخلاص المركّب الناشئ على درجة كافية من التركيز وبحث طيفه البصري وهو ما يتيح كشف وجود الأفلاتوكسين-В1 في المواد الغذائية”.
وأضاف كاتين: “طريقتنا أكثر إنتاجية عدة مرات وأرخص من الطرائق الأخرى، وتكشف عن وجود الأفلاتوكسين-В1 حين يبلغ تركيزه 3 ميكروغرام في اللتر وما يزيد وهو ما يقل عن الحد المسموح به قانونًا”.
وأدت أساليب المحاكاة والنمذجة التي اتبعها العلماء الروس دورا كبيرا في إنجاز عملهم، فقد أتاحت لهم أن يقللوا عدد التجارب لعدة مرات، ويفسروا نتائج التجارب بشكل دقيق.
وقام الباحثون بتغيير كل المتغيرات (متغيرات التجارب) في وقت واحد في إطار النموذج الرياضي الذي يأخذ في الاعتبار ترابط المتغيرات ويبرز أهميتها، الأمر الذي أتاح تهيئة أمثل قيمة لـ5 بارامترات من خلال إجراء 46 تجربة فقط في الظروف المختلفة.
وفوق ذلك تم استخدام الحسابات الكيميائية الكوانتية لاختيار العوامل الكيميائية المناسبة والتي أتاحت التكهن بفعالية المركّب المتكون من الأفلاتوكسين-В1 وأيون الزنك والفلورسين، وتقدير مواصفاته البنيوية والإلكترونية والبصرية.
وتتيح النتائج المحققة ضمان سلامة المواد الغذائية بشكل كبير، حيث تم إجراء القسم التجريبي من الدراسة في تركيا بينما تم إنجاز شطرها النظري في روسيا. واستهدفت الدراسة تلبية احتياجات الصناعة الغذائية التركية حيث تم تجريب الطريقة على البندق النيء والمشوي والزبيب والتين المجفف، وهي مواد تعتبر تركيا أكبر منتج لها في العالم.
المصدر: سبوتنيك