توصلت دراسة جديدة إلى أن فيروس كورونا الجديد المسبب لمرض “كوفيد-19” يملك طريقة “معقدة للغاية” لربط نفسه بالخلايا البشرية.
ويعتمد الفيروس على “بروتينات السنبلة” (spike proteins) للالتصاق بالخلايا البشرية وغزوها. وللقيام بذلك، تتحول “السنبلة” إلى 10 أشكال مختلفة على الأقل للالتصاق بالخلايا البشرية، وفقا للدراسة التي أجراها العلماء من جامعة سون يات سين الصينية ومعهد فرانسيس كريك (مركز المملكة المتحدة للأبحاث الطبية والابتكار سابقا) في لندن.
وفي حين أن هذا قد يفسر سبب صعوبة العثور على علاجات فعالة للمرض، فإنه يفتح أيضا طرقا جديدة محتملة للتحقيق في علاج أو لقاح “كوفيد-19″، كما يقول العلماء.
وفي بداية الوباء، حدد العلماء بسرعة بنية بروتين spike، ما مهد الطريق لاستهدافه باللقاحات والأدوية الأخرى. ولكن ما يزال هناك الكثير مما لا يعرفه العلماء عن التفاعل بين بروتين spike و”أوكرة الباب” على السطح الخارجي للخلايا البشرية، المسمى بروتين ACE2.
وقال المؤلف الرئيسي المشارك دونالد بينتون، زميل أبحاث ما بعد الدكتوراه في معهد فرانسيس كريك للبيولوجيا الهيكلية لعمليات المرض في المملكة المتحدة: “إن بروتين السنبلة هو محور الكثير من الأبحاث في الوقت الحالي. وفهم كيفية عمله مهم جدا لأنه هدف معظم محاولات التطعيم والكثير من أعمال التشخيص أيضا”.
ولفهم عملية العدوى، مزج بينتون وفريقه بروتينات ACE2 البشرية مع بروتينات spike في المختبر. ثم استخدموا الإيثان السائل شديد البرودة لتجميد البروتينات بسرعة بحيث تصبح “معلقة في شكل خاص من الجليد”، وفقا لبنتون.
ثم وضعوا هذه العينات تحت المجهر الإلكتروني المبرد وحصلوا على عشرات الآلاف من الصور عالية الدقة لبروتينات السنبلة (spike) المجمدة في مراحل مختلفة من الارتباط بمستقبلات ACE2.
ووجدوا أن بروتين spike يخضع لتغيرات في الشكل عندما يرتبط بمستقبل ACE2. وبعد أن يرتبط بروتين spike، يصبح هيكله أكثر انفتاحا للسماح بمزيد من الارتباط (تخيل مدى سهولة احتضان شخص ما إذا فتح ذراعيه).
ووفقا للدراسة، يرتبط البروتين الشائك في النهاية بـ ACE2 في جميع مواقع الارتباط الثلاثة الخاصة به، ما يكشف عن “جوهره المركزي”. ومن المحتمل أن تسمح هذه البنية النهائية للفيروس بالاندماج في أغشية الخلايا.
وقال بنتون: “إنها عملية ربط مستقبلات معقدة للغاية مقارنة بمعظم بروتينات spike في الفيروس. الإنفلونزا وفيروس نقص المناعة لديهم عملية تنشيط أكثر بساطة”. وأضاف بينتون أن الفيروس التاجي مغطى ببروتينات spike، ومن المحتمل أن جزءا صغيرا منها فقط يمر بهذه التغييرات التوافقية، ويرتبط بالخلايا البشرية ويصيبها.
وأشار المؤلف الرئيسي المشارك أنتوني روبل، وهو أيضا زميل أبحاث ما بعد الدكتوراه في معهد فرانسيس كريك للبيولوجيا الهيكلية لعمليات المرض: “نعلم أن spike يمكن أن يتبنى كل هذه الحالات التي كنا نتحدث عنها. لكن ما إذا كانت كل بروتينات spike تعتمد عليها جميعا لا يمكننا تحديد ذلك لأنه يمكننا رؤية نوع واحد من اللقطات فقط”.
إن بروتين spike سريع التغيير في المختبر، ويمكن أن يتحول إلى كل هذه التشكيلات المختلفة في أقل من 60 ثانية، وفقا لفريق البحث. لكن بينتون أوضح أن: “هذا سيكون مختلفا تماما في حالة العدوى الحقيقية، كل شيء سيكون أبطأ لأن المستقبل سوف يكون عالقا على سطح الخلية، لذا عليك إتاحة الوقت للفيروس للانتشار إلى هذا المستقبل”.
وقال بينتون: “قد يكون هذا وسيلة للفيروس لحماية نفسه من تعرف الأجسام المضادة عليه”. وأضاف أنه عندما يكون بروتين spike في حالته المغلقة، فإنه يخفي الموقع الذي يرتبط بالمستقبل ACE2، ربما لتجنب دخول الأجسام المضادة والارتباط بهذا الموقع بدلا من ذلك.
وأشار الفريق إلى أن الشكل المتغير لبروتين السنبلة كشف عن المزيد من الأسطح التي يمكن أن تستهدفها اللقاحات والعقاقير المحتملة.
ويقول روبل: يمكننا بعد ذلك البدء في التفكير في العلاجات التي يمكن أن تناسب مكانا ما إما في سطح المستقبل أو في مكان ما في بروتين السنبلة نفسه”.
ويأمل العلماء في معرفة سبب مرور الفيروس التاجي بالعديد من التغييرات التوافقية، وكيف يقارن ذلك بالفيروسات التاجية الأخرى وما إذا كانت هذه التغييرات قد تساعد في تفسير سبب انتشار هذا الفيروس الجديد بسهولة.
المصدر: ساينس الرت