يقول العلماء إن هناك حاجة إلى فهم تأثير “كوفيد-19” على المشاكل الصحية الأوسع لتشكيل استجابات أفضل للصحة العامة والحد من العواقب طويلة المدى.
ومع استمرار العالم في مواجهة جائحة كورونا، أصبح تأثير هذه الأزمة محسوسا بالفعل في العديد من قضايا الصحة العامة.
وقد يكون ظهور العدوى المقاومة للأدوية أحد أكثر الآثار الصحية إثارة للقلق على نطاق أوسع، وهو ما حذر خبراء الصحة العامة منه منذ عقود. ويشعر الكثيرون بالقلق من أن “كوفيد-19″ قد يغذي هذا الاتجاه.
كيف يمكن لـ”كوفيد-19” تسريع مقاومة الأدوية؟
1. أنظمة الرعاية الصحية الممتدة:
قبل الوباء، كانت العديد من المستشفيات تعمل جاهدة لتنفيذ برامج الإشراف على التشخيص والمضادات الحيوية لتجنب الاستخدام غير المناسب للمضادات الحيوية وضمان رعاية فعالة للمرضى. وتتضمن هذه البروتوكولات أخذ عينات دم لتأكيد التشخيص قبل وصف المضادات الحيوية للمرضى.
ووجدت التقارير الواردة من بعض المستشفيات أنه خلال المرحلة المبكرة من الأزمة، لم يكن من الممكن دائما اتباع هذه البروتوكولات التشخيصية أو مراقبتها بصرامة كما كانت قبل الجائحة. لذا فإن بعض المرضى قد تلقوا مضادات حيوية دون داعٍ، في حين أن آخرين لن يتلقوا العلاج الأنسب لعدواهم.
2. زيادة استخدام المضادات الحيوية:
على الرغم من أن المضادات الحيوية ليست فعالة ضد الفيروسات، ينصح مقدمو الرعاية الصحية بوصفها لمرضى “كوفيد-19” المصابين بأمراض خطيرة لمنع وعلاج الالتهابات البكتيرية الثانوية الخطيرة.
ومع ذلك، هناك تقارير تفيد بأن المرضى الذين يعانون من أعراض فيروس كورونا الخفيفة قد حصلوا أيضا على علاج بالمضادات الحيوية في بعض المستشفيات.
ووجدت مراجعة لحالات “كوفيد-19″، معظمها في آسيا، أن أكثر من 70% من المرضى تلقوا علاجا مضادا للميكروبات، على الرغم من أن أقل من 10% لديهم عدوى بكتيرية أو فطرية ثانوية. ووجدت الدراسة نفسها استخداما متكررا للمضادات الحيوية واسعة النطاق، المصممة لقتل مجموعة واسعة من البكتيريا، والتي يمكن أن تحفز مقاومة الأدوية إذا تم استخدامها كثيرا.
3. تغييرات في الوقاية من العدوى ومكافحتها في المستشفيات:
أدى انتشار “كوفيد-19” إلى زيادة الوعي المجتمعي بالنظافة الشخصية والتلوث البيئي، ولكن اضطرت بعض المستشفيات إلى تخفيف بعض الإجراءات التي تمنع انتشار العدوى المقاومة للأدوية.
ويمكن أن يكون لتدابير مثل تجميع المرضى غير المصابين بفيروس كورونا في أجنحة أصغر، عواقب غير مقصودة من خلال تسهيل انتشار العدوى المقاومة للأدوية.
وتشير الحسابات الدلائل المبكرة إلى أنه منذ ظهور الوباء، كانت هناك تغييرات في ممارسات المستشفيات وزيادة في استخدام المضادات الحيوية.
ولكن هل ارتفعت مقاومة الأدوية نتيجة لذلك؟
تمول Wellcome دراسة واسعة النطاق عبر المستشفيات في 11 دولة للإجابة عن هذا السؤال.
وستستخدم هذه الدراسة الجماعية، التي تديرها بري، بيانات المرضى السريرية من شبكة عالمية من المستشفيات، بما في ذلك بعض البلدان المتضررة بشكل كبير من فيروس كورونا مثل إيطاليا والمملكة المتحدة والهند وإيران وكوريا الجنوبية وبنغلاديش ونيجيريا والبرازيل.
وستسعى الدراسة إلى الإجابة عما إذا كانت هناك تغييرات في الالتزام ببروتوكولات الإشراف التشخيصي، واستخدام المضادات الحيوية، وممارسات مكافحة العدوى أثناء الجائحة، وما إذا كان هناك أي تغيير كبير في مقاومة الأدوية نتيجة لذلك.
وسيوفر هذا البحث قاعدة الأدلة التي نحتاجها للاستجابة بشكل أفضل للتغييرات التي أحدثها فيروس كورونا وتصميم التدخلات المناسبة للحد من انتشار العدوى المقاومة للأدوية.
ويعد استخدام البيانات لتوجيه التدخلات العامة واتخاذ القرار أمرا محوريا ليس فقط للأوبئة، ولكن أيضا لمعالجة جميع الأمراض المعدية، بما فيها تلك التي أصبحت مقاومة للمضادات الحيوية والأدوية الأخرى.
ويمكن أن تساعدنا معرفة عبء مقاومة الأدوية في اتخاذ قرارات أفضل، مثل تحديد الأدوية التي يجب تحديد أولوياتها في التنمية والبلدان التي تحتاج إلى الدعم.
لكن أنظمة المراقبة والبنية التحتية والمهارات المطلوبة لجمع البيانات واستخدامها إما أنها غير موجودة أو في حالة سيئة في العديد من البلدان منخفضة الموارد.
المصدر: مديكال اكسبرس