بشكل لافت برز إسراع نظام آل خليفة الحاكم في البحرين للالتحاق بركب التطبيع الخليجي الرسمي مع العدو الاسرائيلي، فأبى هذا النظام ان يترك نظام آل نهيان في الامارات وحيدا في توقيعه على اتفاقية الذل والعار مع الصهاينة في الولايات المتحدة الاميركية، فسارع لركوب موجة الانبطاح امام العدو والخيانة المجانية لتاريخ هذه الامة ولقضية فلسطين وشعبها.
وهنا تطرح الكثير من التساؤلات البديهية ماذا يحقق نظام البحرين ورأسه من الهرولة للتطبيع مع الصهاينة؟ هل هو ضريبة يجب دفعها من قبل حكام الخليج للبقاء في السلطة؟ هل هذا التوقيع المجاني لاتفاقيات تطبيع العلاقات مع العدو -سواء للنظامين الاماراتي او البحريني- يأتي بسياق تمهيد الطريق امام خطوة مماثلة ينتظر ان يقوم بها النظام السعودي ويريدها الرئيس الاميركي دونالد ترامب ومن خلفه الصهاينة وعلى رأسهم “صهر ترامب” جيراد كوشنير؟ وهل هذه الخطوات التطبيعية الخيانية هي مجرد إعلان لعلاقات طالما كانت قائمة في السر على مختلف المجالات بدون الاعلان الصريح والرسمي عنها؟ وهل شعب البحرين والامارات وبقية الشعوب الاسلامية والعربية توافق الانظمة الخائنة على مثل هذه الخطوات التطبيعية؟
حول كل ذلك قال المتحدث باسم حركة الحريات والديمقراطية (حق) البحرينية المعارضة عبد الغني الخنجر “لا بد أن نعترف بأن موقف الخيانة الذي اتخذه حاكم البحرين هو موقف متوقع في ظل سنوات من العلاقات السرية مع كيان العدو الإسرائلي وتنسيق للخيانة مع السيد الأمريكي الذي يحرك مثل هؤلاء الحكام العملاء الذين يعانون من رفض حكمهم ومن عدم استقرار سياسي في الداخل”، وتابع “هؤلاء يحكمون فقط عبر القمع والسجون والإستبداد”.
واضاف خنجر في حديث خاص لموقع قناة المنار “في مقابل هذه الخيانة والطعنة الغادرة لخاصرة الفلسطينيين التي تأتي بمباركة أمريكية والتي هي ثمن بقاء هذا الحاكم غير الشرعي على سدة الحكم في البحرين، هناك موقف فخر واعتزاز قدمه شعب البحرين برفضه العارم لهذه الخطوة الغادرة وبتعبيره ومن كل شرائحه وطوائفه عن مساندته لفلسطين وشعبها ورفضه للتطبيع واعتباره كل مطبع مع العدو الإسرائلي خائن”.
وقال خنجر “كنا ننتظر رغم القبضة الأمنية الحديدية والقمع ان تكون هناك حركة اكبر ضد التطبيع ومقاطعة شعبية كبرى في البحرين لكل اشكال التطبيع والمطبعين مع العدو الإسرائيلي”، ولفت الى انه “حتى في كيان هذا العدو يعرفون بأن شعب البحرين لا يمكن ان يتخلى عن فلسطين ولا يمكن ان يقبل بالتطبيع”، وأكد أن “زمرة المطبعين والمروجين للتطبيع في البحرين قلة لا يمثلون شعب البحرين”.
واكد ختجر انه “لا بد اليوم من مواقف موحدة من البحرينيين، سنة وشيعة، موالاة ومعارضة، تساند شعب فلسطين”، ورأى انه “يجب أن تتحول البحرين من مختبر تجارب التطبيع للسعودية إلى المكان الذي تتحطم فيه أحلام المطبعين وتفشل فيه مؤامرة القضاء على قضية الأمة الأولى والمركزية وشدد على انه “يجب ان تفشل كل خطط التطبيع عبر المقاطعة والرفض والمقاومة المشروعة ثقافياً واجتماعياً وعمليا”.
الأكيد ان حكام الامارات والبحرين وغيرهم ممن قد يلحق مستقبلا باتفاقيات التطبيع مع العدو الاسرائيلي، هم يرضخون للاوامر الاميركية المباشرة بالدخول علنا بعلاقات صريحة وواضحة مع كيان العدو الذي زرع رغما عن الامة في قلب هذه المنطقة، وهؤلاء الحكام يأملون ان يخدمهم ذلك في البقاء لمدد أطول في مناصبهم المهتزة أصلا نتيجة النزاعات الداخلية بين ابناء العائلات الحاكمة.
وحكام الخليج يحققون بذلك مصالح العدو الاسرائيلي بالاستفادة المباشرة من الاستثمارات في الخيرات والثروات الخليجية لا سيما في مجال النفط، بالاضافة الى محاولة هذا العدو القول إن المعادلة قد انقلبت وبات التطبيع معه مسألة “طبيعية وعادية” في العالمين العربي والاسلامي، وان الدليل في ذلك ان هذه الانظمة توقع بدون شروط مسبقة ويهلل لها في ذلك حشد من رجال الدين المأجورين ووسائل الاعلام المروجة لنظرية الانبطاح امام الاميركي والاسرائيلي.
لكن كل ذلك لن يخدم الاميركيين والصهاينة في نظريتهم الجديدة عن “طبيعية التطبيع” لان الشعوب العربية والاسلامية وبينها الشعوب الخليجية(كما هو الحال لدى ابناء الشعب المصري والاردني) لن تقبل في يوم من الايام ان يكون العدو الاسرائيلي صديقا لهم بأي معيار من المعايير ولا ان يكون بينهم علاقات طبيعية، وان كل الاستخدامات الخبيثة لرجال دين مسلمين او غير مسلمين لن تجدي نفعا في تلميع صورة قتلة الانبياء والابرياء في فلسطين وغيرها.
بل ان الصورة اليوم تتضح اكثر فأكثر والفيصل والمعيار سيكون دائما وأبدا فلسطين وقدسها ومقدساتها وحقوق شعبها، فمن يقف مع العدو الاسرائيلي ويطبع العلاقات معه سيكون بدون جدل ضد فلسطين، أما من يقف الى جانب مقاومة الشعب الفلسطيني ضد العدو هو الذي يكون بمحور فلسطين، فالمنطقة اليوم تفرز بشكل واضح وجلي ونهائي بين محورين: محور فلسطين ومحور “اسرائيل واميركا واتباعهما” ولا مجال بعد اليوم للوقوف خارج هذين المحورين، فإما تكون مع فلسطين او مع العدو الاسرائيلي الغاصب والمحتل.
المصدر: موقع المنار