يزعم علماء أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في معالجة “وباء المعلومات” في الأدبيات العلمية، الذي يجعل من الصعب فصل الحقيقة عن المعلومات الخاطئة.
وألقى خبيران أمريكيان بالذكاء الاصطناعي، باللوم على جائحة فيروس كورونا في موجة مكثفة من الدراسات العلمية لتوفير المعلومات حولها.
وبحلول منتصف أغسطس، نُشر أكثر من 8000 نسخة مسبقة من الأوراق العلمية، التي تحتوي على الكلمات “كوفيد-19” أو SARS-CoV-2 في أرشيفات الطب والبيولوجيا والكيمياء على الإنترنت.
ولكنهم يقترحون أن هذه الثروة من المواد العلمية، يصعب على أي شخص استيعابها وتتراوح من جيدة إلى غير موثوق بها. لذا، يمكن أن يكون الاستخدام الأكبر للذكاء الاصطناعي لاستيعاب البحث وتوحيده، هو المفتاح لكشف الحقائق وضمان التعرف على المعلومات الموثوقة بشكل صحيح.
ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتلخيص وجمع الأبحاث حول موضوع ما، بينما يعمل البشر على تنسيق النتائج، على سبيل المثال. ويمكن أيضا تسهيل الوصول إلى المنشورات العلمية ذات السمعة الجيدة، من خلال عدم الاختباء وراء نظام حظر الاشتراك غير المدفوع، ويمكن إجبار معدي المعلومات المضللة في الأوراق البحثية بشكل عام، على تحمل المسؤولية القانونية، كما يقول الخبراء.
وكتب البروفيسور غانيش ماني، من جامعة كارنيجي ميلون، والدكتور توم هوب من معهد “Allen” للذكاء الاصطناعي، في مجلة علم البيانات Patterns: “سرعة العلم، خاصة أثناء حل الألغاز الوبائية الأخيرة، تثير القلق. وبالنظر إلى حجم الأبحاث المتزايد باستمرار، سيكون من الصعب على البشر وحدهم مواكبة ذلك. ونعتقد – خاصة في ضوء الزيادة السريعة في حجم الإنتاج البحثي – ضرورة إنشاء معايير جديدة حول البيانات الوصفية (للفهرسة والاسترجاع)، وجعل عمليات المراجعة أكثر قوة وشفافية”.
وتبين أن الأوراق البحثية الأقل ارتباطا بالفيروس، مثل تلك المتعلقة بالاكتئاب الناجم عن الحجر الصحي والتأثير على تغير المناخ من انخفاض انبعاثات النقل، كانت وفيرة.
وفي الوقت نفسه، تقلص متوسط الوقت اللازم لإجراء مراجعة الأقران ونشر مقالات جديدة في ظل الاندفاع نحو تحقيق تقدم كبير – مثل البحث عن لقاح ناجح.
وفي حالة 14 عنوانا في مجال علم الفيروسات، انخفض متوسط وقت النشر من 117 إلى 60 يوما، على سبيل المثال.
وقال البروفيسور ماني إنه مع “كوفيد-19” وغيره من الأمراض الجديدة، هناك ميل إلى التسرع في الأمور، لأن الأطباء يطلبون التوجيه في علاج مرضاهم. كما أن اندفاع المعلومات هو ما تسميه منظمة الصحة العالمية “الوباء المعلوماتي” – وفرة المعلومات التي تتراوح من الدقة إلى “الخاطئة بشكل واضح.
وأفاد علماء فرنسيون الشهر الماضي أن مراجعة 29 دراسة علمية أجريت على “هيدروكسي كولوروكين”، أظهرت أن العقار المثير للجدل المضاد للملاريا لا ينقذ حياة المرضى المصابين.
وتوقع البروفيسور ماني: “سنجري المحادثة نفسها حول اللقاحات. وسيكون لدينا الكثير من المناقشات”.
وفشلت المحاولات السابقة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في استيعاب الأبحاث وتوحيدها جزئيا، بسبب اللغة التصويرية والغامضة التي يستخدمها البشر غالبا.
لذا، قد يكون من الضروري كتابة نسختين من الأوراق البحثية – إحداهما مكتوبة بطريقة يسهل الوصول إليها تجذب انتباه البشر، والأخرى مكتوبة بأسلوب باهت وأكثر اتساقا وأكثر قابلية للفهم للآلات.
ويمكن أن تساعد إصدارات هذا الأخير في الرجوع إلى الذكاء الاصطناعي والتحقق من الحقائق، في حين أن الأولى ستكون أكثر قابلية للفهم للعلماء خارج هذا المجال ولعامة الناس.
وهناك مشكلة أخرى وهي أن العلماء يميلون إلى التأكيد على التجارب والعلاجات الناجحة، وهي أقل ميلا للنشر إذا كانت نتائجهم لا تدعم فرضيتهم.
ولكن خبراء الذكاء الاصطناعي يؤكدون أن تسليط الضوء على هذه النتائج السلبية، مهم للأطباء.
ومن بين أفكار البروفيسور ماني والدكتور هوب: تحديد أفضل المراجعين ومشاركة تعليقات المراجعة وربط الأبحاث بالأوراق ذات الصلة أو مواقع التراجع أو الأحكام القانونية.
واقترح البروفيسور ماني أرشيفا إلكترونيا للأدب العلمي، من شأنه أن ينظم البحث بشكل أفضل ويجعل من السهل العثور على المعلومات ذات الصلة.
ويحتوي أرشيف “المجلة الكبرى” هذا على هيكل هرمي – يتكون الجزء العلوي من الأوراق التي تدخل في المجلات المطبوعة عالية الجودة، وتتشكل الأجزاء الأدنى من خلال المساهمات التي تشكل بعض أوراق المؤتمرات وورش العمل.
ويبدو أن البناء على هذا مع مجموعة من أدوات التصور عبر الإنترنت باستخدام الذكاء الاصطناعي، هو وسيلة لتحسين عمليات المراجعة والنشر العلمية.
وتتيح الأداة الاستكشاف السريع للارتباطات بين الكيانات الطبية الحيوية، مثل البروتينات والجينات والخلايا والأدوية والأمراض وخصائص المريض.
ولا يعتقد الخبيران أن ورقتهما البحثية ستحسم الجدل حول تحسين الأدبيات العلمية، لكنهما يأملان أن تحفز التغييرات في الوقت المناسب للأزمة العالمية المقبلة.
وخلصا إلى أن “إنشاء مثل هذه البنية التحتية سيساعد المجتمع في مواجهة المفاجأة الاستراتيجية التالية أو التحدي الكبير، والذي من المرجح أن يكون على قدم المساواة، إن لم يكن أكثر، كثافة المعرفة”.
المصدر: دايلي ميل