ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم السبت 12-09-2020 في بيروت على إعلان انضمام البحرين إلى ركب التطبيع العلني مع كيان العدو، والذي واجهته حملة احتجاج داخلية عبرت عنها جبهات المعارضة التي يعترف العالم ومنظماته الحقوقية بحجمها التمثيلي، خلافاً للمشهد الإماراتي الصامت.
الأخبار:
تطبيع آل خليفة بعد عيال زايد: بالنيابة عن ابن سلمان
«ثمّة اليوم حدث يستحقّ الاحتفال». قد لا يبدو مستغرباً ما علّق به بعض الإسرائيليين على إعلان انضمام البحرين إلى ركب التطبيع العلني مع كيان العدو، خلافاً لما أظهروه من لامبالاة لدى إشهار أبو ظبي علاقاتها مع تل أبيب. ذلك أن إقدام المنامة، المرتهَنة بالكامل لآل سعود منذ ما قبل اجتياح جند الأخيرين للجزيرة الصغيرة لقمع انتفاضة «14 فبراير»، على مثل هذه الخطوة، يعني أن الرياض تقف خلفها تماماً وتُزكّي ما قامت به وتنتظر الفرصة للكشف عن نفسها. ليست المسألة هذه المرّة مسألة «بالون اختبار» تلقي به السعودية من خلال «كناري مناجم الفحم» التابع لها والمُتمثّل في آل خليفة، بل هي قاطرة انطلقت بها أبو ظبي بمباركة من محمد بن سلمان وستصل إلى الأخير حتماً متى تهيّأت الأسباب.
يمضي ثلاثيّ التطبيع الخليجي، برعاية أميركية، في خطّته لتكريس الأمر الواقع، بينما تعكف فصائل المقاومة على نسج خيوط واقع مغاير، انطلاقاً من حقيقة أن حديث التسوية قد مات ولم يعد صالحاً للتداول.
لم يكن متوقعاً أن يقتصر «اتفاق السلام» الأخير مع كيان العدو الإسرائيلي على النظام الإماراتي، تماماً مثلما لم يكن مفاجئاً أن يَلِي أبو ظبي في الدور نظامُ القمع في البحرين، والذي سَجّل اسمه باكراً ضمن لائحة المتآمرين على قضية فلسطين وشعبها، بعدما أثخن شعبه تنكيلاً وظلماً. المساحة المشتركة بين هذه الأنظمة، في ماهيّتها وتبعيتها وتموضعها وغربتها عن شعوبها وقضاياها، تجعل تواليها في هذا المسار أمراً مُسلّماً به، يصل حدّ التماهي والتطابق في المضمون والسياق والتوقيت.
وكما هي الحال مع نظام آل زايد، سبقت الإعلانَ عن «اتفاق السلام» مع نظام آل خليفة خطواتٌ علنية وسرية، بادر إليها النظام البحريني القمعي تجاه كيان العدو، بما وطّأ للخطوة الأخيرة. وبعيداً من كون النظام الإماراتي هو مَن مَهّد الطريق للنظام البحريني، فالأخير يُعدّ مِن أكثر أنظمة الخليج حاجة إلى مظلّة خارجية؛ بالنظر إلى أنه منبوذ من شعبه، الأمر الذي يجعله أسير مصالح الخارج، فضلاً عن أن نهجه يُعبّر عن حقيقة مَن يهيمنون على القرار في المنامة. ومن المتوقع، في هذا السياق، الكشف في الأيام اللاحقة عن الكثير من اللقاءات والزيارات المتبادلة مع كيان العدو، تماماً كما حصل في أعقاب الإعلان عن الاتفاق مع الامارات.
وفق الإيقاع نفسه أيضاً، أتى الاتفاق مع نظام البحرين تلبية لحاجات الثنائي دونالد ترامب – بنيامين نتنياهو، في المضمون والتوقيت والسياق. ومع كون هذه الخطوة جزءاً من مخطّط تآمري يستهدف فلسطين والمنطقة، إلا أنها، بوجه آخر، تنطوي على إيجابية كشف المزيد من أقنعة أنظمة القمع التي تحاول الاحتماء بعناوين مذهبية مصطنعة. ذلك أن فرز المعسكرات على أساس الموقف من قضايا التحرّر هو دائماً في مصلحة الشعوب، الأمر الذي يحتاج إليه شعب البحرين المضطهد. بعد المجاهرة بالتحالف مع كيان العدو، لن يبقى هناك عذر لأحد (ولم يكن هناك عذر سابقاً) من أجل اتخاذ موقف صريح ومباشر من هذا النظام الطاغي، إلّا مَن قرّر أيضاً، ولحسابات خاصة، أن يجاهر بتموضعه في معسكر تل أبيب.
كذلك، ومثلما هي حال الاتفاق الإماراتي، يعدّ الاتفاق البحريني تظهيراً لواقع قائم أكثر من كونه تأسيساً لواقع جديد. وهو ما لا يتعارض مع كون مسلسل التطبيع يستهدف الارتقاء بالتحالفات إلى مرحلة جديدة على قاعدة أن مصير هذه الأنظمة مرهون بمصير كيان الاحتلال، وفي مواجهة التهديدات ذاتها. والأهمّ أن يتواصل المسلسل الى حين نيل نتنياهو الجائزة «السعودية» الكبرى بعقد اتفاق مشابه مع نظام آل سعود. مع ذلك، يبدو من الصعب تقرير مَن هو الأكثر وقاحة، بين نظام البحرين ونظام الإمارات، في التعبير عن السياسات التي تنطلق من أن قضية فلسطين هي عبء ينبغي التخلّص منه بأيّ ثمن. وهذا الأمر يسمح، هو الآخر، بمنح المعسكرات عناوينها التي تعبّر عن حقيقة تموضعها.
وإلى جانب الأبعاد المتصلة بالسياق والتوقيت الذي يخدم كلاً من الرئيس الأميركي في مواجهة واقعه الداخلي، ورئيس وزراء العدو الذي يواجه تحدّيات داخلية غير مسبوقة، يتميّز نظام القمع في البحرين بأنه يخضع بشكل تامّ للنظام السعودي، على خلاف نظام الإمارات الذي يتمتَع بهامشه الخاص. ومن هذه الزاوية، يمكن القول إن الاتفاق بين المنامة وتل أبيب مزكّى سعودياً بالكامل، وهو ما يؤشّر إلى اقتراب موعد الإعلان عن اتفاق مماثل مع الرياض، وبذلك تكتمل الدائرة. وكانت البحرين أعلنت، الأسبوع الماضي، أنها ستسمح للرحلات الجوية بين إسرائيل والإمارات بعبور مجالها الجوي، عقب اتخاذ السعودية قراراً مماثلاً.
في البعد الإسرائيلي، كرّر نتنياهو التفاخر بـ»الإنجاز» الذي وفّره له النظامان البحريني والإماراتي، على اعتبار أن الاتفاقين يجسّدان معادلة «السلام مقابل السلام، والاقتصاد مقابل الاقتصاد». وليس صدفة أن يكرّر نتنياهو هذه المواقف كشعارات، لكونها تتّصل بمسارين: الأول إزاء القضية الفلسطينية، والثاني في الداخل الاسرائيلي. وهو، بذلك، كَمَن يعلن أن الفضل يعود للنظام السعودي، من دون أن يذكره، وللنظامين البحريني والإماراتي في تسجيل «الإنجاز» السياسي الذي يهدف إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني، بتياراته كافة.
وتتويجاً لهذا «الانتصار» اليميني – الصهيوني، في سياق التجاذبات تحت سقف مخطّط التسوية وفي الساحة الداخلية الإسرائيلية، نقلت صحيفة «هآرتس» أن نتنياهو أعلن بنفسه «اتفاق السلام» بين إسرائيل والبحرين، وأنه سيوقعه يوم الثلاثاء في البيت الأبيض إلى جانب اتفاق التطبيع مع الإمارات. وبحسب الإذاعة الإسرائيلية، فإن ولي العهد البحريني، سلمان بن حمد آل خليفة، سيشارك في مراسم التوقيع، حيث سيعلِن رسمياً تطبيع العلاقات مع الكيان العبري. ولم يفوِّت نتنياهو هذه اللحظة من أجل محاولة توظيفها في سياق الترويج للمنطق الإسرائيلي – اليميني إزاء عملية التسوية، إذ أعلن، بعد وصف ترامب هذه المحطة بـ»الإنجاز التاريخي»، أن هناك «مرحلة جديدة من السلام، وستنضمّ دول أخرى»، وتَوجّه إلى الإسرائيليين بالقول: «أشعر بالانفعال لأبشّركم الليلة بتوصّلنا إلى اتفاق سلام جديد مع دولة عربية أخرى، مع البحرين. هذا ينضمّ إلى اتفاق السلام التاريخي مع الإمارات». وأضاف مُتوجّهاً إليهم بالوعود في ظلّ ما يواجهونه من أزمات اقتصادية ومالية، أن هذه الاتفاقيات «ستجلب الكثير من الاستثمارات إلى الاقتصاد الاسرائيلي». وحاول الإيحاء بأن ما جرى استوجب بذل جهود استثنائية من قِبَله، في حين أن الأنظمة المُطبّعة حديثاً تقيم علاقات سرّية مع إسرائيل، قد تكون في بعض جوانبها أكثر أهمية مما تمّ الإعلان عنه.
وفي أصداء الحدث في الساحة الإسرائيلية، رأت «القناة 12» أن «الاتفاق مع البحرين هو من نوع تأثير الدومينو… وهو ما أراده البيت الأبيض، بمعنى أن المسألة ليست مسألة دولة واحدة تعقد سلاماً مع اسرائيل، بل بداية شرق أوسط جديد». من جهتها، تحدثت «القناة 13» عن أن هناك اتفاقاً ثالثاً سيُعقد مع دولة عربية قبل شهر تشرين الثاني المقبل. وتوقف المحلل السياسي في القناة، آري شابيط، عند البعد السعودي للاتفاق مع البحرين، مشيراً إلى أن الأخيرة «دولة تحت الرعاية السعودية، وهي ليست مستقلّة حقاً، وهذا يعني أن السعودية هي تماماً في المسار، لم توقع، لكن أرجحية أن توقع خلال 6 أشهر أو سنة ارتفعت بشكل دراماتيكي. يوجد هنا حدث يستحق الاحتفال به».
البناء:
ترامب يعلن عن نجاحه مع السعوديّة بتحرير الوديعة الثانية في مسار التطبيع… البحرين
أديب إلى بعبدا في زيارة ما قبل التشكيل لحسم الحجم وتوزيع الحقائب قبل الأسماء
يتعمّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ضمن خطته الانتخابية، الإفراج بالتدريج عن ودائع التطبيع الخليجية مع كيان الاحتلال قبل حلول موعد التوقيع الإماراتي الإسرائيلي، لحجز أوسع مدة تلفزيونيّة لما يرغب بتقديمه كإنجازات يختم بها ولايته الأولى طلباً للثانية، وبعدما أعلن أول أمس عن استعداد سعودي للحاق بالركب، أعلن أمس موافقة البحرين، ولا يستبعد أن يعلن خلال أيام الموافقة العمانيّة، والقرار الذي أعلنه مستشار ملك البحرين واجهته حملة احتجاج داخلية عبرت عنها جبهات المعارضة التي يعترف العالم ومنظماته الحقوقية بحجمها التمثيلي، خلافاً للمشهد الإماراتي الصامت.
لبنانياً، تستمرّ حال التجاذب السياسي المرافقة لمشهد حكومي سريالي، حيث الرئيس المكلف يحصر لقاءاته واتصالاته بدائرة ضيقة، تمثل نادي رؤساء الحكومات السابقين الذين قاموا بترشيحه، وبالراعي الفرنسي الذي وفر التغطية للتسمية، ووفقاً للمعلومات التي تجمعت من المصادر المتابعة لعملية التحضير لولادة الحكومة الجديدة بين بيروت وباريس، فإن الرئيس المكلف سيزور بعبدا مرتين، واحدة يحمل فيها تشكيلة بلا أسماء تتضمن حسماً لعدد الوزراء وتوزيعة طائفية وسياسيّة للحقائب، حيث سيعرض حكومة من 14 وزيراً، نصفها بالتشاور مع الأطراف الرئيسية، التي سيعرض عليها أسماء مرشحيه المقربين منها للحقائب التي رست عليهم، وأغلبها حقائب سيادية، ليبقى النصف الآخر من حقائب أغلبها خدمي وتقني سيحتفظ بتسميتها لنفسه، وقالت المصادر إن الرئيس المكلف سيترك لرئيس الجمهورية تسمية وزير الدفاع كنائب لرئيس الحكومة، ووزير العدل، عارضاً على التيار الوطني الحر أسماء مقترحة لوزير الخارجية ولتيار المستقبل أسماء مقترحة لوزير الداخلية، ولحركة أمل كممثل للثنائي الشيعي أسماء مقترحة لوزير المالية، وأنه منفتح على توسيع الحكومة إلى 20 وزيراً إذا أصرّ رئيس الجمهورية على ذلك، لكن وفقاً لمنهجية التشكيل ذاتها، وأنه سيكتفي بموافقة رئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة إذا توافقا على المنهجية، أي حصر التشاور مع الأطراف الرئيسية بمرشحين يقترحهم رئيس الحكومة للحقائب التي يخصصها لتمثيل سياسي في حكومته، بينما حقائب الطاقة والاتصالات والأشغال فستكون بيد رئيس الحكومة الذي اختار لها الأسماء، التي يعتقد أنها تتكفل بحشد الدعم الدولي للانطلاق بورشة خصخصة الهاتف وإطلاق ورش الكهرباء وإعمار المرفأ.
تقول المصادر إن عدم التفاهم مع رئيس الجمهورية سيعني إعتذار الرئيس المكلف وهو أمر مستبعَد في ظل ما بلغ الفرنسيين في الرسالة التي حملها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إلى باريس، كما ترى المصادر أن الأطراف الرئيسية المعنية لن تعرقل مسعى رئيس الحكومة، ولا المبادرة الفرنسية، وأن المتغير الذي سيعبر عن رضاها من عدمه، هو درجة استعدادها لحماية الحكومة في المجلس النيابي والشارع، بعد نهاية الشهور الثلاثة التي تحدث عنها الرئيس الفرنسي كمهلة للحكومة تسبق زيارته الثالثة لبيروت مطلع كانون الأول المقبل.
في المشهد السياسي الداخلي زيارة وداعية للسفير الروسي ألكسندر زاسيبكين لرئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي أسعد حردان، تلاقت الآراء خلالها على تقييم مرحلة طويلة من العمل الذي مثل خلاله زاسيبكين دولته، ونجحت خلالها روسيا بفرض توازنات جديدة على الوضع الدولي، نتج عنها سقوط الأحادية التي كانت تتيح الهيمنة الأميركية على المشهد الدولي، وتخنق إرادات الشعوب وتهدد حقوقها المشروعة بالاستقلال والتنمية.
استقبل رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعيّ النائب أسعد حردان، في دارته، سفير جمهورية روسيا الاتحادية في لبنان الكسندر زاسيبكين في زيارة وداعية بعد انتهاء مهامه الدبلوماسية في لبنان، بحضور نائب رئيس الحزب القائم دستورياً بمهام الرئاسة وائل الحسنية، عميد الخارجية قيصر عبيد وعميد الإعلام معن حمية.
وشهد اللقاء جولة أفق حول مجمل الأحداث والتطورات على صعيد المنطقة والعالم، والتحديات التي تتمثل بسياسات أميركا والغرب، والتي تتدخل في شؤون الدول ذات السيادة، وتضع أجندات مهدّدة لأمن الدول المستهدفة واستقرارها، بهدف تحقيق مشاريع الهيمنة.
كما تمّ استعراض المراحل التي شهدت تبدّلات في المشهد الدولي وتوازناته، وكانت وجهات النظر متطابقة بأنّ العالم ومن ضمنه منطقتنا، قد دخل مرحلة جديدة مغايرة تماماً لما كان عليه منذ بداية تسعينيات القرن الماضي. وبالتالي فإنّ أحادية القرار الدولي لم تعد لها أرضية على أرض الواقع، والاستمرار بها يزيد الأوضاع تعقيداً وتأزيماً على كل المستويات.
وخلال اللقاء، أعرب زاسيبكين عن تقديره الكبير للحزب السوري القومي الاجتماعي ودوره ومواقفه، مشيراً إلى أنه وفي فترة عمله سفيراً لروسيا في لبنان، جمعته مع النائب حردان وقيادات الحزب علاقة طيبة وصادقة، توطدت على الصعيد الشخصي ومع الدولة الروسية، وهي ستستمرّ وسستتعمّق أكثر.
وأمل زاسيبكين أن يتجاوز لبنان التحديات التي يواجهها، وأن ينجح اللبنانيون في تثبيت دعائم استقرار بلدهم بمواجهة كلّ الأزمات.
من جهته، أشاد حردان بالسفير زاسيبكين الذي مثّل بلاده خير تمثيل، وأثنى على دوره ومواقفه وديناميته، وما تميّز به من حضور على الصعد كافة، السياسية والدبلوماسية والإعلامية والاجتماعية، فهو من الشخصيات القليلة والنادرة التي تطبع النقاشات والحوارات السياسية بطابع فكري وثقافي وأدبي.
وحمّل حردان السفير الروسي تحية تقدير للرئيس الروسي فلاديمير بوتين والقيادة الروسية، وتقديراً لمواقف روسيا دعماً لاستقرار لبنان، ولوقوفها إلى جانب سورية في حربها ضدّ الإرهاب، وشدد على أهمية دور روسيا الداعم لبلادنا في مواجهة الإرهاب، وأيضاً لجهودها الجبارة دفاعاً عن القوانين والمواثيق الدولية التي تحترم سيادة الدول، وترفض كلّ أشكال التدخلات في شؤونها الداخلية.
أديب في بعبدا اليوم؟
وعلى الرغم من الأجواء الإيجابية التي أشرت إلى زيارة مرتقبة للرئيس المكلف مصطفى أديب اليوم إلى بعبدا لعرض تشكيلته النهائية على رئيس الجمهورية ميشال عون، وبالتالي إمكانية ولادة الحكومة مطلع الأسبوع المقبل، إلا أن الغموض وتناقض المعلومات بقيا سيد الموقف الحكومي حتى الساعة وسط إصرار الرئيس المكلف على إحاطة مشاورات التأليف بكتمان شديد.
وبحسب المعلومات، فإن الرئيس المكلف مصطفى أديب عمل خلال اليومين الماضيين على إنجاز توزيع الحقائب على الطوائف ليقدم الى رئيس الجمهورية اليوم المسودة الأولى للحكومة والتشاور فيها قبل إعلانها يوم الاثنين.
فيما أفادت معلومات أخرى أن «الرئيس المكلف يتعاطى بسرّية تامة في عملية تشكيل الحكومة والمعطى الأبرز زيارة اللواء عباس ابراهيم إلى فرنسا». ولفتت الى أن «الفرنسيين لا يفاوضون في تشكيل الحكومة ولا يفتحون بازاراً في ذلك، والتشكيلة شبه منجزة عند أديب، ولكنّ الأسماء لا تزال سريّة وهو قد يلتقي رئيس الجمهورية نهاية الأسبوع». وأشارت الى أن «أديب قد يقدّم التشكيلة يوم الاثنين؛ فيما مطلعون يقولون إن عون لن يقف في وجه الفرنسيين أو يعرقل تشكيل الحكومة». فيما استبعدت مصادر أخرى وجود مؤشرات الى أن عون سيلتقي الرئيس المكلف اليوم، ولكن المعلومات ترجح اللقاء قبل الاثنين. وكشفت الى أن «اللواء ابراهيم سمع من الفرنسيين تمسكاً بالمبادرة أي تشكيل حكومة اختصاصيين في 15 يوماً».
وفي هذا السياق أكدت مصادر «البناء» أن «أياً من القوى السياسية لن يقف في وجه المبادرة الفرنسية ولا عرقلة تأليف حكومة أديب لا سيما وأن الجميع قدم الوعود للرئيس الفرنسي بتسهيل ولادة الحكومة، علماً ان الكتل النيابية لم تطلب أي حقيبة ولا أي شروط أخرى خلال المشاورات النيابية الملزمة في المجلس النيابي». ويبدو أن الرئيس المكلف بحسب المصادر سيوزّع الحقائب ويسقط الأسماء مع الأخذ بعين الاعتبار بعض الأسماء التي تكون قريبة من بعض الأحزاب، وذلك كي لا يستفزها»، لكن في حال رفضتها الأحزاب فربما يجري بعض التعديلات عليها وفي حال تم الاعتراض ستصبح التشكيلة أمراً واقعاً على الجميع وستعلن ولادة الحكومة بلا مشاركة الأحزاب السياسية». وأكدت مصادر «البناء» في هذا الإطار أن الرئيس أديب حسم أمره بتقديم تشكيلة نهائية الى رئيس الجمهورية خلال أيام على أن تعلن مراسيم التأليف مطلع الأسبوع.
وبحسب المعلومات، فإن «الرئيس المكلف لم يتواصل مع رؤساء الكتل ويعمل بسرية وباتت تشكيلته شبه منجزة، إما أن تُقبل من رئيس الجمهورية أو تُرفض».
التيار الوطنيّ
وعلمت «البناء» أن الهيئة التأسيسية في التيار الوطني الحر عقدت اجتماعاً أمس، للتباحث في الملف الحكومي وقضية مشاركة أو عدم مشاركة التيار في الحكومة، إضافة الى ملف تفجير المرفأ والحريق الذي اندلع أمس الأول. وأشارت أوساط التيار إلى أن «بياناً مهماً سيصدر خلال ساعات سيشكل تمهيداً للمواقف التي سيطلقها رئيس التيار النائب جبران باسيل في إطلالته الأحد المقبل محدداً الاتجاهات النهائية منها وسيؤكد على الإصلاحات بشقيها الحكومي والتشريعي». وأكدت أوساط نيابية في التيار لـ»البناء» الى أن «قضية مشاركة التيار في الحكومة لم تتحدّد بعد وستتحدّد على ضوء الصيغة النهائية الذي سيقدمها أديب الى رئيس الجمهورية من شكل الحكومة وتوزيع الأسماء والحقائب»، مؤكدة أن «التيار سيسهل مهمة الحكومة الى أقصى الحدود».
عين التينة
وعلمت «البناء» أن الرئيس بري مصرّ على موقفه المتمسك بوزارة المالية لارتباطها بمسألة ميثاقية المراسيم. واعتبر مصدر قريب من عين التينة أنه «لا يجوز إدخال وزارة المال في بازار السجالات، لأنه أصبح واضحاً ما تعنيه هذه الحقيبة على مستوى التوازن السياسي الوطني والشراكة في القرار التنفيذي، وهذا بات من الأعراف التي كرستها المراحل السابقة»، مؤكداً ان الكثير من الأعراف لها قوة الدستور، مذكراً أن القضايا الوطنية المتعلقة بتركيبة النظام، بمعظمها قائمة على الأعراف».
ورأى أن «العقوبات وان كانت تستهدف فريقاً سياسياً محدداً، الا ان في الواقع البلد كله مستهدف، لان الرسائل الاميركية متعددة الاتجاهات وأحد أبرز هذه الاتجاهات ملف ترسيم الحدود الجنوبية البرية والبحرية، اذ تحاول الولايات المتحدة الضغط انطلاقاً من منطق العصا والجزرة مع لبنان، وهذا الضغط أتى على المفاوض اللبناني المتمثل برئيس مجلس النواب الذي عكس صلابة في التمسك بالحق اللبناني». وشدد المصدر على ان «لبنان لا يمكن أن يقبل بأي ضغط على هذا المستوى، ولن يتراجع عن حقه مهما كانت العقوبات ومهما كان حجمها».
حزب الله
أما حزب الله فيعمل على تسهيل تأليف الحكومة انطلاقاً من وعده للرئيس الفرنسي بإنجاح المبادرة الفرنسية، بحسب ما قالت مصادر مطلعة على موقفه لـ»البناء»، لكنه أي الحزب «يدعم موقف حليفه رئيس المجلس النيابي بنقطة احتفاظ حركة أمل بوزارة المالية أو أي اسم يتفق عليه بين الرئيس بري والرئيس المكلف»، مشيرة الى أن «حزب الله لا يعارض حكومة التكنوقراط والاختصاصيين ويشارك فيها شرط أن يسمي الوزراء الذين يمثلونه وإلا فلن يشارك في الحكومة ويفضل أن تطعم الحكومة بسياسيين نظيفي الكفّ وأصحاب اختصاص في الوقت عينه»، منبهة الى أن الحزب «مسهل للمبادرة الفرنسية لكن عيونه منصبّة على الموضوع الأساسي وهو استهداف المقاومة بوسائل متعددة من ضمنها محاولة إبعاده عن الحكومة وضرب التوازن السياسي الداخلي إن عبر الحكومة أو عبر مؤسسات أخرى».
تحقيقات العسكريّة
على صعيد آخر، استمرت صباح أمس عمليات فرق الإطفاء لتبريد البقع التي طالها الحريق في مرفأ بيروت. وأعلن الدفاع المدني عن إخماد النيران والسيطرة عليها بالكامل. وفي حين بقيت سحب الدخان تتصاعد بشكل محدود من بعض النقاط. وأفيد أن الشرطة العسكرية المكلفة التحقيق بحادثة حريق المرفأ، استمعت الى 20 شخصاً ممن هم على علاقة بالأعمال التي كانت تجري في المستودع الذي اندلعت فيه النيران في المرفأ بينهم مسؤول شركة BCC Logistics.
عون
ونوه رئيس الجمهورية بالدور الذي قام به الجيش بعد الكارثة، مؤكداً على ضرورة الاستمرار في هذا العمل لإزالة الآثار التي نتجت عن الانفجار وتوفير المساعدات للمتضررين وايصالها اليهم، ومسح الأضرار التي لحقت بالمرفأ وفي المناطق المجاورة، تمهيداً لبدء عملية الإعمار وترميم المنازل المتضررة قبيل حلول فصل الشتاء. واعتبر عون التنظيم الذي اعتمد في مواجهة تداعيات الانفجار، حقق النتائج المرجوة منه لجهة الدقة في التنفيذ وتغطية كل الاماكن المتضررة وتأمين المساعدات العاجلة ومتابعة العمل في مرفأ بيروت.
وجاء موقف عون خلال ترؤسه اجتماعاً حضره قائد الجيش العماد جوزف عون والضباط المعنيون بمتابعة الأشغال في مرفأ بيروت والبقعة المحيطة به، وإدارة المساعدات التي تلقاها لبنان، وعمل الجمعيات، الذين قدموا عرضاً مفصلاً عمّا تحقق منذ وقوع الانفجار حتى اليوم والإجراءات المتخذة والصعوبات التي تعيق العمل. وقد تولى كل ضابط شرح الشق المتعلق بالمهام الموكلة إليه.
وفيما أفيد عن وجود مواد خطرة قابلة للاشتعال في العنبر رقم 15 في مرفأ بيروت، والتي من الممكن أن تؤدي إلى انفجار في حال تعرُّضها لحرارة مرتفعة. أعلنت قيادة الجيش أن وحداتها “تواصل العمل في ما خص الكشف على المواد الموجودة في المرفأ، وقد عثرت بتاريخه على مواد كيميائية مختلفة في العنبر رقم 15 وقامت بمعالجتها بطريقة علمية، وتمّ نقلها إلى أمكنة آمنة بحيث لم تعد تشكّل خطراً على الصحة والسلامة العامة”.
على صعيد آخر، تردد أن السلطات اللبنانية منعت طائرة تابعة للطيران التركي من الهبوط في مطار بيروت بسبب مرورها في أجواء فلسطين المحتلة وعادت أدراجها.
أصدر وزيرا الزراعة والاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال عباس مرتضى وراوول نعمة، قراراً مشتركاً يحدد السعر الأقصى لبعض السلع من المنتجات الحيوانية والزراعية، وذلك حرصاً على مصلحة المواطنين وقدرتهم الشرائية وتأمين الاستقرار في أسعار السلع المرتبطة بالدعم الممنوح من مصرف لبنان.
اللواء:
محاولات ليلية مكثفة لإنتشال التشكيلة من «براثن العقد»
عون وباسيل يحرران الرئيس المكلف ويبتعدان .. وبري ينتظر مبادرة لاحتواء «صدمة العقوبات»
في الـ48 ساعة المقبلة، تطوي مهلة الاسبوعين، التي حددها ايمانويل ماكرون لاعلان «حكومة مهمات» برئاسة مصطفى اديب، ايامها القليلة المتبقية، وفقا لاحتمالات ثلاثة:
1 – إعلان الحكومة بما ينسجم مع «وثيقة التفاهم» الشفهية المتفق عليها بين الجانب الفرنسي واركان الطبقة السياسية، لا سيما المعنيين اكثر من سواهم بالمشاركة في الحكومة.
2 – طلب مهلة اضافية، لتذليل العقدة الشيعية، التي، على ما يبدو تتجاوز حقيبة المالية او تسمية الوزراء الى ما هو ابعد، ويتعلق بالهوية السياسية للحكومة، او الهوية التقنية- السياسية، وعدم القبول بما يمكن وصفه بحكومة اخصائيين.
3 – اعلان الرئيس المكلف عدم تمكنه من البقاء في دائرة المراوحة، واجراء ما يلزم من مشاورات للسير في الاتجاه، الذي يراه مناسباً..
وعليه، تسارعت خلال الساعات الماضية وتيرة الاتصالات والمشاورات البعيدة من الإعلام بين الاطراف السياسيين الداعمين لتشكيل الحكومة الجديدة، لتذليل العقد وتجاوز الصعوبات لتسريع عملية التشكيل قبيل انتهاء المهلة التي حددها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في زيارته الاخيرة الى لبنان
وقالت: أن تقدما حصل لاسيما بخصوص شكل الحكومة واستبعاد المحاصصة، في حين لاتزال هناك مسألة توزيع الحقائب على الطوائف والمذاهب تستلزم مزيدا من الإتصالات.
واشارت إلى انه في حال تم التفاهم على هذه المسألة، ينتظر ان يحمل الرئيس المكلف مسودة التشكيلة الحكومية اليوم الى رئيس الجمهورية ميشال عون او مطلع الاسبوع المقبل على ابعد تقدير، لافتة الى ان عملية التشكيل تجري تحت ضغوط المبادرة الفرنسية والتطورات المتسارعة اقليميا وتردي الأوضاع الداخلية، وبالتالي فإن جميع الاطراف على دراية بدقة الأوضاع ويتحسسون خطورتها وانعكاساتها السلبية على لبنان في حال تعثرت عملية التشكيل.
وعلمت «اللواء» ان الاتصالات، لا تعالج فقط عقدة تسمية الفريق الشيعي لوزير المال، او التمسك بالحقيبة، بل هناك عقد اخرى، على الرغم من التقدم الذي حصل لجهة عدم مطالبة بعبدا بحصة وزارية، ونأي التيار الوطني الحر عن المشاركة، كتمثيل الفريق الدرزي، وتيار المردة، والفريق الارمني، وغيرهم..
المصدر: صحف