عقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ختام زيارته لبنان مؤتمرا صحافيا في قصر الصنوبر، تحدث فيه بأسهاب عن أهداف زيارته إلى لبنان وقال:”ساستعيد ما حصل خلال زيارتي بيروت، بعد ما استمعت الى أصوات اخواننا اللبنانيين بعدما ما حصل في تاريخ 4 أب 2020. نحن نشعر بحزن عميق وبتعاون عميق ونشارك الغضب الذي شاهدناه اليوم في الشارع. ان هدف زيارتنا لبنان هو قبل كل شيء دعمنا للشعب اللبناني وللبنان حر وفخور وسيد”.
وأضاف: “في هذه اللحظات ليس هناك سوى امر واحد ان نكون حاضرين، ونمد يد العون، وهذا ما قمنا به منذ البداية. ولذلك توجب علينا ان نحضر الى هنا اليوم. هذا هو تعاون الشعب الفرنسي برمته تجاه الشعب اللبناني. نحن سنرافقكم في هذا الدرب اليوم، وفي المستقبل سنكون الى جانبكم. وفرنسا لن تتخلى أبدا عن لبنان واللبنانيين رجالا ونساء. ان مصير البلدين مرتبط بحكم الوقت والروح والثقافة والاحلام التي نتشاركها”.
وقال: “في هذااليوم الصعب، في بيروت التي ماتت الآلاف المرات، فرنسا تعرب مرة اخرى عن وجودها الى لبنان. فعندما يضرب قلب لبنان يضرب ايضا قلب فرنسا. وفي هذه المناسبة اود ان أعرب عن تعازينا لكل الأسر التي اصيبت، ثمة عشرات الفرنسيين الذين تأثروا ايضا بهذه الكارثة. وعشرات الآلاف من اللبنانيين واللبنانيات الذين عانوا من هذه الكارثة وروح الشهداء في قلب اسرهم”.
واشار الى “اننا امام حالة طارئة ولذلك تم إرسال حتى الان ثلاث طائرات: اثنتان عسكريتان، وصلتا مساء امس مع مجموعة من الاخصائيين في الطوارىء الطبية لمعالجة 500 جريح. وكل هذه الأطقم بدات بعملها اليوم. واود ايضا ان اقول لكم ان الدعم يأتي من كل جوانب المجتمع الفرنسي الذي يحشد جهوده وقواه في مناطق مختلفة من فرنسا. وثمة زخم اخوي حقيقي ومجتمعاتنا جاهزة لمد يد المساعدة والعون. وبعد بشعت ساعات ستأتي طائرة جديدة مع فرق من الاغاثة والدعم والمحققين للمساعدة في اجراء التحقيقات وأعمال البحث والإنقاذ لمعرفة الحقائق وتقصيها. كما وستحط الخميس المقبل، طائرة تحمل الأدوية وفرق تدخل طبي من الاستجابة لحالات الجرحى الطارئة”.
واكد ماكرون: “سنواصل هذا التعاون والتآزر لكي نساعد كل من يعمل على الأرض في لبنان، كما رأيناه هذا الصباح في مرفأ بيروت وفي الأحياء السكنية. هذه المساعدة ستشمل الأدوية والمواد الغذائية والمواد اللازمة لاعادة بناء مساكن 300 الف لبناني الذين فقدوا منازلهم. واود ان اشكر المؤسسات الفرنسية التي أعربت عن استعدادها لتقديم كل المواد وكل مساعدة. وسنبقى الى جانب كل من يتدخل لاعادة البناء، وسنكون هنا لتنظيم المساعدة الدولية الى جانب الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة والبنك الدولي”.
ولفت ماكرون الى ان وزير الخارجية الفرنسية قد بدأ الاتصالات الاولى و”سننظم مؤتمرا دوليا لدعم بيروت والشعب اللبناني، بهدف حشد التمويل الدولي من قبل الاطراف الأوروبية ودول المنطقة غيرها، من اجل توفير الأدوية والعناية والمواد الغذائية وكل ما هو ضروري للاقامة والسكن. وسنؤسس حوكمة شفافة وواضحة لكي تكون هذه المساعدة الفرنسية والدولية موجهة مباشرة الى المجتمعات والمنظمات غير الحكومية، وكل الفرق التي تعمل على الارض، بشفافية تامة. ان الامم المتحدة والبنك الدولي سيؤديان دورا في هذا المجال لتحديد الاحتياجات في شكل واضح وللسماح للمجتمع الدولي والشعب اللبناني بالاستفادة من شفافية وصول هذه المساعدات وتوزيعها”.
وتابع: “سيكون ما قبل وما بعد تاريخ الرابع من أب 2020، لان هذا الانفجار هو انهيار نحو درب الياس، واذا استيقظ لبنان اليوم انا على يقين انه سينهض مجددا بفضل كل ما شكل قوته عبر التاريخ. ولبنان في امكانه النهوض مجددا.
وقال: “في انفجار الثلاثاء ثمة ما يشبه المجاز في ما شهده لبنان، وكأنه نتيجة ما في إمكاننا التوصل اليه عندما نهمل مكانا ما. وهذا الصباح، في غضب الشباب اللبناني رأيت ايضا مكونات لأمل جديد. وهنا اود ان اقول للبنانيين واللبنانيات، وللشباب منهم، إننا سنكون الى جانبهم إضافة الى هذه المساعدات التي تحدثت عنها. سنكون الى جانبهم في تعليمهم، ان وزير الخارجية الفرنسية كان في لبنان منذ بضعة ايام، وتحدث عن مساعدات إلى المدارس الفرنكفونية. وفي الاول من ايلول المقبل سندعم المدارس والجامعات ونقدم المساعدة المالية لشباب لبنان وايضا المنح من خلال الجهات المانحة في لبنان”.
وأضاف: “في هذه الفترة علينا ان نتذكر دائما قوة المعرفة والتعليم وسنكون دائما الى جانب المدارس والجامعات والشباب لكي يواصلوا تعليمهم ويتعلموا معنى الحرية ومقتضياتها، ومن ثم الثقافة وحرية التعبير. عندما يسود الأفق نميل احيانا الى نسيان لماذا نحن نناضل، علينا ان نعرف ان ثمة أمرا ممكنا واكبر مما نعيشه كل يوم وهو المعرفة والحقيقة. وفي هذه المرحلة من المهم ان تكون حرية التعبير والصحافة والقدرة على الابتكار ان تتواصل وتستمر. وهنالك ايضا مقتضيات اقتصادية منذ اكثر من سنتين قمنا بتنظيم مؤتمرات باريس لكي تقدم الإجابة الاقتصادية والحلول الاقتصادية في مجال الكهرباء والطاقة والجمارك ومكافحة الفساد. ولقد حشدنا جهودنا والموارد المالية هي موجودة انما في انتظار الإصلاحات. ان اجندة باريس ومؤتمر سيدر والاصلاحات الاقتصادية ودعم الاسرة الدولية لا تنتظر الا هذه الاصلاحات”.
وراى ماكرون ان “في وجه الغضب دعوتي التي ألقيتها هذا الصباح إلى فخامة الرئيس عون والرئيسين نبيه بري وحسان دياب، وكل القوى السياسية، هو دليل انه حان الوقت لاعادة الثقة والامل. هذه الأمور لا تتم استعادتها بين ليلة وضحاها، انما تقتضي اعادة تكوين عقد سياسي جديد يكون فيه كل طرف جاهزا لتخطي ما تسبب المشاكل، وان يكون هؤلاء الافرقاء قادرين على بناء وحدة وطنية جديدة وقيادة الإصلاحات اللازمة والقيام باعمال الشفافية في مجال النظام المصرفي والبنك المركزي في الاطار دولي وضرورة التعاون مع صندوق النقد الدولي”.
وقال: “اسأناضل لكي يستمر التعاون الدولي وصندوق النقد الدولي والدول الاخرى، ولكن ليس في إمكاني ان احل مكان المسؤوليات الحكومة اللبنانية المنتخبة في شكل سيء. مسؤوليات الحكومة والقادة اللبنانيين عملاقة، وهي تقتضي اعادة صياغة عقد سياسي جديد مع الشعب اللبناني. هذا ما ننتظره. حان الوقت ان يثبت القادة والافرقاء السياسيون اللبنانيون الاستجابة لهذه التوقعات. بكل تواضع وصرامة ايضا، كرئيس لفرنسا ليس في إمكاني ان املي على اللبنانيين ما يقومون به، ولكن كصديق سارع الى المساعدة، ليس في إمكاننا ان نقدم ايضا الأموال الى قادة فقدوا ثقة مجتمعهم.
واستطرد: “هذا التواضع وهذه الصرامة هما ما اتوقعه من الغير ايضا. سأكون هنا الى جانب كل القادة، وكنت صريحا مع كل الذين التقيتهم وشفافا معهم، وانتظر من السلطات اللبنانية إجابتها على ضرورة الديمقراطية ودولة القانون والاصلاحات اللازمة والضرورية. وانا على ثقة ان القادة قادرون على ذلك. سأعود في الاول من أيلول المقبل، ليس فقط لتكريس تاريخ اعلان الذكرى المئة سنة على لبنان الكبير، حيث انا هنا في قصر الصنوبر، ساعود لأركز مرة اخرى هذا النهوض لأنني على ثقة ان ليس من درب آخر للبنان اليوم”.
واضاف: “ان فرنسا تدرك وهي على يقين باهمية وعبء هذه الصداقة، ونحن نعرف كلفة الدم والارهاب والآلام، ونعرف ايضا ان في إمكاننا ان نتخطى كل التحديات معا، ونحن على ثقة ان الشعب اللبناني في امكانه تخطي هذه العوائق والتحديات. اتيت اليوم لاقول لكم ان على رغم الصعوبات اليومية هناك الشعب الفرنسي الذي ينبض قلبه دائما بإيقاع واحد مع بيروت لانه يعرف ان ثمة شعبا يحب الحرية واحترام الآخرين، شعبا يعيش في منطقة شهدت الأسوأ وواجهت الارهاب والعنف. ونحن نعرف ان ثمة شعبا يحب الثقافة والحرية والتراث واحترام الآخرين”.
وختم: “في كل مرة يرتابكم الشك، تذكروا اننا سنكون هنا الى جانبكم، وننضال معكم، وعندما تتسائلون ما الذي نفكر به في باريس عاصمتنا تذكروا هذه الكلمات (قالها باللغة العربية) بحبك يا لبنان”.
اسئلة
– سئل: لقد تحدثتم عن حزب الله انه يسيطر على الطبقة السياسية اللبنانية الآن، اود ان اعرف ما رأيكم في شأن الميثاق الذي على المسؤولين القيام به؟، كيف في استطاعتنا القيام بميثاق مع حزب لديه جيش غير شرعي في وجه جيش شرعي ينفذ سياسة الإيرانيين والسوريين؟ وهل ستتحدثون انتم مع الإيرانيين؟ وهل ستقومون باي عمل واساطة؟
– اجاب: “في ما يتعلق بالوساطة مع ايران، لقد حاولت صراحة بطرق مختلفة ليس لدي اي افكار ساذجة في هذا الأمر، اشاركك كل ما قلته في شأن واقع الوضع، وارى ايضا الأفرقاء السياسيين الذين انتظمت في هذا الواقع، وكيف تم تنظيم نظامكم السياسي. لا استطيع ان اتجاهل ذلك هنا، ولكن وراءهم ثمة لبنانيون ولبنانيات، والسؤال هو كيف نستطيع اعادة بناء وحدة؟ ونحرج من تخصيص المصالح والإرتباط بقوى خارجية؟. يجب ان يمر كل شيء بالجيش اللبناني الذي لا يعتمد على المصالح الخارجية، وهذا اساس الميقاق الذي نتحدث عنه انه الأساس لهذا البلد، دوركم محاولة المساعدة في هذا العمل من خلال هذه الصراحة التي اتمتع بها اليوم، انا لست من وضعتهم في النظام وادخلتهم في الحكومة، ولكن سأتمتع بالسذاجة اذا قمت بتجاهل تواجدهم، وقلت انهم غير موجودين. وعلنيا ان نعزز الشعب وادوات السيادة اللبنانية لكي يحصل ذلك لمصلحة الشعب اللبناني، انا لا املك جوابا من لديه جواب هو من يريد ان يحل مكان هذا الحزب، ويقول للناس انا ساساعدكم واحميكم. الوضع معقد وهو ميزة هذه الأزمة، الماضي لا يذهب والمستقبل يواجه صعوبة في الظهور لكن علينا ان نجد افضل حل للشعب اللبناني”.
وردا عن سؤال قال: “ليس ثمة حل فرنسي، قد تكون ثمة طريقة او وسيلة نرافقكم بها ولضرورة حصول الإصلاحات وتوفر الشروط للإصلاحات السياسية، ايضا يجب ان نكون ثمة روح لدى القادة اللبنانيين والضغط الذي نمارسه، لا تطلبوا مني ان احل مكان قادتكم، هذا غير ممكن بالتأكيد ولن اخدمكم اذا قمت بذلك”.
– سئل: هل كان في المرفأ مفرقعات ام اسلحة الى جانب الامونيوم؟
– اجاب: “الثقة لا تبنى الا على الحقيقة وما ياتي معها. ليس لدي معلومات غير تلك المواجدة. لذلك يجب اجراء تحقيق دولي مفتوح وشفاف، لتجنب تخبئة اي شيء، ولمنع وجود اي شك. ولا معلومات لدي اكثر مما تعلمونه، ولكن رأيت الأجساد، وأمل ان نرى بعض الناجين”.
وعن التزام المسؤولين بسيدر قال: “منذ نيسان 2018 هذه الإصلاحات التي اعلن عنها لم تتم، وقلت للحكومة بضرورة اقامة الإصلاحات.
وردا عن سؤال آخر قال: “من كان يجب ان التقي؟، لقد التقيت الشعب هذا الصباح، واطلقتم منذ تشرين المنصرم تحركا احترمه للغاية، ولكن لم يجد ترجمته السياسية. اليوم بصفتي رئيسا للجمهورية الفرنسية، ليس في استطاعتي ان اقول ان المسؤولين السياسيين الذين تم انتخابهم بطريقة شرعية غير متواجدين، مسؤوليتي هي مساعدة الشعب وان اتصارح معهم وهذا ما قمت به وننتظر من المسرولين بمراحل معينة افعالا واعمالا”.
وتابع: “فرنسا لا يمكن ان تحل مكان السيادة اللبنانية، انتم من انتخبتموهم وانتم الشعب اللبناني وتريدون ان تبدلونهم يمكنكم القيام بذلك في شكل ديموقراطي”.
وقال: “ما هو عظيم في هذه الأسئلة وحتى في الحوار الذي قمت به مع المجتمع المدني وما قمت به في الشارع، قالوا لي لنعد الى الإنتداب الفرنسي طالبوا بذلك، وتطلبون مني ان اكون ضامنا لقيام ثورة مجددا، الثورة لا يتم الدعوة اليها بل الشعب هو ما يقوم بها.
ما اود ان اقول لكم لا تطلبوا من فرنسا الا تحترم سيادة لبنان، ساكون هنا كلما يستلزم الأمر لمساعدة الشعب اللبناني. ثقوا بي ولن يكون اي مسايرة، ولكن لا استطيع ان اقوم باي تدخل، ولكن اقوم بذلك انطلاقا من الصداقة، بل يجب ان تنطلق الحلول من خلال الشعب اللبناني والمسؤولين اللبنانيين”.
المصدر: الوكالة الوطنية