لا شك ان ما حصل بعد ظهر يوم الاثنين 27-7-2020 في منطقة مزارع شبعا المحتلة جنوب لبنان “حيّر” العالم نتيجة ما بدر من جيش العدو الاسرائيلي لفترة من الزمن من قصف عشوائي وتحليق مكثف لطائراته الحربية والاستطلاعية في أجواء المنطقة، وقد شُغل بذلك العالم كله ووسائل الاعلام المحلية والاقليمية والدولية ودوائر القرار في كيان العدو وغيرها من العواصم الراعية له، حيث اعتقد الجميع ان ما يجري هو رد للمقاومة على اغتيال الصهاينة لاحد شبابها الشهيد علي كامل محسن في سوريا.
وبعد كل هذا الجو المفعم بالتوتر والتحليل وبعد اعتقاد العدو انه نزل عن “الرجل ونصف” التي يفترض انه واقف عليها منذ ارتقاء الشهيد محسن بانتظار رد شباب المقاومة الاسلامية، بعد كل هذا الامر أصدرت المقاومة بيانها لتبين للعالم عن مدى التخبط والخوف الذي يعيشه الصهاينة من قدراتها في الرد والردع والإيلام، وما جرى في شبعا يحمل دلالات كثيرة قد تحتاج اكثر من مجرد مقال وربما تحتاج الى دراسات معمقة لفهم حقيقة ما جرى وأبعاده ودلالته على مستقبل الكيان الغاصب وعلى نوعية الردع الذي تحدده المقاومة الاسلامية في لبنان.
ومع ذلك يمكن هنا الاشارة الى عدة نقاط:
– الاكيد ان العدو الاسرائيلي عانى بالامس ويعاني الأمرّين من خوفه من اي رد قادم للمقاومة التي التزمت قيادتها الصمت الذي أرعب العدو منذ حادثة اغتيال الشهيد محسن، وهذا ما أشار اليه بيان المقاومة عقب ما جرى.
– الاكيد ان العدو فشل عسكريا في طريقة تعاطيه بالامس وعدم قدرته على فهم ما يجري في أرض الميدان، وهذا ما ثبت بالدليل القاطع عبر ما نشر وما قيل في مختلف وسائل الاعلام الاسرائيلية وغيرها وخاصة ان كل ما حصل كان ينقل مباشرة على شاشات التلفزة.
– الاكيد أيضا ان العدو فشل استخباراتيا في معركة المعلومات حيث عجز عن معرفة حقيقة ما جرى وانتظر بيان المقاومة الصريح والواضح كي يدرك فعلا ان المقاومة لم تقدم على أي إطلاق نار ولم تكن طرفا في اي اشتباك مزعوم.
– والاكيد ان العدو عجز عن معرفة ماذا تريد المقاومة وكيف تفكر؟ وهذا فشل إضافي يُزاد على حساب الفشل الأمني والاستخباراتي الاسرائيلي، وهذا الامر ما أشار اليه بيان المقاومة عقب ما جرى.
– العدو الاسرائيلي -من قياداته الى وسائل اعلامه الى محلليه- سقط في فخ خوفه وارتباكه من المقاومة وردها وخسر الحرب الاعلامية، فهذا رئيس حكومة الكيان الغاصب بنيامين نتانياهو يتحدث عن “عمل أمني غير بسيط” ووسائل اعلام العدو راحت تعد لمستوطنيها أعداد الشهداء، بينما المتحدث باسم الجيش الصهيوني أفيخاي أدرعي نشط على مواقع التواصل الاجتماعي ليسجل “انتصارات وهمية” لجيشه المتهاوي والمربك، ليتبين بعد كل ذلك انه لا يوجد أي مجموعة من المقاومة قد سقطت في أي كمين لعدو هو أعجز من أن ينقل إرباكه الى المقاومين الثابتين المتوكلين على الله في كل زمان ومكان.
– ان العدو الاسرائيلي حاول تحقيق نقاط على المقاومة ولبنان واللبنانيين عبر الادعاءات التي رددها خلال ما جرى بالامس عبر وسائل إعلامه المختلفة، إلا ان نتيجة النزال كان خسارة مدوية جديدة للعدو بالحرب النفسية التي أثبتت قيادة المقاومة تفوقها المطلق فيها.
– والاكيد ان المقاومة ثبتت للعدو نظرية ان معادلات الردع قائمة ولا مجال لأي تغيير فيها مهما كانت الظروف اللبنانية ضاغطة(سواء في مجال الاقتصاد او في ظل ازمة كورونا او غيرها)، وان على العدو الوقوف على “رجل ونص” بانتظار الرد على اغتيال الشهيد محسن، كما ان المقاومة في بيانها أكدت أن “القصف الذي حصل على قرية الهبارية وإصابة منزل أحد المدنيين لن يتم السكوت عنه على الإطلاق”، الامر الذي سيزيد من رعب الصهاينة لان فاتورة الاعتداءات والتهور والارباك زادت مع “مغامرة الاثنين” ويجب على العدو دفعها عاجلا ام آجلا.
– ان بيئة المقاومة التي راهن عليها الاميركي والاسرائيلي وكل من يقف خلفهما أثبتت بالامس على الأرض وفي دنيا الواقع لا سيما في القرى الجنوبية وعلى منصات التواصل الاجتماعي، ثباتها الراسخ خلف قيادتها وشباب المقاومة الذي يقدمون في كل الساحات الدم والتضحيات حفاظ لسيادة وكرامة لبنان واللبنانيين.
– ان لبنان مهما عانى من ضغوط خارجية ومحاولات ابتزاز اقتصادية وسياسة وغيرهما، فهو يرفض كل الاعتداءات الاسرائيلية وسيقف انطلاقا من المعادلة الثلاثية الذهبية “الجيش والشعب والمقاومة” سدا منيعا للدفاع عن سيادته وعناصر قوته، وهذا ما تجلى في مواقف الحكومة والشخصيات الرسمية وكل القوى الوطنية.
المصدر: موقع المنار