ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 1 حزيران 2020، على قانون العقوبات الأميركية الجديد “قيصر”، الذي يدخل حيز التنفيذ اليوم ويستهدف سورية، في ظل تلويح أميركي باحتمال أن يطال تطبيقه بعض اللبنانيين… و في خطوة مُستغربة وخطيرة، بحسب ما ذكرت “جريدة الاخبار اللبنانية” تولّت وزيرة الدفاع زينة عكر توُزّيع قانون «قيصر» على الوزراء في جلسة الحكومة الأخيرة لـ«الاطلاع عليه»، فهل من نية لتحويل القانون الأميركي إلى مرسوم لبناني، للمشاركة في حصار سوريا امتثالاً للأوامر الأميركية؟!..
وعلى المستوى الداخلي، تستمر المراوحة سياسياً واقتصادياً، في ظل تجاذبات باردة دخلت على خط العلاقات بين مكونات الحكومة، منذ إعادة فتح ملف الكهرباء من بوابة معمل سلعاتا، والمناخات التي تسربت عن هذه الأجواء للأوساط الدولية المعنية بمفاوضات صندوق النقد الدولي مع وفد الحكومة ومصرف لبنان، مثلها مثل المعنيين بمؤتمر سيدر، حيث تساؤلات ترتسم حول مقدرة الحكومة على الإقلاع بخطة الكهرباء من دون ألغام، تحول دون تطبيقها، وترافق ذلك مع تحذيرات أمنية رسمية وفقا لـ” البناء” من تداعيات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية على الاستقرار الأمني وتوقعات بأن تشهد عدد من المناطق اللبنانية تحركات شعبية واسعة النطاق ستؤدي الى توترات أمنية في الشارع..
* الاخبار
مفاجأة عكر: الحكومة تتبنى قانون «قيصر»؟
في خطوة مُستغربة وخطيرة، تولّت تنفيذها وزيرة الدفاع زينة عكر، وُزّع قانون «قيصر» على الوزراء في جلسة الحكومة الأخيرة لـ«الاطلاع عليه». فهل من نية لتحويل القانون الأميركي إلى مرسوم لبناني، للمشاركة في حصار سوريا امتثالاً للأوامر الأميركية؟
يضع الرئيس حسان دياب كل أسلافه في «جيبتِه» الصغيرة. يداهُ ممدودتان للبصمْ على كلّ ما يُمليه دفتر الشروط الدولي. الأمثلة وافِرة، دشْنتها قضية العميل عامر الفاخوري وتهريبه من لبنان، بالتعاون مع حكومة دياب، التي شكرها الرئيس الأميركي دونالد ترامب شخصياً على ذلِك، من دون أن يخرج منها تعليق واحد على الشكر. ومهما كان دور الحكومة في قضية الفاخوري، لم يُعد مِن مجال للشكّ في أن لواشنطن «جماعتها الضاغطة» داخِل مجلس الوزراء. وهذه الجماعة التي تعمَل حالياً على خياطة خطط اقتصادية – مالية وفقَ المواصفات الدولية المطلوبة، لم يعُد «تورّطها» محصوراً بملف عميل أو خطط «إصلاحية». فقد قرّرت هذه الجماعة طيّ مبدأ النأي بالنفس، واستبداله بسخاء النفس مع الأميركيين إلى درجة أنها تُريد أن تقتاد لبنان إلى صفّهم في حصارِهم لسوريا، بالامتثال لأوامرهم وتبنّي قانون «قيصر» الخاص بالعقوبات الشديدة على سوريا!
فيوم الجمعة الماضي، وفي جلسة مجلِس الوزراء، حطّ على طاولة الحكومة بند «غريب» من خارِج جدول الأعمال. مجموعة أوراق وزّعتها نائبة رئيس الحكومة، وزيرة الدفاع زينة عكر على زملائها، تتضمّن الترجمة العربية لنصّ «قانون قيصَر» الأميركي، طالبةً منهم «الاطلاع عليه»، لأن «على الحكومة أن تُناقشه في وقتٍ لاحِق». وقالت عكر، بحسب ما نقل عنها زملاؤها: «في محادثاتي مع السفيرة الأميركية، أبلغتني أنهم جادون في تطبيق القانون، وكل من يتعامل مع سوريا سيكون عرضة للعقوبات. وأنا أود أن تطّلعوا على القانون لأن بعض الوزارات اللبنانية تتعامل مع نظيراتها السورية. ونحن في مفاوضات مع صندوق النقد، ويجب أن نكون حذرين لكي لا نتعرّض لعقوبات تؤثر سلباً على المفاوضات». وقبلَ الجلسة، تحدّثت عكر إلى زميلها وزير الصناعة عماد حب الله في الأمر، متسائلة: «ماذا علينا أن نفعل؟ الأميركيون بدأوا جس النبض». وهذا الحديث سبقه أيضاً نقاش بين عكر ورئيس الحكومة، الذي بدوره وصلته «الأوامِر»، فقرّر أن يكون القانون مادة للتداول بين الوزراء لاتخاذ قرار مشترك، وخاصّة أن للبنان مِن هذا القانون حصّة وازِنة. وبحسب ما علمت «الأخبار»، اتفق دياب وعكر على إطلاق الوزراء على القانون، لدراسته. هكذا، يتحوّل قانون أميركي إلى ورقة رسمية من أوراق الدولة اللبنانية، يُناقشه مجلس الوزراء، لا من أجل اتخاذ موقف سياسي منه، بل كمادة قانونية كما لو ان مجلس النواب اللبنانية أصدره. وهنا لا بد من طرح أكثر من سؤال:
هل وصَلت إلى لبنان مراسلة رسمية من السفارة الأميركية أو الإدارة الأميركية تطلُب من الحكومة اللبنانية تطبيق القانون؟ أم أن بعض من هم في الحكومة قرّروا الردّ على الدعوات المُتتالية للانفتاح على سوريا، رئة لبنان الاقتصادية، برفع ورقة العقوبات وتركيع البلاد؟
من داخِل الحكومة، ينقل أكثر من مصدر وزاري استغرابه لخطوة عكر في الشكل، من دون الدخول في النيّات. والأكثر استغراباً، أن هذا القانون الذي لا يعني محاصرة سوريا وحدها، بل محاصرة لبنان أيضاً، يجهله معظَم الوزراء! علماً بأن الحديث عنه يعود لأشهر، وفي متنه تأكيد لـ«استهداف أي شخصيات رسمية وسياسية وحزبية ورجال أعمال تربطهم علاقات تجارية بالنظام السوري».
ومع أن النص لم يأتِ على ذكر لبنان حرفياً، إلا أن اللبناني نزار زكا (الذي كانَ موقوفاً في إيران) وهو عضو في فريق «قيصر»، قال منذ أيام لـ«العربية.نت» إن «4 دفعات من العقوبات من ضمن القانون تبدأ اعتباراً من منتصف تموز وتستمر حتى نهاية آب المقبل، وتتضمّن أسماء مسؤولين وشركات خاصة في سوريا ولبنان والعراق وإيران وروسيا»، فيما القانون ينصّ بشكل واضح على تعرّض «كل شركة أو كيان أو حتى أفراد من الداخل السوري أو من أي دولة خارجية للعقوبات إذا ما دخلوا في علاقات تجارية مع النظام أو قدّموا الدعم العسكري والمالي والتقني».
تتجه الحكومة إلى طيّ مبدأ النأي بالنفس واستبداله بالرضى الأميركي
الحركة السياسية باتجاه تحويل قانون الحصار على سوريا إلى «مرسوم حكومي» لم تبدأ بخطوة وزيرة الدفاع، بل بتحريك ملف التهريب وضبط الحدود، والذي توسّعت أطره من قبل الفريق الذي يدور في فلك المحور المُعادي للمقاومة إلى حدّ المناداة بتطبيق القرار ١٧٠١ على الحدود مع سوريا بحجة «سد مزاريب الفساد»، علماً بأن المقصود به إطباق الخناق على سوريا والمشاركة في تجويع الشعب السوري، كما تقول مصادِر سياسية رفيعة المستوى في فريق 8 آذار. وتضيف المصادر أن خطوة عكر – دياب تثير استغراب بعض القوى السياسية المشاركة في الحكومة. حتى الآن «ليسَ هناك من قرار نهائي لكيفية مواجهة هذا الأمر من داخِل الحكومة، بانتظار تكشّف ما هو المقصود منها». يفضّل فريق 8 آذار التعامل معها، بحسن نيّة، من باب التنبيه وأخذ العلم، وخاصّة أن مؤسسات كثيرة وعدداً من الوزارات لديها خطّ مفتوح وتعاملات مع سوريا. أما «إذا اتضح أن الحكومة ذاهبة في اتجاه تبنّي القانون وتطبيقه وإلزام الدولة اللبنانية به، فحينها سيكون هناك كلامٌ آخر ونبرة أعلى، خاصة أن هذا القانون ليسَ الأول من نوعه، ولم تذهَب أي حكومة لبنانية سابقاً إلى الالتزام بمثل هكذا قوانين». يبقى اللافِت من بين كل ذلِك أن دياب قرر مناقشة الأمر «بتأليف لجنة من اختصاصيين لتحديد مفاعيل هذا القانون على لبنان».
في جميع الأحوال، يبدو أن الولايات المُتحدة الأميركية قرّرت التحرك على الجبهات كافة، في وقت واحد، ضد المقاومة. فإضافة إلى ما جرى داخِل الحكومة، بدأت الأصوات على الأرض ترتِفع في السياق ذاِته. وهو ما حصل في التظاهرة الأخيرة أمام قصر العدل في بيروت تحت عنوان «لا للدويلة داخل الدولة ولا للسلاح غير الشرعي»، وتخلّلتها دعوات إلى الأمم المتحدة للعمل على تطبيق القرارات 1559 و1680 و1701 في ما خص نزع سلاح «الميليشيات» وترسيم الحدود مع سوريا تحت الفصل السابع، مع تأكيد «رفض الاحتلال الإيراني ووجود بندقية خارج الجيش اللبناني وترْك قرار الحرب والسلم بيد مجموعة تأتمر بأجندة إيرانية». فهل كانَت كلمة السرّ في حديث مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد شينكر، في مقابلته مع تلفزيون «فرانس ٢٤»، حينَ قال منذُ أيام إننا «ننتظر كي نرى مدى التزام الحكومة بالاصلاحات، وتنفيذها بالفعل، عندها نرى موقفنا من دعم لبنان في ما يتعلق بملفها في صندوق النقد الدولي»؟ وهل يقصُد شينكر بالإصلاحات تنفيذ القرارات الدولية والقوانين الأميركية؟ المطلوب من رئيس الحكومة ونائبته الإجابة.
أطماع الشركات تقلّص المعروض: لا أزمة بنزين
ثلاثة أطراف يسهمون في تقليص نسبة المعروض من مادة البنزين، المستوردون والموزعون والمحطات. كل منهم يسعى إلى تخزين ما أمكن لكي يكسب فارق السعر في الأسبوع الذي يلي. وفي ظل الاتجاه التصاعدي للأسعار، فإن ذلك قد يتكرر كل أسبوع إذا لم تعمد وزارة الطاقة إلى تنظيم عمل الشركات وإعداد جداول مقارنة بين ما تشتريه من محروقات وما تبيعه. في هذا الوقت، تستمر شكاوى الشركات من تأخر مصرف لبنان في فتح الاعتمادات
هل من أزمة بنزين جديدة تلوح في الأفق؟ مجرّد التساؤل جعل الناس يسارعون إلى المحطات لملء خزانات سياراتهم بالوقود. البيان الصادر عن محطات الأيتام، زاد الذعر. في البيان، أسفٌ لـ«نفاد المخزون في معظم البقاع والجنوب، وتوافره في محطات بيروت حتى يوم غدٍ، حيث سيبدأ بالنفاد في عدد منها».
تقول إدارة المحطات إن الأمر «عائد إلى اقتصار التوزيع على المنشآت وعدد قليل جداً من الشركات، في حين توقف باقي الشركات عن التوزيع».
مصادر مطلعة توضح أن شح مادة البنزين سببه ثلاثة أمور: تأخر المصارف في فتح الاعتمادات لشركات استيراد النفط، وسعي كل أطراف سلسلة الإمداد، أي المستوردين والموزعين والمحطات، إلى تخزين البنزين للاستفادة من ارتفاع الأسعار، وتقلص قدرة منشآت النفط على بيع البنزين بسبب مشارفة مخزونها على النفاد.
أزمة محطات الأيتام مرتبطة بالمشكلة الأخيرة، فهي منذ بدأت المنشآت باستيراد البنزين وقّعت معها عقداً لتزويدها بحاجتها. إلا أن دخول المنشآت، كما الشركة التي تستورد لصالحها (zr energie)، على خط أزمة الفيول المغشوش، أدى إلى عرقلة عمل المنشآت وتأخرها في استيراد الفيول. تقول مصادر مطلعة إن المنشآت تتريث في استكمال العقد، أضف إلى أنها غير قادرة على التواصل مع الشركة المورّدة، في ظل تواري ممثلها عن الأنظار. ولذلك، حرصاً منها على تأمين حاجة السوق، عمدت إلى إطلاق مناقصة جديدة لاستيراد البنزين، بالرغم من أن الكمية المتعاقد عليها مع ZR (١٥٠ ألف طن) لم تُستورد بكاملها (غداً تفضّ العروض).
الحصة السوقية المنخفضة للمنشآت (١٠ في المئة)، بغض النظر عن واقعها الراهن، تحدّ من تأثيرها في السوق، فيما تبقى الشركات هي المزود الأساسي للبنزين. لكن تزداد شكاوى هذه الشركات من تأخر مصرف لبنان في تأمين الاعتمادات الدولارية المطلوبة للاستيراد. وذلك يتسبب في تأخير الشحنات وتأخير عمليات التفريغ. ولذلك، يطالب ممثل شركات التوزيع، فادي أبو شقرا، وزير الطاقة، عبر «الأخبار»، بمعالجة الموضوع في أسرع وقت، قبل أن تتفاقم أزمة شح الفيول.
«الفيول المغشوش» يسهم في تقليص مخزون منشآت النفط من المحروقات
الضلع الثالث للأزمة مرتبط ببدء الأسعار العالمية للنفط بالارتفاع. الأربعاء في ٢٠ أيار الماضي، كان سعر صفيحة البنزين عند التسلم في بيروت ٥٤٢٠ ليرة، بينما كانت الرسوم الواجبة عليها ١٢٣٤٠ ليرة. في الأسبوع الذي تلى، أي في ٢٨ أيار (تأخر إصدار الجدول يوماً واحداً)، تبين أن سعر الصفيحة عند التسلم ارتفع ٥٠٠ ليرة ليصل إلى ٥٩٢٠ ليرة، لكن نظراً إلى تثبيت سعر المبيع للعموم، فقد انخفضت الرسوم إلى ١١٨٤٠ ليرة، ما يعني أن الـ٥٠٠ ليرة التي زادت على سعر الصفيحة حسمت من الرسوم.
انطلاقاً من اعتبار شركات النفط وخزّاناتها البحرية بمثابة مناطق حرة، فإن دفع الرسوم لا يتم عند تسلّم الشحنة، بل تُدفع يومياً عن الكميات المحملة في صهاريج التوزيع، أي عند خروجها من خزاناتها. وعليه، فإن هذه الرسوم لا تُدفع بحسب قيمتها المحددة لدى تسلّم الشحنة، بل بحسب قيمتها في يوم تسليم الكميات المطلوبة للموزّعين. هنا تحديداً تبدأ الأطماع بتصدّر المشهد. لشركة النفط مصلحة في تخفيض كمية البنزين المسلّمة والمحافظة على القدر الأكبر من المخزون بانتظار نشر الجدول الجديد. انطلاقاً من أن التسليم بعده يوفر عليها ٥٠٠ ليرة عن كل صفيحة.
تقلصت قدرة منشآت النفط على بيع البنزين بسبب مشارفة مخزونها على النفاد
بالتوازي، تسعى شركات التوزيع إلى تخزين ما أمكن من الكميات قبل ارتفاع الرسوم، علّ فارق السعر يكون في صالحها، والأمر نفسه تسعى إليه المحطات، التي تعمد إلى تخزين البنزين وبيعه بحسب السعر الأعلى.
يقلل نقيب مستوردي النفط، جورج فياض، من تأثير هذه المساعي. يقول إن هذه عملية تجارية طبيعية تحصل في حالات ارتفاع السعر أو انخفاضه، فالكل يسعى إلى التخزين للاستفادة من فارق السعر إذا كان متجهاً صعوداً، والكل يسعى إلى تقليص التخزين إذا كان متجهاً نزولاً.
ويؤكد فياض أن هذا الصراع أو التنافس لا ينعكس على المستهلكين. والأمر نفسه كرّره تجمّع المستوردين في بيان، إذ أشار إلى أنه «لا داعي للتهافت إلى محطات توزيع المحروقات، حيث ستقوم الشركات بتوزيع المحروقات كالمعتاد بدءاً من الإثنين (اليوم). لكن في البيان أيضاً إشارة إلى تقييد حركة التوزيع ربطاً بعوامل ثلاثة: حاجة السوق وبرمجة البواخر التي تصل تباعاً والمخزون. كما ترفع الشركات عنها تهمة التخزين لتلصقها بالموزعين «الذين يسعون إلى التخزين أكثر من طاقتهم وأكثر من الطلب الفعلي للسوق».
بحسب البيان، فإن الأكيد أن لا أزمة بنزين في الأفق، خاصة أن لا مصلحة لأحد في التوقف عن البيع. لكن مع ذلك فإن أحداً لا يضمن أن تنخفض الكميات المعروضة في الأيام الثلاثة التي تسبق إصدار جدول تركيب الأسعار، ما دامت الأسعار تشهد ارتفاعاً. وهذا يتطلب، بحسب مصدر معني، تدخّل وزارة الطاقة في أمرين: حثّ مصرف لبنان على عدم تأخير دفع الاعتمادات، وإصدار جداول توضح الكميات المستوردة والكميات الموزعة، أو على الأقل مراقبة هذه الكميات ومنع الشركات من تقليص مستوى البيع عن المعدل اليومي تحت أي ظرف (حاجة السوق ٥.٥ ملايين برميل يومياً، انخفضت نحو ٣٠ في المئة في فترة التعبئة العامة).
المازوت مفقود أيضاً
إضافة إلى البنزين، يستمر الشح في مادة المازوت في الأسواق. لكن هنا، بخلاف البنزين، فإن للمنشآت الحصة السوقية الأكبر، ما يعني أن تقليص إمداداتها يمكن أن يؤثر سلباً على المستهلكين. يُذكر أن المناقصة التي أطلقتها المنشآت لاستيراد المازوت فشلت للمرة الثانية على التوالي، بسبب تقدم عارض وحيد (كورال). وبحسب قانون المحاسبة العمومية، فإن الإدارة المعنية يحق لها بعد ذلك أن تختار ما بين إعادة إجراء المناقصة أو التفاوض على السعر مع الشركة المتقدّمة. التأخير، إضافة إلى انخفاض اهتمام شركات النفط باستيراد هذه المادة، أسهما في فقدانها من السوق، علماً بأن رئيس تجمّع مستوردي النفط جورج فيّاض يقول إن الشركات تسعى إلى تنظيم إمداداتها، ما يعوّض النقص في السوق قدر الإمكان.
بالنتيجة، فإن أصحاب المولدات الخاصة، الفئة الأكثر استهلاكاً للمازوت، يؤكدون أنهم يشترون هذه المادة من السوق السوداء، وبزيادة تصل إلى ٣٠ في المئة، علماً بأن ثمة في المقابل من يقول إن هذه العمليات محدودة، فعدد من الشركات عرض على أصحاب المولدات كميات من المازوت، إلا أنهم إما لا يملكون القدرة على التخزين، أو يخزنون كميات فائضة عن حاجتهم للمتاجرة بها.
هل دخلت الحكومة مرحلة السقوط؟
ابراهيم الأمين
ثلاثة أمور ميّزت الحكومة الحالية يوم تأليفها: الأول، وحدة واضحة للقوى التي شكّلتها باعتبارها الخيار الأنسب في تلك اللحظة، الثاني، تميّز رئيسها بقدرة على تحدي الضغوط التي واجهت كلّ من يخالف توجه القيادة التقليدية للسُّنية السياسية في البلاد. والثالث، عجز القوى الإقليمية والدولية عن إنتاج بديل.
عملياً، تحقّقت هذه الأمور بفعل واقع ما بعد 17 تشرين. لكن ما حصل مذّاك، أن القوى السياسية التي خضعت – بشكل أو بآخر – لمزاج الشارع، نجحت اليوم في تجاوزه. وها نحن نعيش ظواهر تذكّرنا بالحكومات السابقة، وبالصراع الكبير بين تحالف سلطة ما بعد اتفاق الطائف والقوى الناشطة بعد عام 2005. مع الإشارة إلى أن التحالف الأول ظلّ متماسكاً حتى اليوم، وهو يجمع الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري والقطبين وليد جنبلاط وسليمان فرنجية وقوى وشخصيات مثّلت على الدوام الذراع الأمنية والعسكرية والاقتصادية والمالية. أما التحالف الثاني فلم يتمكّن من احتلال موقع متماسك بسبب خلافاته الكثيرة. فالتيار الوطني الحر لم ينجح في الإمساك بناصية الصوت المسيحي بقوة، ولا يزال على تناقض جدي مع القوات اللبنانية والكتائب والكنيسة وجماعات 14 آذار. وهو إن نجح في النفاذ إلى الذراع الأمنية والعسكرية والقضائية والاقتصادية، إلا أنه لم يفعل ذلك بطريقة مغايرة للسائد، بل عبر اعتماد منطق المحاصصة نفسه. واستفاد الفريق من موقف حزب الله غير الراغب بصدام أهلي واسع. والحزب، هنا، لم يتحالف فقط مع التيار الوطني الحر، بل قرّر عدم خوض معركة جدية مع القوات اللبنانية، ولا تعامل يوماً مع بقايا 14 آذار على أنهم خصم جدي، وواصل «الاحتيال» على الوقائع اللبنانية لمنع الانجرار العام نحو الشروط الأميركية والسعودية، باذلاً الكثير من رصيده الشعبي والأخلاقي في سبيل ذلك.
أخيراً، عاد الصراع إلى الاحتدام. لكن ما يميّزنا، اليوم، أن الرئيس حسان دياب وفريقاً وزارياً معه قرّرا الاستسلام لقواعد اللعبة السابقة. الوقوف على مسافة من الفريقين لم يتحوّل إلى قرار باعتماد آليات عمل مختلفة، لذلك نرى، اليوم، أن دياب وقسماً كبيراً من الحكومة يقاربان المسائل من الزاوية نفسها. وبمجرد أن يسعى رئيس الحكومة إلى بناء تحالفات سياسية على الطريقة التقليدية، فإنه يعيد فتح الأبواب أمام القوى الكبيرة لاستعادة نفوذها. وهو ما نراه في آلية تحديد جدول أعمال الحكومة وفي طبيعة التعامل مع الملفات الحساسة من السياسة الخارجية إلى ملفات القطاعات الحيوية من اقتصادية ومالية وخلافها، وصولاً إلى البند الأكثر حساسية والمتصل بالتعيينات الإدارية. والمؤسف أن من يتعمّق في تفاصيل الاتصالات حول ملفات التعيينات، يمكنه بسهولة معرفة أن دياب ووزراء كثراً في الحكومة وقعوا في فخّ العجز عن التغيير. وحجتهم، مع الأسف، هي الحجة السابقة نفسها بأن البلاد مركّبة بطريقة معقّدة ولا يمكن مواجهة القوى الكبيرة بالصدام.
خضوع دياب لقواعد اللعبة التقليدية يفقده تمايزه وأيّ مجاراة للعقوبات الأميركية يُنهي هذه المسيرة
المشكلة، هنا، لا تتعلق بدفاع أركان الطبقة السياسية عن مواقعهم ونفوذهم وامتيازاتهم على أنواعها، وهذا أمر متوقّع. فهؤلاء لا يريدون إحداث أيّ تغيير في المقاربات لأنهم يدركون جيداً أن التغيير الجدي يتطلب ابتعادهم عن السلطة. المشكلة هي في اقتراب رئيس الحكومة من لحظة تقمّص الشخصية نفسها، وإعطاء الأولوية لحماية نفوذهم الجديد. وعندما يقترب دياب وهذا الفريق الوزاري من نقطة الدفاع عن المناصب التي يشغلونها، فهذا يعني أنهم وقعوا في الفخّ. ولن يتأخر الوقت قبل أن يخسروا كل تعاطف ممكن معهم من الشارع أو المحبطين. لا يعني ذلك أن الناس سيذهبون سريعاً نحو انفجار جديد وكبير. لكن الشارع لن يستسلم بالسهولة التي يتخيّلها البعض. وربما يلجأ من تلقاء نفسه ـــ أو بإدارة وتحريض من قوى خارجية ـــ إلى أفعال تقود البلاد نحو فوضى غير مسبوقة وغير محسوبة. وعندها لن تنفع كل الحسابات العلمية والمعطيات والتقديرات، وسيتحول التدهور السريع في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية إلى مدخل مشروع لكل غضب يصدر عن الشارع، سواء كان عفوياً، أو مستغلاً من قبل قوى لا تريد الخير للبنان.
اليوم، تواجه الحكومة تحديات كبيرة على صعيد إدارة الأزمة. وإذا استمرت العقلية ذاتها في المقاربة، سنقف قريباً أمام المواجهة البشعة. يكفي مراقبة إدارة ملف الكهرباء، للدلالة على سخف من يديرونه. يعرف أهل السلطة، في مختلف مناصبهم، أن أحداً في العالم لا يقبل الشروع في خطة بناء معامل الكهرباء، وأن أحداً لا يريد تقديم هبات، وأن الشركات التجارية تفتقد إلى الضمانات البديهية لإدارة استثمار بهذا الحجم. مع ذلك، يتعمّق الخلاف حول الجانب التخطيطي. الأمر نفسه يحصل في ملف البنى التحتية والاتصالات والمياه. أما الأزمة الأكبر ففي إدارة التفاوض حول الواقع المالي والنقدي في البلاد. ويكفي الاستماع إلى ممثلي صندوق النقد الدولي يهزأون بالمُفاوِض الجالس قبالتهم. لا يعرفون من يمثل هذا وذاك. وعليهم التدقيق في كل عبارة، والمطابقة والمقارنة. يقولون: نحن نفاوض الشعوب اللبنانية وليس الحكومة اللبنانية. أما السعي إلى تثبيت أرقام موحّدة ودقيقة، فهو مثل السعي إلى إحصاء دقيق وموحّد لسكان لبنان، أو كتابة فصل واقعي من تاريخه.
ليس مبالغة الحديث عن فرصة ضيّقة وأخيرة أمام حكومة الرئيس دياب. فإما قلب الطاولة والعودة إلى فكرة القواعد الجديدة، أو الغرق. وإذا ما أضفنا تحدي التعامل مع التهديدات الأميركية بعقوبات كبيرة إذا لم يلتزم لبنان الرسمي والخاص قانون «قيصر» الهادف إلى تجويع الشعب السوري، سنكون أمام الاختبار الأخير. يعرف رئيس الحكومة أنه لم يعد هناك تضامن حكومي جدي، وأن الخلافات داخل مجلس الوزراء تكبر يوماً بعد يوم، وأن توافقه مع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري صار على القطعة، وأن الضغوط الداخلية والخارجية ستزيد يوماً بعد يوم. وعندما تحين لحظة المواجهة، لن تنفع الحكومة أو رئيسها كلّ أنواع الضمانات التي يعتقدون أنها متوفّرة لهم، سواء من قوى محلية أو إقليمية أو دولية.
السفيرة الأميركية تدافع عن رياض سلامة… وتهدّد
أعلنت السفيرة الأميركية دوروثي شيا أن «العقوبات تستهدف حزب الله، لكنها قد تشمل من يدعمه»، مذكّرة بأن قانون «قيصر» الخاص بالعقوبات على الشعب السوري يدخل حيز التنفيذ اليوم. وفي حديث إلى قناة «أو تي في»، قالت شيا إن «الولايات المتحدة عملت بشكل وثيق مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ومن الخطأ شيطنة أي شخص أو مؤسّسة أو جعلهم كبش فداء للانهيار الذي هو نتيجة عقود من الفساد». وفي رسالة تحمِل تهديداً ضمنياً، لفتت إلى أن «تعيينات المصرف المركزي قرار يعود للحكومة اللبنانية، وسلامة يحظى بثقة كبيرة في المجتمع المالي الدولي، وإذا لم يكن لدى هذا المجتمع ثقة بقيادة المؤسسات المالية الكبرى في البلاد، فأعتقد أنّه لن يكون هناك أي تدفق للاستثمار أو النقد الذي يحتاج إليه اقتصاد لبنان».
وفي كلام شبيه بما سبق أن قاله ديفيد شينكر، شدّدت على أن «بدء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي خطوة ضرورية، وحكومة دياب أبدت رغبة جدية في محاربة الفساد، لكن المطلوب تنفيذ الإصلاحات، والولايات المتحدة لا تزال بصدد تقييم أداء الحكومة».
أميركا في فوضى: ترامب يتهم «معاداة الفاشية» بالإرهاب
أكثر من 2500 شخص جرى توقيفهم خلال عطلة نهاية الأسبوع في الولايات المتحدة. الاحتجاجات وأعمال العنف والمواجهات التي شهدها العديد من المدن الأميركية، دفعت إلى نشر الحرس الوطني في أكثر من ولاية، وفرض حظر التجوّل. ولكنّ كلّ ذلك لم يمنع من مواصلة الاحتجاج، فالأسباب لا تزال موجودة: رجلٌ أسود قُتل على أيدي رجال شرطة بيض بطريقة عنيفة، عملية تحمل الكثير من الرموز والمعاني بالنسبة إلى فئة كبيرة من المجتمع الأميركي، واتّهام بقتل غير متعمّد لا يشفي غليل المتظاهرين. ولكن وسط كلّ ذلك، يبدو أنّ دونالد ترامب وجد ضالّته أو شمّاعته، وهي منظمة «أنتيفا» اليسارية المتطرّفة التي اتّهمها بالوقوف وراء التحرّكات، من دون دليل على ذلك، وذهب إلى حدّ تصنيفها بـ«منظمة إرهابية»… تصنيف قد لا يعدو كونه مجرّد شعار أطلقه عبر إحدى تغريداته المستفزّة، في سبيل استمالة الأميركيين اليمينيين المتطرّفين، الذين يمثّلون قاعدته الانتخابية، والأكثر تضرّراً من نشاط هذه المنظمة.
لم تنفع مقاربة إدارة دونالد ترامب لأحداث مينيابوليس سوى في تطوّر الأوضاع في اتجاه معاكس لما تشتهيه. نُشر «الحرس الوطني» خلال اليومين الماضيين في أكثر من ولاية، فازداد الناس عنفاً في وجه كلّ من يضع شارة أمنية. صدر قرار بحظر التجوّل في أكثر من ولاية ــ بداية من مينيابوليس ــ فاختار الناس التحدّي ومواصلة احتجاجهم. صدر قرار باتهام الشرطي المسؤول عن مقتل جورج فلويد بالقتل غير العمد، فطالبت عائلته والمتظاهرون الغاضبون بتوجيه تهمة بالقتل العمد…
النتيجة المباشرة: مواجهات في أكثر من عشرين مدينة، بينها لوس أنجلس وشيكاغو وأتلانتا، ونيويورك ودالاس، وفيلادلفيا. من سياتل إلى نيويورك، تظاهر عشرات الآلاف للمطالبة بتوجيه تهمة القتل العمد، وتوقيف آخرين في قضية فلويد. وقعت المواجهات بين المحتجّين والشرطة، وتواصل تكسير الواجهات الزجاجية للمحال. أحرقت سيّارات ومراكز تابعة للشرطة، كما نُظّمت تظاهرة لساعات أمام البيت الأبيض. وأصابت عدوى الاحتجاجات مجموعة كبيرة من المدن، بينها بوسطن ودنفر وديموين وهيوستن ولاس فيغاس وممفيس وبورتلاند…
كلّما كانت التظاهرات تتوسّع، ترتفع المخاوف من الفوضى العارمة، ولذلك أعلن حاكم مينيسوتا، تيم وولز، أنّه أمر بتعبئة عامّة لعناصر الحرس البالغ عددهم 13 ألفاً، من أجل «لَجم مثيري الشغب الذين ارتكبوا أعمال نهب وأضرموا النار» في منطقة سانت بول في مينيابوليس، في خطوة غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية. بل إن وولز ذهب أبعد من ذلك، فأشار إلى أنه بحث مع البنتاغون نشر قوّات من الجيش، فيما أوضحت صحيفة «نيويورك تايمز» أنّ الشرطة العسكرية وُضِعت في حال تأهّب بطلب من ترامب، وهي بدورها خطوة غير مسبوقة منذ عقود.
يهدف تسليط ترامب الضوء على «أنتيفا» إلى حرف مسار الأمور
لا شيء ينزع فتيل التوتر، لكن لا شيء يمنع ترامب من مواصلة مقاربته الاستفزازية عبر نسب حالة الفلتان إلى «مجموعات من اليسار الراديكالي المتطرّف»، خصوصاً المُعادين للفاشية، في الوقت الذي رأى فيه حاكم مينيسوتا أنّ المشاغبين ينتمون إلى مجموعات مخرّبة، وجماعات تؤمن بتفوّق العرق الأبيض. ترامب تخطّى اتهامه بإعلان تصنيف حركة «أنتيفا» المناهضة للفاشية بـ«الإرهابية». إعلانٌ قد لا يخفّف عنف المتظاهرين وغضبهم، وعلى الأغلب لن يؤثّر في مسار التظاهرات، على أنه من غير المؤكد هل هذه المنظمة ناشطة فعلاً في الاحتجاجات. ولكنّه قد يساعد الرئيس في إيصال رسائل إلى قاعدته الانتخابية المؤلّفة من الأميركيين البيض واليمينيين المتطرّفين الذين يرون في المنظمة اليسارية عدواً لطالما خرّب جزءاً كبيراً من حياتهم وأنشطتهم. وهنا، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ «أنتيفا» معروفة بعملها المخرّب للمناسبات التي ينظّمها اليمين المتطرّف، وهي تستخدم مجموعة من الأساليب من أجل ذلك، بما فيها الصراخ والغناء، وإنشاء سلاسل بشرية من أجل منع مرور المتظاهرين من اليمين المتطرّف. وبعض أنشطتها قد يكون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما قد ينشر عناصرها معلومات شخصية عن خصومهم، حتّى إنهم قد يتمكّنون من التسبّب في طرد بعض المتطرّفين اليمينيين من أعمالهم بعد فضحهم عبر الإنترنت…
إذاً، وجد ترامب ضالّته في «أنتيفا»، أو ربما يمكن القول إنه وجد الفرصة سانحة أخيراً من أجل المضي قدماً في هذا التصنيف الذي كان قد أعلن نيّته بشأنه أكثر من مرّة، منذ انتخابه؛ فتغريدته ليست الأولى في هذا المجال. بل إنه أمرٌ كان قد تكرّر على لسان سياسيين محافظين آخرين، مثل عضو مجلس الشيوخ عن تكساس تيد كروز. مع ذلك، لم يتّضح بعد هل تسعى إدارة ترامب بجدية إلى إدراج «أنتيفا» في هذا التصنيف عبر القنوات الرسمية، إذ سيتطلّب ذلك التنسيق مع أجهزة اتحادية، من بينها وزارات الأمن الداخلي والخزانة والعدل، ووكالة الاستخبارات المركزية، ووكالة استخبارات الدفاع، إضافة إلى مكتب التحقيقات الفدرالية.
لذلك، من المشكوك فيه أن تتمكّن الحكومة الفيدرالية من تحمّل عبء وصف «أنتيفا» كمجموعة إرهابية؛ ففي الوقت الذي يتحدث فيه «قانون باتريوت» عن «الإرهاب المحلّي»، لا يوجد أي بند في القانون الفيدرالي يتعلّق بتصنيف منظمات محلية إرهابية. بل إن القانون المعني يتحدّث فقط عن الجماعات الإرهابية الدولية. ورغم أن «باتريوت» ــــ الذي صدر عام 2001 ــــ يصنّف جماعات الإرهاب المحلّي التي تنخرط في أعمال عنف «عن طريق إخافة السكان المدنيين… للتأثير في سياسة الحكومة»، فإن تعريف «مكتب التحقيقات الفيدرالي» يشير منذ عام 2019 إلى الإرهاب المحلّي على أنه صادر عن الأفراد والجماعات «التي تتبنّى الأيديولوجيات المتطرّفة ذات الطبيعة السياسية أو الدينية أو الاجتماعية أو العرقية أو البيئية». أكثر من ذلك، يبدو أنّ ترامب عندما طرح هذا الاقتراح، منذ البداية، لم يكن يدرك أنّه محدود بالمنظمات الدولية لا المحلّية. لذا، قد يقتصر إعلانه الأخير على القيمة الرمزية، أو في حال صدر القرار فقد يكون عبارة عن أمر رئاسي، يخدم عبر توجيه مكتب التحقيقات الفيدرالي وغيره من منظمات إنفاذ القانون، باتجاه تحديد الأولوية في التحقيق في أنشطة المجموعة. باختصار، يمكن القول إن ترامب استسهل إطلاق هذا التصنيف لما يحمله من توسيع لمعايير «الإرهاب المحلّي» وصولاً إلى كل ما يسمى الفئات «المتطرّفة»، وهو ما لا يوفّر لإدارته طريقة لتحويل المناهِض إلى كبش فداء سياسي فقط، بل فرصة أخرى لإعادة تركيز الخوف الأميركي على أهداف غير موجودة، في حين أن التهديدات الحقيقية تواصل شنّ الحرب على المجتمع المدني.
انتقادات ترامب البلاغية حول الإرهاب اليساري غير دقيقة، والتصنيف الذي هدّد به دونه عقبات كثيرة، أولاها أنّ «أنتيفا» التي يتحدّث عنها لا تملك هيكلية واضحة ومتماسكة، وهو ما يطرح تساؤلات عن معنى خطوته قانونياً وتداعياتها. وثانيها، أنّ هؤلاء «اليساريين المتطرّفين» مسؤولون عن مقتل 2% من الأميركيين، خلال العقد الماضي، بينما ارتكب المتطرّفون اليمينيون 74% من جرائم القتل التي تدخل في إطار القتل لأسباب سياسية، وهي مستويات نمت فقط وسط موجة عالمية من النشاط اليميني المتطرّف. في المحصّلة، يمكن للمشرّعين، ولدونالد ترامب، أن يحتجّوا بقدر ما يشاؤون على عنف «أنتيفا»، لكن الحقيقة أنّ التطرّف اليميني أكثر خطورة.
«الحرس الوطني»: السيطرة «الناعمة» على الحشود
أيامٌ ثلاثة كانت قد مرّت على مقتل جورج فلويد عندما قرَّر حاكم مينيسوتا حشد «الحرس الوطني» في الولاية. لم يكتفِ الحاكم، تيم والتز، باستدعاء ما يمكن تسميته «لجاناً شعبيّة» منظّمة، بل استنجد بوزارة الدفاع لمساعدته في ضبط احتجاجات بدا أنها خارج سيطرته. أُعلنت «حالة الطوارئ» وفرض حظر للتجوال في مينيابوليس التي شهدت جريمة قتل اتخذت منحىً عنصرياً، نظراً إلى أن الضحية رجلٌ أسود خُنِق بركبة شرطيّ أبيض
كانت الولايات المتحدة على الدوام، منذ نشأتها وبدء الهجرة إلى أراضيها ولاحقاً انتشار الرقّ في مستعمراتها في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، دولةَ الأكثرية البيضاء النافذة. انتهى نوع من العبودية بـ«إعلان التحرّر» عقب انتهاء الحرب الأهلية الأميركية، ليبدأ نضال السود مِن أجل الحقوق المدنية بعدها بمئة عام. على رغم تغييرات هيكليّة أُدخلت بمرور الزمن على الممارسات، فإنها لم تنسحب بالضرورة على الذهنية العنصرية. في هذا البلد، تتكرّر على الدوام أحداث تتّخذ طابعاً عرقيّاً مع كل مأساة قتل جديدة. آخر تلك المآسي وقع الأسبوع الماضي في مدينة مينيابوليس في مينيسوتا، حين قضى جورج فلويد أثناء اعتقاله على يد شرطي طرحه أرضاً وثبّته وهو يضغط بركبته على رقبته حتّى لفظ أنفاسه. جريمةٌ أثارت احتجاجات غاضبة ضدّ وحشية الشرطة، ما لبثت أن تمدّدت إلى مختلف الولايات.
حين بدأت الأمور تخرج عن السيطرة، وقَّع حاكم مينيسوتا، تيم والتز، أمراً تنفيذياً طارئاً بتعبئة عامّة لعناصر «الحرس الوطني»، البالغ عددهم 13 ألفاً، لِلَجم «مثيري الشغب» الذين ارتكبوا أعمال نهب وأضرموا النار في منطقة سانت بول بمينيابوليس، في حين استدعت ولايات عديدة «الحرس» للمساعدة في السيطرة على الاضطرابات الأهلية التي لم تشهد الولايات المتحدة لها مثيلاً منذ سنوات. وبعد إعلان «الطوارئ»، طلب الحاكم مساعدة وزارة الدفاع التي وضعت وحدات الشرطة العسكرية في حالة تأهب، لتتمكّن من التدخُّل متى استدعت الحاجة، وإن كان القانون لا يجير لها ذلك إلّا في حالة العصيان.
لكل ولاية حرس وطني يخضع لسيطرة الحاكم المباشرة
يمكن لحاكم أيّ ولاية إصدار أمر بتعبئة «الحرس الوطني» استجابةً لكارثة طبيعية أو أخرى مِن صنع الإنسان، أو للمساعدة في مهام الدفاع الوطني. وليس شائعاً، في العادة، نشر هذه القوات لقمع تظاهرات مدنيّة. فاستدعاؤها بعد الفيضانات له حساباته، أما استدعاؤها بسبب أعمال شغب واضطرابات، فله حسابات أخرى. سيناريو مينيابوليس يشبه إلى حدّ بعيد ما جرى في فيرغسون (ميسوري) قبل ست سنوات، عقب مقتل مايكل براون برصاص الشرطة. تلك كانت المرّة الأولى التي تنتشر فيها قوات الحرس لقمع تظاهرات مدنية منذ 1992 عندما شهدت لوس أنجلس أعمال شغب على خلفية عرقيّة أيضاً. لكن الصور المنتشرة لهذه القوّات في شوارع مينيابوليس، وحديث الرئيس دونالد ترامب عن دور عسكري أكبر في المدينة، أثارا التساؤلات مجدداً في شأن ما يمكن للحرس أن يفعله للسيطرة، وهل للجيش أيّ دور.
رغم تسليحهم وتدريبهم، يقتصر دور هؤلاء على دعم قوات إنفاذ القانون. وتأكيداً، شدّد والتز، أكثر من مرّة في الأيام الماضية، على أن «الحرس الوطني ليس قوة شرطة»، فيما أكّد مساعد الجنرال في الحرس، جون جينسن، أن لديه معلومات استخبارية مِن مكتب التحقيقات الفيدرالي تشير إلى «تهديد وشيك» لقواته، لكنه لفت إلى أن مهام هؤلاء تقتصر على: حماية مبنى الكابيتول الحكومي في الولاية، تأمين مركز إنفاذ القانون في مقاطعة رامسي، تأمين مكتب الاعتقال الجنائي، مرافقة أفراد إدارة الإطفاء إلى المناطق «غير الآمنة» و«الخطيرة». ويمكن لهم أيضاً الاضطلاع بمهام تشمل خصوصاً السيطرة على الحشود، فضلاً عن استخدام السلاح لـ«الدفاع عن النفس»، على غرار القوات العسكرية.
«الحرس الوطني» يتدرب على تقنيات السيطرة على الحشود، ويستخدم الخوذ الواقية والدروع والهراوات، وهي تقنيات مصمَّمة للتخفيف من تصاعد العنف. ولا تزال عمليات إطلاق النار في جامعة كينت ستيت عام 1970، عندما قُتل أربعة طلاب وأصيب تسعة آخرون برصاص الحرس في ولاية أوهايو، ماثلة في الوعي الأميركي، إذ سلطت الحادثة الضوء على كيفية استخدام تقنيات قتالية في حدث مدني، فضلاً عن أنها حفزت الإصلاحات التي أدت إلى تطوير أساليب أقل فتكاً للسيطرة على الحشود والتدريب المصمَّم لتخفيف التوترات على أيدي وكالات إنفاذ القانون. ولكل ولاية وإقليم حرس وطني يخضع لسيطرة حاكم الولاية المباشرة.
ويعدُّ الحرس جزءاً من الجيش، لكن أفراده مدنيون لا يعملون بدوام كامل، رغم أنهم يتدربون بانتظام. وبموجب قانون ما بعد الحرب الأهلية، المعروف باسم Posse Comitatus، يُحظر على القوات العاملة أداء واجبات إنفاذ القانون، ولا يمكن إلغاء هذا الحظر إلا إذا أعلن الرئيس «حالة طوارئ وطنية». ويخدم في الحرس الخاص بالولاية أشخاص منهم: مزارعون، عمال مناجم، أطباء، محامون، مدرّسون، عمّال بريد… بعبارة أخرى: لم يرسل حاكم مينيسوتا الجيش لفرض الأحكام العرفية، بل أرسل قوات محلية للمساعدة في تهدئة الوضع. لكن مهام الحرس تتغيّر بتغيّر الظروف، نحو الأفضل أو الأسوأ.
أرض الأحرار وموطن الشجعان: تجربة اجتماعية فاشلة
يحلو للأميركيين اختصار الجُمل الطويلة، وإعادة تسمية الأشياء حتى السيئة منها على نحو لطيف. في أحيان كثيرة، يشار إلى الكلمات «الحساسة» من دون البوح بها فعلياً. كلمة «زنجي ــ Negro» على سبيل المثال، رغم ما تحمله من فظاعة وتاريخ ظالم بحق المواطنين ذوي الأصول الأفريقية في الولايات المتحدة، يومأ إليها في الإعلام والمجتمع الأميركي بـ«The N word» أي كلمة N. هكذا، يُفكر المشاهد في الكلمة السيئة الذكر من دون أن يكون قد سمعها مباشرة، في محاولة تنم عن خجل لمحو ذكرى استعباد الأشخاص السود على يد السيّد الأبيض. على هذا النهج، يحاول مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، روبرت أوبراين، خلال مقابلة على شبكة «سي أن أن»، أن يوجّه سرداً لخلفية ما يجري من احتجاجات في بلاده، بالقول إن العنصرية ليست موجودة في النظام الأميركي، بل إن بعض «التفاحات الفاسدة (عناصر) داخل الشرطة هي عنصرية».
من غير الممكن فهم الزلزال الذي وقع في الولايات المتحدة من دون العودة إلى 25 أيار/مايو الماضي. ذلك اليوم، كانت امرأة بيضاء تدعى آيمي كوبر تتنزه بصحبة كلب لها من دون رسن، في حديقة سنترال بارك في نيويورك. خلال تجوّل كوبر، التفت إليها موظف في الحديقة يدعى كريس كوبر (من العائلة نفسها) وهو من أصول أفريقية. طلب كوبر منها التقيد بقوانين الحديقة وربط الكلب الذي تملكه برسن. استشاطت المرأة غضباً، وهدّدت كريس بأنها ستتصل بالشرطة وتبلغهم أن رجلاً أسود البشرة يهدّد حياتها وحياة كلبها. كل ذلك تمّ تصويره، وانتشر على كل منصات التواصل. هذه الحادثة أشعلت الغضب في مجتمع المواطنين السود، إذ كشفت بوضوح أن المواطنين البيض على علم بأن الشرطة تعامل ذوي البشرة السمراء بعنف، وهي لن تهتم بالبحث في حقيقة ما جرى معهم، بل ستستمع إلى كلام البيض.
تلك الحادثة كشفت أيضاً عن خوف المواطنين السود من الشرطة، لما لها من تاريخ قمعي ووحشي في التعامل معهم. وعلى رغم طرد آيمي من عملها ومصادرة كلبها، فإن الشارع كان يغلي، ولكن ليس إلى حدود الانفجار. غير أن يوم 25 أيار نفسه كان يحمل حادثة صادمة أخرى، هي خنق وقتل مواطن أسود يدعى جورج فلويد، بعد أن وضع شرطي أبيض رجله على رقبته قرابة تسع دقائق خلال عملية اعتقال من دون مقاومة. وعلى رغم أن الحادثة تم تصويرها في فيديو، فإنها لم تنتشر على النحو الكافي بدايةً، بسبب الحادثة الأولى مع آيمي.
بعد يوم واحد على خنق فلويد وقتله، انفجر الشارع، وصارت كلماته الأخيرة: «لا أستطيع التنفس» شعار الاحتجاجات. الغضب عارم: مواطنون من كل الأعراق نزلوا إلى الشارع، لقد رأوا العنصرية بأبشع صورها أمامهم، خصوصاً أن الحادثتين لخصتا معاناة المواطنين السود، في يوم واحد. يضاف إلى ذلك تسجيل نحو 40 مليون مواطن أنهم أصبحوا متعطلين عن العمل حديثاً بسبب وباء كورونا. تلك الأحداث مجتمعة خلقت المشهد الذي نراه اليوم. ولعل أفضل من وصف ما يجري هو البروفيسور كورنل وست، من جامعة برينستون، خلال مقابلة صادمة له على «سي أن أن»، قال فيها: «نشاهد فشل أميركا كتجربة اجتماعية، وما أقصده أن تاريخ السود في أميركا منذ أكثر من 200 عام يشهد على فشل النظام الرأسمالي الأميركي في إيصال قيمه التي يتغنى بها، مثل العدالة والحقوق وحرية الأفراد، إلى جميع مواطنيه بالتساوي».
وأضاف وست: «إن ثقافة هذه البلاد بات يحركها سوق المبيعات. كل شيء للبيع هنا، كل شخص كذلك. هذا لا يؤمن أي تغذية لهدف أو معنى لحياة أي شخص هنا. هذا فشل للإمبراطورية الأميركية وعلى المستويات كافة. لقد حذرنا مارتن لوثر كينغ، كأنه يقول لنا اليوم: لقد حدثتكم عن العسكرتاريا، وعن الفقر والأفكار المادية والعنصرية بكل صورها». وأكمل: «يبدو أن النظام غير قادر على تصحيح نفسه، لقد جربنا وجوهاً سوداء في مراكز القرار العليا في هذه البلاد، ماذا فعل الحزب الديموقراطي؟ لقد ولدت حركة حياة السود مهمة تحت كنف رئيس دولة ومدعٍ عام ورئيس للأمن الداخلي وكلهم من البشرة السوداء. كلهم لم يستطيعوا جعل النظام يقدم الإصلاحات التي يحتاج إليها مجتمع السود والأعراق الأخرى. اليوم لدينا فاشي جديد يجلس في البيت الأبيض، يرى المتظاهرين لصوصاً، في حين يبجّل ظهور جماعات مؤيدة له بالسلاح».
أما الإعلام الأميركي، فينقسم اليوم في مقاربته الأزمة، إذ تعتمد شبكة «فوكس نيوز» المقرّبة من الرئيس دونالد ترامب والحزب الجمهوري السرد الذي يحاول تمريره أوبراين، أي إنها مجرد مشكلة لدى بعض العناصر من الشرطة العنصريين ويمكن التخلص منها عبر إصلاحات. غير أن ترامب ذهب بالأمر بعيداً وإلى حدودٍ خطيرة، عندما قال خلال تغريدة على «تويتر»: «عندما تبدأ أعمال النهب، يبدأ إطلاق الرصاص». هذه الجملة بالتحديد تعود إلى 1967، وهي صادرة عن قائد شرطة ميامي والتر هيدلي، المعروف بكرهه السود، وقد جلبت غضب الصحف وجماعات حقوق الإنسان حينذاك ضده. أما الإعلام المقرّب من الحزب الديموقراطي، مثل «سي أن أن»، فيحاول توجيه الانتفاضة الحالية إلى انتفاضة في وجه الرئيس، تبدو خجولة أمام عمليات النهب أمام الكاميرات في بعض الأحيان.
في النتيجة، ما يجري اليوم هو انفجار لعجز المواطنين السود عن تحمّل نظام قائم على التمييز العرقي وكاره لـ«الغريب» عنه. المجتمع هو أفراد يجمعهم عقد اجتماعي، يتفق الجميع فيه على ما لهم من حقوق وواجبات، غير أن رؤية فئة معيّنة من المجتمع، أن هذا العقد الذي وافقت عليه لا يؤتي ثماره إلا على الفئة الأخرى، سيدفع بهؤلاء حتماً إلى الخروج منه. قال جورج كارلين ذات يوم، وهو من أشهر مؤدّي الكوميديا السوداء على المسرح، «إنه يدعى الحُلم الأميركي، لأن عليك أن تكون نائماً لتصدّقه».
* اللواء
«حراك الثورة» يسقط المهادنة من بعبدا إلى ساحة النجمة
تسريبات مغلوطة عن المفاوضات مع الصندوق
التشكيلات القضائية في عالم النسيان
مع تقدّم إعادة فتح البلد، بدءا من هذا الأسبوع، على الرغم من ثبات الإصابات بالكورونا لدى العائدين (27 إصابة في الـ24 ساعة الماضية)، تتوقع مصادر قريبة من الحراك الاحتجاجي، أن تحدث تحركات، عبر مجموعات نووية (صغيرة) أو كبيرة في الشوارع، والمقرات الرسمية، في استعادة لشعارات «كلن يعني كلن» التي أضيف إليها أمس تحركات، تطالب بحصرية السلاح، من ضمن آليات القرار 1559، مما استوجب تحركاً مضاداً للمطالبة بحماية سلاح حزب الله (المقاومة)، وسط تدخل من قوى الأمن الداخلي لتوزيع كمامات على المتظاهرين أمام قصر العدل.
في هذا الوقت، كشفت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان عدداً من الوزراء، يعانون الأمرين، لجهة التدخلات الجارية، وإعاقة عمل وزاراتهم، سواء في ما يتعلق بتنفيذ الخطط، أو إصدار التشكيلات القضائية، أو التعيينات الإدارية أو ما شاكل، فضلاً عن تدخل بعض السفارات، في ما خص بالضغط، لجهة إعاقة عمل بعض الوزراء، أو التهديد بفرض عقوبات إضافية على شخصيات لبنانية، أو دعم خيارات على حساب خيارات.
وفي بحر الأسبوع الطالع، الحافل بانتظارات واستحقاقات من شأنها أن تعزز النقمة أو تخفف من وطأة الانتقادات لأداء الحكم والحكومة، يمكن تسجيل الآتي:
1- اختبار القدرة على احتواء أزمة الدولار، الذي بات سعره خارج السيطرة، بعد عودة الصرافين النظاميين إلى العمل في غضون الساعات الـ48 المقبلة.
2- اختبار قدرة تعاميم مصرف لبنان على احتواء ازمة الأسعار المرتفعة، بسبب وبلا سبب، من خلال آلية الدعم لعدد من السلع، بسعر لا يتخطى الـ3200 ليرة لكل دولار، وسط سيلان لعاب أصحاب شركات استيراد النفط للاستفادة من هذه العطاءات، تحت ذريعة المطالبة بـ15٪ فرق أسعار.
3- مآل الاتصالات الجارية لفتح دورة استثنائية لمجلس النواب لاستكمال بنود الجلسة التي رفعها الرئيس نبيه بري الأسبوع الماضي.
4 – جلسة مجلس الوزراء في السراي غداً، ومصير التعيينات التي أرجئت في الجلسة الاخيرة يوم الجمعة الماضي.
الى ذلك لازالت قضية معمل سلعاتا لتوليد الكهرباء، موضع تجاذب سياسي بين مكونات الحكومة، فيما قالت مصادر رسمية لـ«اللواء»: ان القرار حول إنشاء معمل سلعاتا لم يُلغَ حتى يُقال ان الحكومة تراجعت. بل انه وضِع ضمن بنود خطة الكهرباء لكن تنفيذه لن يتم قبل توافر الاعتمادات المالية له، ما يعني ان الاولوية لازالت حسب قرار مجلس الوزراء لتوسعة معملي الزهراني ودير عمار كون الانشاءات موجودة، بينما إنشاء معمل سلعاتا بحاجة الى استملاكات لا تتوافر لها الاعتمادات في ظل الازمة المالية التي تعصف بالبلاد. واذا كان رئيس الجمهورية ميشال عون قد طلب استدراك او تصحيح القرار الذي اتخذ، فمن باب التمسك بخطة الكهرباء التي اقرتها الحكومة السابقة وتبناها البيان الوزاري للحكومة الجديدة، والتي تنص على انشاء ثلاثة معامل للكهرباء لتوفير الطاقة 24 ساعة على 24.
وشددت وزيرة العدل ماري كلود نجم في حديث لبرنامج «وهلق شو» على قناة «newtv» على أن «هذه الحكومة ليست حكومة خيار بل نتيجة ثورة في الشارع ولكن الضغط السياسي لا يزال موجوداً»، مشيرة الى «أننا نحاول الوقوف بوجه الضغط السياسي ونعلم ان هذه الحكومة لا تخرج من التوازنات السياسية في البلد».
وفي شأن التعيينات، أوضحت أنه «قيل لي ان دوري هو ان اعطي رأيي في المرشحين المسيحيين المارونيين فقط فيما يخص التعيينات ولن اقبل بهذا الامر اطلاقا وإذا كان المرشحون غير كفوئين سوف أتصدى لهذا الأمر».
وقالت: «أنا ضد تعيين القضاة في المراكز الإدارية».
وأضافت«استغربت من موقف نواب تيار «المستقبل» الذين اعتبروا ان آلية التعيينات غير دستورية ولكنهم عادوا وصوتوا معها».
وفي قضية النائب هادي حبيش والقاضية غادة عون، قالت: «لا أرضَى كوزيرة عدل بتحقير أو إهانة القضاء».
وتمنت من الطبقة السياسية «أولاً احترام القضاء والقضاة ولا أرضَى بالاعتداء على القضاء»، مشيرة الى أن «النائب هادي حبيش قام بنوع من الاحتلال لمكتب القاضية غادة عون اضافة الى الاعتداء اللفظي وهذا ما شاهدناه جميعا من خلال الفيديوهات وانا معه فيما يخص التدخل السياسي في القضاء». ولم تشأ الجزم بمصير التشكيلات القضائية التي دخلت في عالم التجاذب، وربما النسيان.
وفي شأن قضية جورج عبدالله، قالت: «اتصلت بوزيرة العدل الفرنسية بخصوص قضية جورج إبراهيم عبدالله وسأتابع الملف».
المفاوضات مع الصندوق
وعلى هذا الصعيد، يعود وفدا لبنان وصندوق النقد الدولي الى جلسات المفاوضات يومي الاربعاء والخميس المقبلين، لمواصلة البحث في خطة الحكومة الاصلاحية وارقام المالية العامة، وسط معلومات لـ«اللواء» انه لم يحصل اي تطور دراماتيكي حتى الآن، لان كل ما يجري هو عروض عامة من الجانب اللبناني، ولم تصل الامور الى مناقشة أي تفاصيل او إجراءات معينة.
اما حول موضوع توحيد الحسابات والارقام بين وزارة المال وبين المصارف، فهو امر- حسب مصادر رسمية مسؤولة معنية بالملف- «كذبة اطلقتها المصارف بما فيها مصرف لبنان لإخفاء خسائرها، بينما الارقام الحقيقية هي التي اعلنت عنها وزارة المالية، وأقر بها الناطق بأسم صندوق النقد الدولي قبل عشرة ايام هي الصحيحة، حيث قال: ان انطلاقة الحكومة صحيحة في خطة الحكومة الاصلاحية وفي الارقام التي توزعها».
واضافت المصادر لـ «اللواء»: ما يجري حفلة كذب سياسية تقوم بها المصارف ويُسوّق لها بعض النواب والسياسيين لأغراض خاصة. ان المشكلة في الحسابات هي لدى المصارف وليس لدى الحكومة او وزارة المالية، ويجب ان تعترف المصارف بمسؤوليتها عن هذه المشكلة ليسهل حلّها. فما يجري توزيعه من معلومات مغلوطة تارة عن اختلاف في الارقام وطورا عن شروط من صندوق النقد وآخرها شروط اليابان لتسليمها مدير شركة «نيسان» كارلوس غصن مقابل الموافقة على دعم لبنان، هو جريمة بحق البلد. فلا صندوق النقد ابلغنا اي شروط ولا اليابان طرحت شروطاً.
وتوقع خبير اقتصادي بارز تباطؤ المفاوضات التي تجريها الحكومة اللبنانية مع صندوق النقد الدولي جراء ظهور بوادرمماطلة متعمدة في الإجابة على سلسلة من الأسئلة المحددة التي طرحها الصندوق بخصوص توحيد الارقام بين ما ورد في خطة الحكومة من جهة وبين ارقام مصرف لبنان من جهة ثانية وإعطاء ضمانات قاطعة بالاصلاحات المطلوبة وتحديدا في قطاع الكهرباء والتهرب الضريبي والجمركي واغلاق المعابر غير الشرعية لافتا إلى ان الاجابات على هذه الأسئلة الأساسية في اي اتفاقيه يعقدها الصندوق مع لبنان ماتزال سطحية وغيرمقنعة حتى الان.
ولفت الخبير المذكور انه لو صفت النوايا لكان بالإمكان تنسيق المواقف بين وفد الحكومة ومن ضمنه المستشارين من اكثر من جهة مع المصرف المركزي للظهور بموقف موحد بالتفاوض مع الصندوق. ولكن وبالرغم من النتائج السلبية لهذا الانقسام والازدواجية بالتفاوض، ما تزال التسريبات والمعلومات المغلوطة التي يروجها موظف بارز ومستشار اقتصادي رئاسي عن مسار المفاوضات تؤشر الى استمرار النوايا المبيتة سلفا لعرقلة المفاوضات عمدا لتعذر الايفاء بمطالب وشروط الصندوق بالنسبة للاصلاحات المطلوبة ومحاولة الصاق تهمة التعثر والفشل التي يتم الترويج لها في الاجتماعات الضيقة لحاكم المصرف المركزي رياض سلامة والمصارف مجتمعةاستنادا الى الأرقام المتباينة مع ما ورد في خطة الحكومة من جهة والى رؤيته لحل الازمة المالية والاقتصادية والتي تتعارض في كثير من الجوانب مع خطة الحكومة أيضا.
وانطلاقا من هذه الوقائع والمؤشرات غير المريحة،توقع الخبير المذكور تصاعد الحملة ضد المصرف المركزي والمصارف اللبنانية مجتمعة في غضون الايام المقبلة في محاولة متجددة لتحميلهم مسؤولية الازمة المالية المستفحلة والقاء تبعة تباطؤ المفاوضات مع الصندوق على عاتقه أيضا.
شيا: سلامة يحظى بثقة كبيرة
دبلوماسياً، قللت السفيرة الاميركية في بيروت دورثي شيا من شأن العقوبات التي ستفرض، خلال هذا الشهر، وتستهدف الفاسدين، لكنها حسب تصريح لـ OTV: «لا تحرم لبنان من التجارة والاستثمار»، رافضة القول ان بلادها تدخلت لدى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لمنع العمل على حماية الليرة اللبنانية، مشيرة الى ان تعيينات المركزي قرار يعود للحكومة اللبنانية، مؤكدة ان سلامة يحظى بثقة كبيرة في المجتمع الدولي. وطالبت الحكومة بتنفيذ ما وعدت به، من اصلاحات في الخطة الانقاذية..
ونقلت قناة «الحرة» التلفزيونية الاميركية عن موقع «أراب نيوز» ان اليابان ستساعد لبنان «إذا تم تسليم كارلوس غصن» لجهة تأثيرها على قرارات صندوق النقد الدولي.
ونسبت المحطة الى الموقع المذكور نقله عن المحامي صقر الهاشم قوله، انه من دون تسليم غضن «لن يمنح صندوق النقد الدولي لبنان أموالاً».
لكن مصدراً واسع الاطلاع، اعتبر كلام المحامي صقر الهاشم، وهو محامي شركة نيسان، نوعاً من التوقع، ولم يتبلغ لبنان اي امر من هذا الموضوع، وان هذا التصريح هو نوع من الابتزاز والضغط.
ويعقد اليوم، اجتماع للجنة الوزارية المعنية لبحث مصير المرحلة الرابعة من عودة المغتربين، وكذلك موعد إعادة فتح مطار بيروت الدولي، وسط معطيات ان القرار يمكن ان يكون عملياً، بعد العشرين من حزيران الجاري.
حياتياً، وخلافاً للمخاوف من ازمة بنزين بدءاً من اليوم، اوضح تجمع الشركات المستوردة للنفط، انه سيزود المحطات اليوم بالكميات اللازمة، ولا حاجة للتهافت على المحطات خشية من وقوع الازمة.
الصرافون الى العمل
ويعود الصرافون الى العمل بعد غد الاربعاء، بعد زيارة قام بها وفد من نقابة الصرافين الى السراي الكبير السبت الماضي. على امل ان ينخفض سعر الصرف يومياً، تحت سقف الـ4000 ليرة لبنانية.
«الثورة تمر ببعبدا»
وكانت محطة التحرك الاجتماعي عصر امس امام محيط قصر بعبدا. وسجلت حالات كر وفرّ بين عناصر الحرس الجمهوري والمحتجين، الامر الذي أدى الى تضامن معهم في ساحة النور في طرابلس.
وكان المعتصمون تنادوا الى التجمع في نقطة السان جورج، وانطلقوا في مسيرة باتجاه الاشرفية، ومن ثم الى الحازمية، على وقع الأغاني الوطنية، بحيث بلغوا مفرق القصر الجمهوري، ليكونوا على مرمى حجر منه، فيما وقف الجيش لهم بالمرصاد، ومنعهم من التقدم اكثر باتجاهه، فافترشوا الطريق، ما استدعى وصول تعزيزات عسكرية، ليرفع الناشطون شعار «الثورة تمر ببعبدا» لاعتراضهم على سياسات السلطة، وهو ما اسفر عن حالة من الكر والفر، لتختتم المواجهة بتوجه المعتصمين بمسيرة سيارات الى ساحة الشهداء.
وفي طرابلس، ازاح المحتجون لوحة كتب عليها: «ساحة عبد الحميد كرامي».
وليلاً، وقعت مواجهات بين عدد من المتظاهرين، وعناصر من شرطة مجلس النواب في ساحة النجمة، بعدما تمكن المتظاهرون من ازالة العوائق الحديدية الموضوعة امام المجلس.
وتوجه متظاهرون الى منزل وزيرة الدفاع زينة عكر للاعتراض على ما وصفوه بالعنف المفرط المستخدم من قبل القوى الأمنية، حين كانوا يعتصمون امام القصر الجمهوري، وعمد هؤلاء الى رشق واجهة منزل عدرة بالحجارة.
1220
وجاء في التقرير اليومي لوزارة الصحة حول ترصد اصابات كورونا ان عدد الاصابات بلغ 1220 بزيادة 29 حالة في الاربع والعشرين ساعة الماضية، بينهم 27 من الوافدين، واثنان من المقيمين، مع تسجيل حالة وفاة واحدة، وأصبح العدد 27.
وأعلن مستشفى رفيق الحريري الجامعي، في تقريره اليومي، أن عدد الفحوصات التي أجريت داخل مختبراته خلال الـ24 ساعة المنصرمة، بلغ 412 فحصا، وأن عدد المصابين بالفيروس الموجودين داخل المستشفى للمتابعة، هو 56 مريضا، وعدد الحالات المشتبه بإصابتها بالفيروس التي تم نقلها من مستشفيات أخرى خلال الـ24 ساعة المنصرمة، 25 حالة. كما أعلن عدم تسجيل أية حالة شفاء جديدة بين المرضى الموجودين داخل المستشفى خلال الـ24 ساعة المنصرمة، وبذلك بقي مجموع حالات الشفاء منذ البداية حتى تاريخه، عند رقم 207 حالات.
وإذ ذكر أيضا عدم تسجيل خروج أي حالة إيجابية إلى الحجر المنزلي، لفت إلى وجود حالة حرجة داخل المستشفى.
* البناء
واشنطن المنشغلة بشارعها المتفجّر لا تنسى موعد تطبيق عقوبات جديدة على سورية اليوم
مراوحة سياسيّة واقتصاديّة… وتجاذبات في التعيينات… وحول الآليّة الجديدة
مجموعات الحراك تحاول تعويض ضعفها الشعبيّ بتكثيف التحرّك وتصعيد الشعارات
كتب المحرر السياسي
يدخل اليوم قانون العقوبات الأميركية الجديد “قيصر”، الذي يستهدف سورية، حيز التنفيذ، في ظل تلويح أميركي باحتمال أن يطال تطبيقه بعض اللبنانيين، وترقب صيني روسي لحدود التمادي الأميركي في استهداف الشركات العاملة في سورية. وعلّقت على القانون مصادر متابعة بالقول، بكل وقاحة تضع واشنطن لعقوباتها عنوان حماية المدنيين، بالرغم من تصدر صور الجرائم التي ترتكبها الشرطة الأميركية بحق مدنيين عزل في شوارع الولايات الأميركية، التي تشهد حركة احتجاجية واسعة آخذة في التعاظم يومياً، مع تهديدات علنية يطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمزيد من الوحشية في التعامل مع المدنيين الغاضبين بسبب عنصرية الرئيس والشرطة، في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية ترفع منسوب الغضب وتوسع دوائر المشاركين فيه.
في اللعب السياسي يبدو الانسجام قائماً بين كلام كل من معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد شنكر والسفيرة الأميركية دوروثي شيا، من جهة، وبين التظاهرة الهزيلة التي حملت شعار تطبيق القرار 1559 ونزع سلاح المقاومة، كرسائل تستثمر مناخ العقوبات لتوسيع هامش الحركة السياسية ضد المقاومة، من جهة مقابلة، بينما يستثمر آخرون موعد التجديد لليونيفيل لاستغلال إثارة قضية التهريب على الحدود كمدخل لطرح حركة المقاومة وسلاحها عبر الحدود من زاوية، ومن زاوية ثانية السعي لتوفير غطاء إعلامي لدعوات أميركية لتوسيع صلاحيات اليونيفيل جنوباً، من خلال إثارة بعض الأحداث المفتعلة بين وحدات اليونيفيل والأهالي في عدد من بلدات وقرى الجنوب.
على المستوى الداخلي، تستمر المراوحة سياسياً واقتصادياً، في ظل تجاذبات باردة دخلت على خط العلاقات بين مكونات الحكومة، منذ إعادة فتح ملف الكهرباء من بوابة معمل سلعاتا، والمناخات التي تسربت عن هذه الأجواء للأوساط الدولية المعنية بمفاوضات صندوق النقد الدولي مع وفد الحكومة ومصرف لبنان، مثلها مثل المعنيين بمؤتمر سيدر، حيث تساؤلات ترتسم حول مقدرة الحكومة على الإقلاع بخطة الكهرباء من دون ألغام، تحول دون تطبيقها، وتجهض مناخاً إيجابياً تشكل حول الخطة الحكومية رغم أن قضية الأرقام المتناقضة بين وزارة المال ومصرف لبنان تكفلت وحدها باستهلاك نصف هذا الرصيد، وسيكون تعثر الكهرباء كافياً لتبديد ما تبقى، ويشكل امتحان التعيينات الإدارية، خصوصاً في الكهرباء الامتحان الذي ينتظره الداخل والخارج لمعرفة قدرة الحكومة على السير بخطتها، بينما تبدو أزمة التعيينات التي تم ترحيلها من جلسة الأسبوع الماضي إلى الخميس المقبل تراوح مكانها وقد أضيفت إليها أزمة تعيين قائد جديد للشرطة القضائية، مع تصريحات قيادات درزية تقدمها النائب طلال إرسلان والوزير رمزي مشرفية تحذّر من عدم السير بمعيار الأقدمية في التعيين، بينما قانون آلية التعيينات الذي أقرّه المجلس النيابي، معلق بانتظار الطعن أمام المجلس الدستوري مع ظهور تساؤلات عن أسباب حصر المؤهلات اللازمة للتعيين بالكفاءة دون شرط النزاهة، الذي يستوجب التحقق من أوضاع المرشحين للمراكز العامة خصوصاً من كان منهم في الوظيفة، لجهة مداخيلهم وممتلكاتهم، وخلوّ سجلهم من أي شائنة تتصل بالفساد، ما يستدعي إضافة تتصل بهذا الشأن غابت عن القانون.
في الشارع أظهرت الأيام القليلة الماضية عودة مجموعات الحراك المنظمة، لمحاولة استعادة وهجها، بتعويض غياب المشاركة الشعبية بتكثيف التحركات، ورفع سقف الشعارات وتصعيدها، وقالت مصادر أمنية إن المعلومات تتحدث عن توسيع نطاق التحرك في أكثر من منطقة والتوجه نحو أكثر من مقر ومؤسسة حكومية، وإن عشرات المجموعات الصغيرة المكوّنة من عشرات الناشطين تقيم فيما بينها تنسيقاً للقيام بتحركات مفاجئة غير معلن عنها، بالتوجه نحو المقار الرئاسية والحكومية، ونحو مؤسسات ذات رمزية خاصة كمصرف لبنان وشركات الاتصالات. واعتبرت المصادر أن التعامل مع هذا الوضع لا يشكل أزمة للقوى الأمنية ولا للحركة الاقتصادية، التي تستعيد نشاطها بالتدريج، ما لم تدخل على الخط أعمال الشغب والتخريب أو أعمال مثل قطع الطرقات على حركة الناس والبضائع.
وبرزت سلسلة مواقف للسفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا وصفت خلالها الخطة المالية التي وضعتها حكومة حسان دياب بالطموحة، وبدء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بالخطوة الاولى الضرورية والمرحب بها، الا انها شددت في المقابل على وجوب اتخاذ اجراءات ملموسة لتنفيذ الإصلاحات التي وعدت بها.
وفي اول اطلالة لها على قناة «او تي في» شددت على أن الولايات المتحدة لا تزال تراقب تمهيداً لتقييم أداء حكومة حسان دياب التي «أبدت رغبة جدية في محاربة الفساد»، كما قالت، «لكن المطلوب، الانتقال من الاقوال الى الافعال وبالتالي تنفيذ ما وعدت به من اصلاحات تضمنتها خطتها الإنقاذية ما يشكل المفتاح لإعادة وضع الاقتصاد اللبناني على السكة الصحيحة»، معتبرة ان هذه المسالة تتطلّب توافقاً على الأفكار الواردة في الخطّة من قبل الأشخاص الذين خرجوا إلى الشارع في تشرين الأوّل الماضي وطالبوا بهذه الإصلاحات وكذلك توافقاً سياسياً.
ورداً على سؤال عما اذا كانت الولايات المتحدة لا تزال تدعم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، اشارت السفيرة الأميركية الى انه من الخطأ شيطنة أي شخص أو مؤسّسة أو جعلهم كبش فداء للانهيار الاقتصادي في لبنان، لأنّ ذلك نتيجة عقود من الفساد وسوء الإدارة المالية، وتابعت: «قد يكون البنك المركزي هو الذي سمح بتراكم الديون الكبيرة على البلاد، لكنّني لا أجد أنه المسبّب لها».
واذ شددت على ان تعيينات المركزي قرار يعود للحكومة اللبنانية، أعلنت شيا ان الولايات المتحدة لطالما عملت بشكل وثيق مع رياض سلامة على مرّ السنوات وهو، اي سلامة، يحظى بثقة كبيرة في المجتمع المالي الدولي واذا لم تكن لدى هذا المجتمع ثقة في قيادة المؤسسات المالية الكبرى بالبلاد فأعتقد أنّه لن يكون هناك أي تدفق للاستثمار أو النقد الذي يحتاجه اقتصاد لبنان».
وكشفت عن عقوبات جديدة تستهدف حزب الله، «لكنها قد تشمل أيضاً أولئك الذين يساعدون حزب الله ويدعمونه. كذلك ستكون هناك فئة جديدة من العقوبات التي ستدخل حيّز التنفيذ في الأول من حزيران وستطال قتلة المدنيين في سورية. قد تكون هناك بعض الأطراف هنا متورطة في سلة العقوبات هذه أيضًا».
وفيما يحمل الأسبوع الطالع جملة تطورات في أكثر من ملف أبرزها استمرار التفاوض بين وفد الحكومة اللبنانية ووفد صندوق النقد الدولي، وعودة البلد الى حالته الطبيعية وفتح المؤسسات والمصالح والمراكز التجارية مع التقيد بالإجراءات الوقائية بعد فترة إقفال دامت شهرين ونصفاً، إضافة الى ترقب أسواق سعر الصرف والسلع الاستهلاكية بعد نجاح الحكومة ورئيسها الدكتور حسان دياب في ملفي أزمة الصرافين وسعر صرف الدولار وإلزام مصرف لبنان دعم سلة غذائية لتخفيض الأسعار.
وفي موازاة النجاح الحكومي في عدد من الملفات، برزت التحركات الشعبية والتوترات المتنقلة وأعمال الشغب التي تقوم بها مجموعات من المتظاهرين تشير مناطق انطلاقهم وشعاراتهم والأماكن التي يتظاهرون فيها الى هويتهم السياسية لا سيما افتعال الاشكالات في عين التينة قبل أيام وأمس أمام القصر الجمهوري الذي شهد عمليات تدافع وكرّ وفر بين المتظاهرين وأنصار التيار الوطني الحر من جهة ومع الجيش اللبناني وعناصر أمن الدولة من جهة ثانية.
وحذرت مصادر أمنية رسمية من تداعيات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية على الاستقرار الأمني متوقعة أن تشهد عدد من المناطق اللبنانية تحركات شعبية واسعة النطاق ستؤدي الى توترات أمنية في الشارع، كاشفة عن «استعدادات لوجستية في بعض المناطق لتنفيذ تظاهرات واعتصامات وقطع للطرقات العامة لا سيما في صيدا التي سبق وشهدت سلسلة أحداث أمنية وهجمات واعتداءات طاولت الأملاك العام والخاصة لا سيما مصرف لبنان ولم توفر عناصر وضباط الجيش اللبناني وآلياته العسكرية»، وتكشف أن الجيش والقوى الأمنية يُجرون «استعدادات ايضاً لمواجهة اي محاولة لافتعال اعمال شغب واعتداء على الأملاك العامة والخاصة كما سبق وحصل في مصرف لبنان في صيدا».
وتكشف معلومات «البناء» أن الجهات التي تحرك اعمال الشغب في صيدا هي خليط متناقض من قوى وشخصيات سياسية وحزبية من بينها أتباع لأحمد الاسير والجماعة الاسلامية وبعض العناصر الفلسطينية الى جانب بعض المنتمين الى تيار المستقبل، وتشير الى أن صيدا تشكل نموذجاً لما سيحصل في عدد من المناطق. وبحسب المعلومات فإن تيار المستقبل يقف خلف اعمال الشغب وقطع الطرقات والاعتداءات التي تحصل في البقاع والطريق الساحلية بين بيروت والجنوب والطريق الجديدة – قصقص ومنطقة طرابلس الى جانب أنصار اللواء أشرف ريفي والرئيس نجيب ميقاتي.
وتشير المصادر الأمنية الى أمرين يعيقان جهود الجيش لضبط الوضع، الأول وجود تعليمات لجميع وحدات الجيش بعدم استخدام العنف مع المتظاهرين والثاني تعرض الجيش لضغوط من جمعيات ومنظمات إنسانية محلية وأجنبية تسعى لإطلاق سراح كل الموقوفين لدى الجيش والقوى الأمنيّة وتحرّض بعض المصابين من المتظاهرين على إقامة دعاوى على الجيش، ومشيرة الى أن الجيش يواجه مواقف وحالات صعبة في التصدي للمتظاهرين الذين يعتدون عليه بالعصي والحجارة والمولوتوف ما يؤدي الى وقوع إصابات في صفوف ضباط وعناصر وآليات الجيش وتكشف عن اجتماعات وحوارات عدة بين قادة وحدات في الجيش مع مجموعات من المتظاهرين واجتماعات أخرى مع منظمات حقوقية وإنسانية دولية شرح خلالها الضباط خطورة ما يجري على الأرض والصعوبات التي يواجهها والتصرفات غير المسؤولة والعشوائية التي يمارسها بعض المتظاهرين وعدم قدرتهم على التمييز بين مسؤولية ووظيفة الجيش لحفظ الأمن وبين الطبقة السياسية والحكومة المسؤولة عن حقوق المواطنين الاقتصادية والاجتماعية والصحية وغيرها».
كما حذرت المصادر من افتعال أحداث ساخنة في بعض مناطق الشمال لا سيما طرابلس التي تشكل بؤرة الفقر والحرمان والأرض الخصبة للتيارات المتطرفة والإرهابية، مشيرة الى أن الاعتداءات شرسة التي تعرض لها الجيش خلال المواجهات مع مثيري الشغب خلال الأسابيع الماضية، إلا أن المصادر تشير الى أن «التحقيقات حتى الساعة مع مثيري الشغب لم تكشف وجود بصمات لجهات استخبارية خارجية مع تغليب العامل الداخلي والحسابات المحلية، لكن الساحة مشرعة لاستدراج جهات خارجية لها مصلحة بالاستثمار في الأرض الخصبة والظروف الاجتماعية الصعبة لتحقيق مصالح خاصة».
وعلى وقع التصعيد التدريجي في الشارع، عاد مسلسل افتعال الأزمات الحياتية الى الواجهة، فبعد أزمة الدولار والخبز استحضرت امس أزمة محروقات جديدة، لكن لم يعرف ما إذا كانت حقيقية ومفتعلة ام إشاعات لإثارة الشارع ودفعه للعصيان والمطالبة بإسقاط الحكومة، ما يعيد مشهد الضريبة على الواتسآب التي شكلت شرارة اندلاع احداث 17 تشرين الماضي!
وفيما تهافت المواطنون إلى محطات توزيع المحروقات كالعادة عند كل أزمة خوفاً من نفاد مادتي البنزين والمازوت من السوق، تشير المعلومات الى أن سبب الأزمة هو توقف شركات الاستيراد عن تزويد محطات الوقود بهذه المواد. وقد اعلنت محطتا الايتام والأمان عن نفاد مخزونهما من المحروقات. اضافة الى قيام شركات الاستيراد وبعض المحطات على احتكار المحروقات في المخازن على أمل ارتفاع سعرها في وقت قريب فتحقق أرباحاً اضافية، علماً ان أسعار المحروقات تراجعت بسبب انخفاض سعر برميل النفط العالمي، إلا أن تجمّع الشركات المستوردة للنفط أعلن في بيان أن «الشركات ستقوم بتوزيع مادتي البنزين والمازوت إلى الموزعين والمحطات كالمعتاد بدءًا من صباح اليوم»، مشيرة الى أن «الشركات المستوردة للنفط ستسلّم الكمّيات المطلوبة حسب حاجة السوق، آخذة بعين الاعتبار البواخر المبرمجة التي تصل إلى لبنان تباعًا، كما والمخزون المتوافر لديها، بالإضافة إلى الاستهلاك المحلي، مؤكدة أنها ستواصل تسليم مادتي البنزين والمازوت طالما أن مصرف لبنان يؤمن الاعتمادات المالية المطلوبة للاستيراد في الوقت المناسب وبالسرعة المطلوبة».
على صعيد آخر، نجحت المفاوضات بين الحكومة وكل من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ونقابة الصرافين بالتوصل الى حل لأزمة الصرافين، حيث اعلن وفد نقابة الصرافة من السراي الحكومي فك اضرابهم وفتح محالهم بدءاً من الاربعاء المقبل، وذلك بعد اجتماع عقده رئيس الحكومة حسان دياب مع وفد نقابة الصرافة بحضور وزير المال غازي وزنة وسلامة. وأعلن محمود حلاوي باسم الوفد التوصل الى حل واتخاذ إجراءات لتأمين قدر الإمكان من الأمن الغذائي والاقتصادي للمواطن.
وعن انعكاس هذه القرارات لا سيما فك الاضراب على سعر صرف الدولار في الاسواق، لفتت مصادر وفد الصرافين لـ«البناء» الى أن «خفض سعر الصرف مسؤولية الوزارات والاجهزة التي شاركت في الاجتماع، دور لوزارة المالية بمراقبة الانخفاض التدريجي لسعر صرف الدولار وأيضاً دور لوزير الداخلية بضبط العمل غير المرخّص في مهنة الصرافة وكذلك دور لحاكم مصرف لبنان بمواكبة عملنا التقني على الارض والذي سيؤدي الى تخفيض سعر صرف الدولار وصولاً الى الالتزام بالسعر الذي حدده تعميم الحاكم بـ 3200 ليرة».
وبرزت أزمة تعيينات حادة تخوفت مصادر سياسية من تحولها الى خلاف سياسي يؤدي الى هز الاستقرار داخل الحكومة، وفيما تم تأجيل ملف التعيينات من جلسة الخميس الماضي الى الخميس المقبل، أعلن رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان عبر تويتر أن «حق الدروز ليس سلعة للبيع والشراء في أسواق السياسة الهزيلة. ولا نرى مبرراً لعدم تعيين قائد لوحدة الشرطة القضائية في قوى الأمن الداخلي يحوز على المواصفات المطلوبة باعتماد الأقدمية كمعيار محق للجميع ويفسح في المجال لجميع الضباط الدروز الكفوئين بتحقيق طموحاتهم المحقة دون منة من أحد، ما يقال عن العميد ماهر الحلبي ويروّج له معيب بحق قائليه ومروجيه ولا يجوز الاعتماد على افتراءات وهمية غير موجودة في إضبارته. كفى تلاعباً بحق الدروز ومصلحتهم والمواقع الدرزية في الدولة خط أحمر لن نسمح لأحد بالتلاعب بها حتى لو اقتضى الأمر الوصول الى تعليق مشاركتنا في الحكومة».
وفيما أيّد وزير السياحة والشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية كلام أرسلان، حذّر المكتب الإعلامي لشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نصر الدين الغريب، في بيان، من محاولة «البعض القضم من حقوق طائفة الموحدّين الدّروز في الدولة والمراكز التي للأسف لم يبقَ لنا منها إلا النذر اليسير وربّما كان ذلك لغاية في نفس يعقوب، وها هم اليوم يؤجّلون بحجج واهية تعيين قائد وحدة الشرطة القضائية في قوى الأمن الداخلي والذي هو من حقنا المألوف بالإضافة إلى بعض المراكز الأخرى».
وأشارت أوساط نيابية في كتلة التنمية والتحرير لـ«البناء» الى تأييد رئيس المجلس النيابي نبيه بري تطبيق آلية التعيينات التي أقرت في المجلس النيابي على كل المواقع والمناصب في الدولة، وبالتالي افساح المجال لوصول الأكثر كفاءة الى هذه المراكز، مشيرة الى أن «الرئيس بري قد طالب رئيسي الجمهورية والحكومة فتح دورة استثنائية لاستكمال التشريع لكن لم يأت أي جواب حتى الآن متوقعة أن يأتي الرد خلال اليومين المقبلين»، وفيما علمت «البناء» ان قانون العفو رُحِل الى أجلٍ غير معروف، لفتت الاوساط النيابية المذكورة الى أن «الاتصالات بشأن قانون العفو العام ستستمر بين الكتل النيابية الى موعد الجلسة المقبلة وربما يصار الى تأمين توافق حوله لأنه لن يمر إلا اذا تم الاتفاق على صيغة موحدة بين الجميع».
وأكد الرئيس بري، بحسب زواره أنه ليس مع إسقاط الحكومة في ظل هذه الظروف والمرحلة الصعبة والدقيقة، داعياً الى الوفاق والتعاون لتمرير المرحلة بأقل خسائر ممكنة. وعن حل أزمة الصرافين لفتت الأوساط الى أن «ما يهم رئيس المجلس هو اتخاذ خطوات سليمة تحافظ على الاستقرار وأموال الناس».
وعن اقتراح قانون الكابيتال كونترول، لفتت مصادر مطلعة لـ«البناء» الى أن الاقتراح يحتاج الى دراسة وتدقيق ليأتي منسجماً مع الغاية منه وهي تنظيم تحويلات اللبنانيين وفق أولويات وضرورات بعيداً عن استنسابية المصارف وكي لا يتمّ تهريب الأموال كما حصل في بداية الأزمة.
على صعيد آخر، أصدرت وزارة الداخلية والبلديات مذكرة حول تعديل مواقيت فتح وإقفال المؤسسات الصناعية والتجارية، ومن ضمنها إعادة فتح المراكز التجارية بدءاً من اليوم وذلك بعد استيفاء شروط الوقاية والسلامة العامة، أعلن وزير الاشغال ميشال نجار أن المطار لن يفتح في 8 حزيران ولكن يتوقع ذلك ابتداء من 21 حزيران، وأضاف: «طالما ان فتح المطار سيتأخر فنحن قد نكون امام مرحلة رابعة من عودة المغتربين».
المصدر: صحف