اللقاء التشاوري الذي عُقِد في بعبدا يوم الأربعاء حول الخطة الحكومية، ليست العبرة فقط في نتائجه، لأن مجرد الحضور المسؤول والفاعل هو إنجاز، سواء حضر القادة السياسيون شخصياً أو تمثَّلوا برؤساء الكتل النيابية، لأن الأهم هو في التفاعل الوطني الصادق والعملي في مناقشة الخطة، وليس إثبات وجود على قاعدة “نحن هنا”، لأن الشعب اللبناني يُدرك الأحجام، ومقولة “خالِف تُعرف” لم تعُد تُصرف في أفواه الجياع.
لو يُسمح لنا كمواطنين لبنانيين إبداء الرأي نقول: لا أهمية لمن حضر الى بعبدا وحضوره في الميدان المجتمعي معدوم، سواء في أزمنة الإستحقاقات الوطنية الكبيرة بمواجهة العدوان على لبنان، أو في الإستحقاقات الشعبية حيث الناس لامست ولمست وجود الأحزاب الكبيرة في المواقف الكبيرة.
اللبنانيون لم ينتظروا مَن سيحضر الى بعبدا وما هي نواياه، ومَن غاب عن لقاء بعبدا وما هي نواياه، لأن فرز الأحزاب والقيادات قد حصل، ومَن أيَّد الحراك المطلبي العادل، ومَن اعتلى أكتاف المتظاهرين لتنفيذ أجندة خارجية وتحديداً أميركية لزعزعة الإستقرار الداخلي وتقويض النظام من أساسه، عبر مسلسل المواقف السلبية بوجه حكومة الرئيس حسان دياب تحديداً، التي تحاول إصلاح ما أفسدته السياسات السابقة.
انتهى زمن تقديم أوراق الإعتماد الى الشعب اللبناني، ومن حق هذا الشعب أن يشمخ بخياراته الحزبية والسياسية والإنتخابية، ومن حقه أيضاً عبر تقييم الأداء، أن يتلو “فعل الندامة” على خياراته الخاطئة، ولديه قدرة التمييز بين مَن عايش الناس في كل محنة، ومَن تركهم لمصائرهم في كل المِحَن ولا يستذكرهم سوى في مواسم الإنتخابات ليبيعهم وعوداً بالإنماء والوظائف التي ناهزت عند البعض 900 ألف وظيفة.
كفى..، كفى الشعب اللبناني أن يكون وقوداً لتشغيل ناقلة الزعيم الى أي منصبٍ كان، سواء الى البرلمان أو السراي او الى الوزارة أو حاكمية مصرف لبنان أو أية وظيفة فئة أولى، وكفاه مَن يمتص جنى عمره في المصارف، وكفاه نحر أحلامه بمستقبلٍ لأولاده وعيشٍ كريم، ونحن مع كل خطة حكومية واقعية تُطعِمنا ما بقي من عنب خلَّفه لنا نواطير السلطات في عهود سابقة، لأن القيادات السياسية والحزبية والشعبية باتت في الغربال، وهنيئاً لنا بمَن يبقى في غربال الضمائر..