قالت منظمة العمل الدولية إن أربعة من كل خمسة عمّال من إجمالي قوة العمل عالمياً والتي يبلغ حجمها 3.3 مليار شخص يعانون من تدابير الإغلاق الجزئي أو الشامل حول العالم، جراء انتشار فيروس كورونا.
والتداعيات الاقتصادية لانتشار فيروس كورونا “كوفيد-19” لها عدة أوجه، منها ما يؤثر في العرض أو الطلب ومنها التأثيرات الموسمية، وأيضاً التأثير في قطاعات محددة الأكثر تضرراً مثل الطيران والسفر والسياحة، وفي هذا المقال سيكون التركيز على تأثير جائحة كورونا على سوق العمل والانخفاض الحاد في العمالة الموسمية المتوفرة لعمليات الحصاد في القطاع الزراعي الذي يشكل العمود الفقري للأمن الغذائي، خصوصاً أن هذه التأثيرات تأتي في ظرف موسمي دقيق وبالغ الصعوبة بتأثيرها المباشر في عمليات الحصاد.
وتوقع تقرير لمنظمة العمل الدولية أن تنخفض ساعات العمل بنسبة 6.7 في المئة، كما رجح أنه بحلول النصف الثاني من هذا العام ستنخفض العمالة، إذ إن نحو 195 مليوناً من الذين يعملون بدوام كامل قد لا يكونوا متوفرين، وهذا النقص الحاد تسببت فيه حزمة الإجراءات التي تطبقها الدول للحد من انتشار وباء كورونا في محاولة لتسطيح منحنى الإصابات وذلك عبر التباعد الاجتماعي وإبقاء المواطنين في منازلهم وتقليل التجمعات، إلى جانب صعوبة تنقل العمالة الموسمية المهاجرة بين الدول نتيجة لإغلاق الحدود.
أوروبا تواجه نقصاً حاداً في العمالة
وهناك دول أوروبية مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا، ستواجه نقصاً في العمالة الموسمية، من المُتوقع أن يتجاوز 750 ألف عامل خلال شهري أبريل (نيسان) الحالي ومايو (أيار) المقبل.
وأسبانيا وهي من أكبر أكبر دول القارة العجوز، والتي تقوم بتوريد الفواكه والخضراوات، تواجه نقصاً في العمالة بعد تقييد حركة العمالة الموسمية من المغرب بسبب إجراءات الحكومة المغربية، ففي موسم الحصاد يأتي إلى إسبانيا نحو 15 ألف عامل من هذا البلد العربي لقطف الفراولة والطماطم وخضراوات وفواكه أخرى، لكن في هذا الموسم سينخفض هذا العدد بنحو 50 في المئة.
أما إيطاليا فهي أيضاً تستقبل سنوياً نحو 370 ألف من العمالة الموسمية من دول شرق أوروبا وغيرها، وتشير التوقعات إلى أن 30 في المئة من هذه القوة العاملة غير متوفرة الآن مع دخول موسم الربيع وبداية العمليات الفلاحية، وهذا من شأنه أن ينعكس على الإنتاج الزراعي لمحصول الصيف، حيث يبلغ حجم الإنتاج الزراعي الإيطالي 56 مليار دولار ويعادل 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ودول الاتحاد الأوروبي تستقبل 63 في المئة من الصادرات الزراعية الإيطالية وتعتبر ألمانيا على رأس هذه الدول، ومع إغلاق الحدود وتقييد الحركة تواجه فرنسا نقصاً في العمالة قد يصل إلى 200 ألف عامل، وأيضا ألمانيا تواجه نقصاً قد يصل إلى 300 ألف عامل خلال فترة الربيع والصيف.
وقد حاولت هذه الدول اللجوء إلى سوق العمل الداخلي، وفتحت منصات طرحت فيها وظائف في القطاع الزراعي، ولكن الإقبال ضعيف نظراً إلى ضعف أجور العمل في الحقول، إضافة إلى مشكلة ثانية ستواجه أصحاب المزارع وهي نقص الخبرة وحاجة العمالة الداخلية للتدريب، ما يجعل هذه المحاولات محدودة التأثير في سد نقص العمالة الموسمية المهاجرة.
القطاع الزراعي في الهند مهدد بنقص العمالة
ويشكل القطاع الزراعي في الهند 16 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وأكثر نصف قوة العمل في هذا البلد مرتبط بالقطاع الزراعي، وتعتبر الفترة بين أبريل (نيسان) وحتى يونيو (حزيران) من كل عام مهمة للقطاع الزراعي، وحصاد محصول الخريف هذا العام يأتي في ظل فرض القيود المانعة للحركة وتنفيذ التباعد الاجتماعي لمواجهة خطر فيروس كورونا، حيث بلغ إجمالي الحالات المصابة بـ”كوفيد-19″ نحو 11555 حالة، وشهدت الإصابات منحنى تصاعدياً منذ 28 مارس (أذار) الماضي، حين كان إجمالي عدد المصابين أقل من الألف.
وفي محاولة من جانب الحكومة لإنقاذ هذا الموسم، سمحت للقطاع الزراعي بالعودة إلى العمل بعد يوم 20 أبريل الحالي، وعليه فإن عودة العمالة إلى الحقول ستحددها عدة عوامل على رأسها إزالة القيود على السفر وأيضاً انحسار حالات الإصابة الجديدة بفيروس كورونا.
توقعات بتأثر إمدادات المواد الغذائية
وتتوقع منظمة العمل الدولية أن ترتفع البطالة عالمياً خلال هذا العام بزيادة 25 مليون شخص، وهذه التوقعات يمكن أن تتغير اعتماداً على تطورات الإجراءات المتبعة للحد من انتشار جائحة كورونا، ومن المتوقع أن يتسبب هذا النقص في العمالة في نقص إمداد المواد الغذائية، وحدوث حالة من الندرة في الأسواق خلال الفترة المقبلة، وأيضاً يُتوقع أن ترتفع الأسعار بسبب تعطل سلاسل الإمداد وزيادة الطلب على الغذاء والمنتجات المتأثرة سلباً بانخفاض العمالة المتوفرة المهاجرة والوطنية.
المصدر: الاندبندنت