لا شك بأن المجتمعات المعاصرة في أواننا هذا تعيش أوضاعًا لم تمرّ بمثلها منذ زمن، حيث بتنا نعيش حياتنا بتفاصيلها المختلفة داخل المنازل في سباق مع الأيام للفوز على العدو المجهري المجهول .
وفي سباقنا نحو الإنتصار لا يستطيع الانسان أن يجلس مكتوف اليدين وهو ينتظر جلاء الأمور، اذ أن الكائن البشري بطبيعته يسعى للتطور والعمل والتفكير في شؤون الدنيا المتنامية الأطراف .
وبما أننا لا نستطيع الخروج للتعامل مع متطلبات حياتنا بشكلٍ عملي ونحتاج في ذات الوقت لتحريك أذهاننا وأجسامنا والشعور بالحياة من حولنا كان لزامًا علينا البحث عن البدائل .
هل نستطيع أن نعيش الحياة في طيات منازلنا وبين جدران بيوتنا دون صعوبة وملل وكيف يمكن ذلك؟
هذا السؤال توجهنا به للخبيرة في علم النفس التربوي فاطمة غندور حيث قالت “سنعيش ونستمر بالأمل، وهذا هو عنوان مرحلتنا الجديدة التي يمكنها أن تكون محطة غير مسبوقة لنعيد ترتيب أنفسنا وأوقاتنا وحياتنا”.
وأضافت “لطالما سمعنا عن طرق لتنظيم الوقت وكان من الصعب تنفيذها وقد حان الوقت لنحاول،لا يهم إن حاولنا مرارًا وتكرًارًا ونجحنا أحيانًا وأُحبطنا أحيانًا ،فهذه هي الحياة وسوف نعيشها وتمرّ أيام الحجر بمقدار جيّد من السعادة والهدوء والكثير من الحبّ”.
وحول تنظيم الوقت داخل الأسرة أعطت غندور بعض الأفكار وهي :
١. تحديد لائحة بما علينا القيام به خلال النهار لكل فرد مثال:
– لائحة الواجبات اليومية
– لائحة الهوايات
– لائحة العبادة
٢. توزيع المهام حسب الاوقات الخاصة (ان الله سبحانه قد قسّم لنا أوقاتنا وهذا ما يساعدنا على اعداد جدول مناسب) .
٣. تنويع الأعمال بحيث لا تؤدي إلى الملل:
– صلاة وقراءة قرآن ودعاء
– مشاهدة برنامج تلفزيوني محبب
– القيام برياضة مناسبة لمدة نصف ساعة
– قراءة في كتاب أو عبر الوسائط الالكترونية
– ترتيب أغراضك الخاصة
– التواصل مع الآخرين عبر الهاتف
– كتابة خواطر أو حتى يومياتك الخاصة
٤. خصص وقتًا للاسترخاء بمفردك أو مع شريك حياتك.
٥. خصص وقتًا للعب ومشاركة الأبناء بأنشطتهم اليومية .
٦. التواصل العاطفي مع العائلة التي تعيش داخل البيت من خلال المشاركة في الأنشطة العائلية والألعاب تساعد كثيرًا في تخفيف الضغط النفسي عن الأسرة وتزيد تلاحمها وقوتها على التحدي.
٧.اعتماد الحوار الايجابي مع الأبناء وشرح ما يجري في العالم من حولنا بأسلوب مبسط وبعيد عن التشاؤم يساعد الأبناء على التعاون ويخفف لديهم الشعور بالخوف الذي ينقله غالبًا تصرّف الآباء دون أن يشعروا.
٨.عند شعورنا بالضغط النفسي أو الخوف أو التوتر من المهم أن نلجأ أولًا إلى الله لنناجيه ونبثّه مخاوفنا ثم يمكننا اللجوء إلى أحد الأصدقاء الذين نشعر بالراحة في الحديث معهم ،كما يمكننا التواصل مع اخصائيين نفسيين عبر الهاتف.
٩. لدينا فرصة حقيقية لتغيير حياتنا نحو الأفضل في علاقتنا مع الله ،مع ديننا، مع إمام زماننا، مع أرواحنا الجميلة التي أهملناها ، مع أزواجنا ، مع الطبيعة ، مع العائلة.
١٠ . أعيدوا ترتيب حياتكم واغتنموا الفرص في حجركم القسري ،سوف ترون أن الحياة ستصبح أجمل .
واعتبرت غندور ان ما يمكن ان يساعدنا هو “إيماننا العميق بأن كل الأزمات التي عشناها سابقًا قد انتهت وخرجنا منها أقوى وأكثر طاقة وحيوية”.
برامج للأطفال
كما لفتت غندور إلى أنه من المهم أن نخصص لأطفالنا برنامجًا نشطًا يساعدهم على تفريغ طاقتهم بطريقة مدروسة ومثمرة وذلك من خلال الأنشطة التالية:
١. تحديد مهام خاصة بكل طفل وفق قدراته واستعداداته :
– مساعدة الأم في ترتيب المشتريات المنزلية
– توضيب غرف النوم
– توضيب الألعاب
– مسح الغبار وغيرها من الأعمال البسيطة …)
فإن الأطفال يشعرون بذلك أنهم نافعون ومحبوبون من قبل الأم .
٢. السماح لهم بالمساعدة في تحضير الوجبات اليومية :
– تحضير الحلوى
– تقشير بعض أنواع الخضار
– تحضير المائدة
٣. تحديد أحد الأولاد لاختيار نوع الطعام أو الحلوى أو الأنشطة اليومية (يوم الاثنين حسن _الثلاثاء فلان وهكذا).
٤. تأمين بعض المستلزمات و المواد الخاصة بالأنشطة الفنية التي تسمح للطفل باللعب بحرية وتنمي لديه حس الابداع بعيدًا عن تدخل الأهل المباشر .
٥.عدم التقيّد الشديد بفرض الأنظمة المنزلية الصارمة في هذا الجو والتغاضي عن بعض الأخطاء والمشكلات عند الأطفال.
وأشارت غندور إلى أنه “عندما يشعر الأبناء بأننا ملتزمون معهم في تلبية احتياجاتهم النفسية ونشعرهم بالحب الذي نشعر به تجاههم دون تهديد أو مقايضة سوف يقومون تلقائيًا بالتجاوب معنا فيتنفيذ واجباتهم الخاصة بنشاط و حماس”.
برامج للشباب :
وبالنسبة لبرامج الشباب قالت غندور “شبابنا، الأكثر حيوية ضمن الفئات التي تعيش حجرها القسري ، هم سند وعون كبير في هذه الأحوال إذا عرفنا كيفية توجيههم للاستفادة من هذه الأوقات”:
١. دعم الشباب في تحصيل المواد التعليمية التي عليهم دراستها من خلال توفير الأجواء الهادئة والمناسبة لفترات متفرقة من الدراسة عن بعد.
٢. حثّهم على الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية لتعلّم مهارات جديدة سوف تأخذ وقتًا مهمًا ومثمرًا خصوصًا في الأمور التي يحبونها.
٣. تسليمهم بعض المهام الخاصة بالأم والأب في هذه الفترة طبعًا وفق قدراتهم وامكاناتهم .
٤. تدريبهم على أعمال خاصة بصيانة المنزل للشباب ( كهربائية، تركيب وفك أشياء، تغيير في الديكور …). أما الفتيات فيمكنهن التدرب على الطهي والترتيب وصناعة الحلوى …) من خلال تخصيص وقت لهم للقيام بهذه الأعمال بمفردهم لكي يشعرو بأنهم يستطيعون انجاز أشياء مهمة فعلًا .
٥. جلسات الحوار والمناقشة في مواضيع محددة مع الشباب داخل المنزل تعتبر من أهم الأوقات لتمتين العلاقات وتفريغ القلق الذي يعانيه الشباب .
٦. منح الثقة لشبابكم واستشارتهم في أفكاركم وخططكم اليومية تساهم في اضفاء السكينة والهدوء على أجواء الأسرة .
٧.ممارسة الرياضة المنزلية مع العائلة .
٨. مشاهدة أفلام وبرامج متنوعة سويًا في غرفة الجلوس وعدم تواجد الأولاد في غرفهم المنعزلة لوقت طويل .
وختمت الخبيرة التربوية “هو وقتٌ لا بد أن يمضي بنا في هذه الحياة ، وفرص تمرّ من أمامنا مرّ السحاب ، تلقفوها ، احرصوا على قضائها في طاعة الله و تحضير الكون للتمهيد لصاحب الزمان عبر بناء الإنسان الذي اختاره الله خليفة له في الأرض”.
المصدر: موقع المنار